" هكذا، ورغم أحداث الهياج الدينيّ على متن جو، وحنجورية خطاب المثقف، وصليل خطبة الأصوليّ، ونحيب المسيحيّين، وأنين المصلوب، وصيحات النوارس، وصخب الأمواج، وضجيج المحرك، استغرق زغلول البيضا في حُبّ حسن المط! أو بأحرى استغرق في حُبّ بهية المط. يحيط كتفيها وذراعيها بكامل ذراعيه. يميل برأسه ناحية أذنها، ويهمس لها بما يعني أنها لم تكن تتصور أنّ سعادتها ستنبت في قلب مأساتها!، ثم نظرت حولها فجأة وقالت مندهشة: الله! الدنيا مقلوبة حولنا!".
مجموعة من المهاجرين غير الشرعيين على ظهر قارب صغير يحكمه "الريس زبيبة"، يجدون أنفسهم فجأة منعزلين عن كل شيء ولا توجد وسيلة اتصال لهم مع العالم الخارجي قبل أن يكتشفوا وجود امرأة متنكرة بينهم، فكيف يمكن أن تتعايش مجموعة أشخاص مختلفي الطباع والأديان والانتماءات السياسية معًا على سطح مركب يسير وسط بحر متلاطم نحو مصير مجهول؟
جو العظيم رواية مليئة بالمجازات، لكنها في الوقت ذاته تجعل القارئ يتوحّد مع مصائر الشخصيات المختلفة متسائلًا؛ لمن تكون الغلبة في النهاية؟
قاص وروائي مصري من مواليد الأقصر٬ مصر٬عام 1967. يعمل محررا لمجلة الثقافة الجديدة. فاز بالجائزة الأولى في مسابقة صحافية (أخبار الأدب) للقصة القصيرة٬ على مستوى الوطن العربي٬ عن قصة "عجلات عربة الكارو الأربعة". صدر له ثلاث مجموعات قصصية وروايتان: "الصنم" (1999) و"منافي الرب" (2013) وقد ترشحت منافى الرب لجائزة البوكر و ايضا صدرت له رواية "إنحراف حاد"
في روايته الأخيرة «جو العظيم» يقوم أشرف خمايسي بوظيفته ككاتب ومثقف حقيقي بعدم إدارة ظهره لما يحدث حوله في المجتمع من غياب للوعي وتمادٍ للممارسات السياسية المستبدة، هذه الرواية لم تنفصل بشكل كلي عن مشروع الخمايسي في جوهره، بل هي تمارس تصادمًا آخر مع المجتمع وتعريته أمام ذاته.
على متن القارب «جو العظيم» وقبطانه الريس زبيبة ومساعده حمود ومائتي مهاجر غير شرعي يريدون الوصول لإيطاليا، يخلق لنا الكاتب صورة مصغرة لمجتمعنا، ليس الأهم هنا هو رسمه لسيكولوجية السلطة المستبدة بقدر ما تكمن الأهمية في رسمه للمجتمع بطوائفه. يتعمق الكاتب في النظر إلى المجتمع وأهم الشخصيات التي تشكل بنيانه، وتُعد الرواية بالكامل ضربًا من التأمل في العمق الإنساني للشخصيات حسب أيديولوجياتهم.
أول إشكالية تقابلنا هي اختيار الريس زبيبة لكلمة كابيتانو عوضًا عن قبطان لأنها أرق وأكثر رشاقة، وعندما يخبره أحدهم أن الاثنتين تؤديان إلى نفس المعنى ولكن باختلاف بسيط أصر على تمسكه برأيه.. وبهذا يضع الخمايسي الحجر الأول للرواية بإقراره بعدم أهمية المسمى في الحقيقة، وبشكل سياسي يمكن أن نراها كشف لتشابه الاشتراكية والرأسمالية طالما أن الأصل هو الاستبداد والتسلط أيًا كان المسمى، نرى الريس زبيبة في البداية يعلن نفسه بأنه مثل رئيس الجمهورية أو الملك أو السلطان ولا يسمح لأحد بمقاطعته ولا الاعتراض عليه ولا السخرية من قوانينه حتى إن كانت عبثية ولا معنى لها.
أما عن شخصية حمود هي الركيزة الأساسية التي يعتمد عليها الريس زبيبة لتحقيق سلطته وممارسة الاستبداد والبطش بالمخالفين، هو مساعده على السفينة والمسؤول عن أن يكون الأمن مستتبًا، نراه في أول تدخل أداه لفعل ما يأمره به الريس زبيبة كأن يلقي من سخر من قوانين الريس زبيبة في الماء لكي يجعله عبرة كي لا يتجرأ أحد على مخالفة قوانينه مرة أخرى.
شخصية بيضون الرائد هي واحدة من أثرى الشخصيات التي رسمها الكاتب، شخصية لا تقل أهمية عن شخصية حمود ليبسط الريس سلطته على عوام المركب، الشيخ بيضون هو الذي يعطي شرعية على أفعال زبيبة مهما كانت، من يسخر آيات القرآن لخدمة السلطان، في تعليقه الأول الذي يرسم شخصيته يعلق بيضون على منظر شندل فنوس المعلق على صاري المركب من شدة ازدحامه، وكانت مشكلة بيضون أنه معلق بشكل مصلوب كالمسيح، والتعليق الثاني التشريعي كان في تعليقه بعد أن رمى حمود الشخص الذي سخر من الريس في البحر، بقوله: «وأطيعوا الله أطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم» وكان لهذا مفعول السحر لتهدئة الناس على المركب. وأدرك زبيبة أن حمود بكل ماله من قوة وهيبة لم يستطع أن ينشر السكون والهدوء في المركب بقدر ما فعل قول بيضون بطاعة الولي، فجعل من بيضون مساعدًا له وظهر.
أما عن شندل فنوس المصلوب على صاري السفينة يصرخ: «إيلي إيلي، لم شبقتني؟» فهو تمثيل لمعاناة هذا الشخص على المركب الصغير وشعوره بالاضطهاد، وبالاسفل كان هناك عشرين من أصل مئتين هم فقط من يتضرعون للإله أن يخفف آلامه وفي نفس الوقت فرحين لأن أحدهم يعاني كما عانى السيد المسيح، وفي هذا إشارة خفية من الخمايسي في تجسيده لرد فعل العشرين الآخرين من معاناة شندل وكيفية نظرتهم لها.
