جزء صغير فيه أحاديث نبوية وآثار عن السلف، في ذكر المروءة وخصالها ألحق به محقق الكتاب، مجموعاً آخر، يستدرك ما فات المؤلف - رحمه الله - في الموضوع نفسه، استغرق نصف الكتاب
والمروءة بحرٌ عذب، يجمع خصالاً واسعة من الأفعال والمتروكات، وإنما ينبل المرء بقدر ما يجتمع فيه منها.. وما أحرى هذا العصر - الذي اندرست فيه الأخلاق أو كادت - بتعلّم خصال المروءة وإحيائها والعمل بها
وقد أحصيت من الكتاب بعض خصالها، غير الذي تركته، فمن المروءة:
التنزه عن كل دنئ وأن تصبر على ما غاظك وتصمت عما عندك حتى يُلتمس منك
ومنها نظافة الثوب والفقه في الدين والصبر على النوائب وبر الوالدين والفصاحة
ومنها أن تصون دينك وأن تصل قرابتك وأن تكرم إخوانك وأن تَقيل في منزلك
ومنها قيام المرء بضيفه وأداء الحقوق وإفشاء السلام
ومنها طلاقة الوجه والتودد إلى الناس وقضاء الحوائج وإقامة اللسان والسداد
ومنها أن لا تكثر المزاح ولا تكثر الالتفات في الطريق ولا تسرع المشي
ومنها ترك صحبة من لا خير فيه ولا يُستفاد منه عقل والتغافل عن زلل الإخوان
ومنها قراءة القرآن والنظر في الكتب وحضور المساجد ومجالسة أهل الخير
ومنها في السفر بذل الزاد وقلة الخلاف على من يصحبك والمزاح في غير ما يسخط الله وإذا فارقتهم أن تنشر عنهم الجميل
ومنها مُداراة الرجال وحُسن اللباس وحسن الخُلق والسخاء والتواضع والنسك
ومنها العفاف في الدين وإصلاح المعيشة وأن لا تَطمع فتَذل ولا تُسأل فتَقلّ
ومنها اجتناب الرِيب؛ فإنه لا ينبل مريب وإصلاح المال؛ فلا مروءة لمحتاج والقيام بحوائج الأهل؛ فلا مروءة لمن يحتاج قومه إلى غيره
قال فضل بن دلهم: "كنا نتعلّم المروءة في عسكر هشام بن عبد الملك كما يَتعلمُ الإنسان القرآن! ------ لا يَنْبُلُ المرء ولا تتم مروءته حتى تكونَ فيه خضلتان: العفو عن الناس، والتجاوز عنهم. ------ قال الزهري: "ما طلب الناسُ شيئاً خيراً من المروءة. ومن المروءة تركُ صحبة من لا خير فيه ولا يُستفاد منه عقل، فتركه خيرٌ من كلامه " ------ ما شيء أشد حملاً من المروءة! قيل: وأي شيء المروءة؟ قال: "أن لا تفعل شيئاً في السرّ تستحي منه في العلانية" ------ قيل لسفيان بن عيينة : قد استنبطت من القرآن كل شيء، فأين المروءة فيه؟ فقال في قوله تعالى: (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ) - الأعرف 199 ففيه المروءة، وحسن الأدب، ومكارم الأخلاق. فجمع في قوله: (خُذِ الْعَفْوَ ) صلة القاطعين والعفو عن المذنبين والرفق بالمؤمنين وغير ذلك من أخلاق المطيعين. ودخل في قوله (وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ ) صلة الأرحام، وتقوى الله في الحلال والحرام، وغض الأبصار، والاستعداد لدار القرار.