يضمّ هذا الكتاب جهد مجموعة حوارات أجريتُها مع خمس وخمسين امرأة في البلدان الّتي لجأنَ إليها: تركيا، فرنسا، ألمانيا، كندا، لبنان، بريطانيا وهولندا، وكذلك في الدّاخل السّوريّ. اخترت منها تسع عشرة شهادة فقط، بسبب الشّبه المتكرّر في تجارب النّساء، والّذي يظهر لنا جزءًا من الجحيم الّذي قاومنه بشجاعة في سورية، وهو جزء من جحيم تعيشه النّساء في العالم العربيّ وفي مناطق أخرى من العالم، فكانت الأولويّة في الاختيار لمسألة التّنوّع الجغرافيّ السّوريّ، لتشكيل مشهديّة أوسع عن الذّاكرة. ذهب هاجس السّؤال عندي إلى مسؤوليّتنا كأفراد في تكوّن ذاكرة حقيقيّة وفعليّة، مضادّة لتلك الّتي تسعى إلى تبرير الجريمة، ذاكرة قادرة على تثبيت سرديّة موازية تنصف قضيّتنا العادلة، وتُظهر جزءًا من الحقائق ساطعًا وبليغًا. لقد رأيت أنّ أساس البدايات هو التّحديق والبحث في صورتنا المُفترضة كهويّة جمعيّة، وتفكيكها، ومكاشفتها. ببساطة كانت هذه الذّوات الّتي شكّلتها النّساء جزءًا من ذلك البحث المحموم الّذي قادني إلى التّحديق المهول في تلك الهوية. هذا الكتاب هو أحد طرائقي في المقاومة، وجزء من إيماني بدورنا كمثقّفين وكتّاب في تحمّل مسؤوليّتنا الأخلاقيّة والوطنيّة تجاه العدالة وإنصاف الضّحايا، والّتي يتجلّى أهمّ وجوهها في حربنا ضدّ النّسيان.
- Syrian writer - born in Jableh city, 1970 - published her first stories collection in 1999 - wrote many scripts for movies and TV series while working in the Syrian state TV, and she produced and presented the show of "Library Story" in 2008 - worked in Al-Hayat newspaper for 10 years, and published in many Syrian and Arab newspapers - published four novels, and three books - her A Woman in The Crossfire was translated into five languages - co-founded in 2012 "Women NOW" development organization that is concerned with educational and economical empowerment of women and children
"إنتفضنا من أجل الحياة فحصدنا الموت...انتهي حلمنا وسقط كل شئ.."
في سوريا خرجوا من أجل الحرية وكانت النتيجة إبادتهم وتدمير بلادهم.. كانوا بيطالبوا بالكرامة ولكن في سبيلها سفكت دماء شعب بأكمله.. كانوا بيحلموا بالعدالة ولكنهم أصبحوا علي قناعة تامة إن لا وجود لها علي هذه الأرض... ولو لسة عندك أمل إن في حاجة إسمها عدالة بشرية أقرأ الكتاب و بالتأكيد حتغير رأيك!
الكتاب عبارة عن شهادات لسيدات سوريات كتبتها الكاتبة والصحفية السورية سمر يزبك .. سيدات كانوا بيشوفوا الموت كل يوم قدام عينيهم ومع ذلك لم يفقدوا الأمل و كانوا بيحاولوا يعملوا كل اللي يقدروا عليه عشان بلادهم...
كتاب مؤلم جداً..لا ينصح بقراءته مرة واحدة لصعوبة محتواه و لوجود بعض الشهادات المتشابهة أحياناً ولكنه بالتأكيد كتاب مهم .. مهم بس عشان حيخليك تحس بأهل سوريا وتعرف قد ايه هم حقيقي عايشين في مأساة.. ولكنه مهم لك أيضاً عشان حيخليك تحس قد ايه إنت في نعمة كبيرة لو عايش في بلدك آمن ومستقر.. نعمة ساعات كتير مش بنفكر فيها و بنعتقد إنها حاجة عادية ولكنها في الواقع حلم لناس كتير!
"لقد رأي العالم كل شئ ..رأنا ونحن نموت ولم يتحرك احد ..سوف يذكر التاريخ ما فعله العالم بالسوريين و سيبقي وصمة عار في الضمير الإنساني.."
صعب كتابة مراجعة عن هذا الكتاب الموجع، الموجع لنا كقرّاء من العالم العربي، لأننا لم نعاني، ولم نشهد الصراع الدموي بين الفئة الحاكمة والشعب السوري بجميع أطيافهِ، سوى ما بثّته القنوات الإخبارية العالمية ومواقع التواصل الاجتماعي. في هذا الكتاب، تشعر أن الحروف كُتبت بدماء الشهداء والمساجين والمعذّبين والمهجّرين قسريًا. شهادات نازفة لِنساء سوريات من مختلف الأعمار ممن شهدن الحرب وويلاتها، قسوتها وذلّها وعبوديتها على كلِّ من خرج ضدّ الأسد، ونظام حكمه.
==
تقول الكاتبة سمر يزبك: "يضمُّ هذا الكتاب جهد مجموعة حواراتٍ، أجريتُها مع خمس وخمسين امرأة في البلدان الّتي لجأنَ إليها: تركيا، فرنسا، ألمانيا، كندا، لبنان، بريطانيا وهولندا، وكذلك في الداخل السوري. اخترتُ منها تسع عشرة شهادة فقط، بسبب الشّبه المتكرّر في تجارب النساء، والذي يُظهر لنا جزءًا من الجحيم الذي قاومنهُ بشجاعة في سورية، وهو جزء من جحيم تعيشه النساء في العالم العربي، وفي مناطق أخرى من العالم، فكانت الأولويّة في الاختيار لمسألة التّنوّع الجغرافي السوري، لتشكيل مشهديّة أوسع عن الذّاكرة.
