في لحظات الفراق الأخير.. نتمنّى أن يتوقّف الكون عن الدوران.. والزمان عن الرحيل. نتمنّى أن نطيل النّظر في أعين مَن نحبّ طويلًا.. نضمّهم قبل أن يضمّنا الفراق. نتمنّى أن نخبرهم بكلّ شيء يختلجنا بشكلٍ عشوائي.. يجتاحنا بلا ترتيب و لا أسباب. نتمنّى أن نخبرهم بما لم نخبرْهم به من قبْل, ولو لمرّة واحدة.. أن نعشقهم كما لوْ لم نعشقهم من قبل.. وألّا نصمت في هذه المرّة قبل الصّمت المحسوم
تتناول الكاتبة قضية حساسة في هذا الزمن عن طريق أبطالها الذي خضعوا لهذه التجربة تحت وطأة أمر استجد على العائلة حتى أصبح واقعا على الجميع أن يتقبله ولكن المفاجأة هو تحول تفكير كل شخصية من شخصيات الرواية ناحية الأمر والذي أصبح واجبا ومنطقيا من قبل بعضهم ومرفوضا من قبل البعض الأخر بالرغم من اقتناعهم به في البداية بل والتحفيز عليه .. تتصاعد المشكلة حتى ينتهي الأمر بمعالجة قد يراها البعض سلبية والبعض يراها منطقية ولكن يبقي في النهاية أن العمل تناول القضية بشكل جيد .. د/ هند تمتلك قلم مميز وأتمنى لها التوفيق في كل أعمالها القادمة بإذن الله ..
إن النظرة التي ينظر بها المجتمع للزواج تحتاج إلى إعادة ضبط مصنع، فالعادات التي تربى عليها ليست قرآن أو سنّة لتم اتباعه في كل الحالات، من أشهر هذه العادات؛ اذا كبرت الفتاة سنًا معينًا فقد فاتها قطار الزواج وما عليها سوى الرضا برجل كبير في السن ترعى له أولاده إن كان مطلقًا أو أرملًا، أو حتى تقبل بأن تكون زوجة ثانية، أما حقها في الزواج الطبيعي فهو حلم بعيد المنال وليس من حقها التفكير فيه ..
الإنسان وهو على مشارف الموت يشله التفكير ولا يعرف كيف يتصرف، ويبدأ الترتيب لما هو قادم عليه، وخصوصًا في الحالات المستعصية كالورم الخبيث الذي ما أن يصيب الإنسان تهبط حالته المعنوية ويبدأ في تجهيز نفسه لاستقبال الموت فاردًا ذراعيه على أخرهما، متناسيًا وجود أهم شيء، وهو خالق الداء نفسه؛ الله. إن الله الذي خلق الداء خلق معه الدواء، لكننا نستسلم لقوة المرض وهجماته الشرسة لتتمكن منا، ولا نؤمن بقوة الخالق القادر على كل شيء، إلا ما رحم ربي.
ناقشت الرواية عدة قضايا، أهمها الزوجة الثانية والظروف التي تدفع الزوج إلى التفكير فيه، وتبعاته على زوجته وأبنائه، لكن أن تختار الزوجة الأولى الزوجة الجديدة بملء إرادتها ظنًا منها بضمان بقاء الأسرة بعد وفاتها بهذا المرض اللعين هو إهدار حق النفس أولًا لأنها لم تفنَ بعد، ولأن النساء بفطرتهن غيورة، لا تحب أن ترى زوجها وهو ينظر لغيرها ذات النظرة التي كان ينظر بها إليها يومًا. قضية المراهقة والتساهل في تربية الأبناء والاختلاط بينهم وبين الجنس الآخر تحت أي مسمى مما قد يؤدي إلى عواقب وخيمة لا نقوى عليها. مشكلة الأنانية وحب التملك وفرض الآراء وإصدار الأوامر والقرارات نيابة عن الآخرين واستغلال حاجاتهم وتسخيرها لتحقيق أهوائهم الشخصية.
