هذا الكتاب: تناولت الكاتبة فيه مفهوم «المساواة» من خلال تفسير المصطلح والمناهج الفلسفية والاجتماعية والدينية التي تناولته، وأشارت إلى الطبقات الاجتماعية التي انحدرت نحو الأرستقراطية مناقِشةً ظاهرتَي العبودية والديمقراطية، وتناولت كذلك مفهوم الاشتراكية بنوعَيها السلمي والثوري.
مي زيادة (1886 - 1941) كانت شاعرة وأديبة فلسطينية، ولدت في الناصرة عام 1886، اسمها الأصلي كان ماري إلياس زيادة، واختارت لنفسها اسم مي فيما بعد. كانت تتقن ست لغات، وكان لها ديوان باللغة الفرنسية. ولدت ماري زيادة (التي عرفت باسم ميّ) في مدينة الناصرة بفلسطين عام 1886. ابنةً وحيدةً لأب من لبنان وأم سورية الأصل فلسطينية المولد. تلقت الطفلة دراستها الابتدائية في الناصرة, والثانوية في عينطورة بلبنان. وفي العام 1907, انتقلت ميّ مع أسرتها للإقامة في القاهرة. وهناك, عملت بتدريس اللغتين الفرنسية والإنكليزية, وتابعت دراستها للألمانية والإسبانية والإيطالية. وفي الوقت ذاته, عكفت على إتقان اللغة العربية وتجويد التعبير بها. وفيما بعد, تابعت ميّ دراسات في الأدب العربي والتاريخ الإسلامي والفلسفة في جامعة القاهرة.
وفى القاهرة, خالطت ميّ الكتاب والصحفيين, وأخذ نجمها يتألق كاتبة مقال اجتماعي وأدبي ونقدي, وباحثة وخطيبة. وأسست ميّ ندوة أسبوعية عرفت باسم (ندوة الثلاثاء), جمعت فيها - لعشرين عامًا - صفوة من كتاب العصر وشعرائه, كان من أبرزهم: أحمد لطفي السيد, مصطفى عبدالرازق, عباس العقاد, طه حسين, شبلي شميل, يعقوب صروف, أنطون الجميل, مصطفى صادق الرافعي, خليل مطران, إسماعيل صبري, و أحمد شوقي. وقد أحبّ أغلب هؤلاء الأعلام ميّ حبًّا روحيًّا ألهم بعضهم روائع من كتاباته. أما قلب ميّ زيادة, فقد ظل مأخوذًا طوال حياتها بجبران خليل جبران وحده, رغم أنهما لم يلتقيا ولو لمرة واحدة. ودامت المراسلات بينهما لعشرين عامًا: من 1911 وحتى وفاة جبران بنيويورك عام 1931.
نشرت ميّ مقالات وأبحاثا في كبريات الصحف والمجلات المصرية, مثل: (المقطم), (الأهرام), (الزهور), (المحروسة), (الهلال), و(المقتطف). أما الكتب, فقد كان باكورة إنتاجها العام 1911 ديوان شعر كتبته باللغة الفرنسية و أول أعمالها بالفرنسية اسمها أزاهير حلم ظهرت عام 1911 و كانت توقع باسم ايزس كوبيا, ثم صدرت لها ثلاث روايات نقلتها إلى العربية من اللغات الألمانية والفرنسية والإنكليزية. وفيما بعد صدر لها: (باحثة البادية) (1920), (كلمات وإشارات) (1922), (المساواة) (1923), (ظلمات وأشعة) (1923), ( بين الجزر والمد ) ( 1924), و(الصحائف) (1924). وفى أعقاب رحيل والديها ووفاة جبران تعرضت ميّ زيادة لمحنة عام 1938, إذ حيكت ضدها مؤامرة دنيئة, وأوقعت إحدى المحاكم عليها الحجْر, وأودعت مصحة الأمراض العقلية ببيروت. وهبّ المفكر اللبناني أمين الريحاني وشخصيات عربية كبيرة إلى إنقاذها, ورفع الحجْر عنها. وعادت مي إلى مصر لتتوفّى بالقاهرة في 17 تشرين أول (أكتوبر) 1941.
لم يعجبني كثير من آراء مي ولكنني لا زالتُ أحبها وأعجب بشخصها الذي استطاع أن يفرض نفسه على ساحة الأدب في الوقت الذي كان يحتلها غيلان وقامات أدبية لا تضاهى
أحيانا كنتُ أفكّر ماذا لو كنت أعيش في عصر مي وماذا لو أنني كنت من المترددين على صالونها وأي متعة كنت لأشعر بها ..؟
:::::::::::
الكتاب يضم بعض حوارات الصالون عن موضوع المساواة
عارضا في البداية وجهات النظر المختلفة عنه
وفيه تستعرض مي أنواع التيارات والنظريات المختلفة كالطبقيّة والشيوعية والديمقراطية والاشتراكية الثورية والفارق بينها وبين الاشتراكية السلمية والفوضوية والعدمية والأرستقراطية
تحدثت كذلك عن العبودية والتحرر
وذلك كله كمدخل لشرح أرائها المتحفظة عن المساواة والتي أختلف مع كثير منها ولكن في النهاية لن تستطيع إلا أن تعجب لفصاحة تعبيراتها وجمال لغتها وطريقة عرضها الموفقة لفكرتها
اهتمت الآنسة مي بسؤال المساواة في الانظمة الوضعية ما بين الاشتراكية السلمية و الاشتراكية الثورية و الفوضوية و العدمية و الديمقراطية و كذا الجذور التاريخية في العصور الارستقراطية و الجذور التاريخية للرق و العبودية في عرض سريع لتطور الاجتماع و الفكر الانساني.
بخلاف لغة مي الرائعة التي كانت متعة موازية لمتعة المضمون، ولكن الكتاب يبدو اثر عصرها فيه. مي توفيت في الأربعينات وقت علو سهم الاشتراكية كفكرة و كنظام عالمي. بينما الرأسمالية لم تكن قد القت بظلالها على العالم من بعد الحرب العالمية الثانية بالأخص. لذا لا تجد ذكرا لأمريكا إلا في باب الديمقراطية و تنظير مي أنها مثال جيد للفكرة. بينما تتوارى كلمة الرأسمالية إلا فيما ندر.
