شيءٌ جميلٌ أن نستطيع الالتفات للوراء دون حنين ودون ألم ودون حقد أيضاً وأن نستخدم القلم لتنظيف الجرح دون بعثرة حواس أنّ أصدق الرسائل تلك التي ترسلها إلى نفسك لا يشاطرك فيها أحد وطننا يتسع الجميع إلا الأحلام كان لزاماً علينا يوم خلعنا ثوب غربتنا أن نخلع أيضاً أحلاماً ذرفنا من أجلها الدموع وجافانا بسببها النوم لذةً وشغفاً بعض المعارك في خيراتها شرف من عاد من مثلها ما انهزما لابد من جراح صغيرة ستعلمنا الكثير نكبر بها ونقوى يا صغيرتي تدور عجلة الأيام بسرعة لا نفهمها غالباً تسقط معها أياماً خلت من أعمارنا مقتربين من النهاية تسقط شبابنا وضحكاتنا العالية وذكريات فرح ولقاء وفراق تُحال جميعها كما لون شعرنا المتقد والشغف اللامع في الأعين إلى العدم حيث النسيان بأكثر وجوهه تجرداً ليحل البياض بدلاً وتحتل التجاعيد صفحة الوجه الذي كان شاباً يوماً ما سيكون عند الكثيرين أكبر الجهاد وأعظم الطموح أن يسكت جوع أطفاله ويجد قوت يومه قيل يوماً أن فتيل الحب مع الأيام يبرد فالوهج يكمن في البدايات وكذلك عند الفراق ويتوه ما بينهما ولم أؤمن بذلك يوماً صاحب الجرح هو الأكثر قدرة على تضميد جراح العالم حتى لتحسب أنه ما مسه قرحٌ قط للإنتظار وإن كان فيه الأجر العظيم سياطاً تلسع ومفاتيح لأبواب يطرقها الناس بعضهم لهفة والآخر شماتة في وقت تكون فيه الروح بأشد الحاجة الى يد حانية وكلمة طيبة ثمة أشياء لا تقاس بالمال لا تباع ولا تشترى نحن تسلبها قيمتها إن قابلناها في المال من المدهش أن الأشياء مع المسافات تبدو أصغر ..فعلاً من أكثر وجوه الحياة قباحةً هو ذاك الوجه المادي البحت فهو المقياس الذي تُكال به قيمة البشر ومكانتهم في مجتمعٍ بائس وهو الثمن مقابل الصحة فإن لم يكن معك فلتكن بصمت أنّ الأجوبة لا تقتصر على الكلام فقط بل تتعداه ليكون للصمت لسان وليكون الدمع الساخن النازل جواباً والابتسامة الذابلة أو المشرقة لها عمل حديثٍ طويل