كانت هالة صديقتي وفقدتها على أبواب عالم الكبار لأننا لم نحسن إخفاء بعض الأشياء عن الآخرين، وظلت «الفتاة الكبيرة» صديقتي، لأنها أتقنت إخفاء ما بيننا، كفتاة كبيرة تعرف جيدًّا رموز عالم الكبار، ما يمكن كشفه وما يجب إخفاؤە.
وأنا أيضًّا، كلما كبرت تعلمت أن أخفي أصدقائي «المقلقين» عن أبي وأمي، وأن أخفي أنا وأصدقائي عن الآخرين أشياء كثيرة.
عندما أخذني أبي إلى الغرفة وأغلق الباب، وقرر أنه قد حان الوقت لنتكلم وحدنا، لنخفي بعض الأشياء ما بيننا عن الآخرين، لنكن أصدقاء، لم يكن يعلم أني أخفيت عنه أنني قرأت في ذلك الكتاب، الذي أخفاە عنا في الأرفف العالية، أن على الآباء أن يكونوا أصدقاء لأولادهم، لكي يعرفوا ما يخفي الأولاد ما بينهم وبين أصدقائهم.
يخفي الكبار مؤامراتهم ليشكلوا بها الأبناء، ويخفي الأبناء مؤامراتهم ليكونوا أبناء تلك المؤامرات الأخرى.
تحذير ريفيو شخصي جدا الأباء أصدقاء قدامي 💖 مش قادرة أتخطي جمال الجملة دى.. طول ما أنا بقرأ الكتاب اللطيف ده بفتكر بابا.. لما بفكر بلاقي بابا فعلا أقدم و أجمل أصدقائي.. بشاركه كل حاجة .. خصوصا حبنا للقراءة.. بابا عنده مكتبة كبيرة أوى و من و أنا صغيرة بشوفه دايما بيقرأ و بيبقي ماسك هايلايتر و قلم حبر يكتب ملاحظات.. بيكتب على أول صفحة التاريخ اللى بدأ فيه و آخر صفحة التاريخ اللى خلص فيه الكتاب.. و كان فيه ملف كبير بيكتب فيه أسامي الكتب و تقييمه ليها.. أما كبرت شوية في اعدادى و بدأت أقرأ و أخويا الكبير قالى لا على حاجة متقرأيهاش إنها كبيرة عليا قاله لا سلمي كبيرة و عاقلة و بتفهم اللى هى بتقرأه خليها تقرأ براحتها .. و كبرت أكتر و بقيت بشاركه في كل حاجة بقرأها و بسأله دايما.. بسأله عن الطرق عشان بتوه كتير.. بسأله عن ناس غريبة لقيت أساميهم في الكتب... أو ايه أحسن حاجة أقراها عن فترة تاريخية معينة.. أو كلمة صعبة مش عارفة معناها و غيره و غيره.. حكيتله كل الروايات اللى بتعجبني.. حكتله بائع الشطرنج و كلمته عن الثلاثية و خليته يقرأ السقا مات و ساق البامبو و ثلاثية غرناطة و حكتله عن شوق الدرويش و صائد اليرقات و سرايا الجابي و عداء الطائرة الورقية و لا أحد ينام في الاسكندرية و حضرة المحترم و غيره و غيره بحكي كتير و ماما تقولى كفاية رغي صدعتيه و هو بيسمع و لا عمره زهق 💖 بابا هو صديقي الأقدم المفضل على الإطلاق ربنا يخليه لينا و يجمعنا على خير قريب ❤️
مش عشان أخويا لأ. الكتاب حلو جدا ومكتوب بفنية عالية وذكاء كبير، حبيته من أول درافت ويعتبر من أفضل الكتب اللي بتعالج فكرة الأبوة. مبسوط إنه صدر وإني كنت جزء منه بشكل ما.