الإيمان بفكر الاشتراكية جلي في الكتاب كله تقريبا، و أنها الحل و أنها الطريق، و أن المستقبل كله للاشتراكية و أن كل ما سبق في اجتماع الانسان يصل بنا لهذه الغاية.
بعيدا عن محتوى الكتاب، يبقى الأثر الفكري للجدل الثائر بين التيارات الاصلاحية ذات المدى الطويل، و التيارات الثورية ذات الأثر المباشر ولو بشكل دموي جدلا ثائرا لم ينم منذ فجر التاريخ.
الأهم بالنسبة إلي، ان الفكر الإصلاحي (كفكر الإخوان المسلمين) راسخ ايضا في جماعات عدة. الاشتراكية السلمية مثلا تنظر لتكوين جمعيات عمالية في الأمصار و البلاد حتى إذا حانت اللحظة الحرجة أضرب العمال كلهم وعمت الاشتراكية بمبادئها السامية. و إن فشلت في تمييز زوي الكافءة، إذ الحساب على اساس وقت العمل فقط.
الخلاصة بالنسبة إلي هنا، أن الرأس مالية نفسها بنت نفسها بنفس الفكر، منظمات "قانونية" منتشرة في البلاد تعين الفكرة الرئيسية. بشكل "إصلاحي" على مدى طويل من الزمن.
و الحصاصل أيضا أن كل جيل منذ فجر التاريخ مرورا بالفلافسفة و حكم الأفاضل (الأرستقراط) او حكم الملوك و نسلهم أو حكم النظم الاجتماعية المختلفة... كانوا قد وصلوا لباب "سد" في فكرهم حتى ظنوا أن ما يملكون هو الأفضل و الأسمى و الأحسن و الأنسب ... حتى إذا دعت الحاجة و حلت الفاجعة و زلزلت الأرض فكريا اتى نظام جديد على أنقاض القديم، و بحضارة غير سابقتها ... و هكذا الدنيا.
النظام الديمقراطي القائم بسلطاته قد يبدو لكل المعاصرين النظام الأمثل، و أن ما سواه لا يقوم. و سيتناسون أن بلادا كفرنسا و ألمانيا و إنجلترا ربما قامت بحدودها فجأة في التاريخ من أبناء أحد الملوك الذين استقلوا بأمصارهم. أن تلك الحدود على الأرض هي وليدة التاريخ أيضا. و كل ما صنعه الإنسان إلى زوال إلى غيره.
أقصد، أن النظام الديمقراطي، الراسمالي، حدود الدول نفسها... ليست حدا لفكر أي مفكر معاصر، بل على العكس هي مجرد حواجز صغيرة عليه أن يتخطاها بعقله للمستقبل إن اراد نهوضا حضاريا لامته.
و إن كانت الثورات هزات و زلازل و براكين، إلا أنها لا تغير فعلا، إنما تزعزع الأفكار و تسمح لغيرها بالظهور من باطن المجتمع، وتسمح بالأسئلة في بيئة راكدة. و عليه أصبحت أميل لما استقرأته من اجتماع و تاريخ للفكر الإصلاحي القائم على مؤسسات قانونية تخدم الفكرة ولا تعمل معها.
لو جاز لي التنظير سريعا، إن فكرة عالم إسلامي جديد، لن تقوم على حدود الدول ولا على الراسماالية، ولا على الديمقراطية و إن كانوا مرحليا ضروريين، ولكن ستقوم على عدد من المؤسسات تتعامل مع النظام العالمي الجديد بما فيه من متغيرات متجاوزة للحدود و للقوميات. وربما هنا تبدو "الفكرة الجامعة" هي ما يبنى عليه الانتماء.
وعليه أرى أن على المفكر في الخروج من الأزمة الحضارية الحالية، التنظير لشكل النظام العالمي الإسلامي في العالم الجديد بشكل قانوني قائم على مؤسسات تماما كما فعلت امريكا من بعد الحرب العالمية بمؤسسات الأمم المتحدة و صندوق النقد لتمكين الراس مالية، وتماما كما فعلت الاشتراكية بالسيطرة على الجمعيات العمالية و إنشائها، فإن النظام القادم لابد أن يكون مستندا لمؤسسات اقتصادية قانونية تدعم نظاما مغايرا في العالم الجديد... عالم السوق الحرة. و من جهة أخرى لابد أن تمكن الفكرة من خط "إصلاحي" طويل المدى للوصول للغاية.
أظن الكتاب وجبة مهمة عن تطور الاجتماع و البشرية و نظرة فكرية على بشريو الأربعينات... ولكن الأهم هو ما تم ثقله و تأصيله من أفكار بحسب التاريخ المعروض.
محاولة لكتابة كتاب ذو طابع اجتماعي،سياسي، تاريخي، حول المساواة و تاريخ الرق و العبودية ، بلغة أدبية متكلفة يتخللها الكثير الكثير من الإسهاب، كان هذا انطباعي مع انتهاء الفصل الثاني و لم يتغير مع نهاية الفصل الثامن. الفصل التاسع كان عبارة عن جلسة حوارية للأفكار التي حملتها الفصول السابقة من قِبل أشخاص، منهم من كان على صلة بالموضوع و منهم من حضر ليحضر فقط، و الفصل العاشر رسالة من أحد الحاضرين أنفاً يُعقب على ما جرى في الجلسة الحوارية، و يستمر السأم و التكرار خلال الفصلين أيضاً.
