لم يكن «ناپوليون بونابرت» مجرد قائد عسكري فذ، جاب المشرق العربي بحثًا عن طموحه العسكري، وتوغل في جيوب أوروبا لبسط سيطرته وتأمين بلاده فقط، بل كان صاحب نظرية وفلسفة حياتية أعطت لشخصيته القتالية طابعًا فريدًا، وجعلته جديرًا أن يكون أحد أهم القادة العسكريين الفاعلين في التاريخ الإنساني. ولم تكن نظرياته وفلسفاته محصورة في جانب دون غيره، فتجده يُعنى بإصلاح التعليم، وتطوير الجيوش، وتدعيم الصناعات، بل تطرق للفلسفات الدينية وعبَّر عن معتقداته الشخصية التي يؤمن بها، فعبَّر عن هذا كله في صورة أقوال مأثورة جمعها الأستاذ «محمد لطفي جمعة» الكاتب المصري، وترجمها ليضع بين أيدينا أحد أهم التجارب، لأحد أكثر الشخصيات المثيرة للجدل.
هو الكاتب والمترجم والروائي والمحامي والناشط السياسي المصري, عمل بالمحاماه وأصبح من كبار محاميي عصره، كما كان من كبار الكتاب والخطباء والمترجمين. كان عضواً بالمجمع العلمي العربي بدمشق وكان يجيد الفرنسية والإنجليزية كما كان له المام بلغات أخرى كالإيطالية واللاتينية والهيروغليفية. تتلمذ محمد لطفي جمعة على يد الشيخ طنطاوي جوهري في المدرسة الخديوية الثانوية, ثم اتصل بالشيخ محمد عبده فكان ذلك سبباً في اهتمامه بالفلسفة الإسلامية وتاريخها ورجالها فكتب أكثر من كتاب بين مطبوع ومخطوط في الفلسفة الإسلامية وعلوم التصوف الإسلامي كما صاحب عدد من مشاهير المتصوفين في عصره وأرخ لهم وسجل أحوالهم واورادهم. إتصل لطفي جمعة بالمستشرق الفرنسي لوي ماسينيون في عام 1937م على أثر مقالات نشرها لطفي جمعة في مجلة الرابطة العربية لصاحبها أمين سعيد في القاهرة عن الحلاج، فزار ماسينيون لطفي جمعة في بيته سنة 1940 وزاره لطفي جمعة في المعهد الفرنسي بالقاهرة قبيل سفره إلى الشام وقدم إليه بعض مؤلفاته كهدية، وفى عوده ماسينيون من الشام زاره مرة أخرى وتوالت الزيارات والمراسلات بينهما وكانت أغلب الحوارات تدور حول التصوف الإسلامي والحلاج على وجه الخصوص وهي موضوعات إهتم بها كلاهما طيلة حياتهما ولعلها كانت سبباً لكتابة لطفي جمعة مؤلف مخطوط لم يمهله القدر لإتمامه فتركه ناقصاً عن الحلاج. ظل لطفي جمعة مهتماً بالشأن الهندي متمنياً تحرر الهند واستقلاله حتى التقى في السابع من سبتمبر من عام 1931 بالزعيم الهندي مهاتما غاندي على ظهر سفينة الركاب البريطانية إس إس راجبوتانا في ميناء بور سعيد حيث كان غاندي متوجهاً إلى لندن لحضور مؤتمر المائدة المستديرة الثاني ودام اللقاء بينهما ثمانية ساعات. لطفي جمعة يمثل روح المدرسة الوسطى ذات الطابع المؤمن بالشرق والعرب والإسلام ومصر والموسوم بالمحافظة على مقومات فكرنا على أن نقتبس من الفكر الغربي ما يزيد شخصيتنا قوة وفكرنا حياة. ولا شك في أن آثاره المنشورة تمثل دائرة معارف كاملة في كل فن وعلم. فهو يلاحق الآثار الفكرية والأدبية والسياسية والاجتماعية ويولي الاهتمام بما يكتب عن الشرق والعرب ومصر. ويعرض مختلف نظريات الكتاب العالميين في الدين والموسيقى والتاريخ والاجتماع والنفس والفن، كما أنه لا يتوقف عند كتابة المقال الطويل، بل يكتب أيضاً المقال اليومي القصير، وهو من أوائل من كتبوا عن عصر النهضة النسائية في مصر.