ويقدم ياسين جرباية الفنان التشكيلي شخصية المثقف الذي يتجاهل الجميع وجوده مهما كان مفيدًا، فها هو يتطوع بإجابة سؤال زبيبة عن من هو إيلي الذي يصرخ باسمه فانوس وقد أقسم أنه لن يطلع بالسفينة قبل أن يفهم، وبعد أن يخبره ياسين نجد زبيبة يأمر بطلوع المركب ويهلل العامة بفرح إقراره متجاهلين موقف ياسين المهم الذي جعل زبيبة يأخذ قراره. وعندها أدرك زبيبة أهمية شخص مثله السلطة فدعاه إلى جواره لكن ياسين رفض بخبث ورد عليه بنبرة عالية -حتى يسمع الجميع- بأنه يفضل البقاء بجوار إخوانه ولا يتركهم في مشقتهم، وهكذا نال ياسين بدهاء احترام الناس على المركب وفي نفس الوقت لم يخسر الريس برفضه المبرر. لكن الناس انقلبت عليه بعدها بسبب خطبته التي حاول بها تهدئة الأجواء على المركب بسبب أزمة فانوس المصلوب وتحريض بيضون للناس عليه، فقد قال بأن الله لا يغضب من رؤيته للصليب وأنه ليس ثورًا يهيج عندما يرى القماشة الحمراء. فأثار قولهم غضبه وتذكرو أنه من المثقفين العلمانيين الفاسدين وانقلبوا عليه. ويظل الشاغل الأساسي له على القارب هو جذب الانتباه ومحاربة الشيخ بيضون حتى لو اضطر للتعاون مع زبيبة وبيع مبادئه.
حسن المط أو بمعنى أصح بهية المط المتنكرة في زي رجل لكي تهرب معهم، فلم يكن مسموحًا للنساء بالهجرة غير الشرعية. هي بنت ليل تريد الهجرة وترك المذلة التي لاقتها في بلدها. يكتشف أحدهم حقيقتها من البداية ويظل ملتصقًا بها ليكسب حبها. في الجزء الأول لم تكن بالشخصية المحورية لكن في الجزء الثاني تصبح هي الغاية الرئيسية للشخصيات الأخرى بعد أن فقدوا الصراع على السلطة.
تنتهي الرواية بقرار منها لاختيار الشخص الذي ستتزوجه منهم، فعندما لمحت أن هناك فرصة أخرى للحياة اختارت بمكر شديد.
هكذا صور الخمايسي المرأة كالغاية الأقوى بعد السلطة.
زغلول البيضا الذي يهاجر بدافع الملل، فقط! بينما يهرب كل شخص من شيء يخافه يهرب هو لأجل تجربة شيء جديد. هو شخص براجماتي ولامبالٍ يسعى لاقتناص اللذة في أشد الأوقات ضيقًا، يسعى للإيقاع بالنساء بكلامه المعسول. يقترن زغلول وبهية ببعضهما لبعض الوقت بعد أن اكتشف أنها امرأة.
كلام طماطم تجسيد للإنسان البسيط المحمل بهم الأسرة والديون فيهرب من ديّانيه، شخص صعيدي معجب جدًا خطب جرباية الرنانة، يرى أنه من بلاغته يجب تصديقه فيصدقه حتى ولو خالف الكلام عقله.
باقي الناس من العوام. عندما فسد المحرك كان السبب هو غوغائية العامة، في كل الأزمات كان غياب الوعي هو السبب، ينساق العامة إلى المفاهيم الدينية أو الجعجعة الفارغة دون أدنى فهم أو اختيار، ثقافة القطيع هي المسيطرة على عوام المهاجرين.
بعد انجلاء «أزمة الصليب» التي وضعت يدنا على الخيوط العامة للشخصيات يمر المركب «جو العظيم» بالعديد من الأزمات، وفي كل أزمة يكمل الخمايسي رسم شخصياته من خلال ردود الفعل المصاحبة للأزمة. في الأزمة اللاحقة لها «أزمة السنارة» نجده يهتم بالبعض أكثر من المرة الأزمة السابقة مثل اهتمامه برد فعل كلام طماطم وعرض المزيد من ماضيه ووضع الماضي بمساوئه واللحظة الحاضرة بمأساويتها التي قد تصل إلى حد فقدان الحياة. ومن خلال تنقلاته السردية بين الشخصيات نجده في هذه الأزمة يتولى زمام السرد ليتأمل حالة الجموع وكيفية تشبثهم بالحياة. كما يتعمق في بناء الشيخ بيضون وياسين جرباية ورسم نوازعهم الداخلية في كل موقف، والحق أن الكاتب تميز في تطوير هذين الشخصين بالذات مع مرور الأزمات المختلفة.
هناك نقطة مهمة في هذه الرواية وهي كيف تمارس السلطات الحالية بالذات استبدادها دون خوف ولا معارضة، تمثل هذه النقطة السلطات الاستبدادية بشكل عام لكنها تمثيل دقيق جدًا لحالتنا الحالية، يفعلون هذا من خلال تجذيرهم لقوتين: الخوف والوطنية.
هنا عندما يقوم العقلاني بتملية خطته لزبيبة بضرورة نشر الخوف بين الناس حتى لا يستطيعون الاعتراض، فينزل في الناس خلال الأزمات لتنبيههم بعدم التجاوز لانتشار أمن الدولة، ثم يقبض على الشخص الانفعالي الثوري عندما يريد أن يجعل الناس يثوروا.
لكن الخوف ليست قوية كافية، قد يتحول هذا الخوف يومًا لانفجار، فمارست السلطة نوعًا ثانيًا يخفف من وطأة الأول وهي تجذير إحساسهم بالوطنية وأن القارب أبو الدنيا وهيبقى قد الدنيا، يجعلهم يشعرون أن الأمر بأيديهم وأنها يخافون على القارب من المندسين والخونة بينما هم مجبرون على الخوف في الحقيقة.
أشرت إلى انقسام الرواية لجزئين في حديثي السابق، في نظرى أنها تنقسم لقسمين: الأول صراع السلطة، والثاني صراع للوصول للمرأة، والجامع بين القسمين هو صراع الحياة والبقاء. كان الطابع العبثي هو الغالب على مرحلة ما بعد فقدان جو العظيم إلى أن انتقل الصراع لمرحلة متطورة وقد كان صراعًا بدائيًا بعض الشيء. تنتهي الرواية بشكل مبهم بعض الشيء، نهاية مفتوحة يترك الكاتب للقارئ مهمة ملئها. ومن الممكن أنها ليست نهاية مفتوحة بل هي نهاية تظهر مكر المرأة في اختيارها للمال عند أول إشارة للنجاة.