المساواة مي زيادة ................. في اطار عائلي يدور حوار بين اعضاء الاسرة و اصدقائها في بيت مي زيادة و يكون الموضوع عن المساواة . يبدا الكتاب بحديث عن وجهات النظر المختلفة لاعضاء الحوار ، فيبدي كل منهم رايه و يكون اول الحوار عن موضوع الطبقات الاجتماعية باعتبارها حقيقة واقعة في حياة الانسان لا يخلو منها مجتمع في التاريخ القديم و الحديث . الطبقات الاجتماعية حاولت بعض النظريات الفلسفية الغائها مثل الشبيوعية التي حررت وسائل الانتاج و جعلتها ملكية للدولة و حولت الشعب الي موظفين فقط الا انها فشلت في النهاية . وتحدث عن الارستقراطية و العبودية و الرق و كيف ان العبودية و الرق استمرت كظاهرة الي عهد قريب (زمن تاليف الكتاب) و نشأت عن اسباب اجتماعية و اقتصادية مختلفة ، الا ان السبب الرئيسي هو عدم الايمان بحرية الانسان و اعتبارها من حقوقه و عدم اعتبار ان الناس سواسية . استمر الحوارلا الي ان تحدثوا عن الديمقراطية و الاشتراكية الثورية و الاشتراكية السلمية و الفرق بينهما ن ثم الحديث عن الفوضوية ،و العدمية كفكرة تسعي لتحقيق المساواة بين الناس ، فالفوضوية تسعي لالغاء كل صور سلطة الدولة علي الناس ، و تحويل المجتمع الي صورة من المساواة خيالية اكثر منها واقعية . الكتاب يستحق القراءة الا انه لا يخلو من مواضع مملة اكثر من اللازم .
أفكارها متحجرة ولغتها متكلفة. إحدى المغالطات الأساسية في طرحها أنها تفهم المساوة بشكل سطحي و بمعنى التماثل أو التطابق الكامل بين جميع البشر، أي أنها تفهم المساواة بمثابة القالب الذي سيجعل البشر نسخا من بعضهم البعض. بينما "المساواة" التي لا تعترف بالاختلاف وتسعى لمحوه لا يمكن اعتبارها مساواة حقيقية أو ذات مضمون. مشاريع المساواة الجدية هي التي تنطلق من الاختلاف و تعمل على إزالة الفروق المادية والرمزية التي تشكل عقبة لبعض المجموعات دون غيرها في الوصول إلى حقوقهم دون محو حقهم في كونهم مختلفين.
اراء مي زيادة هنا عن المساواة تضعها فى خانة واحدة مع المستبدين والطغاة ، الفارق الوحيد أنها تصوغ ارائها بلغة أدبية متكلفة الحمد لله انها كانت أديبة وليست أي شئ أخر
"وهْمَان كبيران يقودان الحياة؛ في أحدهما يحسبُ المرء نفسه حرّاً في العبودية على شرط أن تُغيِّر اسمها وشكلها وإن ظلَّ جوهرها ثابتًا لا يتغيَّر. وفي الآخر يعتقد المرء بصلاح البشر الفطري اعتقادًا مطلقًا. فهل تستطيع أن تقول الآ�� بعد أن شفَّت بصيرتك بنور الخلود أيُّ الوهمين أقلُّ خطرًا؟ وأنت الذي كنت زعيم الوهم الثاني، هل تستطيع أن تُنبِّئنا لماذا لا نفتأ نؤلم بعضنا بعضًا؟ ولماذا ــ ما دام الناس صُلَّاحًا ــ قضيتَ أنتَ عمرك في محاربة الصالحين؟"(مي زيادة) إذا كان كلّ كتاب يُقرأُ من عنوانه الّذي يضبط فحواه أو يحدّد المحور المراد الحديث عنه، فهذا الكتاب "المساواة" لمي زيادة يُستدلّ إلى ينبوعه في الفصل الأخير. لا كخلاصة تغني عن قراءة الكتاب، وإنّما كمرحلة سابقة للكتابة بلغتها مفكّرة وفيلسوفة وهي تجول بطرفها متأمّلة عالماً غارقاً بمفاهيم ملتبسة، أو متناقضة، أو غامضة. ولعلّ هذا الفصل أتى كباكورة الأفكار والتّأمّلات والقناعات القابلة للتّبدّل والتّطوّر. تستعرض ميّ في كتاب "المساواة" الّذي صدر سنة 1923، الطّبقات الاجتماعيّة، والأرستقراطيّة، والعبوديّة والرّقّ، والدّيموقراطيّة، والاشتراكيّة السّلميّة والاشتراكيّة الثّوريّة، والفوضويّة والعدميّة، ومناقشةً سياقها التّاريخيّ والاجتماعيّ والإنسانيّ. وتختتم بفصلين متخيّلين على الأغلب (يتناقشون ورسالة عارف)، لكنّهما فصلان يدلّان القارئ على طريقة ميّ في التّفكير والتّأمّل وأسلوب تفاعلها مع القارئ؛ لتجسّد له رؤيتها ومعرفتها إضافة إلى الواقع بشكل عام. في الفصل ما قبل الأخير الّذي عنوانه "يتناقشون" تعيد ميّ صياغة الكتاب لكن بشكل حوار بين أشخاص يمثّلون غالباً الطّبقات الاجتماعيّة والمناهج الحكميّة والسّلطويّة ولكن بطريقة أقرب إلى القارئ من النّظريّات