إنّ صور علاقاتنا الإنسانية التي شوهتها الحرب كانت تأبى إخراجنا من ثنائية حادة الوجهين، فإما أن نكون امتدادًا لجلّادنا وامتداداته في داعش والمجموعات الجهادية، أو ننحصر في هيئة أشلاء مقطّعة، ومجموعات بشرية محطمة ناجية من المجزرة، لكنها عالقة في مرارة العيش والنجاة.
ذهب هاجس السؤال عندي إلى مسؤوليتنا كأفراد في تكوّن ذاكرة حقيقيّة وفعلية، مضادة لتلك التي تسعى إلى تبرير الجريمة، ذاكرة قادرة على تثبيت سردية موازية تنصف قضيتنا العادلة، وتُظهر جزءًا من الحقائق ساطعًا وبليغًا. لقد رأيت أنّ أساس البدايات هو التحديق والبحث في صورتنا المُفترضة كهوية جمعية، وتفكيكها، ومكاشفتها. ببساطة كانت هذه الذّوات التي شكّلتها النساء جزءًا من ذلك البحث المحموم الذي قادني إلى التّحديق المهول في تلك الهوية.
هذا الكتاب هو أحد طرائق في المقاومة، وجزء من إيماني بدورنا كمثقفين وكتّاب في تحمّل مسؤوليتنا الأخلاقية والوطنية تجاه العدالة وإنصاف الضحايا، والتي يتجلّى أهم وجوهها في حربنا ضد النسيان.
سارة من المعضمية، تروي كيف مارس الناشطون الشباب، حتى العلمانيون منهم، أسلوب تشويه السمعة والقتل المعنوي لوأد فاعلية النساء، والحدّ من سلطتهن المعنية بالتأثير والتغيير. كذلك، توضّح كيف أن السلطة الذكورية القمعية لا تتجسّد عند الرجال فقط، بل تتبنّاها أيضًا فئة من النساء اللواتي يتحولن جزءًا من تلك السلطة. بمعنى أن الانحياز هنا ليس جندريًا، ولكن، يتبع السلطة والقوة، وتصبح النساء جزءًا لقمع أُخريات.
ان بعض الذين يناهضون الديكتاتوريات، وهم كثرٌ، لم يتخلصوا بعد من ثقافة تقليدية، أبرز وجوهها إقصاءُ المرأة، والحطُّ من قيمتها، والتعاطي معها بصورة دونية، وككائن قائم بغيره لا بذاته.
هل يستقيم التمرد والتجديد والانخراط في مشروع سياسي جديد، إذا لم يطرأ تغيير جذري على طريقة التفكير نفسها، واعتماد أسس أكثر موضوعية ووضوحًا وأكثر واقعية وملامسة للواقع؟
الشهادات التي تتناول السجن والفضائح التي تُرتكب داخله وصفت بدقة، من أجل تعرية الوجه الحقيقي للجلاد، وقدرته على بلوغ الحدود القصوى في تعذيب المعتقلات بعد تجريدهنّ من كل معنى يحيل إلى الحياة، وجعل حياتهنّ، أو ما تبقى منها، لحظة انتظار للموت”.
اقتباسات
“انتفضْنا من أجل الحياة، فحصدنا الموت”.
“مع كل مجزرة جديدة، أفقد شيئًا منّي، أموتُ، ثمّ أحيا”.
“كان من ضمن مهمّاتي تصوير اللحظات الأولى من المجازر. أنا الآن نادمة، لأنني صوّرت تلك الأشلاء البشرية كلها. أشعر بأنني ساهمتُ في أن تكون صورتنا مُستهلكة، واعتديتُ على خصوصية الضحايا. أردتُ أن يعرف العالم ما حصل، لأنّ نظام الأسد والإعلام لم يكونا ينقلان الحقيقة، لكن هذا لم يُجدي نفعًا. لقد رأي العالم كل شيء، رآنا ونحن نموت، ولم يتحرّك أحد”
“سألتُ نفسي: هل يستحقُّ ما خرجنا للمطالبة به هذا الموت كلّه؟ انتفضنا من أجل الحياة، فحصدنا الموت”.
“دخل المفتشون الأمميون المعضمية لأخذِ عيّنات وإثباتات أن هناك سلاحًا كيماويًا استُخدم ضدّ المدنيين. كنتُ غاضبة، وبالكاد استعدتُ نظري الضعيف، لم أكن مهتمة بما يريدونه. دخلوا ببساطة إلينا، كنّا نموت من الجوع وتحت القصف الكيماوي، دخلوا علينا كأنّنا فئران تجارب، كنتُ أشعر بالقهر والغضب من الذين كانوا كلهم يتفرجون على موتنا وكاننا لا شيء. لم أتحدّث إليهم، كان شيء في دخولهم أسوأ أخلاقيًا من المجزرة. لقد أقرّوا بأننا كائنات جاهزة للقتل”.
“السؤال الذي يؤرقني ليلًا نهارًا، ولم أعرف له إجابة، هو هل كانت المطالبة بالحرية والكرامة تستحق هذه الدماء التي سُكبت وهذا الموت كله؟ ما هذه الكرامة؟ وما هذه الحرية أمام هذا العنف الوحشي؟”.
“كُثر من الرجال قاتلوا للحصول على السلطة والمركز الاجتماعي، وليس من أجل محاربة الأسد. كان هناك لصوص فعلوا أسوأ بكثير مما فعل الجيش النظامي، سرقوا ونهبوا وضربوا وقتلوا الناس”.
“إنني على قناعة تامة، بأنه لا توجد عدالة بشرية، كل ما طالبنا به قليل من الكرامة والحرية والعدالة، وكانت النتيجة إبادتنا وتدمير بلدنا”.
