Jump to ratings and reviews
Rate this book

أحاديث الجن والسطل

Rate this book
بعد روايته التي أثارت الكثير من الاهتمام، والتي صدرت تحت عنوان "قميص سماوي" في طبعتها الأولى عام 2011، يؤكد الروائي "محمد الجمال" على قدرته المتفردة في خلق عالم روائي فريد في ملامحه وذلك بانتهائه من روايته الجديدة "أحاديث الجن والسطل" التي تتحرك في فضاءين من الفانتازي والواقعي يتقاطعان بقوة ويتباعدان برهافة ليظل القارئ على شفيرٍ حاد ما بين الدهشة والسخرية. وهي من روايات الأجيال المتعانقة مع رواية المكان، يصل فيها الكاتب إلى ذروة عالية في نسج الحبكة وبناء الشخصيات وتطور الأحداث.
تدور أحداث الرواية في إحدى قرى الريف المصري بوجه بحري ، حيث تتصارع مصائر الشخصيات ليثبت الكاتب أن الكثير جدا مما يستحق الحكي مازال بكرا لم تمسه يد، يقبع في الريف المصري البعيد عن المركز وتسليط الأصواء.
“أحاديث الجن والسطل” هي العمل الثاني للكاتب بعد روايته الحائزة على الجائزة المركزية عام 2011 ” قميص سماوي “.
والغلاف من رسم الفنان الدكتور محمد سامي لوحة من المنمنمات تجسد القرية المصرية بتفاصيل ميكروسكوبية بديعة..

247 pages, Paperback

Published September 1, 2018

5 people are currently reading
39 people want to read

About the author

محمد عمرو الجمال

2 books15 followers

Ratings & Reviews

What do you think?
Rate this book

Friends & Following

Create a free account to discover what your friends think of this book!

Community Reviews

5 stars
5 (41%)
4 stars
5 (41%)
3 stars
1 (8%)
2 stars
1 (8%)
1 star
0 (0%)
Displaying 1 - 7 of 7 reviews
Profile Image for Ahmed Moghazy.
121 reviews52 followers
October 7, 2020
بعد انتظار سبع سنوات عجاف؛ يعود صاحب قميص سماوي - أحد أجمل الروايات المصرية في العقد الأخير - إلى الإبداع برواية جديدة تؤكد موهبته كحكاء بارع من الطراز الرفيع، ليستحق عن جدارة لقب سيد الحكايات الذي أسبغه على بطل روايته "أحاديث الجن والسطل"، حسين الضرغامي أو نور النديم الذي يبحث عن هويته وحقه ويحارب الظلم ويكسب قلوب الناس بالحكايات، حكاياته الآسرة المتشابكة التي يختلط فيها الواقع بالخيال، أبطالها بشرٌ وجنٌ كالبشر حتى يصعب التفريق بينهم، في واقعية سحرية شديدة المحلية والإنسانية والتفرد.

يثبت محمد الجمال في هذه الرواية قدرته على اختراق آفاق جديدة، وأن صاحب العمل الأول المبهر لم ينضب معين موهبته ولم يزل في جعبته المزيد ليمتعنا به، عسى أن يوق شح قلمه ولا يضن علينا بإبداعه كل سبع سنين.

