الزجال الكبير سيد حجاب الذى ولد فى مدينة المطرية بالدقهلية هذه المدينة الصغيرة الواقعة على ضفاف بحيرة المنزلة و التى علمته معنى الكفاح لما لها من طبيعة خاصة فهى مدينة صيادين لها عالمها و سحرها الخاص فكان يخرج و هو صغير مع بزوغ الخيط الأبيض من الفجر ليرى عودة الصيادين محملين بما رزقهم الله من خيرات البحيرة. ربما لم تكن طبيعة هذه المدينة السبب الوحيد لإحترافه الزجل فقد كان والده بمثابة المعلم الأول عندما كان يشاهده فى جلسات المصطبة الزجلية حول الموقد فى ليالى الشتاءالباردة و هو يلقى الزجل للصيادين فى مباراة أشبه بالتحطيب الصعيدى فكل صياد يلقى ما عنده فكان يدون كل ما يقوله الصيادون و يحاول محاكاتهم و كان يخفى عن والده حتى أطلعه على أول زجل كتبه عن شهيد بإسم "نبيل منصور" فشجعه والده على المضى قدما فى هذا الإتجاه حتى دخل المدرسة و صادق المعلم الثانى شحاته سليم نصر مدرس الرسم و المشرف على النشاط الرياضى و الذى علمه كيف يكتب عن مشاعر الناس فى قريته. و مع تنامى موهبته و إحتكاكه و قراءاته إكتسب العديد من الخبرات حتى تقابل مع الزجال عبد الرحمن الأبنودى فى إحدى ندوات القاهرة و من هذه الندوة أصبحا صديقين ثم تعرف على أستاذه الثالث صلاح جاهين فكان أول لقاء بينهما بعد أن سمع زجل لسيد فإنتفض واقفا يحضنه و يلف به حجرة الملحن سليمان جميل ليقول لفؤاد قاعود إحنا بقينا كتير يا فؤاد و تنبأ له بأنه سيكون صوتا مؤثرا فى الحركة الزجلية و قد صدقت نبوءة جاهين ففى منتصف الستينات من القرن الماضى إحتفى المثقفون بأول ديوان له صياد و جنيه و بعده إنتقل إلى الناس عبر الأثير من خلال مجموعة البرامج الإذاعية الشعرية بعد التحية و السلام ، عمار يا مصر ، أوركسترا و قد كان الأبنودى يقدم معه البرنامج الأول بالتناوب كل واحد 15 يوما و بعد فترة إنفصلا فقدم كل منهما برنامجا منفصلا. كما شارك سيد حجاب فى الندوات و الأمسيات الشعريةو الأعمال التليفزيونية و السينمائية فى محاولة للوصول للجمهور و قدمه جاهين لكرم مطاوع ليكتب له مسرحية حدث فى أكتوبر فدخل فى نسيج الحياة الثقافية. و عندما دخل الزجال سيد حجاب مجال الأغنية لم يتنازل عن جوهر الزجل بل إن الشاعر حماه من الإنزلاق وراء كلمات سهلة يلوكها المستمع ثم تجد طريقا لأقرب سلة مهملات فغنت له عفاف راضى و عبد المنعم مدبولى و صفاء أبو السعود و إقترب على إستحياء من سوق الكاسيت و كان ذلك من خلال فريق الأصدقاء مع عمار الشريعى و قدم أغانى فى ألبومها الأول مع عمر بطيشة ثم أتبعه بألبومين هما "أطفال أطفال" و "سوسه". بعدها إقترب من بليغ حمدىبأغنيات لعلى الحجار و سميرة سعيد و عفاف راضى
بالنسبة ليّ يُعتبر سيد حجاب من أكثر الأشخاص ولاءً وفِهمًا وتعقُّلًا للثورة وسيرها وأهدافها ووقائعها ومنهجها، فضلًا عن أنه في ديوانهِ هذا الصادر عام 2010 تنبأ بقيامها، والصُدفة الأكثر غرابة أيضًا هي أن يتوفَّى الرجُل في ذكرتها السادسة تحديدًا (25 يناير 2017)، مما يجعلني أقف عند كلام هذا الرجل ولو قليلًا وأعرف ماذا يقول!
