يواصل الشاعر والروائي العراقي بُرهان شاوي التوغل في متاهاته الروائية بجسارة العارف بعبث الأقدار، لكنه يواصل طريقه متحدياً يقينه، متكأً على اليأس، محدقاً في المصير البشري بعيون مفتوحة، بقلب عاقل، وعقل طيب، فبعد رباعيته السردية: متاهة آدم، متاهة حواء، متاهة قابيل، متاهة الأشباح، يهبط الآن إلى الطبقة الخامسة من الجحيم أو يرتقي إلى الطابق الخامس من بنايته الروائية متعددة الطوابق والمفتوحة على متاهة السماء.
شاعر وروائي وسينمائي ومترجم وأكاديمي عراقي من مواليد 1955. درس السينما في موسكو، والإعلام في ألمانيا، ثم التاريخ والعلوم السياسية في جامعة موسكو الدولية لعلوم الاجتماع في روسيا. أصدر أكثر من عشرين كتاباً، تأليفاً وترجمة غادر العراق في العام 1978 بدأ النشر في الصحافة العراقية والعربية منذ العام1971 درس السينما في موسكو مابين 80-1986 بدأ العمل في الصحافة العراقية والعربية منذ العام 1973
:النشاط الفني : أسس فرقة مسرحية مع عدد من الممثلين الأجانب في ألمانيا فأخرج لهم من العام 1991 وحتى العام 1995 المسرحيات التالية القائل نعم والقائل لا – برتولد بريخت اندروماك – جان راسين الرجل الطيب من سشوان- بريخت آدم والآخرون- إعداد عن الملك لير لشكسبيرالحلم- للشاعر
· أخرج عددا من الأفلام الروائية والتسجيلية القصيرة · يكتب السيناريو والنقد السينمائي · يدرس فن كتابة السيناريو وفن التمثيل · يعمل حاليا في القسم الثقافي بجريدة الاتحاد مؤسسة الإمارات للإعلام-أبوظبي
رواية جميلة تتحدث عن اقدم قصة في التاريخ ، أدم وحواء وثالثهم إبليس ، مع بعض التغيير، فحواء هنا تقوم بدور البطولة الشبه مطلقة بل إن الرواية تضم شخصيتين بإسم حواء، بينما يلعب أدم في بعض الأحيان دور الشرير وإن قام بعمل إيجابي فبتحريض من إبليس نفسه ! تبدأ الرواية بشكل هادئ كمياه تتسلسل في جدول صغير ومع مرور الأحداث تحس بسرعة وضجة كبيرة لتحس في النهاية انك في قارب يبحر في نهر مضطرب ينتهي بشلال ذي ارتفاع هائل، ستسقط مع الأحداث في النهاية وستصطدم بالقاع ، ولكنك احداث الرواية تبين ان هذه القصة ستواصل الحدوث في روايات اخرى وبعد سقوطها من هذا الشلال ، ستبدأ أشلاء الأبطال رحلة جديدة ، بالطبع هذا ما سيحصل ، الم تستمر قصة آدم وحواء وإبليس منذ خلق البشرية والى اليوم ؟ كذلك هذه الرواية . اجمل مافي هذه الرواية بلا شك هي الأجزاء التى شارك فيها إبليس بحوارات ذكية ومنطقية ستشكك بالكثير من الإيمان المطلق بداخلنا ، سيتلاعب بك إبليس وهو يحاول أن يبين لك بأنه مجرد خدعة تم إختلاقها لتبرير كل الشر الذي ترتكبه البشرية، وانه مجرد شماعة وهمية تسمح للبعض بالذهاب للنوم وهو مرتاح الضمير لإيقانه بأن ماقام به من اعمال شريره لاتمثله بل تمت بتحريض من إبليس نفسه! مثلا هذا المقطع : أراد الله من البداية أن يرسل أدم وحواء الى الأرض حتى ولو يأكلوا من الثمرة المحرمة فموضوع الثمرة والخطيئة كانت مجرد ذريعة ، خلقهم الله وهم متعطشين لسفك الدماء فلماذا يلام إبليس على إرتكاب البشر للشر ؟