مهندس ومؤرخ وروائي كالوريوس الهندسة - قسم قوى وآلات كهربية – كلية الهندسة – جامعة عين شمس 1995. ماجستير الهندسة – قسم قوى وآلات كهربية – كلية الهندسة جامعة عين شمس 2000.
دبلوم دراسات إسلامية – المعهد العالي للدراسات الإسلامية القاهرة 2001. ليسانس آداب، قسم التاريخ، كلية الآداب – جامعة عين شمس 2004. ماجستير في التاريخ، – كلية الآداب – جامعة القاهرة 2017. [ الرسالة بعنوان (تاريخ مصر في كتابات محمد حسنين هيكل 1942-2003)، تقدير امتياز]. دكتوراه في التاريخ، – كلية الآداب – جامعة القاهرة 2024. [ الرسالة بعنوان (مراكز القوى السياسية وأثرها في المجتمع المصري 1952-1971)، تقدير امتياز مع مرتبة الشرف الأولى].
الكتب التي أصدرتها: - المسلمون والآخر........ظلال الماضي وآفاق المستقبل، مكتبة الآداب، القاهرة 2008. - الشهور الحسان بين ربوع لبنان....شتاء النار وثورة آذار، مكتبة الآداب، القاهرة 2008. - رواية (حنان)، دار أكتب، 2015. - كتابات هيكل بين المصداقية والموضوعية، دار العربي، 2019. التحولات البسيطة (مجموعة قصصية)، الدار العربية للعلوم - ناشرون، 2024.
المقالات أكثر من 500 مقالة منذ عام 2003 في صفحات الرأي في جرائد: الأهرام، والوفد، والحياة اللندنية، وآفاق عربية، والمصريون، والقدس العربي، وغيرها.
أعادتني قراءة هذا الكتاب لنقاش دار بيني وبين أحد الأصدقاء منذ قرابة العشرين عاماً، ذُكر هيكل في ثنايا النقاش، وانتقدني الصديق بشدة حينما وصفت هيكل بأنه أفاق ويلزم قراءة كتاباته بحذر وعدم أخذ ما بها بشكلٍ مسلم به، وكانت حجة الصديق أن كتب هيكل زاخرة بالوثائق التي تثبت كلامه! حسناً، أدعوك الآن يا صديقي لقراءة هذه الدراسة الممتعة التي هي جزء من رسالة ماجيستير للباحث – ثم الدكتور – يحيى حسن عمر، والتي بين فيها من - خلال كتابات هيكل نفسه – مدى بعدها عن المصداقية والموضوعية. بدأ الباحث بذكر رأي د عبد العظيم رمضان إلى ما أَسْمَاهُ: المدارس غير الأكاديمية في الكتابة التاريخية، وذَكَرَ منها أربع مدارس، هي: مدرسة الحزب الوطني (يُمَثِّلُهَا عبد الرحمن الرافعي، وصبري أبو المجد، وفتحي رضوان)، ومدرسة التفسير المادي (يُمَثِّلُهَا شهدي عطية، ورفعت السعيد، وصلاح عيسى)، والمدرسة العسكرية (يُمَثِّلُهَا جمال حماد، وأحمد حمروش)، أما المدرسة الرابعة، فيمكن إطلاق اسم “المدرسة الصحفية” عليها؛ نظرًا لأن الذين قَدَّمُوا دراساتٍ فيها هم من الصحفيين، ويُمَثِّلُهَا بالدرجة الأولى (محسن محمد، وموسى صبري، ومحمد حسنين هيكل)، وهم أغزر هذه المدرسة إنتاجًا، وذكر أن كتابات محسن محمد هي أمثرها مصداقية وموضوعية لخلوها من الغرض، بخلاف كتابات صبري وهيكل. عرض الباحث ملخص حياة هيكل العملية وقسمها إلى محطات، وبدأ معه منذ عمله كصحفي متدرب بجريدة الإيجيبشان جازيت، ثم التحاقه بروز اليوسف، ثم آخر ساعة، فأخبار اليوم، وصولاً لتوليه مسئولية الأهرام. وقد رصد تطور وتغير خطابه خلال تلك المراحل والمرتبطة بتغير العهود وموقعه منها، وأشار إلى مقالاته الأولى التي كان يكيل فيها المديح المبالغ فيه للملك في مرحلة روز اليوسف، وأشار لاحقاً أن هيكل في إطار اختلاقاته لمراحل في تاريخه الشخصي، فكما أضاف لنفسه أدواراً يعظم بها من مكانته، فقد أسقط من تاريخه مراحل مثل مرحلة روز اليوسف حتى لا يعود أحد إلى مقالاته في تلك الفترة. أشار الباحث إلى حادثة في بداية عمل هيكل كمتدرب صحفي في الايجيبشان جازيت، حينما كُلف بعمل تحقيق عن ردود الفعل على قرار الحكومة بتجريم البغاء، وتحدث عن حرج هيكل الشديد وهو في منطقة تعج ببيوت الدعارة ولا يدري كيف يبدأ تحقيقه، ويبدو أن (المعلمة) قد أشفقت عليه فأجلسته بجانبها وارسلت أحد صبيانها ليمر على بائعات الهوى واحدة واحدة ويسجل تعليقها ليسلمه على الجاهز لهيكل دون أن يتحرك من مكانه، ويعلق الباحث أنه يرى أن هذه الحادثة قد غرست في نفس هيكل الشاب أن الوسيلة للوصول للهدف هي في القدرة على الوصول للمسئول والاقتراب منه، وهو ما حرص عليه في بقية حياته. عرض الكتاب نمو العلاقة بين هيكل وعبد الناصر إلى أن وصل لمكانته وموضعه في النظام، واعتبر متابعي السياسة المصرية سواء كانوا أعداء أو أصدقاء مقالات هيكل بمثابة عرض لتوجهات النظام المصري وتحديداً لأفكار عبد الناصر الآنية، ويقول الكاتب أن هيكل"عمل عمومًا طوال العهد الناصري كناطق غير رسمي بلسان عبد الناصر، وكانت المهمةُ الإعلاميةُ المَنُوطَةُ به تَتَلَخَّصُ في تسويق الرؤية الناصرية للأحداث التي كانت تُحِيطُ بالأمة العربية آنذاك، وتسويقِ سياساته الخارجية والداخلية، وإعطائها الأبعاد التَّنْظِيرِيَّةِ الفكرية والتاريخية، وكذلك تسويق تقييم عبد الناصر للشخصيات السياسية البارزة في الدول العربية مَدْحًا وذَمًّا"، ثم يضيف: "ومع هذا فلم تخل جعبته من بعض لمحات في (نقد التجربة)، ولم يقتصر فيها على مقالاته الشخصية في الأهرام، بل أَفْسَحَ المَجَالَ للنقد الرمزي من خلال الأدب؛ فنَشَرَ على حلقات رواية (ثرثرة فوق النيل) لنجيب محفوظ، التي تتناول بالنقد بعضَ الأوضاعِ في المجتمع، ونشر مسرحية (بنك القلق) لتوفيق الحكيم"، وكان هذا النقد في الحدود والسقف المسموح به بطبيعة الحال، فيقول أنه بعد النكسة قد "زاد تَوَجُّهُ هيكل للكتابة في الشأن الداخلي، وزادت جرعات النقد الذاتي بوضوح، ولكن مما يُلاحَظُ على هيكل أنه لم يَنْتَقِدْ أبدًا شخص عبد الناصر ولا سياساته، وإنما كان ينتقد أَوْجُهَ الضعف في النظام الناتج عن عدم تطبيق سياسات عبد الناصر وأفكاره". من أهم ما ناقشه الكتاب هو كتابات هيكل التاريخية أو التأريخية، وحتى لو كان هيكل قد سعى للتنصل من دور المؤرخ بتصريحه في كتبه بأنه ليس مؤرخاً، ولكنه بشكلٍ عملي ومن خلال كتاباته قد تمثل بدور المؤرخ، فكان من الواجب عليه عليه أن يلتزم الدقة والمصداقية والموضوعية، وهو ما تفنده الدراسة. يذكر الكاتب أن المؤرخ له عدد من المحددات التي يمكن من خلالها الحكم على مصداقية عمله التأريخي، وأنقلها كما هي من الكتاب لأهميتها "وهذه المحددات هي: أ- الإحاطة بمعظم وقائع الموضوع التاريخي ودقائقه: وتشمل الإحاطة بالأطراف المتداخلة فيه، والعوامل الفاعلة فيه؛ فلا يُسْقِطُ المؤرخ من كتاباته أطرافًا أساسيةً شاركت في الحدث التاريخي أو عواملَ أساسيةً أسهمت فيه، قد يؤدي ذِكْرُهَا لتغيير الصورة التي ينقلها المؤرخ للحدث ووقائعه، ويُعَبّر عنها بأنها “مطلب متعلق بالشمول والدِّقَّةِ، بمعنى أن معيار الحكم على كتابةٍ ما هو حرصها على استقصاء موضوعها، وعدم إهمال أية نقطة أساسية فيه” ب – الدِّقَّة في إيراد الوقائع التاريخية، والتحقق من المصادر ذات الصلة والمصداقية: ويدخل في ذلك مدى دِقَّةِ المؤرخ في إيراد الوقائع معتمدًا على المراجع في مقابل الاعتماد على الذاكرة، كما يدخل فيه أسلوب التوثيق، والتعامل مع مصدر الوثيقة، ومع لغتها، والتعامل اللغوي في التقديم أو التعقيب. ج- عدم ظهور (الأنا) الصارخة للمؤرخ (عدم طغيان الذاتية): قِلَّة تَدَاخُلِهِ الشخصي في الأحداث، وعدم تحويل الأحداث للتعظيم من دوره الشخصي أو للإساءة إلى خصومه. د- التوزيع المتوازن للكتابة طبقًا للأهمية: فلا يُسَلِّطُ المؤرخُ الأضواءَ على أحداثٍ بعَيْنِهَا ويُلْقِي الظلالَ على أحداثٍ أخرى ليقود القارئ لنتيجة يريدها ه– استخدام معايير مُوَحَّدَةٍ – أو على الأقل متوازنة – لسرد الأحداث التاريخية وتقييمها: أو بعبارة أخرى مشهورة: الكيل بمكيال واحد، لا بمكيالين أو مكاييل متعددة، تختلف باختلاف الأشخاص، أو باختلاف العلاقة مع الشخص الواحد وتغيرها و- الاهتمام بالسياق التاريخي للأحداث: فلا يُجَرِّدُ المؤرخُ الأحداثَ التاريخية من سياقها التاريخي مما يقود القارئ لنتائج مغايرة، أو إصدار الأحكام بأثر رجعي، أو محاكمة عصر بمقاييس مغايرة لعصر آخر. ز- عدم الانسياق وراء ميول دينية أو “شوفينية”: أو عِرْقِيَّةٍ أو طَبَقِيَّةٍ أو سياسية، أو الانصياع لضغوطات سُلْطَوِيَّةٍ، انسياقًا وانصياعًا يُوجِدُ فرزًا يُغَيِّرُ وقائع الحدث التاريخي. " أ.ه. وقد حاكم الباحث كتابات هيكل إلى هذه المحددات واحدة واحدة، وأثبت بالعديد من الأدلة من كتابات هيكل المختلفة عدم التزامه بها، مما يفقدها المصداقية والموضوعية. ومن أفضل ما أورده في هذا الخصوص قوله: "معظم كتابات الأستاذ هيكل التَّأْرِيخِيَّة تُغْرِقُ قارئها في مئات التفاصيل، التي يوجهه من خلالها – عَبْرَ مسارٍ مختار بعناية - نحو صورة انطباعية عن عصرٍ ما دون أن يترك للقارئ فرصةً لأن يحيط بالصورة الكلية لهذا العصر فالذي يقرأ عن الخديو إسماعيل في كتابات هيكل لن يحصل إلا عن صورة انطباعية سريعة عن السَّفَهِ غير المحدود عن تبديد الموارد والجيوش دون طائل، ولن يحصل أبدًا على الجانب الآخر من الصورة حيث المنشآتُ العمرانية والحضارية وشَقُّ عشرات التُّرَعِ وغيرها والذي يقرأ عن عصر الملك فاروق لن يحصل إلا عن صورة شديدة السلبية ...إلخ" أما بخصوص الوثائق، فيلخص هذا ما نقله من كلام عبد العظيم رمضان، حيث يقول: "يستعين هيكل بالوثائق لإثبات ما يريد إثباته، ونفي ما يريد نفيه، وليس ما تريد الوثائق إثباته أو نفيه كما يفعل المؤرخ"، ويقول "يستخدم الأستاذ هيكل الوثائق لغرض ليس له صلة بالحقيقة التاريخية، وإنما هو وثيق الصلة بالغرض السياسي الذي يريد أن يخدمه، ومن هنا حرصه الزائد على إبراز دور الوثائق في كتبه، لإعطاء الانطباع بالتأصيل التَّأْرِيخِيِّ والحياد العلمي، وإقناع القارئ بالتجرد من الهوى السياسي والغرض". وقد استفاض الكتاب في عرض طرق هيكل في التعامل مع الوثائق، فمثلاً قد يجد القاريء أن الكتاب به ملحق متضخم به عدد كبير من الوثائق، إلا أنه بالبحث يمكن تقسيم الوثائق من حيث الأهمية إلى وثائق هامة، ومتوسطة الأهمية، ومنخفضة الأهمية، وقد حلل الكاتب الوثائق الموجودة في كتب هيكل لنخرج بنتيجة أن أغلب الوثائق الموجودة هي وثائق منخفضة الأهمية، وفي مقابل ذلك، فإن الكتب نفسها تحوي الكثير من المعلومات غير الموثقة، أو مشار بها إلى شهود فارقوا الحياة فلا يمكن التأكد منهم، هذا بخلاف أنواع أخرى من التلاعب، مثل الترجمة الخاطئة لمضمون الوثيقة والتلاعب بلغتها أمام القاريء اعتماداً على أن القاريء في الأغلب سيكتفي بقراءة تعليق هيكل على الوثيقة بدلاً من قراءتها ذاتها، بالإضافة للوثوق بالوثائق الأجنبية دون نقد مصدرها، والذي يكون في الأغلب تقارير من مسؤولين بريطانيين بحكومة الاحتلال، فمن الطبيعي أن تكون آرائهم في الشخصيات الوطنية المصرية من منظور استعماري يخلو من الموضوعية. كما أشار لمفهوم هام هو ما أسماه "الوثائق السلبية"، وهي الوثائق التي قد استعان بها هيكل لتثبت رأيه، لكنها تحمل في طياتها ما يناقض حجته في الأساس! وقد ضمن الباحث كتابه دراسة حالة عن هزيمة يونيو في كتابات هيكل، وأوضح كيف أن سردية المؤامرة التي كان كتابه الأهم والضخم في هذا الصدد "الانفجار" يدندن حولها لم تستند لأدلة قوية، بل شذراتٍ من هنا وهناك. كما رصد العديد من الاختلافات في عرض الأحداث بين النسخ الإنجليزية والعربية لكتب هيكل، تبعاً لاختلاف القاريء ومنظوره، مما يعتبر بدوره من خوارم المصداقية. وعرض الكاتب كذلك نماذج متعددة من تضخم "الأنا" في كتابات هيكل، وسعيه المتكرر لتضخيم دوره في مراحل مختلفة أو إدعاء أدوارٍ بشكل تلفيقي، كإدعائه أنه عمل كمراسل حربي يغطي موقعة العلمين والتي انتهت قبل عمله بالإيجيبشان جازيت أصلاً، بل وسعيه لإثبات دور له مع الضباط الأحرار وعبد الناصر قبل الثورة وفي ليلة الثورة ذاتها، وهو ما نفاه عدد من الضباط الأحرار أنفسهم، ومنهم اللواء جمال حماد. تحدث الكتاب أيضاً عن اختلال المعايير لدى هيكل، وعدم إلزامه لنفسه ما يريد إلزام غيره به، وضرب مثلاً بهجومه على السادات وانتقاده لمكالمته مع كسينجر في ثاني أيام الحرب باعتبار ذلك إفشاءً للأسرار العسكرية وفضح التوجه الاستراتيجي لمصر خلال المعركة، بينما كان هيكل نفسه قبيل هزيمة 67 قد صرح في مقالٍ بأن مصر لن تكون البادئة بالقتال، وفي ذلك يقول الفريق عبد المنعم خليل في مذكراته “عندما قرأتُ ما أَعْلَنَهُ محمد حسنين هيكل تأكد لي أنها ستكون كارثة؛ لأن الضربة الأولى - ف�� كل الحروب - تكون مؤثرة إلى حد كبير، وتحتاج القوات إلى فترة طويلة حتى تجمع شملها لتسديد ضربة مؤثرة في قوات العدو، إلا أنني تصورت أن معلوماتي ليست كافية عن كل القوات المسلحة، وأن هناك “قوة سحرية” ستشاركنا في الضربة بعد الضربة الإسرائيلية الأولى. ولم يحدث من قبل أن أعلنت دولة استراتيجيتها العسكرية علنًا، حتى إنني تصورت في البداية أن مقال هيكل هو لخدعة العدو، إلا أن الأوامر التي صدرت في ذلك الوقت تؤكد أن مقال هيكل هو ما تم الاتفاق عليه، وأنه استراتيجية حرب يونيو 1967". وخصص الباحث جزءا من الدراسة للحديث عن أساليب هيكل اللغوية والبيانية، وتوظيفه لها في تسويق أفكاره وإثباتها وتوجيه القاريء لما يصبو إليه، وهو فصل ممتع مليء بالأمثلة التي تبين قدرة البيان على السحر كما ورد في الحديث النبوي. أذكر أنني عندنا قرأت كتاب إبراهيم الورداني (فلاح في بلاط صاحبة الجلالة)، والذي ذكر فيه قصة تعرفه بهيكل في مطلع شبابيهما، ووصفه لهيكل بأنه من رواد (مدرسة التلفيق الصحفي)، ومن الواضح أن التلفيق قد ظل منهج حياة لهيكل الذي أخرج لنا مؤلفات (تاريخية) تسعى بشكل أساسي لترسيخ سرديته حول العهد الناصري، وتمجيد صورته الشخصية وتعظيم دوره. وبطبيعة الحال، لا يمكن اختزال شخص بحجم وتجربة وانتاج هيكل في مجرد وصفه بكلمة (أفاق) وكفى، فالحكم على الأشخاص يكون أكثر تركيباً وتعقيداً من هذا، ولو أمكن أن نختزل الموقف من هيكل في عبارة مختصرة، فإننا يمكن أن نقول أن رجلاً بهذا القرب من رأس السلطة في أحد أهم عهودها لا يمكن إهمال شهادته ولا رؤيته للأحداث، ولكن لا يمكن قراءته إلا بحذرٍ شديد، وبعين ناقدة لها القدرة - عند قراءة الروايات الأخرى المعاصرة – على الترجيح واستبعاد الأكاذيب والمبالغات. إن هيكل كان له من السمات الشخصية والمهارة ما مكنه من الصعود للقمة والبقاء عليها فترة، وكان قدره أن يطول عمره فيموت بعد أن مات أغلب معاصروه وخصومه، فتبقى روايته هي الرائجة، والتي يدندن حولها دون أن يرد عليه من هو بحجمه. وأختم هنا بنقل هذه الفقرة من كلام هيكل والتي تمتليء بالكلام المنمق الذي قد يسحر قارئه للوهلة الأولى، لكنه عندما ينظر له بعين الناقد، سيجد أنه من المثير للسخرية أن يصدر هذا الكلام عن أفاقٍ مثل هيكل، والذي يقول بنفسه عن تصدي المشاركين في التجارب للكتابة التَّأْرِيخِيَّة “إن الذين يعيشون الحوادث هم في أغلب الأحيان آخر من يصلح لتَأْرِيخها، ذلك لأن معايشتهم للحوادث تعطيهم علي الرغم منهم دورًا، والدور لا يقوم إلا على موقف، والموقف بطبيعته اقتناع، والاقتناع بالضرورة رأي، والرأي في جوهره اختيار، والاختيار بدوره انحياز، والانحياز تناقض مع الحياد، وهو المطلوب الأول في الحكم التاريخي". وهو ما يذكرني بمقولة بلال فضل (اكتم الضحكة وامسك الشخرة).
انتهيت من قراءة " تاريخ مصر في كتابات محمد حسنين هيكل " للصديقYehia Hassan وهي رسالة مقدمة لنيل درجة الماجستير من قسم التاريخ بكلية الآداب جامعة القاهرة .
هذه الرسالة عبر صفحاتها الكثيرة تهدف إلى دراسة " موضوعية" هيكل في كتاباته التاريخية ، ولا شك أن هذه الموضوعية لا يمكن الحكم عليها من خلال استقراء كتابات هيكل فقط ، بل يجب دراسة علاقته بالسلطة من خلال ثلاث حقب رئيسية وهي فترة جمال عبد الناصر ثم أنور السادات ثم محمد حسني مبارك ، فعلاقة " المعرفة" ب "السلطة" من الأهمية بمكان لمعرفة السياق والظروف التي انتجت كتابات هيكل؛ ومن ثم تكون الرؤية واضحة تمامًا عند محاكمة كتابات هيكل بمحددات الموضوعية .