يُعطي سيد حجاب اِهتمامًا خاصًّا إلى فِكرة الصراع بين الثورة والثورة المُضادة؛ فنجد عنده أن الثورة التي هي ردًا على الظُلم والاستبداد هي مُصالحة الشعب مع بعضه البعض بجميع طوائفه ودياناته ونُخبه وطبقاته وأجناسه، وتلخيصًا لكل الأهداف التي يسعى إليها الشعب من عيش وحرية وكرامة إنسانيَّة وعدالة اجتماعيَّة، حيثُ يؤكِّد سيد حجاب على أن ما أتت به الثورة هو مُتجاوِز لكل الفروق المُصطنعة بين المُجتمع المصري في فئاته، إدراجًا لجميع فئات الشعب تحت شِعار "اليدّ الواحِدة"، وبذلك يتكوَّن لدينا قوَّة شعبيَّة هائلة لا يُستهان بها، هي المُناصِرة والمُسانِدة للثورة، وعلى الجانب الآخر والنقيض فهُناك القوة المُعادية للثورة والشعوب ككل، إذ بذلت هذه القوة قصارى جهدها للالتفاف حول الثورة بطرُق مُمنهجة وأساليب شديدة الشيطانيَّة، كانت غايتها ضرب هذه اليدّ الواحدة والتقسيم والتفتيت بين جميع الفئات الاجتماعيَّة والوطنيَّة، ومحاولة تحويل الاتجاه والمنحى الثوري السلمي الذي عبَّر عنه شِعار "سلمية، سلمية" إلى اتجاه آخر عُنفي ومُتعصِّب عبَّر عنه أيضًا شِعار "خالتي سلميَّة ماتت"، ونحنُ رأينا ذلك فعلًا في الثورة الأولى مُتمثِّلًا في أحداث ماسبيرو في أكتوبر عام 2011، وأحداث شارع محمد محمود بعد منه في نوفمبر من نفس العام، ثُم جاءت ثورة 30 يونيو، في محاولة إلى لمّ شَمل الشعب وإعادة المُصالحة بين مُختلف فئاته مرَّة أخرى وتحديد أهدافه من جديد، ولكن أعداء الثورة دائمًا وأبدًا من مصلحتهم أن يعاوِدوا الالتفاف على عُنقِها، وأن يُضيِّقوا على ثائريها كي تفقد الثورة مسارها الذي بدأت من أجله؛ فالثورة الأولى سُرقِت بواسطة المجلس الأعلى للقوات المُسلَّحة ومن ثم إلى الإخوان المسلمين، والثانية سرقها العسكر ونالوا ثمارها، وفي كلتا الحالتين تدميرًا وتمزيقًا لروح الثورة وأهدافها، وعداءً صريحًا للوطنيَّة والشعب المصري، الذي قام بالثورة ولم ينل أو يحقق منها أي شيء.
يقول سيد حجاب: " كل دي مراحل من مراحل الصراع بين قوى الثورة وقوى الثورة المُضادة، لكن اللي يبشر بالأمل هو إن قوي الثورة المضادة لا تملك مشروعًا للمستقبل يمكن أن يقبله المصريون، أما قوي الثورة هي التي تملك مشروعًا للمستقبل، وبالتالي كل محاولات الثورة المُضادة سرقة الثورة محكوم عليها بالفشل والتردي مُستقبلًا وقريبًا جدًا إن شاء الله." قال الرجل كل ما لديه وتوكَّل، وغرقنا نحنُ في الطوفان.
تذييل: يرى سيد حجاب أن فِكرة العدالة الانتقاليَّة يجب أن تقوم أولًا ثُم تتم المُصالحة الوطنيَّة بين قوى الشعب، لا أن يتم العكس، لأنه لو حدث سيصاحبه تفتيتًا جديدًا وتفريقًا آخر.. يقول: "من أجرَم في حق هذا الشعب وهذه الثورة وهذا الوطن، عليه أن يصارحنا بأخطاءه، ويأتي بعد المُصارحة المُحاسبَة، ويأتي بعد ذلك السماح من الشعب بشروط الشعب، لإندماج هؤلاء داخل الجماعة الوطنيَّة."
...
الجاه لكوا.. ومن جهلكوا لا نجاة لكوا.. إن جه لكوا طوفان يشيل ويزيل ماعادش ينفعكوا لا تجهيل ولا تجميل وماعادش في إيديكوا ولا تسوية ولا تسويف جاي الطوفان جاي واللي بعده مخيف _ ياللي اتعميتوا جشع.. .. وجبن .. وبطر الاستكانة للمهانة .. والذمة معدومة.. .. وضميركم حطام ليل الخيانة .. .. عمى بصيرة وبصر والحق نور .. يجلي العقول والنظر.