وجب التنويه أن الرواية البديعة قميص سماوي متوفرة في طبعة جديدة أخيرا وهو حدث يستحق الاحتفاء، أتمنى من كل قلبي أن تنال حقها المتأخر من الانتشار والنجاح والتقدير.
Profile Image for Mohamed Farahat.
23 reviews2 followers
March 20, 2022
"7"
أحاديث الجن والسطل.
المجد للحكايات"1"
حينما تختلط تخوم الواقع والوهم، الحقيقة والحلم، فتفقد القدرة على التمييز بين تلك الحدود، وهل من تعريف حقيقي للواقع والوهم سوى أنه مرادفات لمواءمات عقلية وضعية في المقام الأول؛ فما فرضه العقل واقعا فهو واقع ،وما فرضه وهما فهو وهم، وكم تختلط الأمور والقياسات على العقل الإنساني، فما يعتقده وهما قد يكون هو عين الحقيقة والعكس.
لا يعبأ كاتبنا كثيرا بتلك الأطروحات الفلسفية، ليكون ولاءه الحقيقي للحكاية فقط ، لتشكل الحكاية بذاتها وببصيرتها حدود الوهم والحقيقة ، لتنصهر التخوم مكونة منطقها الخاص بها. على شرطين تعاقديين اثنين يبرمهما الكاتب؛ الأول أن تسلم له قياد المنطق يفعل به ما يحلو له، يطوعه كيفما شاء ، والثاني أن يكون ولائك كولائه للحكاية فقط . وبداية التعاقد تتبدى منذ قراءتك، واختيار" محمد عمرو الجمال" لعنوان روايته " أحاديث الجن والسطل" ...
وهل يعول على حديث الجن ؟! وماذا تقول في إخبار من أخذ السطل،" سطَلَ يَسطُل ، سَطْلاً ، فهو ساطِل ، والمفعول مَسْطول سطَلته الخمرُ : خدَّرَته ، دهشته ، أفقدته وعيَه سطَله دواءٌ / مخدِّر" بقياده فاختلطت العوالم بعينيه .
وكانت أول سطور الرواية بمثابة توطئة العقد " حسنا...أنا مجنون ...دعنا نصل إلى هذه النتيجة مبكرا من قبل أن تستهلك سطورا وخلايا عصبية كثيرة في اكتشاف هذه الحقيقة البسيطة. "
وهل الجنون محض خروج عن قوانين الواقع أم هو فضلا عن ذلك محاولة لاختلاق قوانين جديدة مباينة تناطح قوانين الواقع المتغلب؟.
يؤسس " محمد عمرو الجمال " لأسطورته فكأنه يعيش الأربعين يوما الأخيرة قبيل الموت ليفقد وجوده المادي وينساب روحا خالصة متمثلة في شخصية ثنائية الأقانيم متوحدة الرغبة و الحلم و الإرادة نور النديم/ حسين الدرغامي ولكنهما في ذات الوقت يتصارعان فيما بينهما على إثبات أن الرواي أحدهما دون الآخر. " وجاء رجل وزوجته التي كانت تحمل رضيعها على صدرها ووقفا عندي، ثم جلس كل واحد منهما على ركبة لي وفاضا بأدق أسرارهما في حجري من دون أن يلحظا وجودي…"
يؤسس "محمد عمرو الجمال" للأسطورة بتقنيتين؛ التقنية الأولى " الواقعية السحرية" التي تغص الرواية بمقطوعاتها لا لأجل إظهار القدرة على هذا الفن "الماركيزي" المتفرد ولكن لخدمة النص وتطوير الحبكة، فلا تراه مستغربا أو أجنبيا منفصلا بل مكملا ومسخرا لفكرة الكاتب ولبنية الرواية . كفصل المساخيط" أسرار، مستورة ، الشيخ قللي( إمام جامع القرية الكبير )" تلك الشخصيات ثنائية الطبيعة الطينية/ النارية التي تخلقها و تكتب حكاياتها عفاريت الترعة الخضراء المحتضنة لعالم القرية " كحدوة حصان " ، عهود رئيس عصابة جن الترعة مع نايل النديم / الدرغامي الكبير تلك الثنائية الممثلة للشخصية ثنائية الأقانيم المتصارعة من أجل الظهور للمرة الثانية بعد نور النديم/ حسين الدرغامي ، غراب فنجان القهوة و اختزال مصيره لمصير البطل /الراوي ، عالم الغجر وشخصية نفيسة السحارة و السيد عبد المتعال .
والتقنية الثانية لغة توراتية رصينة قريبة جدا من الترجمة العربية للعهد القديم كفصول " أسعد النديم ، نور النديم ( سفر محذوف من توراة القرية ) ...فهاهو الأب نايل النديم يدعو في السحر لولده أسعد، ولكن ملاك الدعوة يخطأ فيحسب سعيدا أسعد، فحينما لفحته الحمى تدثر بثوب أسعد ، فينال سعيد بركة أبيه وتحكي التوراة قصة مشابهة قصة كيف نال يعقوب بركة أبيه لتخطأ العيص و تصيبه.
