Jump to ratings and reviews
Rate this book
Rate this book
الكتابة بحثٌ مستمرٌّ عن الأجوبة. باقة أسئلة تفوح بعبق الالتباسات الجميلة، تلك التي تضفي على كلّ سطحٍ أعماقًا. الكتابة فعل تطهّر. أو فعل انتقامٍ للذاكرة. مهما كانت، هي صرخة. بطل "فونوغراف" يتابع رحلة مؤلمة في الذاكرة بدأها في "لن أغادر منزلي". بجرعة بوحٍ عالية، ينكث جراح الفقد والانتزاع والتيه. من كان ذلك الوالد الذي أهمله؟ تلك الأم التي استأجرت له رصيفًا في كلّ ميناء؟ تلك الجدّة التي لم يعرف غير حضنها حضنًا؟ تلك الهوية المنسالة التي لم تقترن بأرضٍ واحدة؟ هنا بيروت المستعصية. هنا بغداد النازفة. هنا الغرب البارد. هنا المطارات.. أولًا وأخيرًا... الكتابة بحثٌ مستمرٌّ عن الأجوبة. وهذا كتابٌ لا يبدأ بأولى صفحاته ولا ينتهي بآخر واحدةٍ منها. هو بعض حبرٍ تدفّق من نهر وجعٍ طويل لا يزال يبحث عن مصبّ

208 pages, Paperback

First published November 14, 2018

2 people are currently reading
327 people want to read

About the author

Selim Batti

3 books407 followers
سليم بطّي – مترجمٌ وناقدٌ أدبيّ من مواليد 1987. عمل أستاذًا جامعيًّا وناشطًا في حقوق المرأة والطفل. يكتب المقالة النقديّة في جريدة النهار اللبنانيّة منذ عام 2019. كما وعمل في منظّمة أم سي سي التابعة للأمم المتّحدة لدعم اللاجئين السوريّين والعراقيّين في شمال أميركا. صدر له عن جامعة الدومينيكان حيث حاضرَ في الترجمة الأدبيّة والأدب الإنكليزي والنحو المقارن كُتيّب بعنوان ((علم الدلالة في الترجمة العلميّة)) ودراسة ((مشكلات الترجمة الأدبيّة بين العربيّة والإنكليزيّة)). حاز إجازةً في الشؤون الاجتماعيّة من كلّيّة فانشا الكنديّة عمل من خلالها مع كبار السنّ وذويّ الاحتياجات الخاصّة. يكمل دراسته العليا في النقد الأدبيّ في لندن. صدر له عن دار نوفل هاشيت أنطوان رواية ((لن أغادر منزلي)) عام 2017 ورواية ((فونوغراف)) عام 2018 ورواية ((ثوب حداد ملوّن))) عام 2019.

Ratings & Reviews

What do you think?
Rate this book

Friends & Following

Create a free account to discover what your friends think of this book!

Community Reviews

5 stars
33 (45%)
4 stars
17 (23%)
3 stars
12 (16%)
2 stars
4 (5%)
1 star
7 (9%)
Displaying 1 - 30 of 32 reviews
Profile Image for Pakinam Mahmoud.
1,018 reviews5,146 followers
November 12, 2024
لما نكون عاوزين نخرج خروجة حلوة بنحب دايماً نستعد لها كويس..نشوف حنلبس ايه..حنروح فين..حننزل إمتي وحاجات كتير...
مع كتب سليم بطي لازم كمان تستعد بس الأستعداد هنا حيكون شكله مختلف:)
لازم تكون لوحدك ومزاجك حلو..
لازم تهيئ نفسك لوجبة أدبية دسمة ولكن ممتعة..
لازم تقول لعينك إنها حتقرأ لغة معدية والأهم من دة كله إنك لازم تقول لنفسك إنك حتقرأ لكاتب بيحترم عقلك و وقتك كمان وأعتقد يعني إننا كلنا بنقرأ عشان كل الأسباب دي:)

فونوغراف...الجزء الثاني من ثلاثية لن أغادر منزلي للكاتب اللبناني المبدع سليم بطي...
في هذا الجزء يستكمل الكاتب حكاية سليم بطل الجزء الأول ولكن بتفاصيل أكتر ومعظمها مؤلمة و مكتوبة بإسلوب سرد هادئ ولكن مشوق وممتع جداً..
الكتاب في نقد مباشر لرجال الدين،لداعش،للتدين الظاهري ..للأنظمة السياسية..للحروب التي دمرت العديد من البلدان مثل سوريا والعراق والحرب الأهلية في لبنان وحاجات كتير جداً صعب أتكلم عليها كلها..

فيه فصول عديدة الصراحة وقفت قدامها فاقدة النطق من جمالها منهم الفصل اللي بيتكلم فيه عن العراق والمآسي اللي بتحصل فيه و قصة أبو جاسم و الطالب حسام اللي ذكرهم الكاتب من كتر ما كانوا مكتوبين بصدق مظنش إني حعرف أنساهم أبداً..

عادة في المراجعات بحب أكتب إقتباس أو أتنين من الكتاب بس حقيقي وبدون مبالغة أنا كنت عاوزة أكتب معظم الكتاب من كتر جمال اللغة و روعة التشبيهات لدرجة إني كنت بقرأ الجملة وساعات الصفحة كلها كذا مرة عشان أستمتع..

في أجزاء بسيطة في بعض الحبكات لم تقنعني أوي ويمكن دة السبب الوحيد اللي خلاني أنزل نجمة من التقييم و لكن العمل ككل أكتر من رائع ومهماً إتكلمت عنه مستحيل أعرف أديله حقه...

بعد الإنتهاء من قراءة الرواية بهذه اللغة الرائعة حسيت إني محتاجة أرجع المدرسة تاني..ومش حرجع مثلاً للمرحلة الثانوية لا لا لا ..شكلي كدة محتاجة أرجع إبتدائي تاني لعل وعسي أعرف أكتب جملة واحدة زي سليم بطي:)

إلي الجزء الثالث وللأسف الأخير...ثوب حداد ملون😍
Profile Image for فايز غازي Fayez Ghazi.
Author 2 books5,133 followers
January 13, 2024
- احدى الروايات النادرة التي تكتب الألم بصدق، وواحدة متفردة في الكتابات العربية التي تشرّح تجربة شخصية او سيرة ذاتية بهذا الوضوح والصدق والمرارة، ولا يكتفي الكاتب بالسرد الذاتي الذي يمكن ان يعني للقارئ بدرجات: فقد لا يهمه، وقد يتعاطف معه وقد ينغمس في آلامه، بلّ يتعداه الى قصة وطن، وفجائع تربوية وكوارث انسانية تعصف في هذا المستنقع الشرقي من شواطئ بيروت الى ضفاف دجلة.

- العنوان موفّق، فهو يعكس الصوت الذي سيسمعه القارئ في الرواية وهو ايضاً عنواناً يعكس نوستالجيا وحنين دفين! السرد كان افضل من الرواية الاولى والشخصيات التي اضيفت (او حكي عنها بما انها سيرة) للعمل اضفت حركية مميزة (خصوصاً شخصية "ريتا") الثيمات لا زالت تتأرجح بين التيه والفقد لكن الكاتب بالنهاية يبدأ بتحسس الأرض الصلبة تحت قدميه.

- نستطيع تقسيم الرواية الى قسمين:

1- القسم الذاتي: يكمل سليم سيرته الذاتية التي بدأها في "لن أغادر منزلي" مع إماطة اللثام عن المزيد من الحقائق وقصص الشخصيات الأساسية في حياته (والد، أخ، حبيبة، أصدقاء،..)، يعري الحقيقة ويقدمها للقارئ مشاركاً اياه تفاصيل ضياعه والعبثية التي تعصف بخياته والأسباب والنتائج المترابطة بشكل عضوي مع بعضها البعض. هذا القسم يمتاز بالحس الرفيع والصدق المؤلم وستظن للحظة استحالة صدور هكذا رواية من قلم عربي! فقد يكون "بول أوستر" او "سارة كين" من يكتب هذه الكلمات!

2- القسم العام: او الإستطرادات التي رافقت السيرة الذاتية، وهي الأهم برأيي، لأنها تظهر سليم-الإنسان الذي، رغم الإنكسارات وغياب العامل العاطفي والحب الأسري، يتمتع بنظرة ورؤية مجتمعية ثاقبة في النظرة الى التديّن المزيف:

"نصّبوا أنفسهم جيوشاً لله الذي ألبسوه بزة عسكرية وأنبتوا له لحية خشنة وخصّروه بغدٍارة وأنزلوه من سابع سماء لينتقم من الكفرة."

"لا عنصرية في الحروب رغم ان العنصرية تقدح شرارة الحرب الأولى"


و التكالب السياسي والحروب العبثية على مساحة الشرق الأدنى:
"تركوا الشعب يحترق بنار جنّة وعدوهم بها وانصرفوا يرضعون بشراهة الجيّاع أثداء العراق حتى اتخمهم نفط البصرة وكبريت المشراق وفوسفات عكاشات"


والوطنيات الزائفة:
"لا معنى للإستقلال في بلد قد تتهشم فيه بعبوة ناسفة إن قرر أحدهم دخول الجنة مستخدماً حياتك وحياة من تحب بطاقة مرور."