هذا كتاب يحمل في طياته كثيرا من الصدق، والافكار البسيطة المعروضة بطريقة (مفخخة) تحمل تحتها الكثير من الأفكار (المقلقة)، ودايما الجمال يكمن في التفاصيل، نوع من التجربة اللي تبدو مكررة وكلنا مرّينا بها وبردو تفضل مدهشة وخاصة لو قُدمت بمثل هذا الذكاء. غرفة ٣٠٤ (كيف اختبأت من أبي العزيز ٣٥ عاما) لعمرو عزت التجربة الانسانية مهما كانت (فردانية) وشديدة الخصوصية في كثير من جوانبها، إلا انها غالبا بتكون بنفس التجارب الانسانية الأخرى، وعلشان كدا في استثناءات، العادي هو اخفاء الأسرار عن الأهل (وخاصة الأب يعني) واللي فعلا هو اكتر شخص بنحاول نختبأ\ نهرب منه، وغالبا بننجح في دا، وغالبا بردو بيكون برضا الأب، بنكتشف دا مؤخرا وبنحاول نهرب من الاكتشاف (المخجل احيانا) دا، بس بيفضل موجود كظل دائم على حياتنا ولغز مشارك فيها. الكتاب دا بيقدم تجربة انسانية جميلة، فيها من العذوبة الكثير، وفيها من الرقة اكثر، وطبعا كتاب حقيقي عن الحياة لازم يبقى حزين زي الحياة، ولكن الذكاء فوق كل جوانب الكتاب بالنسبة لي، الذكاء في اختيار اللغة المناسبة للوصف، الذكاء في عرض الأفكار بسلاسة، الذكاء في التركيز على مضمون الكتاب رغم اغراء الاستطرادات في مواضيع جذابة فعلا. انا حبيت الكتاب، حبيته لاكتر من سبب، لبساطته وقدرته على المشاركة، ومحاولة حل لغز علاقة معقدة زي الأبوة.
نص بديع، وفي رأى معالجة فارقة لمسألة الأبوة. منذ التسعينات عشنا مرحلة قتلة الأب في الأدب العربي. يطرح الأب نفسه كمجاز للسلطة في عالم الأدب بينما الكاتب يكون عادة روح حرة متمردة تحارب هذه السلطة الأبوية. عمرو يتجاوز هذا الطرح، ليقدم مزيج من حكايته الشخصية ومن صراع جيل من أبناء الطبقة الوسطى في الاختفاء من أبائهم. جيل أبيض شعر راسه شيباً ومازال يسعى للاختفاء من أبائها، ليس خوفاً من المواجهة بل خوفاً على الأباء ذاتهم, كل هذا بلغة مرحة تحملها موجة من السخرية العدمية المميزة من كتابات بو عزت. في انتظار صدور النسخة العربية من الكتاب، الذي اعتبر نفسي واحد من المحظوظين الذين قرأوه في شكل مسودات
بصدفة غريبة وجميلة قرأت كتاب عمرو عزت غرفة ٣٠٤ بعد رواية أورهان باموق ذات الشعر الأحمر. ومبسوط جدا اني لقيت في كتاب عمرو مشتركات كتير في جيلنا. واحدة من أسباب كتير لحبي لعمرو من اول اكتشاف مدونته لحد النهارده هو قدرته على التعبير بذكاء وخفة ظل مضبوطة عن هواجس وأزمات شخصية او عامة. رغم ذاتية الكتاب الا انه في محطات كتير تقاطع مع أزمات متشابهة مع سطوة الأب في محطات التعليم والسياسة والاستقلال ولحظات التقارب والإعجاب والصدام. التطور الفكري والخيبات والفشل العاطفي والمطبات. مواجهة الدولة والعائلة والمجتمع، النجاح في التعبير والدخول لكل المناطق دي بصفحات قليلة قدرة ادبية تخلي الواحد يسترجع أسباب حبه واعجابه بكتابة عمرو من اول مدونته ما بدا لي وصولا لملفات ألوان الحياة ومقالات المصري اليوم واشتباكاته المتقطعة حاليا في مدى مصر على فيسبوك.
كنت أنا الوحيد معه فى لحظة الاحتضار حين امتلأت رئتاه بالماء وانتهى الأمر فى ثوان معدودة فى صمت مهيب، وهو ينظر فى عينى ولا يستطيع النطق. الدنيا بعده ليست كالدنيا قبله، وانحدر كل شىء نحو الأسوأ.
أحب عمرو عزت وأحب كتاباته، ولما رأيت هذا الكتاب أحسست برهبة من العنوان، فأنا أيضا كنت أختبأ فى غرفتى، ولم تخطر ببالى لحظة الفراق وكأن وجود الأب شىء مضمون إلى الأبد، لذا ترددت كثيرا فى قراءته فكنت أخاف أن يصيبنى بتأنيب الضمير لتقصيرى فى قضاء مزيد من الوقت مع والدى، ولكن فى لحظة شجاعة قررت مواجهة مخاوفى وإنجاز المهمة، وأظن أنى سعيد لأنى فعلت ذلك فشخصيتى فى الطفولة تشبه فى بعض النواحى شخصية عمرو عزت ولكن والدى كانت طيبته بحجم العالم وديمقراطيته بحجم الكون.
