إذا كنت تعجب من التأييد الفج الدائم الذي تقدمه أوروبا وأمريكا للكيان اليهودي، وتسمع دائماً أن الفضل في ذلك لللوبي الصهيوني الذي يسيطر على دوائر السياسة هناك ويتحكم في انتخابات الحكومات والبرلمانات؛ فاعلم أن تلك أسطورة سطحية لا تتوافق مع حقيقة الواقع والتاريخ
وهذا الكتاب يُنبيك عن تلك الحقيقة بتفصيل وتوضيح فهذا التأييد الفج شيء يسري في ثقافة وحضارة أوروبا الحديثة منذ نشأتها في القرن السادس عشر، مستمَداً من مذهبها الديني الجديد آنذاك، المذهب البروتستاتني، وخلفيته التوراتية العبرية
وليست الصهيونية صنيعة حفنة من الرجال اليهود في القرن التاسع عشر، بل هي صنيعة مسيحية بالأساس، نمت جذورها وامتدت خلال قرون قبل ذلك التاريخ.. وما أفكارها إلا تديُّن وثقافة توراتية عبرية انتشرت بين الأوروبيين وانتقلت من بعدها لأمريكا تحمل تصوراً مسيحياً توراتياً لنبوءة عودة المسيح وتحقق مملكة الله، بعد أن يعود اليهود ويجتمعوا في الأرض التي سكنها أسلافهم من قبل، تصور ينطوي على تفضيل الجنس اليهودي واعتباره نسل الأبطال العبرانيين المذكورين في التوراة التي بجّلها المذهب البورتستاتني وأعاد لمعانيها الحرفية مكانة لدى المسيحيين، بعد أن توالى الكاثوليك على تلك المعاني بالترميز والتأويل
وما نشأة ذلك الكيان اليهودي في أرض فلسطين في القرن العشرين، إلا حصيلة اجتماع تلك الثقافة الدينية المتجذرة لعدة قرون، مع المصالح الاستعمارية لدول أوروبا، مع حل لمشكلة اليهود المضطهدين في شرق أوروبا، وكراهية الدول الأوروبية أن تفتح أبواب بلادها لاستقبال لاجئيهم ومهاجريهم.. كل ذلك أدى لإنشاء ذلك الكيان اللقيط
يتناول هذا الكتاب المهم، تاريخ نشأة الصهيونية - غير اليهودي - وتحليل أسبابها ودوافعها وأهدافها، ويتتبع انتشار مبادئها في أوروبا ثم أمريكا وأبرز شخصياتها وأعلامها من غير اليهود وأفكارهم ويحلل طريق الأحداث إلى وعد بلفور ونشأة الكيان اليهودي في فلسطين والملابسات السياسية التي أحاطت به وتلته ويؤكد على مدار الكتاب على عنصرية هذه الفكرة الصهيونية، ويقارنها بمثيلاتها النازية واللاسامية
وهو كتاب قيم مهم للغاية في فهم القضية الفلسطينية وتاريخها، وجهد المؤلفة فيه كبير ويستحق الشكر وقد قرأت الكتاب مرتين متتاليتين في المرة الأولى من طبعة في مئتي صفحة لكنها كثيرة التصحيف حافلة بالأخطاء الطباعية، ثم المرة الثانية من طبعة في 300 صفحة تقريباً، سالمة من تلك الآفات، أنصح بها.. وكلاهما متاح على الانترنت
كتاب مميز في تبسيطه ويُسر تقسيم فصوله وفقراته. واحد من الكتب التي كان يجب علىّ قراءتها ومعرفة الحقائق المذكورة به منذ زمن.
يتناول الكتاب الجذور الدينية للصهيونية كإنتاج ديني لمذاهب مسيحية مثل البروتستانتية والمذهب البيورتاني. وكيف تبنت تلك المذاهب إعادة قراءة العهد القديم وتأويل نبوءاته بشكل يختلف عن الرؤية التقليدية المتحفظة للمذهب الكاثوليكي.
ومن هنا، بدأ منذ القرن السادس عشر الإيمان بأن عودة اليهود لفلسطين هى بداية "العصر الألفي السعيد" الذي يتزامن مع عودة المسيح الذي سيُقيم مملكة الله في الأرض التي ستدوم-حسب رؤيتهم-لألف عام.
