مَنْ هو هنري سولمون وِلْكَم الذي كانت تُسمّيه الصُحف البريطانية "ربّ الطبّ الحديث"؟ هل هو فتى الغابات الأمريكي المتوحّش الذي نال وساماً لقتله الهنود الحُمْر أيام الحرب الأهلية؟. كيف كان يُجري العمليّات الجراحيّة قبل أن يُكْمِل عامه الخامس عشر؟ ولماذا غادر أمريكا إلى انگلترا؟ ماذا اكتشف في لندن وقادَهُ إلى النجاح الباهر في مجاله؟ هل كان متورّطاً في قضية جاك السفّاح قاتل الوايت تشابل؟ أم كان هو جاك السفّاح ذاته!؟ لماذا لم يُوجَّه إليه الإتهام في القضية؟. كيف آلت إليه أكبر إمبراطورية للصناعات الدوائيّة في العالم؟ وهل كان وراء موت صاحبها سيلاس بوروز؟. ما طبيعة علاقته بملك بريطانيا إدوارد السابع؟. هل كان وراء رعاية الحركة الصَهيونيّة؟ وهل كان من أكبر الداعمين لقيام دولة لليهود في فلسطين؟. كيف جمّع أكثر من مليون قطعة فنية تضمّ أندر أدوات الطبّ القديم؟ ما الذي أرعب زوجته الجميلة "سيري" لتهرب منه؟. هل كان الوحش طليقاً سلفاً أم أن الروائي سومرست موم هو الذي حرّره من دواخل هنري وِلْكَم؟. لماذا تبرّع لِبناء مدرسة تحمل ذكرى الجنرال جورج غوردون في الخرطوم؟ ولماذا أنشأ فيها معملاً بيكتريولوجيّاً كان الأوحد في المنطقة؟ ولماذا أحضر مَعامِلاً جوّالة وباخرة للأبحاث وجمْع العيّنات؟ كيف فعل كلَّ ذلك في خفاءٍ كامل كأنّه شخص غير موجود؟ ماهي الأسرار التي من أجلها دافع عنه جنرال الحرب البريطاني اللورد كتشنر؟ ولماذا منحته بريطانيا الجنسيّة وكرّمَته بلقب فارس نبيل؟ ماذا قدّم لها؟ هل هو الرجل الذي "ليس له مثيل في الأفعال الخيرّة" كما قال عنه حاكم عموم السودان السير ريجنالد وينجت؟. أين عَثَر على رُفَات ما يُسمّى "إنسان سنجة الأول"؟ ولماذا قرّر أن يقضي بقية حياته في جبلٍ ناءٍ بوسط السودان يُشرف على عمليات تنقيب أثريّة وأبحاث سِرّية؟ ما سرّ بيت الكتل الصخرّية الكبير أو "سرايا وِلْكَم باشا" التي بناها جوار المحارق العملاقة المليئة بالعظام في قمة جبل مويا؟ هل كان يُجري التجارب الكيميائية على الأطفال هُناك؟ من هو هذا الرجل؟.
مهند رجب الدابي روائي من السودان ولد في مدينة القضارف بشرق السودان 1985م فازت قصته القصيرة "ظل" بالمركز الأول في جائزة الطيب صالح للقصة القصيرة 2014 عمل محرراً لملف ثقافي "أرخبيل" بصحيفة التيّار السودانية 2015-2016 شارك في ندوة الجائزة العالمية للرواية العربية "بوكر" بأبوظبي 2017 مؤسس مؤسسة نيرفانا الثقافية 2018 صدرت له رواية : "سحرة الضفاف" 2015 الطبعة الأولى دار أوراق، الطبعة الثانية دار المصورات 2016. رواية : "هوج النيازك" عن دار مداد الإماراتية 2016 رواية: "أطياف هنري ولكم" عن دار فضاءات الأردنية 2018 رواية: "وقائع جبل مُويَا" عن دار فضاءات الأردنية 2020- طبعة عربية وصدرت الطبعة السودانية عن دار المصورات 2020
أطياف هنري ولكم" فرغت لتوي من قراءة رواية "أطياف هنري ولكم" للصديق الروائي مهند الدابي، وهي الرواية التي تابعت تخلقها عن قرب مع كاتبها الذي يناجي أطياف ولكم في أعلى قمة جبل موية بالسودان، وراقبت بشغف وإعجاب كبيرين جهده البحثي المضنى للإحاطة بكافة جوانب شخوص الرواية. ولأن الرواية الصادرة عن دار فضاءات للنشر في 468 صفحة من القطع المتوسط، تتناول سيرة السير هنري سولومون ويلكوم "1853 - 1936 م" هو بريطاني/أمريكي كان من مؤسسي شركة أدوية "بروز، ويلكوم وشركاهم" وهي شركة أدمجت فيما بعد مع شركة غلاكسو سميث كلاين العالمية، ولتعقيدات شخصية ويلكم صاحب الاكتشافات الطبية العديدة، كانت المعلومات التي استعرضها لي الدابي عن مشروعه الروائي مبهرة ومحفزة، خاصة وأن ماقاده لتتبع سيرة الرجل المثير للجدل هو عيشه لفترة من الزمان بقمة "جبل موية" بولاية سنار وسط السودان، وإجراءه مجموعة من التجارب على أطفال الجبل، إلى جانب محطات كثيرة جداً في حياة الرجل الذي تبرع بـ10 ألف جنيه استرليني لإنشاء كلية غردون التذكارية "جامعة الخرطوم" ومعمل السير لي ستاك وغيرهما، بداءً من نشأته القاسية في الغرب الأمريكي مروراً بانتقاله لبريطانيا في العقد قبل الأخير من القرن الثامن عشر، وعلاقته بعدة أحداث هزت المملكة المتحدة حينها أبرزها قضية "جاك السفاح" قاتل نساء الوايت تشابل شرقي لندن، ووعد بلفور الذي منحت بموجبه بريطانيا الحركة الصهيونية العالمية جزءً من الأراضي الفلسطينية لتكون وطناً قومياً لليهود. كان مهند الدابي في كل لقاء يجمعنا يحكي لي عن بحثه الميداني المكثف بذاكرة فتوغرافية عن علاقات ويكلم بالروائي البريطاني المعروف هنري سومسرت موم، والجميلة سيري توماس برناردو إحدى مؤسسات فن الديكور والتصميم الحديث، وهي الحكايات التي كانت تتدفق من الدابي بمحبة كبيرة لسيرة سيري وطريقتها في التهتك و أدب موم، الذي اشترى أعماله كاملة في إحدى جولاتنا بمعرض الشارقة للكتاب. نقاط عديدة