والوجدانية:
"الوطن يا بُنيَّ أشياء كثيرة فشلت الغربة في استنساخها"


! ولم يقتصر الأمر على النظرة بل تعداه الى التجربة وخوض غمار العمل الإنساني في جحيمي بغداد والغوطة حيث كاد ان يفقد حياته، وفي هذه الرواية يتخطى سليم زيف الحدود المصطنعة ليؤكد ان الوجع واحد من بغداد مروراً بالشام وصولاً الى بيروت! يحاول الكاتب الإضاء على المشاهد الصغيرة ايضاً كالمنكافات التي تجري على الإنترنت والمماحكات بين الأصدقاء.

- اللغة المستعملة في "فونوغراف" رفيعة وبعيدة عن بعض المفردات الخشبية التي كانت في الرواية والأولى، وهذا يظهر تطوراً لدى الكاتب مع حفاظه على جمالية الأسلوب في الصياغة وتركيب الصور البيانية. استعمال اللغة العامية كان زائداً بعض الشيئ خصوصاً في المونولوج الأخير.

- بعض السلبيات في العمل: اولاً عملية البتر في وصف حادثة التفجير التي تعرّض لها وعملية الإستشفاء! فكيف تمرّ مرور الكرام على حدث كاد ان ينهي حياتك؟! وثانياً: الوصف المتكلف لعلاقته مع "ورد" فرغم الصياغة المتينة الا انها اتت باردة بعض الشيئ ولم يصلني احساسه.

- رواية مؤلمة على الصعيد الإنساني، لكنها مميزة على صعيد البناء الفني والروائي.
Profile Image for Hiba.
1,062 reviews413 followers
November 9, 2018
مع تكبيل الجامعة لوقتي، لم أكن أقرأ إلا ليلا والجميع نيام، خمسين صفحة كل ليلة، لأطيل مكوثها معي من جهة، وللتخفيف من وقع الأحداث المحكية من جهة أخرى.

هذه الرواية تصلح لكل متخلى عنه، لكل منكوب ومهجور، لكل من تنكر له أهله و"وطنه" وحتى لمن تنكرت له نفسه. تقول له، اجلس، جد وضعية مريحة فقد تطول الرحلة وتجد نفسك في حاجة إلى وضعية تتيح لك البكاء، استرخ واتركني أنا أضع ما عانيته في كلمات. ربما هذا قد يحررك من نفسك قليلا، فالأحاسيس التي تراكمت بداخلك لا بد لها أن توضع في بناء محسوس وإلا اختنقت بها.

وهذا ما تفعله الرواية، تقول عنك ما عجزت عن قوله.

عادة، الكتب ذات اللغة الجميلة لا تشدني، لأنها تكون محض استعراض عضلات الكاتب اللغوية. ولكن الحال يختلف مع فونوغراف ولن أغادر منزلي. فجمالية اللغة والتعبير لا يبدو مفتعلا بل طبيعيا جدا وكأن الكلمات تنساب بدون جهد من الكاتب.

وإن كان علي اختيار جزء محدد من الرواية بوصفه الأقرب إلي فسيكون الفصل الأخير الذي تضمن المونولوج.
Profile Image for محمد خالد شريف.
1,024 reviews1,233 followers
July 25, 2024

الفونوغراف أو إبرة التسجيل هو ذلك الجهاز الموسيقي الذي يجعلك تسمع ألحان وموسيقى وكلمات عذبة.. وهذه الرواية ستجعلك تشعر بالألم والظلم وكيف أن الحياة قد تكون غير عادلة في كثير من الأحيان.

في إسطوانات مُتتالية يُكمل البطل حكايته المؤلمة والقاسية.. وهذه المرة يبدأ بتشغيل إسطوانة جدته.. إسطوانة يشملها موت زوجها، وتلك الحياة التي عاشتها بعدها، حياة بلا رفيق كان هو الحياة، فعندما مات ماتت معه الحياة. يُغير البطل الإسطوانة لتسمع حكايته في العراق، كيف أن هذا البلد يُعاني ويحتضر.. رغم أن شعبه الطيب لا يستحق ذلك! كيف تناول الكاتب الفرق بين العراق الذي غزته الولايات المُتحدة، والعراق الذي غزا الكويت! وأن كُل ما يحدث هُناك هو ضد الإنسانية ضد العدل، وضد الحياة الكريمة، هذه الإسطوانة كان ينزف منها الكثير من الدماء.
ثم ننتقل إلى إسطوانة أخرى، وهي إسطوانة الحُب في حياة بطلنا.. الفرح الذي تشمله البدايات، الشوق واللهفة لرؤية الحبيب ومُحادثته، إلى أن تتدخل الحياة رافعة في وجهك أقسى إبتسامة ستراها في حياتك لتُخبرك: يكفي فرحاً عليك، عُد إلى حُزنك وبؤسك! حتى لو لم يكن لك أي ذنب، ستدوسك الحياة بلا رحمة.

ورُبما لأن الحياة لا ترحمك حينما تكون ضعيفاً، فهي عندما تجدك في ذلك الوضع، تسحقك أكثر، فلا يكفيك ما يحدث في الحاضر، ولا ماذا سوف يحدث في المُستقبل الضبابي، ولكن تُرسل لك المصائب من الماضي، رغم أن تلك المصائب لا دخل لك فيها.. ولكن كيف لا تتأثر وأنت المعني؟ كيف لا تنجرح وأن كُل ذلك العبث خاص بك رغم أنه لا يمس شخصك أنت!
كان مؤدي آخر إسطوانة له صوت مُختلف، صوت أجش ثابت، شخص قد لعبت الدُنيا به، فقرر أن يلعب هو الآخر وفي طريقه يُدمر حياة الأقربين ولما لا؟

رواية "فونوغراف" هي الجزء الثاني من ثلاثية "لن أغادر منزلي" وبكل تأكيد هي أفضل من الجزء الأول "لن أغادر منزلي" حيث أن اللغة هُنا جيدة كالعادة، ولكن أضف إلى ذلك أن القصة قد اتضحت معالمها، أن هُناك أحداث وتشويق، وفي نفس الوقت لم يبتعد الكاتب عن ما قام بإرسائه في الجزء الأول.
هذه ثُلاثية موضوعها الوجع، الوجع الإنساني الذي يمر به الإنسان مُنذ أن ينزل جسده عارياً على الأرض، ويُفاجئ بما قد يراه من ظُلمات في الحياة، سواء كانت ظُلمات سياسية نابعة من بلده، أو دينية، أو حتى عائلية من أقرب الأشخاص إليه!
الجو المُقبض والكئيب للرواية لم يُنفرني منها، الحكاية ليست عادية، الحكاية تنزلف ألماً.. وذلك ما يجعلني أتخوف من النهاية قليلاً.. ألم يحن لبطلنا أن ترتاح روحه؟

يُنصح بها بكل تأكيد، والجزء الثالث "ثوب حداد ملون" سأقرأه في أقرب وقت إن شاء الله.
Profile Image for Selim Batti.
Author 3 books407 followers
Read
January 29, 2023
حبايبي حبايبي في مصر، رواياتي متوفّرة في معرض القاهرة للكتاب جناح دار الكرمة قسم هاشيت أنطوان.
Profile Image for Zainab.
99 reviews5 followers
January 14, 2019
أن تُنهي كتابًا خلال ١٢ ساعة أو أقل، أن تشعر بكل كلمة مكتوبة، وأن يعتصر قلبكَ ألمًا مجاراةً للألم الموجود في الرواية. هذا ما يحدث عندما تقع تحفة فنية بين يديك. للمرة الثانية، أسرتني كلمات سليم وإستولت على عقلي، ولم أستطع إنزال الكتاب من يديّ حتى أنهيت الكتاب. غصتُ بين سطورِ هذا الكتاب، فكنت أنتقل من عبارة مذهلة إلى عبارة أكثر إذهالًا. فالكلمات كانت تتجه مباشرةً نحو قلبي دون المرور بعقلي. فنادرًا ما يمنحنا الكاتب جزءً ثانٍ بنفس قوة وإبداع الأول، وربما أكثر. هذا هو إحدى الكتب التي لن أنساها ما حييتُ. سليم لا يحتاج أحدًا ليشيد بعمله، كلماته تكفي.
Profile Image for Nadia.
1,530 reviews529 followers
April 28, 2024
من الاعمال التي تشدك من اول صفحة و تجعلك تطرح السؤال حول ذاتك و هويتك و انتمائك و كل ما اعتبرته من الثوابت في وجودك .
انها رحلة مع طفل صغير فرض عليه الوجود في البداية و اقتلع من بيت كان هو مرجعه . انها رحلةضياع و اغتراب و يتم فعلي كما هو رمزي ...
شكرا للاستاذ سليم بطي على هذا العمل الذي لم استطع الا أن اكمله في جلسة واحدة و ان أخط على عباراته في اكثر من مقطع بلون اصفر فسفوري و انا الحريصة حد الهوس بكتبي .
شكرا لدار النشر هاشيت/انطوان على تقديمها هذا العمل .
ملحوظة :الغلاف رائع و يختزل الرواية بطريقة جذرية .
Profile Image for Rihab Sebaaly.
171 reviews92 followers
February 23, 2019
مرةً أخرى شرّح سليم نفسه أمامنا ودعانا معاّ لنشاركه الوليمة... لكن هذه المرة كانت الوليمة أشد قسوة وأكثر وجعاُ...