هذا النوع من الكتابات هو المفضل بالنسبة لى، القدرة على تحويل أصغر التفاصيل إلى تأملات هائلة الحجم، ومواقف الحياة اليومية إلى أكبر معضلات الفلسفة، وأنصح به لمن يعانون من أزمات مع الآباء أما من لا يعانون، فلا تختبؤا فى الغرف مثلى ومثل عمرو عزت.
يتناول الكتاب الأبوة كفكرة، فيقدم الأب الشخصي للكاتب ولكنه يقدم أيضاً والد زوجة الكاتب، وحارس العقار، وشيخ المسجد، والجار المتدخِل المتسلِط، ورئيس الجمهورية، من بين الآباء الكثيرين المتحكمين في حياتنا بشكلٍ او بآخر. أكثر ما أعجبني هو زيارتي القصيرة لعالم الذكورة (لكونه عالم غريب عني كفتاة، وغريب عن الأدب كلياً وخاصةً العربي منه، على حد علمي)، والتعبير عن المشاعر فيه حيث الخطوط المطموسة بين الحب والحماية والسيطرة. تأثرت لكيفية اتزان الكاتب بين الاختباء من أبيه وبين التقدير لحصاره الدائم، فالعلاقة قائمة على الاحترام والحنية الواضحة بينهم رغم التوتر المستمر . كتاب دافئ جداً وصادق لأبعد الحدود
منبهر كيف يمكن ان تكون تجارب الافراد متشابهة بهذا القدر رغم اختلاف مجتمعاتهم التي ينتمون إليها ، شي اقرب إلى السحر والتصورات الماورائية ، فعلاقة عزت بوالده تشبه علاقتي بوالدي رغم كوننا ننتمي لمجتمعين مختلفين كليًا وهو تكلم عن الثورة المصرية وعاصرها ، بينما كانت ثورةً سوريةً بالنسبة لي .
أهم سؤال ولده بداخلي هذا النص: " هل الأشخاص الذين يحبوننا ، يُحبوننا من اعماق قلوبهم دون مصلحة أو حاجة ، أم أنهم فقط يحبون سيطرتهم علينا ؟ " مثال عن تلك المجموعة من الأشخاص ، الأب !
جزء كبير من احترامي لل��ير الذاتية وحبي لها وتفضيلي إياها على سائر الأجناس الأدبية هو ذلك الاتفاق الضمني غير المباشر بينك وبين الكاتب أنه لن يخفي عنك أيا من تفاصيل حياته فضلا عن الكذب تجاهها أو محاولة تجميلها، سيعرض لك الحقيقة الصادمة العارية الخالية من أي شوائب أو إضافات
النموذج العربي الأكثر شهرة وإثارة للجدل حول هذا هو محمد شكري صاحب الخبز الحافي، والنموذج العالمي الأشهر أيضًا هو هنري ميلر الذي وصف نفسه في إحدى نصوصه بأنه الشخص الذي "يكتب نفسه" فحسب.