ومشوقة وبحث ميداني وتاريخي كبير انخرط فيه مهند الدابي منذ العام 2012، وكانت الكتابة وإعادتها تتخلل البحث طوال هذه الأعوام، وفي زيارته قبل الأخيرة إلى أبوظبي للمشاركة في ورشة جائزة الرواية العربية "البوكر"، أبلغني أنه فرغ من كتابة الرواية التي أسماها تارة بـ"السرايا الصخرية" ومرة بـ"سرايا الجبل"، وأعاد كتابتها بدأب كبير، ترددت عندها في طلب قراءة المسودة الأخيرة للرواية فحكاياته الكثيرة عنها جعلتني أشفق عليه، رغم تحمسي الكبير للعمل الذي يمثل تجربة مغايرة في الرواية العربية الحديثة. وشفقتي على مهند وعمله الجديد لم تنبع من عدم ثقة في قدراته بل كانت خشية من أن يركن إلى المادة التاريخية الكبيرة التي تمكن من الحصول عليها عبر جهد ذاتي مضن كلفه ليالي في سفح جبل موية حيث سرايا هنري ويلكم الصخرية التي لازالت موجودة هناك بمحارقها ومعاملها وقبوها الذي تفنن في وصفه بالرواية، خشيت على مهند أن يركن إلى هذه المعلومات الجديدة التي اكتشفها عبر البحث الميداني والترجمات والتحليل، على حساب الحبكة والتقنيات السردية فتصبح الرواية رطانة تاريخية خالية من روح السرد وفنياته. لكن ومنذ الصفحة الأولى للعمل، كنت أمام ملحمة حافلة بالتجريب، يتدفق فيه السرد بسلاسة ومتعة كبيرة، تجعلك مرغماً على التهام الصفحات التي تربو على الـ400 واحدة تلو الآخرى دون كلل، بل مع نهاية كل فصل كنت أتشوق للذي يليه، ومع أنني قرأت "أطياف هنري ولكم" مسلحاً بخلفية كبيرة عنها من حديث صاحبها، إلا أن التجريب الذي اتبعه مهند الدابي في حبكته كان دائماً مايمني توقعاتي للأحداث والخيوط المختلفة بالفشل. وعلى عكس المخاوف السابقة تماماً وعلى الرغم من أن المادة التاريخية التي عكف على جمعها من الميدان وبطون الكتب وأرشيف العالم، تمثل في حد ذاتها إضافة كبيرة، إلا أن المجهود الذي بذله الدابي في تطويعها سردياً وتوظيفها بشكل جمالي، فاق مابذله في مرحلة البحث. تبدأ الرواية براوي عليم يتلون صوته لنكتشف بين تتابع الأحداث وتداخلها أنه رواي شخصية، وقبل أن نتيقن من الحقيقة الجديدة يخبو سريعا ليطل الرواي العليم من جديد والذي سنكتشف في النهاية أنه شي أخر تماما ، بيد أنه كل ما توغلنا أكثر في سردية الدابي كلما تبينت براعته في بناء الشخصيات و قدرته الكبيرة على التصوير وحشد التفاصيل و رصد المقاربات في بناء فني متماسك. ولأنني أعكف على كتابة عرض للرواية لصالح إحدى المجلات الأدبية يمكنني الإكتفاء بهذه الأمور، ولايسعني إلا أن أقول لكم إقرأوا "أطياف هنري ولكم" فإن فيها متعة لاتضاهى. فهذه الرواية التي تفجر التساؤلات حول الكثير من القضايا موعودة بمشوار طويل مع الجدل فنياً وتاريخياً، وهي إضافة كبيرة للمكتبة الأدبية السودانية.فهنيئاً لنا بمهند الدابي وجديته في الكتابة التي تضاهي سهر "ونديغو" بين دوارقه. وآخيراً: نردد مع آيب: ياصاحب الكرش الضخمة كجاموس نافق.. هل مت؟ ياصاحب المؤخرة الحمراء كمؤخرة القرد..هل قُتلت؟ ياصاحب البغل المخصي.. هل وجدت له فرساً مناسبة للتزاوج؟
"أطياف هنري ولكم" رواية الأسئلة الوجودية البريئة والقتل الأكثر لطفاً! يرى الناقد الأدبي الأمريكي ستيفن جرينبلات أن "التاريخانية الجديدة تميل إلى الإنفتاح على تاريخ الأفكار مع التمعن في السياق التاريخي الأدبي الثقافي، لتقديم مقاربات تاريخية جديدة تنتقد سياسات الهيمنة الإمبريالية ".امّا المفكّر الفلسطيني إدوارد سعيد فيرى أن "الاستشراق تشكّل وفقاً لأسس الفكر والتوجه الغربي، وأنه تحيز دائم وماكر من دول المركز الأوروبي تجاه الشعوب العربية"، هل كتب مهنّد الدابي رواية تاريخانية كولونيالية مُلْغزة ومعقدة لأجل كشف الوجه الأكثر قبحاً للإستعمار والهيمنة الإمبريالية الأمريكية؟. رواية "أطياف هنري ولكم" للروائي السوداني مهنّد الدابي، التي صدرت هذا العام في 470 صفحة عن دار فضاءات، والتي رشحتها مؤخراً للجائزة العالمية للرواية العربية "بوكر"، والتي تحكي فيما تحكي سيرة مُتخيّلة لإمبراطور الصناعات الدوائية السير هنري سولمون ولكم، بوجهه الأمريكي الشرس، عندما كان قاتلاً في صفوف سلاح الفرسان الذي سعى وراء قتل الهنود الحمْر وتدمير قراهم وإبادتهم كلياً، وهو الأمر الذي يبرز مدى وحشية الحرب الهندية والتمدد الإستعماري الغربي، وعبر شخصية البطل ننظر ببطء إلى اليهودي اليديشي الفظ، النموذج المثالي للهيمنة والاستغلال والإنتهازية، كأنما أراد أن يقول لنا الدابي: أن السياسات التقدمية الغربية التي تجلّت أطماعها الاستعمارية في ما يُسمى الآن بأمريكا قد لاقت نجاحاً في الأفكار الخطابية التحريرية التي أصبح العالم ينادي بها حتى اليوم. عبر راوٍ متقمص للشخصيات يروي الدابي حكاياته المليئة بالدسائس والألغاز الماكرة والمؤامرات والحيل الفيكتورية التي أفرزت للعالم أكثر من وجه دموي بشع وقاتل، وأن الحملات