" لم يكن مصطفى عبود وليد اللحظة وهو يكتب شعراً ، فعلى الرغم من أن ( لو أنها أنجبت سلحفاة ) مجموعته الاولى ، إلا أنه منذ بدأ بالظهور كان مفعما بالشعر والحياة ، وبرؤاه الجديدة ضمن جيل عراقي شاب ، يسعى لتغيير مفاهيم الشعر وممارساته التقليدية ، وكسر الحواجز جميعاً .
تسعة عشر نصاً ضمتها المجموعة ، بوسعنا ان نسميها تسع عشرة تجربةً ، أو تسعة عشر نجماً في سماءٍ مشغولة بالحلم والخيال . يمكن للشعر أن يحققَ قراءة أخرى للحياة ، وذلك ما تتطلع مجموعة عبود لتحقيقه بوضوح .
البساطة التي انتهجها عبود في لغة نصوصه وبنائها ، يسحبنا من خلالها الى مناطق كثيرة ، إن لم تكن الرومانسية أولها ، فستكون بالتأكيد اغاني الحياة التي نتمنى ان نركن في ظلها ، فنصوصه منسوجة ببناء متقن ، لتتناول من خلال هذا البناء يومياتنا ، وحياتنا التي بدأت تضيع وسط الفوضى . "
على الرّغم أنّي لا أقرأ كثيراً في الشعر الحديث كوني لستُ من محبيه لكنّي قرأتُ هذا الكتاب لغايةٍ في نفسي .. بدايةً مشكلتي مع هذا النوع من الشعر تكمن في عدم تقبّلي لهُ كـ شِعر ، لو تجاوزتُ هذهِ النقطة وتعاملتُ مع الكتاب كـ نصوص حينها يكون تقييمي لهُ أربع من النجوم أي ما يساوي في عرف الگودريدز " أعجبني بالفعل " ، النصوص مليئة بالصور الشعرية ، فيها إحساس عالي يلامس قلب القارئ بسهولة ، لغة الشاعر سهلة وخالية من التعقيد، لكنْ على الرّغم من هذا الوضوح والإحساس العالي إلّا أنَّ بعض العبارات لمْ تكنْ مفهومةً بالنسبة لي ، ولا أدري إنْ كانَ ذلك يعود إلى كوني لا أقرأ كثيراً في هذا النوع من الشعر أمْ أنَّ الشاعر تعمّد هذا الغموض ؟
بالمجمل الكتاب جيد وبداية موفقة للشاعر .
بعضٌ مما راقَ لي في الكتاب :
أنام محتصراً جسدي لأجمع الأحلام دفعةً واحدةً وأصحو كأصحاب الكهف متفاجئاً بالواقع ... أنا الناجي الوحيد من النوم في البيت أرتب يقظتي على مهل أملأ شرفتي بالدموع كي لا يجف ريق النجوم ويهرم ليل على نافذة إمرأة مسنة كأنَّ نافذتي هي الغيمة الوحيدة في كل هذه الصحراء ... روحي متراكمة على ما ضاع في الظلمة مثل أعمى أبحثُ عمّا فقد مني وكان أعزّ ما أملك ... يا حياتي ليسَ عليكِ أن تقنعي الصحراء بنصيبها من الربيع القادم حتى تحبيني وليسَ عليكِ أن تكوني مريمَ فالواقع فضيحةٌ وأنتِ كلام الآخرين ... أحد الشهداء ، حين بحثوا عن يده التي طيرتها العبوة الناسفة، وجدوها ملتصقة على زجاج محل لبيع الخواتم .
دون أن يعطيك سببًا للعيش أو جوابًا لكل هذا التأخر في الوصول. / عليك أن تحزن بما يكفي لتقنع الآخرين بالحياة / أنا الجدار الذي علمته مساميركم أن يستطعم كل شيء ولا يسقط / جالس كصانع النايات أعد جروحي ثقبًا بعد ثقب