، فالله يقول في القران " وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة، قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم مالا تعلمون " يسأل إبليس هنا : هل هناك من قتل بإسمي أنا؟ كل القتل في تاريخ البشرية تم بإسم الله ومن أجل الله فما علاقتي أنا بكل هذا ؟ وعندما تنسبون كل الشر في الشرق والغرب الي فأنتم هنا تدعون بأنني متواجد في كل مكان ، وبأنني قادر على الوصول الى جميع البشر وفي نفس الوقت بينما هذه صفة لابد أن يختص بها الخالق وحده . هناك الكثير من مثل هذه الأسئلة المحيرة والمشككه في هذا العمل الروائي، وبسبب كمية الوساوس التى ايقظها، بت مقتنعا بأنها وضعت لشرح وظيفة إبليس الحقيقية ولكن بطريقة غير مباشرة . يغوص الكاتب في نفسيات الأبطال ويجبرهم على الإفصاح عن أنفسهم بدون أي ساتر ولكنه ينجح في أن يبين لنا بأن قوة الانسان في كشف نفسه الضعيفة للآخرين ، كمثال هذه الفقرة " لا اريد أن اكون بطلا ولا اريد ان اجلد نفسي كنا يفعل بعض المتدينين ، أنا احس كأنني فأر وضع داخل قفص دائري متحرك، سأظل اركض واركض وسيدور القفص ولكنني سأبقى في مكاني " .
عمل جميل وضخم بلا شك ، يستحق أن ينضم للائحة الاعمال الأدبية التى تصلح ان يقرئها كل الناس بغض النظر عن جنسياتهم ، وحدها الأعمال العظيمة والتى تناقش الهموم المشتركة للبشرية بطريقة ذكية هي القادرة على الدخول الى العقل عن طريق القلب .
اخيرا انتهيت من المتاهات تسع ( 9) متاهات كل متاهة لاتقل عن 400 صفحة وبعضها يصل الى أزيد من 600 صفحة.
المتاهات، كما أعلن كاتبها في أكثر من لقاء صحفي وتلفزيوني، هي تناص معكوس ل "جحيم" الشاعر الإيطالي دانتي أليغيري تبدأ من "متاهة آدم" وتنتهي ب "متاهة العدم العظيم" مرورا ب "متاهة حواء"، "متاهة قابيل"، "متاهة الأشباح"، "متاهة إبليس"، "متاهة الأرواح المنسية"، و"متاهة العميان"، "متاهة الأنبياء".
والفرق بين "المتاهات" و"جحيم" دانتي هو أن دانتي في "الجحيم " أراد ان يضرب التابوهات في الدين المسيحي، وأما "المتاهات" فمهمتها مناقشة المسلمات في الأديان الابراهيمية وماموجود في كتبها المقدسة من التوراة والانجيل والقرآن.
ليس هذا وحده فقط هو المشترك بين "المتاهات" و "جحيم" دانتي أليغيري وأنما وجود الناس في "الجحيم" لدى دانتي كان بسبب الشهوة، فكل سكان الجحيم صاروا في الجحيم بسبب شهواتهم، والشهوة هنا تبدأ من الشهوة الجنسية إلى تجلياتها الأخرى في شهوة السلطة، والمال، والهيمنة..لذا توغلت المتاهات في أعماق الإنسان لترصد الرغبة وتحولاتها.
هذا من ناحية ومن ناحية أخرى رصدت "المتاهات" تحولات النفس البشرية وظهور عقدها وبعض المتلازمات النفسية كعقدة اوديب، ومتلازمة ستوكهولم، المشاعر السدية، أو المازوشية، معتمدة على أساليب التحليل النفسي والاعترافات على لسان أبطالها من الأوادم والحواءات. بحيث نجد في المتاهات عدة نقاط منها:
1. البوح على لسان أبطالها : فعشرات الأوادم والحواءات، ((304) حواء وآدم – 119 حواء) قد يكونوا خليطًا من شخصيات واقعية وأخرى من صنع خيال الكاتب، يبوحون بمختلف الاعترافات عن حياتهم كطريقة الاعتراف المسيحي او التحليل النفسي للتخفيف عن أزماتهم النفسية وعقدهم.