والأفكار الفلسفيّة والاستعراض التّاريخيّ. وفي ذلك إشارة إلى طرح التّأمّل الفكريّ بصورة أعمق من تلك الّتي نقرأها في النّظريّات. فيظهر في النّقاش المعلّمة وفتاتان تبدوان سطحيّتان والأديب والاشتراكي المتحمّس والعالم الفيلسوف وأحد الوجهاء وذاك الّذي يعتنق كل رأي عابر ويمتدح الجميع، وميّ. لكنّ ميّاً لا تدخل النّقاش بشكل مباشر وإنّما تديره دون أن تتبنّى رأياً خاصّاً أو تعطي حكماً أو حلّاً. وتعترف ضمناً أنّ بحثها لم يقُدْها إلى يقين أو حلّ أو سبيل إلى المساواة فتقول: "إذا دلّ بحثي على أنّ لديّ شيئاُ معيّناً أقوله فقد فشلت حتّى في التّعبير عن رغبة ساقتني إلى معالجة هذا الموضوع الجموح"، لكنّي أرى أنّ ميّاً عالجت موضوع المساواة بطريقة مغايرة عن السّائد. لقد عرضت بحثها وجعلت القارئ يحلّل ويستنتج بل ويتبيّن أنّ المساواة وهم أو حلم من العسير تحقيقه مهما بلغت الأنظمة من سعي لتحقيقه. وبهذه الطّريقة يتحرّك العقل ويحضر السّؤال ويهدأ الاندفاع والحماس غير المجدي ليحلّ مكانه التّعقّل والتّأمّل ولينتهِ إلى ما ينتهي إليه. فميّ ليست بصدد طرح حلول، وإنّما هي بصدد تحريك العقل. الفصل الأخير هو الأهم (رسالة عارف). وعارفٌ أديب وهو أحد المناقشين في فصل (يتناقشون) ولعلّه يرمز إلى ميّ أو إلى فكرها. فعلى لسانه وضعت تطلّعاتها وأفكارها وألمها النّاتج عن مراقبة الواقع الأليم الّذي يتطوّر ويتقدّم على جميع المستويات لكنّه يتراجع إنسانيّاً. وما ذلك إلّا نتيجة غرق في عبوديّة عميقة كامنة في النّفس الإنسانيّة إمّا طارئة على الإنسان وإمّا اختياريّة وإمّا لا واعية. ولعلّ ميّاً في هذه الرّسالة تناقش مع نفسها المساواة وتطرح تصوّراً لإمكانيّة وجودها. "ما هي المساواة، وأين هي، وهل هي ممكنة؟ هذا ما أرغب في استجلائه في الفصول الآتية دون اندفاع ولا تحيُّز، بل بإخلاص من شكّلت من جميع قواها النّفسية والإدراكيّة محكمة "محلِّفين" يستعرضون خلاصة ما تقوله الطّبيعة والعلم والتّاريخ، ليثبتوا حُكمًا يرونه صادقًا عادلًا". هكذا استهلّت ميّ بحثها في موضوع المساواة. وفي "رسالة عارف" تطوّر فكريّ وإنسانيّ غايته إبراز تدرّج التّفكير عند ميّ ونموّه وتطوّره. فتقول على لسان عارف: "كنت في البدء أرى الحاجة كلَّ الحاجة في فراغ اليد فأنادي بالمساعدة دون حساب، وأتمنَّى أن يكون لحمي للجائع قُوتًا ودمي للظامئ شرابًا، والخلل حولي كنت أظنه خللًا فيَّ فقط، وزعمت جميع النّفوس من درجة واحدة فمضيت أجاهد لإعلائها إلى أوجٍ قطنته تلك النفوس القليلة التي وضعتها الحياة على طريقي فأثار النّبل منها احترامي وإعجابي. شببت فإذا بي مخطئ، وأن ما فيَّ من خلل مَنشَؤُه الطّبيعة البشريّة المتوازنة أجزاؤها نقصاً وكمالاً، ورأيت أنّ أنانيةً تسربلت بالحرير ليست بأطمع من أنانية ارتدت الأطمار، وأنّ كبرياءَ بدت في التّشامخ والصّمت والتّألُّه ليست بأكرهَ من كبرياءَ توارت في التذلُّل والتوسُّل والنحيب. وتبيَّنتُ في كل مرتبة أثرةً وتحيّزاً واستعداداً قصيّاً للجور والطغيان، بل تبيَّنتُ ذلك في كلّ فرد من أفراد المرتبة الواحدة والأسرة الواحدة. وعلمت أنّ بعض العقول قفر، وبعض القلوب صخر، وبعض النّفوس رموز حية لليأس والنكد، وبعض الصّور البشريّة انعكاس لتمثال الشّقاء الدائم، وأدركت للحرمان معانيَ جمَّة". الحاجة الأساسيّة للإنسان هي تلك الكامنة في أعماقه، في ذاته المتأرجحة بين النّقص والكمال. وفي هذه النّفس تجتمع النّزعات والميول والعبوديّة والتّمرّد والنّزعة إلى الوحشيّة، وأخرى إلى الارتقاء بالنّفس الإنسانيّة، إلى ما هنالك من تناقضات في النّفس. العوز الإنسانيّ الحقيقيّ يكمن في الدّاخل. فالعوز الماديّ مقدور عليه إذا تضافرت الجهود، وأمّا العوز الإنسانيّ إلى التّحرّر من قيود النّفس فمن ذا الّذي بمقدوره أن يسدّه؟ ومن ذا يسدّ العوز الاجتماعيّ كالخلل في العلاقات أو الحرمان العاطفيّ أو الحرمان الحسّيّ كفقدان النّظر أو السّمع أو الصّحة أو النّسل؟ "فإذا تيسّرت معالجة الفقر ــ ولو معالجة نسبيّةــ بالنّشاط والعمل، فكيف تعالج أخرى ليس لموهبة أو صفة مهما شرفت وسمت أن تتغلّب عليها؟ وما هذا النّظام الّذين يزعمون فيه الإنصاف والمساواة، وهو لا يتناول سوى الظّاهر الممكن تعديله بلا سلب ولا فتك، في حين تظلّ جميع الحرمانات الأخرى تنشب في القلب أظافرها؟" وفي هذا القول إشارة إلى أنّ كلّ المناهج أيّاً كانت اتّجاهاتها وأيّاً كان سعيها الدّؤوب إلى سدّ العوز الإنسانيّ فإنّها لا تقوى على سبر أغوار النّفس العميقة وتحريرها. بالمقابل، فإنّ هذه المناهج حين تظهر في المجتمعات منادية بالحرّيّة والمساواة على شكل تمرّد تتشكّل فيها الطّبقات، ولعلّه يزداد في النّفس الإنسانيّة العوز إلى المساواة. وقد تخرج عن السّيطرة وتعيد الإنسان إلى همجيّته الأولى فيفتك وينتهك بحكم التّمرّد والرّغبة في الحرّيّة المطلقة والتّفلّت من القوانين والشّرائع. وتتساءل ميّ على لسان العارف: "هل يمكن الاقتناع بغير الاختبار الشّخصي؟ وهل يكون اليقين يقيناً إن لم يُبْنَ على اقتناع فردي؟" ولعلّ في هذا التّساؤل إشارة إلى اختبار الفكر أو النّظريّة أو المنهج على المستوى الفرديّ أوّلاً بدل الانخراط الأعمى في منهج ذا طابع إيجابيّ يزدهر نظريّاً لا تطبيقيّاً. أو تبنّي نظريّات أو فلسفات لمجرّد أنّها تحدث في النّفس رغبة في تحقيقها وهي في الواقع ليست كاملة ومحكمة. كأن يرفض نيتشه الدّيموقراطيّة والاشتراكيّة وينبذهما. أو كأن يقول أفلاطون إن أسوء أنواع الحكم الدّيمقراطيّة، ولا ريب أنّ ذلك تمّ عن اختبار تحليليّ منطقيّ أدّى إلى نتيجة رفض هذا المنهج أو ذاك. يقود الاختبار الفرديّ المعتمد على العقل والمنطق والتّأمّل في الذّات أوّلاً إلى اكتشاف الّذات وثغراتها ونواقصها ورغبتها إلى الكمال. ففيها يجتمع كلّ شيء ومنها بفعل التعقّل والحكمة والاختبار يتكوّن الرّأي الشّخصيّ بدل الانجرار في موجة تحرّك الرّغبات والغرائز. "أعرف الحياة صالحة محسنة جميلة من الجانب الواحد وخادعة غادرة قبيحة من الجانب الآخر. إلّا أنّي "زرادشتي" من حيث إيماني بأنّ الغلبة النّهائية للخير والصّلاح والجمال. ولو أردت أن أعرِّف الحزب السّياسيّ أو الاجتماعيّ الّذي أنتمي إليه، لقلت إنّي أرستقراطيّ، ديمقراطيّ، اشتراكيّ سلميّ، اشتراكيّ ثورويّ، فوضويّ، عدميّ … إلى آخره. كلّ ذلك دفعة واحدة وبوقت واحد." أليست هذه حقيقة الإنسان حيث تجتمع فيه كلّ التّناقضات؟ أليس الإنسان المستعبد للوقت والعمل والمال يظنّ نفسه حرّاً؟ أليس الدّاعي إلى الدّيمقراطيّة يرغب في السّيطرة والحكم فيستبدّ أحياناً؟ أليس المطالب بقوانين تضبط المجتمع هو نفسه يتوق إلى التّفلّت من القانون والشّريعة والعادات والتّقاليد؟ المساواة موضوع مؤجّل البحث فيه بعيداً عن الكلام المستهلك والأقوال الرّنّانة والمناقشات الفارغة والحماس المفرط. المساواة وهم أو لنقل حلم بعيد ما لم تقف النّفس الإنسانيّة أمام ذاتها محمكة النّظر إلى نواقصها وضعفها، معترفة بعدم قدرتها على السّيطرة على الطّبيعة. ولنقل إنّه ينبغي استبدال مصطلح المساواة بمصطلح آخر، ينطلق من الدّاخل إلى الخارج، ولا يكون حركة تمرّديّة وحسب ما تلبث أن تنقلب إلى حزب، أو سلطة حاكمة. يبدو المعنى الظّاهريّ للمساواة حسب تأمّل ميّ هشّاً أمام عمق المعنى وتمدّده في الإنسانيّة. لكنّ ميّاً لا تترك مجالاً لليأس أو الاستسلام، فتنتهي رسالة عارف بنفحة أمل: "كفانا أن نرقُب سير الحوادث متّكلين على نفوسنا، محدِّقين في وجه الحياة بلا وجل، مستعدِّين لتبيُّن الصّلاح والحقيقة. ونحن أبداً كالأرض أمّنا الّتي تقبل البذور الصّالحة ثُمّ ترسلها غلَّة وخيراً، وإذا هوت عليها الأشجار اليابسة تجمَّدت في حضنها مادّة للنّار واللّهيب. ولنكن أبدًا مطلقين هذا الهتاف الجامع بين الإخلاص والحيرة، بين الزّفير والابتهال: ها أنا ذا وحدي أيّها اللّيل، فعلِّمني ما يجب أن أعلم! ها أنا ذا مستعدُّ أيّتها الحياة، فسيِّريني حيث يجب أن أسير!"