“أنا امرأة عشتُ الحرمان الجسدي والنفسي جميعها، كما عشتُ أقلّ بكثير، ولكن، بكثافة، أقصى الحبّ والتضامن والغيرية، فاجأتني الحياة مرارًا بيد حانية امتدّت لي من جهة لم أتوقعها، وغالبًا ما صفعتني بأيدي خُدعتُ بحرير لمساتها، الأمر الذي علّمني أن أتواضع فكريًا ومعرفيًا، إذ إنّ وعيي ليس كاملاً، ولن يكون. وبالتالي التعميم في الأحكام وتنميط البشر وحشرهم في قوالب، عدا عن كونها غير مجدية معرفيًا ولا واقعيًا، فهي مولّدة الكراهية لاستعداء الآخر، للشرّ بتجلياته القاتلة كلها. لا يمكن كسرُ الشرّ بالشرِّ، كما لا يمكن كسرُهُ بالخيرِ أيضًا. أجد أنّ فكرة كسرَ الشرَّ وإنهائه فكرة طفليّة”.
“الأسد لم يقل أي كلام جدّي في خطاباته، ولم يتصرّف كرئيس، شعرتُ بأنّه إمّا أن يكون منفصلًا عن الواقع، أو أنه لا يريد الاعتراف بالحقيقة، لأنه ماض في خطّة تخصّه، ويرتاح لها، ونحن فعلًا كنّا آخر من يفكّر فيهم، أو مجرّد وسائل مساعدة لتحقيق أهدافه. كان الناس يموتون وهو يضحك، لقد سقط نهائيًا في التاريخ، حتى لو بقي على رأس الحكم”.
“كنتُ على حافة الانهيار والجنون. أجد نفسي في دائرة مُفرغة، ومقاومتي انهارت. لا أعرف حتى ما إذا كنت لا أزال امرأة أم شيئًا آخر. لا أشعر بشيء. لا الغضب ولا الحب ولا الكراهية ولا الفرح، ولا رغبة لديَّ في أي شيء! هذه الكراهية تقتلني!".
“لقد هُزمنا، ومطالبنا بالحرية والكرامة انتهت إلى العبودية والذل. انتهى حُلمنا. وسقط كلّ شيء”.
“اتضح أنهم لا يريدون أي وجود فعلي للنساء في قيادة أي تجمع، إلا على طريقتهم. هذا الأمر لم تفعله الكتائب فقط، بل فعله الرجال من سلفيين وإخوانيين وعلمانيين؛.
“لم نكن جاهزين للثورة، كان يجب أن نقوم بتغييرات اجتماعية كثيرة، فالثورة أكلت أبناءَها، والذين خرجوا ضدّ الأسد، صاروا أشباهه”.
المفهوم الحديث للثورة، بحسب حنّة أرندت، يرتبط" ارتباطاً لا انفصام له بالفكرة التي تقول إن مسار التاريخ قد بدأ من جديد فجأة ، وبأن قصة جديدة تماماً، قصة لم ترو سابقاً ولم تعرف قط، هي على وشك أن تظهر." —من كتاب في الثورة ل حنة آرندت-ترجمة عطا عبدالوهاب، ومراجعة رامز بورسلان.
هنا سمر يزبك تروي التاريخ كما عاشته النساء. التراجيديا السورية في أوج ظلامها ! تصف يزيك كتابها قائلة: "هو أحد طرائقي فى المقاومة، وجزء من إيمانى بدورنا كمثقّفين وكتّاب فى تحمّل مسئوليتنا الأخلاقية والوطنية تجاه العدالة وإنصاف الضحايا. والتي يتجلى أهم وجوهها في حربنا ضد النسيان ."
اتبعت النزعة التسجيلية أو الوثائقية في السرد كوظيفة ابلاغية عن شواهد وقضايا واقعية، ووقائع تاريخية .
كلمة موجع، مؤلم، لا تصف المرارة التي اكتوت بها النساء .
مقتطفات من الكتاب :
"قليلاً ما أنام فقدت ثقتي في المعتقدات والعدالة كلها. تراودني الكوابيس في نومي. لا يزال السجن في داخلي. لا أطيق الحياة في غرفتي، وأدور حول نفسي، وأظن أنني في السجن. أفضل البقاء وحدي، فالوحدة لا تخسرني المزيد. أجيد اللغة الانكليزية، وعندي مؤهلات علمية، لكنني محطمة. لن أنسى ما حييت مشهد الشباب الممزقين وهم يتساقطون فوقي عراة شبه موتى، ولا أستطيع التنفس من الخوف . لن أنسى أنني لم أستطع النوم، لأن التحقيق كان كل ساعة. …………………………………… قبل خروجي من سورية كنت في حي " الرّمل الشماليّ" أزور إحدى العائلات النا��حة، مع أحد شيوخ الجوامع. كان الأطفال الصغار بين عشر واثنتي عشر سنة في الشارع ، يرددون أغنية بصوت عالٍ، وهم يضحكون: "بدنا نبيد العلوية" . اعتذر الشيخ محرجاً. فأجبته بجملة واحدة : لا تعتذر، ياشيخ. اعمل عملك معهم، هذا دورك بانتزاع السموم من صدورهم، أنا أؤدي عملي، وعملك أنت مع هؤلاء الصغار! كنت على حافة الانهيار والجنون، أجد نفسي في دائرة مفرغة، ومقاومتي انهارت، كنت أعيش خائفة من الاعتقال. لا أعرف ما إذا كنت سأعود الآن. لا أعرف حتى ما إذا كنت لا أزال امرأة أم شيئاً آخر. لا أشعر بشيء. لا الغضب ولا الحب ولا الكراهية ولا الفرح، ولا رغبة لدي، في أي شيء! هذه الكراهية قتلتني! ……………………………………… بعد هذه المجزرة، فقدت قدرتي على التحكم بكمية الطعام التي أتناولها، وأصبت باضطرابات هضمية. كانت اللحظة التي رأيت فيها طلابي قتلى ومبتوري الأطراف لحظة حاسمة . لقد فقدت نفسي، كنا نموت فقط، كل ما نفعله أننا كنا نموت، وكنت أموت معهم، ثم أعيش، ثم أموت وأعيش، كان الجنود يعرفون أن هناك طلاباً في المدرسة التي قصفوها، وصل عدد الشهداء ذلك اليوم إلى ثمانية وأربعين، وكان لدينا ثلاث حالات بتر أقدام، وخمس حالات لأطفال مفتوحي البطون، وخلال ساعتين من القصف المتواصل، أحرقوا "دوما" . يقولون إنهم يقضون على الإرهاب و " داعش" وعلى التطرف الديني، لكنهم يقصفون أطفال المدارس فقط. لقد نجوت من الموت عشرات وعشرات المرات والقذائف دائماً حولي، ودائماً أسأل نفسي لماذا عشت؟ ألأرى هذه الفظاعات كلّها؟ أكثر ما يخيفني الآن هو بعد هذه المآسي كلها أن أضطر إلى الخروج من "دوما "، ويحصل معي كما حصل مع غيري، ونهجّر إلى الشمال السوري، كما حصل مع "داريا" و" حلب" . مازلت أطمح أن أكون مؤثرة في محيطي، لذلك أرفض الخروج."