2. قد تجد نفسك على لسان أحد الأبطال أو البطلات او في كل شخصية منهم هنالك تشابه بينك وبينهم. نعم الجواب وببساطة انها النفس الانسانية التي تقودها الرغبة والشهوة الجنسية.
3. الأمر المرتكز عند أبطال المتاهات هو أن الرغبة والشهوة هي المحرك لهم، فهم عميان تقودهم الرغبة الى حيث مصائرهم النهائية، كالذي حدث مع آدم الشبيبي وحواء ذو النورين وآدم زاباتو وإيفا مادهوري الهندية المسلمة وغيرهم الكثير الكثير.
4. حركة البندول الموجودة في كل فرد من أفراد العالم، أي في كل نفس بشرية هي الرؤية المركزية في فهم الشخصيات. فنحن مابين الانجذاب الروحي أو العقلي لمناقشة النظريات الفيزياوية او الميتافيزيقية والفلسفية وماطرحه الفلاسفة القدماء ومابعدهم وفي فجاة نجد أنفسنا منقادين لشهواتنا ورغباتنا الموجودة في داخل كل منا.
5. تجد في المتاهات لاحدود بين الواقعي والخيال والوعي واللاوعي وبين الحقيقة والفنتازيا وبين الكاتب وأبطال المتاهات. بحيث يختلط عليك ويتداخل عندك كل شيء ولاتستطيع أن تجزم باي شيء عدا شيئا واحد انك في متاهة.
6. الرواية فن ذكي لمن يجيد استخدامها فهو يستطيع أن يطرح عشرات الإشكالات الفكرية والعقائدية والنظريات على لسان ابطاله دون ان يتبنى أي إشكال أو نظرية منها. وهذا مافعله الروائي بُرهان شاوي. فأنت لاتستطيع أن تتيقن من أي نظرية أو إشكال يتبناه المؤلف لأن الذين يتكلمون هم أبطاله وشخصياته الروائية وليس هو، لأن هنالك نقاشات تجدها على طول المتاهات وفي مختلف الأصعدة من الفلسفة والأديان وعلم النفس وخصوصا نظريات التحليل النفسي.
7. من الملفت للنظر إن كاتب المتاهات، حسب الرواية، لاسيما متاهة المتاهات" متاهة العدم العظيم"، ليس فردا واحدا بل هم عشرات، يمتدون من آدم البغدادي الذي يُقتل في نهاية المتاهة الأولى "متاهة ادم" مرورًا بآدم الاكويني، آدم اللا أحد، آدم الأعمى، آدم المجهول، آدم العليل، آدم المجنون، وهلم جرا، بحيث لاتستقر على كاتب حتى تنتقل إلى كاتب آخر، وهنا، حسب فهمي أراد المولف ايصال رسالة مفادها إن كل فرد هو كاتب للمتاهة، وهو بطل في متاهة كتبتها يد القدر في متاهة الحياة، فكلنا كتاب وأبطال نعيش في متاهات الحياة، والأسئلة التي لاتنفك عن عقولنا وانفسنا بصورة لا نستطيع أن نغفل عنها.
8.يتمرد أبطال المتاهات على كاتبها ويغادرونها بكلمة "طز "، وهذا يوحي بأن الشخصيات الموجودة في المتاهات غير خاضعة لمزاج المؤلف ونفسيته في صنع الشخصية، وهذه الشخصيات غير مهتمة أصلا بما سيخلقه القاريء تجاه المؤلف بسبب هذا التمرد.
9. من الأشياء المحببة جدا إنك تجد أن ابطال المتاهات من ضمن نقاشاتهم يتناقشون حول بعض الروايات وبحضور كاتبي الروايات أحيانا كرواية "الأبله" بحضور دوستويفيسكي، ورواية "مئة عام من العزلة"، ورواية "لوليتا" وأبعادها النفسية، و"الجريمة والعقاب" و "الأخوة كارمازوف" وغيرها من الروايات، بل حتى مناقشة للمتاهات نفسها كما حصل في العدم العظيم في مناقشة بعض متاهات المتاهات.