يمتلك الخمايسي قدرة فذّة على التجديد في السرد، في هذه الرواية نرى لعبّة سردية في التنقلات بين الشخصيات والحكايات، الإطار السردي للرواية متلون ولا يثبت على طريقة واحدة في الحكي، إذا تناول السرد أحد الشخصيات نرى السارد يتحدث بنفسه وهكذا يتنقل الكاتب بين الشخصيات في الفقرة الواحدة ولا نشعر بالتداخل أو التوهان، وفي أحيان أخرى نجد راوٍ يرتفع فوق المشهد لتأمله وهو الراوي الطبيعي للأحداث. أما عن اللغة التي تتحدث بها الشخصيات شعرت بطفرة في المعالجة في شخصية واحدة وهي الشيخ بيضون ومعجمه الجامد، لم تكن لغة الكاتب على قدر التلون الذي كان عليه السرد.
تُعد هذه الرواية قراءة عميقة ومهمة للمجتمع وتحليل سيكولوجية الجماهير والطاغية والعلاقة بين السلطة والمجتمع بكل طوائفه وإرجاع هذ الصراعات التي تدور على هامش السلطة لأصولها التي تسعى للانتصار الشخصي للذات والأيديولوجية مهما كان الثمن.
روايات الخمايسي ليست مثل اي رواية اخري تنهيها وتنتهي معها علاقتك بالرواية فهي تظل تطفو في رأسك كل فترة مع العديد من التساؤلات التي يطرحها الكاتب بمنتهي البراعة ويتركك بعدها تعاني من مغبة التأثر والتفكير بطريقة الخمايسي
الرواية بها العديد من الاسقاطات الواضحة عن عمد لتصور رحلة جو خلال سنوات الثورة وما وصلت الية في النهاية والصراعات علي بهية من اطياف المجتمع المختلفة من متدينين متشديدين و علمانين وغيرها من الشخصيات المتواجدة في مجتمعاتنا
النهاية مفتوحة جدا ولكن لا تخلوا من السخرية والواقعية في نفس الوقت
كم أعجبني إهداء الرواية للعراب أحمد خالد توفيق ...إهداء راقي لرجل صنع جيل من القراء والمثقغين. ..شكرا للخمايسي تخلي الخمايسي عن افكاره الملحه عن الموت والخلود والصحراء التي امتعنا بها في ثلاثيه انحراف حاد و منافي الرب وض��رب الطبل ليبحر بنا بقاربه مع فكره جديده توصيف رائع للوطن منذ أحداث يناير حتي اليوم ....جو العظيم هذا المركب العتيق الذى يتحمل ما لا يطيق من أجساد المهاجرين غير الشرعيين الراغبين في الهروب من واقعهم الأليم الي حلمهم الأكثر ايلاما. ..هذا القارب المتهالك بما عليه من قبطان حاكم سلطوي هو ( زبيبة الريس ) و ذراعه الباطشه البحارة حمود ...بداخل المركب تري كل الفئات والأطياف التي قادها حلمها البائس لركوب جو العظيم **كعادة الخميسي التي لم يستخدمها قبله أحد يصر علي استخدام الأسماء الثلاثية لابطاله. ...اسماء رنانة لها دلالات. ..لن تنس وقعها على اذنيك ولو بعد 10 سنوات أزمات طاحنة تهدد المركب وريسه و بحارته و ركابه ابتداءا من أزمة الصليب مرورا بالصاري والصنارة ثم المحرك. ..ازمات يفقد فيها الكابيتانو زبيبه السيطرة علي الأوضاع فيلجأ للمعونة من بعض الراكبين وهنا يتجلى الصراع الدائم بين التشكيلى المثقف ياسين السيد جرباية أو حربايه المتلون كبذلته وبين السلفى بيضون جلال الرائد علي السيطرة علي جو العظيم وسط هذا الصراع يقفز الي السطح بعض النماذج التي نراها في خضم الصراعات السياسية. .فهذا هو العقلاني صاحب الرأي الهادئ المسيطر علي مشاعره وانفعالاته و ذاك هو الانفعالي المحب للمصلحة العامة لكنه يفقد هدفه لأنه لا يسايس ولا يساوم. ..وهناك المواطن العادي البسيط كلام ضيف سيد طماطم الذي يراوده كابوس أمن الدوله حتي و هو في عرض البحر ....وزغلول البيضا خليل المحب الفاشل و بهية فتاة الليل المتتكرة في زي حسن المط خليل وأخيرا شندل بشندي فانوس المسيحي وسط مجموعه من 20 مسيحي علي ظهر المركب هو واحد منهم الذين يواجهون كل المشاكل بالاكتقاء بالدعاء فقط حتي حين يسقط احدهم في البحر ويهب لنجدته السلفى المسلم و عندما يتعرض جو العظيم للتحطم يجد الخمسه أنفسهم مع بهية علي ظهر طوف خشبي لتتاح لهم الفرصه للتعرف علي بعضهم البعض عن قرب...ومع الوقت يبدأ تداول الافكار والقناعات التي توضح فكر المثقف والسلفي وكرههم الشديد لبعضهم البعض وحب كل منهما للسيطرة والقضاء علي الآخر بينما المستفيد الوحيد هو السلطة السياسيه التي تذكي نار هذه الحرب منذ عهد عبد الناصر مرورا بالسادات حتي الآن ثم يحدث الصدام الأخير بينهم جميعا بعدما ايقنوا انهم ليس محور الكون ولا أحد يهتم لامرهم فبدءوا يؤسسون لحياة علي الطوف. ..من منهم يتزوج بهيه الرواية مليئه بالاسقاطات السياسية و تصف الوضع الاجتماعي والسياسي الملئ بجو السيطرة و المؤامرات و الايجابيه من البعض والسلبية من البعض الآخر و تصارع التيار العلمانى المثقف مع التيار الدينى الاسلامي المتشدد في السيطرة علي مقاليد الأمور بينما يتخذ المواطن العادي موقف المتفرج المغلوب علي أمره اللغة بالتأكيد رائعه. .....الشخصيات مرسومة بعناية. ..السرد كالعادة مذهل رواية قوية جريئه قد تبدو للبعض صادمة في بعض الجمل الحوارية و الالفاظ لكنها كعادة الخمايسي ينقل الواقع كما هو بلا تزويق
"جو العظيم مستعد للإبحار".. أهلا بكم على متن جو العظيم، مائتا مهاجر غير شرعي على متن قارب الريِّس "زبيبة"..إحم إحم.. أقصد الكابيتانو "زبيبة" القائد الجنتلمان لأحد أهم السفن العظيمة التي تمخر أعالي البحار على مدى خمسة وخمسين عاما.. حسنا.. "جو" مجرد قارب ملون كحرباء، صغير الحجم بدرجة مفزعة، ضعيف الإمكانيات، لا يزيد طوله عن خمسين قدما وعرضه عن عشرين قدما، يسع بالكاد خمسين راكبا، ولكنه حمل مائتي راكب تكدسوا في باطنه وعلى حوافه حتى تعلقوا صلبا على الصاري، لا وجود لأي من الأجهزة اللازمة لإبحار آمن، ألوانه فاقعة كزي مهرج في السيرك، وهكذا استسلم لذوق "زبيبة" السخيف، ينقلب رأسا على عقب مع كل هوجة مشاكل، أعتقد أن أشرف الخمايسي أطلق على الرواية اسم "جو العظيم" من وجهة نظر "زبيبة"، فزبيبة يعتبر قاربه توأمه، ولأنه قائد معتز بنفسه على ضعفه؛ فبالتأكيد يرى هذا القارب الضعيف عظيما مثله..
