لماذا اندثرت حضارات ولماذا بادت مدن عديدة؟ هو السؤال المهم الذي لم يعد مجرد سؤال تاريخي، بل هو سؤال يتجه من أبعد نقطة في التاريخ - تأريخ المدن- إلى أبعد نقطة في تطور المستقبل الحضاري كسؤال فكري، وسياسي، واجتماعي، وكقضية جوهرية. فما بين الأفكار التي تكشف عن أسباب انهيار مدن الحضارات القديمة في اليمن وبلاد الرافدين، ووادي النيل، وأفكار شبنجلر عن انهيار حضارة الغرب، وأفكار آخرين من المؤرخين الغربيين توجد علاقة ذات معنى خاص، وهو المعنى الذي يربط ماضي حضارة بمستقبل حضارة.
إن الجدارة الحضارية الوحيدة التي تنقذ المدن من النكسة القادمة، هي التي تربط المجد الحضاري التاريخي، بالحاضر المتحذر عبر الإنسان نفسه، أي الإنسان الذي يصنع مدنيّته وحضارته، ويبني قيمه الروحية بنفسه، وبالعلاقة الاجتماعية النزيهة.
من الصعب الحديث عن أيٍ من كتب أبي خولة، لكن هي محاولة.
كتاب يقدّم نقداً للحضارة الغربية الحديثة وأثرها على المجتمعات الآفرو-آسيوية، وما لهذا الأثر من سلبيات ما زالت حاضرة في صميم هذه المجتمعات، كما ويقدم مفهوماً للحضارة من خلال المزاوجة بين عدة آراء وأطروحات، متجاوزاً النظرة الغربية السلبية لكل ما هو ليس بغربي، كتاب لنقد ثقافة الاستعمار وأثرها على البلدان المستعمرة، كتاب في نقد الرأسمالية والتجربة الاشتراكية في عددٍ من البلدان، يرى أن الحضارة البشرية دون تأسيسٍ حقيقي لمفهومي الحرية والديمقراطية لا قيمة لهما، إنما هي عملية تصنيع تكنولوجي يساهم في تخريب ضمير الإنسان واغترابه، والاغتراب الذي يعالجه في هذه التأملات أوسع من الاغتراب الذي نظّر له أستاذه كارل ماركس، فهو يرى أن الاغتراب حالة نتاج حتمي للحضارة الرأسمالية بشكلها الحالي، ونتاج حتمي للأنظمة الشمولية التي ادّعت حمل لواء الاشتراكية.
يدافع في هذا الكتاب عن حق الإنسان في الحب والمعرفة والتنمية والحرية ويراها شروطاً ضرورية لأي محاولة حضارية، كما ويقدم نقداً عميقاً لتجارب التنموية التي استلهمت التجارب الغربية كتجارب جاهزة جاءت بها وزرعتها في أرضٍ غريبة عنها.
في الفصل الأخير يدرس عزيز السيد جاسم الحالة الأفريقية بما تحمله من نكبات، ويصف البشرية بسببها بالانحطاط نظير استمرار الوضع الأفريقي على حاله منذ أيام المستعمر الأول حتى الساعة.