بين الحاضر والماضي، رقص سليم بخفة من يحترف الكلمات ليعيد رسم حكايته وحكايات آخرين كثر ولدوا أيتاماً ... بعضهم يتمتهم الحرب وسرقت منهم أوطانهم وآخرون يتمتهم الحياة وسرقت منهم دفئ العائلة المفترض...

سليم الباحث دائماّ عن الأجوبة، يحاول عبثاّ أن يفهم لماذا تختار الأوجاع أشخاصاً دون غيرهم؟ لماذا ترسوا الآلام على أرصفةٍ دون غيرها؟ ولماذا اختارته هو مرةً بعد مرةً...

"فونوغراف" الجزء الثاني من "لن أغادر منزلي" صورة مكبرة الأبعاد لما شهدناه هناك... هنا نجد الأجوبة عن كلّ ما بقي معلقاً هناك. وكأن الكاتب اختبر نفسه وشجاعته في الجزء الأول ليطل علينا في الجزء الثاني مطلقاً لقلمه الحرية القصوى في قول كل ما لا يقال والبوح بكل ما يجب أن يبقى سراً... هنا أيضاً لم تغب الحرب، وكيف لها أن تفعل! وسليم المتألم قسراً، المشرد عنوةً واليتيم هجراً وجد في ضحايا الحروب عائلةً. وجد في الذين خسروا أوطانهم، بيوتهم، وماضيهم أوجاعاً تشبه أوجاعه وأصواتاً تشبه صوته... فانتمى لهم وانتموا له...

لغة الكتاب جميلة، كلحنٍ شرقيٍ مدوزن النوتات. جدية الكاتب ومحبته لكلماته تظهر جليةً واضحة في كل فصول الكتاب وكل صفحاته.. ما من كلمةٍ سقطت سهواّ وما من صورةٍ رميت عبثاّ...

على خشبة كتابه وقف سليم ليروي عبثية الحياة وقسوتها. فونغرافه يعيد سرد الحكايا وهو يسعى عبثاً ليخرسه لأنه يريد أن يمضي قدماً، يريد أن يعيش متعرٍ من كل ما لم يختره... فهل سيستطيع؟

كل التوفيق لكاتبنا الموهوب و بانتظار عملٍ جديد، يأخذنا هذه المرة الي عوالم خفية جديدة تختلف عن رحلتنا السابقة في "لن أغادر منزلي" و "فونوغراف...
Profile Image for رنا الصيفي.
34 reviews8 followers
February 21, 2019
لا أدري كيف تعجن لغتك يا سليم وكيف تُشكّل صورك تلك بهذه الألمعيّة!!! امتلأت هوامش نسختي بكلّ الانفعالات المرسومة وغير المرسومة وعلامات التعجّب والدهشة والحسرة. أبكتني الصفحات ٧١ إلى ٧٧ وآلمتني تلك بين ١٠٨ و١١٢...
موهوب أنت!
Profile Image for Nadia Sebaali.
146 reviews
November 28, 2018
-مواطن لبنانيّ :"حبيبتي ..بدي قلك شي.في شي بقلبي مكسور و ما قدرت صلحه.ما قدرت رمّم حالي من جديد. يمكن انا ما بستحق انّي عيش معك.ما بستحق اتنفس هالهوا و ما بستحق تغمريني.بس انا بحبّك...هيك حسيت من قبل ما شوفك. ما حدا علّمني حبّك و ما حدا سمحلي حبّك. كلّن علموني اكرهك. بس انا حبّيتك و الحبّ بيوجّع. كل شي فيكي عم يفتّح فيي جروح صارلي سنين عم جرّب انسيّا.. انا مش قوي لحتى عيش معك .. بحبّك كتير .. بحب ّ ريحتك و بحبّك لمّا تزعلي منّي و بحبّ لمّا تسألي عنّي .. بحبّ لمّا احكيلك همومي و تسمعيني و تطمنيني انّه كل شي بيصير أحسن لمّا نصبر. بتعرفي أحلى سنين عشتا بحياتي وأنا معك ؟ رغم كل شي و رغم كل هالوجع الموجود بقلبي ورغم كل شي شفته.مشتقلك من قبل ما فلّ .. بدي أوعدك بشي .. رح تبقي بقلبي كل ما في نفس بروحي .. " "تعبت و بدّي فل. تعبت من كل هالوجع الموجود بلبنان. تعبت من وجع لبنان اللي بغصّ فيه كل يوم .. تعبت من قصص العالم و من وجعن و من همومن اللي زادت على وجعي الف وجع . تعبت من اسئلة العالم عن ديني و مواقفي و جنسيتي و أصلي. تعبت وأنا اشرح معنى اسمي و عيلتي. تعبت و انا فسر و علل لون شعري و لون عيوني و لهجتي المكسرة . تعبت و انا خبّي تعبي من كل شي حواليّي. تعبت من تعب الناس و تعب العراقيين و السوريين و اللبنانيين. تعبت من هالسرطان اللي عم ياكل لبنان و نحنا عم نتفرج. تعبت من حالي ومن ضعفي".
- بيروت : "ما ترجع .. انا مش قادرة احميك و مش قادرة احمي غيرك لاني مش قادرة احمي حالي . فلّ. عيش حياتك بعيد عنّي.بتتذكر كيف قلتلّك انّي ما عندي شي قدملّك ياه ؟ غكرك تغيّرت الاشيا ؟ ما في شي تغيّر.. انا انا و انت انت. بس تذكر اني بحبك . سامحني .. مش ذنيي و بعرف مش ذنبك . او يمكن ذنبي و ذنبك. ذنبك انّك كنت عم تنبّش عليّ و ذنبي اني غمرتك . يمكن كان لازم كون قاسية عليك و ما افتحلك الباب . سامحني ..."


"هذا العمل هو تتمّة لسابقه "لن اغادر منزلي " اذ لم تسعفني حكاية يتيمة في استيعاب نكسات البشر. ما كتب هناك أثقلني و تركني متخما باحزان لا تخّدر هبّت من عرائنها اسودا جائعة. لم اجد مفرّا من ورطتي تلك الّا بتجزئة الألم الى كتابين . فتواطأت و الورق لعلّ الوزر يخفّ ".
بين "لن اغادر منزلي" و "فونوغراف" حكاية يتيمة ترتشف الوصب على انغام الرحيل.. تحت سماء تلبدّت بغيوم الذاكرة ..تناجي سربا من الأسئلة القاسية .. و لانها لم تكن قادرة على انتشال ضحاياها ..جاءت "فونوغراف" مكللة بحليّ الأمل الكاذب ..لتسخر منّا معلنة دويّ الرصاصة القاتلة!! مصرة على ان تسلبك الرمق الاخير..على ان تذرفك قطرات دمّ اسود ..

الفونوغراف هو جهاز ينتج أصواتا سجلت على أسطوانات سمعية ..بدءا تجد نفسك غير قادر على فهم علاقة الرواية بهذا العنوان ..لكنّ الصورة سرعان ما ستتضح امامك .. شبّه الكاتب حياته بالفونوغراف مقدسا العلاقة بين اوجاعه و ذكرياته و بين حاضره ..معتبرا بانه وليدة هشة لهذا اليتم و التشرد..لذا جسّد نفسه بالحان موسيقيّة راقية .. بالاضافة الى انّه امتلك فعلا الفونوغراف و كثيرا ما كانت الحانه تطارده و ترافقه ..فكان هو الثابت الوحيد في حياته ..
انتقالا الى غلاف الرواية الذي كان مقسوما الى شطرين متساويين حيث نجد دفتر رسم لطفل صغير مرميّا على الوحل متوجا بالمطر الذي احتلّ الشطر الثاني ..و كأنه يرسم لنا عناوين الرواية العريضة بين احلام طفولة منسيّة و تشرد.. و هذا ما ظهر واضحا عبر رسم البيت و الشجرة ..السماء الصافية و الشمس ..بين الرحيل عن الوطن .. والغرق في اوطان باردة ..
اجابت هذه الرواية عن الكثير من الأسئلة التي طرحت في "لن اغادر منزلي " فكانت هذه المرة الاولى التي نكتشف فيها من هي هذه الوالدة الذي حكمت بالاعدام على طفولة بريئة .. من هو هذا الوالد الذي أهمله..؟ من هو سليم بنظر فادي .. الأخ الذي لطالما حلم بملاقاته ..يكلمنا للمرة الأولى عن فرح .. و كانت اكبر دليل على ان الماضي سيلاحقه مهما فعل .. و اينما كان... و تكون الفجيعة وراء حقيقة الوجود الأنثوي الأول في حياته ..لا اريد ان اكتب المزيد عن مضمونها .. فعلى كلّ منّا ان يقرأ هذه الرواية .. و ان يعيش تجربته الشخصيّة معها .. صدقا اوجعتني .. حتّى بت اضحك من حجم الوجع .!! توقفت كثيرا كي استطيع اكمالها ..فأحيانا امسيت غير قادرة على المتابعة
يكمل سليم بطّي حكايته بالكثير من الابداع ..و من الملاحظ عدم تكرار الافكار ..و هذا ما يدل على ثقافة الكاتب و جدارته ..خاصة بأنها الرواية الثانية له فقط ..سأعيدها يوما ما بالتأكيد ..لكن ليس اللآن ..
Profile Image for Fatima.
111 reviews22 followers
January 4, 2019
[انها رواية حزينة.
ربما يجب على الكاتب أن يرأف قليلا بقلوب القراء وعيونهم. فالحزن في بلادنا اصبح لونا نرتديه كل يوم حتى في الاعياد.
عليك يا عزيزي سليم أن تسمح لبعض نسمات "الفرح" أن تلامس كلماتك وان كنا قد اعتدنا "النكد" في كتاباتك. (انو عنجد!!!)]