. . يقول الدكتور سلمان العودة : القراءة هي متعة التجول في عقول الآخرين دون الأضطرار لتحمل رعونتهم”.
وخاصة إن كانت تلك العقول هي عقول أشهر الساسة وقادة الحروب كالقائد والحاكم والإمبراطور نابليون بونابرت . وفي هذا الكتاب اكتشفت نابليون الفيلسوف والحكيم قدم لنا الكاتب المصري محمد لطفي جمعة مجموعة منتقاة من آراء نابليون التي سبق ونُشرت في كتب ومقالات أوروبية عديدة ، تتفاوت الآراء المطروحة هنا بين الشخصي والسياسي والإجتماعي ، وَمِمَّا ثبت في ذهني رأيه في العلم وتأكيده على الدور الذي يلعبه العلم في تطور البلاد وخاصة فرنسا وفي الوقت ذاته لم يكن نابليون من الرجال المرحبين في تعليم المرأة إذ يُعبر عن ذلك برفضه لذهاب الفتيات للمدارس ويقول بأن المعلم الوحيد الذي يجب أن تتعلم منه الفتاة هو والدتها ويرى بأنه لا ضرورة في تحمل عناء التعليم مادامت نهاية المرأة بيت زوجها إذ أنه لا يمكنها القيام بمهام أهم وأعظم .
كتاب ممتع تشعر وكأنك تتلصص من خلاله على عقل هذا الداهية الفرنسي.
لا أستطيع أن أعالج نفسيمن داء الحدة التي يشتد خطرها كلما تحققت عدل الأسباب التي تهيجها، وإنني لا أهتم بما أخسره من المنافع المادية والأدبية مهما كان مقدارها إذا كان نيل تلك المنافع موقوفًا على جرح عواطفي أو مسشرفي، ولست أحتمل أن أسمع بأذني إهانة والدي وهو رجل شريف، ولا أستطيع الصبر حتى أشكو أمري إلى رؤسائي؛ لأنني أعتقد بأنه ينبغي للولد البار أن ينتقم لأبيه. (لما كان نابوليون طالبًا بمدرسة برين الحربية كان بعضأقرانه يحملون عليه ويعيرونه، وحدث أن أحدهم سبَّ أباه على مسمع منه، فطلبه إلى النزال ونال منه، وعوقب بعد ذلك بالحبس، فكتب هذا الكتاب إلى رئيسالمدرسة فأمر بتسريحه لساعته.)
رأيه في الحب المرأة الجميلة تسر العين، ولكن المرأة الفاضلة تسر القلب، فالأولى جوهرة، والثانية كنز ثمين، ينبغي أن يكون الحب منبعًا للسعادة لا مصدرًا للشقاء، الحب شغل الكسول ولهو المحارب ومجلبة الدمار للملوك. الحب الحقيقي هو السعادة المنشودة، ينبغي أن يكون الزواج ثمرة الحب، ولا بد من التساهل بين أفراد الأسرة الواحدة. من مقالة في المجلة العامة
الحب والخلق الحب دليل الضعف في الرجل.
رأيه في المرأة المرأة أكثر خلق لله غطرسة؛ لأنها ضعيفة وشاعرة بأن وراءها مخلوقًا قويٍّا يحميها، فتقترف ذنوب الضعفاء اعتمادًا على قوة الأقوياء.
نصيحة للرؤساء المجاملين إذا أهمل رجل في عمله فلا بد من عزله، فإن استبدال العمال مدعاة للاهتمام بالعمل.
آراء بونابرت في محمد والإسلام لقد ظهر محمد في وقت كان الناس فيه محتاجون إلى من يهديهم إلى عبادة إله واحد، وقد يمكن أن تكون جزيرة العرب قضت حينًا من الدهر في الحروب الأهلية التي تورث الشجاعة. إن محمدًا بعد موقعة بدر صار بطلًا عظيمًا في نظر قومه، وقد استطاع أن يقوم بعد ذلك بأعمال كبرى؛ لأن الرجل وإن كان رجلًا لا يزيد ولا ينقص، فقد يمكنه أن يدهش العالم بما يتم على يديه، هذا إذا كان الوسط الذي حوله مستعدٍّا لقبول عمله، أما إذا كان الوسط مغايرًا له في الطباع والأميال، فقد يكون الرجل كالشعلة في وسط الشجر الأخضرلا تؤثر فيه، وأنا أعتقد أن محمدًا لو بعث اليوم (سنة ١٨١٧ ) في جزيرة العرب لما استطاع أن يقوم بما قام به منذ اثني عشر قرنًا، ولكنه في عهده استطاع في عشر سنين أن يفتتح نصف العالم المعروف مع أن الدين المسيحي احتاج إلى ثلاثة قرون حتى استتب له الأمر. إن الدين المسيحي دين عويصلا يفقهه أهل الشرق بسرعة، فهم يحتاجون إلى دين أكثر وضوحًا وأقل تعلقًا بالسماء من دين المسيح.
