لِفَرْط ما أحْذِفُ النَّهاراتِ لَمْ يبقَ مِنّي إلّا كائنُ ٱلأرَق، شبيهي، ٱلّذي يَحْسَبُ أنَّ ٱلوَقْتَ يَمضي ٳذا مَشَيْتَهُ مِراراً مِنَ ٱلبابِ ٳلى النّافذة، من النّافِذَةِ ٳلى النّافِذَةِ، ولا أُدْرِكُ جَدْواه. لِفَرْط ما أُحاوِلُ نِسْيانَ ٱلوقتِ أقَعُ في خَطَأ الانْتِظارِ وأعْلَمُ أنَّ مَنْ هو مِثْلي لا يَنْتَظرُ شَيْئاً ولا يَرْغَبُ في شَيء، لأنَّ ٱلأشياء قاطبَةً تُقيمُ في نَهارات أحذِفُها لكَيْ لا يبقى مِنّي ٳلّا رَميمُ ٱلأرَقِ، شبيهي، ٱلَّذي ما عَرَفْتُ سواه.
/
الدواوين التي يشتمل عليها : مُعجم الأشواق حكاية الرجل الذي أحب الكناري بضعة أشياء كتاب الرمل ألبوم العائلة يليه العابر في منظر ليلي لإدوارد هوبر تفسير الرخام
حصل على الإجازة التعليمية في الفلسفة العامة من الجامعة اللبنانية، وتابع دراسته العليا في باريس حيث حصل على دبلوم الدراسات المعمقة في الفلسفة.
عمل في الصحافة منذ عام 1979 فكتب للنداء (1979 ـ 1982) ثم للنهار (1978 ـ 1990)، وهو أحد مؤسسي الملحق الأدبي الأسبوعي لجريدة النهار.
يعمل منذ 1999 كمحرر وكاتب في "نوافذ" الملحق الثقافي الأسبوعي لجريدة المستقبل.
له مساهمات نقدية وأبحاث وترجمات نشرت في عدد من الصحف والمجلات العربية.
شارك في عدد من الندوات حول الشعر والثقافة العربيين في عمان وباريس ولوديف وكوبنهاغن.
لعل أبرز ما يميز شعر بسام حجار هو هذه القدرة على استلهام اليومي على نحو تبدو معه التجربة (الشعرية) تعبيراً عن علاقات وصور ذات ملامح محددة ومباشرة. إلا أن هذه العلاقات التي تتبادر إلينا من "أمكنة" خارجية مألوفة سوف تظهر في الغالب كارتدادات (مأسوية!) لما تنطوي عليه علاقتنا بالعالم. فالأشياء الصغيرة والعلاقات الجزئية تبدو مهددة في مواضعها الرتيبة والمفاجئة في آن.
كتب عن بسام حجار عدد من النقاد والشعراء أبرزهم: كمال أبو ديب، عبده وازن، حسن داود، عباس بيضون، صبحي حديدي.
مؤلفاته الشعرية:
- مشاغل رجل هادىء جداً ـ دار العالم الجديد ـ بيروت 1980
- لأروي كمن يخاف أن يرى ـ دار المطبوعات الشرقية ـ بيروت 1985
- "فقد لو يدك" ـ دار الفارابي ـ بيروت 1990
- "مهن القسوة" ـ دار الفارابي ـ بيروت 1993 - "حكاية الرجل الذي أحب الكناري" ـ دار الجديد ـ بيروت 1996 - "بضعة أشياء" ـ دار الجمل ـ بيروت 2000، "سوف تحيا من بعدي" (مختارات) ـ المركز الثقافي العربي ـ بيروت ـ الدار البيضاء ـ 2002، - "ألبوم العائلة يليه العابر في منظر ليلي" لإدوارد هوبر ـ المركز الثقافي العربي ـ بيروت ـ الدار البيضاء ـ 2003.