ففي متاهة العدم ورد هذا النص بين ادم المجنون أحد ((كتبة المتاهات المفترضين)) وبين راهب ساكن في الصحراء. اورده نصا بدون تصرف [[..... أطرق الراهب المضيف برأسه وكأنه يفكر بالأمر أيضا ثم مدّ يده إلى أحد كتب إيمانويل كانت الموجودة على الطاولة وواصل كلامه: - هنا في هذا الكتاب «نقد العقل المحض» يؤكد بأن معرفة العقل المحض تُستمد من منبعين، الأول، ملكة الحساسية وهي القوة التي تتقبل الانطباعات والإحساسات والتي هي تمنحنا نوعا من المعرفة الوهمية الفارغة، والثاني ملكة الفهم وهي قوة بواسطتها يمكن معرفة الانطباعات والاحساسات التي وصلتنا عبر ملكة الحساسية، وملكة الفهم هي قوة المعرفة وهي التي تشكل الانطباعات والإحساس في مقولات وحدوس، وبالتالي تتشكل منها عناصر المعرفة، بمعنى أن عملية المعرفة غير ممكنة بغير ملكة الإحساسات وملكة الفهم لأنه بدون الإحساسات لا يمكن أن يكون الموضوع معطى، وبدون فهم وإدراك الإحساسات لا يمكن بلورتها في مقولات وحدوس، ولا نستطيع التفكير في الموضوع.،، وبالتالي فإن المقولات بدون الحدوس تكون جوفاء والحدوس بدون المقولات تكون عمياء….. ]]]]
0. ضمن المتاهات تجد نوفيلات مختلفة لكتابها، أي روايات في بطن الروايات، ومن هذه الروايات رواية يكتبها إبليس بيده ويرسلها لآدم الاكويني في تناص متعمد لوجود وخلق ادم وحواء وخروجهم من الجنة حسب ما تقوله الأديان والكتب السماوية.
11. وكذلك هنالك نوفيلات قامت بالمرور على كل المتاهات وتقرير مصير أبطالها ومعاناتهم بعد خروجهم من المتاهات أمثال آدم المطرود، وقابيل الموسى، والقاتل المأجور، وآدم اللبناني، والخ من الأودام والحواءات.
12. اعتمد الكاتب في السرد الرؤية الخارجية ذات الاتجاه الكلاسيكي. وتنطلق من الراوي (كلي العلم) الذي تصفه سيزا قاسم باعتباره الراوي المحيط علماً بالظاهر والباطن والذي يقدّم مادته دون إشارة إلى مصدر (معلوماته) مادام راوياً كلي العلم، أي عليم بشكل مطلق بعالم روايته ماضياً وحاضراً ومستقبلاً، يستطيع أن يسمع بما يدور بخلد شخصياته الروائية، أو بحسب تعبير سيزا قاسم وهي تصفه بقولها: فكأنه ينتقل في الزمان والمكان دون معاناة ويرفع أسقف المنازل، فيرى ما بداخلها وما في خارجها ويشق قلوب الشخصيات ويغوص فيها ويتعرف على أخفى الدوافع وأعمق الخلجات..إلخ. وهو مع ذلك شخصية غير مشاركة في عالمها الروائي، لكنها وهي تحكي عن ذلك العالم شخصية يمكنها أن تتدخل في العمل الروائي بالتعاطف مثلاً مع إحدى الشخصيات أو بالانحياز أو بالتفسير أو بالتعليق أو باستشراف مستقبل شخصياتها إلى الحد الذي دفع النقاد إلى وصفها بالإله (مجازاً) لقدراتها الخلاقة وعلمها المطلق، مستعينة في كل ذلك بضمير الغائب (هو) غالباً.