في بداية الرسالة يُطرح نقاش حول كون هيكل مؤرخًا أم لا ؟ ورغم إن هيكل في مقدمة كتابه " ملفات السويس " لم يعتبر نفسه مؤرخًا، فقد اعتبر البعض ذلك من تواضع الكبار ، وبعضهم وافق تمامًا أن هيكل لا يُعد مؤرخًا وهو قول د. عبد العظيم رمضان ، والحقيقة أنه وإن كان هذا التمهيد مهم في الدراسات الأكاديمية إلا أنني أرى أن النزاع حول وصفه بالمؤرخ أم لا ، هو نزاع شكلي ، فلو اعتبرناه مؤرخًا لزم موضوعيته وصدقه ، ولو اعتبرناه شاهد عيان على التاريخ لزم موضوعيته وصدقه ، وهكذا في الحالتين يكون محل النزاع الحقيقي هو مدى موضوعية هيكل في كتاباته سواء اعتبرناه مؤرخًا أو شاهد عيان ، وهو ما ستلقي الرسالة النظر عليه في الفصول المتقدمة ، والحقيقة أن الكلام عن مدى موضوعية هيكل هو لب الرسالة وهو القيمة الحقيقية لها .
الحقيقة أيضًا أن القيمة الحقيقية لهيكل -كما ستفهم من الرسالة- إنما صنعتها الهالة الناصرية الكاذبة ، فهو قد وضع نفسه وقلمه تحت خدمة النظام الناصري ، وبقدر ما أعطى للنظام أعطاه النظام ، فتجد مقالاته في فترة الخمسينات تركز على المؤامرات الخارجية ضد الدولة ، ثم يؤيد تأميم الصحافة في بداية الستينات، وكتب مقالات ليمهد لقوانين يوليو الاشتراكية ، إلى أن تأتي هزيمة يونيو " النكسة" فيقوم هيكل بدوره المعتاد فيكتب مقالات في إدانة المؤسسة العسكرية وقائدها عبد الحكيم عامر في مقابل التماس الأعذار للسلطة السياسية ممثلة في عبد الناصر .
وهنا نلاحظ أنه كلما أعطى النظام لهيكل مكانة ووضع كبير كلما كان طوعًا له ، فمن خلال رصد الرسالة لعلاقة هيكل بالسلطة من خلال ثلاث حقب زمنية ، يمكن لك - في تصوري- أن تخرج بعدة قناعات :
الأولى : الولاء المطلق لنظام عبد الناصر ، حتى أكبر الكوارث الناصرية كالنكسة فهو يبررها في كتابه الانفجار ، وربما هذا لأن قيمة هيكل الحقيقية اكتسبها من قربه من عبد الناصر .
الثانية : رغم البداية الجيدة لهيكل مع السادات إلا أنه سرعان ما انقلب عليه بعد خروجه من الأهرام عام ١٩٧٤م ، لأنه في تصوري لم يأخذ نفس المساحة والمكانة التي أعطاها له عبد الناصر ، لكن ما يمكن رصده في طبيعة هجوم هيكل أنه هجوم ناعم أكثر منه هجوم فج ، حتى إذا ما اُغتيل السادات بدا هيكل في هجومه الغير أخلاقي عليه في كتابه " خريف الغضب " .
الثالثة : أنه لم يكن معارضًا لنظام مبارك ، بل إنه أكّد بعد أحداث الأمن المركزي في الثمانينات أهمية مبارك لمصر ، وفي أواخر حياته تكلم من مركز المعارضة الآمنة عن مشروع التوريث .
في فصل مهم في الرسالة يرصد الباحث تاريخ مصر في كتابات هيكل ، ويصل فيه إلى نتيجة مهمة وهي أن العامل الشخصي حاضر في السرد التاريخي عند هيكل ، يعني مثلًا كي يُلمح لتأثير جيهان السادات على زوجها يتكلم عن العلاقات النسائية وأثرها على القادة ، ويستحضر كليوباترا وتأثيرها على أنطونيو ، وتأثير زوجة النحاس باشا عليه وغير ذلك .
يتضح هذا العامل الشخصي في الكتابة التاريخية لهيكل عندما يتراجع عن بعض ما كتب ، مثلًا تراجع كما يرصد البحث عن نقد السادات لقبوله وقف إطلاق النار ، تراجع عن بعض الافتراءات التي ألصقها بالملك فاروق حتى وصفه في آخر كتبه بأنه كان وطنيًا.
هذا يقودنا بطبيعة الحال إلى الكلام عن " موضوعية هيكل " ، وتؤكد الرسالة بشكل قاطع أن موضوعية هيكل كانت منخرمة ، فمثلًا هناك عدم دقة في إيراد الوقائع التاريخية ؛ بسبب الرغبة في خلق روابط تاريخية معينة لأسباب سياسية كقوله بأن عدد المعتقلين في سبتمبر ١٩٨١ شملت ثلاثة آلاف شخص ، والحقيقة أن عددهم نصف ما ذكره هيكل ، لكن أهم ما يخرم هذه الموضوعية هو اهم ما تكلمت عنه هذه الرسالة ونعني " التوثيق في كتابات هيكل " .
فيؤكد أنصار هيكل أن كتاباته عالية التوثيق ، وهيكل دائمًا ما يؤكد أن لديه صور وثائق للعهد الناصري ، ولكن في الحقيقة لم يرى هذه الوثائق أحد غيره ، وهذا عيب خطير ؛ لأنه بفرض وجود هذه الوثائق فهذا يجعل رؤية هيكل للوثيقة هي الرؤية المعتمدة ،وهناك نماذج كثيرة ذكرها الباحث توضح مغالطات هيكل في فهم كثير من الوثائق البريطانية ، فمعلوم أن الوثيقة ليست في نفسها دليلًا قاطعًا ، بل كيف تُقرأ هذه الوثيقة ؟، هل كتبت تحت تحيزات معينة ؟ كلها أسئلة لا يمكن الإجابة عليها إلا إذا طُرحت الوثائق أمام المؤرخين .
ومع ادعاء هيكل لامتلاك الوثائق فإن درجة التوثيق في كتاباته ليست عالية ، فهناك الكثير من حالات عدم التوثيق في كتاباته بسبب إحالته على الأموات أو الغائبين ، وفي دراسة حالة إحصائية لمدي التوثيق في كتب هيكل ، قام الباحث بعمل نسب توثيق لسبعة كتب رئيسية لهيكل ، فوصل إلى أن أعلى نسبة توثيق لكتاب من تلك الكتب بلغت٥٩ ٪ هو كتاب سنوات الغليان .
هناك جوانب كثيرة لم نتكلم عنها في هذه الرسالة الرائعة والمهمة ، ولكن أحب أن أشيد بجهد الأستاذ يحي وكم المراجع التي رجع لها في دراسته هذه ، فقد اطلع على مقالات هيكل في الصحف منذ كتاباته في روزاليوسف في الأربعينات ، بالإضافة لقراءة الباحث تقريبًا لكل حرف كُتب عن هيكل في كتاب من الكتب .
الرسالة ممتازة وتستحق فعلًا حصولها على درجة الماجستير بتقدير ممتاز ،.
دراسة شاملة لكتابات هيكل في مجالات الموضوعية والمصداقية، وأوجه التاثير اللغوي على القارئ وتتكون من أربعة فصول، مسبوقة بمقدمة وتمهيد، ومتبوعة بخاتمة وقائمة مصادر ومراجع مكتملة، وأربعة ملاحق مكملة. خصص الكاتب الفصل الأول من الكتاب لتتبُّع مختصر لحياة هيكل وكتاباته، منذ البدايات الصحفية عام 1942 ورحيله عام 2016، وتناول نشأة الكاتب ومسيرته عبر الحقب المختلفة،. ويخصص الباحث الفصلين الثاني والثالث لدراسة مدى تطابق محتوى أعمال هيكل مع الواقع الذي ينقله أو يشكله، واختار الباحث الفصل بين مفهومي الموضوعية، والمصداقية؛ وخص أولهما بالفصل الثاني، وثانيهما بالفصل الثالث، وتتبع في هذين الفصلين فجوات التوثيق، وآثار التحيز التي وُجِدَتْ في أعمال الأستاذ هيكل، وبخاصة ما يتعلق بالصورة التي يبنيها لتاريخ مصر. ويتناول الفصل الرابع دراسة أساليب الكتابة الشائعة في أعمال هيكل، وتطورها عبر الزمن، ويحلل كمًّا وافرًا من الظواهر البلاغية والأسلوبية والخطابية المهمة في أعمال هيكل، واختُتِمَت الكتاب بخلاصة البحث ونتائجه، يتلوها قائمة وافية للمصادر والمراجع. كما اشتمل الكتاب على أربعة ملاحق مهمة ومتممة لمضمون الكتاب، الملحق الأول اشتمل على رصد لمقالات هيكل في مرحلة ما قبل الأهرام، وهو أول رصد من نوعه لتلك المقالات، ويحتوي على عناوين وتواريخ أكثر من 300 مقالة، كما اشتمل الملحق الثاني على لائحة بكتب الأستاذ هيكل، واشتمل الملحق الثالث على الدراسة التحليلي�� لتوثيق معلومات كتاب (بين الصحافة والسياسة)، مع تقييم للملحق الوثائقي لذلك الكتاب، كما أشتمل الملحق الرابع على صورة أول مقالة نُشِرَتْ للأستاذ هيكل بتوقيعه، وكانت بعنوان (كنت أتمنى أن أكون معهم)، حيث نُشِرَتْ في روز اليوسف في 19/8/1943، ولم يُشِرْ أيٌّ من المراجع إلى تلك المقالة قبل هذه الدراسة، كما اشتمل الملحق على صور عدة وثائق أخرى.
بالرغم من اختلافي مع كل ما يمثله هيكل، بس طول الوقت كنت بحمل ليه احترام عميق، وحب واعجاب خلوني أقرأ أغلب كتبه. مكنتش من دراويشه ولا بعتبره مرجع تاريخي لا يرد، بعد تجربة روايته لمذكرات سليمان حافظ، والانتقائية اللي اتعامل بيها معاها بشكل فج، ساعتها الشك بقى موجود ناحية كتابات هيكل، لكن الكتاب ده حاجة تانية.
هنا الكاتب عامل مجهود مذهل في تتبع كل ما كتبه هيكل، كله بمعنى كله، كتب ومقالات ومقابلات تلفزيونية مسابش حاجة، وحط الكتابات دي على معيار المصاداقية والموضوعية التاريخية.
اللي طلعت بيه إن هيكل شخص كاذب بشكل مجاني، في مواقع مكنش محتاج يكذب فيها زي عدد سنين تدربه في صحيفة، أو مكان وجوده يوم 23 يوليو ودوره فيها، مقابلته مع عبدالناصر قبل الثورة. بجد الراجل كان بيتخيل أحداث بشكل محرج.
ده طبعا غير التلفيق ولوي عنق الوثائق والترجمة اللي على المزاج.
كتاب صادم جدا، هفضل أحبه، لكن احترامي ليه يكاد يختفي حاليا.
دراسة شاملة، هي في الأصل رسالة دكتوراة، قضى الكاتب فيها 6 سنوات، وحصل بها على تقدير امتياز مع مرتبة الشرف من كلية آداب جامعة القاهرة. الدراسة تتناول كتابات الصحفي الاشهر، محمد حسين هيكل، و تحليلها، وبيان مصداقيتها وموضوعيتها، من عدمه، عن طريق مراجعة كل مقالاته ومؤلفاته، ومقارنتها بالواقع، أو بتصريحاته الأخرى، وبيان مابها من عوار، ومخالفة للحقيقة، وصولا لنتيجة مفادها، أن اكثر من 60٪ من تصريحات هيكل، لا يعول عليها، وليست من المصداقية بمكان، و بالأدلة والبراهين. الكاتب كان موضوعيا وحياديا بشدة، فمع ذلك، لم يغفل دور هيكل في تطوير الصحافة المصرية، وقيامه بدور الريادة، في انشاء المدرسة الصحفية في الكتابة التاريخية، ومدى تمكنه من اللغة العربية، وادواتها المختلفة، والاستخدام الامثل لها، في جميع الأحوال، بما يضمن إيصال رسالته، مع عدم التصادم مع السلطة السياسية.
لا أكذب أني معجب كبير بهيكل و قد زودتني كتبه بإطلاع ضخم و كبير علي التجربة العربية و الناصرية بالأخص و لكن هناك نقط يجب معرفتها قبل الإطلاع علي المكتبة الصحفية العملاقة الخاصة بهيكل، هناك ثلاثة أنواع من الكتابات التي تتناول الأحداث التاريخية، إما هي " تأريخية " أو " سرد تاريخي " أو " تأويل تاريخي " و هيكل يمكن اعتباره أنه يمزج بين آخر اثنين كونه كان علي صلة قريبة بمراكز صنع القرار بل و تدخل في صناعتها أحيانًا، و لذلك نفي من علي نفسه صفة التاريخي بالمعني الموضوعي و التنفيدي، و إنما هو يحكي التاريخ من واقع تجربته و لسة من واقع حقيقته. شيء آخر يمتاز به هيكل هو كثرة الوثائق التي أحيانا تجعلك أحيانا تظن ان الوثائق هي دليل الثقة، و لكن هيكل لا ينقل عن الوثيقة بالنص و إنما ينقل ما فهمه، أو ينقل ما يخدم السياق، أو ينقل مع تعديل يغير من فحوي الوثيقة نفسها، يجب الحذر تمامًا عند القراءة لهيكل، و لكن لا يعني هذا أن لا تقرأ لهيكل، هيكل يظل بعد كل هذا هو أهم صحفي عربي في تاريخ الصحافة العربية، و هو يعلم هذا تمامًا و ذاته المتخضمة لديها ما يبرر لها. الكتاب هو رسالة ماجيستير قدمت لتناول كل أعمال هيكل و تفنيد بعض ما ذكرته فوق.
كتاب كتابات هيكل بين المصداقية والموضوعية للكاتب يحيى حسن عمر 537 صفحة على تطبيق أبجد، صادر عن دار العربي للنشر والتوزيع.
= تظل المصداقية والموضوعية بوصلة أساسية لا يمكن تجاوزها عندما يكون الشخص صحفيًا أو مؤرخًا، غير أن تلك البوصلة الأساسية كثيرًا ما تتعرض للاختراق حين يمتلك المؤرخ أو ناقل الخبر نفوذًا واسعًا وقدرة مميزة على التأثير في الوعي العام فحين يصبح الكاتب قريبًا من دوائر القوة وصناعة القرار، يمكنه أن يدمج الحرفية مع المصلحة ويتجه نحو الانحياز فهل من الممكن استخدام سلطة القلم المدعومة بثقة القراء في انتقاء الوقائع أو تحوير دلالاتها؟
= محمد حسنين هيكل قلم مهم في تاريخ الصحافة المصرية والعربية؛ ليس كصحفيًا فقط بل سلطة معرفية كاملة، وقد ارتبط اسمه بأدق تفاصيل صناعة القرار على مدى سنواته ما جعل كلمته وشهادته ذات تأثير كبير في الصحافة والتاريخ السياسي. لذلك فإن أعماله دائمًا تحت مجهر النقد، ومعظم النقد ليس بالطبع بدافع الهجوم الشخصي أو التقليل من قيمة قلمه في العموم، بل انطلاقًا من مسؤولية مراجعة السرديات المؤثرة خاصةً حين تتحول الكتابة من نقل للحدث إلى إعادة صياغته وتحويره.
= يقدم الكتاب تحليلًا شاملًا لكتابات هيكل، لا سيما تلك التي قدم فيها نفسه شاهدًا مباشرًا على الأحداث كاشفًا عن التناقضات وتحولات الرؤية التي طرأت على مقالاته عبر الزمن، ومقارنًا بين الحدث التاريخي وتمثيله النصي، فالكاتب لا يقدم هذا الطرح بوصفه حكمًا نهائيًا أو إدانة قاطعة، بل هي قراءة نقدية تاركًا الحكم والنقاش للقارئ.. وعلى الرغم من أن النبرة تقترب أحيانًا من التشكيك في نوايا هيكل، وهو ما قد يحد من ادعاء الحياد الكامل، فإن العمل يظل محاولة لفهم العلاقة المعقدة بين الصحافة والسلطة وتحوير التاريخ. وبالمناسبة، فإن ذلك الكتاب ليس نقدًا لشخص منفرد بل لمدرسة كاملة بها أساتذة وتلاميذ، لذلك لن يعجب الكثير من محبي الأستاذ هيكل، فلا أحد يحب أن يرى أستاذه مخطئًا في أمور عدة، وليس أمرًا واحدًا لذلك سيجد الكاتب الكثير من النقد أو السخط لمحبي هيكل.
= استغرق الدكتور يحيى حسن عمر سنوات طويلة في رحلته لمعرفة كل شيء عن الصحفي الكبير محمد حسنين هيكل فقد راجع كل ما كتبه، قابل بعض الناس الذين عاشروه، واطلع على أرشيفاته كي يستطيع أن يقدم صورة دقيقة عن حياته وأفكاره وحاول مقابلته لكنه لم يتوفق وحتى بعد وفاة هيكل، أكمل الكاتب العمل سنوات إضافية لينتهي برحلة بحثية شاملة للكتابة عن جوانب جديدة من مسيرته الصحفية وتأثيره الكبير على الصحافة المصرية. وبالمناسبة لمن لا يعرف الكاتب والمؤرخ يحيى حسن عمر، فهو مهندس ومؤرخ مصري حاصل على بكالوريوس وماجستير هندسة من جامعة عين شمس، ودبلوم دراسات إسلامية وليسانس وماجستير في التاريخ ومن مؤلفاته البارزة ذلك الكتاب الهام جدًا الذي نناقشه كتابات هيكل بين المصداقية والموضوعية، كما أنه ايضًا عضو اتحاد الكتاب المصريين وله انجازات في الإعلام وله في مجال الكتابة الكثير من الأعمال الأدبية.
= كان لهيكل سقطات تاريخية وكتابية واضحة؛ حتى في معظم كتاباته التوثيقية لم يكن موضوعيًا، وقد أخطأ في نقل وطمس بعض الحقائق التاريخية والسياسية لصالح نظام وجهة معينة. يكتب بلا موضوعية أحيانًا بقصد أو بدون قصد، لأنه كان على يقين أنه لا يخطئ وأنه المؤرخ الأكثر حيادية ونشاطًا، ولكن كانت هناك أخطاء واضحة للمؤرخين والصحفيين الآخرين، وعلى الرغم من أن هيكل كان يملك الوثائق والمستندات التي تدعمه في كتاباته المقالية كغيره، إلا أنه غلب عليه طبعه الإبداعي في تحوير الحقائق وترجمتها بما يهواه هو فقط، وبمعنى آخر غير المعنى الأصلي للحدث أو للوثائق. عرض الكاتب دراسة نقدية شاملة خاصة فقط بما نقله وكتبه محمد حسنين هيكل، فقد أشار الكاتب أنه لم يورد إلا الحالات التي يرويها هيكل كشاهد مباشر أو كعنصر موجود في أغلبها، لذلك كان الفصل الأول يناقش الموضوعية والمصداقية معًا فيما يتعلق بما رواه هيكل خلال مسيرته الصحفية والتأريخية، وأشار أيضًا إلى عدم صحة كون هيكل قد نقل بعض الأحداث كشاهد على حد قول هيكل نفسه، وقد استشهد الكاتب بمقالات هيكل نفسه وتغيير الرؤى التي عرضها خلال مسيرته، وهذا ما اعتبره الكاتب تضليلًا وافتقادًا للدقة وذلك هو الصحيح في وجهة نظر أي شخص في العموم. فالذي ينقل الحدث كشاهد معاصر له بشكل خاطئ، منتظرًا موت الخصوم أو الأشخاص الذين سينسب لهم القول أو يجعلهم مصادره شخص لا يتسم بالأمانة، فدومًا كان يرمي المصادر لتعزيز كلامه ومعظمها إما مغلوط أو مجهول غير معروف، مستغلًا ثقة القراء والتلاميذ به. أشار الكاتب أيضًا أنه لم يستشهد بكتابات خصوم هيكل، لأن الخصوم دومًا تحاول أن تظهر خصمها بأسوأ المظاهر، لذلك لم يأخذ الكاتب في مصادره أيًا من كلام خصوم هيكل المعروفين بل بحث وكون موسوعة معرفية مُثبتة ومُثقلة بالمصادر والملاحق في آخر الكتاب. عرض الكاتب أيضًا أن هيكل لم يكن يكيل الأمور بمكيالين بل بمكيال واحد، عرض الكاتب مواقف هيكل السياسية وتحيزه لنظام عن آخر، ونقده للأنظمة بعد فنائها، بعدما كان يمجد في نزاهتها. وفي الحقيقة لم يكن الأمر متعلقًا بهيكل فقط، فمعظم الصحفيين والإعلاميين وغيرهم اتبعوا هذا النهج ولا يزالون، فالأمر متعلق بحياتهم المهنية. قارن الكاتب بين روايات هيكل عن الأحداث ورواية الآخرين عن نفس الحدث، وبالمناسبة كان معظمهم حاضرًا مثله، وعرض تناقضه الدائم بين كتاباته في الماضي والحاضر غير البعيد، كما أوضح أن هيكل كان دومًا ينتقي أخباره ويعرض الجانب الذي يروقه من الحدث فقط، متجاهلًا باقي الجوانب المهمة والمكملة للحدث، فيظهر الحدث غير كامل ومغلوطًا أحيانًا. أرى أن في جوانب من كتابة هيكل ليست دائمًا محايدة أو مكتملة، وتدعو للتعامل النقدي مع أعماله، خصوصًا في ظل التأثير الكبير الذي كان يمارسه على وعي القراء، لذلك حاول الكاتب أن يكون موضوعيًا قدر الإمكان في طرحه للموضوع دون أن يتدخل بالسلب أو الإيجاب؛ هو عرض الوقائع التي حدثت وما يتبعها من تكذيب لهيكل، في بعض السطور أشاد الكاتب بحرفية هيكل في صياغة الأخبار وكتابته للأحداث ومصطلحاته وطريقة كتابته وذكائه اللامحدود وخصائص الكتابة الخاصة بهيكل، ولكن بعد أن ملأ عقلي بمغالطات هيكل التي لا تغتفر، أصبحت أحكم على هيكل بالسوء.