الاولى مشكلة خاصة به و هو الأسلوب التقريري الصحفي الذي يجعل من قصص النساء ومعاناتهم خالية من العواطف والمشاعر التي قد تحرك أحاسيس القارئ و تدفعه للتعاطف معهم ، فحتى انا الذي قد أكون قد عشت بعض معناتهم والذي يدفعني أن افهمهم أكثر من غيري لم تستطع العديد من الروايات ان تؤثر في قيد أنملة..
الثانية مشكلة عامة تغلب على الادب السوري وتجعله لا يصل إلى العالمية ، وهو أن المثقف والكاتب لا يهتم إلا بنفسه في المقام الاول ، وحتى في مثل هذا الكتاب الذي من المفترض ان يتحدث عن معاناة النساء من خلال منظورهم ، فلقد بدا لي واضحًا دفاع الكاتبة عن أيدولوجيات معينة من خلال مقدمة طويلة تشرح لنا فيها روايات النساء المشروحة اصلا! ، والأثر الواضح التي حاولت ان تتركه على الشهادات بالتركيز عل نقاط معينة!
أهم رواية في هذا الكتاب ، هو رواية حُذامي عدي ، فلقد جاءت لتؤرخ تاريخ بلد كامل عامةً ، حماة خاصةً ، ما حل بها من ويلات ، سرد لتاريخ النضال السياسي و شرح لطبيعة المجتمع السوري المتنوع ، تشرح من خلالها كيفية صعود نظام الأسد الاب وتأثيره على بنية المجتمع السوري ، ثم استلام الاسد الابن من بعده ، ربيع دمشق في بداية الالفية ، صعود البعث لقمة هرم السلطة وكيف تغير مجتمع حماة واصبح متشددًا كشكل فقط لمواجهة حكم العسكر..
" لقد تطورتُ خلال عملي كثيراً، عشتُ الحياة في أقسى الظروف بلا كهرباء، بلا ماء... عشت مع الموت اللحظي. تجربة العمل الاستثنائية مع النساء في الحرب والثورة جعلتني امرأة ناضجة ومرنة اجتماعياً. أنا والنساء هنا لن نترك بلدنا، سوف نستمر في تعليم أطفالنا، وندرب نساء أخريات علي تطوير أنفسهن، علي الرغم من وضعنا الإنساني القاسي، نحن لا نثق في المجتمع الدولي، لأننا نموت منذ سنوات، ولم يتحرك. لدي إيمان بعدالة قضيتنا، سوف يذكر التاريخ ما فعله العالم بالسوريين، سيبقي وصمة عار في الضمير الإنساني، أنا باقية هنا مع أطفالي، سأجعلهم يرددون دائماً أن سورية الواحدة هي بلدهم، واننا شعب واحد بلا طوائف. الناس هنا يكرهون التطرف والسلاح والفوضي، ويريدون استمرار الحياة في بلد، يعيشون فيه، لهم حقوق، وعليهم واجبات متساوية. زرعت أمي في نفسي هذه القيم جميعها، أدين لها بجميع ما أحمل من قيم إيجابية، أنا فخورة بها، وفخورة بنساء بلدي كلهن اللواتي يشبهنها. "
في الحقيقة من الصعب جداً كتابة مراجعة عن هذا الكتاب الكابوسي بكل ما تحمله الكلمة من معنى. "سمر يزبك" في هذا الكتاب تكتب وتوثق حياة تسعة عشرة امرأة سوريات يرون الظروف الصعبة والقاسية التي عاصروها أثناء الحرب السورية. تسعة عشرة امرأة يروّن وقائع الحرب والخراب والفقد والآلم، نساء يعملنا في مجال الآغاثه،التعليم،الاعلام،الطب،السياسية،التنمية. نساء من أماكن مختلفة ومناطق مختلفة فى عاداتها وتقاليدها وأفكارها الدينية، لتحكي لنا الواقع السوري المؤلم الذي عاصروا المجتمع السوري بكل أنواعه وأشكاله. هذا الكتاب يوثق الوضع الأجتماعي السوري والنظره الجندريه التي مارست أتحاه المرأة السورية من طوائف مختلفة تحت مسميات الدين والسياسية والتقاليد. تحدثت أيضاً القصص عن الفظائع التي حدثت داخل السجون السورية، من تعذيب وأنتهاك للحقوق الآدمية والأنسانية، عن الجلاد الذي يتحكم بمصائر سجينه يعذبه ويحطمه بكل الطرق المتاحة ليفتتات أرادته وكيانه لدفعه للرضوخ له والتحكم بمصيره. عن الجمعات الدينية التي حاولت السيطرة على الوضع هناك. عن الجحيم الذي عاصروا السوريين تحت نظام الأسد المستبد وخاصة النساء. هذا الكتاب يحكي الواقع السوري والثورة السورية دون زيف أو كذب، يحكيها كما حدثت في أرض الواقع وليس كما صوراها الأعلام. كتاب مؤلم جداً وقاسي جداً 💔
"قال ما اسمك ؟ قلت مريم. فصفعني بعنف أكثر و قال : اسمك أميرة خليف . فصمت ، فعاد قال اسمك : فقلت أميرة . أضاف كنيتك ؟ صمتّ فضربني بشكل أعنف ، فصمتّ ، و لم أرد ، فضربني أكثر بشكل عنيف ، و لطمني ، و لبطني ، فتراجعت السجينات مذعورات . قلت له : قل لي من أنا ؟ فقال أنت أميرة خليف ، فقلت له : أنا أميرة خليف ، قال برافو ! من الآن فصاعدا ، أنت أميرة خليف ، مريم ماتت . منذ تلك اللحظة ، لم يعد يناديني إلا أميرة ، و كلما كان يناديني أميرة ، كنت أقول لنفسي : لا تنسي ! أنت مريم ... أنت مريم ... أنت مريم !"