وحينما تتمكن الأساطير المؤسسة يكون الروائي القدير قد تمكن في الهيمنة تماما على ذهنية المتلقي يصب ألحانه وخمره كيفما شاء ، وعلى خلق منطق الرواية الخاص بعالمها المتفرد ؛ بلغة ملحمية بليغة تطغى الشاعرية عليها في مواضع كثيرة هي في أمس الحاجة إليها فلا تراها معرقلة لسيرورة الأحداث نحو ذروتها المبتغاه.
هل هي رواية مكان تعود الأحداث و الشخصيات منها وإليها ، تحلق في سمائها، وتنساب مع نسيمها ، وتعيش كقراميط ترعتها متخفية تارة ظاهرة أخرى ؟! فيبني" محمد عمرو الجمال" عالمه في قرية نائية على "شمال السما" متدثرة هنالك بأشجارها وحقولها وعالم فلاحيها الملغز. هي في صراع مع العاصمة ومع ذلك وعلى الرغم من بساطة تركيبها الظاهر فهي تحمل من الأسرار التي تعجز العاصمة عن حملها فضلا على فهمها واستيعابها . وهي مع ذلك ملجأ آمن للسادة كبراء العاصمة و المسيطرين على مقدراتها، هي كما قال "أسعد النديم" من سيطر عليها سيطر تبعا لذلك على العاصمة .
فطنت شخصيات الرواية لذلك فتصارعت بخلفياتها وظروف تنشأتها المتباينة لتنقسم لمعسكرين ؛ الأول مسيطر مهيمن حريص كل الحرص على بقاء الأمور على حالها ليؤسس لسطوة واستبداد يملك كل المقدرات المادية ومعسكر آخر تم إقصاءه عن عمد بعد إجهاض حلمه وإلحاق الهزيمة الكاملة به ممن يملكون الثقافة والمعرفة وحلم التغيير بكل عيوب و آفات وقيم ومبادئ البرجوازية الصغرى ، يهرعون من الميادين المجهضة بالعاصمة إلى كوخهم الطيني القروي بالقرب من ترعة الجن ، تتسرب حكاياتهم مع نفثات دخان الحشيش المتصاعد للسماء لتغيير قدر القرية و من ثم العالم ، وكان سلاحهم الحكاية.
فهل تنحاز الأقدار حينما يصل الصراع لذروته إلى "عزبة المجنون " و"ضريح نور النديم" هذا الحل الهروبي من شكل القرية الحديث المشوه بخرساناته القبيحة وضجيج تكاتكه وميكروفونات مساجده العشوائية، أم للصراع المباشر مع زعاماته شديدة السطوة والبأس ...نعم فشلت محاولات الاحلال وتبديل المواقع بسقطات الشخصيات الحالمة الجديدة المريضة بأمراض الطبقة الوسطى من أنانية وتردد ، بالرغم من انحياز السلطة الشابة الواعية المتمثلة في ضابط المباحث "طارق الشاذلي" لتختفي شخصية "حسين الدرغامي" لتحل محلها شخصية " نور النديم " في أجواء بوليسية لاهثة وتبقى شخصيته متمثلة هائمة في أجواء "عزبة المجنون" وينكسر حلم "أحمد الجنوبي" و يتوه "شوقي العبد" في عالم من الدروشة بعد تلبسه بعقدة الذنب .
ولكن تتغير القرية بفعل الحكايات لم تعد تنحني كما كانت لكبيرها، لم تعد تعتمد على حلول من شخوص غارقة في الأحلام الزرقاء زرقة دخان سيجارة الحشيش.
لم يكن انكسارا تاما ولا انتصارا تاما ، لم تفلح الثورات في خلق مجتمعات جديدة على الأقل في عالمنا العربي ، فلم يعد من حل لأزمة الواقع سوى التدرج المتسرب للعقول كحكايات الكوخ الطيني ليحدث التصالح أخيرا فترى ممثل السلطة "طارق بك الشاذلي" يحرض الراوي البطل على تكرار التجربة الأقل كلفة والأكثر نجاحا " بوسعك أن تبقى سيد الحكايات في تجرد من الأسماء والهوية، لا هذا ولا ذاك، فمازالت في بلادنا قرى كثيرة يطبق على أنفاسها ألف غول مثل أسعد النديم ، ومازال ألف نور النديم مقتول ويطالب عفريته بثأره ، ستعيش في قرية منها باسم جديد وحكاية أخرى تحكيها ولن يسع ذلك الصوت الذي يتبعك أن يعرف مكانك أبدا ، لأن الأخبار سوف تأتيه من أمصار متفرقة"