يتدرج الكتاب في شرح تطور الصهيونية كمذهب ديني حتى القرن التاسع عشر، والذي شهد بداية تحول تلك الفكرة من مجرد حلم يراود المؤمنون به إلى حركة سياسية تنشط في تحويل تلك الحلم إلى حقيقة واقعة.
تسرد الكاتبة بتفصيلٍ موجز في فصل كامل أبرز الساسة الإنجليز الذي تبنوا الصهيونية كمذهب ديني أولاً، وكذريعة لتوطين قدم اليهود في فلسطين ثانياً، وذلك باعتبارها موقع استراتيجي يجب على التاج البريطاني الإستيلاء عليه لتأمين طرق تجارته.
وفي الفصول الأخيرة تنتقل لتاريخ الصهيونية في الولايات المتحدة الأمريكية. أيضاً كفكرة دينية بؤمن بها الأميريكيون المؤمنون البيورتانيون. وكرابط تاريخي عاطفي بين اجدادهم المستوطنين الأوائل للقارة الأمريكية اللذين قاتلوا السكان الأصليين "الهمج" لتأسيس حضارة متمدينة، وبين "اليهود" المتحضرين أيضا، الذي يجب عليهم تحرير أرض فلسطين من همجها "العرب" وتأسيس حضارة متقدمة على أرضها.
تستخلص من هذا الكتاب حقارة عقلية الرجل الأبيض، الذي يؤمن بأفضليته على ما عداه من بشر لهم لون بشرة يخالف لونه. بأنهم مجرد كائنات من الدرجة العاشرة لا يستحقون سوى السحق عليهم بعقب احذيتهم. تلك العقلية التي لا تفهم ولا تحترم سوى لغة واحدة، لغة القوة.
تنبع أهمية الكتاب من تسليط الضوء على البعد العقائدي لدى الغرب، ومدى تغلغل اليهود في العقل الغربي طوال قرون تمهيدا لاكتمال المؤامرة. الكتاب يرد بقوة على المنظور الماركسي للمسيري الذي لا يرى سوى البعد المادي للمسألة اليهودية. أنصح الجميع بقراءته.
حتى يومنا هذا لا زالت تسيطر على العقلية العربية صورة نمطية لتاريخ الصهيونية "اليهودية" تضرب بجذورها إلى عمق التاريخ البشري، وتعود بنا إلى مؤامرة تبدأ بتآمر اليهود على قتل المسيح ابن مريم - صلى الله عليه وسلم - كما جرت عادتهم في قتل الأنبياء. تبعها بعد عقاب الله تعالى لهم بالنفي والشتات، مساع منظمة للعودة إلى الأرض المقدسة (أرض الميعاد)، إلى أن تحقق الحلم بإقامة دولة اليهود في الرابع عشر من مايو عام 1948م، والتي وضع لبنتها الأولى ثيودور هرتزل اليهودي "المتديِّن"، وكأن اليهود صاروا بذلك (آلة قدرية) تهيء الأجواء وفقًا لمعتقداتهم، وكأن البشر صاروا بين أيديهم أحجارًا على رقعة الشطرنج، كما يصف "وليم جاي كار" في كتابه المعروف، أوكما يقول محمد خليفة التونسي - رحمه الله - في كتابه عن (بروتوكولات حكماء صهيون) الزائفة تاريخًا وأدبًا: "لليهود منذ قرون خطة سرية غايتها الاستيلاء على العالم أجمع، لمصلحة اليهود وحدهم، وكان ينقحها حكماؤهم طورًا فطورًا حسب الأحوال، مع وحدة الغاية".
وهذه الحالة من الكسل الفكري التي ابتلينا بها مردها كما قال الدكتور عبد الوهاب المسيري - رحمه الله - إلى أنه "إن لم يجد العقل الإنساني نموذجًا تفسيريًا ملائمًا لواقعة ما، فإنه يميل إلى اختزالها وردِّها إلى أياد خفية تُنسَب إليها كافة التغييرات والأحداث".
فما يتغافل البعض عن ذكره هو أن هنالك صهيونية "مسيحية" سبقت مثيلتها "اليهودية" بمئات السنين! بدأت بعهد الإصلاح البروتستانتي، ومزجت بين الأسطورة التاريخية، والمصلحة السياسية الاستعمارية، ونظمت من هذه العناصر مجتمعة أيديولوچيا جديدة استطاعت توظيف "المسألة اليهودية" التي أثقلت كاهل أوروبا (وبريطانيا على وجه الخصوص) اقتصاديًّا واجتماعيًّا، وإيجاد مخرج يحقق لها مصلحة سياسية اقتصادية، ويفسح لها موضع قدم في الشرق (العثماني) بين القوى العظمى: فرنسا التي تتحجج بحماية رعاياها الكاثوليك، وروسيا التي تتحجج بحماية رعاياها الأرثوذكس.
