"ﻇﻠﺖ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻣﻦ ﻣﺸﻜﻼﺕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻭﺍﻟﺤﻜﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ : ﺃﻧﻬﺎ ﻻﺗﻌﻄﻲ ﺃﻫﻤﻴﺔ ﻟﻠﺪﺭﺍﺳﺔ ﻭﺍﻟﺒﺤﺚ ﻭﺍﻟﻔﻜﺮ ﻳﺼﺪﻕ ﺫﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻪ ﺍﻟﺨﺼﻮﺹ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻜﻮﻥ ﻟﻠﻈﻮﺍﻫﺮ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺃﺑﻌﺎﺩﺍً ﺩﻳﻨﻴﺔ" يتحدث الكتاب في الفصل الأول عن النظم المعرفية الإرشادية وتفاعلها مع المجتمعات وكيف أنها تتأثر وتؤثر في المجتمعات بصورة متبادلة ثم يتابع السرد بأن الحضارة الإسلامية قد انتهت إلى ٣ أنواع من الأنظمة الإرشادية: السلفي، والشيعي، والصوفي كيف أن النظام السلفي هو نظام لاحق للنظام المعرفي الذي تأسس على عهد النبوة - بالنظام السلفي لا يعني الكاتب السلفية المعروفة - وأنه نظام لاحق تم تبنيه نتيجة للظروف السياسية اللاحقة والتهديدات الدينية المحتملة ما أدى لأثر عكسي بتجميد العملية الفكرية ما أدى لتراجع مستمر انتهى إلى ركود الحضارة الإسلامية وركوسها إلى التخلف.
يظهر بصورة واضحة تأثر الكاتب بالمشروع "الأركوني" لتاريخية النصوص حيث يحاول التأسيس ل"علمانية إسلامية" متحركا من داخل النص ومستشهدا ببعض آيات القرآن واجتهادات الصحابة كعمر بن الخطاب بشكل أساسي، حيث يعتبر أن منهج القرآن "منهج الكتاب والحكمة" يتكون من الكتاب الذي هو التشريعات والأحكام المختلفة بينما الحكمة هي غايات تلك الأحكام ومقاصدها متحدثا عن تاريخية الأحكام والنصوص ووجوب التركيز على الغايات بل واستبدال الأحكام بأخرى قد تكون أفضل في الإيصال للغايات.
وبرغم التحليلات واللفتات الجيدة إلا أن الكتاب غفل عن بعض الأسئلة المهمة ..
أولها أن عملية تقسيمه للنصوص إنما هي عبارة عن استقراءات خاصة للنصوص قائمة من بعد إثبات تاريخية النص لا العكس ثانيها أن الغايات التي يشير إليها الكاتب في كثير منها وقابلة لعدد واسع وكبير من التفسيرات والتأويلات وتتباين بتباين طرق الاستقراء وجوانبه ثالثها يورد الكاتب "ومع خضوع الأحكام للتغيير والتطور، باتجاه الحكمة والغايات الثابتة، إلا أن ثبات الحكمة أو الغايات هو ثبات نسبي أيضا .... فهي تكتسب على الدوام مكونات إضافية أو مضامين جديدة "
وبتبني هذه النظرة التاريخية الكاملة يصعد تساؤل آخر إلى السطح عن الحاجة للنص الديني أساسا .. بحيث يتحول النص إلى مجرد حكايا غير مؤثرة بمضامين هلامية كانت مؤثرة بغاياتها وأحكامها في زمان سابق وتم استبدالها بغايات جديدة ووسائل جديدة لتحقيقها إلا أنه في النهاية يحتوي الكتاب العديد من النقاط الجيدة الجديرة بالمراجعة
النظام المعرفي هو جملة « المعتقدات أو المسلمات النظرية “ المتكاملة ، التي يدعم بعضها بعضاً ، والتي تسمح بالاختيار والتقييم والنقد » ، والتي تعمل كأدوات للنظر في الأشياء والحكم عليها . وبسبب هذه الطبيعة المعتقدية المغروسة عميقا في موروث وتاريخ الجماعة ، يمارس النظام المعرفي ويفرض « سطوة قوية خفية » على عقول وسلوك معتنقيه أفراداً ومؤسسات ومجتمعات ، وهي سطوة تنهيأ وتتجدد وتتقوى بالتلقين التربوي والتنشئة الاجتماعية وبسهر حراس النظام ، أفراداً وفئات ومؤسسات ، على استمراريتها بحماية أركان النظام المعرفي ، وإبانة جوانبه ، والإرشاد إلى مكوناته . فتتضافر هذه المؤسسات معاً لـهتفعيل مفردات وتراكيب ومفاهيم مكونات النظام المعرفي ، وعرض تطبيقاتها ، والترويج لها بلغة أقرب ما تكون إلى الحياة اليومية “
منهج الكتاب والحكمة - مدخل إلى الإصلاح الديني الإسلامي - الكاتب : شمس الدين ضوالبيت
ثاني كتاب افرأه من سلسلة قراءة من أجل التغيير. كتاب محفز غلى التفكير، أعجبني اسلوب الكاتب في طرح وجهة نظره بصورة سهلة ومبسطة. يحتاج لقراءة ثانية أكثر تعمقاً.