الكتاب السردي "صندوق الأربعين" للكاتبة والروائية الكويتية ميس خالد العثمان، تتناول خلالها الكاتبة محي ذاتي بتجربة مختلفة / مختلسة من عالم ثري بما كان وما سيأتي ، إذ أن العبور نحو " الأربعين" ليس سهلا على إنسان يود المرور بأقل ما يمكنه من الخسائر في الروح والجسد والضمير ..
من الكتاب:
كنتُ فتاة صغيرة وهادئة، لي سجادة صلاة حمراء داكنة، مرسوم عليها ببدائيةٍ مكرّرة، صورتين واحدة للحرم المكي والأخرى للمسجد النبويّ، مفصولتين بخطِّ/ خيطِ نسيجٍ متعرّج كثيراً، ولي كذلك وشاح صلاة من قطعتين، تنّورة مَزْمومَة على الوسط بحزامٍ يؤلمني ضيقَهُ وغطاءٌ للرأس مُفَصّلٌّ كمثلثٍ يسمحُ لوجهي فقط بالظهور، بينما ينسدلُ بقيّته وصولاً لنهايةِ جذعي،أبيض اللون،بزهور ناعمة خضراء، وله رائحة كانت تثير في القلب عصرة شجن عجيبة لم أفهم سببها.
كنتُ كلما عَزَمتُ على نفضِ الثّوب [مُجبرة نحو البدء بالطقس] والاستعداد [بالنيّة القلبية التي لم تكن صادقة في أغلب الأحيان لأنّ دافعها الخوف الكثيف] بمزيجٍ من الرهبة والخشية والترقّب وطاعة المعلمة وانصياعي لحصص "المسجد" التي كانت تصطحبنا إليه خارج فصولنا المدرسية ونحن مُرتديات هذا الزي الديني،نمشي في صفّين متوازيين مثل بَتَلات زهر باتجاه المسجد، أو باتجاه "بيت الله" كما كانت تُشير مُعلمتنا إليه،بينما خيالي يفرز أسئلته في الحدود الناشئة حديثاً والمحتشدة بكلّ تلك المثيرات المربكة بــ جِدّتِها.
" في أي الغرف من بيته يسكن الله"؟
"هل هو من سيفتح لنا الباب، أم أن هناك من يقوم بخدمته؟"
" هل هناك جرسٌ على باب بيت الله كما في بيوتنا، أم سنكتفي بقول: بسم الله الرحمن الرحيم، ليُفتح لنا الباب [مُعجزة وسِحرا]؟ أوَليَسَ الله بقادرٍ على كلّ شيء إذا أراد لشيء أن يكون فـــــ ... يَكون؟"
حينَ وصلنا إلى بابِ المسجد الصغير في المدرسة، تَعَمّدتُ ألاّ أكون في مُقدّمة الطابور كي أعرفَ كيف سُيفتح لنا باب "بيت الله"، لكن مَوضوع "خَلعُ الأحذيةِ" كان قد سَرق مني اللحظة المُنتظرة! بلْ طَرحَ أمامي على بساط الدهشة سؤالاً مَلغوماً بألف استفهام؛ لماذا علينا أن ننزع أحذيتنا؟؟
جوابها كان واحداً: لأننا سندخل بيت الله.
تدور أسئلتي على نفسها، ولا إجابة تشبع نهمي للاستيعاب.
جاء على الغلاف الخلفي للكتاب:
تتمتم ..الثقافة ليست أمنية!
...وقد يساورك شكّ كثير حتى في تمتمتك.
أن تنتبه.. أن تستحيل مخلوقاً من انتباه.
لا تغفل عن خيانات المبادئ، تحالفات ما تحت وأعلى الطاولات، المرايا التي لا تعكس لنا إلاّ الجزء الظاهر منها، الولاءات التي تُشترى بـ "رنين النقود"، وأنت؟ تكتفي بـــيقينك، تعيد في كلّ مرة / صدمة / خبر، ترتيب التفاصيل الناشئة للتو، تنظر جيداً وعميقاً لآخر الجدران المتهالكة بينما عيناك شهود حدث مؤسف. تعيد التمتمة: ضاع فرد جديد، اشتروك يا صديق.. وداعا.
تضحك من أنفك بقلب بارد، لقد ضاع قبله كثيرون وانتهى، لقد اختار.