هذا الكتاب ذكرني بكتاب ليس للحرب وجه أنثوي ورغم أختلاف المكان والوضع والوقت والظروف بين سوريا وروسيا ألا أنهم تجمعهم بشاعة حرب واحده والحروب بشعة جداً 💔
الشي الوحيد يلي بقدر أحكيه كوني انتهيت من قراءة هالعمل، إني نفسي أشتري نُسخ من هالكتاب وأوزعه على كل حدا خلال السنين الجاية أو أعير نسختي لأكبر قدر ممكن من معارفي..
عمل مهم جدا. بدأت قراءته بتاريخ ١٨\٥ وانتهيت اليوم بتاريخ ٢٥/٦ ومع إنو وقت طويل نسبة إلى عدد الصفحات وقراءتي المُعتادة إلا إنو حسيت الوقت قليل جدا بحقه، ورغم إحساسي إنو قليل إلا إنو كان وقت ثقيل وأبدي.
على أمل بلقاء قريب بأعمال أخرى لسمر -وتحديدا بقية أعمال هالسلسلة يلي هاد الكتاب كان العمل الثالث منها-، سمر يزبك يلي مشروعها كثير يُقدّر، مشروعها لتوثيق الذاكرة السورية والحرب ضد النسيان بالطريقة يلي قدرت عليها، بالكتابة.. 🌿
حسنًا مشاعري متناقضة تجاه هذا الكتاب، "تسع عشرة امرأة" كتاب يروي قصص نساء سوريات أثناء الثورة ومعاناتهن المضاعفة كونهن نساء. في مقدمة الكتاب ذكرت الكاتبة أنها اختارت القصص لتكون لنساء ذوات توجهات مختلفة ومن مناطق سوريّة مختلفة ولكن أغلب القصص كانت ليساريات واشتراكيات! شعرت وكأن الكتاب يهاجم الدين و الحجاب إذ تقول إحدى الراويات: •"أنا ضد الحجاب والعادات والتقاليد والمعتقدات الدينية، وأخطط للعيش حرة مستقلة، كنا وأنا وغيري من نساء كثيرات خرجنا من أجل حلمنا هذا." هل من أجل هذا خرجنا للثورة حقًا! هل هذا هو مفهوم الحرية لدى كثيرين للآن؟ يا للأسف. وتقول إحداهن: •"كنت مصرة على ألا يستخدموا الشعارات الدينية، ألا يقولوا عن قتلى النظام (فطايس)." هل كلمة فطايس هي شعار ديني؟ حقا لا أفهم. وأخرى: •" أنا ملتزمة بديني ولكني خلعت الحجاب مرتين أريد العيش بحرية!" وجمل كثيرة تحمل في طياتها هجوما واتهاما للدين والحجاب. نعم لقد دخلت سورية جماعات متطرفة شوهت اسم الدين والإسلام ولكن إلى الآن لم نعي حقيقة الأمور. لا أنكر أهمية الكتاب وما يحمل بداخله من حقائق ومعلومات عن الثورة لم أكن أعلم عنها شيئًا ويكشف وحشية الأسد وأعوانه ولكن من وجهة نظري يجب قراءته بحذر! لن أتحدث عن آلام الرّاويات وأوجاعهن وعن الضغط الذي عانينَ منه كونهن نساء فحجم الظلم والقهر أكبر من أن يُسطّر وأنا أصغر من أن أكتب عن آلام لم أعش ذرة منها. سأكتفي برواية إحداهن بعد خروجها من سجن الأسد علّها تشرح كل شيء: "قليلا ما أنام فقدت ثقتي في المعتقدات والعدالة كلها. تراودني الكوابيس في نومي. لا يزال السجن في داخلي. لا أطيق الحياة في غرفتي، وأدور حول نفسي وأظن أنني في السجن إلى ��لآن،أفضل البقاء وحدي، فالوحدة لا تخسرني المزيد."
في كتاب تسع عشرة امرأة، تروي السوريات الأزمة وتطلعنا على فاتورة الحرب الباهضة التي دفعت ثمنها النساء والأبرياء بصفة عامة. السوداوية، الألم، التقتيل، التشريد، التهجير، الذبح، الفتاوى، التكفير، الطائفية، الخراب، الجهل، التعصب... والكثير من الأرواح أزهقت حين رُفعت لافتات مثل "سورية حرة ديموقراطية" الملفت فيما روته السوريات أن كل من النظام والكتائب المسلحة مثل جبهة النصرة وداعش كلها تفننت في تدمير سورية وتقتيل شعبها.
كتاب مؤلم يتحدث عن معاناة الشعب السوري لا كما صورها الإعلام ولكن كما حدثت في الواقع. هنا تتحدث العديد من النساء عن الذي حصل لهم من سجن واغتصاب وقتل أفراد العائلة وإجبارهم على الإعتراف على مالم يقمن به. هنا تتحدث النساء عن الثورة وما بفعلته داعش من اتجاه والجيش من الإتجاه الآخر بهم. هنا كلام كتب بالدم ويُقرأ بالأسى والدمع ليس فقط على الشعب السوري ولكن على الوطن العربي بأكمله فاللهم ارحم المستضعفين في كل مكان.