كتاب بلغة عربية فصيحة مع استعمال كثيرة للكثير من المصطلحات القديمة سواء كانت عربية أو من حضارات أخرى من اليونان أو روما.. أعجبني الكتاب على الرغم من أنني واجهت صعوبة في فهم جميع مضامينه. تقوم الكاتبة بتفسير مختلف الظواهر والتيارات السياسية الشائعة التي أثرت في عالمنا مثل الطبقات الإجتماعية بداية بالأرستقراطية ..ثم أظهرت ميولها نحو الإشتراكية مع التوضيح والشرح. تكلمت عن النظام العبودي وقارنت بين الوضع في الهند وبلاد فارس والعرب ومختلف الأماكن الأخرى. إنها شخصية مثقفة ويبدو أنها قارئة عظيمة لأنها مطلعة على تفاصيل تخص الأنظمة السياسة في أوروبا وأمريكا الجنوبية.. تعرف قصص القرآن والإنجيل وحتى الميثولوجيا الإغريقية وديانات شرق آسيا
QUOTES
"الناس يولدون ويظلون أحرارًا إزاء القانون" 14
"الإشتراكية سبقت كل نظام آخر في حياة البشر" 21
"الحصول على الملك والإحتفاظ به من جه، والرّغبة في نزعه من جهة أخرى، سبّبت هذا العراك المالي والإجتماعي الذي لا ينتهي. فكون الأرستقراطية والعبودية" 24
"بديهي أن الأب كان يعامل أفراد عيلته كمعاملة زعيمه له. فإن ظلمه ظلمهم، وإن أنصفه كان منصفا لهم" ص24
"لا بد بين البشر من تبادل المنفعة والتضحية: فإذا انتفع قوم دون أن يضحّوا شيئا كانوا مغتصبين ظالمين، وإن كانوا كثيري التّفادي قليلي الانتفاع كانوا مظلومين مهضومي الحقوق. ولئن كمنت المصلحة الذاتية وراء جميع الأعمال فهذه المصلحة أو الأنانية موجودة في جميع أجزاء الكون كأنها عنصر جمهوري لحفظ الوجود" ص26
"وقد يكون الارتقاء المزعوم تقهقرًا في نُقط شتَّى" ص26
"كل من سار على الدرب وصل" شاعر عربي
"في البشر استعداد كبير لنكران الجميل والتملص من قيوده، والإيقاع بصاحب الفضل عليهم عند قضاء المصلحة ورغم ذلك ما فتئ الملوك يوجدون الأرستقراطية اللقبية جزاء خدمة جليلة وأملًا في ولاء مقيم" ص38
"أنا أبقى على اعتقادي حتى يتغلب عليه اعتقاد خير منه. وهو أن المواهب تظلًّ متدفقة في ذلك التيار الرائع، تيار الحياة الذي يخترق الأكوان، ويلقي نثرات منه أتم بهاء وسناء في أفراد دون أفراد، بصرف النظر عن صيغة نعتهم الإجتماعي" ص39
"لقد كان ثقب الآذان رمزًا للعبودية عن�� شعوب كثيرة." 52
"المرأة إن هي أبدت ميلا إلى الإنعتاق من الأوهام القديمة، والتحرر من العادات المتحجرة، نظر إليها كفرد شاذ أو كخيال في دوائر الرؤيا، ذلك لأنهم اعتادوا استعبادها ليس بالظلم والضغط والتعذيب فقط، بل باللطف والتدليل والتحبّب...." 60/61
"الواحد للكل، نعم، ولكن على شريطة أن يكون الكل للواحد. وهذه قيمة تفرد بها هذا العصر ولم تعهد من قبل" ص83
"طبيعة الإنسان فردًا كان أو جماعة، متبدِّلة متحوّلة متكيِّفة مع الأحوالِ، وأن القوانين توضع للأفراد وليست الأفرادُ بموضوعَة للقوانين" ص86
"وهل الشعب فرد واحد ليرتقي كله على نمط واحد وفي درجة واحدة؟" ص111
"هل يكون الثور حرًا إذا هو اختار جزاره؟" ص124
الديماغوجيا/ حكومة الرعاع / الدهماء / الحكم الأخلوقراطى
" دروس تعلمتها من كتاب مي زيادة عن المساواة والعدل والحرية"
***** العبيد يحظر عليهم القوة البدنية والمعرفة العبد والرق ليسوا مترادفين لمعنى واحد. العبد لا يملك أي شيء بل مملوك من طرف سيده الذي يستعبده أما الرق فهو يملك أرضا مقابل ما يرفضه عليه سيده من ضريبة وحدمة وطاعة النصارى تسمية تطلق على المسيحيين الأوائل. نسبة لقرية الناصرة الفلسطينية التي ولد بها عيسى/المسيح **** كونية حقوق الإنسان أهمية المال والكفاءة الشخصية لزواج المرأة عدم الحكم على وضع المرأة الحقوقي انطلاقا من مظهرها أو جمالية ملبسها مواهب الإنسان يتداخل فيها ما هو وراثي بيولوجي وتربوي اجتماعي مكتسب ولهذا كيفما كان أسرتك أو وضعك الاجتماعي يمكنك ان تنجز ما تريد وتحقق أهدافك تبادل المنفعة والمصلحة مبدأ في استمرار العلاقات الإنسانية في المجتمع نكران الجميل سلوك شائع في الناس ولهذا عندما تمنح شيء، تهدي هدية، تتصرف بلطف أو تقدم مساعدة أو خدمة لا تنتظر المقابل ولا تتوقع أن يكون الآخر بنفس درجة رقيك وسلوكك الحسن الكل للجميع والجميع للكل القوانين يجب أن تتغير حسب مصلحة الناس لأن طبيعة البشر متحولة ومتكيفة مع الأحوال الخارجية. والقوانين توضع
كتاب جميل جدا من تأليف الأديبة ماري الياس زيادة، تناقش فيه تاريخ انعدام المساواة ومدىإمكانية تحققها في المستقبل.
الفصل الأول : الطبقات الإجتماعية : تعتبر مختلف الميثولوجيات الإنسان ذا مصدر إلهي، ورغم ذلك فهي وكذلك الواقع يخبرنا بوجود طبقات، اجتماعية ودينية، اختلاف في المواهب والقدرات الخ. وبسبب هذه التفاوتات واللامساواة نشأ المجتمع. وحتى إذا تأملنا النظام البيئي الطبيعي، ألفيناه طبقيا وتنعدم فيه المساواة. بعد اجتماع الإنسان وبداية استفادته من خيرات الأراضي والطبيعة بدأ معه التنافس، فكان الأسياد وتشكلت القوى لحماية الممتلكات، وبقي الفلاحون والمزارعون مستضعفين يعملون بعرق جبينهم. كبرت القرى وكثر العمران. ونشأت الدول وتعددت أنظمتها السياسية. فظهرت الديمقراطية والاشتراكية والفوضوية. ونفس الانظمة السياسية برزت داخل الأسر بشكل مصغر.
الفصل الثاني : الآرستقراطية : هو نظام حكم الأفضلين أو الأفضل، ومن أشهر أشكاله الملكية، وغالبا ما تتأسس هذه الأخيرة على أحقية دينية (الحق الإلهي). هناك عدة مميزات تجعل البعض أفضل من البعض، وهي نوعين إما مكتسبة أو طبيعية لا دخل للفرد فيها.