ميس خالد العثمان كاتبة وروائية من الكويت عضو رابطة الأدباء في الكويت موظفة في المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، إدارة النشر والتوزيع منذ 15 يونيو 2000 وحتى الآن. باحث أدبي في" العلاقات العامة" في "دار الآثار الإسلامية" في الكويت منذ أبريل 2013 حتى أكتوبر 2015. مُحرّر في "جريدة الفنون" الصادرة عن المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب / الكويت منذ 2000 حتى 2008، ثم سكرتيراً ومديراً للتحرير منذ 2008 – 2012. متخرجة من جامعة الكويت / قسم الإعلام والاتصال 99 -2000.
لها من الإصدارات: "صندوق الأربعين" 2018 ؛ محكي ذاتي ، صادر عن "دار تشكيل" – القاهرة. "ثؤلــول" رواية 2015 صادرة عن "دار العين" – القاهرة " رحلة إلى أسرار الشرق القديم" نصوص سردية، في كتاب آثاري/ سردي مشترك مع الباحث "عقيل يوسف عيدان" من إنتاج (دار الآثار الإسلامية) الكويت – 2014 " أفتحُ قوسًا وأُغلقهُ " سرد ذاتي 2013 دار العين/ القاهرة " لم يستدل عليه" رواية 2011 عن دار العين / القاهرة " صلوات الأصابع" نصوص سردية 2010 عن دار العين / القاهرة " عقيدة رقص" رواية 2009 عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر / بيروت "عرائس الصوف" رواية 2006 عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر/بيروت "غرفة السماء" رواية 2004 عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر/بيروت "أشياؤها الصغيرة" قصص 2003 عن دار قرطاس / الكويت "عبث" قصص 2001 عن دار قرطاس / الكويت
حَصلتْ روايتها "عرائس الصوف" على جائزة "ليلى العثمان" للإبداع السردي 2006. حصلت على جائزة "الشيخة باسمة المبارك" للقصص القصيرة 2004. أقامت عدة أمسيات سَردية في الكويت (رابطة الأدباء/ جمعية الخريجين/ مهرجان القرين الثقافي التاسع 2003) . شاركت في عدة فعاليات ثقافية خارج الكويت (البحرين 2003/ صلالة 2006/ الشارقة 2007و 2014 / البصرة 2015) ترجمت معظم كتبها إلى لغة "برايل" للمكفوفين وهي مُهداة لــ جمعية المكفوفين الكويتية .
السرة ص.ب 885 الرمز البريدي 45709 دولة الكويت البريد الإلكتروني: Mais.justwrite@hotmail.co.uk
تحكي ميس العثمان مشوارها منذ الطفولة وأسئلتها العالقة في ذهنها، أسئلتها العقيمة التي لم تجد من يجيبها عليها ..ربما يا عزيزتي ميس نحن حتى الان لازلنا عالقين داخل تلك الاسئلة سرد ذاتي لكاتبة كويتيه مبدعة تنسج من خلاله أطوار اً مرت بها حتى بلوغها عتبة الاربعين وكان أهمها ما مرت به الكويت سنة تسعين ...ومع انني لا احب السيّر الذاتيه الا أنها الثانية بعد سيرة العقاد ... أحببت كل حرف كتبته ميس ...
تفتح الكاتبة صندوق الذكريات على أحداث كثيرة متفرقة دون أن تتبع تسلسلاً زمنيًا واحداً سواء كان تصاعدياً بالأحداث أو تراجعاً فيها من الأحدث للأقدم، تركت الحرية لقلمها يتحدث عما يجول في خاطرها وما يتداعى من ذكريات بحرية تامة، فأحيانًا تكتب عن طفولتها ثم تعود للمراهقة ثم تكتب عن أحداث أقدم من ذلك، وهكذا؛ تسطر فيها تجربتها الخاصة، ضمنتها لكل المؤثرات التي مرت بها وساهمت بشكل أو بآخر فيما هي عليه الآن وزعتها على (48) جزءاً، تقرأ فيها تجربة الاحتلال العراقي للكويت بعين من عايش الأحداث ومن أنضجته قبل أوانه، ثم قبول الآخر ومحاولة ترتيب العلاقة معه بعد هذا الجرح الغائر، ومن يكون هذا الآخر تلك مصيبتنا حين يأتينا الجرح من أخ، وما تلا ذلك فما عادت الكويت بعد التحرير كما كانت ولا عدنا نحن كما كنا أشياء كثيرة فرضت نفسها على الساحة ألقت بظلالها واغتالت حياة بأكملها، تحكي الكاتبة وتشير إلى ذلك الكم الهائل من التساؤلات التي كانت تقفز في رأسها وهي طفلة صغيرة، فلا تقنعها الإجابات إنما تدفعها بنهم نحو القراءة والبحث لتجد فيها متعتها التي لا تضاهى، تكتب عن الناس والعلاقات والثقافة وأشباه المثقفين، عن الأمراض المجتمعية، عن غربة المثقف وتحديداً في عالم النساء اللواتي تقتصر اهتماماتهن على الأمور العادية فيصبح من الاهتمام بأمر اغتيال بنظير بوتو أمراً مستهجناً، تكتب عن الحب واختيار الشريك، والعزلة الاختيارية، تكتب عن العمل والظلم، تكتب أشياء كثيرة بجرأة قد تتفق معها وقد تختلف، لكنها تدافع دفاع المستميت عن قيم الحرية، وضرورة التفكر ملياً وإعادة ترتيب حياتنا من وقت لآخر. لها لغة آسرة وتقفل صندوقها بنصيحة ثمينة "يا قارئي المفترض "العزيز" افعل ما يريحك ومارس ما تؤمن به، لكن؛ ليكن وعيك هو ما تحمله/يحملك، ولا تتراجع عن أسئلتك المشروعة، ولا تردك الخشية عنها، ستشرق شمس مختلفة قريباً، في قلبك/عقلك، وتخلص من تلك العتمة التي حوت الشرور بداخلك لفترة دون أن تنتبه، ولا تتدثر بالخوف كل العمر، فحقيبتك التي كلفت بها سيزداد وزنها وتشدك إلى الوراء بلا طائل".