Profile Image for محمد قنديل.
Author 2 books56 followers
Read
January 8, 2019
.في تجربة إبداعية بديعة يتكئُ الجمَّالُ على ميراثٍ باذخ من الحكي الشعبيّ والأساطير التي تنبت واقعيتها السحرية من الطين والترعة وبيوت الفلاحين وعفاريتهم
يعود حسين منصور الدرغامي سيد الحكايات إلى قرية أجداده ليستعيد حقوقه الضائعة فيفنى في شخصية نور النديم الذي يشبهه ويدَّعي جنونَه ليستولي على قلوب الفلاحين بحكاياته رغبةً منه في زلزلة الأرض تحت أقدام أسعد النديم لكنه يدخل متاهة الحكايات التي تنشع من حوائط البيوت وتتسلل من غرف النوم فلا يسلم من الأذى ويتقاطع مصيره مع مصائر أخرى يغزل السحرُ بعضها والجنُّ بعضَها والحبُّ والطمع والاستحواذ بعضها الآخر.
رواية ساحرة لكاتب كبير
This entire review has been hidden because of spoilers.
Profile Image for Ahmed Seleim.
22 reviews7 followers
April 10, 2022
يبدو أن هذا الكاتب سيظل قادراً على إبهاري مهما ظننت أني قد جربت كل شيء، وأنه سيظل قادراً على إمتاعي في زمنٍ استهلاكيٍّ عزَّت فيه المتعة الحقيقية في الأعمال الأدبية .. هذا عملٌ فنيٌّ يقتحم على المرء خياله ويطير به إلى أركانٍ مسحورةٍ في الواقع الملموس .. هذا العالم الذي يذكرك بألف ليلة وليلة لكن في صِبغةٍ شديدةِ المصريةِ من أعماق الريف .. القرية المصرية وحكاؤها الذي يرسم لنا شخصياتها بمنتهى الدقة، ويفتش في نف��سهم ويحيك العلاقات المتشابكة بينهم في عالمٍ لا حدود فيه بين الواقع والخيال السحري .. كانت الشخصيات والعلاقات حقيقيةً جداً، حتى وإن تدخلت فيها العفاريت، وهامت في جوٍ من السُطل.!
المكان هو بطل هذه الرواية، القرية التي تعيش بداخل شخصياتٍ لم يفصح الكاتب صراحةً عن مقته لها، أو عن محبته لبعضها، لكنه يثبت بجدارةٍ كيف أنه خبِرها جميعاً كخطوط يده، ثم تترسخ علاقتك بهم عبر لغةٍ شديدة العذوبة والرشاقة، تغلفها موسيقى تعود بك إلى ألف ليلة، وتذكرك طوال الوقت بألفاظ القرآن الكريم.
وكما في ألف ليلة يتركك سيد الحكايات مع أسئلةٍ عديدةٍ، هل لأسياد الحكايات قوةٌ يمكنها أن تنتصر على هيمنة السلطان وقوة المال؟ هل تستطيع الحكايات أن تنزعَ مُلكاً وأن تتوُّجَ زعماء؟
وهل قصد الكاتب بهذه القرية بلداً بعينه؟ رمزاً بعينه؟ ثورةً حدثت؟ أو أخرى يتمنى أن تحدث؟
"ستعيشُ كلَّ ساعةٍ في قريةٍ منها باسمٍ جديدٍ وحكايةٍ أخرى، ولن يسعَ ذلك الصوتَ الذي يتبعُك أن يعرفَ مكانك أبداً، لأن الأخبارَ سوف تأتيه من أمصارٍ متفرقة".
Profile Image for محمد فرحات.
1 review
Read
March 7, 2019
كتبه محمد فرحات.
وكلما ساد اليأس من الواقع الثقافي والكتابي في مصر ، كلما دهشتك موهبة جديدة أعادت الأمل ثانية ، وكأن الكتابة الإبداعية المصرية عنقاء تحترق ، لتنطلق ثانية من بين ركامها مبشرة بواقع جديد .