"الثورة أكلت أبناءها" هكذا قالت إحدى المناضلات اللواتي تحدّثن في هذا الكتاب. وأرى أنه فعلا كذلك. أقرأ.. كما قرأت سابقا عن الثورة السورية- وأتساءل طيلة رحلتي مع هذه الشهادات الموجعة: أي شيء في العالم مهما كان ثمنه يستحق كل هذا القتل والدم والوحشية؟!
ربّاه.. شهادات مفزعة، تالله لكأنني أشاهد فيلم رعب دموي.. لم أتخيل للحظة أن هذا ممكن الحصول في الواقع.
شعب ثار على الظلم والكبت والاستبداد ليجد نفسه بين مطرقة أبشع نظام سلطة، وسندان أكثر الجماعات الإرهابية توحّشا وتعطّشا للدم.
أنا، وأنا مجرد قارئة، من بعيد شعرت مع كل وصف أن أحشائي تُمزّق -بلا مبالغة- فكيف بما عاشوه هم واقعا. ....
في مقدمة هذا الكتاب تحكي سمر يزبك أنها كتبت شهادات من حوالي خمسة وخمسين امرأة ولكن المُدون في الكتاب فقط روايات تسع عشرة امرأة سوريّة. حاولت سمر أن تنوع الجغرافيا في سوريا فالقصص متنوعة جغرافيًا ما بين دير الزور ودمشق وريف دمشق وحمص وحلب، كما حاولت أن تنوع الأعمار فالأعمار تبدأ من عشرين إلى سبعة وسبعين عامًا. ثم تخبرنا بأنها بدأت بالعمل على أسلوبهم القصصي بأسلوبها الراوئي الخاص ولكنها امتنعت عن فعل ذلك فيما بعد مكتفيةً بتسجيل شهاداتهم ونبضهم الحقيقي لحكايتهم وهن ينقلن قصصهم. تحكي عن مساهمات هولاء النساء وما تعرضن له خلال فترة الثورة بشكل خاص. تحكي معظم الرَاويات عن بُعدين للظلم: الأول؛ ظلم النظام العام الواقع على كل السوريين. أما التاني؛ فهو ظلم المجتمع للمرأة -خصوصًا بعد التحولات التي طرأت على الثورة والأسلمة والتسلح- فظهرت الحالات الإسلامية التي تُقصي المرأة وتُهمشها ولا تسمح لها بأي دور، إضافةً لوجود شهادات لنساء سياسيات ومعظمهن بأسمائهم الحقيقة، أمثال المُعتقلة السياسية السابقة والكاتبة حاليًا: ضحى عاشور؛ والتي اُعتقلت لسنوات في سجون النظام السوري. تحكي ناشطات مَدنيات أخريات فتتحدث إحدهن عن داعش وكيف سيطرت داعش على الرقة وتم عن طريقهم إقصاء النساء كما لو إنه كان دور مُخصص لديهم.
للمرأة دائمًا معاناتها الخاصة في الحرب. لم يقدم هولاء النساء أنفسهن في هذا الكتاب لا بصفتهم ضحايا ولا بصفتهم مُناضلات. كل الحكايات تقريبًا كانت تنتهي بنفس العبارات وهي أن الهدف هو جعل سوريّة حرة ديمقراطية خالية من الطائفية فلم كل هذا الخراب والدمار والذُل والتشريد والتعذيب والقتل!؟
الكتاب مُؤلم، قاسي، وحقيقي. وتجربة القراءة الوثائقية عن الحرب تجربة عميقة ومُؤثرة وصعب نسيانها فكل ما يفعله الأشخاص أنهم فقط يموتون.
دار المتوسط من دور النشر المفضلة عندي بحب اللوجو بتاعهم واغلفتهم وإصداراتهم كلها .. فده كان سبب اني اتشجع واقرا العمل ده .. اقدر اقول ان ده اكتر عمل بائس اقراه السنة دي زي ماباين من العنوان فهو بيحكي عن حوارات وحكايات من 19 امرأة لاجئة وتجربتهم عن اللي بيحصل في سوريا .. انك تعدي ع اللي بيحصل في سوريا من نشرة الاخبار يختلف تماما وكليا انك تقراه او تسمعه من شخص عاش التجربة بكل تفاصيلها .. حقيقي انا كنت هابكي اكتر من مرة وانا بقرأ .. فهمت اكتر اوجه الصراع اللي بتحصل في سوريا دلوقتي وسبحان الله ما اوجه الشبه بينها وبين اللي حصل ف الاندلس زمان .. حقيقي التاريخ بيعيد نفسه وياريتنا بنتعلم .. مخيف فعلا قدر انعدام الانسانية اللي ممكن البشر يوصلوله رواية او مجموعة قصصية غاية في الالم والبؤس .. 5 نجوم ⭐⭐⭐⭐⭐
تأخرت كثيرا في أن اطلع على عمل لسمر يزبك! مصافحتي الأولى لنساء يروين سيرة الحرب والثورة والحزن بلغة جريئة وشجاعة وباعثة على التعاطف الشديد. برعت سمر في رصد الواقع عبر شاهدات الألم ممن دفعن ثمن الحرية وأي ثمن! سمر كانت ذكية في اختيار الساردات من الطبقة الوسطى، ذوات التعليم الجامعي في الغالب، وبتنوع مناطقي ومذهبي. تعددت التجارب العميقة في مجملها، مفسحة المجال للقارئ أن يجد نفسه للحظات داخل أطار المعاناة. انها الحياة في أقسى درجاتها، أن تهرب من قذيفة وتنتشل جثة صديقك ولا تجد ما تأكله لأيام! أن تركض مخلفا وراءك كل ما تملك دون أن تضمن الحياة ليوم آخر. كم أنت كاتبة شجاعة يا سمر! هذا كتاب يختصر كثيرا مما قيل وسيقال عن الثورة السورية.
