الكتاب من أفضل ما قرأته مؤخرا في باب توصيف أمراض المجتمع العربي الفكرية على وجه الخصوص. و حقيقة أن هذا الكتاب ليس الأول في طرحه لهذا الموضوع المؤرق لكل عربي، إلا أن جرأة الكاتب و صراحته في مواجهة انحراف الوعي و تأصيل هذا الإنحراف "شرعيا" المصاحب لصعود التيارات الإسلامية و العربية في المنطقة حتى اليوم و ما صاحب ذلك من فشل عربي ذريع بعد الربيع العربي، هذه الجرأة هي نقطة قوية جدا تُحسب للكتاب و للكاتب و خاصة أنه نقد حقيقي جريء من داخل المدرسة الإسلامية. يدعو الكاتب إلى خلق ارضية مشتركة يقف عليها العرب باختلاف مشاربهم الفكرية، إسلاميين (من كل الطوائف) و علمانيين و قوميين و أقليات و الاتفاق على ميثاق يحفظ للعرب ما تبقى لهم من بلدانهم و للتحرر من التبعية للقوى الدولية. كما يدعو الإسلاميين أولا للتحلي بالوعي الحقيقي و بالمرونة المطلوبة لتقبل الاخر و التحرر من المفاهيم المغلوطة عن "الحق المزعوم" و الإقصاء للمخالف و التي نتجت في سنوات الانحطاط الفكري و بتأثير المال السياسي الخليجي.
الكتاب يمكن تصنيفه ضمن باقة بُناة الوعي العربي الحديث من أمثال جمال الدين الأفغاني و محمد عبده و محمد العزالي و مالك بن نبي و عبدالرحمن الكواكبي. أدعو جميع العرب الإسلاميين لقراءة الكتاب و البناء عليه، و مثقفيهم بالبدء من حيث انتهى الكاتب. كما أدعو العرب من التيارات القومية و الليبرالية و العلمانية و غيرها لقراءة الكتاب و تلقُف هذا الجهد الحقيقي في التقارب مع الجميع و مد الجسور من أحد أبناء المدرسة الإسلامية.
هذا الكتاب دعوة صادقة للتقارب و صناعة وعي عربي و قبول للأخر في وقت نحن أشد ما نكون بحاجه إليه.
هذا الكتاب هو وقفة حقيقية مع الفكر الأٍسلامي المعاصر ، يقدم فيه الباحث العربي المستقل الأستاذ مهنا الحبيل قراءة نقدية في الفكر الأسلامي المعاصر. يميز الكاتب موضوعيته الشديدة و حذره و جديته في طرح الأفكار ، ما أن يطرح تساؤل في بالي الا و في الصفحات التالية أجد مهنا الحبيل يتطرق الى تساؤلي. هذا الكتاب يجب قراءته و اهدائه الى جميع من تربطنا بهم صلة. و لنكون موضوعيين ، المأخذ الوحيد على الكتاب هو ربما يجد صعوبة الأفراد الغير مطلعين على الأحداث أوغير ملمين بتاريخ الحركات الأٍسلامية. بارك الله في الكاتب و جعل عمله في ميزان حسناته.