وله أيضاً:
"صحبة الظلال" ـ دار ميريام ـ بيروت 1992، "معجم الأشواق" ـ المركز الثقافي العربي ـ بيروت ـ الدار البيضاء، - "مجرد تعب" ـ دار النهار ـ بيروت 1994، "مديح الخيانة" ـ المركز الثقافي العربي ـ بيروت ـ الدار البيضاء 1997. - "البوم العائلة" و"تفسير الرخام" (2008). كما قام بترجمة عدد من الكتب الأدبية والفكرية.
انتهت الأعمال الشعرية الكاملة لبسام حجّار..الجزء الثاني، وبذلك أُنهي المشروع الشعري الاول لهذا العام، عسى أن أستطيع إنهاء مشاريع شعرية اخرى.
يضم الكتاب دواوينًا سِت: 1- معجم الأشواق: عمل جميل وان كنت استغربت وجوده ضمن الأعمال الشعرية لغة جميلة، عذبة، راقية وأسلوب نثري صوفي فريد. "فالدمع، إذ يذرفه العاشق غزيرًا، لا يكون إلا عوض اللفظ إذا أعياه اللفظ!"
"ولا يقنع العاشق بأقل من " الدهر " زمنًا لولهٍ يستبد به أو شغف، لذلك تراه يقيم على تطلب وإرجاء ، تطلب الرقة، وإرجاء الرغبة ودفعها لا يريد لها زوالًا، بل تعاظمًا واتقادًا خفيرين إلى أن يحين الوصل."
"في اللّقاءِ عبارةٌ واحدةٌ هي كلّ العباراتِ: أشتاقُ إليك، و لا تحتمِل في وجهٍ مِنْ الأوجه زيادةً أو إضافةً. إذ لا يعرف العاشق لاشتياقِه مِقدارًا"
ما لا يُقال هو تمام معجم الأشواق.
2- حكاية الرجل الذي أحبّ الكناري: يوان تصح عليه صفة الغرابة قبل اي شي آخر!
"وقال: مات الكناريّ وقد أطعمته ما يطعم، وحادثتُه طويلاً، وحنوتُ عليه. غيرَ أن الكناري مات لأنّه وحيد! ولأنه أراد أن يموت! ليس قدراً أن تغادرَ هاهُنا..بل أن تريد! قل: رأيتُ ما يكفي. وسمعتُ ما يكفي. وعشتُ ما يكفي. ما عدتُ أريد. واتْبعْني".
3- بضعة أشياء:
سحري..هادئ..وعميق!
"بضعة أشياء أعرفها وحدي جعلتني أبكي ولم أكن خائفاً ولم أكن يائسًا لكني بكيت"
"أعدك أن أنام غير أني متعب والمشقة في قلبي لا في الطريق والعتم في عينيّ في سمعي في الأعوام التي توالت عاما بعد عام ولم أرَ"
4- كتاب الرمل: لا يمكن ان يُطلق عليه ديوان بالمعنى الفعلي !
"اسأله: أهو حلمك الذي جعل طريقينا واحدةً في اليقين؟ يقول: لا أدري، ولكنّي مشيت ولم تكن هناك طريق مشيت فصار المشيُ هو الطريق أسأل: إذًا الى أين تذهب؟ يقول: إلى قلبي، إذا كان قلبي مكانًا. سألتُ ولم يدُلني أحد فربما كانت الطريق قلبك وربّما كان قلبكَ هو الطريق".
5- البوم العائلة: ألبوم العائلة هو تشريح للصورة بعد أن يتم اخذها، فوراء الضحكات والنظرات والابتسامات الثابتة بالصورة بعد التقاطها الكثير ممّا يُمكن قوله! ديوان جميل وهادئ وحنون، واحدة من أجمل قراءاتي لبسّام حجّار
"كان يكفي أن أحكي لنفسي حكاية الرجل الذي نام مُستلقيًا على الكنبة واستيقظ حين شاء في ختام هذه القصيدة غير أني من بين أشياء أخرى لم أكن شاعرًا لم أكن..شاعرًا..فحسب".