الفصل الثالث : العبودية والرق : ان للاسعباد أصولا ضاربتا في التاريخ، وهناك أديان أباحت الرق (كاليهودية مثلا)، بل هناك في الأديان القديمة بشر استعبدوا آلهة!. وقد سعى بعض الفلاسفة اليونان أن يتساووا مع الأحرار من خلال فكرهم ونبوغهم. لكن ورغم ذلك استمرت العبودية الى القرون الوسطى وتطورت الى شكل جديد هو الرق. فإذا كانت العبودية امتلاك بشر دون أن يكون لهذا الأخير أدنى حقوق، فالرق إمتلاك جهد وعرق جبين وطاعة انسان. وظل الوضع على هذا الحال إلى غاية النصف الثاني من القرن 19 حيث بدأت الدول تلغي الإستعباد والرق تباعا. وإذا كانت العبودية قد انتهت اليوم بذاك الشكل العتيق، فهي لا تزال مستمرة بأشكال أخرى أحدث. ولا سبيل إلى التحرر منها إلا بالمال والكفائة الشخصية.
الفصل الرابع : الديمقراطية : لم يهتدي البشر خلال تاريخه إلا الى ثلاثة نماذج للحكم؛ الملكية أو حكم الفرد، الآرستقراطية أو حكم الأفضلية، الديمقراطية أو حكم الشعب. وخلال التاريخ ساهمت حتى الأنظمة الملكية والآرستقراطية في القيام بالعديد من الإنجازات التي خلدها التاريخ، لكن بإسم الفرد أو الأفراد عوض الجماعات التي ساهمت فيها. إن اشتراك الشعب في الحروب القديمة هو الذي حذا به ليحصل على الديمقراطية بشكلها البدائي، أم اليوم فقد ساهمت الإختراعات والآلات وكذلك إنتشار العلوم والمعارف إلى دخول الشعب مساهما في الحكم. ورغم كل هذا لم تساهم الديمقراطية في خلق المساواة التي ترتجى.
الفصل الخامس : الإشتراكية السلمية : إنا النظام الإشتراكي ليس وليد ماركس وإنجلز، إنه موجود إلى جانب الأنظمة الأخرى منذ القدم. لقد كان التشارك هو النظام السائد عند جماعات الإنسان القديم. إن الإشتراكية اليوم نوعان، إشتراكية تحاول تغيير الواقع بالقوة، وأخرى سلمية تسعى إلى التغيير التدريجي في النظام الحالي دون إراقة الدماء إلى أن تحقق مبتغاها.
الفصل السادس : الإشتراكية الثورية : إن قلب الإشتراكية هو توزيع الثروات على الشعوب حتى لا تبقى حكرا لأفراد معدودين. وترى مي أن المساواة ظلم لا إنصاف، فالناس وجدوا ليكونوا متفاوتين، في كل شيء، المميزات وكذلك الأداء، وبالتالي لا معنى لنساوي بين المجد والمتخاذل، بين الذكي والغبي، بل لكل ما هو حق له حسب مجهوده.
الفصل السابع : الفوضوية : إذا كانت الإشتراكية تريد نزع المال من أربابه وتوزيعه على الشعب، فالفوضوية تريد القضاء عليهم،وإذا كانت الإشتراكية تريد إصلاح النظام أو تغييره، فالفوضوية تريد محو هذا الأخير. وباختصار، فالفوضوية تخريب وهدم ووحشية ضد كل نظام، واقرار لحرية مطلقة.
الفصل الثامن : العدمية : العدمية لا تعترف بوجود أي شيء ولا تعطي القيمة لأي شيء. وهي هدم في هدم ولا بناء فيها.
الفصل التاسع : يتناقشون : هذا الفصل هو تسجيل مكتوب لحوار دار بين، مي ومعلمة اسمها جليلة وهي تنحاز للسلام، بلانتش وانتوانت طالبتان حديثتا الفكر وهما زميلتا مي في المدرسة، الأستاذ سامي وهو عالم وفيلسوف، سعيد بك وهو رئيس جمعية خيرية، زكي أفندي متأدب ويدافع عن جميع الآراء. خلال هاته المناقشة يتم طرح مختلف وجهات النظر حول المواضيع نفسها التي تطرق لها الكتاب.
الفصل العاشر : رسالة عارف : تختتم مي كتابها برسالة بعثت بها السيدة جليلة لها، تناقشها في مقالاتها عن المساواة.
كتاب جميل يستحق القراءة، إلا أنني لم أحبذ الأسلوب في بعض الفصول، وارتأيت فيه حب البلاغة أكثر من تقريب المعنى، وصغر حجم الكتاب جعل من الكاتبة تعطي فقط خلاصة كل نظام وكل فكرة دون التطرق للتفاصيل الهامة.