الأبطال :-
1. الكابيتانو "زبيبة ربيع الحلو":
ريس المركب، مريض ضغط عمره سبعين سنة، يتكلم كثيرا بنفس بلاهة الأطفال..
2. المهرب:
الجشع الذي يحشو المهاجرين غير الشرعيين على القوارب..
3. كلام ضيف سيد طماطم:
فلاح صعيدي في قرية نائية من صعيد مصر، ضخم البنيان متجاوز المهابة إلى البلاهة، مهاجر بسبب الفقر والاستدانة..
4. ياسين السيد جرباية:
فنان تشكيلي قاهري، أشعث جاف الشعر؛ اشتبكت سوالفه مع لحيته، مثقف نخبوي بلاغته الخطابية واضحة، وقوة إقناعه متجلية، يجيد لعبة التوازنات، فيحافظ على بقائه على بعد مناسب من سلطة الجهة الراغبة في استقطابه، يهاجر للتخلص من هيمنة السلطة واستعباد الجميع..
5. حسن المط خليل:
صعيدي مهندم ذو ملامح جميلة، فاتن التقاطيع جميل المُحيا، له حاجبين وشارب كث، قد يكون مخنث أو امرأة تنكرت بهيئة رجل للتغلب على عسف المهربين..
6. بيضون جلال الرائد:
شيخ سلفي من شيوخ السلطان، يسبغ على قيادته القداسة، ملتحي يرتدي جلباب وسروال أبيض قصير، وطاقية شبكية بيضاء، وخف ذا سيور جلدية، يحلم بالهرب إلى أوروبا هربا بدينه..
7. زغلول البيضا خليل:
قاهري تخلَّف في سباق المهاجرين إلى القارب من أجل حسن المط
8. البحَّار "حمود":
البحار الوحيد على سطح جو، ضخم البنيان، أقرع، يضع جلدة سوداء على عينه اليسرى المفقوءة، ويعرج على ساق طبيعية وأخرى خشبية..
8. شندل بشندي فانوس:
صعيدي مسيحي متدين، يهاجر بسبب الاضطهاد الديني..
أثناء قراءتك لجو العظيم يصاحبك صخب صياح النوارس، وضجيج أمواج البحر، ترى الزبد الأبيض يتماوج ويعتلي الصخور، تعيش مأساة غرق المهاجرين غير الشرعيين والبحث عن جثثهم، وتتابع حصار الناجين منهم. تتفاعل مع دافع كل منهم لاختيار المخاطرة بحياته للهروب مما هو أقسى وأَمر. يستعرض الأزمات الناشئة على مختلف الأصعدة وبين العديد من الأيدولوجيات، وصف الوضع الاجتماعي والسياسي بدقة حيث رمز بأبطال روايته لشرائح وفئات المجتمع المختلفة من سلطة ونخب ودهماء وعقلانيين وانفعاليين ومسيحيين وسلفيين وغيرهم.
الرواية شجاعة بل جريئة، فحواها سياسي في إطار كوميدي، مليئة بالإسقاطات السياسية بوضوح وجلاء، تناقش دكتاتورية القادة، والاستبداد الديني والمتاجرة بالدين، رمز للثورة بالنوات التي تهاجم القارب في وسط البحر، تستعرض تزلف المثقفين رأس السلطة وتغيير الخطاب والتلون، تقارن بين اضطهاد السلطة للمسلمين وبين اضطاهدها للمسيحيين.
الرواية عظيمة اللغة، بسيطة البناء، تجذب القارب حتى نهايتها لمعرفة لمن ستكون الغلبة، اعترف الكاتب بوجود مزيد من الإسهاب والإطناب الذي قد يبعث على الرتابة ولكن برره بأنه الشر الذي لابد منه، السلفية التي التحق بها الكاتب في جزء من حياته سهلت عليه تجسيد السلفي القح في الرواية، تشبيهاته جاءت قوية، يرسم الابتسامة على الشفاه في أكثر من موضع. لقد تفوَّق الخمايسي في الخروج من بوتقة البحث عن الخلود ليكتب ببراعة وشجاعة عن قضايا شائكة في وقت الأشد حرجا وخطرا.
وهذه مجموعة من العبارات التي راقتني:
- أن لا يكون هناك ما يخشى عليه المرء، ولا من يخشى عليهم، فهو الفراغ الذي قد يضطَّر المرء لتعبئته بارتكاب جرائم، أو الإقدام على أفعال جنونية، مثل الرغبة في هجرة غير شرعية دونما سبب حقيقي!
- إزاء الأنواء لا سبيل للنجاة غير الاستسلام، وترك الأمور تجري على أعنَّتها..
- الموت مرة واحدة أهون من حياة أموت فيها كل يوم ستين مرة..
- من قال أن الحل هو الإشارة إلى الحل؟ الحل هو كيفية الوصول إلى إنفاذ الحل..
- الأقدار والحظوظ تحابي من لا يخطط، ولا يتدبَّر، ولا يفكر..
- الشعوب بطبعها حين تقدِّم احترامها لا تُقدمه إلا للمفترس، مهما كانت طريقته في الإفتراس دنيئة أو نبيلة. فقط سرى في روعها أن للمفترس الحق في الاستحواذ على كل الاحترام، شأنه شأن كل متغلِّب..
- لا شيء مؤكد في عصر يُطالب فيه الجميع بتحطيم الأطر، والثوابت، والتفكير خارج الصندوق..