ثم يأتي بعد ذلك بسنين طويلة دور الحاخامات لإضفاء الشرعية على هذا العدوان، وذلك بعدما تحققت مصلحتهم في كنف الاستعمار الغربي - بل وفي كنف الألمانية النازية كذلك! -، وبعدما كان أمر العودة إلى الأرض قبل قدوم المسيح - عليه السلام - يُعد بدعة في الدين وكفر به، وهذا الاعتقاد لا يزال لدى بعض الطوائف والحركات اليهودية، كحركة "ناطوري كارتا" اليهودي المناهضة للصهيونية.
كما يأتي مع ذلك دور ما يسمى ببروتوكولات حكماء صهيون (الروسية المخابراتية الصنع)، لتخدم هذه الخدعة التاريخية الكبرى، الأمر الذي قد يجعلنا نقول في حق اليهود، إن جاز لنا القول: "رب ضارة نافعة!"؛ فإن الترويج لهذه البروتوكولات خدم كثيرًا - وما زال - المصالح الصهيونية من الناحية العملية، الأمر الذي جعل المعلق السياسي الإسرائيلي يوئيل ماركوس يقول في جريدة "هآرتس"، في 31 ديسمبر 1993م: "إن البروتوكولات [بسبب أثرها هذا الذي يولِّد الرهبة في النفوس ويدفع الناس لمغازلة إسرائيل واليهود] تبدو كأن الذي كتبها لم يكن شخصًا معاديًا لليهود، وإنما يهودي ذكي يتسم ببعد النظر!".
وهذا ما تطرحه الباحثة ريچينا الشريف في كتابها الرائع بعنوان "الصهيونية غير اليهودية: جذورها في التاريخ الغربي"؛ حيث قدمت رؤية تاريخية موثقة، مركَّبة وعميقة، لتاريخ ظهور الكيان الصهيوني المحتل، بدءًا من حركة الإصلاح الديني البروتستانتي، وانتهاءً بوعد بلفور مما تلاه من أحداث.
الدكتورة ريجينا الشريف: كاتبة وباحثة في الصراع العربي-الإسرائيلي، حاصلة على الدكتوراة في العلاقات الدولية من الجامعة الأمريكية بواشنطن عام 1974، وعملت باحثة بمؤسسة الدراسات الفلسطينية في بيروت وفي جامعة الكويت.
بتقديري أن الاهتمام بسيرورة الأفكار ورصدها من أهم العوامل التي تساعدك على فهم مآلات هذه الأفكار، ومن ذلك قراءة الفكرة الصهيونية، فالرصد الخطأ لسيرورة الفكرة سينتهي بك لتقييم أشد خطأًّ، وهذا ما أعجبني في هذا الكتاب، أنه في تتبعه لسيرورة الفكرة الصهيونية يتجاوز الأطروحات الدعائية من جانب، والدراسات العلمية التي تحصر ظهور الفكرة الصهيونية بين اليهود في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين من جانب آخر.
يتم كل ما سبق عن طريق تقديم وجهة نظر أقل عرقية تسميها ريجينا الشريف بالصهيونية غير اليهودية= بمعنى غير اليهود الذين يؤمنون بالأهداف الصهيونية ، وهذا له أهميته -كما سيتضح- أن الصهيونية مرتبطة ارتباطًا عضويًا بالاستعمار الغربي، وأن البيئة الثقافية الغربية ملوثة بالأساطير الصهيو��ية، وأنه لن يكون هناك حل للقضية الفلسطينية في ظل وجود هذا التماهي بين الثقافة الغربية "الصهيونية غير اليهودية" و الصهيونية اليهودية.