هذا الاتفاق الضمني الذي بمثابة عقد بين القارئ والكاتب يفقد شرعيته حالما شعر القارئ - وإن كان واهما - بأن الكاتب يتعمد إخفاء الحقائق أو تجميلها، وهذا ما شعرته في النصف الأول من الكتاب في علاقة الكاتب بوالده في مرحلة الطفولة، كلنا لدينا ماضي وتاريخ معقد مع الآباء، أنا بشكل شخصي أعتبر والدي رجلا بسيطا، أهمل كثيرا واستهتر كثيرا، لم يعش حياته كما يحب، ولكن باستغلال كافة الوسائل المتاحة في واقعه الفقير لكي يفعل ما يريد حتى ولو على حساب مستقبل أبنائه الذين سيذوقون المرار في شبابهم نتيجة تحمل أخطاء ماضيه، رغم ذلك لا يسعني محاكمته بالشكل التقليدي الكلشيهي لأدب الاعترافات حول علاقة الابن بوالده، وإلقاء كل اللوم والمسئولية عليه كتجسيد حي للإله الملول الضجر غير المهتم الذي كان يشعر بالملل فخلق البشر وتركهم يعانون ويموجون في بعضهم البعض، لأنه على أي حال أنا كفرد كنت سأولد من أي أب كان وفي أي أسرة مهما كانت ظروفها، وعلاقتي بوالدي لابد وأنها ستكون متوترة بسبب افتراض الأباء بشكل خاص أنهم امتلكوا بشرا وأنهم قادرون على الخلق تماما مثل الإله الملول الضجر، وسواء كنا قد خلقنا أم تطورنا عبرة طفرة من الطبيعة الصماء عديمة الذكاء والخطة، فإن الواقع يقول أنني موجود، والواقع أيضًا يفرض ظروفه علي التي تجبرني كل يوم وكل لحظة على التعامل معها سواء بالاستسلام لها أو بمحاربتها ومحاولة ترويضها لكي تستقيم
بالتالي أي كتابة عن محاكمة الأب/ الإله ليست بالنسبة لي سوى مراهقة الآن، وأول ما يستدعيه ذهني عن قساوة محاكمة الأب ما كان يفعله الشاعر عماد أبو صالح من صب جام غضبه على والده لدرجة أنه وصف في نص قصير ملحمي مهابة ما رآه حين رأى مراهقا يمسك والده من تلابيبه وحسب تعبيره - بكل غضب العالم وكل غضب الأبناء المقهورين بسلطة الأب - يلكمه في فمه فيسيل دمه
على الرغم من ذلك لم أرَ سوى النقيض في الجزء الأول من هذا الكتاب، ليس محاولة تجميل صورة الأب ولكن الحذر والحرص في الحديث عنه ، أعتقد أنني أحتفظ لوالدي أيضًا بمواقف يمكن سردها في كتاب ولكن هذا لا يعني تقييم تجربته الأبوية بناء على هذه المواقف ورؤية الصورة الشاملة بهذه الملامح البدائية لها، وأعتقد أنني أول ما بدأت أشعر بتقارب بيني وبين أبي حين علم أنني أدخن فبدأ بالتواطؤ معي ضد أمي وأصبح يترك لي سجائره في مكان بارز من المنزل حين يشعر تأزمي المادي الذي يمنعني من شراء علبة سجائر محلية، وإحراجي من أن أطلب منه نقودا وأنا الذي لم أفعلها على مدار سنواتي جميعها إلا للضرروة القصوى
لكن لا يمكن استشفاف الأسلوب التربوي لوالدي من خلال هذا الموقف أو من خلال مواقف شبيهة، إلا أن عمرو عزت يؤطر مثل هذه المواقف لصنع صورة معقدة ومركبة لوالده تحمل في طياتها البعد الإيجابي، لا أريد أن أقول أن والده شخصا عاديا ولكن كلنا يظن أن والده يختلف تماما عن باقي الآباء تماما مثلما نشعر أن طعام والدتي هو أشهى طعام في العالم، لكن هذا فقط لأننا معتادين عليه
ما أنقذني من كراهية هذا الكتاب هو النصف الثاني منه، حين بدأ عمرو عزت في الاسترسال حول قراراته واختياراته في الحياة والتي كنت مُلما بجزء منها بصفتي متابع جيد وقديم لمدونته الأثيرة "ما بدا لي" لكنني كنت أقرأ التفاصيل كأني أقرأها لأول مرة رغم علمي بتفاصيل أكثر ألممت بها من التدوينات أي أن هذا الجزء بدا كأنه صديق عزيز يحكي لي حكاية لدي فكرة عن خلفيتها وطبيعة ظروفها
لم احب هذا الكتاب بالقدر الكافي، ولم أكرهه بالمقابل، ولكنني لا أستطيع أن أقول أنه تجربة استثنائية أيضًا