لا أمل ! مزقت الطائفية سوريا ..و مزقها الأمل. ربما لو كان اليأس هو سيد الموقف لربما مرت الحياة ولكن أي حياة من دون أمل ؟ لقد قام النظام الوحشي بتجريم الأمل و الحلم حتى .. ثم بدأ الثورة التي تحولت إلى حرب أهلية. لا أستطيع ان أدعي أنني أفهم الوضع في سوريا كي أحكم بشكل دقيق على الصحة التاريخية للأحداث الواردة .. و لكنني أرى المرأة مقهورة في كل الحكايا. تعددت الؤى و اختلفت الاحلام و الافكار و الاماكن ولكن القهر ذاته ما أصعب أن تشعر المرأة بانها في قلب الصراع نفسه تحتاج إلى صراع آخر فقط لأنها امرأة فهذا بحد ذاته يخلق مشكلة أخرى على المرأة أن تتعامل معها لا أدري حقيقة ماذا أقول .. كتاب مؤلم و قاس جدا
الى متى سيقتل بعضنا بعض، ولماذا؟ الألم لا يقييم بالنجوم.
الحرب هى الحرب، والمعاناة واحده. الصراعات السياسية ووجها الأنثوى هو الابشع على الإطلاق، ليس لأن للنساء ذاكرة حاضرة تخزن كل تفاصيل المجازر والنزاعات، وليس لأن معاناة المرأة أفظع بسبب بيولوجية تكوينها، لكن لقدرة المرأة على تخطى كل هذا والصبر للأمام، على قدرتهم على رفع أصواتهم، على حساسيتهم تجاه الظلم والموت والقمع. بكيت كثيرا، القصص مختلفة لكن المعاناة واحده. وكلما قرأت لا يدور في ذهني غير ما الهدف لعين وراء كل هذا الخراب!
كتاب موجع جداً، يروي تجربة مجموعة من النساء السوريات مع الثورة والظلم والانتهاكات التي تعرضن لها سواء من قبل النظام أو التيارات الإسلامية المتشددة التي ظهرت.. روايات مؤلمة جداً وتدمي القلب..!!
إن انتقادي هنا ليس للتقليل من أهمية قصص السيدات في الكتاب أو للتشكيك في نية السيدة يزبك التي احترمها واحترم عملها الثوري بشدة. انتقادي هنا للإسلوب؛ إن اسلوبا ضعيفا لن يكون قادرا على ايصال صوت المضطهدين لكافة الشعوب والامم، والناس اولا واخيرا يجذبهم الاسلوب الذي يجعلهم قادرين على التماهي مع الشخصيات وليس لأنهم سمعوا عن الثورة، إن سمعوا، ويريدون القراءة عنها. إن الاسلوب في هذا الكتاب جاف وخالي من الاحساس او غير قادر على نقل احساس المتحدثات وهو أشبه باسلوب تقريري كانه ينقل بعد الأخبار أو كانه ضبط شرطة لحادثة ما. فحتى القارئ المهتم بالموضوع ويرغب في القرائة عنه عن سابق تصميم سيجد صعوبة في اتمامه ويضيع في كثر التواريخ والانتقالات المتلاحقة والسريعة بين الاخبار. إن عدم نقل هكذا قصص بطريقة عميقة هو خذلان لأولئك الذين عاشوا هكذا تجارب ومشاعرهم، مع الأسف.
قرأت مرة اقتباس لجبرا إبراهيم جبرا يقول فيه: "كنت أرى الناس جميلين، و أشعر بقسوة العالم عليهم، و هم يقاومون على مهل ولا يرضخون." أنا أيضًا يؤلمني تكيف الإنسان رغمًا عنه مع كل هذه الظروف الغير قابلة للعيش، و مع هذا الموت اليومي: "كيف سأعيش مع هذه الجرائم كلها حولي." أعرف الكتب الجيدة من السيئة من خلال ما يدفعني للكتابة، تدفعني الكتب الجيدة للكتابة دومًا. أحببته لسببين, الأول، لأن الكتب التي تنقل صوت سوريا قليلة، و هذا الكتاب نقل لي بعض هذه الأصوات و الثاني لأنها نقلت روايات النساء و هذه لفتة جميلة إذ إن أصواتهن كانت تُخرس. في النهاية، أريد أن أضع هذا الاقتباس من الكتاب: "كنت أشعر بالقهر و الغضب من الذين كانوا كلهم يتفرجون على موتنا كأننا لا شيء، لم أتحدث إليهم، كان شيء ما في دخولهم أسوأ أخلاقيًا من المجزرة، لقد أقروا بأننا مجرد كائنات جاهزة للقتل."
تسع عشرة امرأة سورية يروين تجاربهن خلال السنوات الماضية منذ 2011 وحتى 2017 بعضهن كتبن بأسمائهن الحقيقية وأخريات كتبن بأسماء مستعارة لاعتبارات أمنية ، يروين تفاصيل عشنها من عيش تحت الحصار والقصف و اعتقال وتعذيب وتحرش ونفي سواء على أيدي قوات النظام أو الفصائل المسلحة ، كتاب كثيف مليء بالألم وما هو مؤلم أكثر خلوه من أي أمل ... ما ينقص الكتاب هو ما أشارت إليه الكاتبة في متن الكتاب هو مقابلات أو لقاءات مع أولئك النسوة الفقيرات المعدمات اللواتي أصبحن في المخيمات وفي المنافي البعيدة و فالسيدات اللواتي يروين تجاربهن معظمهن ينتمي للطبقة المتوسطة . كتاب توثيقي ينصح بقراءته اليوم وفي المستقبل، يجب أن نقراءه يوماً ما لأطفالنا لنروي لهم كيف بدأت الحكاية وكيف آلت لما آلت إليه اليوم
الحرب لا ترحم أحد ، وبخاصة النساء!! كتاب ترويه الناجيات (نوعًا ما) ، لان الضرر النفسي دائم لا محالة..
الكتاب في رأيي يعرض ما تعرضت له بعض النساء السوريات ولكن من وجهة نظر واحدة فقط والتي أعتقد وبشدة أنها وجهة نظر الكاتبة .. القصص متشابهة ، والراويات يتبنون نفس القضية تقريبًا! لا يوجد تنوع ، لقد أردت أن أتعرف على الناجيات السوريات وعن القضايا التي شغلتهم اثناء الحرب ولكن للأسف الكتاب يتبنى جانب واحد فقط ..