- كم من أمور غير قابلة للتصديق مع ذلك تُكَرِّس لنفسها وجودا عاديا في هذا العالم!
- الحسابات المادية الصماء تصير، مع الوقت، أوكارا صالحة لسكنى أفاعي القلق والانهيار النفسي، لكن ماذا لو أنهم يرون بأفئدتهم أيضا؟.. سيرون الله، وسيضيفونه إلى المعادلة، لينزع أوكار اليأس من قلوبهم، سيصبح اجتياز المآزق أسهل، حتى لو احتاج اجتيازها لمعجزات. فليس قادرا على صنع المعجزات سوى الله..
- لا يعذَّب الإنسان منا بأقسى من التشبث بأمل مستحيل. لذلك أرى أننا لو ألقينا بالأمل المستحيل وراء أظهرنا، أمكننا الاستمتاع بحياتنا هنا..
- ربما حين تختفي السلطة، ويختفي الأتباع، وتنطفئ بؤر الاهتمام، يختفي العداء..
رواية كبيرة جدا لا تكتب سوى بأقلام الكبار .. الخمايسي يحملنا فوق قاربه جو العظيم في رحلة بحرية مع شخصياته المختلفة التي قد يعتبرها البعض النواة الاساسية لأي مجتمع لكن الرواية تحتمل تاويلات كثيرة ، هل الوطن العربي ، مصر قبل وبعد الثورة ؟
"مصر يا أمّة يا سفينة مهما كان البحر عاتي فلاحينيك ملاحينيك يزعقوا للريح يواتي"
رواية بتدور على سطح "جو العظيم" المركب غير الشرعية المليانة بالجاضين الباحثين عن "مناخ أفضل"
وعلى كل شكل ولون عشان المجاز بقى أنت فاهم.
وعشان ندلّع الدلع، فيه حُرمة متخفية في لبس راجل.. واسمها بهية. (واخد بالك يا مدحت؟)
"مصر يا أمّة يا بهيّة يا أم طرحة و جلابية."
الرواية ذكية مافيش كلام… لكن المشكلة إنها مكررة، وكأنها بتلف حوالين نفسها. القصة قايمة على الحوار أكتر من المشاهد، فالتقدم الحقيقي شبه معدوم، والرمزية واضحة جدا.
الأسلوب فيه لمسات حلوة… وفيه تفصيلة لذيذة من وقت للتاني، لكن هل هي رحلة تستحق؟
صدمة شديدة .. من أهطل وأسخف ما قريت في حياتي وأشدها سماجة وتقل دم ، مندهش جداً كون الخمايسي هو اللي كاتب وصلة الرداءة والعبط دي ، سذاجة في الفكرة وإسلوب عرضها ، وتصنع وتكلف في السرد والتشبيهات ، وبواخة وسماجة شديدة في القفشات والمحاولات اليائسة الميتة للاستظراف ، متستحقش حتى يتكتب عنها مراجعة محترمة بالفصحى ، بك��ب بس تعبيراً عن خيبة أمل في عمل لكاتب بننتظر جديده ، وزعل حقيقي ع التمانين جنيه اللي خسرتهم مقابل كتلة الرداءة دي ! الأنكى دلوقتي اني اشتريت معاها كمان خروف وكلب ، فربنا يستر ع الخروف والكلب والله!
انتهيت من قراءة رواية "جو العظيم" للروائي المصري "أشرف الخمايسي"، الرواية صدرت عن "دار الشروق" هذا العام في طبعة فخمة، وتدور عن مجموعة مختلفة من الأنماط المصرية كان قدرهم أن يجتمعوا فوق ظهر سفينة.
الرواية من وجهة نظري أقل أعمال "الخمايسي" الروائية، حيث كان متعمدًا إغراق الرواية بالرموز المباشرة، فـ"زبيبة"؛ وهو ريس السفينة، يرمز إلى القائد، وفي إحالة مفهومة وواضحة -وقد تبدو ساذجة- يُمكن فهم إلام يرمي اسمه، فـ"الزبيب" مصنوع من "العنب"، والمفرد لجمع "الزبيب" هو المفرد لجمع "عنب"، ومعروف أن "العنب" و"البلح" تؤخذ منهما الخمر، ومفرد "بلح" مثل مفرد "عنب"، بلحة".. كذلك "بيضون" والتشكيلي وغيرهما، يا أخي حرام عليك..! أين الترميز هنا؟ ما هذه المُباشرة وهذه السطحية في عرض الفكرة؟
طريقة اختياره لتفكير الشخصيات تعبر عن أيدلوجية الكاتب نفسه، بإداناته المعروفة للنظام المصري، سواء الحالي، أو السابق، ومن ثم تحوّلت بعض مناطق الرواية لخطب عصماء، سردت بشكل مقالي، حاول أن يزعق فيها الكاتب ويقول بعلو صوته: أنا هنا.. أنا "الخمايسي"..! أنا صاحب موقف وصاحب قضية.. أنا الذي "فشخت" المجتمع المصري.. سوف أتحدّث عن موضوع "طازة"؛ "الهجرة غير الشرعية"، سوف أدين المثقفين والفنانين والقادة.. وقد أدين السلفيين.. لكن "بالرّاحة".
الفن فن يا "خمايسي"، سيبك من موضوع الرسالة لأن هذا كلام قديم وعفا عليه الدهر.. الرسالة هي الفن.. جمال الفن.
موضوع الهجرة غير الشرعية كتبه "خالد الخميسي" من سنوات كثيرة في "سفينة نوح"، وكانت رواية صادقة غير متكلفة، مع الانتباه طبعًا للتشابه بين "الخميسي" و"الخمايسي"، وإن الروايتين صادرتان من "الشروق". 😃
طيب، الفكرة نفسها، والحدوتة، مستهلكة، ستتساءل وأنت تقرأ: هذه الحبكة.. الحوت الذي أغرق سفينة.. أين شاهدتها من قبل؟ the heart of the sea.
اجتماع الناجين على ظهر طوف في البحر.. أين قرأته من قبل؟
طيب "مصر" التي تجتمع بكل توجهاتها الفكرية على ظهر مركب، أين قرأناه في الأدب العربي؟ "ثرثرة فوق النيل".! يجوز.
وقع "الخمايسي" في فخ المباشرة، ووقع في فخ "التصنّع" و"التكلّف"، يعني مثلًا حين يُشبّه "السحب البيضاء بالخراف النيوزلندي" في بداية الرواية، هو تشبيه يدل على تصنّع ثقافة لا تتطلبها أحداث الرواية. وغيره الكثير من التشبيهات.
