من مقدمة الكتاب:"يتحقق الباحث في كتاب الدولة الأموية في الشام أننا لم نقسم فصوله حسب السنين أو الملوك أو الحادثات أو الفتن والحروب كما فعل غيرنا، ولم نهتم في جمع الحقائق حولها فنجعلها نقطة الدائرة أو المحور الذي يدور عليه كلامنا، بل رتبنا كتابنا هذا حسب حركات نعتقد أنها صورة حية للمبادئ والأفكار والأعمال التي قام بها الأمويون في العصر الذي سادوا فيه وتغلبت مدينتهم على العالم المعروف يومذاك، إننا أقدمنا على كتابة التاريخ على هذا النمط لأننا نعتقد أن التاريخ سلسلة حركات مستديمة متصلة مشتبكة يأخذ بعضها برقاب بعض، وهي تربط الماضي بالحاضر والحاضر بالمستقبل، وتظهر الصلة بينها في رقي الجماعات الإنسانية في البيئات المختلفة،.."
الدولة الأموية أو الخِلافَةُ الأُمَوِيَّةُ . ثاني خلافة في تاريخ الإسلام، وأكبر دولة في تاريخ الإسلام. كان بنو أمية أولى الأسر المسلمة الحاكمة، وكانت عاصمة الدولة في مدينة دمشق. بلغت الدولة الأموية ذروة اتساعها في عهد الخليفة العاشر هشام بن عبد الملك
يرجع الأمويون في نسبهم إلى أميَّة بن عبد شمس من قبيلة قريش. أسلَم معاوية بن أبي سفيان في عهد الرسول محمد ﷺ ، وتأسست الدولة الأموية على يده، وكان قبلاً واليًا على الشام في عهد الخليفة عمر بن الخطاب، ثم نشب نزاع بينه وبين علي بن أبي طالب بعد فتنة مقتل عثمان، حتى تنازل ابنه الحسن عن الخلافة لمعاوية فتأسست الدولة بذلك.
يناقش الكتاب عدة مواضيع من تاريخ الدولة الأموية فهو ليس بكتاب يُعرِف تاريخيًا وتفصيليًا بتاريخ الدولة وخلفائها , إنما يتكلم عن اهم الفتن التي جرت بذلك العصر وبالجماعات التي خرجت عن الدولة وكانت تحاربها وسياسة الخلفاء الأمويين بصب الماء على نار الفتن وخلعها من جذورها , ويتكلم ايضًا عن اهم السياسات التي اتبعها أبرز خلفاء هذه الدولة وفتوحاتها (بدون فتوحات أوروبا ) بشكل مختصر .
فمن جانب نرى كيد الخلفاء في بعضهم ورغبتهم بالحكم والتعامل بأشد الإجراءات مع من يخالف الدولة حتى لا تظهر ضعيفة أمام من يخرج عنها , ولا تدع مجالًا لمن أراد ان يبني ملكًا على حساب الدولة الأموية . ويُظهِر لنا الكاتب أيضًا الجانب المظلم والقاسي في التعامل مع المتمردين والذين يشعلون الثورات , وكانت سياسة الشدة هي التي جعلت الخلافة من اقوى الخلافات الإسلامية بثباتها وقوتها
ومن جانب آخر نرى عظمة هذه الدولة ورفعها لراية الإسلام وإنشغالها بالإصلاحات في دول المسلمين من جهة ومن جهة تفعيل الجهاد والفتوحات لنشر كلمة لا اله الا الله .ورحمة الخلفاء وتعاملهم الحسن من جوانب عدة
لم يتحيز الكاتب للخلفاء الأمويين ولم ينكب على إظهار محاسنهم وقوتهم فقط بل ذكر الجوانب الحسنة والسيئة وبين المظاهر والأساليب الخاطئة التي كان يتخذها الخلفاء أسلوب ونهج في الدولة
