إخوان الصفا وخلان الوفا هم جماعة من فلاسفة المسلمين العرب من أهل القرن الثالث الهجري ولعاشر الميلادي بالبصرة اتحدوا على أن يوفقوا بين العقائد الإسلامية والحقائق الفلسفية المعروفة في ذلك العهد فكتبوا في ذلك خمسين مقالة سموها"تحف إخوان الصفا".وهنالك كتاب آخر ألفه الحكيم المجريطي القرطبي المتوفى سنة 395هـ وضعه على نمط تحفة إخوان الصفا وسماه "رسائل إخوان الصفا".
إنبثقت جماعة إخوان الصفا تحت تأثير الفكر الإسماعيلي في البصرة في النصف الثاني من القرن الرابع الهجري وكانت اهتمامات هذه الجماعة متنوعة وتمتد من العلم والرياضيات إلى الفلك السياسة وقاموا بكتابة فلسفتهم عن طريق 52 رسالة مشهورة ذاع صيتها حتى في الأندلس. ويعتبر البعض هذه الرسائل بمثابة موسوعة للعلوم الفلسفية. كان الهدف المعلن من هذه الحركة "التظافر للسعي إلى سعادة النفس عن طريق العلوم التي تطهر النفس". من الأسماء المشهورة في هذه الحركة كانت أبو سليمان محمد بن مشير البستي المشهور بالمقدسي، وأبو الحسن علي ابن هارون الزنجاني [1].
اين اخوان الصفا وخلان الوفا ؟ هل المنظمة ماتزال قائمة الى يومنا هنا ؟ هل هم اليوم بيننا يطالعون الكتب ؟ هل يجلسون في مسجد يسبحون ويجمعون الحسنات فقط ؟ هل يسافرون في بقاع الارض يبحثون عن اجوبة لاسئلتنا الوجودية والفلسفية والاخلاقية ؟ هل حصلوا على الاجوبة ؟ هل تفككت منظمتهم وفشل مشروعهم ؟ هل وجدوا الجسر بين عالم الروح وعالم المادة ؟
قراءة الرسائل بحاجة الى تكرار واعادة وتركيز رغم بساطتهم وسهولتها عند القراءة الاولى
سؤال اخير هل حقا نظريات ابن خلدون مسروقة من رسائلكم ؟
بتصفح الكتاب يتبين لك مدى تأثير مدعي المعرفة ممن يسمون أنفسهم برجال الدين على العلوم منذ القدم، ما يضطر الكثير من العلماء للتخفي خوفا من الإعدامات و الصلب. رسائل إخوان الصفا و خلان الوفا تبين لك العمق المعرفي خلال القرون الأولى التي تلت الإسلام، مثل القول بأن الأرض كروية الشكل، المسلمة التي ينفيها بعض رجال الدين حتى يومنا هذا.
لا شك أن قراءة هذه الرسائل أمر مذهل، إذ لا يمكن تصور عمق المعلومات والفكر العلمي الذي اتسمت به هذه المجموعة من العلماء في القرن الرابع الهجري، العاشر الميلادي، حتى أن أصحابها اضطروا للتستر والاختباء خوفاً من بطش مدعي المعرفة من مشايخ ذلك العصر Incroyable connaissance scientifique du 10 ème siècle déjà
قراءتها ممتعة لولا الكوكبيّة الزائدة و كونها لم تكتب بأسلوب علمي مُحكم التنسيق: يعوزها سوء التنظيم و التكرار. تنقسم بشكل عام إلى أربعة أقسام: - القسم الرياضي: تأثروا بالفيثاغوريين فاعتبروا العدد أصل الموجودات، ورتبوه على الأمور الطبيعية والروحانية. - القسم الطبيعي: كانوا في أكثره أرسطيين وفي بعضه فيثاغوريين أفلاطونيين. - قسم النفسانيات والعقليات: اعتمدوا مذهب الأفلاطونية الحديثة في تعليل صدور الموجودات عن الله بالفيض وهو يختلف عن الخلق الذي تقول به الأديان. أما النفس الإنسانية فهي قوة من قوى النفس الكلية (نفس العالم بأسره) اتّحدت بالجسد رغبة في الحصول على المعرفة التامة . - قسم الآراء الديانات: وغايتهم منها التوفيق بين الدين والفلسفة. بيد أنهم لم يأخذوا الاسلام بشرائعة الخالصة بل مزجوه بمختلف الأديان والآراء والعقائد.
