الزهد فى متاع زائل ودنيا فانية هو قارب النجاة الوحيد من خضم غرورها ولهوها.. هذا الذى أمر به الإسلام حين شرع لنا ما يتيح لنا الحياة بطريقة سليمة، وفى ذات الوقت حبب إلى قلوبنا الآخر وهى الدار الباقية. فكما أمرنا الرسول صلى الله عليه وسلم أن نعمل فى دنيانا كأننا نعيش فيها أبدا، ذكرنا بعمل للآخرة كأننا نموت غدا. وهذه هى المعادلة الصعبة التى نعيش بها دنيانا فى ظل الإسلام.. فنكون فى الحياة بقلوب متعلقة بلقاء الرحمن ومتشوقة إلى الحياة الدائمة. وفى تاريخ الأنبياء والرسل والصحابة والتابعين نجد الكثير من الدروس والعبر والصور لحاية الزهد التى عاشها من كانوا يقدرون على حمل متاع الدنيا بين يديهم، وهى صور ترى قبساً منها فى هذا الكتاب الذى وضعه الإمام "أحمد بن محمد بن حنبل"، جمع فيه من زهد الرسول صلى الله عليه وسلم وسليمان ويوسف وموسى وعيسى ونوح وأيوب وبقية الأنبياء عليهم السلام.. إلى زهد الصديق والفاروق وذى النورين و غيرهم من الصحابة الكرام رضى الله عنهم وغير الصحابة رحمة الله عليهم.
هو أبو عبد الله أحمد بن أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني. قال ابن الأثير: "ليس في العرب أعز دارًا، ولا أمنع جارًا، ولا أكثر خلقًا من شيبان". وكان في قبيلة شيبان الكثير من القادة والعلماء والأدباء والشعراء، فالإمام أحمد عربي أصيل ينتمي إلى هذه القبيلة، وهي قبيلةٌ ربعيةٌ عدنانيةٌ، تلتقي مع النبي صلى الله عليه وسلم في نزار بن معد بن عدنان. وكان الإمام أحمد (رحمه الله) رجلاً طوالاً رقيقًا، أسمر اللون، كثير التواضع. وقد وُلِد ببغداد سنةَ 164هـ/ 780م.
طفولته وتربيته
نشأ أحمد بن حنبل يتيمًا، وكسائر أترابه تعلم القرآن في صغره، وتلاه تلاوة جيدة وحفظه عن ظهر قلب، وعندما تجاوز الخامسة عشرة من عمره بدأ يطلب العلم، وأول من طلب العلم عليه هو الإمام أبو يوسف القاضي، والإمام أبو يوسف - كما هو معلوم - من أئمة الرأي مع كونه محدِّثًا، ولكن مع مرور الوقت وجد الإمام أحمد أنه يرتاح لطلب الحديث أكثر، فتحوَّل إلى مجالس الحديث، وأعجبه هذا النهج واتفق مع صلاحه وورعه وتقواه، وأخذ يجول ويرحل في سبيل الحديث حتى ذهب إلى الشامات والسواحل والمغرب والجزائر ومكة والمدينة والحجاز واليمن والعراق وفارس وخراسان والجبال والأطراف والثغور، وهذا فقط في مرحلته الأولى من حياته. ولقد التقى الشافعي في أول رحلة من رحلاته الحجازية في الحرم، وأُعجِبَ به، وظلَّ الإمام أحمد أربعين سنة ما ييبت ليلة إلا ويدعو فيها للشافعي. وقد حيل بين أحمد ومالك بن أنس فلم يوفَّق للقائه، وكان يقول: "لقد حُرِمتُ لقاء مالك، فعوَّضني الله عز وجل عنه سفيان بن عيينة".
أهم ملامح شخصية الإمام أحمد وأخلاقه
ورعه وتقواه وتعففه
كان رحمه الله عفيفًا، فقد كان يسترزق بأدنى عمل، وكان يرفض أن يأخذ من صديق ولا شيخ ولا حاكم قرضًا أو هبة أو إرثًا لأحدٍ يؤثره به.
قال أبو داود: "كانت مجالس أحمد مجالس آخرة، لا يُذكر فيها شيء من أمر الدنيا، وما رأيت أحمد بن حنبل ذكر الدنيا قَطُّ".