= كان للموضوعية نصيب كبير في مقدمة الكاتب عن الكتاب، ولكن سقط المحتوى في اللاموضوعية لأنه استعرض جانبًا واحدًا فقط من مسيرة كبيرة كمسيرة هيكل فكل المحتوى كان لإدانة وتغليط هيكل فقط، كأن الرجل لم يقم إلا بالتحريف والتكذيب طوال مسيرته المهنية. فالمحتوى يسير على نهج واحد فقط التغليط وإدانة هيكل بكل الطرق، ولا أنكر أن كل المادة المعروضة حقيقة، ولكن أين الموضوعية في الطرح؟ فقد ظننت أن بعد فصل الموضوعية في كتابات هيكل أي الفصل الثاني، سيأتي الفصل الثاني متحدثًا عن إنجازات هيكل مثلًا أو عن الدور الهام الذي قام به، ليعطيني أملًا أن من قرأت عنه ليس شخصًا منافقًا ومخادعًا بالكامل، فمعظم الناس لا تعرف هيكل وعند قراءة العمل ستأخذ انطباعًا أن هذا الشخص أفّاق ومُدلس ومُغير للتاريخ حسب هواه، لأنه لا يوجد إنسان سيئ في المطلق.. فالموضوعية هنا أن أنقل كافة الجوانب السيئة والجيدة كي أكون محايدة في طرحي للأمر، وخاصة لشخصية مثل هيكل، لأن العنوان يوحي بأنك بداخل دراسة نقدية شاملة عن موضوعيته ومصداقيته كصحفي مؤثر بشكل عام. ولكي أكون منصفة فالحق أن الكاتب مدح هيكل في بعض السطور أي نعم ما جاء بعد المدح كان صادمًا، لكنه مدح حتى لو بشكل طفيف وأنا كقارئة أرى أن الطرح كان انحيازيًا في المطلق وبلا حيادية كاملة، لأن كما أشار الكاتب في أولى سطوره في الكتاب عندما قدم مقدمة أكثر من رائعة عن الموضوعية والحيادية فظننت أن المحتوى سيكون حياديًا.
= لا ينتهي الكتاب فقط بالفصل الأخير وهو الخاتمة، بل يستغرق تقريبًا نصف الكتاب في ملاحق وجداول يقيس بها الكاتب مدى مصداقية أعمال هيكل إن كانت مقالية أو كتابية منشورة، ويليها ملاحق من عناوين وجرائد خاصة بما تناوله الكاتب، ثم قائمة المصادر والمراجع التي اتخذها الكاتب في رحلته البحثية لكتابة الكتاب وآخر ملحق وهو المهم، هو توثيق الكاتب لرحلته البحثية ومقابلاته، وهذا الفصل لا يقل أهمية عن العمل، فهنا ترى الرحلة البحثية التي قام بها الكاتب خلال مقابلات أو كتب أو سجلات من الأرشيف اطلع عليها، وهي بالمناسبة كثيرة وقيمة..
= اقتباس من العمل:
❞ ينفر كثير من المؤرخين الجدد وبعض من الباحثين من استخدام مصطلح (الموضوعية)؛ بدعوى أنه ليس هناك وجودٌ حقيقي للموضوعية في الكتابة التاريخية، وأن للمؤرخ - أي مؤرخ - قناعاته وموقفه الفكري، وبالتالي فليس للموضوعية وجود حقيقي، وهذا قولٌ قُوبِلَ بتَحَفُّظٍ مُضَادٍّ؛ إذ ليس المطلوب من المؤرخ أن يُغَادِرَ قناعاته ولا رُؤَاهُ الأيديولوجية، ولكن عليه ألَّا يجعلها حاكمة على نَصِّهِ قائدة له❞ الفصل الثاني صفحة رقم 58.
❞ “إن الذين عاشوا وقائع من التاريخ لا يستطيعون التَّأْرِيخ لها، لأن رؤيتهم مَشُوبَةٌ بتجربتهم الذاتية، وقُصَارَى ما يستطيعون تقديمه هو شهادة للتاريخ وليست تاريخًا، وهناك فارق ضخم بين الاثنين”، ويقول تأكيدًا على وجوب الحرص على الموضوعية وتوفر عناصرها “الموضوعية حق القارئ وحق التاريخ” ❝ صفحة رقم 60.
❞ وفي جميع الأحوال فالنتيجة واحدة؛ أن الأستاذ “هيكل” تَحَصَّلَ بالفعل على (صور) كثير من وثائق العهدين الناصري والساداتي على الأقل حتى مايو 1971، وفي الأغلب حتى النصف الثاني من 1972؛ حيث بدأت العلاقات تَفْتُرُ بين السادات وهيكل ❝ صفحة 70
❞ وهكذا استخدم هيكل التصريح في أكثر من موضع لإلصاق الاغتيالات بخصمه السياسي، وفي الكتاب ذاته والسياق نفسه استخدم صيغة المبني للمجهول؛ لتَجَنُّبِ إلصاق الاغتيالات باسم نصيره السياسي. ❝ صفحة 100
❞ شَكَّكَ هيكل –بأثر رَجْعِيٍّ بعد سقوط مبارك– في الأهمية العسكرية للضربة الجوية الأولى، ذاكرًا أن أهميتها كانت في الواقع معنويةً فقط، بينما كانت 12 إلى 18 طائرة تَكْفِي لتحقيق الأهداف المطلوبة لقِلَّتِهَا، وأن السادات أرادها (مظاهرة جوية) لرَفْعِ الرُّوحِ المعنوية للقوات، ولكي يَسْتَرِدَّ ثقتهم في انفسهم❝ صفحة 230
❞ ويعقب كشك قائلًا: “ولولا أننا لا نَشُكُّ في وطنية عبد الناصر، ولا نَثِقُ إطلاقًا في رواية هيكل لظَنَنَّا (فيهم الظنون)، ألا يعرف زعيم مصر - الذي كان عسكريًّا - ماذا يريد الإسرا ئيليون في سيناء؟ ولا يفهم لماذا يَسْتَوْلُونَ على المواقع الخالية؟، وما ذنبُ الإسر ائيليين إذا كانت المواقع قد تركت بلا مدافعين ❝ صفحة 255
❞ وأحيانًا يستخدم أسلوبَ المتحدث المجهول ليضع على لسانه ما يريد قوله، مثل (يعتقد البعض..)، أو (يرى الكثيرون أنه..)، فيُسْنِدُ إلى المجاهيل، ومن ذلك قوله “جاء دخول العراق إلى الكويت هدية من السماء لصناع القرار الأمريكي، مما دعا كثيرين إلى الظن بأنه (تدبير أمريكي) وليس خطأ حسابات عراقيًّا” ❝صفحة 331
❞ والاستغراق في الوصف وصولًا لأدق الأشياء إحدى وسائل هيكل للتأثير على القارئ من ناحية جذبه لكتاباته وكَسْرِ الأنماط التقليدية لتقديم المعلومات السياسية، وفي الوقت ذاته يكون الوصف دومًا مؤديًا رسالةً ما تصل للقارئ، إما عن حرارة استقبال، وإما عن أبهة مكان، وإما عن مكانة ضيف أو مضيف، إلى غير ذلك من الرسائل. ❝ صفحة 317
ممتع لان اسلوبه لطيف ويتحدث عن مواضيع مشوقة لمن يهتم بتاريخ مصر الحديث . صادم لما الواحد يكتشف ان احد المؤثرين الاسين في هذا التاريخ لاكثر من من ستين سنة كان يملك هذا الحجم من النفاق والكذب والتوحد حول ذاته .. وكاشف لاحد الشخصيات المحورية في مصر.. وكاشف ايضا لمميزات هيكل والتي اقعدته على هذا الكرسي والمكانة ..
تابات الأستاذ هيكل التاريخية تُغرق قارئها في مئات التفاصيل التي وجهه من خلالها، عبر مسار مختار بعناية، نحو صورة انطباعية عن عصر ما دون أن يترك للقارئ فرصة لأن يحيط بالصورة الكلية لهذا العصر، فالذي يقرأ له عن الخديوِ إسماعيل مثلاً سيراه يحكي في كتابه «سقوط نظام» أن الأخير أرسل قوة عسكرية لمساعدة قوات إمبراطور فرنسا في المكسيك مات فيها عشرات الآلاف من المصريين، بالرغم من أن هذه الحملة أرسلها سعيد باشا وليس الخديوِ إسماعيل، وكانت مكونة من «أورطة» واحدة من مئات الجنود وعدد محدود من الضباط وعاد منهم 300 حسبما أكد المؤرخ عبدالرحمن الرفاعي في كتابه «عصر إسماعيل»، وفي المجمل لن يحصل متابعه إلا عن صورة انطباعية سريعة عن السفه غير المحدود في تبديد الموارد والجيوش دون طائل، بينما لن يعرف شيئًا عن بعض الجوانب الأخرى المضيئة من الصورة حيث المنشآت العمرانية وشق التُرع وغيرها.
في كتابه «سقوط نظام»، يؤكد بكل وضوح أن السادات شارك في محاولة اغتيال أمين باشا عثمان والنحاس باشا، أما حينما تطرق إلى عملية الاغتيال التي دبرها عبدالناصر لحسين سري عامر، قائد سلاح الحدود ورجل القصر في الجيش، أرّخ للواقعة بشكل مجهّل فبنى فاعلها للمجهول بقوله: «جرت محاولة لاغتيال حسين سري عامر..» وكأنه لا يعرف من صاحب تلك المحاولة، بالرغم من أن عبدالناصر اعترف بنفسه بهذه العملية في كتاب «فلسفة الثورة» ووثّقها عبداللطيف بغدادي في مذكراته.
عبر هيكل، ستعرف كثيرًا عن إنجازات العصر الناصري بصورة مكبرة، بينما لن تعلم شيئًا عن حقائق أزمة مارس/آذار 1954، وعن الإجراءات القمعية في الصحافة والجامعة وغيرها من مناحي الحياة في الخمسينيات والستينيات، وعن سوء الأداء العسكري خلال حربي 1956 و1967. فعن نتائج حرب 1956، اعتبر هيكل أن مصر حققت فيها انتصارًا كاملًا بالإبقاء على قناة السويس وصحراء سيناء وقطاع غزة في يدها دون أن يذكر بالطبع أن إسرائيل اقتنصت حق الملاحة في مضيق تيران ما فك عنها الحصار وتمكنت من خلاله من الحصول على النفط من آسيا، وكان الصراع على هذا المضيق بالذات سببًا لقيام حرب 1967.
وعقب احتلال سيناء، برّر ذلك بالقول: «في الصراعات الحديثة فإن السؤال المهم والحيوي ليس هو: كم احتل العدو والمهاجم من أراضينا، وإنما السؤال المهم والحيوي: كم احتل العدو والمهاجم من إرادتنا؟»، لذلك يكثر من قول «صحراء سيناء» للإشارة إلى أنها منطقة قاحلة جرداء ويهون من أهميتها في مقابل الإرادة!
مدَّ الله في عُمر الأستاذ وبارك في مكانته التي جعلته صالحًا للكلام والتعليق على كل شيء على مدار سنوات في شتى الموضوعات حتى بات رجل الوثائق وثيقة مصداقية بحد ذاته. فكان لزامًا أن تتناثر أخطاؤه كتساقط تفاح منبوذ من شجرة المعرفة، فقدّم خمس روايات متباينة لكيفية لقائه الأول بعبدالناصر، واعتبر السادات كان معقدًا من لونه الأسمر على الرغم من عبدالناصر لم يكن بدوره أشقر أزرق العينين، أو أن يحكي أنه غطى حرب العلمين لـ «الإجيبشان جازيت» في فبراير/شباط 1942 على الرغم من أن المعركة كانت قد انتهت قبل هذا التاريخ بأشهر، وأن يحتفي بوصف كيسنجر للسادات بأنه «بهلوان سياسي» فيما يتجاهل ما قاله الأول بحقه بأنه يفبرك على نطاق واسع، وهكذا فإذا كان اليونانيون علمونا أن «حتى هومير يحني رأسه أحيانًا»، فإن الباحث يحيى عُمر أن «حتى الأستاذ لا يصدق دائمًا»."
2011, مكتبة كلية التجارة, المليئة بالأتربة و الكتب التى لا يهتم بها أحد, كنت سعيد جدا بها, لسبب ما-متدخلنيش فى تفاصيل يا مدحت- من أوائل الكتب اقرأها هناك كان كتاب البحث عن الذات لفهيم سرنجة. جرعة ضلالات و اوهام و تسلخات فى الايجو اكثر من احتمالى لو قرأتها الآن, لكن من 11 سنة, كنت التهم أى شيء, و بعده مباشرة قرأت خريف الغضب, للمغامر و المؤرخ و الصحفى و سائق الموتسيكلات هيكل. حتى فى الفترة دى, كان واضح ان الكتاب كان منحط وشخصى تماما. واضح ان السادات كان يكذب بشأن كل شيء تقريبا- القشة الأخيرة بالنسبة لى لما كان بيحكى انه كان متعاطف مع غاندى و قرر يعتصم معاه على سطح المنزل مرتديا الزى البسيط التقليدى لغاندى, الى ان تمكن ,طبعا, والده من اقناعه بالعدول عن الامر- نوع الكذب اللى واثق انه محدش هينخرب وراه لدرجة ان الأكاذيب بتتغير من طبعة للتانية-التعبير لهيكل. بس الكتاب كان منحط بما يكفى لانى انظر لأى حرف كتبه هيكل بارتياب. و الآن فى كتير من الوقائع اللى قرأتها فى الانفجار - بالذات unleash Israel, ساعتها هيكل فضل يشرح كلمة اطلاق يد او ترك زمام و دلالة الكلمة لوصف اسرائيل ككلب صيد, اللافت انه بالرغم كل الدراسات الإتيمولوجية دى, الواقعة مختلقة كليا. تحية لنسختى الرائعة من 11 سنة اللى وفرت علىّ قراءة كل فقاعات- بوليت يوفيميزم- هيكل ساعتها. و للكتاب الممتاز دا, اللى وفر عليا وقت فى قراءتها الآن. و منحنى عدة مصادر �� أشياء اخرى للقراءة.
اسم الكتاب// كتابات هيكل بين المصداقية و الموضوعية الكاتب//يحيي حسن عمر دار النشر// العربي للنشر والتوزيع عدد الصفحات // 951 صفحة (على أبجد) تقييم الكتاب//⭐⭐⭐⭐⭐
العنوان // جاء العنوان بصيغة بحثية نقدية واضحة، ويعكس منذ الوهلة الأولى أن العمل أقرب إلى الدراسة التحليلية منه إلى السرد، مع إحساس داخلي بأن الطرح سيكون نقديًا في الأساس.
اللغة // جاءت لغة الكتاب باللغة العربية الفصحى السلسلة مع وجود بعض المقاطع بالإنجليزية لورود النص الأصلي بها لإقامة الدليل،رغم أن الكتاب ثقيل في معلوماته إلا أنه سلس فى تناول الموضوعات .
الغلاف//جاء بسيطا ، فجاء بصورة هيكل موضوع الكتاب مع اختيار ألوان هادئة .
2️⃣مقدمة //لماذا هيكل؟ أبدأ كلامى بمقولة الفيلسوف،إدموند بيرك : "أولئك الذين لا يعرفون التاريخ، محكوم عليهم بالفشل في الحاضر والتيه في المستقبل." و هنا أعترف بأن قراءتي فى التاريخ قليلة جدا رغم شغفي بمعرفة التاريخ ، إلا أننى وجدت أن كل كاتب يكتب من منظوره الشخصي، و لا يعتمد الموضوعية في كتاباته ،و هذا ما وجدته عندما قرأت عن فترة عشتها ،و لذلك جاء هذا الكتاب ليؤكد لي: أنه ليس لدينا مؤرخين إلا القليل جدا.
ونظرًا لأن الكتاب عمل أكاديمي، فإن المعلومات الواردة فيه مبنية على أدلة ووثائق، ما يجعل النتائج النهائية بعيدة – إلى حدٍّ كبير – عن الأهواء والانحيازات الشخصية و يعطي القارئ الثقة .
3️⃣عن الكتاب//
الكتاب يتناول شخصية الأستاذ محمد حسنين هيكل ، الكاتب الصحفي المعروف . و يعرض بإيجاز تاريخه و مسيرته الصحفية و الأدبية و السياسية مع تحليل نقدي لكتاباته . فلا يعتمد الكتاب على السرد فقط و لكن على تحليل أعمال هيكل للوقوف علي مدى موضوعيته معتمدا على التحليل الإحصائي، بتوضيح النسب بشكل واضح للقارئ و قائم على المعلومات التى كتبها هيكل أو قالها بنفسه و ما يعارضها من كتاباته نفسها ،أو ممن تعرض لهم و كانوا مازالوا على قيد الحياة و قدموا دفاعات عن اتهامهم مثل محمد نجيب. *و هنا أتساءل: ألا يوجد ميثاق شرف إعلامي يمنع التعرض للأشخاص ،و خصوصا الاعتباريين، إلا بالدليل الواضح و إلا يحاسب ؟
4️⃣فى البداية//
أول مائة صفحة ، تعرفت على نبذة من حياة الأستاذ محمد حسنين هيكل ، لم أستطع التوقف إلا بعد الانتهاء من أول فصل لآخذ نفس و أستوعب ما حدث و ما كان يحدث فى فترات سياسية متلاحقة من صراعات و تحزبات و غيرها من مظاهر الحياة السياسية في فترات زمنية مختلفة و طويلة. ويظهر لي أن الصحافة قديما كان لها دور خفي أحيانا، و ظاهر أحيانا أخرى فى قلب موازين الحكم، و لم تكن بعيدة عن تصفية الحسابات الشخصية بعيدا عن الموضوعية .
بدأ الفصل الأول ،بعرض مراحل حياته الصحفية و التعليمية، حصل هيكل على التجارة المتوسطة و التى لم يقبلها و درس و اجتهد (أعجبني طموحه و أنه لم يستسلم للظروف و حاول تغيير واقعه بالعلم ) ،حتى سنحت له الفرصة للتدريب فى جريدة إجيبشيان جازيت، و بعدها انتقل الى روز اليوسف كسكرتير ،و كتب بعض المقالات الموالية للملك،و هي الفترة التى يحاول إخفائها و تجاهلها فى حياته العملية و بعدها آخر ساعة و أخبار اليوم ،و بدأت مرحلة ما يسمي بالمدرسة الصحفية ثم مرحلة الكتابة الحرة التى انتقد فيها بعض الزعماء من الناحية الشخصية، و هذا ما لم يكن مقبولا و توالى فى المناصب الصحفية حيث كان له اليد العليا في صناعة مجد جريدة الأهرام .
و بعد نبذة سريعة عن حياته و تطوره المهني بدأ الكتاب فى سرد المرحلة الفارقة فى حياة هيكل حيث علاقته بعبد الناصر كرئيس له شعبية . فكان قريبا منه ناصحا له و كاتبا أمينا له كما فهمت و قد كانت الاحتياج المتبادل هو أساس العلاقة منذ بدايتها و هذا من وجهة نظري: ❞ لعبد الناصر، الذي وجد أن كل الصحفيين الذين اصْطَحَبَهُم معه يسألونه عن الأخبار بينما كان هيكل يُقَدِّمُ لعبد الناصر الأخبارَ التي يريد سماعها، وكان يجمعها من اتصالاته في المؤتمر، خاصة مع الصحفيين الأجانب❝(ص٤٦) و بعدها عرض الكاتب أن هيكل يري نفسه ذو مكانة عالية عند عبد الناصر : ❞ ويوضح هيكل أنه كان يُسْهِمُ في صنع القرار وليس صانعًا له ❝ و يظهر لنا الكاتب أنه كان لذكاء هيكل و فهمه لشخص عبد الناصر دور في احتلال هيكل لهذه المكانة : ❞ ومن الواضح أن هيكل لم يُوَجِّهْ عبد الناصر لأيديولوجيا مُحَدَّدَةٍ، ولا لتَغَيُّرَاتٍ سياسية حادة، وكان من الحَصَافَةِ بحيث يفهم خط عبد الناصر، ثم يساعده في صياغة أفكاره العامة ❝(ص.48) و بعد وفاة عبد الناصر ، بدأت مرحلة جديدة فى حياة هيكل الصحفية ، كانت فى البداية امتداد لمرحلة تألقه و هيمنته و بعدها بدأ الخلاف ،حتى وصل إلى السجن و التي حولته إلى شخص مختلف .
فى نهاية الفصل الأول ،لم أستطع أن أحكم علي هيكل ، رغم أن الكاتب وجهني أحيانا إلى انتقاده ثم يعيدنى إلى أنه كان معارضا صادقا نوعا ما . من وجهة نظري ،أعتقد أنه إنسان له ما له و عليه ما عليه ، هو اعترف أنه أخطأ فى بعض المواقف ضد سياسات السادات فى السلام و أعتقد أنه كان يتفق حقيقة مع فكر عبد الناصر و ليس تملقا لعبد الناصر ، أعتقد أنه كان صحفي ذكي و له تحليلاته الخاصة و أفكاره سواء اتفقنا أو اختلفنا معه.