عندما تغلق كتاب وتبقى بعده تحدق في فراغ غرفتك وتحاول ان تبحث عن نفسك المبعثرة بين كلماته..عندها فقط تستطيع أن تقول انك خضت مغامرة لن تنساها.
قليلة هي الكتب التي تستطيع ان تلامس القلب. فونوغراف استطاعت ان تلامس قلبي بكل مهارة، مع بداية الرواية تدرك ان ما ستقرأه سيعلق في ذاكرتك واثاره لن تغادرك سريعا. ستحاول ان تستخلص تلك القوى التي يملكها الكاتب على احتمال كل ما مربه من فقد وتخل ووجع بالاضافه الى امكانية البوح بكل ذلك، بلغة جميلة ومزخرفة.

"..لا اتعس من ان تعيش في مدينة تموت فيها أحلامك وامالك تباعاً."
اختصر الكاتب معاناة الكثر ممن هجروا او عاشوا كالغرباء في اوطانهم.. تكلم بما عجز الكثر عن قوله من خيانة الاهل الى خيانة الاوطان وخيانة القلوب،
سليم يجعلك تشاركه احاسيه واوجاعه مع كل حرف وهو ما يعحز الكثير من الكتاب عن فعله.
رواية انهيتها عند الرابعة والنصف فجرا مع الكثير من الدموع.

في النهاية اعترف اني علقت بين صفحات الجميلة رغم حزنها "فونوغراف" وقرأت شىء جديد حاليا صعبة.
Profile Image for Najla.
11 reviews
November 11, 2018
اكملت هذه الرواية الان فقط يعد قراءة مستمرة لمدة 12 ساعة. فونوغراف هي الجزء الثاني من رائعة لن اغار منزلي عن هاشيت انطوان نوفل. بكيت بمرارة من نهاية الرواية وحزنت كثيرا لانتهاء هذه السلسلة الموجعة من الالم. سليم بطي تفوق على نفسه في فونوغراف. بصراحة لم اتوقع ان تكون فونوغراف بقوة لن اغادر منزلي لكنها فاجاتني وصدمتني وفاقت توقعاتي. 212 صفحة فقط لخصت حياة هذا الكاتب الموجوع المقهور المتغرب. لا اعلم كيف سامارس حياتي الطبيعية بعد هذه الرواية ولا اعلم كيف ساقرا لاحد اخر هذا الكاتب. قوي يا سليم ومشبع باحاسيس واوجاع وصلتني مع كل حرف. صدمتني علاقة البطل بوالده واخوه. النهاية النهاية اه من النهاية التي صفعتني وابكتني. فصل المدرسة الداخلية وفصل المونولج والفصل الاخير احببتهم كثيرا. ادب متميز وشكر كبير لدار هاشيت على دعم هكذا عقليات وقدرات ادبية
Profile Image for Ghada Sabih.
192 reviews12 followers
February 4, 2019
ما يزال سليم ينحت اللغة ويصقلها بحثاً عن تعبير لم يسبقه إليه أحد...
غير أن الرواية تكرّر الكثير مما سبق في "لن أغادر منزلي"، كان بالإمكان دمجهما وبكل سهولة برواية واحدة....
بعض الصور استوقفتني ... بالأخص عند حديث عن الميتم، وعن العراق.....

• كم هي موجعة الأبواب المغلقة، لا تأبه بالمنتظرين أمامها ولا بالتائهين خلفها...
• للحنين مخالب تتكمّش بأعناقنا ولا تفلتنا إلا مدمّاة.....
• الإختيار صعب... العودة إلى الهناك ومقاومة الموت، أو الهجرة إلى الهناك الآخر ...ومقاومة الحياة.
• لا أفجع من أن تحب وطناً لوثّته حرب كاسرة تنقضّ موتاً على البشر وتشلّع أنفاسهم، ولا أتعس من العيش في مدينة تموت فيها أحلامك وآمالك تباعاً.
Profile Image for Hachette-Antoine.
79 reviews74 followers
Read
February 1, 2020
"فونوغراف" سليم بطّي : حكاية الفقد والحنين
مازن عرفة

أن تسافر ذات حلمٍ وتغامر باجتياز تخوم الزّمن إلى حنينٍ مُعتّقٍ بنبيذ الكلمات... أن تداعب ذكريات زمنك العتيق ذات صباحٍ ربيعيٍّ ماطرٍ تستحمّ به خضرة القلوب... أن تستمع إلى موسيقى كلماتٍ تداعب روحك حتى تلفّها سكينة أُلفةٍ... ما عليك إلّا أن تتلمّس بحبٍّ نصًّا لسليم بطّي. فهو دائمًا أشبه بلوحةٍ فنّيّةٍ لا تتعب من تأمّلها، أو بقطعةٍ موسيقيّةٍ تسافر معها ولا تعود، وذلك بقدر ما يثير لديك النصّ من حنينٍ مبهم المشاعر والعواطف، تتأجّج غيمة اشتعال،ٍ وتُمطِركَ أسئلةً عن ذاتك وعن الحياة.

للكلمات عند سليم بطّي رائحةٌ، وموسيقى، وألوان تشتعل بندى الحنين عندما يتفجّر في الروح، تتسلّل إليك في نشوةٍ صوفيّةٍ إن عرفت كيف توقظها وتداعبها، فلا تدري إن كنت تقرأ نفسك، أم تقرأه. ليس التشابه هنا وليد تقنيّةٍ ذكيّةٍ فقط، وإنما أيضًا نتيجة اختمار تجربةٍ إنسانيّة،ٍ تنقلك من وعي ذاتيّ إلى وعي جمعي، فتنمحي الحدود بين الخاص والعام. إنه وجعٌ إنسانيٌّ بوسع العالم، يتكرّر وإن التصق بمكانٍ يتأطّر في بلاد المشرق، فإنّه يتداعى إلى الغرب أيضًا نحو بريطانيا وألمانيا وكندا، لكنّ الزمن ينفلت. إنه حكاية من هجرهم دفء القلوب في ذات مكان، فيمضون باحثين عن دفءٍ جديدٍ في اللّامكان. فهل يجدونه، أم يشظّيهم الزمن الأسود أكثر بحروبه العبثيّة؟

ألا يمتلك الكثير منّا مثل هذه الحكاية ـ حكاية الفقد والحنين ـ وإن بتنويعاتٍ مختلفةٍ؟ "فونوغراف" حكايتنا نحن وتشكّل مع جزئها الأول لن أغادر منزلي روايةً واحدةً، فالأحداث تتداخل فيما بينهما، وتتقاطع، بلعبةٍ ذكيّةٍ، كما في مونتاج فيلم، أو في سرديات أحلام يقظةٍ؛ تتنقّل بين أزمنةٍ ماضيةٍ متعدّدةٍ وحاضرٍ ينفلت من بين الأصابع، كحفنة رمالٍ، لينضمّ سريعًا إلى الماضي. رابطهما الذكيّ ينجدل حول الأنا ـ الجمعيّ، وسيكتب بطّي الرواية الثالثة والرابعة في حكايةٍ واحدةٍ، حكاية الوجع الإنسانيّ الشامل. تثير الأولى كمًّا كبيرًا من التساؤلات، وتملأ الثانية الفجوات بالإجابات. لكن الأسئلة والأجوبة مفتوحةٌ بلا نهاياتٍ، بقدر النّفوس المعذّبة في الأرض، والحروب العبثيّة التي لا تنتهي.

وفي كلا النصّين تفتك بك اللغة بسحرها، تفترسك بموسيقاها المندغمة مع المعاني. وإن شكّلت اللغة في "لن أغادر منزلي" نوعًا من الرواية ـ القصيدة، يعلو ضجيج موسيقى الكلمات فيها على الحدث، فإنها في "فونوغراف" اقتربت من انسياب رواية سرديّة أكثر. وكأنّ الثانية تريد أن تغطّي فجوات القصيدة في الأولى بسرديّة الحكاية، بعد أن غادرناها متعطّشين لتساؤلاتها وصدماتها. وذلك من أحد أشكال التكامل بينهما عبر تقنيّة المونتاج وأحلام اليقظة، وهما من سمات عصرنا حيث الإنسان متوتّر بتسارع أحداث الحياة، التي تتحوّل إلى لقطاتٍ من هنا وهناك. ولكن بعد أن تقرأ الروايتين، عليك أن تلملم نفسك، كي تلملم الأحداث وتتشكّل سيرة حياةٍ مفهومةٍ تنتظر استمراريّتها في مستقبلٍ تالٍ.