ثبات الإمام أحمد رغم المحنة
كان الإمام أحمد على موعد مع المحنة التي تحملها في شجاعة، ورفض الخضوع والتنازل في القول بمسألة عمَّ البلاء بها، وحمل الخليفة المأمون الناس على قبولها قسرًا وقهرًا دون دليل أو بيِّنة.
وتفاصيل تلك المحنة أن المأمون أعلن في سنة (218هـ/ 833م) دعوته إلى القول بأن القرآن مخلوق كغيره من المخلوقات، وحمل الفقهاء على قبولها، ولو اقتضى ذلك تعريضهم للتعذيب، فامتثلوا خوفًا ورهبًا، وامتنع أحمد بن حنبل ومحمد بن نوح عن القول بما يطلبه الخليفة، فكُبّلا بالحديد، وبُعث بهما إلى بغداد إلى المأمون الذي كان في طرسوس، لينظر في أمرهما، غير أنه توفِّي وهما في طريقهما إليه، فأعيدا مكبّلين إلى بغداد.
وفي طريق العودة قضى محمد بن نوح نحبه في مدينة الرقة، بعد أن أوصى رفيقه بقوله: "أنت رجل يُقتدى به، وقد مدَّ الخلق أعناقهم إليك لما يكون منك؛ فاتقِ الله واثبت لأمر الله".
وكان الإمام أحمد عند حسن الظن، فلم تلن عزيمته، أو يضعف إيمانه أو تهتز ثقته، فمكث في المسجد عامين وثلث عام، وهو صامد كالرواسي، وحُمل إلى الخليفة المعتصم الذي واصل سيرة أخيه على حمل الناس على القول بخلق القرآن، واتُّخذت معه في حضرة الخليفة وسائل الترغيب والترهيب، ليظفر المجتمعون منه بكلمة واحدة، تؤيدهم فيما يزعمون، يقولون له: ما تقول في القرآن؟ فيجيب: هو كلام الله. فيقولون له: أمخلوق هو؟ فيجيب: هو كلام الله. ولا يزيد على ذلك.
ويبالغ الخليفة في استمالته وترغيبه ليجيبهم إلى مقالتهم، لكنه كان يزداد إصرارًا، فلما أيسوا منه علَّقوه من عقبيه، وراحوا يضربونه بالسياط، ولم تأخذهم شفقة وهم يتعاقبون على جلد جسد الإمام الواهن بسياطهم الغليظة حتى أغمي عليه، ثم أُطلق سراحه وعاد إلى بيته، ثم مُنع من الاجتماع بالناس في عهد الخليفة الواثق (227- 232هـ/ 841- 846م)، لا يخرج من بيته إلا للصلاة، حتى إذا ولي المتوكل الخلافة سنة (232هـ/ 846م)، فمنع القول بخلق القرآن، وردَّ للإمام أحمد اعتباره، فعاد إلى الدرس والتحديث في المسجد.
ما قيل عن الإمام أحمد
عن إبراهيم الحربي قال: "رأيت أحمد بن حنبل كأن الله قد جمع له علم الأولين والآخرين من كل صنف، يقول ما شاء ويمسك ما شاء". وعن أحمد بن سنان قال: "ما رأيت يزيد بن هارون لأحد أشد تعظيمًا منه لأحمد بن حنبل، ولا رأيته أكرم أحدًا كرامته لأحمد بن حنبل، وكان يقعد إلى جنبه إذا حدثنا، وكان يوقره ولا يمازحه، ومرض أحمد فركب إليه فعاده".
وقال عبد الرزاق: "ما رأيت أفقه ولا أورع من أحمد بن حنبل". وقال وكيع، وحفص بن غياث: "ما قدم الكوفة مثل أحمد بن حنبل". وكان ابن مهدي يقول: "ما نظرت إليه إلا ذكرت به سفيان الثوري، ولقد كاد هذا الغلام أن يكون إمامًا في بطن أمه".
مجموعة من أحاديث الزهد وايثار الآخرة على الدنيا الزائلة، زهد النبى وصحابته والتابعين.
وجه الشبه الأعظم بين هؤلاء القمم ، هو الخوف بل الرعب من التكليف والمسؤولية،قد كان أغلب الصحابة الكرام والتابعين يتمنون لو أن كانوا تراباً او شجراً تصفقه الرياح او رغبة بعض زهاد التابعين فى عدم معرفة مصيرهم حتى لو كان الى الجنة، فهم يعلمون جيدا انه لا ثواب بلا عمل، فمعنى ان تدخل الجنة انك مكلف ومسؤول مسؤولية جسيمة، أن تؤثر طاعة الله ومرضاته على الشهوات الذائلة.