قوة البيان إن للكلام قوة قاهرة ونفوذًا شاملًا على عقول الرجال.
آراء شتى شيطان الكبرياء لا يصغي لصوت العقل، وداء الحماقة لا يشفيه الدين، والحكومة الظالمة لا تذعن إلا للقوة.
مفاخر المصائب .( إن لكل مصيبة مفخرة، وقد كانت حياتي ينقصها المصائب ( ١٨١٥
الدافع النفساني إن الجنود لا ينقادون إلى الحرب وهم يعلمون أنهم ربما يذهبون ولا يعودون لأجل ما يتقاضونه من المرتب الطفيف، أو ما ينالونه من الرتب الحقيرة، إنما لدافع داخلي في قلوبهم، فإذا أردت أن تحبب الموت إلى الجند فلا يكون هذا إلا بتحريك مراجل نفوسهم.
"حكم نابوليون" يحوي مُقتطقات متقطعة كتبها نابليون، آرائه في الحياة السياسية والدين وتعليم الفتيات وغيرها .. لا أعلم لمَ لا يتوقف العسكريون عن الاكتفاء بالحياة السياسية فقط؟ لماذا يقحمون أنفسهم في كل ميدان من ميادين الحياة؟ هذا الإقحام الذي سيكشف عن خفة عقولهم فيما بعد. يرى أن الدين الإسلامى مناسب لعقلية أهل الشرق، لأن الدين النصراني عميق لا يفهمه إلا صفوة أوروبا، كذلك لا ينادى بتعليم الفتيات، كل هذه المعاهد الفرنسية إنما هي للشباب دون الفتيات. أظن أنه ألحد في منفاه وتغيرت آرائه عن الوطنية لأنه ظن إما أن يقترن اسمه بفرنسا إلى الأبد أو فلتسقط فرنسا.
يتناول الكتاب حكم نابليون المختلفة في أمور الحياة ويعرضها الكاتب بصورة جميلة مع عرض مقدمة بسيطة لحياة نابليون وابرز ما جاء فيها ..
أهم الاقتباسات ---- نسبوا حسناتي الى حظي , وغداً ينسبون سيئاتي وماوقعت فيه الى عيوبي --- مهما فعلت الوالدة , فإنة لا يليق بأولادها أن يلوموها أو يعتبوا عليها --- أحتمل مصائب الحياة بدون أن أعلل نفسي بالآمال الفارغة --- حياة الناس قائمة على الدسائس الدنيئة --- أشتغل دائما وأفكر كثيرا وأحل كل مايعرض علي من المعضلات قبل حدوثها لإنني اقضي زمنا طويلا في النظر في العواقب --- أن عظمتي لاتنتهي إلا بالموت --- دائماً على حال واحدة , لان امثالي لا يتغيرون --- أذكرو أن العالم لم يخلق الا في سته ايام , واطلبو مني كل شيء غير الوقت فهو الأمر الوحيد الذي ليس تحت سلطتي -- إذا سعيت إلى غرض فإنني أسير إلية بلا تردد ولا رضوخ لما يعرض علي من العقبات --- إنني أفضل الموت تحت قوائم عرشي دون أن اسمح بضياع أملاك فرنسا --- يجب على كل امرأة أن تعيش في باريس ستة أشهر لتعرف قيمتها في الحياة ولتقدر نفسها حق قدرها --- المرأة الجميلة تسر العين , ولكن الفاضلة تسر القلب , فالاولى جوهرة والثانية كنز عظيم --- الحب الحقيقي هو السعادة المنشودة , ينبغي ان يكون الزواج ثمرة الحب --- ياليتني أكثرت من محادثة النساء , لأنهن يبحن لي بما لا يبوح الرجال , ---- إن أمي تستحق كل أصناف الإكرام والتبجيل --- خير شيء للرجل ما دام حيا أن يعتني بأمر نفسة --- إن سقوطي كان عظيماً , ولكن لعل فية خيراً -- حياة بلا عمل