«الأصدقاء آباء جدد، الآباء أصدقاء قدامى». هل اختبأت من والدك يوما؟ حتما فعلت مرة أو مرات، أما عمرو عزت فأختبأ من والده 35 عاما، وهنا يحكى لكم قصته. «غرفة 304»، أو «كيف اختبأت من أبى العزيز 35 عاما»، كتاب عن تجربة شخصية للكاتب مع الأب وفى الخلفية حى إمبابة الشعبى، الكتاب يناقش الأبوة كسلطة فى حياتنا، وتقاطع سلطة الأبوة مع سلطات أخرى. كتابة عمرو عزت مدهشة شديدة الجمال، فمن خلال تجربة شخصية ستتمكن من مشاهدة لوحة شديدة الجمال عن الفساد والإخوان والسلفيين واليسار والتقاليد. يبدو الكتاب أنه فى صيغة تمرد واختباء من الابن ولكن اللافت انك ستخرج بطاقة حب حقيقية للأب، انت تغرق فى التمرد على من تحبه وتشجيع الاختباء من شخص نراه رائعا. وعمرو عزت كاتب وباحث، ولد فى إمبابة عام 1980 تخرَّج فى كلية الهندسة جامعة القاهرة (2002) ثم التحق بكلية الآداب قسم الفلسفة بجامعة القاهرة أيضا ليتخرج منها بدورها (2009)، بدأ التدوين فى 2004 عبر مدونته «ما بدا لى»، ثم صحفيا فى جرائد «البديل والشروق والمصرى اليوم، ثم باحثا مهتما بالحالة الدينية وحرية المعتقد فى مصر، وصدر له كتاب آخر وهو (كيف تتذكر أحلامك) فى يناير 2020. و«غرفة 304» صدرت عام 2019 عن دار الشروق، وهى من 111 صفحة وتتوافر فى نسخة إلكترونية عبر موقع أمازون كيندل وجوجل بلاى، كما تتوافر فى نسخة صوتية عبر تطبيق اقرأ لى. «كلما كبرت تعلمت أن أخفى أصدقائى «المقلقين» عن أبى وأمى، وأن أخفى أنا وأصدقائى عن الآخرين أشياء كثيرة، عندما أخذنى أبى إلى الغرفة وأغلق الباب، وقرر أنه قد حان الوقت لنتكلم وحدنا، لنخفى بعض الأشياء ما بيننا عن الآخرين، لنكن أصدقاء، لم يكن يعلم أنى أخفيت عنه أننى قرأت فى ذلك الكتاب، الذى أخفاە عنا فى الأرفف العالية، أن على الآباء أن يكونوا أصدقاء لأولادهم، لكى يعرفوا ما يخفى الأولاد ما بينهم وبين أصدقائهم. يخفى الكبار مؤامراتهم ليشكلوا بها الأبناء، ويخفى الأبناء مؤامراتهم ليكونوا أبناء تلك المؤامرات الأخرى. واعتقد أن الجزء الأخير من الكتاب صاغه عمرو عزت فى مرثيته لوالده عقب وفاة الأب، ووهى مرثية شديدة العذوبة والعمق وتستحق أن تضاف لطبعات الكتاب الجديدة. «انتهى الدفن وانتبهت أننا نزيد على الأربعين شخصا، معظمهم لا أعرفهم، واقفين جميعا بلا حراك، تذكرت ما كان يفعله أبى فى نهاية الجنازات. كان ينادى على كل واحد باسمه يأمره بالرحيل ثم يزعق قليلا بحنان فيمن لا يتحرك ويذهب ويربت على كتفه ويقول له: هو ارتاح خلاص، روحوا ارتاحوا. يوزع الناس على السيارات المتاحة ويخبر ذلك أن هناك مكانا فى سيارة ذاك، ويتأكد أن الجميع رحلوا قبل أن يركب سيارته. فعلت ذلك هذه المرة نيابة عنه. https://www.shorouknews.com/news/view...
كتاب جميل فعلاً، لقيت حاجات كتير مشتركة بين علاقة عمرو عزت بوالده وعلاقتي بوالدي، ربما لأني وعمرو ننتمي إلى نفس الجيل ووالدينا ينتميان إلى نفس الجيل. لكن حتى مع تجاوز تطابق الأجيال، لا أعتقد إني الوحيد الذي شعر بذلك. برغم كل الصدام بين الإبن والأب في النص، ومحاولات التحرر من سلطته، إلا أني شعرت بوجود مسحة من الاطمئنان لوجود هؤلاء الأباء في حياتنا.
انا تقريبا من جيل الكاتب، لكن وأنا بقرأ الكتاب دلوقتي، متعاطفة مع الأب أكثر، احساس الأب والأم بالقلق الدايم على ولادهم، الخوف من التجارب المختلفة، الخوف من التحولات غير المتوقعة، عاوزة اولادي يبقوا أحرار وفي نفس الوقت خايفة من الحرية دي...
الخوف والقلق دول اللي مفيش علاج ليهم طالما خلفت، الاحساس الرهيب بالذنب وشيل الهم المستمر..