التبشيرية والتسامح الكنسي والثورة المعرفية لم تكن سوى ألاعيب إضافية لإستمرار السلوك الإستعماري وأن المُستعمرات لم تكن إلّا أقفاص كبرى للتجارب على البشر، وفي هذا الخصوص يتعرض الدابي إلى تاريخ بناء مدرسة غردون التذكارية – جامعة الخرطوم حالياً- ويصف لنا كيف أن هنري ولكم موّل بناءها تنفيذاً لمشروع كبير لأبحاث الأمراض، ثم يتواصل الهوس مع تواطء الإداريين الحكوميين في السودان وبريطانيا إلى أن يصل هنري ولكم للتنقيب عن الآثار في منطقة جبل مويا الآثرية بل والتجارب التي أُجريت على الأطفال هناك، وكيف كانوا ضحية رخيصة للشراسة الإستعمارية التي تسعى للتقدم في العصر الذهبي للصناعة والعهد الفيكتوري. كما تطرق إلى مفهوم الإستعمار العميق والتوغل السافر في الوعي القومي للسودانيين آئنذاك، بتأكيد أن الرجل المتقدم والناجح هو الرجل الأوروبي، وأن صناعة رموز تلوذ بها الجماهير الثائرة أمر ضروري لتقدم الأفكار والأطماع، كما يطرح الدابي أيضاً نظرية جديدة لقضية قديمة "جاك السفّاح" إذ يتهم هنري ولكم بأنه القاتل –ص 127- ويرسم سيناريو لظروف مقتل عاهرات وايت تشابل أفقر أحياء لندن، وأن التقدم العلمي أهم من ضحايا التجارب الطبية، وبهذه الخصوص نجد –وحتى يومنا هذا- أن مؤسسة ولكم هيّ ثاني أكبر مؤسسة في العالم لرعاية البحث العلمي، ثم ننتقل إلى مؤامرة أخرى وهيّ الظروف التي ساعدت على قيام دولة اليهود في فلسطين وكيف أن رجل مثل هنري ولكم كان له دور كبير في دعم وتنظيم مؤتمر الصهيونية العالمية تمهيداً لما يُسمى اليوم بإسرائيل، وخلال الخطاب السياسي في حوارات الرواية يستشرق الدابي الدونيّة التي كان يُنظر بها إلى المنطقة العربية واليهود. كما نجد في الرواية التي استلهمت العهد الفيكتوري بمجمل تفاصيله وفنونه وفنانيه احد أبرز الروائيين عندها –سومرست موم- والذي يجسد في الرواية دور الطبيب الذي يحاول كتابة المسرحيات والروايات مع الكثير من حكاياته الخليعة وترصد الرواية علاقته مع زوجة هنري ولكم الجميلة "سيري برنادرو"، والتي كانت تهيم عشقاً بالشاعر أوسكار وايلد، وهنا أبرز الدابي الوجه الآخر للعهد الفيكتوري، في شكله الجمالي التعبيري الذي يستمد من مواضيع مثل الأخلاق مواضيع هامة، وهو ما يمثل التناقض بين الأفكار الرسمية للدولة الفيكتورية تجاه مستعمراتها وما بين فنانيها الذين لم يكن بذلك القدر من الإهتمام بالمواضيع التي لا تعنيهم، فمثلاً نجد في الرواية أن أوسكار وايلد كان مناضلاً لأجل تحرير الإقطاعيات في إيرلند وتمكين حكمها الذاتي، في الوقت الذي تبرز فيه الحقوق العالمية والحس التطوعي للفن، كأنما يقول الدابي أن الفن أداة أخرى في أيدي السلّطة التي لا تعترف بالحقوق المدنية وأن المصالح لتلتقي للمزيد منها. يطرح الدابي السؤال الوجودي الأكثر براةً "ما هو مستقبل المستعمرات؟ وكيف أستهلكها المست��مرون؟" وقد أجاب خلال الحوارات الشيقة بين رجالات وجنرالات السياسة والحرب في بريطانيا على السؤال الذي يعود به إلى مقولة في بداية الرواية "الهندي الجيّد هو الهندي الميت، والمُستَعَمر الجيد هو الجاهل". ثم يعود ليسأل من جديد هل الإمبريالية الأمريكية كانت نواتها عقول العصر الفيكتوري والجورجي، هل هم بناة أمريكا الحقيقيون أم اليهود الذين خدعهم الكنائس بادعاء أن أمريكا هي أرض الميعاد؟. ثم يفاجئ القارئ من جديد بمفهوم أن الهيمنة الأكثر لطفاً ستنقذ العالم من المرض والجهل بأن تقتل الأباء ثم تعلِّم الأبناء كره أولئك الأباء. تقع الرواية في ستة أجزاء و48 فصل، وتتخذ أسلوباً كلاسيكياً رصيناً في الشكل واللّغة، لكن التجريد الفريد كان في الراوي الذي تقمَّص شخصيات – سيده- كما كان يذكر – أو يعتقد- وقد سمحت تلك التقنية الذكية يتقديم بعض الأحداث من جانب شخصي مثل طقوس تعميد الماسون، وأنشطة الماسونية في تلك الفترة، كما شرحت بشكل كاف الحالة النفسية لهنري ولكم والتحولات والأزمات التي كونت شخصيته الغريبة المليئة بالعجائب والأساطير والفنتازيا، وببراعة أخذ الدابي صوت الرواي نهاية كل عدة فصول ليذوبه في مصيدة راوٍ جديد ينتفض عنها راوٍ جديد يحاكي أسلوب الراوي الأول وهكذا، لتسير الرواية في خطين، الأول للأحداث والثاني للرواي ومتاهته السردية. تطرح الرواية الأسئلة المحيرة؟ والتي يخاف الجميع الإجابة عنها أو مواجهتها، وتفتح النار على جبهات مختلفة، وتتهم التقدم العلمي والسياسي والطبي والصناعي بإستغلال العالم الفقير الذي كان البطل جزء منه ذات يوم، عندما كان طفلاً في أحد مناطق الغرب الأمريكي الأوسط. ذكر الدابي أن الرواية استغرقت منه حواليّ خمسة سنوات في كتابة متواصلة، وأن حقيقة ما فعله هنري ولكم في أطفال الجبل ضحايا تجاربه البشرية أكثر بشاعةً من روايته أو الحديث عنه، الجدير بالذكر أن الرواية تستند إلى أحداث حقيقية وقعت في الفترة بين 1853-1936م.