💧اللغة عربية فصحى سليمة سردًا وحوارًا، تنوع بين السرد والحوار فلم يغلب عليها الطابع الحواري أو السردي في غالب الأحيان، والسرد بلغة قوية جدًا متمكنة من قِبل الكاتب
💧الشخصيات ممتازة جدًا بأبعادها وجوانبها النفسية وسماتها الجسدية وما تحمله من آلام وضغوطات يعانين منها على مدار أحداث الرواية
💧الحبكة فاقت الوصف حرفيًا، فلم أعرف مسار الرواية ولا التكهن بالأحداث اللاحقة ولا طريقة التفكير بما يجول في خاطر الشخصيات
💧 النهاية أبهرتني جدًا وسعدت بها للغاية، فكانت النهاية مرضية للغاية رغم الحزن المشوب بأحداث قبل النهاية بقليل
💧الغلاف والعنوان تم اختيارهم بعناية واهتمام كبيرين، ورأيي أنهم مناسبين جدًا للرواية وأحداثها، والغلاف جذاب جدًا بشكل كبير
💧التقييم 5/5
💧اقتباسات « بين ليلة وضحاها يصبح الإنسان إنسانًا آخر، يتبدل حاله إلى حال آخر، لا يعد يشبه نفسه التي كانت بالأمس ورحلت عنه في جوف الليل وحيدة إلى مصير مجهول، وأين هو اليوم وأين الأمس؟ كل شيء قد رحل مع الأمس لن يعود في الغد، إلا الشمس، فقط وحدها الشمس التي تعود » « نحن معًا على الدرب كما تعاهدنا من البداية، على الدرب حتى النهاية، ولا أحد يدري متى ولا كيف تأتي النهاية سوى كاتبها، ورب العالمين أبدًا لن يخذلنا ولن يضيعنا » « إنما الموت محسوم في لحظة واحدة فلا داعي لانتظاره » « المرء السوي يجب أن يراقب ربه أولًا وأخيرًا قبل أن يراقب الناس » « إن ألم الفراق بعد الحب لمن لم يعرف الحب لا يضاهيه ألم إلا ألم الولادة الذي يخرج منه الإنسان حيًا، إنما الألم بعد الفراق يخرج منه الإنسان ميتًا على قيد الحياة » « إن كان الحب كفرًا بأعرافكم العقيمة التي تبيح لي الخيانة سرًا لتقبلها الزوجة الأولى وتتجاوزها فوق كبريائها ولا تقبل الحلال واضحًا من أجل ألا يمس كبريائها فإني كفرت بأعرافكم » « كل إنسان يصارع الموت من اجل شيء ما لن يستطيع من دونه الحياة »
لم أستطِعْ ترْگ الرواية لاستكمالها في الغدِ وعزمتُ على إنهائها قبل النـومِ ! رواية مميّزة وأحداثها شيقةٌ لأقصى درجةٍ ؛ ربما لأولِ مرةٍ أتعاطفُ مع الزوجةِ الثانيةِ ولا ألتمسُ للأولى سوى الحدّ الأدنى من الأعذار ؛ ولربما العذر الذي سألتمسه لها هو ما سيترتّبُ عليه كلّ التوابع الأخرى ، وبالتالي لو كانت سيدةً تحترم شرعَ ربِّها وتضع اللـهَ أمام ناظريها ، لَمَا فرضت على زوجها أن ينفصل عن الأخرى ! هذي امرأةٌ قد قبلت بالابتلاء وفرضت على زوجها بدايةً الزواج وبينها وبين نفسها تجزمُ أنه لن يحبَّ سواها ؛ وهذا إن دلَّ على شيءٍ فهو على غرورٍ وكبرٍ ليس إلا !! كيف تأمنُ على زوجها مع امرأة أخرى وحتى ولو كانت لا تملك حظًّا كبيرًا من الجمال ؟! تضع النار بجوار البنزين وتشعل الفتنة وبعدها تدفع بالتهم على النار والبنزين متغاضيةً عن غبائها حين فرضتهما على بعض !! لا أدري ماذا أقول صِدقًا 🤔 شخصية نرجسيّةٌ جدًّا ؛ حتى أنها لم تردّ غيبة ( هنـا ) ولو لمرةٍ واحدةٍ ! وقالت عن زواج زوجها الذي سعت إليه بكلِّ السبل مجردَ نزوةٍ !
وماذا عن موقف وليد الرجوليّ هذا ؟! يتصل بحبيبتهِ عندما تطلب زوجته الأولى منه طلاقها ، ويسألها لِيرميَ بالكرة في ملعبِها ! ماذا كان يظنها ستقول ؟! لماذا كانت العِصمة إذن في يد الرجلِ لا المرأة ؟! موقفٌ لا يصدرُ من هكذا شخص المفترض أنه يتسمُ بكثيرٍ من الحكمةِ !
الرواية رائعةٌ جدًّا ، لم أندم لانتظاري اقتنائها منذ أكثر من عامٍ ! بالتوفيق في العمل القادمِ إن شاء الله ✨