انه قد يتبادر إلى ذهن القارئ الكريم الاستفسار عن جدوى البحث والدراسة لباب بيت فاطمة صلوات الله عليها، وهل للباب هذه المكانة في التراث الإسلامي كي تستحق القراءة والاهتمام، موضحا إننا لو نظرنا نظرة سريعة لواقع المسلمين وما يتعرضون له من تفرق واختلاف وتكفير واقتتال فيما بينهم، فضلا عن نهب خيرات بلادهم وتسلط الحكام الجائرين عليهم لتدفع بالعاقل إلى التأمل في ذلك الوضع وقراءة الأسباب التي أدت بهم إلى هذه الحال. ولاشك أن المسلم اليوم يدور بين سلطتين وشريعتين، سلطة الشريعة التي آمن بها وهي ما جاء به القرآن والنبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم؛ وبين شريعة السلطة الحاكمة التي سنت له أحكامًا وقوانين تفرض عليه الالتزام بها كحق مشروع للمواطنة ومستلزمات قيامها، مبينا إن هذه السلطة لها جذور تاريخية تحددت عندها معالم الهوية الإسلامية فكانت معطيات سلطة الشريعة المحمدية شيئًا، ومعطيات شريعة السلطة الحاكمة شيئًا آخر؛ وإن الفاصل بين الهويتين والمحدد لكلتا الشريعتين هو باب فاطمة (عليها السلام). ومن هنا أصبح لباب فاطمة (صلوات الله عليها) من الأهمية ما تجعله مفصلا من مفاصل العقيدة الإسلامية، وملمحا من ملامح الهوية الفكرية، التي يبرز بها المسلم أمام المنظومات الثقافية، فضلا عن أن لباب فاطمة موقعا في الشريعة ما جعلته من أقدس الآثار فيها، فهو بين مقابض جبرائيل، ونفحات التنزيل، وموضع نظر الرب وذلك: ــ إنّه الباب الذي تصعد منه الأعمال، وإليه تنزل الآجال، وبه يسلك إلى الرب المتعال. ــ إنّه الباب الذي بأهله يعرف القرآن وبهم يصل السالك إلى الجنان. ــ إنّه الباب الموصل إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم. ــ إنّه باب علي صلوات الله عليه. ــ إنّه باب حرب النبي صلى الله عليه وآله وسلم وسلمه. ــ إنّه الباب الذي سد من دونه النبي صلى الله عليه وآله وسلم الأبواب. ــ إنّه الباب الذي حددت به هوية الصحابة. ــ إنّه الباب الذي افترقت عنده الأمة إلى ثلاث وسبعين فرقة. ــ إنّه الباب الذي به عرفت الفرقة الناجية. ــ إنّه الباب الذي التجأت إليه البتول عليها السلام وهي تستغيث بأبيها الرسول صلى الله عليه وآله وسلم. ــ إنّه الباب الذي تسأل عنده الموءودة (بأي ذنب قتلت). ــ إنّه الباب الذي يقتص عنده الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف ممن ظلم أمه فاطمة صلوات الله عليها وعلى أبيها وبعلها وبنيها.