رواية شيقة وتأخذ بانفاسك من البداية للنهاية. وهي احداث غريبة لكنها واقعية مستقاة من أحداث حقيقية وقعت فى حقبة ليست ببعيدة، وتكشف عن كافة أشكال الاستغلال في النفس البشرية حتى الأقربين في سبيل تحقيق الذات، وتكشف عن مكر الإنسان عموما واليهودي بصفة خاصة. تتشابك فيها السياسة مع المصالح الشخصية والجريمة والحب والقسوة والخيانة والنزعة البشرية الهائلة والطموح المتوحش الذي لا تحده حدود ولو على جماجم الأبرياء... سرد ملفت واسلوب شيق واحداث متسارعة لا تستطيع التنبؤ بمساراتها الي اللحظة الاخيرة اضافة الى معلومات غزيرة عن نمط الحياة السائد في تلك الفترة بكل ما فيها... تصلح فيلم سينمائي بامتياز لو أجيد صناعته .. في بالي جورج كلوني بطلا لهذا الفيلم
في سرديته الملحمية(أطياف هنري ولكم) يبرهن الروائي السوداني الشاب مهند الدابي أن كتابة الرواية الكبيرة لا تستند فقط على المقدرة العالية على (الحكي) وإنما أيضا على المقدرة العالية على البحث والتقصي والتدقيق والتنقيب المفضي (للفهم) العميق لطبيعة العصر. في هذه السردية المتميزة يقدم الدابي عرضا دقيقاً لوقائع عصر كامل هو عصر (نهوض) الرأسمالية الجديدة من خلال تقاطعات سيرة حياة هنري ولكم وسومرست موم وسيلاس بوروز – كشخوص رئيسية – بالإضافة لسيرة العشرات من الشخوص (الثانوية) في سياق السيرة التاريخية لملايين البشر في مختلف أنحاء كوكبنا الأرضي. القراءة الممتعة للرواية حملتني لعوالم ساحرة يختلط فيها الواقع بالخيال بالرومانسية الحالمة بحيث يمكنني القول بأن أطياف هنري ولكم هي سردية يمكن قراءتها من جوانب متعددة. فهي تقع ضمن قائمة الروايات العديدة التي حاولت أن تقدم الحدث التاريخي بصورة مختلفة عما هو عليه في كتب (التاريخ الرسمي). وهي في ذلك تسير (بأصالة ودون تقليد) في ذات الدروب التي سارت فيها روايات مثل (عزازيل) ليوسف زيدان التي قدمت صورة مغايرة لتاريخ المسيحية في عصورها الأولى ورواية (الشيطان يزور موسكو أو المعلم ومارغريتا) لميخائيل بولغاكوف والتي قدمت (نسخة) مختلفة للتاريخ السوفيتي كلفت الكاتب حياته. من خلال تقنيات السرد المتنوعة يطرح الدابي رؤية مختلفة (للقضية اليهودية) هي أقرب للرؤية (الشكسبيرية) منها للرؤية السائدة التي تقدم اليهود (كضحايا) للظلم التاريخي والرؤية السلبية من قبل الآخر. كما يلعب الدابي بذكاء عن طريق الأحداث والإشارات والرموز على تقاطعات الماسونية العالمية مع (القضية اليهودية) والدور (العميق) للماسونية في الإمساك بالعديد من خيوط (مصائر) البشرية المعاصرة. بمهارة مدهشة وعبر تقنيات سرد متنوعة يقدم الدابي (بانوراما تاريخية) دقيقة لنشوء ما يعرف الآن بالولايات المتحدة الأمريكية. من خلال السيرة الغيرية لولكوم الجد وحفيده هنري ولكوم الأخير والتي تبدأ بلحظة وصول الجد المهاجر للأراضي الجديدة وتنتهي بعودة الحفيد إلى لندن. يقدم الدابي عبر مسارب ممتعة من السرد لواقع (متخيل) (التاريخ الحقيقي / المسخ) لأمة تطرح في كتب التاريخ الرسمية كمثال للرقي والتقدم واحترام الإنسان بينما هي في الواقع قد تأسست على الكذب والخداع واستئصال عرق (الهنود الحمر) واستعباد عرق آخر (الزنوج) من أجل بناء رفاهية المهاجر الأبيض. ويزيد من غنى الرواية ذلك التقاطع بين سيرة حياة الأمريكي هنري ولكم مع الكاتب (الأوربي) سومرست موم والذي يفضح الدابي من خلاله (التاريخ الفضائحي مسكوت عنه) لبريطانيا وأوربا العصر الفيكتوري. تتسم الرواية باتساق وانتظام مسارات السرد فيها. فقد التزم الدابي منهجا شديد الدقة في رصد وتسجيل (الأحداث) التاريخية بتواريخها الحقيقية وتسلسلها الزماني وموضعها المكاني. لكن تلك الدقة لم تمنعه من إعمال مبضع (خياله) الخصب في صياغة التفاصيل المتعلقة بدور (شخوصه) في تلك الأحداث. ومن خلال المزج الخلاق بين (الدقة المفرطة) في (تتبع) (الأحداث التاريخية) و (الخيال اللامحدود) في (اختلاق) (التفاصيل) المتعلقة بالأحداث وحركة شخوص روايته استطاع الدابي أن يتخطى لحد بعيد مأزق الرواية التاريخية. لقد قدم لنا تخيله (للتاريخ) من وجهة نظره كسارد بلا لف ولا دوران ولا ادعاء (لأمانة) (مستحيلة) تاركاً للمتلقي مهمة التأويل والتفسير والقبول أو الرفض. ومما يكسب الرواية أهمية خاصة أن (التاريخ) الذي تتناوله هو تاريخ قريب ماثل لا تزال أحداثه ساخنة تلقي بظلالها وتأثيراتها على واقعنا الراهن. بل يمكن القول أن هنري ولكم ما زال (يؤثر) في واقعنا من خلال الإرث (العلمي) الذي تركه والعطايا (الوقفية) التي جاد بها في أيامه الأخيرة. كما أن (الولايات المتحدة الأمريكية) – التي ساهم هنري ولكم مساهمة (مخزية) في تأسيسها من خلال إشتراكه الفعال في مجازر إبادة الهنود الحمر – هي الآن (قطب) العالم الأوحد الممسك بناصية الأحداث فيه تحت رايات (العولمة) في نسختها الأمريكية. وعلى هذا الأساس يمكننا القول أن أطياف هنري ولكم هي رواية (تخييل للتاريخ) كما يمكن اعتبارها سيرة غيرية سردية (متخيلة) لهنري ولكم من خلال علاقاته المتشابكة مع سيلاس بوروز وسومرست موم وسيري برناردو قولدماين وايميلي نورثومب وشخوص الرواية الآخرين. لكن الرواية – رغم التزامها بدقة التسلسل التاريخي للأحداث – هي في ذات الوقت رواية خيال وفانتازيا بامتياز. وهي أيضا قصة حب رومانسية متعددة الأطراف. فقد لعب الدابي على التفاصيل الدقيقة للحياة اليومية لشخوص روايته مقدماً لهم كشخصيات فانتازية تبدو كما لو كانت قادمة من عوالم أخرى. لكنها قادمة بالضبط من عوالم (الحقيقة البشرية) التي هي أغرب من كل فانتازيا يمكن أن يتخيلها سارد أو شاعر أو رسام.