5️⃣الفصل الثاني // الموضوعية فى كتابات هيكل :-
فى بداية الفصل الثاني ،بدأ الكاتب بتعريف الموضوعية و الشروط التى وضعها المؤرخين للحكم على مدى موضوعية الكاتب التاريخي من عدمه ،و إلي أي درجة تدخل أهواؤه الشخصية فى الحكم على الوقائع و الأحداث التاريخية.
و بعد ذلك عرض الكاتب مجموعة من الأسانيد المهمة على مدى موضوعية هيكل ، حيث تشكل لدي أن هيكل فى فترة عبد الناصر كان الوحيد المسموح له بالقليل من النقد أو التنفيس عن الرأى الآخر، الذي منع غيره قهرا من ممارسة حقه فى النقد . و هذا ما لم يذكره فى كتابه لمصر لا لعبد الناصر و الذي أرى من وجهة نظري ، أن اسمه عكس حقيقته، فهو لعبد الناصر لا لمصر.
و هنا يؤكد الباحث : ❞ “يستعين هيكل بالوثائق لإثبات ما يريد إثباته، ونفي ما يريد نفيه، وليس ما تريد الوثائق إثباته أو نفيه كما يفعل المؤرخ ❝ص.١٤٨
السؤال الذي يخطر ببالى الآن هل أصلا أستاذ هيكل يعتبر نفسه مؤرخا أم يتهرب من المسؤولية؟
أعتقد جملته لا أكتب تاريخا كانت ليتخلص من أي نقد ،لأن كتبه كانت ذات مرجعية تاريخية. من وجهة نظري ،يلام عليه تناوله التاريخ بشخصنته. و استخدام التحريف فى الترجمة حتى تساعده في أن يثبت لقرائه اتجاه معين ،ويظهر أيضا اعتماده على الوثائق الأجنبية . و هنا أسأل. :كيف يثق في أن يكون العدو أمينا فى نقل الحدث أو نقل ظروف اجتماعية أو سياسية لبلد يراها أدنى منه ،أم كانت هى أيضا رؤيته أننا أدنى ؟؟؟؟
ففي ملف السويس قبل ثورة يونيو زيف هيكل بعض الحقائق بطريقة فجة و هنا أتساءل : هل مثلا لأنه كان ضد حكومة الوفد فقط أم لإظهار أن الثورة جاءت لتقوم بالمعجزات التي لم يسبقها لها أحد ؟ من وجهة نظري ، هناك أمور فى السياسة لا تظهر و لا يعرفها أحد و أهداف خفية لا يعلمها إلا الله فى كل الفترات ، تظهر أحيانا بتميز أو إخفاء تميز من قبل الثورة ليكون الفضل كله لها بإظهار الضد . عندما وصلت إلى هذه النقطة أتساءل : كيف أخذ كل هذا الزخم كصحفي ؟ ما هي إمكانياته التى أعطت له هذا الدور ؟
و هنا بدأ الكاتب يوضح إتجاه هيكل بالأدلة ،حيث تحدث الباحث هنا عن رأي هيكل فى علاقة إسرائيل مع أمريكا و توجهات الأخيرة بضبط النفس للأولى ،و أن هذا ضد توجه هيكل الذي أكد أن هناك مآمرة معدة مسبقا . و بصراحة أرى أن النتيجة كانت الحرب ،و أن الوثائق بضبط النفس ممكن تكون مضللة أو كانت في وقت أسبق ،و أن هناك وثائق أو معلومات لم يكشف الستار عنها، تنبأها هيكل أو بنى رأيه بحسه الصحفى و بقراءته ما بين السطور . كنت أتمنى أن أعرف أكثر عن فترة حرب ٦٧، حتى أستطيع أن أفهم أكثر و لكن كلمة هيكل تؤكد أننا كنا السبب في الحرب ،و لم نكن أيضا على قدرها فخسرنا مرتين .
ذكر الكاتب أن ثقة القراء بهيكل كانت كبيرة، ❞ بما هو شائع عند قرائه من أن كتبه على أعلى درجات التوثيق، ❝
هل معنى ذلك أن القراء هم من أعطوا هيكل هذه المكانة الذي نفاها عن نفسه، أم كان قوله مخالف لما يقوم به، فكتاباته كانت ذات مرجعية تاريخية مؤكدا أنه يعتمد على التوثيق ؟
و يأخذنا الكاتب فى جزء الأنا العالية لدى هيكل بأنه اعتبر نفسه ذو أهمية فريدة على مستوى العالم و السؤال هل ممكن لصحفى أى كانت مكانته أن يكون له مثل هذه الأدوار كلها ؟؟
و يظهر أهمية الإعلام و الصحافة فى تغيير و توجيه الشعب حسب أهوائها ليس قديما فقط و لكن في كل الأزمنة.
و هنا تبدأ مرحلة جديدة فى حياة هيكل وهى علاقته بالسادات و تغيير أقواله بعد الخلاف معه و التي تؤدي حتما إلى إلغاء مصداقيته لأنها تعتمد على الأهواء و الأنا الشخصية و الدفاع عن النفس لتعظيم شأنها . **** التضليل شئ سئ جدا و أثر فيا كثيرا أنه ضلل الشعب فى نسبة حضور جنازة أنور السادات و الذى كان بسبب وفاته المأساوية فى يوم النصر، و لتأمين الرؤساء الحاضرين ،و ليس كما قال: لعدم شعبيته .
و هنا اتفق جدا مع هذا الاقتباس ❞ فغير المؤرخ قد يُتَسَامَحُ معه في بعض النواحي الأكاديمية في الضبط والتدقيق، ولكن ليس في مسألة الأضواء والظلال وغيرها من أُسُسِ الموضوعية ❝(ص.٢١٠)
هذا الاقتباس بالنسبة لي يوضح الصورة بشكل جلي ففى بداية قراءتى الكتاب كنت أشعر ببعض التحامل و لكن بدأت تتضح الصورة إن كانت قاتمة.
و الاقتباس التالي ،أحزننى كثيرا لأنه هون من أمر الأرض و الذي بضياعه ضاعت إرادتنا و ليس كما قال: ❞ كم احْتَلَّ العدو والمهاجم من أراضينا، وإنما السؤال المهم والحيوي: كم احتل العدو والمهاجم من إرادتنا” ❝
و هنا لم ينف الكاتب أن يكون للمؤرخ انحياز ما و رأي شخصي و إيديولوجية و لكن شرط الموضوعية ليؤخذ بكتاباته و لا يتعمد إخفاء حقيقة أو وثيقة ليثبت فقط صحة رأيه. يساورني سؤال: هل كان هيكل على حق ،أن ينتقد بطريق�� مواربة دون أن يتعرض للرئيس حتى يستطيع أن ينتقد، و يقول رأيه أم يقول رأيه مرة و يحبس وراء القضبان باقى عمره ؟ ❞ فإن (نقد التجربة) عند هيكل منذ هزيمة 1967 وحتى خروجه من الأهرام ما زال يُعَدُّ الأكثر تميزًا لصحفي قريب من السُّلْطَة في تاريخ الصحافة المصرية الحديثة ❝(ص.٣١٢)
فى الجزء الخاص بقناة السويس أتساءل هل دالاس قال الحقيقة أم كان يقول فى العلن عكس ما ينوى فعله و لماذا أصدقه و أعتبر تحليل هيكل خاطئ ؟ الفقرتين ( ٥٧٠--٥٧١) محيرتين ففى السياسة لا أحد يقول الحقيقة .
حقيقة، أتفق جدا مع ❞ وإذا كان هذا التَّشَوُّشَ قد حدث مع الباحثة على جلالة قدرها في التَّأْرِيخ وعلى كثرة ما أَوْرَدَتْهُ من نقولات في الكتاب ذاته تخالف ما نقلته عن هيكل - ومع ذلك نَقَلَتْهُ وتَأَثَّرَتْ به - فكيف بمن هم دُونها، ❝(ص. ٣١٧) فمع انتهائي من الفصل الثانى : تهت فعلا بين الحقيقة و الكذب و خصوصا فى موضوع قناة السويس قبل الثورة و بعدها و من أصدق و لماذا؟؟ و لماذا وضعنا عبد الناصر فى حرب لم نكن نستعد لها جيدا؟
6️⃣الفصل الثالث// المصداقية فى كتابات هيكل:-
نبدأ فصل جديد و خصص الكاتب فيه الحكم على مصداقية هيكل بالدليل و البرهان :
حدد الكاتب فى البداية أنها إحدى خصائص الموضوعية و التي بدونها لا يكون الكتابة تاريخية .و لكنها من وجهة نظري،تصبح روائية أو تحريضية أو مجرد شائعات .
وهنا استبعد الكاتب الخصوم و هذا ما يعطى للدراسة مصداقية أكثر بالنسبة لي، ❞ فشهادات الخصوم في بعضهم البعض مَطْرُوحَةٌ، وهي كالعَدَمِ ما لم تَدْعَمْهَا شهاداتٌ أخرى مُوَثَّقَةٌ. ❝(ص.٣٢٠)
و هنا أكمل الكاتب في سرد الكثير من المواقف و الموضوعات التي ناقشها هيكل ،و الذي غير فيها أحيانا بالإضافة أو الحذف أو بالتغيير فى بعض النقاط الجوهرية . و السؤال الذي يراودنى لماذا كل هذا التدليس حتى فى مدة تدريبه فى الاجيبشيان جازيت ؟،و هذا أبسط الأمور و التى تخصه ، هل ليعطي نفسه قيمة أكبر حيث ينسب لنفسه أنه غطى الحرب العالمية الثانية تحت ظلالها ؟و هذا يعطيه قيمة كصحفي و هذا ما فهمته ،و لكن ألم يخش أن يكتشف أمره و يظهر بمظهر الكاذب؟
عندما تقرأ الحوار بين هيكل و عبد الناصر الذي ذكره هيكل أنه حدث ليلة الثورة ،يدخل فى قلبك الشك فكيف لشخص حريص مثل ناصر، فى نيته يقوم بثورة قد تفشل و يفقد حياته أن يكون صريح مع كاتب محسوب على النظام و هنا يظهر لي عدم مصداقية قصته، بمجرد تجميع المعلومات .
أتساءل هنا :لماذا قابل محمد نجيب و بعض الضباط الأحرار هيكل، و هم يحضرون لإنقلاب ، كيف وثقوا فيه و هو صحفي النظام ؟ هل كانوا يستدرجوه للحصول علي المعلومات كأنها دردشه أم أنه كان وسيط الملك ؟ و هنا يجيب الباحث على التساؤل الذي جال فى خاطرى ب: ❞ ( ولو كان عرف شيئًا عن الثورة كنا رحنا في داهية) ❝ ❞ ولم يكن لهيكل أي دور سوى الحصول على أنباء حركة الجيش كي يُزَوِّدَ بها الصحيفة التي يعمل بها مثله مثل الصحفيين الآخَرين ❝(ص.٣٥٨)
و هنا تعرض الكاتب لبعض الأحداث التى دارت حول الثورة المصرية ضد الملك . أنا مصدومة من المبلغ الكبير ثلاث ملايين دولار والذي حصل عليه جمال عبد الناصر والسؤال لماذا قبله الضباط الأحرار ؟؟ و هل فعلا لأمريكا دور فى كل ثوراتنا بدأت أشك حتى فى الثورة الأخيرة لوجود تشابه فى الملابسات و إشاعة و جود أيضا أموال من الخارج، فالتاريخ يعيد نفسه على حسب قول محبي التاريخ:( اعرف تاريخك تعرف حاضرك و مستقبلك)، ❞ أَوْرَدَ هيكل قصةَ تَسَلُّمِ ثلاثة ملايين دولار من المخابرات الأمريكية ❝ ❞ ذَكَرَ فيه صراحةً أنه سَلَّمَ المبلغَ لحسن التهامي في منزله بالمعادي ليُوَصِّلَهُ إلى جمال عبد الناصر كهدية شخصية له.. ❝(ص. ٣٦٧) و بعدما أشار الكاتب إلى علاقة جمال و بالتالي الضباط الأحرار بالمخابرات الأمريكية و أتمنى أن يثبت أحد عدم صدق هذا الجزء و يكون له رأي مضاد موثق علميا أيضا أو يوضح أسباب تقبل هذا المال و تحت أي بند.
يأخذنا الكاتب فى كارثة جديدة و هي إعطاء رشاوى ،و لا أجد إسم آخر لها ،لبعض الصحف العربية لإضفاء الشرعية و زيادة شعبية جمال عبد الناصر. ❞ ويُسْتَفَادُ من هذه الشهادات سواء شهادة هيكل أو اللوزي أن النظام كان يستخدم المصاريف السرية لشراء تأييد الصحف اللبنانية لسياسته ❝(ص.٤٠٦)
هنا يظهر لي بعض المعلومات عن علاقة بالمخابرات الأجنبية و أموال للصحف العربية و أموال لتمويل ثورة اليمن بأموال شعبنا الذي أصبح فقيرا بعد غنى ، لماذا دفع جمال كل هذا المال؟ ولماذا دفع أيضا بالجنود إلى بلاد أخرى ؟و لماذا جر البلاد لحروب كان يستطيع تفاديها ؟ بعدما انتهيت من الفصل الثالث و عرفت بعض المعلومات الصادمة ،انطفأ داخلى محاولة معرفة الحقيقة لأنها مرة ، لم أتوقع أى منها و لولا أنها دراسة علمية لما صدقتها.
7️⃣الفصل الرابع// خصائص أسلوب الكتابة عند هيكل:-
أجاد هيكل اللعب بالكلمات فكان ملك الكلمات، يطوعها كيفما يريد ليصل إلى ما يريد ،و يوصل معلومة بعينها للقارئ بحيث لا يحيد عنها فى نجاح لافت للنظر ، فقد نجح فى لي عنق الحقيقة مرات عديدة،إما باستخدام أساليب المجاز أو التشبيه أو الجناس أو غيرها من المحسنات البديعية التي تظهر تمكنه من اللغة تمكنا ظاهرا فى كتاباته ، حيث استخدمها فى السياسة بطريقة خطيرة غيرت الحقائق ،و شكلت الرأي العام كما أراد لفترة طويلة ،قبل أن يتصادم مع السلطة ،و يدخل الأمور الشخصية .
❞ ويلاحظ أن استخدام الاستعارات يؤدي بالضرورة إلى التركيز على حقائق وإلى إخفاء حقائق أخرى ❝(ص.٥١٦) ❞ جمع الأستاذ هيكل بين نشاط الصحفي النابه، وذكاء السياسي المتمرس، وحضور الدور التاريخي، وعذوبة وحسن صياغة الأديب البارع ❝(ص.٥١٤)
*أوضح الكاتب بالأدلة من كتب هيكل نفسه ،بتمكنه من استخدام المحسنات اللغوية بتنوعها و خصوصا المجاز و التشبيه مما أعطى كتاباته زوقا أدبيا بجانب كونها تتحدث عن السياسة و التاريخ .
أعجبتني هذه المقولة لهيكل: ❞ “نحن نملك أن نَصْنَعَ التفاصيل، ولكن المبادئ هي التي تصنعنا❝(ص.٥٢٥)
صدمنى استخدام هيكل لأسلوب فظ فى التعامل مع الخصوم السياسيين الأجانب، و وصفهم و نعتهم بألفاظ غير لائقة مثل بغل استرالى على روبرت منزيس و غيرها من الأمثلة التى ساقها الكاتب .
بدأت مرحلة جديدة فى حياة هيكل بعد نكسة ٦٧ ،حيث اختار لنفسه أسلوب جديد بدل أسلوب الهجاء المباشر و بدأ باستخدام التعريض بالإيحاء. و استخدم أيضا طريقة أن البعض يقول و يذكر من الإشاعات ما يريد ثم يردف بأنه لا يوافق على ذلك و ذلك لتمرير المعلومة دون محاسبة .
من وجهة نظرى، هذا أسلوب يفعله العامة لتمرير أى معلومة عن أى أحد أو التشكيك دون وجود دليل .
الكاتب يوضح بالدليل أن رأي هيكل فى موضوع ما ، كان يعتمد على علاقته الشخصية فإن كان مع الرئيس فيستخدم لغة التخفيف و إن كان غير متوافق معه ذكره بصراحة و غلظة. و يظهر هذا جليا فى قوله :أن ذكر ما حدث فى فلسطين ٤٨ بأنه (نكبة ) هو مراوغة من الحاكم حتى لا يتحمل المسئولية و فى نفس الوقت استخدم كلمة نكسة و لم يسميها هزيمة تخفيفا لما حدث فى ٦٧ و ذلك لقربه و حبه لعبد الناصر.
8️⃣نتائج الدراسة و أهم الاقتباسات//
❞ يؤثِّر الانحيازُ السياسي والأيديولوجي للتجربة الناصرية على قراءة الأستاذ هيكل لتواريخ الحقب التي عاصرها وبعض ما قبلها، فتخرج قراءةً أيديولوجية يَشُوبُهَا التَّحَيُّزُ، تَنْتَقِي وتَحْذِفُ تبعًا لتلك التحيزات. ❝(ص.٦٤٥)
❞ استخدام الاستعارات يؤدي بالضرورة إلى التركيز على حقائق وإلى إخفاء حقائق أخرى؛ إذ ستؤدي الاستعارة إلى التوجيه نحو لوازمها وصرف الانتباه عما عداها. ❝(ص.٦٥٠)
❞ وقد وصلت الدراسة إلى نتيجةٍ مُؤَدَّاهَا أن كتابات الأستاذ محمد حسنين هيكل لا تُعَدُّ تأريخًا منهجيًّا؛ لافتقارها إلى الأدوات المنهجية حتى في مجال توثيق المعلومات التاريخية التي تَحُوزُ فيها تلك الكتابات شُهْرَةً شَعْبَوِيَّةً بخصوصها، كما لا تُعَدُّ تلك الكتابات ) ❝ص.٦٥١
❞ تظل ذات أهمية كبيرة باعتبارها المرجعَ الأشهر للقراءة السياسية الناصرية للتاريخ، وهي مهمة للتعرف على الفَهْمِ والتصور الناصري لتلك المراحل والوقائع، ❝(ص.٦٥٢)
9️⃣ما يتميز به الكتاب//
***تعرض الكاتب لمراحل تطور هيكل و تغير أسلوبه مع نضجه الصحفي و علي حسب الحقبة التاريخية.
***الكتاب من وجهة نظري ليس فقط تحليل للصحفي البارز هيكل و لكن لتوضيح ملامح عامة لفترات سياسية عاشها و كان جزءا منها .
***و أشيد كثيرا بأن الكتاب جزء من رسالة علمية فهو بعيدا عن الأهواء و يحاول الحياد ليقرر القارئ وجهة نظره بناء على المعلومات و الأدلة .
***أشيد أيضا بفقرة الإحصاء على مدى التوثيق و صحته فى كتب هيكل لبيان المعلومات بشكل أبسط للقارئ ليقيم بنفسه و يفهم بناء على الأرقام التى لا تخطئ.ما ظهر جليا من استخدامه لشهادات متوفين بنسبة50%
***إضافة المراجع و الوثائق التي استعان بها الكاتب تجعل الكتاب موثق، و تعطي القارئ المصداقية بقراءته الوثيقة بنفسه ،و أصبح الكتاب هو نفسه مرجع لدراسات أخرى عن هذه العهود من وجهة نظر آخرين حتى نصل إلى النظرة التاريخية الحقيقية لهذه الحقبة .
*** لم يقم الباحث بعرض الوثائق فقط و لكن قيم هذه الوثائق بمدى إيجابياتها و سلبياتها و هل حققت ما أراده هيكل أم لا؟
***فتح الكتاب باب من التساؤلات منها من أجاب عنها و منها من يجب البحث عنه .
***أفضل مقولة نقدية لهيكل من وجهة نظري ، ❞ النظام الذي لا يُرِيدُ أن يُغَيِّرَ فلا بُدَّ أن يَتَغَيَّرَ ❝(ص. ٥١)
و السؤال الذي يطرح نفسه إلي أي مدى التزام الباحث بالحيادية لإثبات وجهة نظره ؟
10️⃣ الخاتمة// فتح الكتاب جراح مجتمع يتظاهر مثقفوه بالحكمة و الموضوعية ، وأرى أن كل ما ذكر بحق هيكل هو نفسه ما عشناه فى عصر ثورة يناير، و من كتب عنها أثناء حدوثها و من تلون، و من غير رأيه بعد ثورة يونيو .فقد عشناها، ونعرف الحقيقة معايشة ،و رغم ذلك من يكتب فيها يظلم فئة على حساب الأخرى و ينصر أيديولوجيته دون مراعاة لتحرى الدقة و الصدق .فتشويه الخصم هو هدف فى حد ذاته و اظهار الذات التى لا تخطئ حكمها .
وأجيب هنا على سؤالي الاول فى المقدمة لماذا هيكل ؟ من وجهة نظري، اختيار الكاتب لهيكل ، لأنه يمثل العديد من الحقب التاريخية. فقد بدأ حياته العملية فى العصر الملكي، ثم استطاع الانصهار و التميز فى فترة الثورة (ثورة يونيو )،ثم ظهر بريقه و لمع فى عهد عبد الناصر ثم خفت شيئا فشئ . و بدأ الخفوت فى عصر السادات ثم مبارك ثم عاصر أيضا ثورة يناير . فهو ليس بالشخص العادي و لكنه استطاع أن يطوع اللغة فى تلميع من يريد و إطفاء من يكره فكان لقوله :أن كلامه مستند على الوثائق تجعل لكلامه ثقة كبيرة دون البحث وراءه حينها ،و لذلك صدقه الناس رغم كونه صحفى السلطة .