هنا تربط ريجينا الشريف بين حركة الإصلاح الديني البروتستانتي و الصهيونية غير اليهودية، وهو نفس ما كتبت عنه غريس هالسيل في النبوءة والسياسة، حيث حدث تحول جذري للرؤية الكاثوليكية السابقة، سواء في الموقف من اليهود أو في تفسير التوراة [ سفر الرؤيا على سبيل المثال] ، وهذه التغيرات اللاهوتية هي التي روّجت لفكرة الشعب المختار والوطن القومي لليهود قبل مؤتمر بازل، حتى غدت فلسطين أرضًا يهودية في المخيال البروتستانتي ، وهذا على حد قول ريجينا الشريف بدعة من بدع الإصلاح البروتستانتي ، وأنا إذا كنت قد وصفت لوثر مؤسس البروتستانيتة في مراجعتي لكتاب مدخل إلى التاريخ الأوروبي الحديث للدكتور مخزوم بأنه " براجماتي " في موقفه المتضارب من ثورات الفلاحين ، فإن المؤلفة هنا تصفه بعدم التسامح الذي يصل إلى حد التعصب.
ستتكلم المؤلفة عن أشد أشكال البروتستانتينية تطرفًا وهي الييوريتانية الإنجليزية التي نادت بعودة اليهود إلى فلسطين، وقد أصبحت هذه الفكرة تستعمل فيما بعد كستار للمصالح الاستعمارية في فلسطين، وهذا الكلام هو نفس كلام بربارة تخمان عن التزاوج بين الربح الاستعماري والميراث اللاهوتي .
على كل حال الأفكار الصهيونية التي وضعها غير اليهود والتي ظهرت في إنجلترا الييوريتالية استمرت إلى عصر العقل، بل يؤكد الكتاب أن مناصرة الصهيونية ظهرت في كتابات فلاسفة وعلماء القرنين السابع عشر والثامن عشر مثل جون لوك ونيوتن وكانط، بل ستذكر المؤلفة خطاب نابليون إلى اليهود ومخاطبته لهم ب " ورثة فلسطين الشرعيين" ومن ثم ستعتبره أول رجل دولة يقترح إقامة دولة يهودية في فلسطين قبل وعد بلفور ب ١١٨سنة.
لم تكن فكرة البعث القومي اليهودي مقتصرة على نابليون أو فرنسا، بل بعد ذلك تبناها بالمرستون وزير الخارجية البريطاني ، وكذا تشرشل ثم تشامبرلين وبلفور ولويد جورج، وهؤلاء يصفهم الكتاب بأنهم صهاينة مخلصون في صهيونيتهم حتى ولو لم يكونوا يهودًا؛ مما دفع ريجينا الشريف إلى القول بأن الصهيونية أصبحت فرعًا من الاستعمار البريطاني .
إن هذا ينفي فكرة أن وعد بلفور هو مكافأة لوايزمان على خدماته للمجهود الحربي البريطاني، هذا ليس كل شيء على كل حال، بل ما تحاجج فيه المؤلفة أن الصهيونية اقتناع وأيديولوجيا عند الساسة البريطانيين حتى لقد عزا لويد جورج صهيونيته إلى وايزمان عندما قال " لقد اهتديت على يديه ، لقد حولني للصهيونية " .
ولما حملت الراية الاستعمارية أمريكا ستجد نفس التعاطف الأيديولوجي حاضرًا من ولسن مرورا بروزفلت إلى ترومان، وتقول المؤلفة أن اعتراف ترومان عام ١٩٤٨ بالدولة اليهودية نابع من صهيونيته أكثر من مجرد كونه دعاية سياسية، بالنهاية هو كتاب مهم لأنه يفند أسطورة التأييد الغربي للصهاينة الذي يتم إرجاع تأثيره إلى اللوبي الصهيوني ، فالأمر متجذر لاهوتيًا في بنية البروتستانتية.
كتاب مهم، يسلط الضوء على الجذور الدينية والروحية للصهيونية في المجتمع الغربي، وكيفية توارثها من جيل إلى جيل حتى أصبحت ضمن إطار الصوابية السياسية في المجتمع الغربي. كما يسلط الضوء على انتقال ظاهرة التصهين من مجرد كونها وجهة نظر لقس أو لرجل شارع عادي إلى دوائر النفوذ وصنع القرار في البلاد الغربية، ويوضح -خلافاً للمعتقد الشائع أن علاقة الغرب بالكيان الصهيوني علاقة مادية بحتة يحركها رأس المال اليهودي واللوبيات الصهيونية- أن الخلفية الدينية لبعض القادة الغربيين كان لبعضها بالغ الأثر في المواقف التي اتخذها تجاه المسألة اليهودية والقضية الفلسطينية بشكل عام.