لتنطلق العنقاء المصرية في نهاية عام 2018 بكل مافيه على صورة رواية مصرية تحمل اسم " أحاديث الجن والسطل" وروائي يخوض تجربته الروائية الثانية بعد روايته الأولى " قميص سماوي " 2011 .

لنبدأ من عتبات النص ، متأملين مليا في العنوان ، وهل هو حيلة هروبية من تحمل تبعات الواقع ، وكأن الكاتب يعتذر مقدما ، فكل ما سوف تقابله من أحداث هي بالضرورة من وسوسات الجن الهائمة ، وهي وليدة "سطل" لا لوم عليه ، فليس على المسطول من حرج ، فهل هي محاولة للسير على خطى السيد الأعظم " نجيب محفوظ" في روايته " ثرثرة على النيل" إذ يحكى أنه حينما كتبت التقارير المخابراتية التي تدين " نجيب محفوظ" لتحمل بدورها لرأس السلطة السياسية حينها قال" وما عليكم من كلام الحشاشين ، ارفعوا أيديكم ، لاتمسوا الرجل الطيب ؛ يقصد " نجيب محفوظ" .

ليبدأ الصراع من عنوان الرواية ذاتها ؛ صراع بين اللاوعي و الوعي ، لاوعي حالم، طائر بلاقيود ، ووعي محبط، مكبل .

لا وعي يسعي لخلق عالم جديد منحاز لكل القيم الإنسانية التي تنادى بها الفلاسفة منذ فجر التاريخ من حق وخير وجمال ، ووعي طمر لرأسه في طيات العشوائية و الاستبداد وانسداد الأفق.

لينسحب الصراع رويدا من عنوان الرواية لشخصياتها الأسيانة المهزومة أيضا بفعل واقعها الواعي ، الأسى هنا مسيطر على الجميع سواء من ملك الواقع و من انطرد من مملكته، سواء من تربع على العرش أو من أقصي ليخرج خالي الوفاص من أي ممكن متاح .

