تستمد حكاية الشاعر الوزير ابن زيدون، مع الأميرة والشاعرة ولادة بنت المستكفي أهميتها من عدة أسباب لعل أهمها الغموض الذي ظل يكتنف حكايتهما ، رغم كثرة تناولها في الشعر والمسرح والدراما ، إلا أن ثمة ما لم يقل بعد . في هذا العمل المسرحي، يستحضر الكاتب روح الشاعر والحبيبة، يقتفي أثرهما ..طارحا تساؤلاته إذا كان الحب الكبير حقا، هو ما فرق بينهما لعجزهما عن الانتصار له؟ أم أن غرور السلطة التي منحتها الحياة لولادة جعلتها تنظر لابن زيدون بنوع من التعالي؟ أم أن الشاعر اللاهي كان مصابا بالغرور والنزق فلم يعرف كيف يدافع عن حكاية حبه وينقذها من النهايات المبكرة؟ أم أن ما تعرضا له من مكائد عجلت بالنهاية ؟ لذا سيظل الابداع الذي يتناول حكاية العشق تلك حاضرا بشكل دائم ،كلما ذكر اسم ابن زيدون وولادة ، لأن اليقيني أن هناك قصة حب مؤلمة جمعت بين العاشقين، وانتقلت من جيل إلى جيل لتحكي عنهما، مضيفة لما قيل حينا،ونافية لما كتب أحيانا آخر ، بحثا عن رؤية خاصة للحكاية.
شاعر وأديب ومعلم وقاضٍ، كانت كتبه نبراسًا لمن أتى بعده.
وُلِدَ «إبراهيم الأحدب» عام 1826، في مدينة «طرابلس» بلبنان. وانحدر من أسرة تحترم العلم؛ الأمر الذي شجعه على تحصيل العلوم وحفظ القرآن الكريم وهو لم يتجاوز التاسعة من العمر، ودرس في «المدرسة السقرقية» و«المدرسة الطواشية». وعندما بلغ «إبراهيم الأحدب» الثانية والعشرين من عمره عمل بالتدريس فذاع صيتُه وحاز شهرة كبيرة. كما سافر إلى عاصمة الخلافة حينذاك «الأستانة» حيث التقى بعددٍ من علمائها، وأنشد قصيدة مدح فيها السلطان «عبد الحميد خان». ثم تنامت شهرته ووصل صداها إلى «سعيد جنبلاط» حاكم مقاطعة «الشوف»؛ فعهد إليه عام 1852 بأن يكون مستشاره في القضايا والأحكام الشرعية، وربما تولى التدريس لأولاده أيضًا، غير أن الأحوال السياسية لم تمكِّنه من الاستقرار هناك بصفة دائمة؛ لاشتعال نيران الفتنة الداخلية إثر الخلافات التي نشبت بين «الدروز» و«الموارنة» عام 1860؛ فعاد إلى «طرابلس»، ثم عُيِّنَ نائبًا في «المحكمة الشرعية» ورُقِّيَ إلى «رئيس كتاب» المحكمة. وفي عام 1872 سافر إلى مصر والتقى بالعديد من علمائها. وأخيرًا عُيِّنَ عضوًا في «شعبة المعارف» عام 1888.
له العديد من المؤلَّفات والمترجمات، منها: «فدراء»، و«مجنون بني عامر مع محبوبته ليلى»، و«قيس بن ذريح مع لبنى»، و«عروة بن حزام وابنة عمه عفراء»، و«جميل بثينة وكثير عزة»، و«شيرين مع كسرى أبرويز»، و«المعتمد بن عباد»، و«الوزير ابن زيدون مع ولادةَ المستكفي»، و«يزيد بن عبد الملك مع جاريتيه حبابة وسلامة». كما له ثلاثة دواوين شعرية أحدها «النفح المسكي»، وامتاز بقدرته الفذة على نظم الشعر حتى قيل إنه يستطيع أن ينظم قصيدة في جلسة واحدة، كما أن بعض قصائده تجاوزت المائة بيت طولًا.
تُوُفِّيَ «إبراهيم الأحدب الطرابلسي» ببيروت عام 1891.