عبء لا يحتمل --- الحياة حلم سريع المرور لا يلبث أن يزول --- بين النصر والهلاك خطوة --- لابد لنا من النظر إلى الاشياء كما هي بحسب الواقع لا كما نود أن تكون --- لا يستطيع الناس أن يؤذوا من يستسهل الموت --- قد تكون الحوادث الكبرى معلقة بأمور تافهة والحاذق هو من ينتفع يكل شيء ولا يهمل أمرا من الامور التي تسهل له بلوغ غايتة --- الصداقة اسم لا مسمى لة وأنا اعلم انة ليس لي صديق مخلص , مادمت كما انا فلي الف صاحب منافق --- انا لا أعتقد برسوم الديانات ومظاهرها ولكنني اعتقد بوجود إله --- إننا في حاجة إلى الاعتقاد بالله , وكثيرا مانعتقد بدون تعقل لأننا إذا مزجنا العقل بالعقيدة تسرب الشك الى نفوسنا --- أن حب الوطن هو عبارة عن حب الإنسان لذاتة ودفاعه عن مركزة وتفانية في الحصول على منافعة الخاصه بشخصة --- أن دناءة الرجال ونكرانهم للجميل أشد على النفس من مصائب الزمان ---
من الصعب الحكم على نابليون.. أهو رجل شر أم رجل مجد وعظمة... غزا العالم وهزه بفتوحاته... وطمعه كان هو سقوطه.. عندما تقرأ أقواله في هذا الكتاب الصغير.. يضربك العجب من حكمة هذا الرجل بالنسبة لرجل عسكري همه غزو جيرانه ! فهمه للطبيعة الإنسانية ولأمور السياسة والدين والمجتمع قد يرفعه لمصافي الحكماء لكن برأيي ليس كل حكيم يستخدم حكمته في الخير...
كان نابلبون ٢٧ عاما عندما تربع على عرش العالم ، اكثر مقولة اتذكرها هي عندما سألوه لماذا لم يستطع ان يكون مثل عدل جورج واشنطن ، فرد عليهم قائلا ان الظروف في فرنسا لا تشبه الظروف في الولايات المتحده الامريكيه حيث انني اضطررت الى ان اكون في قمه عرشي وسلطتي حتى استطيع ان احقق العدل، ولا ادري لماذا ذكرني بزعماء الدول العربية وانا لا ادري في الحقيقه ان كان هذا صحيحا ام لا ... ايضا اعجبني كلامه عن التعليم ودرايته بعلم النفس وحبه لزوجته جوزفين. واختلف معه كثيرا في ما قاله عن النساء .. كان صحيحا ما قاله عندما اشار أن الغايات لا تحقق الا بالحزم والصبر.
: وهو يقول في أول مذكراته إن الناس ينسبون انتصاراتي لحظي، وغدًا ينسبون » «. فشلي لعيوبي، وحقيقة الأمر أنني لم أتغير ولكن الحظ نفسه هو الذي تبدل وكأنه بهذه العبارة قد شعر بأنه لم يكن إلا أداة في يد القدر
رأيه في الحب المرأة الجميلة تسر العين، ولكن المرأة الفاضلة تسر القلب، فالأولى جوهرة، ًوالثانية كنز ثمين، ينبغي أن يكون الحب منبع ًا للسعادة لا مصدرا للشقاء، الحب شغل الكسول ولهو المحارب ومجلبة الدمار للملوك. الحب الحقيقي هو السعادة المنشودة، ينبغي أن يكون الزواج ثمرة الحب، ولا بد من التساهل بين أفراد الأسرة الواحدة
مبدئياً عنوان الكتاب ليس له علاقة بالمحتوى فهو ليس كتاب بالمعنى المفهوم، بل مجرد مقتطفات من مذكرات نابليون ورسائله المختلفة إلى أصدقائه وزوجته وبعض قادته .. وأفضل أجزاء الكتاب هي المقدمة.