" كنت في الصورة الكبيرة على الجدار الغربي لردهة الجلوس..مبتسمًا محدّقًا في الجدار المقابل وحدي معهم أو من دونهم وحدي".
6-تفسير الرخام:
يا عيني عليك يا بسام، على رقتك وعذوبتك وجمال كلماتك! دخلت بكل أناقة الى قائمة شعرائي المفضلين مع وديع سعادة وعدنان الصائغ.
"لا أُبالي -حينَ أنظرُ، ساهيًا- بأيّامٍ كان ينبغي أن أحياها، أو يحياها الظلّ الذي كُنته، أو ذاكَ الذي كانَ بصحبتي، لأعوامٍ -وتنقضي الأعوامُ- كحوارٍ صامتٍ، كحافلةٍ مسرعةٍ أمامي، مكتّظة بالمقيمينَ من دوني، هنا، أو هناك كأنها ذكرياتُ الشخصِ الذي وددتُ أن أكونه كأنها ذكرياتٌ قرأتها في كتابٍ ثمّ فقدته كتاب استعارهُ صديق ثمّ فقدته".
بسّام حجار هو أحد اثنين تمنيت أن أقابلهم في حياتي، واتحدث معهما، هو ونجيب محفوظ، وإن كنت سأظل صامتا في حضرة محفوظ مستمعا له، فإني كنت أود لو أجلس مع بسّام لأحدثه، أحدثه عن تلك الليالي التي ظللت فيها أقرأ ما كتب، وكأن روحه حلّت في سطور وكلمات قادرة على أن تقتلك، تقتلك بما هو عادي، حتى ديوانه الأقرب لقلبي كان عاديًا في عنوانه: مجرد تعب. تعبٌ كمِثلِ أن تنتبهَ فجأةً وتجد أنك في المكان الخطأ في اليوم الخطأوتجد أنك، نفسك، الرجل الخطأ. ومع ذلك تتظاهر بأن ما وجدته في هذه الأخطاء كلها هو الصواب الذي أتاح لك أن تحيا إلى الآن،وحين تنهار الأشياء من حولك، وتقيمُ على العتبة طويلاً وكثيرًا وبإفراطٍ ما بعده إفراط، تَحسبُ أنه مُجرد تَعَب.
ثم أجلس بجانبه في أريكة، وأقول له أنه صوّر حلما دائما ما يزورني يقول هو فيه:
شأن آخر أن تحشد في رأسك كل مساء الرغبات والدوافع والأسباب، مهما كانت صغيرة وتافهة، التي تجعلك قادرًا على النوم بشجاعة لتنهض في الصباح التالي بشجاعة مماثلة، أقصد: في الدقائق القليلة التي تسبق النوم أو الأرق، عندما تقول، وأنت مدرك فعلتك: إن لديك من تحبهم أولا، الوجه الذي يبتسم لك ما إن تفتح عينيك واليد التي تمسح جبينك والقبلة على الخد أو الجبين. ثم لديك ما تفعله، لا بل الكثير مما ينبغي أن تفعله، كأن تنهض مبتسما وتغسل أسنانك وتستحم ثم تشرب القهوة وأنت تقاوم الرغبة القاتلة في التدخين، ثم ترتدي ثيابك وقبل أن تغادر ترفع الستار وتلقي نظرة إلى الخارج وتطمئن: كل شيء يدعوك إلى مزاولة عيش عادي لا يتطلب منك أي جهد.
إلى بسام حجار: أينما حلّت روحه، ومكان ما يوجد الآن وأي عالم اختار الإقامة فيه، سلاما طويلا، وقبلة على الجبين آملا منها أن تنقل مقدار مودتي وحبي وامتناني.