كلمتين الطوفان والرأسمالية هما اللي ملخصين الموضوع تستغرب ان الكتاب دا تأليف 2010 بالذات الجزء الاخير منه ازاي كان متفائل كدا؟ ازاي كان شايف دا؟ حلو قوي وسهل قوي وواضح قوي نقطة نور يمكن بتحاول تنور بالكلام :)
سلام كلام ملغوم ومسموم وعار حاولتوا نشر ثقافته في كل دار ثقافة استهلاك وجهل وبازار فيه الضمير معروض شراء بيع ايجار وابن ادم زيه زي الحمار ولما تختار غزة اللي تحت الحصار نهج المقاومة تقولوا بئس الخيار وتشبعوها حصار وجوع وانهيار ويقول مثقفكوا بهوان العبيد حماس مدانة وده عقاب مين عاب في الكبار ان استجار لا يجار
استمتعت أكثر بالاستماع إليه ، فالشعر العامي من وجهة نظري يُسمع ولا يُقرأ
طبعاً سيد حجاب لا غبار على أسلوبه وطريقته الساخرة الجميلة في نقد الواقع المرير الذي نعيشه
راقت لي بعض المقاطع منها
الجاه لكوا..ومن جهلكوا لانجاة لكوا ...إن جه لكوا طوفان يشيل ويزيل ماعادش ينفعكوا لا تجهيل ولا تجميل وماعادش في إيديكو ولا تسوية ولا تسويف جاي الطوفان جاي واللي بعده مخيف
كتاب بسيط و واضح اعتقد ان قوة الكلام اللي في الكتاب جاية من إنه اتكتب في 2010 يعني قبل الثورات .. كان بيتكلم عن الطوفان و بيوصفه بثقة .. متأكد من إنه جاي و كأنه شايفه قدامه و بيوصف كل حاجة فيه و كل الأفكار اللي جاي بيها الطوفان بشكل يخليك تستغرب ازاي كان بيتكلم كده في وقت ضلمة تماماً .. كان ازاي شايف الأمل ده و متأكد منه في وقت ماكنش فيه أي أمل
رائع سيد حجاب يوم وفاته لم أتمالك نفسي وبكيت كثيرا وجاءت دواوينه لتشعرني بانه حيا بيننا بكلماته الجميلة المنسابة كالماء العذب في نهر صاف ... شعرت كأنه أمامي فائتنست بوجوده وكأنه لم يغادر الدنيا هكذا هو والرائعون مثله يظلون إحياء في وجداننا ❤❤ نتمنى أن يأت الطوفان يغسل البلاد من الاستبداد والتسلط والفساد والتدهور .. آمال ورؤى بشرنا بها سيد حجاب يارب تتحقق
رحلة شعرية عامرة تربوا على النصف قرن، رحلة شعرية خاصة جداً بمصطلحات فريدة ومشاعر بكر ومشاهد من قلب الطبيعة، طبيعة الفتى الذي نشأ على ضفاف بحيرة المنزلة، لينصف الصياد والسمان والحمام والشبكة وجنية البحور ويستبدل محدودية الرزق برحابة المعنى.
حبيبي عم سيد حجاب (رحمه الله رحمة واسعة) بطل طفولتي الخفي بامتياز، كلما أحببت عمل موسيقي كبرت لأعرف أنه كان فارس الكلمة فيه، بدءً من أغاني عفاف راضي المهدهدة لطفولة جيل الثمانينات، ثم إيمان الطوخي، وعلي الحجار، وتترات المسلسلات التي شكلت وجدان جيل من بعد جيل.
أكثر ما أحزنني في مجموعة الدواوين التي أصدرتها الهيئة المصرية العامة للكتاب في طبعة خاصة على هامش معرض كتاب ٢٠١٨، أنها صدرت مجزأءة وليست في ديوان واحد، واقتصرت فقط على الدواوين الشعرية، ولم تتضمن الأشعار الغنائية، على عكس ما تضمنته الأعمال الكاملة لنظراءه وإن سبقوه صلاح چاهين، وفؤاد حداد.
أعجبتني جداً فكرة الإحالة لموقع الهيئة المصرية العامة للكتاب لسماع ديوانين بصوت سيد حجاب، أثروا التجربة الشعرية كثيراً.
في رمضان ٢٠١٩ على شاشة إحدى قنوات النيل المتخصصة، شرفنا بمتابعة برنامج يومي مزامن لوقت الإفطار يقدمه الشاعر شوقي حجاب الأخ الشقيق لعمنا سيد حجاب، واستمتعت كثيراً بالبساطة والتلقائية والتجربة الشعرية له، ولما قرأت دواوين سيد حجاب شعرت أن النشأة المشتركة لها كبير الأثر في تشكل تجربة الأخوين.