للوهلة الأولى تظن بأنك بدأت في قراءة عمل مترجم، يبدأ بسرد بداية تكوين هنري الذي لا يمكنني وصفه إلا بالوحوشية في جميع مراحل حياته حتى بدخول سيري إليها فهو شخصية مقيتة ومتقدة الذكاء من وجهة نظري. هذا العمل يجعلك تغوص معه في حقبة زمنية معينة تغرق في تاريخ الصناعات الدوائية والحروب التي ترتبط بنموها، المطامع الإنجليزية التي لا تحمي غير أصحابها دون أن تنظر وراءها لما تخلفه من ضحايا، المجتمع الفكتوري مدعي المثالية، والصورة للرجل الديني المتزمت في الديانات المختلفة، وملامح الجهل والفقر والضعف.. عمل رائع ومميز نفض عن ذاكرتي كثير من القراءات التي لم ترقني كما فعل مهند الدابي هنا. مجهود رائع يستحق وقفة للاشادة به.
هنالك قفزات زمنية متعبة، احداث مهمة تسرد سريعا، واحداث عادية تأخذ حيزاً واسعاً من الرواية، الان وانا على بعد اقل من مئة صفحة من نهايتها لا اعلم ما هو الدافع الذي يجعلني استمر في قرائتها فانا لا انتظر شيء معين لاعرفه او لغز يجب حله، هذا لايمنع انها مليئة بالتفاصيل والثرد لوقائع وتفاصيل تاريخية بدقة عالية، ولكن التسلسل والحبكة الروائية كانت ضعيفة.. اشعر بأنها مجموعة مذكرات اكثر من كونها رواية.
أود أن أعبر عن كامل اعجابي براوية أطياف هنري ويلكم. حقيقة هذا الرجل محظوظ بأن وقع في طريق هذا الكاتب الفذ حتى يكتب عنه بكل هذا الجمال و الاحترافية العالية في السرد فيظهر لنا كأنه أسطورة عاشت في زمن ما دون ان تخلق اي جلبة. الجهد الذي بذله الكاتب في الأستقصاء و البحث آتى أكله ضعفين، فنحن نشعر في الرواية ان كاتبها عاش بين الاحراش و الغابات في امريكا في منتصف القرن التاسع عشر، نرى الهنود الحمر يتحركون في مخيلتنا، و نرى الحروب التي دار�� بينهم و بين البيض، نرى فروات الرؤوس تسلخ، و جواميس البيسون تركض في الأنحاء .. نفس الأمر بالنسبة لطبيعة الحياة في المملكة المتحدة في القرن التاسع عشر و بداية القرن العشرين، الحياة في مدينة لندن، رائحة الخبز، البائعة المتجولون، المراكب التي تجرها الأحصنة، الحوذي الذي يجلس خلف الركاب، قعقة سنابك الأحصنة تتناهى الى آذاننا، جريمة جاك السفاح، حي الوايت تشابل، محققوا الاسكوتلانديارد، العاهرات مقطوعي الاحشاء و الأرحام، الحفلات المسائية، رجال البلاط، الفنانون و الكتاب، اوسكار وايلد، سومرست موم (بفضل هذه الرواية تعرفت على هولاء الكتاب، و قرأت صورة دوريان جراي لاوسكار وايلد، و اعجبت بها ايما اعجاب) .. النص متماسك تماسك اشجار النيم امام سراي الحاكم العام ، كدت التهم الاوراق التهاماً من روعة السرد و اسلوب الكتابة و جمال اللغة الرصينة الواضحة، و من روعة التشابيه الغير ��تكلفة. حقيقة وبلا مجاملة، بعد الطيب صالح لم اقرأ لكاتب سوداني أخذني براويته مثل مهند الدابي، فهنيئاً لنا بمهند كاتباً .. و بلا مجاملة ايضاً اقول انه كاتب ينطلق الى العالمية .. كنت قد سمعت بالرواية و انا بالغربة بينما اشاهد برنامج الوراق للاستاذ غسان، و اشاهد معه الكاتب يتحدث عن الرواية ، و في لحظتها ايقنت انني لا بد ان اقرأ هذه الرواية ... و في اول زيارة لي للسودان، بحثت عنها و وجدتها و بدأت بقراتها بنهم و شراهة كأني مدخن تناول سيجارة بعد فترة ... حقيقة كانت الرواية عند حسن ظني بها، بل أكثر مما كنت اتوقع ... و انا في لهفة لقراءة الاجزاء التي ستليها، (وقائع جبل موية)، و (السرايا الصخرية) ...