وأختم بمقولة لهيكل ،تجيب عن تساؤل ظل يراودني أثناء قراءة هذا الكتاب، و هو هل أحيانا يكون الجهل نعمة و العلم نقمة ؟
❞ “إنني أفضل أن أكون واحدًا من القادرين على تحمُّل كل الأكاذيب على أن أكون واحدًا من العاجزين عن تحمُّل بعض الحقائق” ❝(ص.٥٤٠) #فنجان_ومراجعة_كتابات_هيكل #مسابقات_فنجان_قهوة_وكتاب #أبجد #كتابات_هيكل_بين_المصداقية_والموضوعية #يحيى_حسن_عمر
ملحوظة // بعتذر عن الطول الشديد للمراجعة (رغم أني حذفت كثيرا مما كتبت لتقليل المراجعة )،و لكنى كنت أكتب ما يتراءى لي عن كل جزء قبل الانتهاء الكامل من الكتاب ، ففى البداية تساءلت بعض الأسئلة التي وجدت إجاباتها لاحقا و أحيانا يتركني الكاتب فى صدمة من معلومات لم أتوقعها .و قارئ هذه السطور قد يجدني متقلبة الحال بين الاتفاق و الاحجام ،بين الرغبة فى معرفة الحقيقة و بين الخوف من الحقيقة التي تهدم تابوهات أشخاص اعتباريين، فالتاريخ صادم حقا .
نحن امام كاتب عاشق للتاريخ ودخل عالم المؤرخين من باب الاكاديمين فقد درس في كلية الاداب وحصل علي الماجيستير, فهناك الكثير من المؤرخين الذين لم ينالو صفة الاكاديمين كما ان هناك فارق كبير بين من يكتب في التاريخ ومن يكتب في رصد وقائع التاريخ والتأريخ لها
فالكاتب عاشق للتاريخ ومحب لدراسة شخصياته ووقائعه ويتجلي ذلك ليس في الكتاب الذي نتناوله فقط ولكن يظهر حب الكاتب بوضوح للتاريخ في كتابة الاروع التحولات البسيطة والذي يطرح الكثير من الافتراضات تحت عنوان اكبر وهو (ماذا لو ) فيطرح الكاتب من خلال سرده للوقائع التاريخ بسؤال ماذا لو لم تم تفاذي خطأ تاريخي او تغير قرار ما
فمثلا يستعرض في احدي القصص في كتابه ماذا لو لم ينتصر السلطان سليم الاول في موقعة مرج دابق
وفي كتاب كتابات هيكل بين المصداقية والموضعية لا يخفي علينا حب وشغف الكاتب بالتاريخ وحب وشغب الكاتب بهيكل وكتاباته فهيكل المثير للجدل دائما عبر تاريخه الصحفي ولا عجب في ذلك اذا عرفنا انه من مدرسة اخبار اليوم التي تعتمد علي الاثارة
في هذا الكتاب والذي كان رسالة ماجستيرتحت عنوان ((تاريخ مصر في كتابات محمد حسنين هيكل 1942-2003)) وقد اختار الكاتب عدد من فصولها ليكون عماد الكتاب وقد قدم اشمل دراسة عن كتابات الاستاذ محمد حسنين هيكل المتعلقة بتاريخ مصر ونري من الموضوع ان الرسالة اذا تحولت الي كتاب كان هيكون كتاب رائع ومعتبر ولكن الكاتب اراد ان يسلك الطريق الاصعب
وان يعيد صياغة الموضوع ليتقاطع مع موضوع رسالة الماجيستير
ويظهر هنا تاثر الكاتب بهيكل واراد ان يخرج مخزونه الفكري المتراكم عن كتابات هيكل في شكل دراسة نقدية من ادق ما كتب علي كتابات هيكل وفكره ومنهجه واسلوبه وليس علي شخص هيكل نفسه كما فعل البعض وكما فعل هكيل نفسه مع اغلب خصومه وخاصة الرئيس السادات
فنجد ان الكاتب قد تناول كتابات هيكل بالتحليل والمقارنة والاستنباط وكان ذلك من خلال عرض للوقائع والافكار والتصريحات التي تناولها هيكل في مقالاته او كتبه او حتي في البرنامج التلفزيوني وكان ذلك من خلال الربط بين النصوص الوثائقية والرويات المختلفة والشهادات الشفاهية لكثير من معاصري هيكل او من حضرو بعض من الاحداث التي حكي عنها هيكل ومحاولة استنباط الحقائق والاستنتاجات من بينها بالتحليل والتفسير والمقارنة وقد اعتمد الكاتب علي منهج المسح الشامل والقائم علي جمع وتحليل مئات المقالات والكتب التي تبين اسلوب هيكل كما انه يتجلي لنا المجهود الجبار الذي بذله الكاتب في البحث في ارشيف الجرائد ومقارنة الوثائق والمقالات والكتب وحتي احاديث هيكل ويتجلي لنا ثمار هذا المجهود في ان الكاتب يكشف عن مقال لهيكل في روز اليوسف (كنت اتمني ان اكون معهم ) وهو اول مقال لهيكل في الصحافة العربية ولم تشر اي مراجع الي تلك المقالة قبل ان يكتب عنها الكاتب بل ان هيكل نفسه قد عمد الي عدم الاشارة الي فترة عمله في جريدة رزو اليوسف ويحلل الكاتب ويرجع سبب ذلك امت غلب علي كتبات هيكل في رزو اليوسف من مدح مبالغ فيه للملك مما يجعله مثار للحرج بالنسبة له
ونجد ان الدراسة هي دراسة متفردة لم يسبق لاحد ان تناولها وقد قام الكاتب بكل حيادية ومصداقية بنقد ودراسة كتابات هيكل والتصدي لعدم المصداقية وعدم الموضوعية في الكثير من كتابات هيكل وكان يثبت ذلك بكتابات هيكل نفسه او بشهادة شهود الواقعة التي سردها هيكل او بالتحليل والاستنباط واعمال العقل
فمثلا في تفنيد ادعاء هيكل في انه كان يغطي الحرب العالمية الثانية قام الكاتب بتحليل ذلك الادعاء بان الجريدة لن تغامر بارسال صحفي صغير لتغطية ذلك الحدث العالمي كذلك في نقده لما تناوله هيكل للرئيس السادات في كتابة خريف الغضب (فكتب معرضا باصله ولونه وطاعنا حتي في اسمه وقال وقتها ليس في خريف الغضب شئ لم اقله عن السادات في حياته نعم توسعت وهذا طبيعي لان ظاهرة السادات السياسة قد اكتملت فصولها ) وقد رد الكاتب علي ذلك بقوله (( وهذا لم يكن صحيحا بالمرة فهيكل كما تقدم لم يقل شيئا عن السادات في حياته كان يعارض سياساته مع الحفاظ علي كل الاحترام لمقام الرئاسة وحرصا علي سلامته الشخصية
ويثبت لنا ان هيكل كان من صفاته انه لا يعارض رئيس معارضة تعرض سلامته الشخصية للخطر ولكنه كان حريص كل الحرص علي ان يحافظ علي المقام الرئاسي ولكن بموت الجالس علي الكرسي يقوم بتوجيه التهم والتعرض لمقام الرئيس ذاته وهو ما حدث مع جميع الروساء والملك ولكن لم يحدث ذلك مع عبد الناصر
فقد استعاض عن المدائح البالغة الي صناعة اسطورة البطل وتبيض وتجميل النظام الناصري وتحميل المسؤلية لاي شخص مثلما حمل عبد الحكيم عامر مسؤلية الهزيمة في مقالاته وتقديم التبريرات للتجربة الناصرية وليس نقدها واعتقد ان عدم تناول هيكل للتجربة الناصرية سببه ان هيكل كا شريك في تلك التجربة ليس فقط الصحفي الاول او الصوت الاوحد او المدافع عن سياسات وشخص عبد الناصر فقط ولكنه كان مشارك في الحكم
وفنجد ان الكاتب قد جرد بمنتهي الموضوعية كتابات هيكل من الهالة الاسطورية واستعرض الكثير من الواضيع التي خلت من الموضوعية في كتابات هيكل فنج ان الكاتب قد تناول مثلا واقعة تقبيل النحاس باشا يد الملك فاروق فيؤكد الكاتب ان مثل تلك الواقعة لا يثبتها اي مرجع معروف فان هيكل يصر علي تقديمها في الصدارة في عدة مناسبات واصفا ايها بمشهد الذروة في ماساة السياسة المصرية ويروي هيكل الواقعة عن (نجيب الهلالي وحسين سري وكريم ثابت وحسن يوسف باشا وجميعهم توفوا قبل صدةر كتابه والاخيران مذكراتهم منشورة ولا تتضمن اي ذكر للواقعة فكان اسلوب هكيل ان يلصق اي روايات بالاموات فهو يقوم بالاحالة علي الاموات او الغائبين
ايضا يسرد الكاتب واقعة اشتراك عبد الناصر في محاولة اغتيال حسين سري عامر ثم ندم علي ذلك ,كما كتب بنفسه في كتابه فلسفة الثورة الذي صاغه هيكل الا انه كتب لاحقا يقول ان عبد الناصر رفض خيار الاغتيالات
ثم ينتقد الكاتب ما صرح به هيكل في ازة حرية الصحافة ويقول (بينما كانت الحقيقة التي لا تظهر في كتابات هيكل مطلقا ان الامر كان علي خلاف ذلك فلم يكن خوف الصحفيين نتاج رهاب غير مبرر بل كان نتاج هجمات مريرة علي حرية الصحافة وفي ذلك يري المستشار طارق البشري انه ايا كانت الاسباب والمبررات والاعذار فسيظل تقدير ان ما حدث في هذه الفترة قد ولد اثارا سلبية ومشوهة في التكوين الجمعي للشعب المصري
يتجلي هنا المجهود العظيم ليس في تعقب ما يكتبه هيكل ولكن ايضا في البحث والتحليل والتفسير والمقارنة
فالكاتب بالبحث والتقصي عن الواقعة وعما اذا وردت في كتب اومذكرات لمن قام هيكل بنسب الواقعة اليه بل والرد علي مغالطات هيكل في دفاعه عن حرية الصحافة ايام العهد الناصري
يستعرض الكاتب في صفات كتابات هيكل من انها تتصف بالدقة والاهتمام في ايراد التواريخ والشخصيات التاريخية كذلك في توثيقه لكتبه
يتعرض الكاتب ايضا لتاثير هيكل علي المثقفين ويستشهد بان شخصية بمثل حجم لطيفة محمد سالم في كتاب ازمة السويس قد تاثرت ايضا بكتابات هيكل
الكاتب قد اجاب علي التساؤل المتعلق بمدي الالتزام بالدقة وشمول العرض وغير ذلك من اوجه الموضوعية وذلك من خلال دراسة محددات وضعهتا الدراسة للوقوف علي مدي اربتاط كتابات الاستاذ هيكل بمعايير المضوعية وقد ثبت وجود نقائص موضوعية
تحدث الكاتب عن اسلوب هيكل
وتحدث ايضا عن علاقة هيكل بالسلطة واستعرض اسلوب هيكل مع من يجلس علي العرش في حياته واسلوب كتاباته مع تركه للكرسي
كذلك اوضح لنا الكاتب ايضا اسباب الحيد عن المصداقية
وقد اظهر الكاتب لاختلاف الترجمه الطبعات الانجليزية والعربية في جمل او فقرات محدده فالكاتب كان من الدقة في دراسته انه تعرض وقارن بين الاختلافات بين الطبعات الانجليزية والعربية في كتابات هيكل واستعرض كتاب واستعرض الكاتب بعض الكتب التي تناولت تلك الاختلافات
استعرض ايضا الكاتب علي اساليب التلطيف اللفظي عند هيكل وعقد المقارنات وكان الكاتب يملك من الدائب وقوة الملاحظة التي تمكنه ايضا من ملاحظة استشهاد هيكل بابيات الشعر والاستعارات الدينية والامثال الشعبية وحتي استخدام الامثال الاجنبية واستخدام هيكل ايضا للغة الغموض واستخدام اسلوب
ولا يخفي علي القاري ايضا ان الكاتب قد تاثر بكتابات هيكل مثل المثقفين وجيمع اطيفا الشعب في سك هيكل للمصطلحات ومنها مثلا النكسة بدلا من الهزيمة وفي سياق الدراسة قام الكاتب باستخدام مصطلح النكسة في وصف هزيمة 1967
فلا شك ان هيكل كان شخص له تاثيرا في عالم الصحافة في مصر والعالم وكاتب سياسي واعتقد انه كان شريك في التجربة الناصرية وشريك فكري لعبد الناصر واعتقد ان علاقة عبد الناصر وهيكل تشبه علاقة عبد الناصر بعد الحكيم
وقد وصف الكاتب علاقة هيكل بعبد لناصر وصف عبقري (كان لقاء عبد الناصر بهيكل لقاء القدر وكذلك لقاء الاحتياجات المتبادلة احتياج عبد الناصر المتعطش لمعرفة اسرار السياسة وكواليس الحكم والمعلومات المهمة عن الداخل والخارج وما وراء تلك المعلومات وما بين السطور وهذا بالتحديد ما يبرع فيه هيكل الصحفي والنفسي لان يكون قريب من موقع السلطة
والسؤال الذي يطرح نفسه الم يكن هناك صحفي او سياسي عنده تلك القدرة
واعتقد ان علاقة عبد الناصر وهيكل وعلاقة عبد الناصر وعبد الحكيم عامر هي من الالغاز التي ليس لها اجابه
الكتاب هو اضافة قيمة للمكتبة العربية ودراسة معتبرة عن اكثر شخصية اثارة للجدل في عالم الصحافة وايضا في عالم السياسة وقيمة الكتاب في منهجية الكاتب في تناوله للموضوع والمجهود الذي بذله والاسلوب العلمي في التناول وفي جمع المادة العلمية ودراستها وتحليلها والمقارنة والمراجعة ومنهجية المسح الشامل التي اعتمدها الكاتب القائمه علي جمع وتحليل مقالات الكاتب والكتب التي اصدرها هيكل والكتب التي تناولت هيكل وحتي التصريحات ومراجعة اغلب الكتب والمذكرات للاموات التي احال اليها هيكل مصادره
واخيرا الحب يصنع الجمال فحب الكاتب للتاريخ انتج لنا كل هذا الجمال
■ مراجعة عن كتاب "كتابات هيكل بين المصدقية والموضوعية"
■ تأليف: د/ يحيى حسن عمر ■ صادر عن: دار العربي للنشر والتوزيع ■ اللغة: لغة عربية فصحى راقية ■ عدد الصفحات: ٥٣٧ على تطبيق أبجد
---
■ نبذة عن الكاتب: الدكتور يحيى حسن عمر هو مهندس ومؤرخ مصري، حاصل على بكالوريوس الهندسة من جامعة عين شمس عام 1995، وماجستير الهندسة من نفس الجامعة عام 2000. كما حصل على دبلوم دراسات إسلامية من المعهد العالي للدراسات الإسلامية بالقاهرة عام 2001، ولديه ليسانس آداب في التاريخ من جامعة عين شمس عام 2004، وماجستير في التاريخ من جامعة القاهرة عام 2017. من بين مؤلفاته البارزة كتاب "كتابات هيكل بين المصداقية والموضوعية"، الذي نُشر عام 2019 عن دار العربي للنشر والتوزيع. يتناول الكتاب تحليلًا نقديًا لكتابات الصحفي المصري محمد حسنين هيكل، مسلطًا الضوء على مدى مصداقيتها وموضوعيتها. وقد أُقيمت ندوة لمناقشة الكتاب في مكتبة مصر الجديدة العامة في 15 أكتوبر 2019. بالإضافة إلى ذلك، يُعتبر الدكتور يحيى حسن عمر عضوًا في اتحاد الكتاب المصريين، وله إسهامات بحثية وأكاديمية في مجالات الهندسة والتاريخ والإعلام.
---
■ فكرة الكتاب: هي جزء من رسالة ماجيستير للكاتب الباحث والمؤرخ يحيى حسن عمر نوقشت في نوفمبر ٢٠١٧، وعنوانها "تاريخ مصر في كتابات هيكل". وقد جمع الكاتب المادة العلمية عن طريق تجميع وتحليل مقالات الكاتب التي تتعرض للتاريخ المصري، وأرشيفات جرائد الأهرام والأخبار والهلال وروزاليوسف، ومادة شفهية من عدد من الشخصيات التي عاصرت هيكل، ومنهم قائد سرب طيران حرب أكتوبر وحسين كروم، له كتاب أيضًا عن هيكل، وعبدالرحيم نافع.
> "رغم الأهمية البالغة لكتابات هيكل التأريخية فإن المكتبة الأكاديمية العربية ظلت تعاني حتى الآن من ندرة الأبحاث الاكاديمية التي تتناول بالنقد والتقييم إنتاج هذا الكتاب".
---
■ حبكة الكتاب: تركز الكتاب على عدد أربع فصول، تجول بنا داخلهم الكتاب بتنوع لا يثير الملل، فمثلًا تناول في البداية في الفصل الأول تسليط الضوء على حياة هيكل ونشأته ومسيرته وكتاباته عبر الحقب المختلفة. أما عن الفصل الثاني فكان يتمحور حول الموضوعية ونسبتها ووجودها في كتابات هيكل، وقد تناول الكاتب هذا بشكل كبير بالبحث الدقيق والموضوعي دون تحيز في ١٤٠٠ مقال وتحقيق صحفي وحوار قدمه هيكل، و٥٦ كتابًا في عهد الملك فاروق، و٧ في عهد عبدالناصر، و١١ في عهد السادات، و٦ تجميع مقالات، و٣٤ كتابًا في عهد مبارك.
أما عن الفصل الثالث فقد ألقى الكاتب فيه الضوء على المصداقية في كتابات هيكل، حيث رصد المؤلف جمع المعلومات الرئيسية التي وردت في كل كتاب ومدى توثيقها داخل الكتاب ذاته، وقد بلغت تلك الدراسة ٦٧ صفحة، لذلك تعذر الكاتب في جمعها كلها لملاحق الكتاب، واكتفى المؤلف بضم ما يتعلق بالكتاب الأول الذي تعرضت له تلك الدراسة "بين الصحافة والسياسية". وبالبحث أوضح الكاتب أن هيكل كان يتعمد تضخيم التأثير الإيحائي على القارئ لكتبه، لأن من اللافت أن نسبة الوثاىق قليلة الأهمية أكبر من الوثائق مرتفعة الأهمية. وأوضح الكاتب أن كتاب "سنوات الغليان" أفضل كتب هيكل توثيقًا.
أما عن المصداقية في كتابات هيكل فقد شكك الكاتب في العديد منها عن طريق تقديم دلائل قاطعة، كنقد مرويات هيكل، كما حدث في اتهامه للسادات ومبارك بإغتيال الهادي المهدي، وهذه الرواية تخالف ما دأب عليه هيكل من إشادة بإستقامة مبارك في أول عهده، وأيضًا حينما روى أن عبدالناصر قام بتكليفه بكتابة تاريخه، وقد نفى هذا علي صبري وحسين الشافعي الواقعة، وعقب صبري بأن تاريخ ناصر لا يكتبه شخص واحد.
أما عن الفصل الرابع فقد تناول خصائص إسلوب الكتابة عند هيكل، وهنا قام الكاتب بمدح هيكل في طريقة كتابته على مر العهود بإنه قد جمع بين نشاط صحفي وذكاء سياسي متمرس وعذوبة صياغة أديب بارع. وهنا يحدثنا الكاتب بالدلائل كعهده بتنوع خصائص كتابة هيكل بين تشبيهات بسيطة، وتشبيهات تكرارية، وتشبيهات مركبة، ومقابلة وطباق، وبراعة إستهلال، والتفكّه، والإستشهادات الأدبية والشعرية. فقد أوضح المهندس والمؤرخ يحيى حسن عمر بأن تداول بعض المحدثين عن الأستاذ هيكل مقولة هي إنه يحفظ الآلاف من أبيات الشعر العربي.
بالنسبة للخاتمة والملاحق والجداول فقد إستغرق الكاتب فيها بمثابة ٢٠٠ صفحة من الكتاب ككل في وضعهم، مما يدل على رحلة بحثية عميقة وقيمة وشيقة للكاتب.
---
■ رسالة الكاتب: يُذكر أن الكاتب هنا لا يدين ولا يحكم حكمًا قاطعًا، فقد حاول أن يكون موضوعيًا ومحايدًا، بل الأمر مجرد كتابة نقدية، والحكم مفتوح ومتروك لكل قارئ يقرأ هذا الكتاب، حيث قام الكاتب بتوثيق دور هيكل على مر ٨ عهود سياسية منذ عهد الملك فاروق وحتى ما بعد ثورة يناير.
