محمد بن أحمد بن عبد الله بن يحيى بن يوسف بن عبد الرحمن بن جُزَي الكلبي الغرناطي (ولد يوم التاسع من ربيع الثاني عام 693 هـ الموافق 15 مارس عام 1294 م في مدينة غرناطة عاصمة الأندلس آنذاك، وقُتل في معركة طريف الشهيرة التي دارت رحاها في الأندلس بداية شهر جمادى الأولى من عام 741 للهجرة، الموافق أواخر أكتوبر عام 1340 للميلاد) هو مؤلّف وشاعر وخطيب ومؤرّخ وفقيه إسلامي عاش في نهاية القرن السابع الهجري وبداية الذي تلاه في بلاد الأندلس التي كانت تعيش وقتها فترة نزاعٍ شرس بين المسلمين والمسيحيين على السيادة في أراضيها، وقد كان خطيباً لجامع غرناطة الأعظم.
كان كاتباً لأبي الحجاج يوسف النصري. كان من أهل غرناطة. من كتبه كتاب تاريخ غرناطة وأهل الخير وله تفسير للقرآن سمي بالتسهيل في علوم التنزيل. إلا أن معظم الباحثين يرجعون هذا الكتاب لأبيه أبو القاسم بن جزي(1). اشتهر بشعر المدح والتشكي(2). كان له ثلاثة أبناء هم أحمد ومحمد وعبد الله، وقد عملوا في نفس مجالات أبيهم. من مؤلفاته كتاب (القوانين الفقهية) والذي وضع فيه ملخصا للفقه الإسلامي على كافة المذاهب، واتبع في تصنيفه أسلوبا عبقريا غير مسبوق جعله رغم صغر حجمه؛ كتابا قيما وفريدا من نوعه.
أملى ابن بطوطة أخبار رحلته على محمد بن جزي الكلبي بمدينة فاس سنة 756 هـ، وسماها تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار.
ولله الحمد انهيت قراءة الأجزاء الاربعة لكتاب التسهيل لعلوم التنزيل الذي اخترت ان يكون رفيقي في شهر رمضان والحمدالله كان اختيارا موفقا وقد حاولت ان اكتب نبذة عن الكتاب لكي يستفيد منها أصدقاء القراءة الا أنى وجدت صعوبة ان اعبر بالكلمات عن روائع وجدتها متفردة في هذا الكتاب عن بقية كتب التفسير التي قرأتها وهي كتب رائعة كلها الا ان هذا الكتاب تميز حسب رأيي المتواضع بمميزات مختلفة: “التسهيل لعلوم التنزيل” لابن جزي الغرناطي المتوفى (741 هـ) وهو عالم مجاهد توفي شهيدا في إحدى معارك الاسترداد الأندلسية وهي معركة طريف، حيث كان هناك يحرض الجيش على القتال، ولعل هذه الروح الجهادية العملية هي التي دفعته إلى تأليف كتابه بهذه الطريقة المختصرة حجما الغنية علما -منقول-
في مقدمة المؤلف أوضح أنه بصدد تخليص تفسيره، من المباحث التي امتلأت بها كتب المفسرون وهي مباحث -في نظره- ليست لها علاقة مباشرة بالمعنى القرآني، وإنما تتعلق بعلوم أخرى لها مصنفاتها الخاصة مثل الحديث والفقه والأصول والنحو والبلاغة وغير ذلك، فاكتفى من كل ذلك بما يسهم في إيضاح المعنى الرئيسي للآية المفسَّرة. تميز كتاب التسهيل لعلوم التنزيل بتلك المقدمة الرائعة التي وضعها له ابن جزي، وهي مقدمة منهجية عرض فيها لأسباب النزول والمكي والمدني، وأسباب اختلاف المفسرين والمعاني التي تضمنها القرآن والفنون المتعلقة به وغير ذلك من المعاني التي يزخر بها القران الكريم ويتضح في مقدمة الكتاب وفي الكتاب نفسه اهتمام ابن جزي بالمتلقي، فهو يضع نصب عينيه كيف يمكن ان يفهم قارئ الكتاب المنهج واللغة والأسلوب، وهذا ما يميز كتابه، حيث يمكن أن يستفيد منه كل قارئ للعربية، ولو لم يكن ذا تبحر في علومها أوفي علوم الشريعة، كما أنه لاختصاره يجعل غير الدارس للتفسير يرتبط به ويرجع إليه فيجد فيه الخلاصة. وقد كان ابن جزي مدركا لقيمة كتابه فمدحه في المقدمة بقوله: “ضمنته من كل علم من علوم القرآن اللباب المرغوب فيه، دون القشر المرغوب عنه، من غير إفراط ولا تفريط”، “لأنها من نبات صدري وينابيع ذكري، ومما أخذته من شيوخي رضي الله عنهم، أو مما التقطته من مستطرفات النوادر، الواقعة في غرائب الدفاتر"” وقد بين ابن جزي دقته المنهجية بوضع خارطة مصطلحية للقارئ تمكنه من معرفة مستوى احتفائه أو إلغائه لأقوال المفسرين التي يوردها في كتابه، وتمثل تلك الخارطة المصطلحية معينا منهجيا للقارئ تمكنه من فهم عبارات وإشارات المصنف، ومن تلك المصطلحات مثلا لا حصرا: “ما أصرح أنه خطأ أو باطل”، “ما أقوله فيه إنه ضعيف أو بعيد”، “ما أقول إن غيره أرجح أو أقوى أو أظهر أو أشهر" وخلاصة قراءتي ان الفائدة تكون أكثر واروع إذا قرأت القران مع التفسير وحسب ما قرأت قبل اختياري لهذا الكتاب أن كتاب التسهيل لعلوم التنزيل من أحسن ما صنف في تفسير كتاب الله وأوجزه وأحسنه عبارة وأشمله مادة، وهو ضروري ومناسب للقارئ العادي، الذي يمكنه أن يمر على تفسير كامل في وقت وجيز، إذ لا يتجاوز الكتاب (أربعة أجزاء) تمكن قراءتهما في مدة وجيزة حسب نشاطك في القراءة وقد انهيته في شهر واحد وقد وجدت أيضا ان قراءة القران مع قراءة التفسير تجعل لقراءتك روحانية عجيبة وتزيد من تأملك وتدبرك للآيات الكريمة الحمد لله من قبل ومن بعد..