اكاد أجزم أننا جميعاً _من الجيل الذي عاصر الثورة _ نمتلك ذكريات شخصية متقاربة عن التغييرات الأسرية التي حدثت في تلك الفترة. الرواية مكتوبة بصورة دافئة وشخصية وأعجبتني بشدة.
يمكن اعتبار الكتاب سيرة ذاتية يتحدث فيها الكاتب عمرو عزت عن نشأته وحياته من خلال التحدث عن علاقته بأبيه من صغره و عبر السنوات: طفولته، دراسته ، الاتجاهات والتجاذبات الفكرية التي مرت عليه في مرحلة الدراسة الثانوية والجامعية ومابعدها، زواجاته وهكذا.
الكتاب ليس بذاك التشويق...في آخر صفحتين من الكتاب ربما حاول عمرو أن يربط بين طبيعة العلاقة الأبوية والأنظمة اليسارية وتحولها لأنظمة متسلطة.
الغلاف لطيف اوي النجمتين اللي نقصين علشان مبحبش الكلام ف السياسه، جالي والله تخمة من كتر الكلام عنها ومفهمتش ايه مفهوم غرفة ٣٠٤ الا ف اخر ورقتين ف الكتاب ! يمكن كانت توقعاتي كبيرة وانه يتكلم اكتر عن احاسيسه تجاه والده اكتر من كده بس عجبني السرد غير المرتب من خلال ذكر السنين
تبدو نزعة التحليل والتفكيك/التفلسف جلية في كتاب عمرو عزت عن علاقته بوالده، علاقة البنوة/الأبوة عموما الأمر الذي راقني وقد لا يروق آخرين، خصوصا وأن بناء الكتاب قام على نقلات زمنية في غير متسلسلة لعرض مشهد ذاتي معين، ثم استطراد ينطوي على تأمل الموقف ودلالاته، ثم استعراض في فصول أخرى لفكرة معينة، لنقل مثلا الدوائر التي نعيش في إطارها وتصنيف الكاتب لها وربط ذلك بعلاقاته الانسانية والاجتماعية.
كان سرد الكاتب جذابا، وحميميا ربما لأن هذا هو الحال مع غالبية الكتب المماثلة والتي تُشعرك أنك والكاتب صديقان بمعنى ما، وربما لأن انتماء الكاتب إلى نفس الطبقة/الشريحة الاجتماعية الوسطى خلق حالة الألفة هذه بما تحتويه من مفردات المنزل، والحي الشعبي "امبابة في حالتنا"، والمشاهد التي تُبرز مكانة الأب وسطوته سواء داخل المنزل أو الحي والتي تعرضنا لما يشابهها بشكل أو بآخر.
ربما يكون قد نتج عن مركزية مفهوم الأبوة ومجازها السياسي/الاجتماعي/ الديني تغييب لوجود أو دور الأم/ المرأة في الكتاب لكن من ناحيتي رأيت عنوان الكتاب كفيلا برفع هذا الالتباس، أو مكمن الانتقاد عند البعض، وهو ما سيحدث على أية حال -الانتقاد أعني-.
تقاطعت محطات عمرو الحياتية/المهنية ومراحل تطوره الفكري والإنساني مع ما جرى في بلدنا التي لا نشفى من رغبة العيش فيها رغم كل شيء، فتداخل الخاص مع العام مما أثار لدي رغبة تراوح مكانها في تأمل ما جري لي، ولنا عموما ومعرفة أين سأمضي بحياتي وبهذه المنكوبة بحكامها.
ما أعجبني في تصورات عمرو وتنظيراته ليس اتفاقي أو اختلافي معها كليا أو جزئيا، وإنما كونها تشكل أرضية خصبة للنقاش وتوليد الأفكار التي ستتلاقى مع وستفترق عن مجمل أو تفاصيل طرحه عن فكرة الظل العالي، أو الأب في حياتينا الشخصية والعامة.
أخيرا أحب أن أنوه بمشهد الكاتب مع الصحفي الذي قاد، أو شارك في حملة صحفية ضد والده عن بيع أصول شركة عمرو أفندي ومقراتها حيث انطوى المشهد على حديث عمر بجدية شديدة عن عمله في الصحافة وبالتحديد مجلة "الملف العربي" التي منحها والده بعفوية مصرية حميمية، ومبهجة لقبا يعاقب القانون والمجتمع، وحتى الحبايب أحيانا، والناس دائما على ذكره والتصريح به، هذا المشهد أضحكني كثيرا وربما ابتسمت اليوم مرتين أو ثلاثة حينما تذكرته في مقر عملي ما دفع زوجتي وزميلتي في العمل إلى اعتقاد أني جننت مؤقتا –من منا ليس كذلك على أية حال- لذا وجب التنويه.