انها الرواية تجعلك تنتظر الشهقة الجديدة لتشعر بالحياة.. هل هذه حقاً حقيقة السفاح جاك؟ هل أجرى هذا الولكم التجارب على الصغار في بلد السودان،... الرواية جميلة جداً وشيقة قرأتها بأنفاس متسارعة وخوف حقيقي الراوي شيء بديع ومختلف ولو فكرت لحظة لضاعت الحبكة لذلك قرأتها بشكل متواصل تستحق 5 نجمات تحت ضوء القمر صديقي بيرو أعرني ريشتك لأكتب كلمة فشمعتي قد ماتت وما عاد لدي نور كلنا عراة تحت ضوء القمر وهنري ولكم وأمثاله يمتصون دماء الضعفاء حتى الشواذ مثل سومرست موم لم يدع الكاتب لهم مجال للهرب بما لم يعلمه التاريخ عنهم اعتقد أن الرواية بها الكثير من الأمور التي لم أفهمها
"جميعنا جاك السفاح، إن أردت أن تقتل قاتلاً فهذا يعني أنك قاتلٌ آخر ولا فرق بينكما. الخطيئة الواحدة أفضل من الخطايا التي لا تنتهي، وإن أردت أن تبحث عن حقيقة قاتل الوايت تشابلن؛ فابحث في العالم بأسره، أؤكد لكم أنكم ستجدونه، لكن ليس رجلاً واحداً كما يحسب قرَّاء الصحف، بل ستعرفون أننا نعيش وسط القتل في كل مكان.. هذا العالم عبارة عن مقتلة كبرى"
رواية جبااارة ومختلفة عن الأدب العربي والسوداني، مليئة بالمعلومات والأسرار عن اليهود ومؤامراتهم ، رواية سينمائية بلا شك فكأنني اري كل مشهد امامي ، ما خيب ظني هو غياب الحضور السوداني الجميل في الرواية وأيضا هي رواية شيقة من أول صفحة الي النهاية
This entire review has been hidden because of spoilers.
خمس نجوم لأنني لم استطع التوقف عن قراءة الرواية… السبب الاول هو غرامي بالتاريخ و بتاريخ الفونج التى كانت بدايتهم من جبل مويا و تاريخهم و تاريخنا المبهم …استمريت بالقراءة على الرغم انني كثيراً ما ضعت و ضجرت من الحوارات الجانبية و ما بدى لى كمقدمة طويلة جداً مليئة بالبحث البديع و الجهد المقدر وهذا هو السبب الثاني للتقيم. لكن للاسف فى النهاية لم تشبع الرواية و لا النهاية فضولي عن جبل مويا ولا ويلكم ولا حقيقة ما حدث.
مهند الدابى واطياف هنرى ويلكم الكتاب رائع بحق. المدهش فيه تفاصيله الدقيقة للمكان وتقاطعاته مع الزمن. فى أحيان كثيرا ما انتابنى الشك فى أن الراوى وهو الكاتب نفسه كأن روحه قد تناسخت لتروى الأحداث وتصورها بعين كاميرا بالغة الدقة والحساسية لدرجة تجعلك تحار أين تبدأ الحقيقة واين تنتهى الرواية. أعمل الكاتب مبضعه لأعوام طوال يفتش فى مصادره الخاصة وما استطاع له سبيلا من المعلومات عن حياة هنرى ويلكم المحاطة بجدار سميك من السرية. كل المتاح عنه اسفيريا يكاد أن يكون لمحات عابرة وان وجدت تفاصيل فهى مادحة وشاكرة بكثير من المدح والتبجيل. هنرى ويلكم فعلا غامض حد الخوف. لاتعرف معه ليلك من ضحاك. يبتلعك كثقب اسود عالى الكثافة وباشد ما تكون قوة الجاذبية. كان عبقريا بدون شك واستطاع أن يطور الصناعة الدوائية وأسس لنفسه امبراطوريه صناعية ضخمة بالغة الثراء. يحاول الكاتب وغيره ممن كتبوا عن جوانب شخصية هنرى ويلكم الخفية تصويره بالقاتل المتعدد أو حتى بأنه جاك السفاح الشهير فى أوساط الصحافة والروايات الإنجليزية منذ أكثر من قرن من الزمان. ولكن الحدود الفاصلة والأدلة الدامغة تكاد تكون من الاستحالة بمكان فى رأى الجزم بها يقينا كافيا لإصدار حكما عليه. هو عبقرى وربما به طيفا من التوحد أو الشخصية الانطوائية وربما كما هائلا من العدوانية والشر الطاغى أخفاها بابحاثه المتقدمة فى اكتشاف الأدوية وتطويرها وبسطوته المالية وعلاقاته مع الطبقات الاجتماعية الراقية. بحثت على المستوى الشخصى عن تفاصيل حياته والاتهامات حوله ولكن وجدت المعلومات المتاحة لها سقفا سميكاً من المحدودية والتى لا تسمن ولا تغني من جوع. كنت احاول ان اصل الى حقيقة أن رواية أطياف هنرى ويلكم أكثر من مجرد رواية أو كتابة غلب عليها فرط خيال الكاتب فى إضفاء أجواء الشخصية السايكوباثية للسيد هنرى ويلكم ولكن لم تشفى المعلومات القليلة المتاحة غليلى. وحين ازدادت حيرتى كاتبت الأديب مهند الدابى بالبريد الالكتروني ولكنه يستحق منى جائزة نوبل فى القتاته وهى بالطبع من صفاتنا. لفت انتباهى إلى لقاء تلفزيوني له من حلقتين وفى رأى أنه كان حريصاً على ابقاء طبقات الشك فى ظلامها مما يضفى على الحدث والرواية مزيدا من الإثارة والغموض. الرواية قطعا ليست كتابا للتاريخ أو التأريخ ولا حتى سجلا لإحداث يومية بل هى عمل ابداعى تتداخل وتتلاقح فيه مستويات مختلفة من اللغة والدلالات مع تقاطعات الحدث مكانا وزمانا مع تعرجات الخيال عند الكاتب لترسم اعماق وتضاريس واسطح شخصيات الرواية وتفاصيل أحداثها ومساراتها واطيافها. وليس من أهداف الرواية أو مقاصدها تقديم اجابات عن التاريخ وغموضه ولكنها تكتفى فى الغالب الاعم بالاشارة لغة وتلميحا وتترك تلك المسافة العريضة الفاصلة بين الخيال ونصوص الواقع للقارئ أو الناقد لمستوى مختلفا من القراءة والرؤية