فمثلًا من أبرز الأساليب الخاطئة التي كان يقوم بها الخلفاء إبعاد الأقوام الأخرى عن الصورة في الحكم وتقريب اشراف الشام ودمشق للمناصب الوزارية بالدولة وهذا كان الفتيل الذي اشعل نار القبلية والتعصب بين الأقوام
ومن الأساليب السياسية التي أحسنوا بها قيامهم بإشغال الكوفيين ومن حولهم بالعراق بالجهاد والفتوحات ووضع طاقاتهم بها لأنهم كانوا منبع الفتن بذاك الزمان وعدم تساهلهم مع المتمردين مما أخاف العديد من الثوار والتمردين
وكانوا من جهة مهتمين بالأدب والعمران والشريعة وقدموا الأموال للرعية وللجند ولم يكونوا بخلاء وحكموا بالعدل
ولكن لكل دولة حسناتها وسوءاتها وعادة ما تتصف الدول بداية قيامها بالعدل والقوة وحسن السيرة فما تنقضي عدة سنوات لتتكالب الفتن بعدها وتقوم المكائد ويمسك الحكم وزمام الأمور خلفاء بعمر صغير وطيش كبير وبحب دنيا لا إنتهاء له وتقديم للترف والمتعة على الحكم والإنشغال بأمور الدولة , فلم يكن هناك نهج ثابت لتربية الأمراء واولياء العهد لتهيئتهم ليكونوا خلفاء عظام كأسلافهم ومن هذا يثبت لنا ان دوام الحال من المستحيل وما هناك دوام غير دوام الله عز وجل
وعرض الكاتب ايضًا بحياد الفتن التي حصلت بذاك الزمان كفتنة -علي ومعاوية- زيد والحسين - عبد الملك والزبير - ولجوء العديد من الجماعات المتمردة لإستعطاف الناس بما حدث لعلي رضي الله عنه وولده الحسين وإظهار الخلافة الأموية على انها خلافة ظالمة فاسدة تسعى لإبادة ال البيت وذلك ليس حبًا فيها بل رغبة بالإستيلاء على الحكم والخلو بالسلطان ومن العجيب ان معظم هذه الجماعات كانت من الجماعات التي وعدت علي والحسين رضي الله عنهما بالنصرة والثبات وكانت اول من خانهما
إستمتعت بقراءة هذا الكتاب بالفعل ناقش العديد من القضايا المهمة بذاك العصر بطريقة سهلة وموضوعية وعرض مواقف القوة والضعف بالدولة ولم يلجأ للخوض بتفصيل للمواضيع التي تحدث عنها انصح المهتمين بالتاريخ وبالخلافة الأموية به ولكنه مثلما قلت ليس كتاب تاريخي يعرض بالتفصيل قيام الدولة وسقوطها والحديث عن كل الخلفاء بالتفصيل
كتاب خلق ضجة وزوبعة كبيرة على كاتبه حين صدوره في بغداد، استدعى تدخل الملك فيصل حينها وتسبب في طرد الكاتب من وظيفته.
والحقيقة انه وبعد قراءة الكتاب أجد أن تلك الضجة وردة الفعل مبالغ بها ولا تصدر الا عن فكر مغلق شديد التعصب.
استمتعت بهذا الكتاب حيث كان سلس الإسلوب في سرد سيرة الدولة الأموية ولم يكتفي بسيرة الملوك ولكنه تطرق لجوانب عدة كالأدب ووصف المدن والصناعات الخ وقد اختصر الكاتب دون اقتطاع وأجاد دون إطالة.
الكثير من الاستشهادات التاريخية في هذا الكتاب ليست صحيحة ، ودليل ذلك المصادر التي رجع لها فيها الصحيح ، و الخاطئ و المحرف ، و الكاذب، بل استطاع المؤلف ان ينتقي ما يؤيد افكاره الطائفية المتعصبة ، اذا لم تقرأ في تاريخ الدولة الأموية فلا انصح بقراءته .