---
■ رأيي الشخصي: من وجهة نظري، رأيتُ محمد حسنين هيكل وكتاباته بعينٍ مغايرة تمامًا لتلك الصورة التي استقرت في ذهني طويلًا عبر دراستي للصحافة والإعلام. فالكاتب هنا لا يكتفي بتقديم السرد المألوف، بل يزيح الستار عن جانبٍ معتم لا يعرفه كثيرون عن هيكل، مستندًا إلى دلائل قاطعة وحجج موثقة. ورغم أن أسلوب النقد جاء قاسيًا ومتحاملًا في بعض فصول الكتاب، فإنه ظلّ نقدًا مقنعًا، لا يقوم على الانطباع أو الاتهام المجرد، بل على الشاهد والدليل. وهذا بالضبط ما خرجتُ به من قراءتي: رؤية جديدة، أكثر تعقيدًا وعمقًا، أزاحت البديهي وكشفت المسكوت عنه. لقد كانت القراءة أشبه برحلة فكرية هادئة، تنقلتُ خلالها في أروقة وجهٍ آخر من عالم محمد حسنين هيكل، وجهٍ لم أعتده من قبل، لكنه فرض حضوره بقوة المنطق وصرامة الحجة.
---
■ إقتباسات مهمة من الكتاب: ■ عندما توجه عبدالناصر لزيارة الحدود الشرقية عبر القارة الإسرائيلية على غزة كان نيكل هو الصحفي الوحيد في صحبته. "صفحة ٢٦" ■ ورغم ذلك كان يحيد عن الدقة في خلق روابط تاريخية معينة لأسباب سياسية، واسباب أخطاء الدقة عند هيكل في بعض الأحيان قلة الدراسة لبعض المراحل التاريخية التي يتعرض لها. "صفحة ٧٣" ■ ٢.٤.٢ إستخدام المبني للمعلوم والمبني للمجهول كطريقة للإظهار والإخفاء: يستخدم أستاذ هيكل الاسلوب الصريح في الاخبار في الامور الإيجابية التي يريد أن ينسبها لأصحابها رفعًا لهم، وفي الامور السلبية التي يريد أن ينسبها لأصحابها وضعًا لهم، والعكس بالعكس، يستخدم المبني للمجهول حين يريد أن يتجنب نسبة نقيصة لمن يواليه، أو نسبة فضل لخصم سياسي. "صفحة ١٢٠" ■ أعترف على إستحياء إنني لم أتمالك نفسي ذات مرة حين سمعت إذاعة القاهرة تتحدث عن ترتيبات وصول الريس السادات إلى القدس مساء يوم ١٩ نوفمبر، وتقول أول ما تقول أن سربًا من مقاتلات سلاح الجو الإسرائيلي سوف يخرج للقاء طائرة الرئيس السادات، لم أتمالك نفسي فإذا أنا أغطي عيني وأجهش بالبكاء. "صفحة ٣٢٢"
اسم العمل : كتابات هيكل بين المصداقية والموضوعية المؤلف : يحيى حسن عمر نبذة : يتكلم الكتاب عن الصحفي السياسي محمد حسنين هيكل (نشأته ومسيرته ، الموضوعية والمصداقية في كتبه ومقالاته المرتبطة بتاريخ مصر، ويناقش اساليبه في الكتابة)
تعليقات :
١) الجهد المبذول في الكتاب واضح جدا :
_ الدقة في الكتابة : قام الكاتب بتوثيق كل التفاصيل وذِكر المصادر
_ الوضوح : لغة الكاتب قوية وسلسة لا ترهق القارئ بلا داعي
_ طريقة تقسيم الكتاب منظمة وممتعة ، فالكتاب لا يحتوي فقط على معلومات عن الأستاذ هيكل ، إنما يعتبر ساحة واسعة للاحداث التاريخية والسياسية في مصر وشرح عن الموضوعية والمصداقية بشكل واضح وبسيط مع الاستشهاد بأمثلة من حياة الأستاذ هيكل متناسبة مع الجزئية المطروحة
_ الكتاب اشبه بموسوعة شاملة كي يعرف القارئ بعض مؤلفات محمد حسنين هيكل
٢) مشاعر وانفعالات اثناء القراءة :
_ في الفصل الاول احببت الاستاذ هيكل لكن انزعجت منه في الفصل الثاني والثالث .. في البداية احترمت شجاعته في التعبير عن رأيه حتى لو كان معارض للسلطة والناس ، لكن لاحقا وجدته كثير التغيير لكلامه ورأيته أحيانا جبان يظهر التأييد لنظام معين ثم يقوم بالهجوم عليه بعد سقوط ذلك النظام ، كما ان كتاباته بعيدة عن الموضوعية والمصداقية اكثر مما تخيلت ! واختلاف الترجمة للأسف يتضح فيه رغبته في الحصول على رضا البلاد بغض النظر عن اخفاء الحقائق
_ ❞ الرغبة الجامحة لصحفي ذي حِسٍّ تاريخي بأن يكون في موقع الحدث التاريخي ❝ هذه الرغبة ، لا تشفع له أبداً ابتعاده عن المصداقية وتضليله للقراء.. فهكذا تصبح مقالاته عبارة عن حكايات خيالية وليست رصداََ لأحداث واقعية سياسية! بالإضافة إلى ان إدعاءاته هذه سيتضح عاجلا او اجلاً انها مجرد كذب بالتالي ستتأثر صورته ومصداقيته بدلا من خلق دور كبير له في الماضي. لو اكتفى بمكانته وافعاله الحقيقية بعيداً عن المبالغة وروي وقائع لم تحدث كان احتفظ بمكانة اكبر واكثر صدقا��َ مما منحت له هذه الادعاءات
_ أعجبني ان الأستاذ هيكل استمر في البرامج التلفزيونية ونشاطه رغم تخطيه الثمانين من العمر
_ تطور أسلوب الكتابة عند هيكل اعتماداََ على الفترة الزمنية كان مثير للاهتمام وناقشه الكاتب بأسلوب جيد وبشكل عام أساليبه في الكتابة ذكية خصوصا عندما يقوم بتغيير الحقيقة وتبريرها بشكل يناسب أفكاره كي يقنع القارئ بما يريد
_ كنت أتمنى لو ان الكاتب كتب بعض المواقف الإيجابية لهيكل لا يعجبني شعور الصدمة والانزعاج الذي احمله ناحية الأستاذ هيكل بعد قراءة تفاصيل حياته 😅💔 المهم انه عند انتهائي من القراءة كان واضحاً لي ان الأستاذ هيكل كاتب وصحفي بارع جدا ، لكن ببساطة لا يمكن الاعتماد عليه كمرجع تاريخي ……………………….........................
عموماََ ، إكمالي للكتاب في حد ذاته إنجاز لي لأني عادة شخص يميل للروايات وليس الكتب
كانت تجربة مميزة مليئة بالمعلومات الجديدة
اقتباسات :
❞ حتى أضخم مؤلفات الأستاذ هيكل التي ظاهرها التوثيق هي في الواقع لا تنبني على التوثيق، وإنما على مساراتٍ فرضية وتوجيهات منطقية ولغوية معينة يوجه من خلالها القارئ إلى النتائج المرادة، وقد تأتي وثائق سلبية في الكتاب ذاته تخالف ما يذهب إليه، فيتجاوزها منطلقًا إلى هدفه ❝ صفحة ١٠٤
❞ المِصْدَاقِيَّةُ هي رُوحُ الكتابة التاريخية، فكما أن الفارق بين الحي والميت هو الروح، كذلك الفارق بين النص التاريخي الذي يَحْظَى بالمصداقية وذاك المُفْتَقِدُ لها أو الذي تَتَنَاوَشُهُ الشُّكُوكُ ❝ صفحة ١٨١
❞ قد جمع الأستاذ هيكل بين نشاط الصحفي النابه، وذكاء السياسي المتمرس، وحضور الدور التاريخي، وعذوبة وحسن صياغة الأديب البارع، لذلك كانت كتاباته شديدة الجاذبية تجتذب حتى قطاعات من القراء بعيدة بطَبْعِهَا عن الكتابات التاريخية والسياسية ❝ صفحة ٢٨٧
❞ أوضح ما رَصَدَتْهُ الدراسة من خَوَارِمِ الموضوعيةِ يدور حول علاقة هيكل بالسُّلْطَةِ، فحتى في تلك العهود التي عارض فيها كانت لغةُ معارضته وحِدَّتُهَا واتساعها وشمولها تختلف في أثناء العهد وبعد انقضائه؛ ففي أثناء تلك العهود تكون المعارضةُ ذاتَ شكل موضوعي ومحدَّد وتُحَافِظُ على ما أسماه هيكل (مقام الرئاسة)، بينما بعد انقضاء العهد يَزُولُ التحرزُ أو الاعتبار لمقام الرئاسة، وتغدو المعارضة أكثر شراسةً وسُفُورًا شكلًا وموضوعًا، وتصل إلى أوصاف مسيئة للحاكم. ❝ صفحة ٣٥٥
كتاب : كتابات هيكل بين المصداقية والموضوعية دار النشر: Al Arabi Publishing and Distributing العربي للنشر والتوزيع الكاتب: د. Yehia Omar
وأنا بقرأ كتاب «كتابات هيكل بين المصداقية والموضوعية» للكاتب يحيى حسن عمر، كان إحساسي الأساسي إني قدّام محاولة نضيفة وشجاعة (وده نادر)، مش علشان تهدّ تمثال محمد حسنين هيكل، ولا علشان تقول "كل اللي فات ده غلط"، لكن علشان تسأل السؤال اللي طول عمرنا بنهرب منه: هو إحنا صدّقنا كلام هيكل زيادة عن اللزوم؟ محمد حسنين هيكل -ودي حقيقة محدش يقدر ينكرها-، مش مجرد صحفي شاطر أو قلم مؤثر، ده راجل شارك – بموافقة تامة من السياسات في عصره– في تشكيل وعي أجيال كاملة، خصوصًا في لحظات مصيرية عدّت على مصر والمنطقة. وعلشان كده بالذات، الكتاب ده مهم. لأنه مش مهتم قوي بسؤال: هيكل قال إيه؟ قد ما هو مصرّ يزعجك شوية بسؤال أصعب: طب نصدّقه قد إيه؟ د. يحيى داخل مشروعه ده بنفس طويل جدًا (حوالي 500 صفحة،بجد مش بهزر كتاب طويل ومحتاج قراءةهادية)، وبيتتبع كتابات هيكل من الأربعينيات لحد آخر أيامه. وده مش تتبع سطحي أو استعراض أسماء كتب وخلاص، لأ، ده شغل تقيل ومعتمد على مقالات، كتب، وثائق، شهادات، ومقارنات دقيقة. أكتر حاجة شدتني – ويمكن دي أهم نقطة قوة في الكتاب – إن الكاتب ما اكتفاش بنقد النتائج، لكن راح ورا المصادر نفسها… وده دايمًا الامتحان الأصعب. وهنا بقى تظهر المشكلة الكبيرة: هيكل كان بيعتمد كتير جدًا على مصادر لا يمكن التحقق منها. شهود ماتوا، شخصيات "كانت موجودة بس مش موجودة"، ومعلومات خاصة جدًا (زيادة عن اللزوم) معرفش كان بيجبها منين الصراحة، من النوع اللي القارئ مضطر ياخدها بثقة عمياء. والأسلوب ده، زي ما الكتاب بيوضح، فتح باب واسع للانتقاء، وأحيانًا لإعادة تشكيل الوقائع بشكل يخدم رؤية سياسية معينة أو نظام بعينه… من غير ما القارئ يحس إنه بيتساق. ورغم كل ده، الكتاب مش عدائي لشخص هيكل الله يرحمه. ودي نقطة تحترم وتحسب للكاتب . الكاتب لا يكدبه ولا يصدقه، ولا بيصفي حسابات، ولا داخل بفكرة "كشف المستور". بالعكس، فيه هدوء منهجي واضح، كل ادعاء قدامه وثيقة، وكل رواية قدامها رواية تانية. الإحساس العام إنك قدّام باحث، مش خصم. وده اللي مخلي النقد هنا تقيل ومزعج… بس مقنع. وهنا لازم نرفع القبعة للكاتب بجد ❤️👏
الكتاب كمان ما بيغفلش موهبة حسنين الأدبية، ودي حاجة لازم تتقال. الراجل كان بيعرف يكتب، ويشد، ويخليك تعيش اللحظة (وأحيانًا تنسى تسأل). لكن في نفس الوقت، بيكشف إزاي الجمال اللغوي ده اتوظّف أحيانًا لتلوين الوقائع حسب المصلحة 🙈، أو إعادة صياغة حوارات، أو تأويل وثائق بشكل أوسع من معناها الحقيقي. وهنا السؤال الخطير: فين الحد الفاصل بين الصحافة، والأدب، وكتابة التاريخ؟ ومين بالظبط اللي بيكتب التاريخ وهيكل كان أديب ولا صحفي ولا مؤرخ ولا .......؟
في الآخر، الكتاب ده لا جاي يهدم هيكل، ولا يرفعه تاني على قاعدة أعلى. هو ببساطة بيحطه في مكانه الأنساني الطبيعي: شاهد قريب من السلطة، شهادته مهمة، بس مش مقدسة. مؤثرة، بس مش محايدة بالكامل. وده في حد ذاته درس مهم لأي قارئ: إن أخطر الأفكار مش اللي بتكذب صراحة، لكن اللي بتقنعك وانت مش واخد بالك. .وخلي بالك كمان مافيش آلهه بتقدس السلطة والحكم 😔😁
كتاب ضروري تقرأه لو سبق وقرأت لهيكل، أو حتى لو بس حابب تفهم أكتر إزاي كانت ماشية الحياة السياسية والأدبية والصحفية في عصره، مين كان قريب من مين، وإزاي الكلمة كانت أحيانًا بتبقى أقوى من القرار.
وأنا بجد بعد ما خلصت الكتاب، لقيت نفسي بسأل سؤال صريح ومربك شوية: هل هيكل، كصحفي ومؤثر للدرجة دي، كان فعلًا يستاهل إن دكتور يحيى يضيع سنين من عمره في البحث المضني ده ورا كتاباته؟ ولا المشكلة مش في هيكل نفسه قد ما هي فينا إحنا، لما اتعاملنا مع كلامه على إنه تاريخ نهائي، مش شهادة بشر محتاجة دايمًا تتقري بعين مفتوحة، وشك يمكن ان يكون صحي، ومسافة أمان بين الإعجاب والتصديق؟
السؤال ده، في رأيي، هو أهم حاجة الكتاب يسيبهالك بعد ما تخلصه 😁😁 #فنجان_ومراجعة_كتابات_هيكل #مسابقات_فنجان_قهوة_وكتاب
"لعنة الكاهن الأعظم!" (1) يُمثل كتاب (كتابات هيكل بين المصداقية والموضوعية).. قلب الرسالة التي ناقشها المؤلف(1) في جامعة القاهرة في نوفمبر 2017 عن "تاريخ مصر في كتابات محمد حسنين هيكل"، وأجازتها بتقدير "امتياز"، وأثارت جدلًا صحفيًا في حينها لتطرقها بالدراسة لموضوعية ومصداقية كتابات الأستاذ محمد حسنين هيكل، وكذلك التأثيرات اللغوية لأساليب الكتابة عند "هيكل" على القارئ.
يقول في كتابه: "عرفت الأستاذ "هيكل" مثل ملايين القراء منذ فترة دراستي، ثم كانت الصُّحْبَة، إذ صحبتُه - عبر كتاباته - أكثر من ستِّ سنوات كاملة، من خلال رسالة الماجستير عنها، أَطْعَمُ كتاباتِه وأَشْرَبُهَا، تُحَاوِرُنِي وأُحاورها، تحدِّثني عن تاريخ مصر وأسألها عن تاريخِها وتطوُّرِها، تنطلقُ مُعْتَزَّةً بصِيتِهَا وقُدْرَتِهَا، وأسعى وراءها محاوِلًا ترويضَها بمحددات الموضوعية و كواشف المصداقية، وأرصد زِينَتَهَا اللغوية وحُلِيَّهَا اللفظي ما بدا منها وما خفي".
ويضيف: "كانت رحلة طويلة مُضْنِيَةً جدًّا، طوَّفت خلالها في جميعِ ما كَتَبَهُ الأستاذ "هيكل" وجلِّ ما كتب عنه، ووصلت إلى الأرشيفات الخاصة بمتابعيه، وعقدتُ مقابلات مع بعض المقربين منه، وحاولتُ لقاءَه مرارًا فحَالَ بيننا مشاغلُه وأسفاري وكان من الراحلين - رحمه الله - وأكملتُ الرحلة من بعدها عامًا ونصف العام، فكان تمام ستة أعوام ونصف في تلك الرحلة العلمية التي أبحرت فيها وأبحر فيها معي أساتذتي، حتى إذا بلغت منتهاها وصلت مرفأَ الرضا، وكان الكتاب على حد وصفهم من أشمل وأجود الدراسات في العَشْرِ سنوات الأخيرة في مجالها عامة، ومن أشمل وأدقِّ ما كُتِبَ عن كتابات الأستاذ هيكل مُطْلَقًا. طوال مسيرته الممتدة، خلق هيكل آلة إنتاج صحفية مرعبة، فقدّم خلالها أكثر من 1400 مقالة وتحقيق صحفي وحوار، منها ما يزيد على 300 مقالة وتحقيق في عهد ما قبل الأهرام (روز اليوسف، وآخر ساعة، والأخبار)، ثم حوالي 745 مقالة في الأهرام في بابه الشهير «بصراحة»، ثم 400 مقالة وتحقيق وحوار صحفي تقريبًا في فترة ما بعد الأهرام، كما قدّم 56 كتابًا أولها، «إيران فوق بركان» عام 1951م، وآخرها «مصر إلى أين.. ما بعد مبارك وزمانه»، من ضمنها 22 كتابًا أصليًا، و23 كتابًا مقالات نُشرت في الصحف، و8 كتب هي في الأصل محاضرة أو مجموعة محاضرات طبعت في كتاب، وغيره هو جمع للأحاديث الصحفية التي أدلى بها خلال سنوات منعه من الكتابة، وآخر كان ورقة بحثية قدمها لمؤتمر لم يُلقها بنفسه، وكتابه الأخير جمع فيه بين المقالات والأحاديث.. كفل له هذا الإنتاج الضخم أن يظلَّ مرجعًا لأي راغب في النبّش عن تاريخ مصر باعتباره شاهد عيان موثوق لا ينطق كلمة إلا وتؤيدها مستندات نادرة لا تتوفر عند أجهزة الدولة نفسها، فمن يستطيع أن يكتب عن حرب أكتوبر أو النكسة أو حرب 56 أو حتى كواليس مفاوضاتنا مع إسرائيل دون أن يعود لكتبه الموسوعية التي فاق حجم بعضها الألف صفحة أحيانًا؟ لكن تُرى، هل كان الأستاذ صادقًا دائمًا في جميع كتاباته؟ أم أن وفاءه لعبد الناصر أصابه بقدرٍ من أمراض ليّ أعناق الحقائق في حياته وبعد مماته؟.
(كتابات هيكل بين المصداقية والموضوعية).. عنوان لافت بغير شك لكل مهتم بالتاريخ المصري الحديث والمعاصر، فـ”هيكل” – مهما كان موقفك الشخصي منه، لا يختلف اثنان على كونه عمود من أهم أعمدة النصف قرن الثاني من القرن العشرين – لاعبًا وشاهدًا ومؤرخًا. وتأتي أهمية الدراسة حسب تأكيد المؤلف بقوله: “رغم الأهمية البالغ�� لكتابات هيكل التأريخية، فإن المكتبة الأكاديمية العربية ظلت تُعاني حتى الآن من ندرة الأبحاث التي تتناول بالنقد والتقييم إنتاج هذا الكاتب، خاصة في مجال الكتابة التاريخية التي له فيها إسهامات كبيرة كانت مثار اهتمام وجدل بين المؤرخين المعاصرين، وكذلك بين قطاع كبير من المهتمين بتاريخ مصر الحديث والمعاصر، فكان من المناسب إفراد دراسة أكاديمية لتناول الكتابات التاريخية عند؛ محمد حسنين هيكل، وتحليلها، وكان هذا الكتاب الذي اشتمل على أهم فصولها وذلك صحيح تمامًا، لكن هل نجحت دراسته التوثيقية تلك فيما هدفت إليه ؟ هذا ما سنحاول إجابته بإذن الله ***** ملخص الدراسة& & يؤكد المؤلف في بداية كتابه؛ على كون الأستاذ “هيكل” هو الصحافي الأكثر تأثيرًا في الصحافة المصرية والعربية؛ خلال الستين عامًا الفائتة، كما أنه – بالدرجة نفسها – الكاتب السياسي الأكثر تأثيرًا في الفكر والحياة السياسية في الفترة نفسها. وذلك ليس فقط لإنتاجه الصحافي، وليس فقط للدور الذي لعبه في نجاح مؤسسة (الأهرام) وتحويلها من مؤسسة خاسرة معرضة للإغلاق إلى صرح من أكبر صروح الصحافة العالمية. وإنما للمكانة المرموقة التي حظي بها بجوار الرئيس؛ “جمال عبد الناصر”، الشخصية العربية الأكثر تأثيرًا في القرن العشرين، حسب رأي عدد كبير من الأكاديميين، وأهلت تلك المكانة؛ “هيكل”، للعب أدوار سياسية في عهده وعهد خلفه الرئيس؛ “السادات”، كما كفلت له شهرة عالمية باعتباره موضع الثقة والناطق الرسمي باسم “عبد الناصر”، وهي الشهرة التي دعمها باتصالاته الواسعة مع نجوم الصحافة ووسائل الإعلام العالمية، وهو أيضًا الكاتب الأكثر إثارة للجدل في تلك السنوات وحتى الآن. (2) تقسيم الدراسة &:& ينقسم الكتاب لمقدمة وأربعة فصول وخاتمة:* في الفصل الأول: يتحدث فيه عن نشأة “هيكل” وكتاباته من البداية وحتى الوفاة، وهو فصل عرج فيه على أهم محطاته وبالرغم من أن أول كلمة كتبها هيكل في تاريخه الصحفي هي كلمة «مولاي»، وكان يخص بها الملك فاروق طبعًا، في باكورة مقالاته بـ «روز اليوسف» أغسطس/آب 1943، علّق فيها على دعوة الملك للخمسة الأوائل من خريجي المعاهد الدراسية لتناول الشاي معه في قصر عابدين، فكتب: "مولاي.. لست أدري ماذا فعل هؤلاء الشباب الذين تلقوا دعوتك المرية حين عرفوا أمرها ، لقد سألت اثنين منهم عقب أن رأوك عن شعورهما، سألت شابًا وفتاة، أما الشاب فقط صمت، وكان صمته أبلغ ألف مرة من الكلام، وأما الفتاة فكان جوابها البليغ هذه الدموع الحائرة التي جالت في عينيها".