النقدية. بحث الكاتب عميقاً عن شخصية هنرى ويلكم ولعله قضى أعواما يرسم خطوط الأحداث مكانا وزمانا على الرغم من أنه لم يتمكن من زيارة بريطانيا فلقد منع من الحصول على الفيزا ولكنه كتب كمن عاش فى مدن المملكة المتحدة وشوارع الوايت شابل وغيرها من أماكن سير احداث الرواية. تخيلت أنه قد استحضر روح هنرى ويلكم واستنطقه وهذا فقط لاشير إلى مقدرته الفذه والمذهلة فى كتابة التفاصيل الدقيقة جدا بكل تعرجاتها وزواياها إضاءة وظللا. وروعة الكاتب وكتابته وأسلوبه المتنوع فى الأسلوب والطريقة والاليات الكتابية بجانب اللغة المتناسقة مع الاحداث وتنوعها كما وكيفا. زرت فى شارع مالبورن مقر شركة هنرى ويلكم وقد تحول إلى متحف يضم مقتنياته التى فاقت المليون قطعة ولوحة وغيرها ولكن من المستحيل أن تجد ملمحا أو إشارة إلى شخصية هنرى ويلكم الآخر أن صحت الرواية أو الكتابات الأخرى التى تتهمه بالقتل والعدوانية. فى ظنى ان الكاتب شعر بقسوة التفاصيل وانعدام الدليل الدامغ فكتب بعض الإيضاح فى اخر الرواية و ليس من المعتاد أن يقدم الكاتب تفسيرات أو إشارات ايضاحية للروايةوفى راى بأنه حسنا فعل بل وبذكاءا شديد زاد الشك غموضاً والأسئلة ايغالا في التساؤل. على الرغم من كل هذا تبقى الرواية إضافة متميزة للرواية العربية بلغتها الرائعة وتفاصيلها الثرة ومقدرتها المدهشة فى الوصف للمكان بجانب تكنيك الكتابة متعدد المستويات نوعا ودقة. هى رواية مكانية متكاملة التفاصيل لدرجة تخالها فيها أنها كتاب سيرة ذاتية بكل هواجس الشخصية وظنوها. أخيرا الرواية إضافة ثرة للمكتبة الأدبية وتبشر باديب يعرف طريقه وله أسلوبه الاستقصائى المتميز. حسن قطبي محمد
أعطي هذا الكتاب نجمتين واحدة لقدرة الكاتب على السرد والأخرى لإلمامه الواسع بسيرة حياة هنري ولكم التقاط الكاتب لسيرة حياة هنري ولكم ذائع الصيت، وهي فكرة موضوعية في تناولها لارتباط حياة الكتاب بالسودان بشكل معقد وغامض، لكن أعتقد أن الكاتب لم يقم بمعالجة هذه المعرفة بالشكل الجيد الذي يمكن هذا العمل من أن يصبح عملاً أدبياً مهماً
الرواية لم يكن لها صوت راوي واحد، أحياناً كنا نشعر بصوت أبراهام وأحياناً بصوت يوري الذي اكتشفنا لاحقاً أنه أبراهم الذي أوهمنا الكاتب أنه قتل، وأنه عاد إلى حياة هنري في شخص يوري الذي واصل رواية أحداث الرواية، أحياناً تبدوا الرواية بصوت الراوي العليم وأحياناً بصوت هنري وفي مرات بصوت سيري زوجة هنري
الشخصيات المساعدة حول شخصية ع=هنري لم تعط حقها من السرد والوصف، كانت كل أفكارها تناقش حلو شخصية ومواقف وتصرفات هنري
القفز المكاني والزمني، لم يكن هنالك تسلسل أو ترابط سلس للأحداث
المباشرة في إيصال المعلومات لم يترك للقارئ فرصة المعرفة، لا مكان للإحاءات، الجمل والأفكار تقال كما هي
الإسهاب في أماكن غريبة جعل النص يبدوا كأنه نسخة أولى لم يتم تحريرها.. مثلاً سرده لحياة سيري العاطفية قبل ما ولكم، والاختزال الغريب في أماكن تستحق الإسهاب مثلاً عند اكتشاف ولكم علاقات زوجته العاطفية السابقة، لم يحكي لنا الكاتب أي شي غير إن تلك الرسائل ولدت شكاً عند ولكم تجاه طفله الذي تحمله سيري بالإضافة لبعض التناقض في الأحداث، مثلاً عندما خرج ولكم من أمريكا مقرراً عدم التواصل مع أهله حسبما حكى لنا الراوي، لكننا نفاجأ في منتصف الرواية فجأة بأن ولكم أحضرهم إلى لندن وأوجد لهم وظائف
أعتقد أن الرواية كانت ستكون غنية بلغة رفيعة أنيقة تناسب شكل الحياة في ذلك الوقت، لكن للأسف اللغة لسيت لغة ذلك الزمان، كما أن بعض التعابير كانت غريبة، مثلآً: أحول أن أكون إنجليزياً بارداً، لا أعتقد أن شخصاً إنجليزياً سيصف نفسه بهذه الطريقة القاسية
أكثر ما أزعجني هو الاهتمام الضعيف بالسياق التاريخي للأحداث، تلك الفترة الغنية بالمنعطفات التاريخية والسياسية مر عليها الكاتب مروراً بدون نسجها بسيرة ولكم.. أيضاً موضوع الماسونية، أعتقد أنها لم تعطى حقها في العمل، لأن الرجل كان يوصف بالماسوني لكن فصلاً أو اثنين عن بعض ممارساته لكنن الكاتب لم يحكِ لن كيف أصبح ماسونياً مثلاً.. ذات الفجوة شعرت بها عند سرده لحياته العملية، لم يعرفنا الكاتب على كيف اهتدى لاكتشاف تلك الأدوية؟ كيف كان يقضي وقته في المعامل وبماذا كان يفكر
مع احتدام الصراع التاريخي في فلسطين، وعجز قادة الدولة العبرية عن حسمه لصالح المشروع الصهيوني ، ونحن نعيش اليوم أوجاع غزة تأتي تفاصيل حياة هنري ويلكم كشاهد حي على التحولات الكبيرة والتواطؤ السياسي.
الرواية تستعرض حياة السير هنري ويلكم المتحمس للقومية اليهودية ، وتعكس اهتمامه العميق بتأسيس وطن قومي لليهود، وتسلط الضوء على دوره كداعم كبير لمؤتمر بازل في سويسرا وكيف لعبت خلفيته العائلية وخاصة الإجلاء القسري لعائلته من بريطانيا إلى أمريكا دوراً محورياً في تشكيل آراءه واهتماماته.