الأمر الوحيد الذي يدعوك لاستكمال الرواية هو اللغة.. لغة "الخمايسي" كالعادة سلسة وجذلة.. لكن هل تشفع اللغة، فقط؟
في ظني أن "الخمايسي" تعجل، أو شحّت أفكاره، أو تباهيه بأنه لا يقرأ جعله بالفعل لا يُنتج، من رواية لأخرى ينحدر بسرعة تدعوك للاندهاش، هل هذا مؤلف رواية "الصنم"؟
كان متفردًا في "الصنم" ومبدعًا في "منافي الرب" وكاتبًا جيدًا في "انحراف حاد" وكاتبًا -فقط- في "ضارب الطبل"، وفي هذه الرواية ينزل مرتبة أخرى، ليصبح مجرد راوٍ لأحداث كُتبت وأفكار استُهلكت سواء في الأدب الغربي أو في السينما الغربية، ليس فيها جديد، لا على مستوى الحبكة، ولا على مستوى الدلالة والرمز.
للأسف، دفعت ثمانين جنيهًا لاقتناء الرواية، وليتني ما فعلت.
أحب "الخمايسي"، إنما عليه أن يحب نفسه ويحب كتابته كما نحبه.
لا تقارن برواياته الأخري, ربما لم يجعلني أعطها نجمتين بدلا من نجمة إلا الفصل الأخير الذي تحلي بملمح من العمق لم يكن لباقي الرواية قسط منه , , و إن شاهته العبارات الجنسية ليست لانها جنسية لكن لأن الجنس لسبب ما ينبغي أن يكون عند أشرف الخمايسي بهيميا مقززا حيوانيا لا يخلو من سادية أحيانا
جو العظيم. أيُ عظمة هذه التي يمتلكها جو؟ تقديم: المُتتبع لأعمال الكاتب "المُعتَز بذاته دائمًا" أو -اله السرد- كما يُقال، سيُدرك أن جو العظيم أتت مُختلفة عن سابقيها، أو أن الكاتب يثب وثبة كيفية جديدة في سيرته الأدبية بشكلٍ مُختلف تمامًا عن التيمة التي اعتاد أن يَكتب بها، أو ما نَصبغهُ نحن بها كقُرّاء بأن قضيّتهُ الاساسية هي "فلسفة الخلود والموت والوجود". الغلاف: بداية يأتي غُلاف الرواية مُماثلًا لألوان السفينة جو العظيم المُلطخة بغير هِندام أو تناسق، ذلك القارب المُهلهل المنسوب له العظمة رُغمًا، مُصورًا فيه الكابيتانو زبيبة ربيع الحلو قبطان جو العظيم متلثما للبايب الذي يضفي عليه شيئًا من الهيبة، مُمسكًا بقرص القيادة لجو العظيم. المكان: السفينة جو العظيم أو الكارّو المؤهل رُغمًا لشق عُباب البحر الأبيض المتوسط، والمنتهي به المطاف لكارثة الهلاك. الزمان : مثل ذلك الزمان أو أي زمان آخر مثله. نُبذة عن الأشخاص: الكابيتانو زبيبة ربيع الحلو؛ قبطان جو العظيم المُحنّك والذي يُمثل رأس السلطة والسيادة. حمودة البحار: المنفوخ ضخامة، هذا الأعور الذي يتكيء ويطقطق بساقه المبتور المُثبت مكانه خشبة، كالصورة التي تتخيلها الأن لأي قرصان بحر قبيح المنظر. أو الحكومة إن جاز التعبير. - الناجين من هلاك جو العظيم: بيضون جلال الرائد: المتدين السلفي الي حدٍ كبير. ياسين جرباية : الفنان التشكيلي والمُثقف العلماني الي حدٍ كبير أيضًا. حسن المط قبل انكشاف السر او بهية المط بعد انكشافه: المرأة الحسناء بهية الصورة سيئة السيرة – أو تستطيع أن تُعبِّر عنها بأنها وجه آخر للحياة وزينتها. شندل بشندي فانوس: المسيحي المُقرِّط علي نقوده حول خَصره. زغلول البيضا: عاشق حسن المط الحالم بجنة المَطّ الناصعة، المستفيق علي تاريخها المهبب. كلام طماطم : أحد الناجين، السارح في اللاشيء.
الأحداث وما وراءها: تأتي أحداث الرواية بداية بتجمُّع مهاجرين غير شرعيين باختلاف الأشكال والتوجهات والثقافات علي متن "جو العظيم"، مُتجهين جميعا الي الأمل الي أحد شواطيء أوروبا، فارين من واقع ينث بالألم، حاملين همومهم راجين في هجرتهم هذه أن تضحك الدنيا لهم، يتسلمهم الكابيتانو زبيبة قائد جو العظيم، ليحشرهم جميعًا علي متن سفينته، معلنا بعد ذلك تعليماته السلطوية منددًا بحكومة سفينته فظيعة المنظر المختزلة في البحار حمودة. هكذا تجمّع مجتمع جو العظيم. وأينما وجِدَ البَشر ووُجِدَت السُلطة وجد تباعًا الصراع، وأينما وجِدَ الصراع بُليت سرائر النفوس. حيث يُعبِّر الكاتب برمزية عن السلطة وكيفية استخدامها للحكومة بـ تصرفات حمودة الهوجاء شديدة البطش، ذلك الذراع الأوحد للسلطة المطلقة علي متن جو العظيم زبيبة ربيع الحلو، وكيف أن السلطة تفتقر للحلول والأهلية في قيادة المسيرة إن اعترضها أيُ عارض.
وقد صوّر الكاتب هذا الديالكتيك بين العلمانية والدين، وتمثيل المثقف العلماني بشخصية ياسين جرباية الذي يهاجم السلطة تارة ويحتمي بها تارة أخرى، وكيف أن رجل الدين الممثل في الشيخ بيضون يمنح القدسية للحاكم أو يسلبها بالحجج الفقهية، كيفما اراد أن ينتقى. وكيف إن تعارضت العلمانية مع المصلحة أو الانسانية، لجأ العلماني للتبرير واختفى الضمير أو كما يُعبر الكاتب " التبرير التبرير أقوي من أي ضمير".