*وفي مقالة أخرى أشاد برحلة ولي النعم إلى كفر الصعيد، فكتب في «روز اليوسف» أبريل/نيسان 1944: "يعيش فاروق منقذ الصعيد.. يعيش فاروق حبيب الفلاح.. يعيش فاروق نصير الفقراء.. زيارتك شفتنا يا مولانا، إننا في حلم يا مولانا، هذه ليلة القدر، هذه الزيارة بعثت فينا الحياة، نريد أن نقبّل يدك" .لذلك ليس غريبا أن مرحلة وجوده في روز اليوسف أصر أن يخفيها أو يتجاهلها لأنها تقريبً عبارة عن فيضان محبة وو لَّه –عاشق-لمليك البلاد!. (3) في الفصل الثاني: خصصه المؤلف للموضوعية في كتابات “هيكل”، وهو ما أثبت فيه بشكل قاطع عدم موضوعية الرجل!. ورغم نفي “هيكل” عن نفسه صفة المؤرخ، فهو يُحاول على حد وصف المؤرخ الراحل؛ “رءوف عباس”: يُحاول أن يُحرر نفسه من عدة أشياء، منها التخلص من أسلوب الانتقاء عند بناء روايته للحدث، فيغفل أشياء أو يُسدل عليها أستارًا من الظلال، بينما يُلقي أضواءً ساطعة على غيرها من الأشياء، فهذا لا يُقبل من المؤرخ، لكنه من سمات أصحاب الشهادات التاريخية وأصحاب المذكرات. ويؤكد المؤلف على أن هناك حدٍ أدنى من الشروط يجب توفرها لتتسم الدراسات التاريخية بالموضوعية، أولها عدم اتخاذ المواقف المسبقة بكل ما يترتب على مثل تلك المواقف من دفاع أو هجوم عن جماعة سياسية دونما سند أو مبرر. كما يجب أن يكون أمينًا في التعامل مع الحقائق، فلا يُخفي حقيقة لأنها تُناسب هواه أو وجهة نظره، ولا يُعطي حقيقة أخرى حجمًا أكبر من حجمها لأنها تُقدم عكس الحقيقة الأخرى، فالموضوعية في العلوم الاجتماعية تتمثل في القدرة على تجاوز الأحكام المسبقة. كما أن محددات الدراسة الموضوعية؛ كما يشرح المؤلف هي:- *& أ – الإحاطة بمعظم وقائع الموضوع التاريخي ودقائقه، وهذه أول أسس الموضوعية التاريخية، وكل مؤرخ أو كاتب في التاريخ مضطر للقيام بعملية فرز واختيار لما سيُقدمه للقاري، وإذا أسقطنا هذا الشرط مع كتابات “هيكل” سنجد أن كتاباته تغُرق القارئ في مئات التفاصيل، التي توجهه لمسار مختار بعناية نحو صورة انطباعية عن عصر ما؛ دون أن يترك للقارئ فرصة لأن يُحيط بالصورة الكلية لهذا العصر. وضرب المؤلف بعض أمثلة مثل: من يقرأ عن الخديوي “إسماعيل”؛ في كتابات “هيكل”، لن يحصل إلا على صورة انطباعية عن السفه غير المحدود وعن تبديد الموارد والجيوش دون طائل، ولن يحصل أبدًا على الجانب الآخر من الصورة؛ حيث المنشآت الحضارية والعمرانية وغيرها. كما أن يحصل القارئ كذلك على صورة للملك “فاروق”، إلا الملك الغارق في ملذاته وفساده المالي. وكذلك عن صورة شديدة السلبية لزعيم الوفد “مصطفى النحاس”؛ الضعيف أمام زوجته الشابة، والخانع لسلطة الملك والمستسلم لسيطرة الإقطاعيين على الوفد، ولن يرى أبدًا شيئًا عن جهاده وجهاد (الوفد) في التمسك بالدستور ومقاومة استبداد القصر؛ وفي قضية الاستقلال ووحدة وادي النيل وغيرها... ب – الدقة في إيراد الوقائع التاريخية والتحقق من المصادر:: ويؤكد المؤلف هنا أن كتابات “هيكل” تتصف في العموم بالدقة والاهتمام بإيراد التواريخ والشخصيات التاريخية والملابسات، لكنه أيضًا يحيد أحيانًا عن الدقة لخلق روابط تاريخية معينة لأسباب سياسية، وضرب مثلاً بحديثه في قناة (الجزيرة) على أن الشيوعية العربية نشأت في أواسط الأربعينيات على يد يهود غامضي العلاقات، مثل “هنري كورييل” في “مصر”، وهذا دفع عدد من مؤرخي الحركات الشيوعية لرفضه ووصفه بعدم الدقة، فنشأة الأحزاب والحركات الشيوعية في “مصر” تعود لنصف قرن سابق للتاريخ الذي حدده، إذ تعود لنهايات القرن التاسع عشر، ويُفسر موقف “هيكل” لرغبته في الربط بين الشيوعيين ومؤسسين يهود مُثيرين للجدل. ومن الأمثلة الأخرى: تعبير “هيكل” عن التفاوت الطبقي لعصر ما قبل ثورة يوليو، حيث ذكر أن: 5% من عدد السكان يحصلون على نصف الدخل القومي؛ (مقال بتاريخ: 1-6-1962)، لكنه في مقال آخر بتاريخ: (18-8-1961)، ذكر أن: 1% من عدد السكان كانوا يحصلون على نصف الدخل القومي، ثم عاد في مرة أخرى في مقال بتاريخ: (1-2-1963)، لتستقر النسبة إلى نصف بالمائة لتوافق الخطاب الناصري في هذا التوقيت!. وفي نموذج آخر لعدم الدقة؛ يورد المؤلف واقعة غريبة ليُثبت منها “هيكل” عبثية وسفه الخديوي “إسماعيل”، حيث ذكر “هيكل” أن الخديوي أرسل حملة لمساعدة قوات إمبراطور “فرنسا” في “المكسيك”؛ مات فيها عشرات الآلاف من المصريين؛ (كتاب سقوط نظام ص 95)، بينما الحقيقة أن حملة “المكسيك” تلك كان الوالي “سعيد باشا”، وليس الخديوي “إسماعيل”، من أرسلها، وكانت مكونة من أورطة واحدة من مئات الجنود وعدد محدود من الضباط، وقد عاد منهم ثلاثمائة!. كما يورد المؤلف بعض الأمثلة الأخرى نكتفي منهم بواقعة ذكر “هيكل” لمسألة اعتقالات سبتمبر 1981، بأنها شملت ثلاثة آلاف شخص، يحتوي هذا العدد على مئات الأساقفة والرهبان؛ (كتاب خريف الغضب ص 394- 405 -407)، بينما كان العدد: 1536 شخصًا، وعدد المسيحيين المعتقلين بالكامل: 152، كان من بينهم شخصيات سياسية يسارية!. ثم يعرج المؤلف لموضوع الوثائق، وهو أشهر ما يُميز كتب الأستاذ “هيكل”، وفي ذلك يؤكد أنصار “هيكل” أن كتاباته عالية التوثيق لهذا السبب لكن المؤلف هنا يرفض هذا القول بشكل كبير.... ففي كتاب (ملفات السويس)، الذي اشتمل على ملحق وثائقي من: 247 صفحة، هناك الكثير من المعلومات المهمة لم توثق ولم يذكر مصدرها مطلقًا، ومنها أن الملك “فاروق” ناشد الإنكليز التدخل لإنقاذ عرشه (ص 173)، ومنها أن قوات من الجيش قد أرسلت يوم 23 تموز/يوليو لقطع الطريق على القوات الإنكليزية؛ إذا تقدمت من القناة نحو القاهرة (ص 173)، وغيرها من الأمثلة. ومن أسباب تضعيف المؤلف لمصداقية التوثيق في كتب “هيكل”، يورد أن الأستاذ “هيكل” ما يُحيل على مصادر مجهلة، مثل: مصدر أوروبي وثيق الإطلاع؛ (حديث المبادرة ص 167)، ومثل: طريقة “هيكل” في تجهيل المصدر بطريقة النقل غير المباشر، فبدلًا من النقل عن الوثائق وتحديد رقم الوثيقة وتاريخها ومصدرها، فإنه ينقل عن مرجع يُشير إجمالًا إلى كلمة الوثائق مع تجهيل المعلومات الخاصة بها، فعلى سبيل المثال ذكر قصص مؤداها أن الملكة “فريدة” أقامت علاقة غير شرعية مع رسام إنكليزي، وعلاقة مماثلة مع أحد النبلاء المصريين في ذلك الوقت، ونقل “هيكل” هذا عن مذكرات صحافية إنكليزية تروي ذكرياتها عن “مصر”. ومثال آخر للقصص مجهلة المصدر، هو ما يرويه طاعنًا في نزاهة “النحاس باشا” الأخلاقية، بإقامته علاقة بصحافية إيطالية اسمها: “فيرا”؛ (سقوط نظام ص 52-53)، فأحال هذه القصة إلى مصادر مجهلة مثل: “السجلات”، "الروايات الموثقة". ثم يُضيف المؤلف سببًا آخر لضعف التوثيق عند “هيكل”، في كثرة الإحالة على الأموات أو الغائبين، وهي أمثلة بالعشرات، وهي من أشهر المثالب التي يُشير إليها خصومه منذ زمن، ويستعجب المؤلف حسب قوله: ويُلاحظ في كثير من كتابات “هيكل” أن هؤلاء الأموات أو الغائبين يفتحون صدورهم وأسرارهم له بلا حساب وبلا تحرز وهم يعلمون أنه صحافي مهمته النشر وليس كاتم أسرار مهمته الكتمان .! ففي كتابه (مبارك وزمانه، من المنصة إلى الميدان)، “ص 114″، يروي “هيكل” حوارًا جرى بينه وبين “الملك حسين” يزدري فيه الأخير الرئيس “مبارك” ويسخر منه. وهي رواية بلا شهود أحياء، فالملك “حسين” الشاهد الوحيد توفاه الله قبلها بسنوات، وقد كان معروفًا عنه – حسب كلام المؤلف – الدبلوماسية الشديدة، فيُستبعد أن يسخر الملك بهذه الطريقة من الرئيس المصري أمام هيكل. ويعود المؤلف في حديثه لمدى موثوقية وأهمية الوثائق التي نشرها في ملاحق سبعة كتب، حيث يُشير المؤلف أنه قام برصد جميع المعلومات التي وردت فيها، وما إذا كانت تلك المعلومات مقرونة بمراجع مذكورة، أو بشهود أحياء، وجاءت النتيجة أن الوثائق مرتفعة ومتوسطة الأهمية أقل بكثير من نسبة الوثائق منخفضة وسلبية الأهمية !. ويدل ذلك كما يؤكد المؤلف، على تعمد تضخيم ملاحق الوثائق للتأثير الإيحائي على القارئ !. فكون إفراد ربع وأحيانًا ثُلث الكتاب كملحق وثائقي كفيل بإعطاء إيحاء وتصور على توثيق كل واقعة وكل حدث !. ففي حين يكون الملحق الوثائقي متضخمًا بلا مبرر توثيقي حقيقي لكثرة ما فيه من وثائق منخفضة الأهمية، يكون المتن نفسه في تلك الكتب بها الكثير من المعلومات غير الموثقة !. (4) في الفصل الثالث: أفرده المؤلف عن الحديث في المصداقية في كتاب “هيكل والمصداقية حسب توصيفه: هي روح الكتابة التاريخية، وإحدى خصائص الموضوعية، وهي أهم خصائصها وأكثرها حسمًا، فكل نص مفتقد للمصداقية مُفتقد للموضوعية وليس بالضرورة العكس". وحاول المؤلف هنا في إيراده لأمثلة افتقاد “هيكل” للمصداقية أن يكون فيها “هيكل” شاهدًا مباشرًا أو مطلعًا مباشرًا وليس ناقلًا، كذلك لم يعتمد على شهادات الخصوم له كمدرسة (أخبار اليوم)؛ بقيادة “مصطفى أمين” و”موسى صبري” مثلاً والأمثلة في هذا الفصل تجاوز المائة مثال، وهو رقم ضخم إذا عرفنا أيضًا أن المؤلف؛ حسب قوله، قد انتقاهم بالشروط التي ذكرناها، وإلا لأصبح العدد مضاعف !... وهو في تقديري أصاب في كثير منها. (5) في الفصل الرابع والأخير، وهو بعنوان :"خصائص أسلوب الكتابة عند هيكل " وهو من أبدع فصول الكتاب في رأيي فروعة أسلوب ومفردات “هيكل” اللغوية الساحرة أكسبته قراء ليس التاريخ والسياسة من اهتماماتهم !، أو حسب نص كلام المؤلف :"وقد جمع الأستاذ بين نشاط الصحافي النابه، وذكاء السياسي المتمرس، وحضور الدور التاريخي، وعذوبة وحسن صياغة الأديب البارع، لذلك كانت كتاباته الجاذبية تجتذب حتى قطاعات من القراء بعيدة بطبعها عن الكتابات التاريخية والسياسية، قال عنه الشاعر فاروق جويدة: هو دائمًا يُطارد الكلمة الجميلة، ومن الصعب أن تجد في كتاباته لغة عادية، إنه غواص ماهر يبحث دائمًا عن اللآليء في أعماق البحار، ولا يقبل أن يجلس على رمال الشواطئ ". ويكفي لتوضيح عبقرية “هيكل” اللغوية المدهشة أن نُشير إلى كون معظم المفردات الخطابية السياسية التي ذاعت منذ سبعين عامًا؛ كانت من مفرداته : "النكسة، زوار الفجر، لقد صار للوطن درع وسيف، الرئيس الضرورة، دولة المخابرات، مراكز القوى، القوى الناعمة، المجتمع المفتوح، السلطة التي شاخت على مواقعها، بحر السياسة في مصر قد جف..."؛ وغير ذلك الكثير لكن نكتفي بذلك. وختامًا، يلخص المؤلف بعض استعراض الكثير من نماذج كتابات “هيكل” التأريخية، ثبت له بالقطع وجود نقائص موضوعية حقيقية، فقد وصلت الدراسة إلى نتيجة مؤداها أن كتابات “هيكل” لا تُعد تأريخًا منهجيًا؛ لافتقارها إلى الأدوات المنهجية حتى في مجال توثيق المعلومات التاريخية. كما يؤكد المؤلف أن كتابات “هيكل” لا تُعد شهادة تاريخية يُعتد بها؛ بسبب افتقارها إلى الموضوعية، ولضعف في خاصية المصداقية. لكنه يؤكد كذلك على كونها تظل ذات أهمية كبيرة باعتبارها المرجع الأشهر للقراءة الناصرية للتاريخ، وهي مهمة للتعرف على الفهم والتصور الناصري لتلك المراحل والوقائع.. (6) انتهى تلخيصي للكتاب وأنتقل لذكر إيجابيات الدراسة وسلبياتها أولًا: إيجابيات الدراسة:- 1-تتبع واستقصاء دءوب لكتابات “هيكل”، ويكفي لأن تُدرك حجم الجهد، أن نُشير إلى الفترة الضخمة التي تتبع فيها المؤلف كتابات الرجل، فهي تمتد من: سنة 1943، تاريخ نشر أول موضوع صحافي، وحتى وفاته سنة 2016، أي ما يجاوز السبعين عامًا ! في أرشيف الصحف وعدد مقالات يجاوز الألف وأربعمائة، بجوار كتب عديدة له وعنه، خلاف الفحص والتحقيق والمقارنة في كل ما كتب وكتب عنه !. 2-تعتبر الدراسة هي البحث الأول للمؤلف، ويتضح منها فهم وقراءة واضحة للمرحلة موضوع البحث، وهي ميزة غالبًا غير متوفرة وتلاحظ في رسائل الباحثين الأولى، حيث يغلب عليهم عدم إلمام كافٍ بموضوعه، مما يضطره عند الكتابة عن نقطة محددة أن يُشير لكل ما كتب عنها، دون معرفة بمرجعية وسبب كل شهادة.. وهذا يُحسب بشدة للباحث. 3-استطاعت الدراسة بالفعل أن تُثبت القصور الكبير في مصداقية وانعدام موضوعية “هيكل” في كتاباته. 4-رغم تتبعي واهتمامي الشغوف بـ”هيكل” وبالفترة المصرية الحديثة، إلا أنني أعترف بمفاجأتي في بعض الوقائع الجديدة، كما أنني قد اقتنعت بتغيير بعض القناعات مما قد استقرت في رأسي، مثل مسألة الوثائق وواقعة لقاء “هيكل”؛ بـ”أينشتاين.” بعض الأمثلة لتناقضات أو لإثبات تَحيُزاَّت كتابات “هيكل:-” -5 أ. لقاءات “هيكل” بـ”عبد الناصر” قبل الثورة؛ في كتاب “فؤاد مطر”: (بصراحة عن عبد الناصر – حوار مع حسنين هيكل)؛ ذكر “هيكل” أنه قابل “عبد الناصر” أثناء “حرب فلسطين”؛ في “عراق المنشية”، ثم قابله مرة أخرى أثناء عودته للمنطقة، وقابله مرة ثالثة بعد الهدنة الأولى، ومرة رابعة زاره مع “صلاح سالم”؛ في (أخبار اليوم) بعد نشر التحقيقات المتعلقة بالانقلابات السورية، وخامسة في (أخبار اليوم) ليطلب منه كتاب (إيران فوق بركان)، والسادسة والأخيرة في منزل “محمد نجيب”؛ قبل الثورة بأيام. وهو ما أعاد تكراره “هيكل” في أماكن أخرى، مثل حواره مع؛ “يوسف القعيد”: (حسنين هيكل يتذكر – عبد الناصر والمثقفون)، و”عادل حمودة”: (هيكل السياسة الحب الحرب)، لكن بذكر عدد أقل، خمسة لقاءات في كتاب “حمودة”، وثلاثة مع "القعيد" !. لكن لـ”هيكل” نفسه رواية أقدم من كل هذا في مجلة (آخر ساعة)؛ عدد: 27-8-1952، تحت عنوان: “من هم ضباط قيادة محمد نجيب ؟”، ذكر فيه عن “جمال عبد الناصر”: "سمعت عنه قبل أن ألقاه، كانوا يتحدثون عنه في الفالوجا المحصورة كما يتحدثون عن الخرافات والجن والعمالقة.. كان جريئًا إلى أبعد حدود الجرأة، وفي الوقت نفسه كان هادئًا إلى أبعد حدود الهدوء.. ثم التقيت به لأول مرة.. وكان اللقاء في بيت اللواء محمد نجيب قبل أربعة أيام من حركة القوات المسلحة.. ثم التقيت به للمرة الثانية من فجر 23 يوليو، وكانت الحركة قد فرغت منذ أقل من دقائق" . وأضيف أنا: حتى لقاءه الوحيد الثابت في منزل “محمد نجيب”؛ الذي روى فيه “هيكل” تفاصيل حوار طويل مع “عبد الناصر” و”عامر”؛ عن استبعاده لتدخل الإنكليز إن قام الجيش بأي تدخل كما حدث مع “عرابي” قديمًا إلخ، هذا الحديث بهذه الجرأة والصراحة بين قائد تنظيم شديد الحذر والكتمان كـ”عبد الناصر”، وبين صحافي مهمته النشر لا كاتم الأسرار ويعمل في مؤسسة صحافية داعمة للقصر أمر لا يستوعبه عقل من الأساس، وهو ما أميل فيه لقول البعض بأن “هيكل” أراد أن يصنع لنفسه دورًا في الثورة!. ب. قصة “محمد نجيب” والثلاثة ملايين دولار: أورد “هيكل” في كتابه: (عبد الناصر والعالم)؛ ص71-72، قصة مفادها أن “محمد نجيب” قد تسلم ثلاثة ملايين دولار من المخابرات الأميركية، ولما واجهه “عبد الناصر” بذلك أنكر أنه يعلم أنها من المخابرات الأميركية، وأنه ظنها مرسلة من الرئيس “إيزنهاور”؛ الذي خصص اعتمادات مالية لبعض رؤساء الدول ليتمكنوا من تجاوز مخصصاتهم المقيدة بالميزانية من أجل الدفاع عن أنفسهم وعن بلادهم ضد الشيوعية، وهنا طلب “عبد الناصر” إيداع المبلغ في خزينة إدارة المخابرات، وأمر بعدم صرف أي شيء منه إلا بإذن من مجلس قيادة الثورة. وقد رد “محمد نجيب” وقتها؛ بعد الإفراج عنه، وكانت أبسط الأشياء لتوضيح بطلان الواقعة، أن “نجيب” لم يكن في الحكم وقتها ومحددًا إقامته !. وهو خطأ لا أعرف كيف وقع فيه كاتب بدقة “هيكل” ؟!. فهو كاتب يزن ويُراجع كل كلمة بميزان صائغ !. لقاء “هيكل” بـ”أينشتاين:” ج. ذكر “هيكل” تفاصيل هذا اللقاء في كتابه البديع: (زيارة جديدة للتاريخ)؛ ص221-293، ذكر فيها أن حديثهما أمتد لساعات، وأن “أينشتاين” كلفه بحمل رسالة لـ”عبد الناصر”، محاولًا فتح مسار تفاوضي بينه وبين “إسرائيل”.. وترد هذه الرواية رواية أخرى مبكرة كتبها “هيكل” نفسه؛ سنة 1959، ذكر فيها أن اللقاء تم سنة 1951، وليس في فترة حكم “عبد الناصر”، وأن “أينشتاين” سمح له بخمس عشرة دقيقة أثناء ممارسته لرياضة المشي !. د. تأكيد “هيكل” على وضع خطة حرب أكتوبر في عهد "عبد الناصر": أكد “هيكل” كثيرًا؛ كما في كتابه: (بين الصحافة والسياسة) و(استئذان في الانصراف)، أن الخطة (جرانيت 1)، وضعت في عهد “عبد الناصر”، وأنه صدّق عليها بإمضائه، ويذكر من التفاصيل ما يجعلها أقرب ما يكون إلى ما تم تنفيذه فعلاً في الحرب، وهذا الإلحاح في التكرار هدفه تأكيد المعلومة عند القارئ وتشربه لها، وبذلك يُصبح “عبد الناصر” بمثابة الصانع الأول والمشارك الرئيس في نصر أكتوبر !. بل يزيد “هيكل” في ذكر أن الخطة (جرانيت 2) أيضًا التي كانت تستهدف التقدم ناحية المضايق؛ وضعت هي الأخرى في عهد “عبد الناصر”، وأنه صدق عليها شفاهة: (بين الصحافة والسياسة) ص 323 لكن الفريق “سعد الشاذلي” يؤكد خلاف ذلك، وقد أكد أنه عندما تولى رئاسة الأركان لم يكن هناك وجود لأي خطة هجومية، وإنما كانت لدينا خطة دفاعية تُسمى الخطة (200)، وكان هناك أيضًا خطة تَعرُضَّية تشمل القيام ببعض الغارات بالقوات على مواقع العدو في “سيناء”، ولكنها لم تكن في المستوى الذي
This entire review has been hidden because of spoilers.