تبدأ "فونوغراف" بحدثٍ هو مقدمّة للروايتين معًا، فالبطل ـ الإنسان يولد من ارتيابه في رحمٍ، التقطه نطفةٌ من جموعٍ متزاحمة، ليلفظه إلى ضجيج حروبٍ "رعاتها ساسة منابر توضّأوا بدماء الأبرياء وعاقروا السماء بالصلبان". وما أن يواجه الحياة حتى يبحث عن دفء قلوبٍ في "منجاة ٍعن الحور العين وأنهار الخمر الجارية" لإلهٍ تمّ إلباسه "بزّةً عسكريّةً وأنبتوا له لحيةً خشنةً". يولد الإنسان هنا وحمامة الروح القدس تغدو رصاصة، وسندس الجنان الأخضر سيفًا مسلولًا، فهم قرّروا لك ذلك دون خيارٍ آخر.. تفتك بك هنا اللغة فتصعقك بما لا تجرؤ أن تبوح به من وعيك ولاوعيك؛ أمّا جدار المحرّمات، وقد تحوّل كلّ فردٍ منّا إلى سيزيفٍ عربيٍّ معاصرٍ، يرغب بالنّجاة من الصخرة، التي ما أن يصل بها إلى القمّة حتى تسقط من جديد.. وعليه فوق عذابه أن يصمت.

ومع بعض التخصّص، يذهب بنا الحدث إلى نمذجة فردٍ لبنانيٍّ متشرذمٍ بين نزقه من جذوره هنا، في الشرق، الذي ينظر إليه كخراب، وتراكضه وراء رفاهية مخملية متخيّلةٍ هناك، في الغرب، الذي يتمّ التراكض إليه بشكلانيّةٍ حضاريّةٍ لا تتجاوز القشور. وحتّى تكتمل الحكاية، لا بدّ من عدوٍّ وهميٍّ تصبّ عليها النمذجة نزقها، فقد مضى زمن الفلسطينيّ بعد أن ذابت قضيّته في أروقة المفاوضات، وخفتت هجرة العراقيّين عبر بوابة لبنان بعد استقراره بين ميليشيات الطوائف، فليكن السوريّ الآن الهارب من حربٍ مدمّرةٍ في تهجيرٍ لا يرحم.... وإن كان هذا واضحاً في "لن أغادر منزلي" مع نموذج الوالدة اللبنانيّة ـ البريطانيّة باتريسيا، أكثر من "فونوغراف"، في دورٍ عابرٍ لزميلة عمل البطل ريتا.

مع "فونوغراف" ستتوسّع حكاية البطل ـ البيوغرافيا، لتغوص في ماضي طفولة قلوبٍ دافئةٍ في لبنان. ألا يمتلك الكثير منّا مثل هذه الحكاية ـ حكاية الفقد والحنين ـ وإن بتنويعاتٍ مختلفةٍ فتصبح الرواية حكايتنا؟

تبرز المأساة الشخصيّة لدى البطل ـ البيوغرافي في نصوص الروايتين، في واقع المشرق العربيّ الاستبداديّ. تندمج التأزّمات الشخصيّة والفرديّة مع الشروخ الدينيّة والطائفيّة والعشائريّة التي تمزّق بُناه الاجتماعيّة، وتنعكس على تمثيلاته السياسيّة ما قبل الحداثيّة المتعصّبة لكلّ ما هو متخلفٌ، وتلجأ إلى "العنف المقدّس".

لم تنتهِ رواية سليم بطّي، فما زالت هناك أجزاء أخرى عديدةً قادمةً، فهو من ذاك النوع من الروائيّين المبدعين الذين لا يكتبون الرواية، وإنّما يعيشونها، وكتابتها تحصيل حاصل فقط... وبقدر ما يعيش هذا الروائيّ سيبقى يكتب لآخر نفسٍ... أمّا نحن القُرّاء، الذين ترافقنا خيبات الحياة والأزمات الإنسانيّة والوجوديّة ما دمنا ننتمي إلى هذه البلاد، فهل ننهار أكثر ونحن نفقد أهلنا وأحبّائنا بالمعنى المادّيّ والروحيّ؟ ونحن نفقد الأمّ والأب والأخ والحبيب المعشوق؟ يبدو أن بطل سليم البيوغرافي ينفتح أكثر على الحياة، ويحاول إيجاد دفء القلب مع الشأن الإنسانيّ العامّ، عندما يتبنّى أوجاعهم، فتكتسب حياته المعنى أكثر فأكثر ما دام يدرك حقائق لعبة الموت والحياة في منطقتنا.
Profile Image for Dania Abutaha.
756 reviews501 followers
December 12, 2021
هذا انا و هذه اولى حكاياتي...حكايه البصقه التي كنت...
 
قصصهم تطاردني و كانها تفرغ علي ذنوبا تسلسل معصمي بالخوف
لم تسعفني حكايه يتيمه في استيعاب نكسات البشر
مونودراما الوجع
الى من لا سقوف تستر خوفهم الا السماء الغائمه...و لا اسره تحتضن غصاتهم الا العراء المنهك
انتعل بكاءه و هوى في جحر ورطه كنوها الحياه
تحول الى سيزيف جديد
في وطن قبحه الجميع
لا افجع من ان تحب وطنا لوثته حرب كاسره تنقض موتا على البشرو تشلع انفاسهم و لا اتعس من العيش في مدينه تموت فيها احلامك و امالك تباعا
سيكتشف ان الموت ليس مرعبا كما قالوا له...الحياه اكثر رعبا
زمن طويل مر...و انا لا اعرف كيف اتنفس.ربيع جابر ..الاعترافات
غيبوبه حزن لا افاقه منها
اردته غدا ملونا فعج القدر بالتلبيه و كان لي  ما بغيت...لونت حياتي بعد مغادرتي منزلي بعاصفه سوداء
ويحي كيف احتملت المصاب
اطفىء الاضواء و احتفل بوحدتي الازليه الملكوت
كمن يعاقب مجرما قصاصه الحكم المؤبد للحياه
مكرها ساعيش سنه اخرى انا القابع في ديمومه الموت اليومي
سماء ارتدت ثوب الحداد
اقتعد العزله و الوجوم
 
اتبتل الى الله لان الزمن لم يفلح في السطو على ارثها لي
الحرب تضحك و جدتي تبكي
سلام القاده مخادع و منافق يا جدتي
مدينه تضحك و تان في ان واحد
اما علمنا المسكين فلا يعطف عليه احد...يتحمل وحيدا
بنا ان نبحث عن علم جديد له طاقه لحمل خيباتنا
من ليس له علم ...ليس له كرامه
احالت الحرب لبنان حائط مبكى لا تعرف بدايته من نهايته
من يومها و هي ترتدي ابتسامه الحداد
الحروب ترحل و ندوبها تعانق ارواحنا و لا تفلتها
انا غيمه اخافها صوت الرعد فبكت
 
كنا في الايام الاخيره من حرب اهليه جزأت الرب..خلقت الها للشيعه و اخر للسنه و ثالثا للدروز و لكل طائفه مسيحيه واحدا مختلفا عن الاخر
من ليس على دينك اذبحه بدم بارد...او حتى بلا دم
لا عنصريه في الحروب رغم ان العنصريه تقدح شراره الحرب الاولى
وحده الموت يساوي الرتب
 
كم هو مر فقدان مالا يعوض
كانني ولدت بلا مغزى
 
اسال نفسي مرارا لم لم يدافع الله عني يومها
اصبحت شيخا في فقه التخلي
الشاه المذبوحه لا يؤلمها السلخ
صوتي مخنوق يريد الصراخ
طفل اتخذ اليتم و الحرمان مذهبا
اليتم الكاذب
ما تراخت الحياه يوما عن تصديع ذلك الجسد و هو يراوح مشدوها بما يعيش
اشتبه كل شيء علي و لم ادر ما صنعت لتخنقني يد القدر الاسود هذا
توسلاتي فتت الاكباد لكنها عجزت عن رفس دمعه واحده من عينيها ...امراه معجونه بدقيق القسوه غير المنخول
ساستعملها شاهدا قباله الله لاشكو له ما فعل بي
 
بعد انتقالي الى تلك المدرسه العاهره قررت ان اكره الله و ان ارمي مسبحه الورديه...هديه جدتي لي...في سله القمامه...جدتي قالت ان كل ما يحدث لنا انما يحدث بمشيئته
لم يعاقبني الله بالنار و الكبريت و كانني سدوم و عموره
ادور حول نفسي وحيدا كصوفي بلا وجهه
لماذا انا يتيم ووالداي على قيد الحياه
انتظار والدتي يذيبني لعلها تحن و ترفأ رحمها المشققه و تراب صدعي وتتفطن ان لها وديعه في مكان ما و عليها استردادها
لكنها لم تفعل
متى تمد قيامتي يدها و تنتشلني من هذا الموت
 
حتى الطيور هجرتها موسميه...فما بال هجرتي علام قررت ان تكون ابديه
زحزحت صخره الماضي عن حاضري و حملت مستقبلي سلاحا بيدي و كلي ثقه ان لا اول الا تلاه اخر لان سعه عدل الله ستوسع كل ضائقه حطت علي
 
بيروت
مدينه تجبرك على حبها و التعلق بعبثيتها
كنت كطابع البريد لا يختم بوطنه الا ليرحل عنه
من يومها و رغبه دائمه في البكاء تجتاحني...هل اضعت بيروت ام اضاعتني
غادرت بيروت مثقلا بالحنين...و كان هذا اصدق ما حملني اياه الوطن
 