إن أبصرت فأبصر بقلبك، وأصغِ إذا رأيت. / كُن غريبي يا سيد . لم أهتدِ ، في اتساع يبددني ، إلى وثن الشفاء ، لا وثن لي ولا ملاذ . / الطريق في العادة لا تشير إلى جهة بل تُفضي إليها . / لمَ لا تحيا ؟ - نسيت وما النسيان ؟ - نعمة أن تفرح، ونعمة أن تحزن ، ونعمة أن تكون لا شيء / سألت ولم يدلني أحد . فربما كانت الطريق قلبك ، وربما كان قلبك هو الطريق / / لمن أترك حماقة أن أحبك وأحيا؟ لمن أترك غيابك؟ / وغيابك هو الذي يجعلني حاضرًا في كل شيء إلا في تمام رجائي ورغبتي ، لا أصحو منك إلا بالنسيان ، مؤقتًا ، أخالط الصخب أو أزاول عملًا و أحسب أني شفيت إذ يستردني شأن الحياة ، غيابك ينتشلني من الغيبة حيال العالم لكنه يرميني في الغيبة حيال الأنا ، أنا العاشق الذي يتعين بالإضافة ، وفقط بالإضافة إليك ، وغيابك هو انتظاري ، فناء الصمت الذي يُنسج فيه خبر اللقاء المقبل . / الحقيقة أن الحديث قد لا يفي والاقتباسات التي كتبتها هنا قليلة جدًا عن الحقيقة وتظل قراءتي لبسام حجار من أمتع الأوقات بالنسبة لي وسأعود إليه مرة أخرى سأحب دومًا أن أعود . . قراءة أولى ٨ يناير ٢٠١٩ /
تحديث عدتُ إليه مرة أخرى فعلاً كما قلت . قراءة ثانية ٢٤ ستبمر ٢٠٢١
القراءة لبسّام حجّار هي تجوّل في أروقة القلب، دون خوف من أحزانه وآلامه؛ لسكونٍ ممزوج بعذوبة خاصة. ورغم ما تحمله كلماته من مشاعر الفقد والأسى، تظل الألفة والسكينة أعلى منها جميعاً.
كتب بسّام عن الهشاشة والصّمت، عن الغياب والعائلة، وصعّد عمارة شعره على لبنة الفكر والفلسفة والإرث العالمي للشّعر، مُستندًا إلى ثقافة ورؤيا لا تعوزها اليقظة. هو شاعر القلة بمعنى أنه شاعر العمق لا الوفرة، الهمس لا الصراخ. قد تكون موضوعاته محدودة، لكنه عالجها بأنماط متنوعة من قصيدة النثر جعلت قصيدته حيوية ومرنة إزاء قارئ متباين المستوى. كان يتعامل مع اللغة بوصفها تجربة عيش. شعرُ بسّام فرصة لمراقبة التجربة المعاشة وهي تتحول إلى لغة. ولهذا فهي تجمع بين البساطة والعمق في آنٍ واحد. الدواوين التي يشتمل عليها : مشاغل رجل هاديء جدًا لأروي كمن يخاف أن يرى فقط لو يدك صحبة الظلال مهن القسوة مُجرد تعب ما الذي يفعله الشعر فينا ؟ ما الذي يتركه الشعر في أرواحنا ؟ من أين جاء الشعر ... وإلي أين يأخذنا ؟ في الحقيقية عاجزه عن الإجابة علي تلك التساؤلات كلما قرأت شعر يستحق القراءة ، هذة الأعم��ل تندرج تحت الشعر الذي يصعب وصفه ... أتركم مع أقتباسات منه لتدركوا كم هي أشعار بسام حجار رائعه جدًا
"مٓن يعرف الشتاء مثلي لا يحزن. يَجمع الحطبَ الذي في قلبه يتدفأ ، ويحترق" " قُل أنك لا تعلم لماذا لا ترغب في الذهاب ، وأنك فقط ينتابك إحساس بالخوف ،لا لأنك تخاف على شيء ما ،على نفسك مثلًا ، بل لأنك لا تحتمل الخوف ، لأن قلبك ضعيف لم يألف الحروب بعد ." "يعرف أن النسيان حال من من يقيم على الحافة معلقًا في الفراغ ." "هذا سراب ، أن يكون بيننا ما يجعمنا نبض بنبض هُنا "وأن نبتعد في الصباح "قالَ ٳنَّه مُتْعَبٌ وٳنَّه أصْبَحَ في آخِرِ ٱلعُمْرِ فَما جَدْوى أنْ يَبْتَهِجَ لِشَيء
وقالَ ٳنَّ ضَوْءَ النَّهارِ يُؤلِمُ عَيْنَيْه وٱلغُبارَ يُؤذي رئَتَيْه وَمَكَثَ في غُرْفَته يَجْلِسُ على حَافَّةِ السَّريرِ مُطْرِقًا وَقَدْ أسْنَدَ جِذْعَهُ بِساعِدَيْه، "قالَ ٳنَّه مُتْعَبٌ من أجمل الأعمال الشعرية التي قرأتها في الحقيقة رائع جدًا .