كتاب عظيم لا شك ويوسع آفاق القاريء العربي على أمور لم تخطر بباله فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، وإن عاب الكتاب تكرار بعض الأفكار والتأكيد عليها أحياناً بشكل مبالغ فيه.
سرد تاريخي لجذور فكرة "الصهيونية" حتى الوصول لعام 1985 وبدء تعرّي اسرائيل أمام اللوبي الغربي من بعد حرب لبنان. وأعتقد أن التعرية زادت يوم بعد يوم وصولًا لأكتوبر 2023.
كتاب مهم في مجاله، فيه كثير من التفاصيل وسرد لمرجعية خلفية كل شخصية محورية في ملف الصهيونية. والأهم هو التأكيد على استمرار فكرة "الاستعمار" الأوربي من خلال إسرائيل، وأن الصهيونية بدأت من المسحيين قبل اليهود تقريبًا.
لقد لاحظت ان الدكتور عبدالوهاب المسيري قد ذكر هذا الكتاب عدة مرات في مصادر كتبه عن اليهودية والصهيونية، لذلك بحثت عنه لأقرأه… وهو فعلا كتاب ممتاز وفيه معلومات شاملة ووافية ومن عشرات المصادر عن الموضوع من كتب وابحاث ومذكرات، لقد استفدت كثيرا من هذا الكتاب لكن تعليقي الوحيد هو سوء الترجمة والأخطاء الإملائية الكثيرة… لا ادري إذا كنت سأستطيع ايجاد الكتاب الأصلي وقراءته بالإنجليزية… ترجع جذور الصهيونية غير اليهودية الى حركة الإصلاح الديني البروتستانتي، حيث حدث تحول جذري في تفسير ورؤية العهد القديم عن الرؤية الكاثوليكية السابقة. وتستعرض المؤلفة البيوريتانية، وهي من اشد أشكال البروتستانتية تطرفا… والتي ظهرت واستمرت في إنجلترا، وروجت لفكرة عودة الشعب المختار الى فلسطين وتحقيق النبوءة التوراتية والعصر الألفي السعيد… سأقتبس من الصفحة ١٦٢ الأفكار الأساسية للكتاب: "ان الفهم الواضح لظاهرة الصهيونية غير اليهودية بمنظورها التاريخي الكامل تمكننا من خلع قناع أسطورة الصهيونية ورؤيتها على حقيقتها الأساسية وهي انها نتاج الفلسفات الأوروبية العنصرية والاستعمارية. لم تكن الصهيونية في أساسها حركة يهودية متميزة، وكانت تواجه معارضة اليهود المتدينين الذين انكروا محاولة إعطاء ابعاد جغرافية للمملكة الروحية من جهة، كما كانت تواجه من جهة أخرى معارضة من جانب اليهود الداعين للحقوق المدنية الذين كانوا يسعون الى الخلاص الكامل وسياسات الهجرة المفتوحة. ومع مطلع هذا القرن كان الاستعمار الصهيوني لفلسطين جزءا من الحركة الاستعمارية الأوروبية الكبرى، فالصهيونية- شأنها في ذلك شأن اللاسامية والنازية والتمييز العنصري - كانت جزءا أساسياً من الثقافة الفكرية والسياسية الأوروبية وذات جذور تمتد الى ابعد من القرنين التاسع عشر والعشرين. والصهيونية بمظهرها غير اليهودي تكشف بوضوح عن الارتباط الوثيق بين الصهيونية والعنصرية واللاسامية والنازية والتمييز العنصرية".