ادركت ان متاهتي بلا مخرج
الحل الوحيد للتحرر من كروب الموت هو مقارعته
استسخف ماساتي امام هول فواجع عايشتها في بلدان شظاها الفناء و شاطها الى دهاليز الرعب
لا تنبثق الحياه الا من جوف الموت
كان يقيني ان في العلقم حلاوه و في الالم فرجا
هذه المره قررت المبادره في الوجع
الطرقات في بغداد كما بيروت و دمشق..حمراء و كان شوارعها قد حاضت
بلداننا تتقاسم الوجع عينه
وجع الاوطان الحائره
اهيم فوق الاسفلت و في وجههي غضب الكون و في صدري ضعف الف اب لم يقو على حمايه اولاده من تشبب شرر الموت
السخريه نفسها من هذا القدر التافه و هذه السياسات العفنه
من سيتبنى هذه الاحلام اليتيمه
لا بيوت للاحياء و لا قبور للاموات...الحي في هذه البلاد مشرد و الميت تائه
كلهم الان مشروع جثه قد تتنفس
ما نفع النصر و انت بلا اصابع
صناع الموت و مستوردوه بابخس الاثمان
لا يخون بغداد من نام ملتحفا بضوء نجماتها و من سار في ازقتها
ملح دجله وفي لا يغدره الا ابن الحرام
تواطئنا جميعا على الصمت بعد ان ادركنا سخافه ما نقول في حضره من فقد كل شيء
الوطن اشياء كثيره فشلت الغربه في استنساخها
 
هل احترق جسدي؟
 
 
كم هو ثقيل هذا الحمل
غبي غبي غبي ...انا غبي و لا استحقها ...انا جبان و لا اصلح للحب
 امرأه تفتح شهيتي للحياه
ترصني فوق رفوف الدهشه ...بكل ما تتفوه به و بكل تصرف تقدم عليه...حتى صمتها كان يحمل طلاوه تدهشني...اتشممه بشغف المخنوق و اتذوقه بلوعه الجائع
اين عداله حسابي عن تاريخ لا صفحه لي فيه...عن ماض لم اضع فيه حجرا واحدا...بل على العكس كنت انا اولى ضحاياه
كانت هذه المرأه هلوسه حمى تناوبت على افتراس جسدي و مشاعري بمباركه اثيريه مني
كيف لي ان اعلل وجودها و غيابها ...هل كنت في فاقه الى صفعه اخرى ووجع اخر يستفحش في...الم تشبع هذه الدنيا من افتراسي
متت عمر كرمالك مش قادره تعيشي يوم كرمالي
رحلت من جبرت بها روحي فكسرتني
فني صبري
اشتاقك كثيرا انت يا من لا يعود
 
الاحرار احرار بالولاده
لا معنى للاستقلال و انت رهين قمقم حزبك و دينك و ميلك
اين الاستقلال و عقولنا كفنها التخلف
 
الحل مش انك تنسى ...الحل انك تعرف كيف تعيش
ماذا لو كان من يسمم حياتك هو انت!
 
سليم الصغير يبحث عني انا الذي لم يكبرهذه اخر حكاياتي حكايه الغلطه التي كنت
 
 
*بوح خانق, وجع...وصراخ يقارع الصمت.. حلت في ذاكره طفل وما كان اسمه وطن*
كانت حكايه العابرون على امل! في اولها و اخرها....
Profile Image for Fatimah AlZohairy.
214 reviews8 followers
November 24, 2023
أعتقد ان أحب وظيفة سليم! هرب من ألمه و رمى نفسه بين آلالام المتضررين من الحرب و الطائفية. نظرة أعمق و أوسع لمدى العطب و الضرر اللي أصاب لبنان و العراق و سوريا.