مي زيادة بالرغم من فصاحة لسانها ووسع اطلاعها، إلا أنها لم تصل إلى درجة التحرر الفكري والعلم والثقافة التي توجهها نحو القيم التقدمية، فهي تميل إلى الفكر المحافظ نسبيًا، وهذا ما يثير تعجّبي، مي زيادة مثقفة برجوازية تثير اشمئزازي. لم أستطع قراءة الكتاب كاملًا، لا شيء إلا يسر فكره، فمستواها الثقافي أجود من فكر العقاد قليلًا بيد أنها امرأة، وإني أراهما سيان وينتميان إلى ذات الطبقة المثقفة، والذين هم من فصيحي اللسان ضعيفي الفكر، لا يملكون القدرة على الإتيان بجديد، أو استخراج فكر جديد من بطن الفكر القديم، وإني لا اقرأ كتبهم إلا رغبة في الاطلاع على الأدب القديم أو شحذ قاموسي اللغوي، بيد أني ألمس في تلك الطبقة المثقفة شيء من التكلّف اللغوي والتبجّح بغير شيء والاستماتة من أجل إثبات الزاد الفكري، وتلك سمة واضحة في كلا من العقاد ومي زيادة، فلا يشفع لهم إلا حقيقة أنهم ممن أجادوا اللغة حسن إجادتها وتفننوا في الأوصاف وأحسنوا نظم الشعر، وقد يكون رأيي هذا جريء وفيه تعدّي على قامات فكرية أدبية، إلا أني لا أتردد في قوله ما دام هو الحق في نظري، فمقالات مي زيادة في الاشتراكية، تعكس اطلاع سطحي لا يتعدّى القشور، ورؤيتها الخاصة ما هي إلا رؤية قديمة عفى عليها الزمن، تشرّبها المجتمع وأخذ يدرك عيوبها ونواقصها، فهذا النوع من الكتب ليس هو الذي تجد فيه إشعالًا للتساؤلات أو إجابة على مغفولات بل ثبيطًا للفكر التجديدي وتعزيزًا أعمى للوضع الراهن، لا لشيء سوى أن «هذا ما وجدنا عليه آباؤنا» أما فيما يخص وصولها للساحة الثقافية فكما ذكرت آنفًا ليس هذا إلا انعكاس لحقيقة أنها من خلفية طبقية يسّرت لها الوصول إلى الساحة الثقافية ومنافسة الرجال، فليس هذا بدليل على نضالها أو قوة شخصيتها، بل تأكيدًا على حقيقة أن مي زيادة ما هي إلا أديبة برجوازية، لا تستطيع أزلًا أن تنافس أديبات أكثر جدارة واستحقاقا على شاكلة يمنى الخولي أو نوال السعداوي وغيرهن.
الكتاب يتحدث عن نُظُم تصدرت المشهد فترة ليست بالقليلة من عُمر الإنسان في العصر الحديث.
من سطور الكتاب:
▪️من ذا يخلصني من قسوة التمايز ،مشيليه ▪️ملعون هو الاله اله السعداء ملعون هو الملك ملك الاغنيا وملعون هو الوطن المجازف ببنيه …،هايني ▪️شبت الثورة الفرنسية وانبرت تعلن للانسان حقوقه المدنية المرتكزة على الحقوق الطبيعية فاثبتت في مطلع بيانها بندا يشاركها اليوم فيه العالم المتمدن وهو ان "الناس يولدون ويضلون متساوين احرار ازاء القان��ن" فحذفت نظام الاقطاع القائم على تفاوت الحقوق والواجبات وباسمها اعتصمت المرأة فنهضت من تحت قدم السيد الساحقة ووقفة عالية الجبين ازاء مسالك الحياة واعمالها ▪️في سبيل الثورة وضع ماركس كتابه الشهير صارخا "اتحدوا ياعمال العالم" فتبارى الزعماء في تكوين الاحزاب وسن القوانين ونشر اللوائح واقامة المؤتمرات الثلاثة لاتحاد العمال وهي هي التي هزت الروسيا من اقصاها الى اقصاها واضرمت تحت سمائها شعلة الثورة المدلهمية ▪️ماهي المساواة؟واين هي؟وهل هي ممكنة؟
تبحث مي زيادة عن المساواة في التيارات والأحزاب والأنظمة الوضعية .. من الأروستقراطية والإشتراكية والديموقراطية والعدمية والفوضوية .. وعن العبودية والرق .. وتأثيرها على الشعب .. ومن ثم رأيها في كل نظام .. الكتاب جيد .. وصغير بالرغم من لغته القوية ربما يعجز البعض عن فهمها طالما أنها احتكت بالفلسفة .. هي ليست خواطر أو رأي اجتماعي أو للشارع .. بل هو بحث في أنظمة قضت على الملكية لتحل محلها .. لكنها لم تفعل سوى أنها أذاقت الشعوب الفقر والجوع والديكتاتورية تحت مسميات فضفاضة .. ما زلت مع الملكية الدستورية .. فهي أفضل حالاً من الإشتراكية والشيوعية وغيرها من المسميات الوضعية التي وضعها الإنسان .. بالنسبة لرأيها أتفق معها فيما ذكرت .. أعطي الكتاب ٢/٥ ..
عادت فراشة الأدب لتبهرنا بسعة ثقافتها مرة أخرى فناقشت موضوع المساواة في عدة انظمة وفي مجتمعات مختلفة حيث تطرقت للعديد من التوجهات ولفكرية والسياسية كالأرستقراطية والاشتراكية والعدمية، وكذا مسألة الطبقات الإجتماعية والرق والعبودية محاولة تتبع مسارات كل منها تاريخيا وحضاريا واجتماعيا لتصل إلى ماهية المساواة وما إذا كانت ممكنة أم لا وذلك بدراسة موضوعية للتاريخ والطبيعة الإنسانية قامت بها مي زيادة دون أي تحيز منها او اندفاع. فهو كتاب اختصر وجمع الكثير من الأفكار عن المساواة في شكل مقالات متفرقة قد تبدو مختصرة لكنها طرحت بشكل من العمق والتفصيل ما يستدعي قراءة متأنية.
أول تجربه لي مع مي سكر زياده، ولن تكون آخر تجربه ب اذن الله، قرأت شخصيتها الثوريه المتمرده على المجتمع بين سطورها ذكرني أسلوبها ب حبيبها كما تقول الاشاعات -أو ليست اشاعات- (جبران)، لم أجد ما كنت أبحث عنه بالكتاب، أو وجدته ناقص، كنت أبحث عن فلسفة مي الخاصة عن المساواه ولم أكن أبحث عن بحث تاريخي طرحته هي، لكن ككل بدايه موفقه لكتب ماري
مي ذكرت الكثير و الكثير من النظريات و الطبقيات في هذا الكتاب ولم اتفق معاها في الكثير إلا انه كتاب ينمي عندك كيف يتكون رأيك الشخصي أو كيف تصنع لك رأي وان خالفك الجميع لايعني أني على خطا أو هم على خطا كل منا لديك رأي يحق له التعبير عنه
كتاب فكري متميز لفيلسوفة وأديبة عبقرية ومنسية، يتحدث عن وضعية فكرة المساواة في خضم سيرورة تطور أنظمة الحكم، ومعمعة صيرورة الأفكار منذ العصر البدائي إلى فترة الأربعينيات.