قال الملاك اتبعني وكنت اخاف الموحش والبري اخاف الطريق زاهدا بين الحصي و الرمل و الاشواك قال اتبعني وما احببت شيئاً الا اماتني واحياني كطيف ثم صار غريبي ورأيت البستاني الذي انبت اربعون عاما من خوفي وصيرها حطبا ورأيت البستاني في حلمي ورأيت قبر ابي قصيا في حلم البستاني ورأيتني في حلم ابي صبيا بعد ما اماتني الموت لكنه احياني طيفا واحياني ظلا يصحبه الملاك بعض الطريق وكنت اخاف العراء فقال الملاك اتبعني وكنت اخاف الظلام وكنت اخاف السماء شاغرة بعيدة والبيوت اذ تعتم نوافذها اخاف نوم الذين احببتهم حين قال الملاك النوم نسيان اعمق من الموت والموت نسيان
”ما كنت منذ البداية هكذا. أقصد لم يخلقني الله هكذا، وحيدًا ومتروكًا للحيرة إذ لا أجد من يصحبني وأكون ظلّه. ولكن ليتني أذكر بالدقة التي تتوخون كيف جرى لي ذلك فأصبحت ما أنا عليه الآن، أو منذ بعض الوقت.“
”أعدُك أن أنام غَير أَني مُتعَب والمشقّةُ في قلبي لا في الطريق والعتمُ في عينيَّ في سَمْعيَ في الأعوام التي توالت عاماً بعد عام ولم أرَ”
قُلت لابنتي: لا ترفعي السِّتار لا تفتحي الباب. لا تُعلِّقي هذه الشمس الغبيَّة على باب غُرفتكِ، فالشَّمشُ الَّتي تُعلقينها على الباب أو عند زاوية المكتبةِ أرقُّ من تلك التي ستُضيءُ نهاري، نهارك، نهار الباعة والموظَّفين، نهار العرق والرَّوائح والاختناق والسَّعي والصُّداع والمحادثة. قُلت لابنتي: لا ترفعي السِّتار. لقد مُتُّ في ساعات اللَّيلِ الأخيرة، ولن أستفيق. مُتُّ ضجراً ومُتُّ حزناً ومُتُّ موتاً. لا ترفعي السِّتارة أو تفتحي الباب أو تعلّقي ما يشبه الضَّوء في أرجاء الغابة. فهذا نهارٌ آخر، أعلم، وآخر أيضاً، أعلم، وماذا بعد؟
استثنائي في معجمه وفلسفته، يشكّل شخوص حكاياه وقصائده حتى تحسّك تراها، أو تعرفها، أو هي أنت، أو نسخة منك ترقبها عبر نوافذه .. تحسبه يرتّب ما يرتبك في داخلك .. حزنًا ويقينًا واعيًا. "يداعب الذّكريات بيد من يقين، مواساة ربما أو سلوان" هكذا كتب علي خضيّر مقدم الأعمال .. يصغي للغياب، يصغي للحياة، كتاباته إصغاء فريد لأصوات/أسئلة الأشياء الكامنة فيه، فينا، وأنت إذ تقرؤه تغدو مصغيًا لما يقال، وما لا يقال. "والحكاية هي ما يبقى، أو يزول، أو يروى، ليس يدري، لأن الكلام مشقّة!"