نستطيع ان نعتبر "المتاهات" أطول عمل عربي لحد حيث إنه لا يوجد عمل طويل في الرواية العربية يصل إلى حدود 5000 آلاف صفحة ويكون أبطاله قد تجاوزوا المئات، علما أنهم يحملون كلهم اسما واحدا، آدم للذكور ونادرا قابيل وهابيل، وللأناث اسم حواء وأحيانا إيفا إذا كانت مسيحية أو أوربية.
فضلا عن أن المتاهات هي عمل ملحمي من ناحية التجنيس الأدبي فأبطالها كثيرون وجغرافيتها واسعة ولا تنحاز لبطل ضد آخر.
وهي أيضا رواية معرفية أي إنها ليست رواية حكاية مترابطة وممتعة وأنما هي معرفة وخبرة وتضج بالأسئلة ولا جواب فيها.
شكرا دكتور برهان لهذه التحفة الفنية والتي أقدر لها أنها ستكون عملا خالدا ضمن الأعمال الروائية.
الرحله الخامسه لي في سلسله المتاهات و السادسه في مؤلفات برهان شاوي.. مازالت متاهه آدم المفضله بالنسبه لي و ذلك لغرابه الفكره و الطرح.. الان بعد خمس متاهات أصبحت الفكره مألوفه.. مع ذلك متاهه ابليس كانت جميله و افضل من سابقتها متاهه الأشباح.. ناقشت متاهه ابليس الكثير من الأفكار فيما يخص الموت، فكره الجحيم و الفردوس من خلال حوارات ابليس الفلسفية... فالمتاهات الأولى كانت تركز ع عنصر الرغبه و الصراع بين المرأه المتعلمه و الجاهله من خلال شخصتي حواء المؤمن و حواء الزهد و آدم البغدادي و آدم التائه.. مااثار تساؤلاتي لماذا كل شخصيات الروايه كانت ترى تجسد ابليس ع نفس الشاكله 🤔.. فابليس ماهو الا تجسيد للافكار الشريره لشخصيات المتاهه حسب رؤيه المؤلف .. فادم الشامي كان يراه على صوره الممثل النمساوي الذي كان يحس بانجذاب نحوه.. اعتقد كان من المفترض أن يكون تجسيد ابليس مختلف لكل شخصيه بما يناسب افكارها .. احببتها و تستحق اربع نجمات اعتقد لي عوده مع متاهه أخرى في وقت لاحق
مثلها مثل الاجزاء الاولى متاهة ادم .. متاهة حواء..ممتعة.. مؤلمة.. مرعبة .. عميقة .. يجب على القاريء التعود على نمط الكاتب بتسمية الشخصيات وطريقة السرد .. انهيتها مثلما انهيت اخواتها خلال يومين او ثلاثة فقط
"نحن البشر غالباً ما نروي حكاية ما أو قصّة ما بطرق مختلفة ولأناس مختلفين ، ظروف الزمان والمكان التي تُروى فيها القصّة أو الحكاية ، لكن عادةً ما تكون ثمة رواية واحدة .. في زمانٍ ما ومكانٍ ما هي الرواية أو الحكاية الدقيقة وكل ما رُويَ غيرها لم تكُن سوى تنويعات تدور حولها"
بأمكاننا أن نقول أن هذا النص المُقتبس أعلاه هو ما يلخّص الجزء الأجمل في متاهة بُرهان الشيطانية ، رواية ذات حبكة بديعة تُرهق القارئ في ربط التشابكات من أجل أن تصب في الفكرة الرئيسية فكيف بالكاتب ! رواية ذات طابع فلسفي يتركّز تحديداً حول نسف التصورات الشائعة عن أبليس والنظر بزاوية مختلفة إلى هذا الملاك المتشيطن أو ربما ملاك فقط او شيطان فقط ! لا نعلم بدقّة