مراجعة كتاب الصهيونية غير اليهودية - جذورها في التاريخ الغربي لمؤلفته ريجينا الشريف
هل تواجدنا إلكترونياً كافي لندعم القضية الفلسطينية ولا لازم نفهم الموضوع من الآخر وبالمختصر
بهاد الفيديو رح نحكي عن أهم النقاط الشائكة في الصهيونية من اضطهاد اليهود في أوروبا إلى تصديرهم لفلسطين باسم الأفكار القومية والدينية، ولكن شو كان موقف اليهود من المشروع الصهيوني وليش تعرضوا للاضطهاد في أوروبا ،هل هاي مشكلتنا ولا مشكلة الدول الأوروبية ؟ هل معاداة الصهيونية هي نفسها معاداة السامية ؟ وليش الغرب المسيحي بدعم المشروع الصهيوني بعد ما كان اليهود يتعرضوا للإضطهاد كونهم أقلية يهودية في وسط مسيحي وشو علاقة حركة الاصلاح الديني البروتستانتي بتغيّر الموقف المسيحي تجاه الصهيونية ّ؟
من الكتب الهامة التي تتعرض إلى جذور الفكرة الصهيونية في التفكير الغربي والعلاقة بين اللاسامية والصهيونية والعداء بين اليهودية المندمجة والصهيونية وكيف أن الصهيونية كفكرة جاءت خلا بمجموعة من المشاكل في العالم الغربي و الأهم أن الكتاب يبينوجه. نظر العالم الغربي إلى الشعوب غير البيضاء بشكل عام واعرب بشكل خاص
تُعَرِّفُ الكاتبة ( الصهيونية غير اليهودية ) بأنها مجموعة من المعتقدات المنتشرة بين غير اليهود والتي تهدف إلى تأييد قيام دولة قومية يهودية في فلسطين بوصفها حقا لليهود. وعلى ذلك فالصهيونيون غير اليهود - حسب رأيها - هم أولئك الذين يؤيدون أهداف الصهيونية ويشجعونها بشكل صريح أو مقنع.
وتؤكد الكاتبة أن الفهم العميق لهذه الظاهرة يظهر بجلاء أن الصهيونية ارتبطت منذ بدايتها ارتباطا عضويا بالاستعمار الغربي، وأنها تحمل نفس مبادئ التفرقة العنصرية الإستعمارية.
لقد حددت الكاتبة في دراستها للصهيونية غير اليهودية مجموعة من الأفكار التي أصبحت أساس فرضيات الصهيونية السياسية الحديثة، وتتبعت أصلها منذ بدايات التاريخ الأوروبي الحديث في القرن السادس عشر. لقد طور غير اليهود فكرة أن اليهود يشكلون أمة مستقلة، وأنهم كانوا أمة فيما مضى، وسيكونون أمة من جديد بالمعنى الحديث للكلمة، وكان ذلك منسجما مع الفكرة البروتستانتية عن الكنيسة القومية. وعندما حلت عقيدة الإصطفائية البروتستانتية محل عقيدة الخلاصيين الكاثوليكية أصبحت اليهودية كدين قومي للشعب اليهودي مقبولا في أوروبا.
وترى الكاتبة أنه وفقا للتفسير ��لبروتستانتي للتوراة أصبح يُنْظَرُ إلى فلسطين على أنها وطن لكل اليهود. وهكذا تطورت الأسطورة القائلة: إن اليهود خارج فلسطين غرباء مبعدون عن وطنهم القومي. ومما ساعد على تطوير أسطورة بعث إسرائيل مذهب العصمة الحرفية التوراتي وهو أحد ثمار الفلسفة البروتستانتية، ورسخ في الأذهان أن هناك علاقة قومية بين أرض فلسطين والشعب اليهودي باعتباره السلالة المباشرة لقبائل إسرائيل العبرانية القديمة. وكان الفقه البروتستانتي المسيحي هو الذي رسخ التواصل المستمر بين الأرض والشعب.
تقول الكاتبة : " لقد كانت فكرة إعادة اليهود إلى فلسطين كأمة فكرة شائعة خلال القرون الأر��عة للتاريخ الأوروبي الحديث، وكانت ماثلة باستمرار في الثقافة الغربية الحديثة: في المجال الروحي أولا، ثم في المجال السياسي الدنيوي بعد ذلك. وكانت هذه الفكرة رئيسة في بعض الفترات وهامشية في فترات أخرى، ولكنها كانت موجودة دائماً، وتعزز الموقف الفكري السائد الذي يربط بين اليهود وفلسطين. " ص: 269-270
لقد كانت الأسطورة القائلة إن فلسطين وطن الأجداد لكل اليهود تعيش في خيال معظم المسيحيين في أواخر القرن التاسع عشر، ولا تزال واضحة حتى اليوم في تأييد الغرب الواضح لإسرائيل.
وكمثال على ذلك تذكر الكاتبة أن غالبية الأمريكيين سواء أكانوا من صناع القرار السياسي أم لم يكونوا، يجدون محاكاة لصورتهم في وجود إسرائيل. إنهم يعتبرون قضية إسرائيل مسألة أخلاقية ودينية تحظى باهتمام شخصي عميق، وهم يعتقدون أن إسرائيل لا ينبغي أن تحيا فحسب، بل تحيا كدولة يهودية.