أتمنى -في ختام هذه العجالة- على دار الشروق ودور نشرنا التي أعرف جيدا كيف تتعامل مع كتابات الشباب التي لا تضمن ربحا كبيرا أو توزيعا هائلا أن تتعامل مع كتابات شبيهة –أعتقد أن هذا الكتاب نُشر وفقا لمبادرة أو تفاهم معين تبعا لما هو مكتوب على الغلافين الخارجي والداخلي، هذا مجرد تصور- و بكتابات الشباب الابداعية عموما بقدر من الاحتواء، و الاهتمام، والرغبة في التضحية قليلا بالجانب التجاري، على حساب إسماع عموم الناس شيئا من هتاف الشباب المفكرين، أو الصامتين، أو حتى الصائحين، فلعلهم يستجيبون. محبتي.
في أي منظومة أو ترتيب للقوى يكون الأشد عرضة للكره دوما من يجلس على الرأس، لذا أجد هذا الصراع من أساسيات وجودنا الإنساني وضرورة من ضروريات اكتمال نضجنا الشخصي وبناء مسيرتنا الخاصة، المذكور هنا لا يقتصر على أب وابن بل يمتد ليصل لأزماتنا الوجودية والخوف المسيطر علينا والثورة وكل محاولة بائسة أو متفائلة خضناها حين كان هناك أمل أو مساحة بسيطة لخوض غمار الأحلام. السرد لم يكن متسلسلا بل كان قصيرا كافيا متنوعا، مما يجعله يجنب القارئ الشعور بالملل، يشبه نمط المدونة بشكل عام وهو أمر جميل وبسيط. وفي النهاية ليس كل اختلاف يرادف الرفض والكره، فنحن نحمل آباءنا في داخل عيوننا وننقدهم ونرفض أن نكون مثلهم، نحتفظ بصورهم ونخزن تفاصيلهم وزوايا ابتساماتهم وتجاعيد عيونهم ثم نحمل راية التغيير والخروج من جلدهم، نحتمي بأحضانهم ونحيا بوجودهم وبآرائهم ولا نرضى بغير خلق المسار المناسب لنا وإن كان المسار بحد ذاته ثورة على كل ما احتمينا به. الأمران كلاهما لا يطغى أحدهما على الآخر.
صحيح الكاتب اختار أسلوب الكتابة الذاتية إلا أني لقيت في غرفة ٣٠٤ تحليل سياسي اكثر منه مذكرات شاب عن علاقته بوالده. وكأنه (الكاتب المهندس) صمم لنا جسر محكم ومنساب بين السياسة في المجال العام الماكرو وهي بتصب في المجال اليومي الشخصي الميكرو. الاب وحدة تحليل ممتازة لفهم مفهوم السلطة في المجتمع وكلنا بنردد مصطلح الباترياركية لكن في هذا الكتاب تأمل أهم لمفهوم المحافظة في السياسة والمجتمع . كمان اعتبره تدوينة مهمة عن ثورة يناير ولحظات انتصارها ولحظات حصارها التي ترجمت على الفور في نفوذ منطق الشباب اللي فرض نفسه على الآباء. أما على المستوى الادبي فإما ان الكاتب محظوظ جدا بعلاقة سوية تسودها المحبة والإعجاب المتبادل بين طرفين على قدر كبير من الذكاء والإبداع وبالتالي الصراع فعلا سياسي ولكنه آمن جدا ( حتى المرة الوحيدة اللي اقترب من العنف وقال له اخرج من بيتي هم الاثنين تجاهلوه وماخدهوش جد) . اذن فلا مجال لمشاعر متناقضة أو مواقف بها إهانة أو قهر يدعو للحزن أو الغضب أو الحرج أو العار. وهي الاشياء التي نجدها في الدراما الأسرية وهي الاشياء التي تجعل من سنوات النشأة والتكوين عملية صعبة ومعقدة . لا أعتقد أن الكاتب يتظاهر بالحكمة وبسهولة ويسر تجاربه ولكنه لم يختر الحفر في تلك الزوايا المظلمة وربما كانت بالفعل يسيرة ومنيرة. كذلك لفت نظري ضالة وزن ودور المرأة في رقعة الصراع بين الأب والشاب في محيط الأسرة وحتى في علاقاته العاطفية. يعني ظهر لنا دور كبير لوالد سلوى ثم والد الزوجة الأولى وبل ووالد الزوجة الثانية.. وفيما عدا انسحاق سلوى امام سلطة والدها لا نرى علاقات النساء إزاء سلطة الاباء ولا علاقات السلطة بين الشاب والنساء. هل استعمل معهم ادوات الاب كما استعارها مرة في إدارة مشكلته مع البواب أو ابن صاحب العمارة؟ كنا فيه حاجة إلى نموذج لأب أقل كمالا وروعة لأننا ببساطة لا نقدر إلا أن نحب ابو عمرو وأبو سلوى وأبو الزوجة الأولى حيث المودة و الحماية والحكمة والأمان . سهل الارتماء في حضن سلطة محافظة وظريفة كده... فلماذا نقاومها؟
احترم جدًا كل من قرر الإفصاح عن جزء من حياته الشخصية في كتاب دون انحياز أو تجميل. الغلاف معبر جدًا عن شخصية الكاتب عمرو عزت (بالوحمة الحمراء في الجبهة مع العوينات الطبية). لست من هواه السياسية، ولكن الأجزاء السياسية كونها جزء من حياة الكاتب وفي سياق ما يحكيه فكانت (مبلوعة). بالنسبة لي سيظل موضوع العلاقة بين الآباء والأبناء، من أهم العلاقات التي تُثير اهتمامي وأحب القراءة عنها. شكرًا عمرو عزت على تلك الجولة في غرفة 304.
كان أحمد يقود سيارته الإسبرنزا من حدائق الأهرام لدار ميريت، بعد جلسة سريعة في بيته. كانت جلسة تعارف أكثر منها جلسة ثقافية، أحمد قد نشر قبل عام على الأكثر روايته الثانية: أوجاع ابن آوى. ورغبتي في معرفة المزيد حول الكتابة وأدواتها هي ما قاطعت سبلنا تلك الفترة كان يكتب تلك الفترة قصة: نوفيلا عن أبي أقصوصة عن أمي لا أذكر بنية القصة على الأرجح، ربما غيّر اسمها بعد ذلك، حكى لي وقتها حواديت قصيرة عن أبيه، كان قد توفى منذ فترة .. قبل وفاته بقليل حدثت مشاد�� وقال جملة كان وقعها قاس بشكل ما على والده، وتوفى والده بعدها مباشرة. في السيارة، نظرت له نظرة عابرة وسألته عن شعوره، هل هناك ذنب ما او شعور آثم، نحو ما ما حدث. قال بخفة وبساطة: مش هخلي حاجة زي دي تعقدني يا أبو حميد. وكانت نوفيلته عن باباه من أمتع ما قرأت، تطوي بداخلها محبته لوالده وخفة ظله وتقديره له ولشخصه. النص الذي كتبه أحمد وقتها فسر لي بشكل ما ما هي الأبوه، وما هي البنوة من جانب خفيف، بسيط، غير معقد على الإطلاق، ربما لأن أحمد كان يفضل ذلك، العيش خفيفًا عمومًا.
منذ بداية نشر فصول نص غرفة 304 وأنا مندهش من الحدوته، مهتم أكثر بحكايات الأب، رغبتي في معرفة كيف تجري الأحداث بين ذلك البابا وهذا الإبن إلتهمتني. وجود أبي كان طفيفًا في حياتي، اختفى وانا في السابعة، عاد وانا في الرابعة والعشرين، جريت بعيدًا لمدينة أخرى، ولم تتقاطع حيواتنا على الاطلاق بشكل مباشر، رغم ذلك، أفسد بشكل ما حياة عائلتنا الصغيرة. بعدما ماتت أمي، وانتهاء العزاء وما إلى ذلك، وقبل ذهابي للمطار مباشرة، حمل حقيبتي ونزل معي للسيارة المنتظرة أمام المنزل. بكى وهو يشيح بنظره بعيدًا، وبكيت وقلت مع السلامة، كان وداع يليق بـ بابا، وداع هامشي مهذب وخفيف. يعود النص ليذكرني بكل الأشياء المفقوده، كيف أن الحياة بها الكثير من الباباهات الآخرون عمومًا. السلطة، الدين الخ.. آآآآخ كفاية رغي.