شخصياً لم أحب عنصر التشويق الذي أستخدمه الروائي والشاعر والمترجم في روايته ، وجدته مبتذل كونه أعتمد على عنصر تشويقي أشبه بذاك الذي يستخدم في الحكايات البوليسية الذي لم أحبّه أبداً لكنّ أجده ضرورياً كي يحافظ على سير الأحداث وأحتفاظها بالتشويق كي لا تبدو ككتاب فلسفي قد يجده البعض ممل
أيضاً تصويره للعنصر البورنوغرافي والأستيهامات الجنسية كان طفيفاً او ربما لظ يكن يرتقي لمستوى الطابع الفلسفي للرواية ولكنّه أبدع في وصف شخصيات الروايات والتعبير عن أنفعالاتها الداخلية والتوصيف الدقيق لأزماتها النفسية وما يترتب عليها من سلوكيات والتركيز على فكرة الجانب المظلم لكل شخصية من شخصيات الرواية مهما بدا في ظاهره ملاكاً ، أسلوبه يذكّرني بما يُقال عن دوستويفسكي في الغور في أعماق النفس رغم أنّي لم أقرأ لدوستويفسكي أبداً
اما الجزء الأجمل في الرواية فكان يتمحور حول تصوير الأحداث من وجهة نظر شخصية معينة من الرواية ثم العودة إلى تصويرها من وجهة نظر شخصية أخرى ليركّز لك على فكرة أختلاف وجهات النظر لنفس الحدث حسب طريقة التفكير والحالة النفسية وما شابه ذلك ، هذا الأسلوب كرره الروائي في أكثر من موضوع
نهاية الرواية كانت مفتوحة وغير محددة لكون هذا العمل هو جزء من سلسلة أعمال كتبها الروائي حيث تتضمن السلسلة عدة أعمال (متاهة ادم ، متاهة حواء ، متاهة قابيل ، متاهة الأشباح) ولا نعلم ، ربما سيجعلنا نتوه في متاهة أخرى
● قصة الرواية بأختصار وبدون حرق (جاءت الرواية في 382 صفحة) تتحدث الرواية عن أمرأتين (حواء الكرخي وخواء ذو النورين) التقيتا في في أحدى الحافلات التي تتوجه الى سوريا منطلقة من منطقة المنصور شيئاً فشيئاً تصبحا رفيقتين إلى أن يصلا إلى دمشق وهناك تظهر عدة شخصيات في الوهلة الأولى تبدو هذه الشخصيات ليست لها علاقة مع بعض وكلٌ منها تسير في مسار منعزل من الرواية ولكن تدريجياً تنكشف تلك الروابط التي تربط هذه الشخصيات ببعضها في أطار شائك وملتوي
كم أقتباس من الرواية :-
#أنا أسخر من اللغة التي لم تجد لكل هذا الوجع الأنساني سوى كلمة رقيقة هي "ألم" ، ثلاثة حروف فقط ؟ كيف يمكن لكل هذا الوجع أن تستوعبه حروف ثلاثة !
#كل أمرأة تقلل من قيمة الجنس وأهميته في الحياة ليست سوى امرأة لديها عطب في أنوثتها وشخصيتها السوية كأمرأة
#العالم مليء بالغرائب والأشياء الغامضة ، ليس كل ما نصدّقه حقيقي مثلما ليس كل ما لا يتطابق مع العقل والمنطق يعني أنّه غير حقيقي
#أنا أعتقد أن الجحيم هو فكرة ليس أكثر ، الجحيم هي تصوّر البشر الذي وُلِد نتيجة تفكيرهم بالموت وبما وراء الموت ومحاولة تفسير الفعل البشري وجدواه ثم صار وسيلة مهمة ومفيدة ومضمونة للسيطرة على البشر في الحياة من خلال الأديان .. لذلك صار هو الموضوع الأثير للدُعاة والمبشرين والأنبياء والوعّاظ
رواية جميلة قرأتها ممتعة تتحدث عن الانسان والغواية حيث يتمثل ابليس في اكثر من شكل يحاول غواية ابطال هذه الرواية أجمل ما اعجبني في هذه الرواية هو حوار ابليس مع الشخص المغوي هو حوار فلسفي يناقش فيه هل الانسان مخير ام مسير رواية تستحق القراءة