وللقارئ أن يجيب بكل سهولة بعد قراءته للكتاب عن السؤال الذي يطرحه العرب دائما : لماذا تحظى إسرائيل بكل هذا الدعم في أمريكا وأوربا؟
الكتاب هذا اجاب عن تساؤل مهم وهو لماذا يدعم الغرب المسيحي إسرائيل اليهودية، في أمريكا مثلا هل تدعم أمريكا إسرائيل بسبب قوة اللوبي هناك فقط؟ والاجابة هي ليست بهذه البساطة، فلطالما ارتبطت الصهيونية بالعهد القديم منذ مئات السنين قبل هيرتزل بكثير. فلقد سارت المحدثة بالخط الزمني مع الصهيونية، منذ بدايتها وحتى زمن كتابة الكتاب، فاستعرضت آراء شخصيات تاريخية كثيرة عن موقفها من الصهيونية وهنا يقول لوثر كنج :"من الذي يحول دون اليهود وعودتهم إلى أرضهم في يهودا؟ لا أحد. إننا سنزودهم بكل ما يحتاجونه لرحلتهم لا لشيء إلا لنتخلص منهم. إنهم عبء ثقيل علينا وهم بلاء وجودنا."
لطالما سمعنا بمقولة "أرض بلا شعب لشعب بلا أرض" وتسائلت عن أصلها بعدما قرأت كتاب "الصراع العربي الإسرائيلي" وهنا وجدت ضالتي فلقد كتب اللورد شافتسبري الانجليزي الذي قال :"وطن بلا شعب لشعب بلا وطن" الذي أيد انتقال اليهود إلى فلسطين، ولكن على الرغم من صهيونيته إلى أنه كما يبدو معادٍ للسامية -كما هي عادة الصهيونيين المسيحيين سابقا- فكما قال:"ليسوا أهلا للخلاص فحسب ولكنهم عنصر حيوي في أنجال المسيحية بالخلاص بالرغم من أنهم متعجرفون، سود القلوب ومنغمسون في الانحطاط الخلقي والعناد والجهل في الإنجيل"، كما أنه هاجم قانون التحرر الكامل عام ١٨٥٨م. وبلفور -هو أحد أبرز الصهاينة الذي وعد اليهود بأرض فلسطين- فقد ناضل من أجل الإقرار بقانون الغرباء عام ١٩٠٥م، الذي يُحد من هجرة اليهود من أوروبا الشرقية بسبب "الويلات الكثير التي أصابت البلاد نتيجة هجرة كانت يهودي في معظمها"، كذلك طلب حاييم وايزمان - أول رئيس لإسرائيل - بعقد صفقة مع النازيين تساعد اليهود على الهجرة من ألمانيا. لم تنس المؤلفة ذكر العلاقة بين جنوب أفريقيا وإسرائيل الطيبة، فهي من أولى الدول التي اعترفت بإسرائيل، فقد برزت العلاقة بين الجنرال جان كريستيان سمتس وحاييم وايزمان، إلا أن إسرائيل صوتت ضدهم في الجمعية العامة للأمم المتحدة لإدانته جنوب أفريقيا في تمييزيها العنصري! فقد فضحهارئيس الوزراء الجنوب أفريقي قائلًا: لقد أخذ الصهيونيون إسرائيل من العرب بعد أن عاشوا فيها ألف عام ... إن إسرائيل دولة عنصرية كجنوب أفريقيا."، ولكن ما لبث هذه الخلافات حتى عادت العلاقة الحميمة بينهم.
ريجينا الشريف تبين جذور الصهيونية في الدين المسيحي، ورجال الدين المصلحين(كلوثر) ورجالات السياسة(كنابليون) الذين دعموا الصهاينة والفكر الصهيوني. الكتاب تاريخي وموضوعاته ثرية ومتنوعة، وإن كان يميل للسرد في أغلب صفحاته،إلا أن المؤلفة لا تكتفي بهذا السرد،وإنما تمّحص المرويات التاريخية وتنتقدها، كما أن اللغة التي تستخدمها المؤلفة بسيطة وغير معقدة. كذلك فأن الكتاب مليء بالاقتباسات من النصوص الدينية اليهودية والمسيحية والوثائق التاريخية،والتي تدعم بها المؤلفة وجهة نظرها بالحركة الصهيونية. أنصح بقراءته لمن يريد معرفة لماذا للحركة الصهيونية العالمية كل هذا النفوذ في الأوساط الغربية الرسمية والنخبوية.