أعشق " التلصص " على حياة الآخرين أياً كانوا ، ولذلك تستهويني قراءة السير حتى وإن كانت لأناس مغمورين .. لأني على ثقة أن كل حياة لابد وأن يكون فيها ما يستحق أن يروى .. في قراءاتي الأخيرة لسيرة الكاتبة الكويتية ميس خالد العثمان ( صندوق الأربعين ) وجدت سبباً آخر يجعلني أنحاز لقراءة السير .. وجدت أننا أمام السير قد نقف في مواجهة مع أنفسنا لأن بعض السير رغم عدم معرفتك الشخصية بأصحابها إلا أن تقاطعات كثيرة بينها وبين مسار حياتك ستبدو لك واضحة كلما تعمقت فيها ، وستجد أنها تحيلك إلى ذكريات قد مرت بك وربما نسيتها . وهذا ما حدث معي أثناء قراءة ( صندوق الأربعين ) ، وجدت في بعض الفصول تشابه كبير بين ميس التي لا تتوانى عن التعبير عن سخطها ببساطة و شيماء التي تفعل الشيء نفسه مفضلة أن تكون صادقة حد العنف على أن تكون مهادنة حد النفاق والجُبن ! بين ميس التي تربت على حرية الإختيار وشيماء التي كان لها الأمر ذاته . بين ميس وشيماء اللتان دخلتا المدرسة في عمر الخامسة ، متشابهتان ودون مواربة في اتخاذ مواقف حاسمة تجاه الناس والوقائع والأحداث مؤمنتين بأننا غير مجبرتين ولنا حرية الاختيار . السيرة كُتبت بسلاسة من يجلس متأملاً فصول حياته ، سارداً على من يقرأه مواقفه كمن يحاور ذاته . أعتقد أن ( صندوق الأربعين ) من الكتب التي تجعلني أواصل قراءة السير وأنا متيقنة بأن حيواتنا هي منبع الحكي والقص !
تحكي ميس العثمان في سردٍ شفيف وشيق علاقتها بالكتابة والكلمات كيف بدأت وتشكّلت منذ البداية حينما أنصتت مبكرًا لحكايات الجدات حتى تحولت إلى تلك الطفلة الشقية التي لا ترضخ بسهولة لمقولات الكبار، بل وتسعى لإعمال عقلها وتفكيرها في كل ما يصلها من أفكار ومعلومات وأخبار، فلا تخجل من سؤال معلمتها «لماذا لا توجد إلهة أنثى؟»، حتى تكبر في الثانوية وتقلب الطاولة على معلمتها لشعورها بالظلم، وكيف جعلها ذلك تدرك منذ وقت مبكر أن الحق يخيف الظالم، وكأنها كانت منذورة منذ نعومة أظافرها لمواجهة العالم وخلخلة ما تراكم عليه من جهلٍ واستسلامٍ للموروث والمتعارف عليه، ساعيةً دومًا إلى البحث عن أجوبة لأسئلتها الخاصة حتى لو تم مواجهتها باعتبارها غريبة أو متمردة، بل كان كل ذلك يمنحها المزيد من القوة والإصرار.