حبيت هالجزء أكثر.
20 reviews
May 27, 2024
نتميز كقراء بقدرتنا على تقمص احدى شخصيات الرواية. نرى وجه التشابه و نحاول اسقاط ماضينا و تجاربنا فننصهر بالنص و قصته. من منا لم يبك العراق! و من منا يستطيع نسيان منظر العراقيين عند قيامهم بسرقة الكرسي و التلفاز من قصر صدام. من منا لم يبك تاريخا تهدم في متحفها. من العراق الى سوريا الى حبيبي لبنان. مأساة لا يقو قلب انسان على عيشها. كنت انا الراوي في الكثير من الاحيان. خيل الي اني افهم وجعه.
على الرغم من صعوبة بعض المفردات و جمل تطول الى ما يزيد عن ٤ اسطر احيانا، الا ان متعة استكشاف كلمات جديدة حالت دون ان اتوقف عن القراءة. جمل محبوكة بذكاء و عمق و ثقاقة واسعة. الكنايات و الاستعارات صور ابداعية كلوحة ترسم. على الرغم من كل ال(وصب) ( تعلمتها في الرواية😃)يطل الحنان و الدفء بوجه التاتا. شممت الكعك التي تعده و سمعت فيروز تطربني و رأيت ذلك الولد الاشقر، الذي لم يتمن شيئا في حياته سوى أن يعيش عاديا في أودية تنورين.
This entire review has been hidden because of spoilers.
Profile Image for Fatima.
5 reviews1 follower
May 22, 2024
تنويه بسيط: هذه المراجعة كانت ضمن مناقشة نادي صنّاع الحرف للقراءة، لثنائيتي ( لن أغادر منزلي / فونوغراف ) للكاتب اللبناني سليم بطّي، برئاسة الكاتب المصري محمد سمير ندا، والتي عقدت يوم الأحد 19/05/2024 بحضور الأصدقاء أعضاء النادي وضيوفا رائعين من ضمنهم الكاتب المصري: وحيد الطويلة، الكاتب الكويتي: عبد الوهاب الحمادي و الأستاذة عبير عون وآخرين، حيث تمّ التطرق للعديد من المحاور الدّسمة الشيقة، كانت بالفعل جلسة حميمية فيّاضة بالجمال، صحيح أن الجلسة عقدت في إطار زماني محدد ولكنها لا يمكن إلا أن تسكن الذاكرة، و ما يلي هو عبارة عن طرقٍ لمحورين ضمن المناقشة :
1/غلاف فونوغراف :
بعدما تقع عينك على غلاف فونوغراف لا تملك إلّا ان تقف معجبا متأملا في هذه القطعة الفنية، أرض مبلولة مزينة بأوراق شجرٍ اختار مغادرة أغصانه ذات خريف، بركة ماء خلفتها زخات مطر ليلة ماضية، يقع بجانبها دفتر رسم طفلنا الصغير ذو التسع سنوات. دفتر وحيدٌ ضيّع يد صاحبه أو ضيّعته، فأيدي الكبار سحبته قبل أن يتمكن الإنحناء لالتقاطه. دفترٌ بغلافه المزركش الألوان أصفر وأخضر أحمر وبرتقالي، وبمغلاق جلدي أخضر. استعمل ثلثه فقط ، كم كان ينتظر ويتطلّع بشوق عارم المزيد من الرسوم التي لم يسعفها القدر لتصل إليه، لكن كانت هناك ورقة مختفية داخل ذلك الجزء الذي لم يمّس بأن كان لها الحظ فحقّ لها الإحتفاء، فطفلنا رسم عليها شيئا ما، تأملوا جيدا يظهر لون برتقالي في كعبها، ترى مالذي جعله يخترق طابور الأوراق ومالذي رسمه عليها ؟ ربما رسم جدته، ربما فادي، ربما دجاجاته التي كان يأنف حبسها.. لا أدري.
داخل البركة إن تأملتم مجددا هناك انعكاس لبيت بسطح قرميدي ونافذة مربعة تحته بقليل، تعلوه مدخنة تنبعث منها أدخنة الحياة التي تعمّ هذا البيت، قطعا نحن بضيعة تنورين نقف مباشرة قبالة بيت الجدة الرحوم.
بيت في الواقع تقابله صورته التي رسمت بأنامل الطفل الذي سكن فيه وسكنه، فحمله غصّة رافقته طيلة حياته بعدما اغتصب حقّه في البقاء بأحضانه .
يقول فرويد :~ أن الفن بعد الأحلام هو الطريق المعترف به للوصول للأعماق~. فالرسوم كالأحلام منها نستشف تلك الإسقاطات لخصائص شخصية الطفل وصراعه الداخلي فكلام الأطفال غالبا ما يعاني عصى المراقبة فتكون رسومهم وخربشاتهم الطريق الأنقى للكشف عن عالمهم الداخلي وانفعالاتهم .
.رسم البيت في الدفتر له دلالة عميقة لحب طفلنا لأهل هذا البيت ورسمه بهذه الطريقة الجميلة يدل على النظرة الإيجابية التي كان ينظر بها لجدته ولشقيقه ...
أما عن الألوان فاختار تلوين جدرانه باللون الزهري مما يدل على شخصيته الحسّاسة الحالمة، شخصية مفكرة ومبدعة، أما السقف الذي يمثل الجانب الروحاني فقد تلوّن مع مدخنته إضافة للنوافذ باللون الأحمر، لون يدلّ على الطاقة العالية وقد يدل على بعض من العدوانية فصغيرنا لم يصدّق يوما قصة الأب نويل فأغلق عليه المدخنة والنوافذ بلون أحمر فاقع ..أما الباب فكان أخضر دالا على هدوء الطباع، الخجل والإنطواء ..
نأتي للشجرة، الشجرة لها قيمة رمزية عالية وغالبا ما تتخذ وسيلة للتشخيص النفسي وبما أنها رسمت جهة اليمين لا اليسار فيعني هذا أنها تمثل علاقة الطفل بالجانب الأبوي، فنلاحظ أن جذعها البني مرسوم بشكل مستقيم مما يدلّ على علاقة متوترة غاضبة اتجاه الأب، أيضا هناك قاعدة الشجرة التي رسمت بشكل عريض وبلون مختلف مما يدلّ على حرمان من عاطفة الأبوين وعلى سلطة والدية أقسى مما ينبغي .. كما يمكن تفسير عدم تواصل الجذع بالأرض بإحساس القلع الذي تعرض له الطفل ..أما الأغصان فتمثل علاقة الطفل بالعالم الخارجي وفي الرسمة نلاحظ أنها كانت تستطيل متجهة نحو البيت أكثر و قصيرة من الجانب الآخر مما يدل أيضا على الحميمية والتوجّه العاطفي اتجاه الجدة والشقيق فادي .
في الأخير لا أملك إلا أن أحيي من قلبي من اختار شكل الغلاف ورسومه لا أعرف إن كان الكاتب من فعل أم دار النشر ولكنه بالفعل كان غلافا غنيا ذو شجون وبعلاقة جوهرية متينة مع المضمون. غلاف مهما غصنا فيه سنجد ما نتكلم عنه أكثر وأكثر يمكننا الحديث عن الشمس وكيف رسمت، عن اللون الأزرق، عن أسلوب التلوين بخطوط مستقيمة، عن درجات الألوان، عن تجاوز حدود الرسم عند التلوين، عن استعمال القلم الجاف عند تحديد حواف المنزل والكثيير الكثير من الأشياء .
2/اللغة والأسلوب :
هي أسئلة تُطرح : ماهو الألم ؟ ما معنى إدراك الألم ؟ هل هو حالة حسية ام حالة وجدانية ؟ هل هو صادر من منطقة معينة في الجسم تثير فينا كل تلك المشاعر؟ هل هو إحساس أم انفعال ؟ هي أسئلة طرحت ولا زالت تطرح في الطب النفسي فمادام الألم هو أول شعور نحس به بعد الولادة ليظل قرينا لنا ملتصقا بجلدنا ومسامنا حتى آخر لحظات أفولنا من هاته الحياة فإنه امتدّ ليتربع على أكبر مساحة في خرائطنا النفسجسدية حيث يتصل احساس الألم بإحساس النفس في ذاكرة الإنسان .
هل تعرفون معنى أن تنزّ هذه الذاكرة ألما مقيّحا، ألما خمّرته السنون لتزيده تعتيقا وتعميقا، ألما مهما تضرع له صاحبه بأن يتركه وشأنه لكنه يظلّ يدعسه دعسا كحيوان أسطوري لا يفقه معنى الشفقة؟ فإن لم تعرفوا فالمراثي الثلاث لن أغادر منزلي/ فونوغراف وحتى ثوب حداد ملون هي المعنى هي كلّ المعنى .
من العنوان ومن صورة ذلك الطفل الأشقر المتجه وجهه نحو ذلك البحر الكالح في المرثية الأولى إلى الإهداء أين تقف على حافة قبري وسام وعصام شابين رحلا قبل أن يشبعا الحياة إلى التأكيد على حقيقة الشخصيات والأحداث أين تحملها شوكة داخل عينك وغصة في حلقك تمضي بهما سابحا في بحر دموعك والكلمات، إلى عنوان المقدمة : عالمنا ليس بشرير نحن الأشرار ..كلها كانت بمثابة إشارات عن مقدار الالم الذي ستصعق به .
بعدها ندخل على حكاية ثانية لا تقلّ إبداعا وجمالا وهي حكاية تصميم العناوين والفصول في كلا المرثيتين، المرثية الأولى لن أغادر منزلي والتي بذرت داخلنا رباعية الجنين الملثم ثم قرعت على رؤوسنا بثلاثية مطرقة القاضي لتنبت في أعماقنا ثلاثية شجيرات من حديد أما المرثية الثانية فونوغراف فجمعت ثلاثية مناسك الوصب، ثنائية صهيل الوجع وثلاثية جعاب البوح ..كانت عناوين شجية أصيلة ترافقها عناوين فرعية لا تملك إلا ان تصفن فيها متأملا متذوقا عذوبتها وحساسيتها ..فكم أحببتها العناوين.
ثم إلى حكاية ثالثة وهي حكاية السارد وبما أن البوح كان سيد المواقف اختار الكاتب الحديث باستعمال ضمير المتكلم وهي وسيلة يقول عنها النقاد أنها من أكثر الوسائل استعدادا لإبراز الأحاسييس وتضخيمها وبالفعل ففي هاته المراثي التي بين أيدينا وباختيار هذا الضمير نقلت لنا مشاعرها وكأنها حقنة وريدية مباشرة، فتحسّ بها تسري في دمك ليختلج قلبك فتسيل دموعك، فهذا الضمير أعطى الشعور بوحدانية القصة وتوحدك معها رغم توسعها في الفضاء الزماني والمكاني . كما رأينا استعمال الضمير الغائب أين وضعنا الكاتب ونفسه في موقع المتفرج المتأمل من خارج الحكاية فكان لهذا وقع مميز علي كقارئ ..فبالفعل كانت حكاية السارد في غاية الموفقية .
إلى حكاية رابعة حكاية الزمان والمكان وأسلوب تناسل الحكايات داخل فضائهما، مع أن الكاتب لم يكن يحبّ حساء البصل الذي كانت تطبخه تلك الجدّة الأخاذة القوية الرؤوم في بيت تنورين إلّا اني لا أملك إلا أن أذكره وأذكّره به هنا في هذه الجزئية. فالزمان والمكان كانا تماما على هيئة طبقات البصل طبقة تعلو أخرى، انطلاق من الحاضر ذهاب للماضي غوص في ماض أعمق فأعمق ثم عودة من جديد للحاضر تلازمه طبقات مكانية مختلفة ..توازيهما الحكايات المنسلخة المتناسلة عن بعضها كأنها طبقات البصل على الحقيقة ، شيء جعلني أقول: يالله كم كان سلسا الإنتقال من مستوى لآخر...كيف كنت تفعل ذلك بي حضرة الكاتب؟ تحملني من حكاية لحكاية دون أن أشعر فلا نتوء لا تقعّر ولا فجوات ..تجعلني أفكّر مؤكد كانت الجدة تضع الزبدة بدل الزيت لطهو ذلك الحساء .
