خالد البرى من مواليد سوهاج 1972 حاصل على بكالوريوس الطب 1996، يعمل فى إذاعة "BBC" ويعيش فى لندن منذ 1999، له كتابان هما "الدنيا أجمل من الجنة، سيرة ذاتية" عن دار النهار 2001 ورواية "نيجاتيف" عن دار ميريت 2004
"حقن دماغ الشخص بأفكار إنسان آخر لن يجعله أكثر علماً، حتى لو كانت الآراء التي تلقاها صحيحة. الفقه والفهم واللماحية التي جعلت لهذه الآراء قيمة تختفي حين نتلقاها كمعارف جاهزة، وأقوال منقولة. قبولنا للمعارف بهذه الطريقة يصير قبولاً لما يصدر عن أصحاب الأسماء الموقرة. لكننا في الحقيقة نتخلى عن استخدام عقولنا، كما استخدموا عقولهم، لكي نفهم كما فهموا. كأننا لا ندرك أن عملية التفكير وأسلوب الفهم، وليس الرأي الذي توصلوا له، هو ما منحهم مقامهم. "أرسطو كان بلا شك رجلاً ذا معرفة، لكن أحداً لم يقل هكذا لأنه تبنى -مغلق العينين- رأي شخص آخر، ثم ردده". هو ده الـmaster scene
إن كنت تريد أن تقرأ هذا الكتاب.. اترك ثوابتك جانباً، ثم اذهب في رحلة قصيرة طويلة مع خالد البري، سيكون فيها كمرشدك الخاص في رحلة حول متاحف العالم يهديك عن كل قطعة مهمة معلومة ملهمة، وعليك اكتشاف البقية!
الكتاب عبارة عن مجموعة كبسولات صغيرة من "المعرفة" صغيرة جداً لكن مركزة جداً.. وأجمل ما يميزها أنك نادراً ما تجد كاتب يكتب العربية لا يدفعك دفعاً نحو تبني ما يعتقده هو، أو ما يعتقد فيه غيره، بل يدفعك لصنع قناعاتك الخاصة وإن كانت مغايرة.
كل ما يفعله الكاتب هنا هو أنه يجرد الأفكار من كل ما يشوبها من أسباب تلقنتها للمنع أو التحريم أو الترهيب أو حتى الترغيب والتقديس، لتصبح الفكرة أمامك مجردة ويمكنك نقدها وتحري مدى دقتها ومنطقيتها وحتى عقلانيتها من عدمه بذهن صاف لم يلوثه من يريدون احتكار المعارف "قادة الأميين".
في الإهداء القصير الذي أهداه خالد لابنته في بداية الكتاب، ومع حديثه مع قاريء الكتاب بصيغة الأنثى وكلمته لها في النهاية، شعرت وكأنني ابنته.. نعم أنا أكبر سناً من أن أكون ابنته، لكن حتى وإن كنتِ أكبر مني عمراً ستشعرين بأنك ابنته، في حرصه وخوفه عليكِ من "محدثي التعلم" والجرائم التي يرتكبونها بحقك بلا توقف.
لن تنتهي من الكتاب إلا وأنت تتمنى أن يكون الكتاب التالي "انفصام شخصية مصر" بين يديك.
شكراً خالد البري على هذه التحفة التي أصبحت تزين مكتبتي الصغيرة.
يمكن القول أن هذا الكتاب او المقال الأدبي الطويل في رأيي، يفتح لك الباب للتفكير في الكثير من الاسئلة كما أنه يقدم لك بعض الاجابات الغير شافية التي تجعلك تود أن تقرأ حول التطور الحضاري للأمم وحول العوائق التي تضعها الأمية المقدسة كما اسماها الكاتب أمامنا كحائل للتطور الإنساني والتفكير في كيفية الشك في كل القوالب الجامدة التي تم وضعها داخل وجداننا الجمعي.