نحن جيلٌ مختلف، عاصرنا الطفرة الأولى لأول الخير، بينما راهقنا في عز الألم، ثم انتبهنا لضرورة أن تكون الموازنة هي المسلك الخاص القادم، فهل يعقل أن أستمع/أشاهد تسجيلاً لحفل عبد الحليم حافظ بينما أنا ما أزال في السابعة من عمري، أعيد وأكرر الاستماع بينما يغنّي «أهواك» وأغمض عيني على اللحن الذي سَحرني ولم أعِ الكلام حينها؟ لا أدري إن كانت أمي قد استغربت سلوكي هذا أو انتبهت له أساسًا، لكن البداية التي جعلتنا نصبّح على الأغنيات وفرحها هي من أسست لحب النغم والاختيار بين ما هو حقيقي.. وسطحي. هكذا ترصد ميس في كتابها، وعبر فقرات متصلة منفصلة، لمحات من سيرتها وحياتها، وهي إذ تفعل ذلك وهي على مشارف الأربعين، ليصادف أن تكون تلك السنوات التي عاشتها (منذ 1977) سنوات شهدت العديد من التحولات والتغيرات والصراعات في بلدها الكويت على وجه التحديد، بل وفي العالم كله. إذ شهدت أحداث حرب العراق وإيران، ثم احتلال الكويت حينما كانت في طفولتها، وما حدث من طفرة في وسائل الاتصال والتكنولوجيا، حتى انتشار الإنترنت وما صحبه من تغيرات جذرية في الوعي في المجتمعات، وغير ذلك.
وهي بذلك ترصد وتؤرخ وتوثق لمرحلة هامة ومحوريّة في تاريخ العالم العربي من جهة، كما تشتبك بشكل كبير مع عدد من القراء الذين لا شك سيكونون قد عاشوا وسمعوا وتأثروا بتلك الأحداث والتحولات والتغيرات الكبرى، مما يجعل الكتاب ليس فقط مجرد سرد لذكريات وأحداث خاصة بصاحبتها، بل يتسع ليكون كاشفًا كصورة ومرآة لحال المجتمع الكويتي والعربي وحال المثقفين فيه في هذه الفترات.
من جهةٍ أخرى فإن «صندوق الأربعين» ليس مجرد حكي وسرد لشخصيةٍ عادية، بل هي كاتبة وروائية، صدر لها أكثر من عمل، واستطاعت عبر مشوار حياتها القصير نسبيًا أن تكرِّس حضورها كواحدةٍ من أهم الأصوات الأدبية في الساحة الكويتية، رغم عزوفها عن التقدم للجوائز منذ حصلت على جائزة «ليلى العثمان» في الإبداع السردي عن روايتها «عرائس الصوف»، ولهذا تفرد عددًا من فصول كتابها للتتحدث عن علاقتها بالكتابة بشكل خاص، وتعرض أطرافًا لحكاياتها مع كتبها ورواياتها، وتحكي كيف أدركت منذ وقت مبكر أيضًا أن الكلمات هي وسيلتها الوحيدة لكي تمرر ما عرفته وما توصلت إليه للآخرين، وبين الكتابة ومواجهة الناس تعيش حياتها وتسردها. على إضاءات https://www.ida2at.com/book-forty-box...
"حين يكون الغروب أمامك استمتعي به من دون أن تتعلقي به، استمتعي بمنظره الذي لن يدوم طويلاً..انتظري النجوم بعده، منظر جميل آخر وجديد، حزننا علي انتهاء منظر الغروب سيمنعنا عن التمتع بالنجوم" من أكثر الجمل التي أعجبتني طوال السرد. "كنت أراها رشيقة لأنها كانت ترتدي جلبابا ملونا زاهيا ومفصلا بأناقة لا بأس بها، ففي أوائل الثمانينيات لم تهجم بعد العباءة السوداء علينا بظلامها وانعدام أناقتها" ظننت أنني أمام كاتبة علي الأقل تحترم اختلاف غيرها معها في أقل الأشياء وهو المظهر! حتي قرأت هذه الجملة
وجبة ادبية تمتع الروح والعقل والعين والذاكرة واللسان بين صفحات من المتعة اسأل الكتاب ليجيب نيابة عن الكاتب ميس العثمان ما هذا ؟ انقطعت عن القراءة لفترة طويلة شاقت روحي من الإغتراب عن الكتب عدت بهذا الكتاب ليزيدني حسرة على متعة القراءة التي هجرتها العود أحمد العود ميس العثمان
الكتاب شدني للوهله الأولى بسبب عنوانه بس لقيت انه عباره عن سرد متشعب وغير مرتب.. الكاتبه اسلوبها حلو لكن بتطرح تساؤلات كتير من غير أجوبه بتخلي القارئ يتوه معاها ويفقد المامه بزمام وتسلسل الكلام .