ليتطور الصراع ثانية على مستوى الشخصيات ، لتندهش فعلا من شخصيتين تناضلا طيلة الأحداث لتثبت كينونة مناقضة تماما لما هو معلن ؛ الأولى هي نور النديم / منصور الدرغامي ، ليعلن الرواي أنه " منصور الدراغامي" الآتي من العاصمة المأزومة بحكاياته وحجة ملكيته لدوار العمودية القديم لعائلته التي ملكت القرية يوما تحت اسم حاكمها ووليها الصالح " الدرغامي الكبير" ، بالرغم من

أن القرية كلها تقر بكينونة أخرى مخالفة تماما لرواية الرواي؛ وهو أنه " نور النديم " حفيد " نايل النديم" الذي أقصى الجد القوي الولي ، ليكمل مسلسل الإقصاء ولده " أسعد النديم" ، ثم يكمل التأزم من تلقفوا الرواي من أصدقاء يقروا أيضا بما أقرته القرية من كونه " نور النديم " ، لتختفي الكينونة القديمة ل" منصور الدرغامي " حينا وتظهر حينا آخر بكلمة سر يتفق عليها الرواي مع الجمهور وكأننا أمام خشبة مسرح " و إن رأيتم الناس يدعونني " نور النديم" لاتهتموا واستمعوا… سأعود إليكم بين أحاديثهم بكلمة سر تعرفونني منها… كلمة السر هي " أنا الذي هو أنا " ."

ليميط الخفاء رويدا الصحفي القاهري بحواره مع أبطال الرواية ، إثر اختفاء " نور النديم" الملغز والذي لا يترك من أثر سوى جلبابه الملطخ بالدم على ضفاف ترعة القرية المسكونة بالجن بالقرب من قريته الجديدة أو تلك العزبة التي أطلق عليها " عزبة المجنون " لتظهر دوافع جحد شخصيته الحقيقية؛ ما بين إخفاء جريمة قتل أتهم فيها كبير القرية " أسعد النديم " وبين دوافع انتقام من كبير القرية ذاته مسيطرة على أبطال الرواية الآخرين مثل " شوقي العبد و محمد فرحات " ودوافع قانونية لاسترداد أملاكه كما هو حال المحامي الامع " أحمد الجنوبي" " بالنسبة لي وللقانون فإن نور النديم حي يرزق ، ولا أجرؤ على اتهام أسعد النديم بشئ ضده ...وعندي أوراقه وقضاياه ما زلت أتابعها كمحام وكصديق عرفته وارتحت له وأطمئن لي… لكن ينقصني دائما توقيعه على الأوراق المهمه…" ودوافع اتجار وسمسرة كما هو حال " مرزوق الخولي" ودوافع ولع وعشق كما هو حال " المانعة "، حتى شخصية " محمد ابوجلمبو" وإن بدت مستغرقة في نبلها الطوباوي العميق لم تخل هي الأخرى من مشاركة في المؤامرة بقصد إعادته على عرش بناء الدور بالطوب الطيني "اللبن" تلك المهنة المنقرضة لصالح البنايات الخرسانية القبيحة .

ليقع ذات الصراع ثانية في شخصية أخرى متصارعة هي نايل النديم / الدرغامي الكبير من أسس القرية فيهما ؟، ومن امتلك الأرض ومن عليها يوما ؟، ومن عمر ونزع البوص المتغول، ومن حفر الترعة ومهد الأرض، وطرد الغجر، وتحالف مع جن القرية؟ ، من منهما قابل " النحاس باشا "؟، من سلمه خنجر ولي الله الرفاعي الأكبر؟.

لتبدأ الأجواء السحرية والعتبات التاريخية المؤسسة للأسطورة الأم المهيمنة ، والبداية أن كل الأماكن أسيرة لأزمة ما، العام 1942 حيث يفر النحاس باشا مأزوما هو الآخر لرحاب القرية النائية المجاورة لمسرح الأحداث " ميت نور " فإنجلترا العظمى تضغط بقوة على الملك الشاب لقبول وزارة محبوب الشعب " النحاس" لظروف الحرب العالمية الثانية وضمان وضع سياسي مستقر في المستعمرة التي طرق الألمان بقوة على أبواب حدودها الغربية، يقع "النحاس" في صراع قوي بين الوسيلة والغاية ، وكما أن العاصمة ورجلها مأزوم ، كذلك فإن القرية ورجلها في أزمة من نوع آخر، ربما هي رمز لأزمة العاصمة ، ربما هي ذات أزمة العاصمة فكما تم غزو العاصمة بلإنجليز فقد تم غزو القرية بالغجر ، فهل مسرح الأحداث المتمثل في القرية النائية هي صورة مكرسكوبية للعاصمة؟، فكما كان الصراع على إظهار كينونة الرواي البطل بين أبطال الرواية ، هناك صراع آخر على إظهار كينونة المكان ، أيهما المقصود القرية أم العاصمة ...هو الصراع ثنائي الأقانيم ( راجع مقالتي على موقع مصريات " أحاديث الجن والسطل ، المجد للحكايات""1") صراع من نوع قديم جديد صراع هاملتي ابدعه شكسبير واستخدمه " محمد عمرو الجمال" صراع الكينونة وقدرها على الشخصية ذاتها .