في العلم والتّعلم: ينبغي لطالبي العلم والباحثين عن حقائق الأشياء أن يعرفوا أولا ما العلم و ما المعلوم، وعلى كم وجه يكون السؤال، وما جواب كل سؤال، حتى يدروا مالذي يسألون ومالذي يُجيبون إذا سئلوا، لأن الذي يسأل ولا يدري أيّ شيء سأل، فإذا أجيب لا يدي بأي شيء أجيب. و اعلم بأن أنفَس العلماء علّامة بالفعل، وأنفسَ المتعلمين علّامة بالقّوة، و أن التعلّم والتعليم ليسا شيئا سوى إخراج مافي القوّة (الامكان) إلى الفعل (الوجود). و اعلم بأن النظر في العلوم والمداومة على البحث عنها، والدرس لها، يقوّي الحِذق بها والرسوخ فيها، وهكذا المداومة على استعمال الصنائع، والدّؤوب فيها يقوّي الحِذقَ و الأستاذية فيها. و إن الحذق في كل صنعة هو التشبّه بالصانع الحكيم الذي هو الباري. و أن الصنائع البشرية نوعان علميّة وعمليّة. والعلوم هي صور المعلومات في نفس العالم. واعلم ياأخي، أيّدك الله و إيانا بروح منه، بأن طالب العلم يحتاج إلى سبع خصال، أولها السؤال والصمت، ثم الاستماع، ثم التفكّر، ثم العلم به، ثم طلب الصدق من نفسه، ثم كثرة الذّكر أنه من نعم الله، ثم ترك الاعجاب بما يحسنه… فمن أخوات الكِبر و أشكاله عُجبُ المرء برأي نفسه، و الأنفة عن قبول الحق، وترك الإقرار به. و اعلم بأن من الناس من يكون اعتقاده تابعا لأخلاقه، ومنهم من تكون أخلاقه تابعه لاعتقاده… والأخلاق كلّها نوعان: إما مطبوعة في جبلة النفوس مركوزة فيها، و إما مكتسبة معتادة من جريان العادة و كثرة استعمالها. ثم اعلم أن نفوس الجهال كلّها موتى بالقياس إلى نفوس العلماء، و ذلك أن قلوب العلماء مفتوحة، وصدورهم منشرحة متسعة.. وقلوب الجهال حرِجة منغلقة، وصدورهم من الوسواس والخيالات ضيّقة مظلمة.
الجزء الأول : اعلم أيها الأخ البار الرحيم أن رسائل اخوان الصفا هي رسائل علمية فلسفية بمثابة مدخل جيد أو مقدمات لكل علم تقريبا وصل إليه المسلمون في العصر الذي كتبت فيه الرسائل بعد حركة ترجمة الكتب والعلوم اّنذاك (القرن الرابع الهجري) إلى العربية وتفاعل العلوم وهي مجموعة من أربع كتب ، .وإخوان الصفا تعمدوا إخفاء أسمائهم وهم مجموعة مؤلفين المميز في هذه الرسائل أنها تذكر العلم والغرض من دراسته أولا وقدد خصص فصل كامل عن غرض كل رسالة . فالعلوم عندهم تنقسم إلى أربعة أجناس : الرياضيات و المنطقيات و العلوم الطبيعيات و العلوم الالهيات و الرياضيات يقسم إلى أربع أقسام هي علم العدد وخواصه ومعانيه و علم الهندسة و علم الفلك و النجوم و علم الموسيقى فبمعرفة الرياضيات ترتاض نفس الانسان إلى التفكر و الدخول إلى بداية الفلسفة فعلم العدد هو جذر العلوم و عنصر الحكمة ومبدأ المعارف و المعاني وعلم الهندسة فالغرض منها هو التهدي من المحسوسات إلى المعقولات ومن الجسمانيات إلى الروحانيات ومن ذوات الهيولى إلى المجردات (الهندسة العقلية ) والحذق في الصنائع (الهندسة الحسية )
وعلم الفلك الغرض منه تشويق النفوس الصافية للصعود إلى الافلاك و النظر الى ما هناك معاينة وبما انه لم يكن الصعود الى هناك ممكنا ( في زمنهم ) فالصعود يكون بالنفس و الارتقاء بها عن اخذ شهوات البدن مجردة بل الى ان يكون هناك غرض أعلى فتكون حيث همتها و محبوبها كما تكون نفس العاشق حيث معشوقه .... أجمل جملة متكررة تجدها في هذه الرسائل هي " اعلم أيها الأخ البار الرحيم أيدك الله وإيانا بروح منه " و التي أحببت أن أبدأ فيها مراجعتي و هناك الكثير من الاقتباسات الجميلة والثمينة لن أذكرها حتى لا أطيل . وذكر أن الغزالي قرأ هذه الرسائل و أحد أفراد الحشاشين أكب على دراستها وهذا كفيل لقيادتي إلى قراتها . وجدت فيها أيضا أحاديث كثيرة وروايات بلا إسناد أو مصدر . وقراءة هذه الرسائل فيها صعوبة كبيرة لكتابتها بصيغة علمية واستخدام مفردات لم تعد تستخدم وستجد كلمات مأخوذة من الفارسية لذا ستحتاج البحث لتفهم بعض الأمور على الرغم من هذا هي كنز وقع بين يدي فيها علم لن أجده في مدارسنا ...أشياء لطالما بحثت عنها فلله الحمد .
إخوان الصفا هم جماعة من الفلاسفة والحكماء من المسلمين و الذين عاشوا في القرن الثالث هجري واختلف المؤرخون في تحديد أشخاصهم. كتب أخوان الصفا 52 رسالة في الفلسفة والسياسة والدين والنفس والروح والعلوم المختلفة. الكتاب الذي كان عندي هو مجرد بحث صغير في بعض رسائل إخوان الصفا التربوية، ولم يذكر كل رسائلهم. إلا أنني وجدت في رسائلهم فهم عميق لبواطن الأمور وماهية النفس وطبائع البشر وخفايا الأمور الدنيوية والأخروية.