وكيف أن هذا الصراع الديالكتيكي والعداء الظاهري بين العلمانية، والتدين أو بين المثقف والسلفي، وحتي بين الاختلافات الدينية العقائدية المتمثلة في بيضون وفانوس، يتحوّل في نهاية الأحداث الي التعايش وانفتاح كلًا منهم علي الآخر، وتقَبُّل هذا لذا وذاكَ. مقدمًا نظرية فلسفية في نهاية الصفحة 341، يرى فيها أنه "ربما لو اختفت السلطة، واختفي الأتباع، وانطفئت بؤر الاهتمام، .. يختفي العداء"، وتعايش الجميع باختلاف توجهاتهم "بيضون وجرباية وفانوس ووكلام وزغلول وبهية"، وأن من مصلحة السلطة أن يتأجج ذلك الصراع بشكل مستمر. حيث انتهي بهم المطاف الي هلاك جو العظيم بعرض البحر ونجاة الأشخاص المذكورين سابقا ليعيشو معا على ذلك الطوف أو الجزيرة المصنَّعة، في تعايش تام وتَقَّبُل كلا منهما الاخر مهما اختلف أدمغتهم.
وكذلك تنطلق الرواية الي بعد مادي آخر، وهو أن الحياة – بعد هلاك جو العظيم - علي سطح ذلك الطَّوفُ غير معلوم المصير أو تلك الجزيرة المُصنّعة من حُطام جو العظيم وما يجود عليهم به المحيط، وبعد أن زاغت عنهم كل مسببات الأمل، وانطفأ التوقع، والتسليم للمصير، وتناحر الجميع علي من يختار بهية ومن أحق بها هذا أم ذاك المسلم ام المسيحي وبعد اقتراع ��ل الحُجج وتقديم الآراء. أو من تختاره بهية، أو الحياة كما اشرنا، لتُفاجئنا باختيار غاية في الغرابة والاندهاش وهذا ما ستعرفه عند قراءة الرواية. نهاية: جو العظيم رواية مليئة بالمجازات كما يذكر الكاتب ولكني آخذ عليها أنها لا تخلُ من المَطّ والاسهاب في تبادل الحجج الفقهية الدينية، والأحاديث والآيات، مما قد يسبب شيئًا من الفتور أو قتل حماسك لقراءة الرواية كاملة.
رواية جو العظيم للكاتب أشرف الخمايسي. من أول الروايات و الكتب التي أقرأها لأحمد الخمايسي تدور أحداث الرواية عن قصة مهاجرين من مختلف أديان و جنسيات لكن هدفهم وصول إلى إيطاليا لبدء حياة جديدة أحداث رواية تلامس واقع عربي من ناحية انقسام ما بين الأفكار و الشخصيات و اتهام كل شخص للأخر بالزندقة و كفر و نظام سلطة قمعي متمثل في زبيبة و مساعده محمود و بيضون الذي يسعى لتسخير دين لمصالحه و هنالك ياسين العلماني البعيد عن دين و المسيحين عشرون شخص تقريبا و بهية التي يتكالب عليها الأشخاص طمعا في جسمها مثل الأوطان العربية التي يتكالب عليها جميع فئات كي يأخذوا خيراتها دون باقين. أستخدم كاتب ألفاظ بذيئة لا تليق بالقراءة و القارئ .
مبدئياً عندما تشرع في قراءة رواية لأشرف الخمايسي فكن مستعداً لعالم جديد صدمة جديدة فكرة جديدة فكل رواية حالة مختلفة وجو العظيم هي إحدى الأعمال التي كانت افرازا لفترة الثورات السابقة لها جو العظيم المركب الذي يقل مائتي مهاجراً غير شرعي كرمز للرغبة في التغيير من حال إلى حال ومن وطن تشعر فيه بالقهر لوطن آخر تعده في خيالك أرضاً خصبة صالحة لبذر أحلامك وانباتها الشخصيات تمثل فئات وشرائح مختلفة المثقف والسلفي والمسيحي والمسلم والقروي وغيرهم الأحداث والحوار بين الشخصيات من بداية الرواية لنهايتها رائع جداً فكل شخصية رسمت بعناية لدرجة أن آراءها وحديثها يناسبها تماماً ثم إسقاط رغبة الركاب الممثلين للطبقات المختلفة في الزواج من بهية كان رائعاً جداً وهذا الجزء بالذات أراه اروع ما في الرواية مأخذ بسيط أعتبره مسألة شخصية عندي وهو بعض الألفاظ غير اللائقة التي كان يمكن الاستغناء عنها وأعلم أنها ضرورية لحبك الشخصية فمثل هذه التعبيرات تصدر عن هذه الشخصيات وربما أكثر ولكن أنا شخصياً لا أفضل نقل هذا من خلال عمل أدبي ومهما قيل عن أن الفن والأدب مرآة للمجتمع فأنا أرى أن براعة أديب كبير كالخمايسي قادرة على توصيل هذه الأحاسيس دونما اللجوء إليها ولكن في النهاية يبقى عملا كبيراً يوثق فترة تاريخية يمكن سحبها على فترات كثيرة مماثلة مضت وأيضاً مستقبلية خاصة لتشابه الأحوال لدرجة تقترب من التطابق بل ربما تزداد الأمور في أوطاننا تأزما بمرور الزمان فقد تقرأ هذه الأعمال بعد مائة عام فيتعجب قارئها كيف كتبت منذ مائة عام والحال لا يختلف كثيرا شابوه للكاتب الذي يجدد نفسه وقلمه وفكره باستمرار فيجعلنا نشعر كل مرة أننا أمام كاتب جديد
أشرف الخمايسي مبدع كعادته في خلق المجتمعات الضيقة و استخدامها في تركيب رمزيات عبقرية و اسقاطات سياسية ذكية عن الواقع الكبير و المجتمعات الحقيقية. الاختلاف هذة المرة عن رواياتيه السابقتين في مسحة الفكاهة اللي أضفاها من خلال وصفه كراوي أو من خلال كلام على لسان الشخصيات أو في أفكارهم و هو كان شئ لطيف و موفق جدا حتى في اختيار الأسماء العجيبة المضحكة و اللي رمزيتها كانت واضحة جدا في مواضع كثيرة (ريس مركب الهجرة غير الشرعية الكابيتانو زبيبة!!). الشئ الوحيد المثير للشك بالنسبة لي هو بعض الوصف و الكلام العنصري اللي في ظروف أخرى كان ممكن أبقى موقنة من أنه ليس إلا براعة الكاتب في توضيح أفكار كل شخصية بكل ما فيها من فجاجة أو عنصرية مهما كانت ليكون الأمر واقعي جدا لكن للأسف بعد بوستين غير موفقين بالمرة انتشروا على حساب الكاتب على فيسبوك خلال رمضان الماضي أصبحت أي كلمة بها لمحة عنصرية خاصة ضد النساء مشكوك بالنسبة لي في أمر براءتها و هل استخدامها كان عن قصد لأهداف درامية أم هي تصدير لأفكار الكاتب بالفعل! و لكن ان كنا حسني النية و افترضنا إنه كان عن قصد للحفاظ على واقعية الشخصيات فهو بالطبع كان شئ موفق و مختلف و جرئ و لكن فقط إن كانت نيته الواقعية.