صراع بين الأزمان فها هو زمن "النحاس باشا" يحتضر ليمهد لظهور زمن" جمال عبدالناصر " بذات الآلية المتمثلة في الدبابة.

صراع قيم بين "أسعد" بقوته الجسدية و دهائه ومغامرته وبين أخيه "سعيد" بطيبته و روحانيته وانحياز الملك الموكل باستجابة الدعاء ولو على سبيل الخطأ له ، ومن ثم فرار أسعد مع زعيم العصابة المأسور والواقع تحت خفارة " أسعد "ذاته ، وولاية "سعيد" .

لتقع في متاهة حكايات ، إذ أن سلاح الأبطال هو الحكاية ، التي أفلحت بالفعل في إحداث تغير جزئي بواقع القرية ، بل وانحياز السلطة الشابة الواعية لقضيتهم ، هي حكايات دائرية مترابطة الحواف فسرعان ما تنتهي حكاية لتلئم ببداية الحكاية الجديدة .

هو صراع طبقي بامتياز بين طبقة امتلكت الواقع بعزمها وانحيازها الواعي لمصالحها متمثلة في الجيل القديم نايل النديم / الدرغامي القديم .. وطبقة تسعى لتحل محل الأولى تمتلك الوعي والثقافة والحلم ولكنها مصابة بداء التردد ، التردد بين الولع الشخصي بالمرأة و المجد السياسي و المهني ك" أحمد الجنوبي "، التردد بين تبني الايديولوجيات وأيهما أجدر في إحداث التغيير فتراه في متاهة فكرية لايتقدم فيها قيد أنمله ك" محمد فرحات" صراع بين الواقع ومتطلباته و الماضي و طعناته ك" شوقي العبد " لتكون الغلبة المؤقته للجيل القديم ولكنه تغلب قلق وانتصار مؤقت جدا .

" أحاديث الجن والسطل " ملحمة حقيقية تختصر الكثير من مشكلات المجتمع و تبادر بإسداء الحلول أيضا، تشخص المرض لمن هم منوط بهم إحداث التغيير وتهمس في آذانهم بالعلاج الناجع لأمراضهم الطبقية و الاجتماعية . هي رواية جديرة بحصد أكبر الجوائز الأدبية لولا التحيزات القطرية الطافحة والمسيطرة على لجان تحكيمها ، لا أكون مغاليا إن زعمت أن العام 2018/ 2019 هو عام رواية " أحاديث الجن والسطل " لكاتبها المبدع "محمد عمرو الجمال " .

ولا يفوتني في النهاية الإشادة بجهة إصدارها " دار نوستالجيا للنشر و الترجمة " وجيل جديد من دور النشر واعيا بقضية الكتابة و الإبداع و النشر ، مهموما برفع قيم الفن و الأدب ، على مابذلوه من جهد حقيقي لإخراج هذا العمل الرائع على الرغم من فداحة العوائق وشح الإمكانيات.
This entire review has been hidden because of spoilers.
Displaying 1 - 7 of 7 reviews

Can't find what you're looking for?

Get help and learn more about the design.