في مجموعة دواوين سيد حجاب، تطور ملحوظ متسق مع حياة حقيقية، الغريب فيها أنه أكثر من ذكر الليل والضلمة والغرق والموت في أولاها (صياد وجنية) ثم اختصر الحياة كاملة في مجموعة كلمات في الديوان الثاني (في العتمة) كلمايتي.. غنمايتي.. عصايتي.. آيتي.. رايتي.. سرايتي.. قمرايتي.. جمرايتي.. مرايتي.. تمرايتي.. منجايتي.. كمنجايتي.. رحياتي.. كلمايتي.. بدايتي.. دايتي.. مشايتي.. ربايتي.. كلمايتي.. غايتي.. نهايتي.. حفرايتي. وفي الديوان الثالث (نص الطريق) نعى فيه الوردة والغربة والأحزان وفراق چاهين، وفي الرابع (أصوات) يعبر عن تجربة سفره وغربته على هامش أصوات الآلات الموسيقية، وفي الخامس (قبل الطوفان الجاي) طفح الكيل وتنبأ قبيل النبأ، وفي السادس (وسط الطوفان) كان الأمل والحسرة.
رصد الحزن والألم والموت في دواوين سيد حجاب ليست قتامة، وإنما إدراك لحقيقة الحياة، المليئة بالأمل وبفخر الأجداد الظاهر في الاستعانة بحوريس وإيزيس والتعدد الفكري والعقائدي للمصري على طول مشواره.
والغريب أن ليّا سنين في القراءة ولسة مكتشف عالم سيد حجاب..عالم من السحر والعبقرية والانجذاب والبكاء. . .
ومبادرة بعد مبادرة دقنا المرار في دنيا كوسة وقرع طلّع خيار إشي أردني وإشي أوسلو واشي في الخفا واشي في العلن.. ودي تهدئه وده انفجار تلاتين سنة وانتوا في زحلفة من خيبة لمصيبة ومن عار لعار بإرادة نَيّة و نِية متكتفة بتدفعونا تمن سلامكو اللي أتولد في الحرام يا أجبن الحكام يا غرقانين في طين جهالة وعطن مفيش سلام بين بندقاني وحمام والديب مازال ديب مهما غنى ورطن. . . جاي الطوفان في ميعاده يا قوم عاد جاي م الحرملك ولا جاي م البلاط؟ من شهوة التوريث لواد م الولاد أو لعبة التمديد ومن غير زياط. سُستونا بالتسويف وبالتخويف.. سُقتونا بالتدجيل وبالتضليل.. بعتونا واشتريتونا بالتزوير وبالتزييف وشعوبكم اللي يفترض إن انتو خُدامها بهدلتو هندامها..شلّيتوا أقدامها بعترتوا راياتها..وكرامتها..وأحلامها الجاه لكو.. من جهلكو.. لا نجاه لكو.. إن جه لكو.. جاي الطوفان جاي واللي بعده مخيف جاي الطوفان والجاي بعده مهول ح يقوم ويعمل حاجة فوق القول
سيد حجاب نتوقف طويلا امام الحروف الثائره التي تخرج من ذلك الوجدان الفياض محملة بنكهة الثورة والحب مغلفة بألم رفيع المقام لترسم لنا الصوره الناقده المرشده التي لا تشبه اي صور شعريه اخري ،جميل هو الشعر عندما يخرج من رحم الارض ليسكن في ضمير مهموم بالناس ،منسجما مع حاجة الذوق الشعبي الي صوت انيق يشبه موسيقاه الاجتماعيه وايقاع افراحه ونكباته ،فكان السيد هو ذلك الذي ضرب بزخات حروفه علي اوتار ارواحنا حجابا من عطر التجاوب مع الصادق مع هموم اشعله الؤمن بأن الشعر ناموس الثائرين رحم الله ا الله سيد حجاب
عم سيد حجاب رحمه الله و هو يبدع و يتألق و يحذر بحس المثقف الواعي من الطوفان قبل أن يأتي ، لكنهم لا يبصرون يا عم سيد ، إنه عميان البصر و البصيرة عباد للشهوات و متبعين للهوي و الضلال . من الديوان :
يالي أتعميتوا جشع و جبن و بطر الاستكانه للمهانه سابتكو أشباه بشر و الذمه معدومه و ضميركم حطام ليل الخيانه عمي بصيرة و بصر و الحق نور يجلي العقول و النظر و الشعب رب الدار و رأيه تمام يقول كلامه يستجيب القدر يعني اسمعوا وعوا شعب قاوم و قام اوح تلاقوه قامت قيامته و زام
تمنياتي لكم بقراءة ممتعة و متأملة و ملهمة تحياتي حجازي بدر الدين