دراسة وافية وشاملة لأى حد مهتم بالفترة الناصرية تحديدا لمعرفة تصورها ورؤيتها السياسية لتلك المرحلة، أهم فصلين بالنسيالي كانوا فصلي الموضوعية والمصداقية فى كتابات هيكل، وده لاينفي أهمية باقي أجزاء الكتاب التي تناولت حياة هيكل من البداية مرورا بعرض الخصائص الأسلوبية فى كتابات هيكل.
من يقرأ الكتاب سيستمتع بجرعة ثقافة وتاريخ وتحليل ونقد الكتاب رؤية جديدة و محايدة تماماً و لا يستثمر إسم هيكل بقدر ما يقيمه بشكل موضوعي بعيداً عن المزايدات كما أن هذا الكتاب عبارة عن خلاصة رسالة الماجيستير في التأريخ من كلية الاداب جامعة القاهرة انصح الجميع بالاطلاع عليه سواء محبي هيكل كي يستوضحوا قناعات كتير أو كارهي هيكل سيجدوا فيه تأصيل وتوثيق لحاجات كتير ومن هم على الحياد بالنسبة لهيكل سيستمتعوا بجرعة تاريخ وصحافة ونقد موثق بصورة سلسة وسرد رائع من الرائع يحيي حسن معرض الكتاب 2019 دار العربي للنشر قاعة ٢، جناح C27
دراسة مميزة و خلال قرايتي ما قدرتش ما افتكرش قصيدة الفوازير اللي كتبها احمد فؤاد نجم في هجاء هيكل و آخرين محسوبين عالنظام و اللي استخدم فيها اسم عمود هيكل في الاهرام اللي كان اسمه بصراحة و اللي بتقول لأن الصراحة ف بلدنا عديمة بفضل المباحث، وأدب الرموز جعلها اللئيم ابن بنت اللئيمة شعار يرمي تحته السم��م كيف يعوز و شقلب أصول الصراحة العظيمة وخلا الندوب في الحقايق بروز وحرم وحلل وكتر وقلل و نشف و بلل و غالط و ضلل و سمى القبيلة الذليلة حليمة وقال ع السكوت ع الهزيمة: يجوز؟
📂مراجعة كتاب: كتابات هيكل بين المصداقية والموضوعية للمؤرخ يحيى حسن عمر 🔴الوجه الآخر لهيكل: ما الذي أخفاه السرد الجميل؟ لم يكن محمد حسنين هيكل مجرد صحفي، بل كان حالة كاملة لغة وموقع وسلطة،هيكل كان بيعتبر نفسه شاهد على التاريخ. هنا في كتاب «كتابات هيكل بين المصداقية والموضوعية للكاتب يحيى حسن عمر، مش بيحاول كسر هذه الحالة بالعنف، أو الهجوم.. لادا بيسحب الكرسي اللي قعد عليه هيكل سنين طويلة وحكاياته اللي سلمنا بيها كأنها حقايق . 🖋الكتاب هو في الأصل رسالة ماجستير منشورة، لم يكن هدف الكاتب منها تصفية أي حسابات ، بل قام بفتح سؤال مهم هل ما كتبه هيكل تاريخ… أم سردية سُلطة مكتوبة بلغة صحفية ناعمة؟ 🖋أكبر إشكالية يكشفها الكتاب أن هيكل مكنش قريب من السلطة بس، ع العكس كان جزء من تكوينها، ف على سبيل المثال في عهد عبد الناصر، لم يكن هيكل مجرد ناقل للقرار أو الخبر بل مساهم في صياغته، ومشارك في تبريره، ومدافعًا عنه لغوياً وأخلاقياً عبد الناصر نفسه قال: «محدش بيعرف يقرأ دماغي زي هيكل»ودي جملة مش بتكشف عن أهميةو عبقرية هيكل، بل عن غياب المسافة بين الكاتب والحاكم؛ وهنا بالذات تسقط “الموضوعية”. الكتاب يوضح أن العلاقة بين هيكل وعبد الناصر لم تكن علاقة صحفي بزعيم، بل علاقة تماهي واندماج، عبد الناصر في كتابات هيكل لا يُخطئ، وإن أخطأ فالسياق هو المذنب، والظروف هي المتهمة، والتاريخ هو الشاهد الرحيم. 🖋من أخطر ما يناقشه الكتاب أن هيكل لجأ كثيراً إلى:حوارات لم يشهدها أحد وقصص أطرافها ماتوا ووثائق لا يملك القارئ حق الاطلاع عليها وبكدا تحولت الكتابة من توثيق إلى سرد مغلق لايمكن يمكن تكذيبه، ولا مناقشته، ولا مراجعته. هيكل لم يكن يكذب بطريقة فجّة او واضحة، بل بطريقة ذكية، أدبية،مطمئنة تحسسك انه صادق.. الأكاذيب الناعمة..بأسلوب بيدخل بيه من ناحية عواطف ومشاعر القراء وبيسطير عليهم. ودا بيخلي الكذب أخطر، لأنه لا مش هيتكتشف بسهولة. 🖋👌🏻الكتاب بيهدم واحدة من أكثر الأساطير شيوعاً وانتشار عن هيكل إنه كان ناصريًا بالفطرة، الحقيقة كما يكشفها يحيى حسن عمر أن هيكل بدأ مسيرته بالتطبيل للملك، وبمقالات مدح مبالغ فيها، تُشبه إلى حد مخيف ما كتبه لاحقاً عن عبد الناصر وانه المدح لم يكن موقفاً سياسياً، بل منهج كتابة،والقرب من السلطة لم يكن ظرف عابرً، على العكس كان طموحاً دائماً سعى ليها هيكل بكل قوته. 📋تحليل فصول الكتاب.. *الكتاب متقسم لأكتر من جزء بيوضح الكاتب في كل جزء نقط معينة بيدعمنا بالأدلة والمناقشة الموضوعية الفصل الأول: ناقش المؤلف مفهومي الموضوعية والمصداقية، ووضح الفرق بين الصدق الذاتي والحياد المنهجي. وأكد أن هيكل خلط بين موقعه القريب من السلطة وبين امتلاك الحقيقة، وهو خلط يُفقد النص قيمته التاريخية. أما الفصل الثاني اتكلم فيه الكاتب عن علاقة هيكل بالسلطة منذ بداياته في عهد الملك، مروراً بذروة نفوذه في عهد جمال عبد الناصر.. الفصل الثالث بيعتبر من أهم فصول الكتاب، حيث يكشف أن العلاقة بين هيكل وعبد الناصر تجاوزت حدود الصحافة إلى الشراكة الرمزية في إنتاج الخطاب السياسي.. ويرى المؤلف أن هيكل ساهم في صناعة صورة عبد الناصر كقائد معصوم من الخطأ،من خلال أدوات السرد الأدبي لتبرير القرارات وإعادة تأويل الإخفاقات. الفصل الرابع ينتقد المؤلف فيه اعتماد هيكل على وثائق غير متاحة للقارئ، وتحويلها إلى وسيلة لإغلاق النقاش بدلاً من فتحه.. الفصل الخامس: حلل هذا الفصل لغة هيكل بوصفها عنصر مهم في تشكيل المعنى، وليس مجرد وسيلة نقل، وأكد أن اللغة الأدبية المطمئنة التي استخدمها هيكل لعبت دورًا في تهميش الأصوات المخالفة، بل اغلاقها تماماً الفصل السادس: رصد المؤلف تحولات خطاب هيكل عبر العهود المختلفة (السادات مبارك، ما بعد الثورة)، وضح التناقض بين المواقف المعلنة والروايات السابقة. 📰 الخلاصة الواضحة: هيكل لم يكن مؤرخ ولا كتب بشروط المؤرخ.. هو صحفي كبير، صاحب لغة آسرة، لكنه اعتمد على ذاته كمصدر وعلى ذاكرته كوثيقة وعلى قربه من الحكم كضمان للحقيقة..ودا في حد ذاته كارثة كبيرة، لأن التاريخ لا يُكتب بالثقة، بل بالتحقق ولا يُبنى على الرواية الواحدة، مهما كانت جذابة. السؤال الحقيقي ليه هيكل فضل مؤثر كل السنين دي؟! الكتاب، رغم قوته، يترك سؤالًا مفتوحًا لم يُناقش بما يكفي: لماذا استمر تأثير هيكل رغم كل هذه التناقضات؟ يمكن لانه كان بيكتب بلغة تحسس القارئ أنه فهم، حتى لو لم يعرف الحقيقة كاملة.. وهيكل عرف يستخدم لغته انه يلعب علي دماغ القارىءويسيطر علي وعيه. في النهاية هذا الكتاب لا يهدم هيكل لكنه يُسقط عنه صفة “المرجع النهائي ، لكن بيرجعنا لنقطة ومهمة انك نقرأ هيكل كما نقرأ أي نص تاريخي بالعين، وبالشك، اه هيكل كان صحفي عظيم لكن تحويله إلى مؤرخ معصوم…كان أكبر خطأ ثقافي ارتكبناه. 📍اقتباسات من الكتاب ❞ وأحيانًا يستخدم أسلوبَ المتحدث المجهول ليضع على لسانه ما يريد قوله، مثل (يعتقد البعض..)، أو (يرى الكثيرون أنه..)، فيُسْنِدُ إلى المجاهيل، ومن ذلك قوله “جاء دخول العراق إلى الكويت هدية من السماء لصناع القرار الأمريكي، مما دعا كثيرين إلى الظن بأنه (تدبير أمريكي) وليس خطأ حسابات عراقيًّا”((1155)). ❝ ص ٠448 ❞ نفق أحمد حمدي هو تسهيل المواصلات بين مصر وإسرائيل”((496))، ولا أظن أن أحدًا غير هيكل ذهب في نظرية المؤامرة إلى تلك المرحلة، فبدلًا من أن يحمد للسادات ربطه للبر المصري غرب القناة بسيناء التي أراد تعميرها - وكان ذلك من مشاريعه التي أكدها - يعتبر هيكل بناء النفق تسهيلًا للمواصلات إلى إسرائيل. ❝ ص 201 ❞ حاول هيكل تحسينَ موقف مسؤولية عبد الناصر عن وقائع حرب 1967 بأن جسامة خسائر الضربة الجوية أُخْفِيَتْ عن عبد الناصر، وأنه كذلك لم يَعْلَمْ بقرار الانسحاب إلا بعد صدوره بوقت طويل ❝ ص 238 ❞ المِصْدَاقِيَّةُ هي رُوحُ الكتابة التاريخية، فكما أن الفارق بين الحي والميت هو الروح، كذلك الفارق بين النص التاريخي الذي يَحْظَى بالمصداقية وذاك المُفْتَقِدُ لها أو الذي تَتَنَاوَشُهُ الشُّكُوكُ، وإذا كانت الموضوعية مثارًا لبعض الجدل، فإن الجدل بخصوص المصداقية أقل، إذ إن إثباتَها أسهل والنسبية فيها أقل بكثير. ❝ ص201 #فنجان_ومراجعة_كتابات_هيكل #مسابقات_فنجان_قهوة_وكتاب #فنجان_قهوة_وكتاب
📚"مراجعة كتاب:" كتابات هيكل بين المصداقية والموضوعية لـ يحيى حسن عمر 🖋 "حين يتحول السرد إلى سُلطة" قليلون هم الكُتّاب الذين لم يكتفوا بكتابة التاريخ، بل شاركوا في تشكيل وعي أجيال كاملة به. محمد حسنين هيكل واحد من هؤلاء، لم يكن مجرد صحفي يروي، بل راوٍ صاغ مشهداً متكاملًا بدا للكثيرين كأنه الحقيقة ذاتها. من هنا تنبع أهمية كتاب «كتابات هيكل بين المصداقية والموضوعية»، لأنه لا يناقش هيكل بوصفه اسماً كبيراً، بل بوصفه نصاً مؤثراً يستحق التفكيك، والمساءلة، وإعادة القراءة. الكتاب لا يسأل: هل هيكل عظيم أم لا؟ بل يسأل السؤال الأصعب: هل ما كتبه تاريخ… أم رواية سُلطة كُتبت بلغة صحفية بارعة؟ هل إحنا صدّقنا لأن الكلام كان مقنع؟ ولا لأن صاحبه كان قريب من مركز القرار؟ 📌 منذ الصفحات الأولى من الكتاب، يوضح يحيى حسن عمر أن إشكاليته مع هيكل لا تتعلق بقدراته الصحفية، بل بالعكس، يعترف له بالبراعة والتأثير والدور المؤسسي، خاصة في “الأهرام”. ❞ تحويل مؤسسة الأهرام من مؤسسة خاسرة مُعَرَّضَةٍ للإغلاق إلى صَرْحٍ من أكبر صروح الصحافة العالمية ❝ (ص 4) لكن السؤال الحقيقي هنا: هل تكفي مهارة الصحفي ليصبح مؤرخاً؟ 📖 فصول الكتاب كانت عبارة عن تفكيك هادئ لا محاكمة الكتاب متدرج في فصوله، وكأن الكاتب يتعمّد ألا يصدم القارئ، بل يقوده بهدوء من الإطار النظري إلى قلب الإشكال. 🔹 المصداقية والموضوعية: أين يلتقي الصحفي بالمؤرخ؟ في هذا الجزء يضع الكاتب الأساس المفاهيمي، ويفرق بين السرد الصحفي القائم على القرب والسرعة، والتاريخ القائم على الوثيقة والمسافة النقدية. وهنا تتضح الفكرة المحورية: الذات ليست خطيئة، لكن تحويل الذات إلى حقيقة مطلقة هو جوهر الأزمة. 🔹 هيكل والسلطة: علاقة تتجاوز نقل الخبر يناقش الكاتب علاقة هيكل بالسلطة باعتبارها عنصراً مؤثراً في تشكيل النص، لا مجرد ظرف خارجي. القرب من دوائر القرار لم يمنح هيكل المعلومات فقط، بل منحه أيضًا زاوية رؤية واحدة. ببساطة:هيكل لم يكن خارج المشهد يصفه، بل كان داخله يفسّره. 🔹 عبد الناصر حين تُعاد كتابة الذاكرة: في واحد من أهم فصول الكتاب، يفكك الكاتب روايات هيكل عن علاقته بعبد الناصر، ويقارن بين ما كُتب بعد الثورة مباشرة، وما كُتب لاحقاً، وبين شهادات المعاصرين. ❞ أول رواية لهيكل عن لقاءاته بعبد الناصر قبل الثورة كانت بعد شهر واحد من قيامها… ❝ في مقابل: ❞ الشهود يؤكدون أن اللقاء الأول كان يوم 18 يوليو في بيت محمد نجيب… ❝ وهنا تتجلى الفكرة بوضوح: الذاكرة لا تُكتب مرة واحدة، بل تُعاد صياغتها مع تغيّر الموقع من السلطة. 🔹 التاريخ المنتقى: ما يُقال وما يُهمل يتوقف الكتاب طويلًا عند مناطق الصمت في كتابات هيكل: أزمات، قمع، إخفاقات عسكرية، تجاوزات سياسية… إما غابت أو قُدّمت بحذر شديد. وده من أكثر الفصول التىي قد تكون مزعجة للقارئ، لأنه بيكشف إن اللي قريناه كان جزء من الصورة، مش الصورة كلها. 🔹 في الفصل الأخير، لا يصدر الكاتب حكماً قاطعاً، لكنه يترك القارئ أمام سؤال مفتوح: هل يجوز محاسبة هيكل كمؤرخ؟ أم يجب قراءته كصحفي استخدم أدواته لإعادة ترتيب التاريخ؟ والذكاء هنا أن الإجابة تُترك للقارئ، لا تُفرض عليه. ✍️ أسلوب الك��تب: نقد بلا ضجيج أسلوب يحيى حسن عمر يتسم بالهدوء، والوضوح، والاعتماد الصارم على المقارنة والتوثيق. لا لغة انفعالية، ولا رغبة في الهدم، بل تفكيك عقلاني يحترم عقل القارىء، فالنقد هُنا ليس صدامياً، بل كاشفاً لا يقول لك: “لا تصدق هيكل”، بل يقول: “اقرأه… لكن لا تُسلّم.” 📌 خلاصة القراءة هذا الكتاب لا يسقط هيكل من مكانته، لكنه يسقط عنه الهالةويعيد، وضعه في موقعه الحقيقي، كصحفي عبقري، قريب من السلطة، كتب التاريخ من داخلها، لا من مسافة محايدة. «كتابات هيكل بين المصداقية والموضوعية» ليس كتاباً عن هيكل فقط، بل عن علاقتنا نحن بما نقرأه، وعن خطورة السرد حين يتحول إلى حقيقة غير قابلة للسؤال. 🖋كتاب يعلمك شكاًصحياً…وذلك، في حد ذاته، فضيلة معرفية نادرة اقتباسات من الكتاب 🖋❞ “كانت محبة عبد الناصر له غَلَّابَةً، وكان يرقب حركته السريعة واندفاعه القومي، ويسمعه أحيانًا وهو يخطب ويقول له بمحبة: معمر القذافي أنت تُذَكِّرُنِي بشبابي”((399))، ويلاحظ الجميع هذه المبالغات، فيكتب هيكل في الرد على ذلك “لقد سألني كثيرون: ما هو سبب حماستي الزائدة للثورة الليبية ولمعمر القذافي؟ وأجاب إجابة مطولة في ختامها قال “الدور الذي تقوم به الثورة الليبية ومعمر القذافي في هذه المرحلة هو دور الضمير لا أكثر ولا أقل” 📍صفحة 122 🖋❞ إن قارئ هيكل سيعرف الكثير جدًّا عن إنجازات العصر الناصري وأغلبها بصورة مكبرة، بينما لن يعرف شيئًا عن حقائق أزمة مارس 1954، وعن الإجراءات القمعية في الصحافة والجامعة وغيرها من مناحي الحياة في الخمسينيات والستينيات، وعن سوء الأداء العسكري خلال حرب 1956((215))، وعن تجاوزات حقبة الوحدة، وعن مآسي الحرب في اليمن، وعن حجم التعذيب والتجاوزات في حقبة الستينيات، وعن كم التقصير في حرب 1956 📍صفحة رقم 69 ))، وغيرها، 🖋❞ من أكبر المؤثرات التي تؤثِّر على موضوعية كتابات الأستاذ هيكل وتَجْرِفُهَا نحو الذاتية هي علاقته بالسُّلْطَة، وهي نابعة من قناعاته كمثقف وصحفي وصاحب طموح، فالمثقف في نظر هيكل ضعيف ويحتاج للسُّلْطَة لأنه هش ويحتاج للرعاية((497))،((498))، والصحفي في هيكل يناديه ليقترب من السُّلْطَة حيث الأخبار، والطموح يدعو هيكل ليكون قريبًا من السُّلْطَة حيث النفوذ المعنوي الذي يُتَرْجَمُ لقيمة داخلية وخارجية، وكل هذا انعكس على كتاباته التاريخية ❝ 📍صفحة رقم 161