وختاما مع سيدة الحكايا لا بل هي عروس الحكايا على الإطلاق ...صدقوني كم أتمنى وأنا بصددها أن أكون مثل أولئك الخطباء الموجزين الذين يجدون تلك الجملة السحرية التي توجز وتجمل، ولكن هيهات ذلك وهيهات حتى لو أطلت أن أجد كلمات تسعفني تكون صنوا لهذه اللغة المكتوبة بها هذه المراثي.
كانت لغة بمثابة ذلك الجسد الملتهب بالحمّى أنى لمسته فاض بالألم، كانت مثل ذلك الجسد العاشق الذي تنبض كلّ خلية داخله عندما يفكر بمحبوبه، كانت مثل امرأة فاتنة بعيون كبيرة آسرة تحكي وتحكي حكايا من فتنوا بها، كانت تلك التجاعيد التي تكسو وجه عجوز طاعن قاسى المحن، كانت تلك النار الحارقة التي يرقص حولها عابدوها، كانت صراخا، كانت نحيبا، كانت نشيجا، كانت بردا زمهريرا، كانت أملا .
لغة إذا وصفت الأماكن والأشخاص وصفتهم بعمق نفسي لم تكن تدري بوجوده، كيف كان يصف تنورين وبيروت و العراق كيف كان يصف حياته مع الجدة كيف كان يصف الحروب وأهوالها كيف وصف الموت كيف كان يصف العَلَم بطريقة فتنتي كيف كان يصف ظلام المدرسة الداخلية ..الخ، حرفيا لم يمر عليّ .مقطع إلاّ وأعدته وأعدته وكأني أريده أن ينحفر وشما على جلدي.
لغة بإمكانها التحوّل والتحوّر فيمكن لها أن تعيد لك الحكاية نفسها مرارا ومرارا وكلّ مرة تأتيك بحلّة جديدة ورؤية جديدة لتقول مندهشا لله درّك سيدي الكاتب كم عينا تملك وكيف لك أن تجعلني كل مرة أشعر أني أقرأ كل حكاية وكأنها المرة الأولى.
لغة عرفتي على لغتي فإلى جانب مفردات طرقت مسمعي لأول مرة، كانت هناك مفردات كنت أعتقدها لهجة محلية في بلدي فقط لأجدها فصيحة قحة هل أعدّ لكم : الزنجار / أدحس / عرامة / وغيرها .
لغة شديدة الكرم فعندما قدمت لفصولها استخدمت عبارات من روايات لم أكن أعرف أغلبها ...لغة احتفت بالمهّشين، دائما ما أسمع الكاتب يقول أنه عند قراءته الروايات ومشاهدته للأفلام أو المسلسلات فإنه لا يهتمّ بالأبطال قدر اهتمامه بأصحاب الأدوار البسيطة، فرأينا كيف أن عينه كانت تتجه لهم ترثيهم وتسْبر أغوارهم .
لغة حية حسّاسة صادقة تجعلك تقول بحساسية وصدق صاحبها ..أظنّ أن علي التوقّف هنا فبالفعل أعتقد جازمة صادقة أن الكلام لن ينضب افتتانا بها.
2 reviews1 follower
December 15, 2018
عندما تُبكيك أُولى صفحاتِ الرواية . عندما يُلامس روحك أولُ تشبيه و أُول استخدامٍ لغويّ بديعٌ فيها فأعلمْ أنّ ما نَسجه الكاتبُ من كلامٍ سيتركُ أثراً لا يُمحى من قلبك .. هذا ما حَصل معي برغمِ مُحاولتي عدمَ إِنهاء قراءتها لأُطيل مكوثها معي إِلا أَنّي كُنت مُخطئة. حتى عندَ انتهائي لم تُغادرني فكأنّ كلماتها ومشاعرها المتسلسلةَ من المعاناةِ والألم تحولتْ لألحانِ حزنٍ تُعيد نفسها كل يومٍ على مسمعي كأنّها فونوغراف ..
سليم بطلُ الرواية عانى من كلِ مشاعرِ الفقدِ والألمِ والغربة .. فقد عاشَ ٣٤ عاماً محروماً وبعيداً عن مشاعر الأهل وحنانهم .وقد قاسى الغربةَ بعدما رحلَ عن وطنهِ مجبراً بسببِ أمه. ليقضي بقيةَ حياته غريباَ أينما حل باحثاً عن من يَضم ضياعه .عَندما تَنكّر له أهلهُ و وطنهُ وحبيبتهُ وحتى نَفسه .مؤلمةٌ وموجعةٌ تلكَ المشاعرُ المفقودةَ التي تعطي للشخصِ إِنسانيته .طوالِ رحلتهِ في الذاكرة ونَبشهِ في الماضي كان سليم غيرَ منتمٍ لشيء كما لو أنّه نطفةٌ في رحمٍ لم يعرف ماذا يوجدُ خَارجهَ كانَ منتمياً للاشيء . كانَ هذا اللاشيء سبيلهُ الوحيدَ للتعايشِ مع هذه الحياةِ التي لم يخترها بإِرادته . كلُ كلمةِ في الروايةَ وكلُ مشاعرِ الفقدِ وصلتْ إلي .قدرةُ الكاتبِ على إيصالِ أَحاسيسهِ للقارىء وعلى سَردِه اللغويّ والفنّي رائعةَ بالحقيقةَ إنَّها أَفضلُ عملٍ أَدبي قد قَرأته بدونِ مبالغةَ . قدْ بدأتُها بالدموع وخَتمتها بالدموع . سأعيدُها بالتأكيد إذا تخلصت من تأثيرِها فأظنّها عالقة فيّ. كاتب عظيمٌ وقدرة أدبيةَ ولغويّةَ عظيمةَ شكراً لكلِ حرفٍ كَتبته وننتظرُ المزيد .
Profile Image for Maysoon Alshaheen.
46 reviews23 followers
February 23, 2019
إني أقف عجزا عن التعبير
اقف احتراما لكتاب أقل ما يقال عنه رائع
ليس رواية..ليس حكاية..إنه لوحة أدبية
لوحة رسمت بالكلمات
لوحة مليئة بلوحات لونت بالاحرف
مخطوطة فنية
خطّها الكاتب بدقة و إتقان
ملحونة كلامية
لها إيقاع موسيقيّ حزين لكنه آخّاذ
يدفعك للركض في القراءة
و يقودك لإدمان فتقرأها أكثر من مرّة
قصّة شخصية و قصص إنسانية
وصفت داء الحرب الفتّاك و مرض الغربة المميت
سردت أحداث تمتّ للواقع بكلّ الصّلات
كتاب أسميته "كافيين المشاعر"
يوقظ فينا أحاسيس متناقضة و عواطف متضاربة
حنين و نوستالجيا و الم و فقد
خيانة و حب و كره و افتراق
سلمت يداك عزيزي الكاتب على كل حرف كتبته
الشكر لك على ذاك الذي كُتب بين السطور ايضاً
و للمرة الثانية على التوالي أعتذر عن تقصيري في التعبير..فكما جرت العادة تخونني الكلمات حين أود وصف جمال مخطوطة مدهشة مبهرة
آسفة لكلّ من لم يقرأ الكتاب و أنصحه أن يبدأ به من الآن..
و الشكر مرة ثانية و مرّات و مرّات صديقي سليم على "فونوغراف"
Profile Image for Carman Nasrallah.
5 reviews
November 17, 2018
اكتب ريفوات قليلة جدا. ولكن مع هذه النوعية من الروايات اجد نفسي مجبرة على الكتابة. هذا العمل ليس لمحبين الادب الخفيف الظل السهل. رواية مخمرة بالحزن والوجع والمعاناة على جميع الاصعدة في الحياة. رواية ثقيلة جدا على المستوى الادبي واللغوي والانساني ساحتاج وقت طويل للتخلص من تاثيرها علي
Profile Image for Rima Tawarany.
10 reviews
August 21, 2019
اعتقد جمالية الرواية تكمن في شيئين: الصدق واللغة. لم اقرا من قبل لاحد يكتب عن سيرته بهذه الجرئة وبهذا الصدق الصادم ناهيك عن اللغة التي اعادتني الى عالم كنت قد افتقدته. هذه الرواية ربما تكون اجمل ما اصدرته دار نوفل
Profile Image for Dina Abdel Noor.
3 reviews
October 13, 2019
ثنائية جميلة. لا تكتمل صورة رواية لن اغادر منزلي من دون قراءة رواية فونوغراف. الوطن والعائلة هما المحوران الرئيسان لهذا العمل. بنية متراصة وأسلوب لغوي لم اقراه مثله من قبل. رواية غير مناسبة لمن هم دون ال18 كما وليست مناسبة لمن لم يقرا ادب الحرب من قبل
Profile Image for Bashar Akil.
3 reviews
June 21, 2023
مزيج مرتبك من الحذلقة اللغوية والسرد الممل والسوداوية .. باختصار عمل ينقصه ذكاء المبدع وخبرة الروائي.. لا تستحق إضاعة الوقت في القراءة
Profile Image for Mohamad Hallak.
Author 2 books2 followers
October 12, 2025
الكتابة بحثٌ مستمرٌّ عن الأجوبة. باقة أسئلة تفوح بعبق الالتباسات الجميلة، تلك التي تضفي على كلّ سطحٍ أعماقًا. الكتابة فعل تطهّر. أو فعل انتقامٍ للذاكرة. مهما كانت، هي صرخة. بطل "فونوغراف" يتابع رحلة مؤلمة في الذاكرة بدأها في "لن أغادر منزلي". بجرعة بوحٍ عالية، ينكث جراح الفقد والانتزاع والتيه. من كان ذلك الوالد الذي أهمله؟ تلك الأم التي استأجرت له رصيفًا في كلّ ميناء؟ تلك الجدّة التي لم يعرف غير حضنها حضنًا؟ تلك الهوية المنسالة التي لم تقترن بأرضٍ واحدة؟ هنا بيروت المستعصية. هنا بغداد النازفة. هنا الغرب البارد. هنا المطارات.. أولًا وأخيرًا... الكتابة بحثٌ مستمرٌّ عن الأجوبة. وهذا كتابٌ لا يبدأ بأولى صفحاته ولا ينتهي بآخر واحدةٍ منها. هو بعض حبرٍ تدفّق من نهر وجعٍ طويل لا يزال يبحث عن مصبّ
50 reviews5 followers
March 13, 2020
كتاب حزين حيث الكاتب يعيش مع أخيه و جدته التي تعده أنها لن تتخلى عنه فما تلبث أمه أن تقتلعه من حضن جدته لتدخله مدرسة داخلية في بريطانيا في محاولة منها لتصفية حساباتها مع والده الذي خانها مع امرأة أخرى، بعد عشر سنوات يخرج من سجنه الذي لم يتأقلم معه يوماً ليكمل دراسته الجامعية و يتعرف على "فرح"، يتعلّق بها كثيراً ثم تتركه بعد معرفة حقيقة والده ليكتشف بعدها أنّ جدته ليست جدّته و أنّه سببٌ في شقاء أخيه.. و أنّه كلما حاول أن يتخلّص من ماضيه اكتشف تفاصيل بشعة و مؤلمة، عزاؤه الوحيد كانت ذكريات طفولته مع جدته و أخيه و الشجر و البيت و الحقول و الحضن المعنوي الدافئ في وطنه..
أسلوب الكاتب جميل، عباراته رائعة، لكنني دائماً ما انتقد الكتّاب في سبب رواياتهم الباعثة على الكآبة و الحزن!
Profile Image for Adeeba Nasser.
6 reviews
June 14, 2019
قرات الروايتين مع بعض اقصد فونوغراف ولن اغادر منزلي ولا استطيع ان اقول انني احببت واحدة اكثر من اخرى لانني لم اشعر انهما روايتان منفصلتان بل ماساة انسانية وشخصية اعتقد ان الكاتب نفسه عاشها لانني شعرت ان هذه الروايتان هي قصة حياته. لن اتحدث كثيرا عن جمال اللغة والتصوير الجميل للحرب لا اعلم كيف يمكن ان يكون تصوير الحرب جميل لكن الكاتب استطاع نقلها بصورة ادبية رغم قساوتها لكنها جعلتني ابتسم ودمعة في عيني. انتظر رواية الكاتب الجديدة بفارغ الصبر
Displaying 1 - 30 of 32 reviews

Can't find what you're looking for?

Get help and learn more about the design.