" كنا نموت فقط، كل ما نفعله أنّنا كنا نموت". تسع عشرة امرأة تروي، تسع عشرة حكاية مختلفة بلسان نساء أبطالها هم شعب بالكامل، تمزق ودُمِر ولوث فكريًا وأخلاقيًا، لأنه فقط أراد دولة حُرة، ديموقراطية. تكشف حكايات النساء الأسلوب الذي اتبعه نظام الأسد لتفتيت الثورة، وقتلها من داخلها، من إذاعة الفتنة الطائفية بين فئات عمل النظام سنوات على تخويفهم من بعض وابعادهم التام عن بعض، فتشكلت صورة كل طائفة في عين الأخرى ككائن خرافي شرير متأهب لقتلها طوال الوقت. تقول احدى الراويّات أن والدتها حضرت مذبحة حماة في حكم حافظ الأسد عام ١٩٨٢، وأنها تعلم تمامًا أن أسرة الأسد لن تترك الحكم إلا إذا احرقت البلاد وحوّلتها لدمار وخراب تام. هكذا تُصنَع الذاكرة الجماعية في ظل الديكتاتورية والظلم والفساد المُخيم على الدولة، تُصبِح ملك خاص، ويتحول الحاكم لوحش مجنون يلتهم كل من يقترب من ملكه ويحكم قبضة يده في الوقت العادي حتى لا يسمح بحدوث أي محاولة لزحزحة سطوته. لا تقتصر الحكايات على فضح الوضع السياسي السوري فقط، بل تشمل الوضع الاجتماعي لكل الشعب باختلاف طوائفه، وخصوصًا وضع النساء، او كيف ينظر الرجال للنساء وكيف تنظر النساء لأنفسهن. الكتاب مؤلم وقاسي، وحقيقيّ، يضع يده على جرح ما زال ينزف، وربما لن يتوقف طويلًا. كل الحكايات تنتهي بأن الهدف كان سوريّة حرة ديموقراطية، وغير طائفيّة، وكان الحصاد خراب ودمار وذُل ونزوح وتشريد وقتل للأطفال والنساء والرجال، ونفسيات لن تتعافى حتى الموت. تجربة القراءة عن الحرب تجربة عميقة، مؤثرة، لا تنسى سريعًا، تكشف كيف يكون الإنسان وهو عارٍ وينتظر الموت كل لحظة، وجائع وخائف ولا أمل له في شيء.
في كل مرة كنت أقلب صفحة أحدى الراويات وروايتها كنتُ اسأل نفسي لو كنت مكان أحداهنّ وقابلتني كاتبة الكتاب وكان لي قصة نضال، هل كانت ستنشر قصتي أيضًا؟ أم أن حجابي "شبه الكامل" الذي أرتديه بإرادتي وليس بحكم العادات، وعدم دفاعي عن "سُفوري" كما تفعل الراويات هنا، ومطاوعتي لبعض "الذكور" من عائلتي مثل أبي وأخي وشعوري بالأمان معهم كان سيُنقِصُ دوري بالنضال وتُعتبر قصتي ناقضة لأيديولوجية الكتاب حيث أنها يجب أن تحوي بعض أو كل ما مضى حتى تُذكر في كتاب المفترض أنه يروي "قصص نساء مختلفات"؟
وأنا طبعًا لستُ انتقد فكر أو تصرفات أيٍّ منهن هنا، ولا أقلل من نضالهنّ وتمنيت حقًا لو أنني استطيع السماع منهن مباشرة حتى دون اسئلة، ولكن تعجبت من أن جميعهن يشتركن بكل ما سبق أو بعضه برغم أنني أعرف الكثير من المجتمعات السورية الخالية من كل ما سبق لكن لم تُذكر قصة تشبه أحداهن حتى لو من باب التنوع الموجود بالمجتمع!! ناهيك عن قصص نضال الأمهات "بمعنى الأمومة" والتي أيضا لم ترد في الكتاب إلا في رواية واحدة تقريبا وكأن نضال الأمومة شيء هامشي او حتى لا يعتبر نضالًا
كنت متحمسة للكتاب جدًا ولأن أخرج منه ببعض ملامح التنوع والاختلاف في المجتمع السوري وتأثيره في الثورة ولا أنكر أنني حصلت ع جزء منه، لكن التركيز ع فئة معينة كان مستفزًا.. وصدقًا أشعر بالحزن ع هذا التحيّز في ظل كل هذه الآلام والظروف الصعبة !!
وعموما اعتقد أن مخالطتي هنا في بلدي لبعض النساء السوريات اللواتي أتينَّ من مجتمعات متنوعة فعلًا وسماع بعض روايتهنّ بكامل حريتهنّ بالكلام وباستيعاب كل أحاسيسهن ودون تقيدهنّ بأسئلة معينة، أضاف لي أكثر بكثير من الكتاب الذي يبدو أنه اختار الراويات تبعًا لايديولوجية محددة..
. . على حساب من تنتهي الحروب وتُخمد الثورات ؟ إذا لم تكن النساء تحديدا أول من يدفع ثمن كل هذه البشاعة فمن عساه يتولى سداد هذه الفواتير؟ مات الإحساس في قلبي، لم تعد قراءة قصص المعاناة تؤثر به من فرط انتشارها ومن شدة التعود عليها! لماذا أصبح هذا العالم بشع جدًا إلى هذا الحد… لا تخمد نار حتى تشتعل أخرى ولا تنتهي مأساة قبل أن تتأكد من أن أختها جاءت بعدها! في هذا الكتاب صدى صوت السوريات ضحايا الحروب والثورات، على مدى أعوام ولايزال هذا المسلسل مستمر ربما بصور مختلفة.
ماذا بعد القراءة ؟ وحدها حناجر المهزومين والمقهورين صادقة برواية التاريخ.