تُظهر الرواية علاقته الوطيدة ببلفور ودوره في استصدار وعد منه بإنشاء وطن لليهود.
أمريكا في حربها ضد غزة كشفت لنا عن وجهها الحقيقي إذ طالما خدعتنا بشعارات زائفة مافتئت ترددها على أسماعنا تُظهر لنا جليا التناقض بين القيم المزعومة والأفعال الحالية للدولة ، وتُظهر أيضاً فشل الأنظمة السياسية خاصة الأمم المتحدة في تحقيق إدانة فعالة للأحداث في غزة.
ثم وأنا أقرأ الرواية واتتبع فيها حياة هذا الرجل أجده نمطاً متكرراً من العنف حيث يتم استعراض تاريخه وتجربته كنتاج لهذه الأمريكية المتوحشة، وكيف تتشابك أحداث الرواية لتُظهر التشابه مع جرائم الماضي، ومافعلته أمريكا بسكانها الاصليين في الماضي هو مايفعله تماماً الجنود الاسرائيليون بمواطني غزة.
تُقدم الرواية نظرة حادة على الاستعمار والقتل، ملامح القسوة والظلم وتستكشف تاريخ التوسع الامريكي والتأثيرات الكارثية على السكان الاصليين ويظهر في وصف هنري ويلكم في الرواية أنه شخص تطوع للقتال في سلاح الخيالة الأمريكي ضد الهنود الحمر خلال الحرب الأهلية، وقد نال وساماً للمشاركة في معارك ضدهم ، تتطرق الرواية إلى جوانب مظلمة حيث تشير إلى دوره في نقل فيروس الجدري للهنود الحمر عبر جماعات تبشيرية وإسهامه في إنشاء عيادات ميدانية للحد من نسل الهنود الحمر بطرق غير أخلاقية.
قصة هذا الرجل الذي يجمع بين الغموض والقسوة تتناول رحلته الحياتية في قرية ألموند في الغرب الأمريكي ، حيث نشأ في بيئة مليئة بالتحديات بعد أن تركت أسرته بريطانيا بسبب فرضية أو أكذوبة نجحت بريطانيا في الترويج لها وهي أن أمريكا )أرض الذهب أو الأرض المحررة وقتها( هي أرض الميعاد لليهود ، أدت إلى اضطرارهم للهجرة ورسمت شخصيته بألوان مظلمة، وتشكلت لديه قوة البقاء والرغبة في البحث عن الهوية في ظل الغموض المحيط به، وتتناول القصة مواجهته لتحديات الماضي وتأثيره على علاقاته وقراراته في الحاضر مما يخلق رحلة سردية مثيرة ومعقدة.
كل ذلك يظهر كيف أثرت قضية الوطن في نفسه وفي تصميمه على تحقيقها، وكيف تلاقت أهواءه مع المصالح البريطانية في قصة تواطأ فيها الحكام العرب، و تمت الخيانة وكانت النتيجة اغتصاب فلسطين وتمكين الصهاينة منها.
وأختم بمشهد السفينة المتجهة إلى ليفربول في الرواية حين يلتقي هنري ويلكم ب د/هنري ديل ويدور بينهما هذا الحوار :
ويلكم : إن الاستعمار الجديد يعتمد على العبودية مهما تغير شكلها واسمها ولم تستطع جلالة الملكة ومن بعدها حفظ إراقة الدماء، يبقى الاستعمار هو الاسم الجديد لتجارة الرقيق التي منعها المستعمرون بالقانون، فأتى المستعمرون ليغيروا الفكرة والمفهوم.
هنري ديل: مايحدث أثناء الحرب يبقى جزءاً من الحرب، الجميع يموتون هناك ، وهذه نتيجة طبيعية لسقوط طرف وانتصار الآخر، في الحرب تختلف المفاهيم والسبل لكنني لاأستطيع أن أجزم بأني أفهمكم جيداً أنتم معشر الامريكيين ، فأنتم أكثر الناس علماً بالحرب وفي تقديري أن انسانيتكم ليست في نفس مستوى البشر في أي مكان بالعالم، أنسيتم مافعلتموه بالهنود الحمر كيف أفنيتم شعباً بأكمله وقتلتم قبائل لتتعاركوا بعدها طمعاً في ثروة ستكفيكم جميعاً على أية حال، ها ؟ ياللمسيح ألا تعلم مافعله سلاح الفرسان الأمريكي بالهنود اللاكوتا في مذبحة الركبة الجريحة.
الرواية تفتح نافذة على واقع قاسي ومعقد .. واستكشاف مثل هذه الأعمال يساهم في فهم أعماق التحولات الاجتماعية والتاريخية ...
قصة مدهشة عن شاب مضطرب غريب الأطوار وفتاة لعوب وروائي مغمور... ولجت مع الراوي الى المتاهة الحكائية وعجزت -جتى الان- من الخروج منها... الرواية شيقة جداً ومختلفة عن الروايات التي قرأتها مؤخراً لغتها راقية ومفرداتها جميلة كتشبيهاتها العجيبة.. واحس فيها روح الرواية المترجمة
روايه اكثر من عاديه. شعرت بالملل في اكثر من موضع اثناء القراءة، الأفكار غير مرتبه والحبكه الروائيه ضعيفه. لم افهم ماهيه الراوي عوضا علي عدم المجي لزكره في اخر الروايه.
كانك تقرا سيره زاتيه لعملاق الصناعه الدوائيه في القرن العشرين وليس روايه.
كتاب مشوّق ويحبس الأنفاس، مسترسل في الرواية، ومتعدد الوجهات، ما أن تغرق بين صفحاته تفارقك الرغبة في النجاة. أحببت طريقة السرد لدى الكاتب، إلا أن النص يكاد يخلو من أي مرونة لغوية، مأخذي الوحيد. إذا أتتك فرصة لقرائته، لا تتردد!
في البداية اعتقدت أن الكتابة وشد اهتمامي وأنا أقرأ بدا الكاتب يمرر لي عبر الأحداث التاريخية بعض الرؤى ثم تورط في حكاية آيب وأحداث القتل في لندن.. رواية ملهمة
هذا الجهد يكشف وجها اخر لشخصية كانت محل اعجاب لما قامت به من عمل ظاهره يستوجب الشكر والعرفان.. بيد ان المديح و الاحتفاء بها كان بلا شك جهلا بحقائق اخرى مسرحها كان احد جبال السودان النائية.