ليس هناك أعظم من الكتاب كهدية,خاصة ً حين يأتي في وقت الشوق للهداية..
الكتاب أتى كاقتراح / هدية من أخت كريمة , لم يجذبني العنوان في البداية ,لكن الهديّة لا تُردّ ... لذلك في اليوم التالي للاقتراح نزلت فاشتريته , و لم أقرأه إلا مؤخرا ً ~~~~ هل حصل أن جلست مع صديق , رأيته يعاتبك برفق ٍ أخجلك , و ربما لم يصرّح بشيء و إنما اعتمد التلميح , فرغبت في أن تعتذر منه , بل و تنهال على يده تقبيلا ً علّه يعفو عنك ؟؟ .... إن كنت قد ذقت هذا الشعور مرّة , فهذا الكتاب أذاقني إياه مرة أخرى ...
خجلت من جهلي بالصوفية
خجلت من اتهامي لهم - عفا الله عنيّ - بأنهم منفصلون عن الواقع مائلين للرهبانية المنهيّ عنها في الإسلام .... و نسيت قوله : { كفى بالمرء كذبا ً أن يحدّث بكل ما سمع } ... حدّثت نفسي على الأقل بظنوني تلك المستقاة مما سمعته عنهم ...
خجلت من بعدي عن الله الذي عبدوه لحبّهم له , و عبدناه لجنّته و ناره..
~~~ كان هذا الكتاب الوحيد الذي لم يفارق القلم صفحاته إلا لماما ً , و الذي كتبت في آخره موعد إتمامي لقراءته , لأنه كان كنزا ً عثرت عليه , فبارك الله فيما نصحتني بقراءته .. ~~~ أردت التحدث عما جاء في الكتاب , لكنني وجدت أن الأخت سارة صاحبة التقييم الأول و (الوحيد حتى الآن ! ) قد قامت بذلك , فلم أُرد التكرار ...
توقفت عن القراءة في الصفحة رقم 201. أسباب التوقف: أولا وافق هذا الكتاب ميلا في نفسي لمعرفة الصوفية الحقة، ولم أجد فيه تبويبا وترتيبا وفصولا وانما سرد متتالي من غير فهرس أو عناوين فصول، فتشعر أنك تتيه بوسط الكتاب من غير دليل. ثانيا: لو طبق الناس مافي هذا الكتاب لدخلوا الجنة مباشرة فهو يطلب الكمال والمثالية ولا يعذر الخطأ وهوى النفس
لم أستطع اكماله، ربما يوما ما أعود لاكماله وربما لا.
من السهل أن تقرأ كتب الصوفية بل من الاسهل أن تحب كلماتهم ورموزهم، لكن من الصعب (على النفس) أن تبحر في هذا المحيط وتخوض في أعماقه على الرغم من أن ذلك واجبٌ على كلّ مسلم... فالتصوّف معناه "الإحسان" وهو الركن الثالث للدين بعد الإسلام والإيمان الذي ورد ذكره في حديث جريل المشهور [الإحسان: أن تعبدَ الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك]....فالإسلام: محلّه الجوارح ويتمثل بفعل الطاعات وترك النواهي، والإيمان: يتمثل بالتصديق عقلاً والاعتقاد الجازم بالغيبيات، والإحسان: محله القلب وهو محلّ نظر الله تعالى، قال صلى الله عليه وسلم "إن الله لا ينظر إلى أجسادكم ولا إلى صوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم"، وقال معلّم الناس"إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كلّه وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب" فهو مقام مراقبةٍ ومشاهدة...يقول الشيخ الشرنبلالي صاحب كتاب مراقي الفلاح معلّقاً (لا تنفع الطهارة الظاهرة إلا مع الطهارة الباطنة بالإخلاص والنزاهة عن الحقد والغش والغل والحسد) فكما لا يحسن للمرء أن يظهر أمام الناس بثياب ملطخة بالأقذار والأدران، لا يليق أن يترك قلبه مريضاً بالعلل الخفية وهو محط نظر الإله....ويقول حجة الإسلام أبو حامد الغزالي:(وأما علم القلب ومعرفة أمراضه من الحسد والعجب والرياء ونحوها فإنها فرض عين)....فإن شئت قلتَ "تصوف" أو "إحسان" فلا مشاحة في الاصطلاح إذا كان الجوهر واحد....وهذا ما أكّد عليه الدكتور البوطي رحمه الله في كتابه باطن الإثم [فصل: لا تعنينا التسميات]....بالعموم: أظنه خير كتاب للتعرف على طريق القوم، والرد على من أنكر التصوف ورمى أهله بالشرك والبدعة....فجزى الله مؤلفه عنا كلّ خير.
الكتاب مرجع قيم في امور وحقائق حول التصوف مبوب على طريقة كتب القوم في ذكر الاحوال والمقامات والمصطلحات والشيخ يرد فيه على شبهات كثيرة جدا عن التصوف شائعة بين الناس وكان المؤلف رحمه الله تعالى من القلائل في الزمان من المربين الكبار الذين شاد بذكرهم القاصي والداني تربى على خيار علماء الشام وغير الشام وهو مجاز من كبار العلماء وهو بنفسه ربى كثير من خيار العلماء رحمه الله واحسن اليه وفرج عن الشام الحبيب ماهم فيه امين ..
قـال الإمام الجٌنيد رحمه الله: "الطرُق كلها مَسدودة على الخلْق، إلّا مَن اقتفى أثر الرسول ﷺ واتبع سنّته، ولزم طريق الخيرات كلها مفتوحة عليه، كما قال تعالى: ﴿لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾."