What do you think?
Rate this book


148 pages, Paperback
First published January 1, 2012
الحق واحد غير متعدد، لكن عدم قدرة الفلاسفة قديماً لتفسير اختلاف الآراء في القضية الواحدة، مع اتحاد منهج البحث فيها أدى بكثير منهم إلى القول بتعدد الحق. وهذا ما يوقع عوام الناس في حيرة. وبناءاً على ذلك يرى الكاتب أنه "لا يمكن أن يكون في المسألة الواحدة أكثر من رأي ويوصف الجميع بأنه حق، لأن ذلك يؤدي إلى اجتماع النقيضين، وهو محال عقلاً."
ولكن Viktor E. Frankl كان قد وضح في كتابه The Will to Meaning: Foundations and Applications of Logotherapy نظرية Dimensional Anthropology and Ontology التي يمكن اسقاطها لتفسير اختلاف الآراء ووحدانية الحقيقة.
تكمن المشكلة في عصرنا في نقطتين كما يرى الكاتب:
١. عدم اصطحاب آلات التفكير لآلات الكتابة التي ازدهرت في عصرنا
٢. أننا أصبحنا في عصر رأي الشارع وعلى النخب الفكرية مجاراته بدلاً من توجيهه وإصلاحه كما كان سابقاً. وبهذا لا تغيب القيادات الفكرية وحسب بل وتُغَيّب. لذلك على القيادات الفكرية التخلص من وطأة الجمهور ورغباته، التي لا يمكن أن تكون أبعد من مواطى أقدامهم. فالناس بشكل عام ليس لديهم أدوات العلم – بمعنى القطع والتحقق – مما يسعون إلى التحقق منه.
التوازن الفكري
يعرف الكاتب التوازن بالابتناء على المعطيات الصحيحة لتكوين الأفكار، والاتزان لا يعني صواب الفكرة، بل صواب طريقة التفكير. ويعرف الكاتب الفكر بالتصور الإجمالي والتفصيلي لواقع ما، من مثل السياسي والديني الاجتماعي وغيره. فكل تصور لهذا الواقع في أي جزئية من جزئياته يعد فكراً؛ وبهذا يكون الفكر بهذا المفهوم مشاع بين الناس. الفكر بهذا المفهوم يتوافق مع الرأي العام مع وجود اختلافين:
١. الرأي العام قد يتضمن قضية تفرض على المجتمع إعلامياً أو سياسياً
٢. يراد بالفكر تصورات نخبة معينة من المثقفين، أما الرأي العاك فالكل يشارك في تكوينه
يقوم التوازن الفكري على:
امتلاك التصورات الصحيحة
فمن لا يملك التصورات الصحيحة (مثل أدوات الاجتهاد في الفقه) لا يمكن إن يصل إلى التصديقات الصائبة. فالتصورات هي مفردات التفكير، كما أن الحروف مفردات اللغة. يرى الكاتب أن التصورات الصحيحة يجب أن يكون مصدرها إحدى السبل التالية:
١. الحس: أقوى مصدر والتواتر المعنوي ان عجز الحس عن رصد التصور مثل عاد وثمود اللتان كانتا معروفتان للعرب عن طريق التواتر المعنوي.
٢. الفطرة
٣. الوحي: المصدر الوحيد لعالم الغيب والدين.
٤. خبر موثوق: عندما يكون منطلقاً في نقله عن أحد مصادر التصور الأخرى.
ولكن أين العقل؟ التصورات موجودة في الخارج، والتعرف عليها يتم بالمصادر المذكورة، وليس للعقل قدرة على استحداث تصورات من تلقاء نفسه، وإنما هو ذاكرة لتلك التصورات التي يتعرف عليها العقل بمصادر التصورات. فالعقل هو الآلة الوحيدة لحفظ التصورات والتحكم بها، وليس مصدر من مصادر التصورات.
ومن أسباب الاضطراب الفكري اعتبار العقل مصدراً للتصورات. والحقيقة أن كل تصور مصدره العقل ليس له وجود خارجي حقيقي. وبالتالي لا ينتج أفكار متزنة.
التصديق: إحداث النسبة بين التصورات
مثال: بعد تصور القطب الشمالي، وتصور معنى التجمد، وتصور تمركز الشمس وانحرافها، نحكم على القطب الشمالي بأنه متجمد. فقولنا القطب متجمد هو تصديق مبني على عدد من التصورات أدت النسبة الصحيحة بينها إلى هذه النتيجة.
ويوجد طريقين لإحداث النسبة بين التصورات:
العقل والوحي:
ولكن العقل يعرضنا كثيراً للخطأ في إحداث التصديقات حين يقوم بنسبة الأحكام إلى تصورات متخيلة، كما أنه يخطئ في إجراء النسبة بين التصورات للأسباب التالية:
١. قصور في التصور، فالتصورات القاصرة هي عبارة عن مقدمات خطأ، والمقدمة الخطأ لا يمكن أن تكون نتيجتها صحيحة أبداً حتى لو توافقت مع الصواب.
٢. استنتاجات كلية أو أغلبية من مقدمات جزئية، مثل الحكم بأن ركوب الطائرة مغامرة بناء على حالة أو حالات الخطر.
٣. استنتاجات جزئية بناء على مقدمات كلية أو أغلبية، مثل الحكم بأن السم غير قاتل لنجاة حالة أو حالات من خطره.
طرق التوصل للحكم الكلي والأغلبي:
١. الوحي
٢. الاستقراء بنوعيه التام والناقص
فهم الواقع يحتاج إلى:
١. الوعي بتاريخ المجتمع الفكري
٢. تصور صحيح لما يحيط بالأمة من مخاطر
٣. معرفة حقيقية لاحتياجات الناس الآنية والمستقبلية
ويجب أن يتم الحكم على هذه الأمور الثلاثة باستخدام الأسلوب العلمي والتتبع الاستقرائي بعيداً عن الانطباعات والتجارب الشخصية.
الأفكار: النسبة بين التصديقات
أسباب الخطأ في التفكير وطرق التفادي
يتوجب علينا للبدء بالتفكير معرفة مراتب المعرفة وهي:
١. العلم: إدراك الشيء على ماهو عليه إدراكاً جازماً. يتحقق بالحس والتواتر والوحي وتكاثر الأدلة التي يثبت باختبارها عدم تطرق الاحتمال إليها.
٢. الظن: الإدراك الراجح مع احتمال مرجوح. يتحقق بكل طريق يثبت عند اختبارها تطرق الاحتمال إليه مثل الجمع الذي يمكن عقلاً تواطؤه على الكذب.
٣. الشك: الإدراك مع الاحتمال المساوي. يحصل حين تتساوى طرق المعرفة.
٤. الوهم: الإدراك المرجوح. يحصل بخبر غير موثوق أو من لا يستحيل عادة وعقلاً تواطؤهم على الكذب.
٥. الجهل: إدراك مناف للحقيقة.
يحصل الخلل في الفكر حين لا يفرق الإنسان بين مراتب المعرفة، فيعطي الأوهام حكم المعلومات ويبني عليها نتائج جازمة.
من الأمور المعززة لإنزال الوهم منزلة الظن أو العلم القطعي:
١. الانطلاق في فهم أقوال الآخرين وأفعالهم من الأفكار المكونة عنهم سلفاً.
٢. صعوبة الانعتاق نت التأثير الإقليمي أو الحزبي أو القبلي أو المذهبي في تقييم المعلومة.
ولكن استخدام القدرة على انتزاع النفس من المحيط كمعيار لتقييم المفكرين يعد صعباً، ذلك لأن من يدعي استخدام هذا المعيار لابد أن يختبر نفسه أولاً: هل هو في هذه الحال بعيد هو أيضاً عن تأثير انتمائة إلى دائرة ما؟
٣. تحكم ردات الفعل بالتفكير
يعد التفكير التبعي حائلاً دون التفكير المنهجي الذي يحتاج لأربعة قواعد كما وضحها الكاتب:
١. السبر والتقسيم (النظر المستقل لكل جزء من أجزاء الموضوع على حدة).
٢. تجنب التعميم والإطلاق فيما حقه التخصيص والتقييد، وكذلك تجنب التخصيص والتقييد فيما حقه التعميم والإطلاق
٣. الصدق في تقييم الرأي المخالف (فالرأي المخالف للقطعيات هو جهل، والمخالف للشك هو شك)
٤. الصدق في تقييم النفس في مقابل ما هي مقدمة عليه على التفكير فيه من القضايا