كشفت المؤلفة عن حقائق الصهاينة وسبب رغبتهم في استعمار فلسطين ولماذا استعمرو الدول المجاورة لها فقد كان نابليون هو اول من دعى للصهيونية وهم سبب العنصرية وأساسها(عصابة دولية) والغريب والمضحك اتهام الصهيونية اللايهودية لليهود أنفسهم انهم جبناء. صهيونية = اللاسامية = ذاتي ومصالحي انا فقط . فهذا مبدأهم ولاحظت استدلال المؤلفة على نصوص من الكتب التوراتية والإنجيل واعتمدت على السرد ورواية بعض القصص (ممل لكن استفدت منه )
كتاب مدهش ومهم جدا دراسة بحثية عن الصهيونية تصلح للقاريء العادي الغير متخصص. عرض سلس لجذور الصهيونية في الفكر الغربي الغير اليهودي، وتفسير مقنع للهيمنة الفكرية للصهيونية على الدول الغربية خاصة أمريكا وبريطانيا
لطالما نعتقد دائما أن الصهيونية مرتبطة فقط بالعنصر اليهودي..إلا أن بداياتها الحقيقية انطلقت منذ عصر النهضة الأوروبي وفترة الاصلاح الديني وتشكل المذهب البروتستاني المسيحي
فهم التاريخ أساس فهم الحاضر، فالحاضر امتداد للتاريخ.. وهذا الكتاب يضع يده على مسألة مهمة جدا من التاريخ، هي مسألة الصهيونية غير اليهودية أو الصهيونية المسيحية، وكيف نمت وتطورت خلال التاريخ الغربي الحديث.
تطرح الكاتبة في أول الكتاب سؤال لماذا كانت إنجلترا وأمريكا أكثر داعمتين للصهيونية؟ وتجيب عنه جوابًا تاريخيًّا باستعراض أوّلًا التحول الديني الثقافي بظهور البروتستانتية التي أدت لتحوّل وعي المجتمع الغربي تجاه اليهود، والتي كانت تتبع التفسير الحرفي للعهد القديم فترى أن اليهود المعاصرين امتداد للعبرانيين القدامى وأنه لا بد من عودتهم للأرض المقدسة لأجل العصر الألفي السعيد، ثم مع تغلغل المعتقد داخل المجتمع تسرب للسياسة لأجل المصالح النفعية ونصرة للمعتقدات المجتمعية أيضا، وكان هذا كله سابقا لهرتزل والصهيونية اليهودية بما يزيد عن ثلاثة قرون، وهو الذي مهّد الأرضية لها.. ثم تستعرض بشكل موجز التاريخ الحديث لإنجلترا وأمريكا، وعد بلفور، الرؤساء وتعاملهم مع الصهيونية، وتعامل المجتمع معها.. ثانيًا الصهيونية نظام استعماري عنصري لهذا فهو متصل بكل الأنظمة الاستعمارية التي هو بذرة من بذورها، وبكل الأنظمة العنصرية التي تشبهه وإن تخالفوا ظاهريا، تعرض الكاتبة اتفاقات في الهدف والرؤية لكل من اللاسامية والنازية ونظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا والتي كان لها تحالفات مشتركة حقيقية مع الصهيونية.. ثالثًا حالة فلسطين اليوم وما الذي يجب على الغربي والعربي فهمه للتخلص من قيد الصهيونية الذي يقيدهما كلاهما وإن كان طبعا بطرق مختلفة.
تقول الكاتبة أن الكتاب مبسط والمستهدف به هو القارئ العادي.. لكنه مع ذلك مفيد جدا أيضًا وغني بالمادة التاريخية التي توضح الواقع وتشرحه.. ونحن الآن في أمس الحاجة للشرح والتوضيح.. بالمناسبة، الكتاب كُتِب 1985 أي بعد الاجتياح الإسرائيلي للبنان، وقد كانت تعتقد الكاتبة أن جرائم إسرائيل تغيِّر نظرة العالم لها، يفتضح كذبها وكذب مواليها ما تصنع أيديهم.. الآن 2025 إسرائيل تقتل الفلسطينين بشراهة في غزة، الآن يجب أن تتغير النظرة أيضًا وتكذّب هي ومن معها من الأفاقين الذين يدعون أنها داعية سلام.