"بضعة أشياء أعرفها وحدي جعلتني أبكي ولم أكن خائفًا ولم أكن بائسًا لكنّي بكيت .."
"آسف لأخطاء هذي الحياة، لكني .. ما ملكت سواها"
"ولم أدر يومًا ماذا تقول لغةٌ وجدتّها مذهولةً في غضون عيشي، لم أدر يومًا ماذا أقول"
"ويبصر شخصَه مبتعدًا مبتعدًا ولا يرحل، مبتعدًا ولا يقيم"
"ولم يفسّر لي أحد معنى الأسى.."
"ولم أسرد حكاية حين أردت، بل ضوء على جدار"
"كأن صدى يتردّد في صوتي، وما عشت كان ذكريات، كان أثرًا، تلك الخطى التي مشيت محوًا، تلك الدّروب حياة أمس حانت وبقيت في أمس!"
"كانت تحدّق في المكان البعيد كأنّها تراني، وكنت أعلم، أني، هناك في المكان البعيد، حيث تراني"
"لم أنج حين نجوت، فالظلال هذر أحياء لهم وجوه من أحبّ، والصّمت غفير"
"وأدرك أنّك لست أنت من ينادي عليّ الآن، ليس خطوك في الرّواق، ليس حزنك ما يبكيني، وأعلم أن الأمور على ما يرام.."
لغة بسام دسمة ومُغرِقة، استمتعت كثيراً في هذه القراءة، وازداد يقيني بأن في الشعر روادٌ يعيدون تشكيل اللغة باختراعهم للمعنى، وبسام شاعرٌ جبَّار ابتكرَ مفهوماً جديداً للهمس.
يقول: "كأن تقول ليس اليد بل لمستها الأرقُّ من عناقٍ في جوارِ حكاية"
- في رواية لم يكذبها أحد منهم إلى الآن، أن عابري سبيل جاوزوا الخط سهواً، ولم يرهم أحد بعد ذلك . - وما أحببت شيئًا إلا أماتني وأحياني كطيف ثم صار غريبي . - أجر نهاري كعربة خيل ثقيلة. فلكل نهار حطامه، وما جمعته من النهارات إلى اليوم جبل أبذل يومي لإزاحته عن صدري بنعزقة. هي مهنتي ومهنة من هو مثلي، من الأحياء عابري سبيل . - سأكون ساهياً عني، كمن يمعن التفكير ، جالساً على مقعد الحجر البارد ، في ردهة الأسى الذي لا يشبه الأسى بل يشبه السهو الذي لا يرسي في الرأس أو العينين .
بسام حجار شاعر الحزن و الاكتئاب و الضعف و الانهزام من ارض الانطواء و الألم و الحزن العارم الجارف ، سعيد ببسام حجار جدا �� كان خير معين لفترة طويلة صعبة
لم يفسر لي أحدٌ ما الأسى!؟ ولا أدري إذا كنتُ أعتادُ الموت أو إذا كنتُ -في ظني- ملكاً يموت.
يرجع بعدها ويقول :
لا أدري ما شغف الحجر الذي ألم بي حجرٌ أبيض يروي سيرتي من فم التراب لم يفسر لي أحدٌ من قبل ما معنى التراب لو كنتُ ملكًا يموت، لأدركتُ معنى التراب ورسمت أولاً أنني ملكًا يموت لغسلتُ وجهي، وقلمت أظافري وسرحتُ شعري، وجعلتُ جنتي بجنب السرير كأشيائي الأخرى العباءة الصيفية الخفان علبة الدواء الساعة والنظارة والريموت الكوب والمناديل وصور الأبناء وقارورة العطر وناديتُ أبنتي لكي تطفئ الضوء وتترك الباب موارباً لكي أسمع -إذا غفوت- جلبة البيت من حولي لكي لا أكون على السرير ملكًا يموت بمفرده.