البعض قد يرى هناك مغالاة فى مواقف الزهد والخشوع، لكن هؤلاء لا يراءون ولا يدعون، انهم على سجيتهم على احساسهم الطبيعى بفهمهم لطبيعة الدنيا والتى وان عظمت مباهجها او طالت أعمارهم فيها، فهى بالنهاية الى زوال، لكن يقينا بإذن الله ووعده الحق، زوال مؤقت بلا فناء، والموعد يوم عسير.
يجب مراعاة اقتناء نسخة محققة لمعرفة صحيح الاحاديث من ضعيفها، فمعظم ما قيل فى زهد الأنبياء ما قبل سيدنا محمد، اما ضعيف او موضوع او من الاسرائيليات التى لا تثبت.
"O vi koji ste stvoreni za vječnost i ostanak, niste stvoreni za nestanak, nego se samo preseljavate iz kuće u kuću, kao što ste preselili iz kičmi u materice, iz materica na dunjaluk, sa dunjaluka u kaburove, iz kaburova na stajanje na Sudnjem danu a odatle ćete preći u vječnost." 604.str.
أول كتاب أقرأه للإمام أحمد بن حنبل (رحمه الله)، كنت متوقع عن بداية قرأتي للكتاب بأنه سيذكر في الكتاب قصص عن الزهد ولكن الكتاب عبارة عن مقولات عن الزهد، بدأه بمقولات من الأنبياء عن الزهد ثم الصحابة م التابعين. الكتاب يعتبر جيد لمن هو مهتم بالرقائق، ولكن كثرة المقولات عن الزهد والبعد عن قصص الزهد يصيب بالملل أحيانا، كما توجد بعض الأحاديث غير الصحيحة وكذلك بعض المقولات.
إللي تخيلته إن الكتاب هيعرض لتجارب كاملة في الزهد، بس هو بيعرض مجرد مقولات قالها الزاهدين أو اتقالت عنهم. فيها حاجات بتلمس القلب فعلا. بس الكتاب ناقص حاجتين أساسيتين: 1- إنه يعرض الفلسفة الكاملة ورا المقولة دي، التجربة إللي بتجسدها المقولة، إزاي وصل الزاهد للرأي دة؟ بالذات في الحاجات إللي فيها تعارض، يعني تلاقي بعض الزاهدين بيربطوا الإيمان بشعور دائم بالحزن. والبعض الآخر بيربطوه بعكس ذلك. طب إيه بقى رؤية كل واحد للتجربة دي. مش قايل. المفروض إن أنا آخد الجملة وأقول آمين لأنها طلعت من واحد اشتهر عنه الزهد. طويب. ماشي يا بني آدمين. 2- إنه مبيقولكش إزاي بقى توصل. يعني مثلا يكلمك في فضلك إنك تحب هونا ما وتكره هونا ما. طب إديني نصايح إزاي يا عمي؟ لا معنديش. يقولك لا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم. طب أجيبها إزاي دي؟ طب قولي الناس إللي جابتها وصلت إزاي. متلاقيش. (على صعيد متصل ومش متصل، فكرني بالناس إللي بتنشر صورة محمد علي وتعليقه على مرضه: "إن ربنا ابتلاه عشان يعلمه إن هو مش رقم واحد"، طب يا جدعان دة النبي قال: الصبر عند الصدمة الأولى، لكن مقالش أبدًا الحكمة عند الصدمة الأولى. الواحد ربنا كرمه بإنه شاف في حياته ناس بتبلى في أعز ما تملك وشاف إنهم رغم صبرهم موصلوش للحكمة من التجربة بالسهولة دي. رأيي إن عرض التجربة كاملة أهم كتير من إنك ترميلي الجملة إللي بتلخص ثمرة ما).
جمع فيه الإمام أحمد أخبار ومقولات أشهر الزهاد من الأنبياء والأصحاب والتابعين، من خلال قراءة أخبارهم واحوالهم ووصفهم للحياة الدنيا مدی حقارتها في أعينهم .. تعلم أن القوم في شأن ونحن في شأن آخر .