ممتع ان تبدأ القراءة متشوقا لمعرفة تفاصيل ما يدور بمراكب الهجرة الغير شرعية،.حيث ان احتكاكنا الوحيد بهذا الامر هو الخبر المعتاد عن غرق احدى المراكب و صور انتشال الجثث الحزينة. و تفاجىء اثناء خوضك في غمار قراءة هذا العمل الممتع بتحول المركب لنموذج مصغر مما يحدث بمجتمعنا، سلطة ديكتاتورية متمثلة في الريس زبيية، اداة البطش الأمنية المتمثلة في البحار حمود، رجل الدين البارع بتفصيل الأحاديث النبوية و الفقه لتبرير و تحليل اي مصلحة و الالتصاق برجال السلطة، المثقف و الممثل لطبقة النخبة المدعية او المتخيلة انها الوحيدة التي اختصت بهبة الثقافة و الفكر والتي لا تختلف عن رجال الدين باستعمال أسلحتها الخاصة للإلتصاق بالسلطة، الشخصية النسائية الوحيدة و التي اثبتت بنهاية الرواية ان المرأة هي الغاية الأساسية 😀 و اخيرا، بالفعل نحن شعب طيب، سهل الخداع و سهل الانقياض خلف من يربط حبله بخطاف عاطفتنا.
This entire review has been hidden because of spoilers.
بالبدايه عجبني اهداء الروايه الى د\ احمد خالد توفيق رحمه الله الروايه تحكي عن سفينه تنقل مهاجرين غير شرعين الى اوربا وهي اسقاط ع الوطن \ المجتمع الاقليه المسيحيه \ مسلمين بينهم متشدد وايضا مثقف وامراه متنكره بزي رجل فكره الروايه و الافكار اللي تناقشها مكرره و احداثها ممله نوعا ما وصلت لصفحه 65 وما قدرت اكملها \ قرات اكثر من عمل لاشرف الخمايسي ما زلت عند رايي افضلهم انحراف حاد وفيها ايضا استخدم نفس الفكره الاحداث تدور في باص و اسقاط ع المجتمع انه جميعنا في مركب واحد الروايه القادمه اتوقع في الطائره كتبت سابقا عنها =) https://www.goodreads.com/review/show...
إسقاط جيد علي فئات مُتناحرة من مُجتمعات شاء القدر أن تكون تحت حكم الفرد الواحد المُتشابه دائماً باختلاف الأسماء فقط وعلي الرغم من تكرار تلك الفكرة إلا أن توصيف الخمايسي التحليلي لسلوك لشخصيات في بيئتهم المُصغرة يجعلنا نعيش معهم على ذات القارب، أو ربما لأننا نعيش بذات القارب بالفعل فقد اخترق وصفه عقلنا بكل يسر ودون عناء ودعاني للإبتسام في أكثر من موضع.
أعيب علي الكاتب الاطالة التي تدعو دائماً للملل في كل أحداث الرواية واستعراضه لذات الموقف ونفس التفكير الوارد في بال كل شخصية بأكثر من طريقة مُتتالية، ولو أنه تنبه لذلك لكان التنقيح أفضل؛ فما الفائدة من ذكر ذات الفعل أكثر من ثلاث مرات بصيغة مختلفة كل مرة لدرجة معاناة القارئ من ذلك حرفياً
كمن يمسك مبضعا ويقوم بفتح جثمان ليخرج ما به من أعضاء ليقدم ما بها من أمراض. چو العظيم، والذي ظننت قبل قرائتي لأحداث الرواية أنه شخصية محورية فاكتشفت أنه مركب الصيد القديم الذي تدور عليه الأحداث. أشرف الخمايسي يقدم نماذج المجتمع جميعاً مجتمعين متجمهرين في عرض البحر المتوسط، يواجهون الأمواج وأعطال المحرك والكابيتانو العجوز وبحاره الأثير حمودة، يواجهون أفكارهم ومواقفهم، تدور بينهم المؤامرات وتنشأ معارك لا تنتهي، ويظل الوضع متازماً حتى نهاية الرواية.
حاولت أقراه على مرتين، وفي كل مرة كنت بعافر علشان أوصل لٱخر الصفحة. كل ما في الرواية رديء، من الشخصيات للرمزية للحوار لتسلسل الأحداث. النجمة ديه لأني أقدر فعلا المجهود المبذول لصنع عمل متكامل الرداءة زي "چو العظيم"، ولأنبهاري بكل المنبهرين بقدرة أشرف الخمايسي على التعبير عن الوطن من خلال رمزيات الرواية.
أن تجمع أطياف الشعب وتياراتها فى مركب واحد للهجرة غير الشرعية وتتحدث بمايقولونه صراحة ومالا يقولونه إلا فى دوائرهم المغلقة وتواجههم ببعض كى يرى كل تيار الآخر دون خطوط حمراء هذا ما فعله أشرف الخمايسي فى هذه الرواية التى بدأتها ببعض الملل ثم أصبحت لا أريد أن أتركها لكن يعيبها استخدام بعض السباب السوقى حتى وإن كان فى اطار الموقف
رواية واقعية، على عكس عوالم الخمايسي، ما يجعل القارئ يعيش مشاعرًا حقيقية. الفكرة عبقرية، ليس جديدًا أن تصاغ الصراعات الأيديولوجية والطبقية والثقافية في مكان واحد، ولعل من البديهي أن تقول إنه الوطن، فلا يعاب الكاتب عليها، إنما تحسب له لغته العبقرية، الفصحى المطعمة بمفردات عامية غير مبتذلة، وإن كنت أود أن يكون الحوار عاميًا تمامًا، غير مفصح، فقد كدت أسمعه من براعة الخمايسي.
رواية ممتعة ابتداءًا من غلافها الفني الجميل مليئة بالاسقاطات السياسية و الرمزية تشرح الحياة و الاختلافات بين التيارات الفكرية و الدينية في المجتمع بشكل ذكي جدًا السرد رائع و اللغة سلسة و ممتازة رغم انه استخدم الفاظ جريئة في بعض السطور في بعض المواطن اسهب الكاتب في السرد ممتعة !