لأن من حق الإنسان ان لا يعاني ولا يشعر بالوحدة أو الألم في مختلف مراحل حياته ، فإن هذا الحق أوجب لمحاربي السرطان الأبطال ، ومن حقهم أن نقف معهم نساندهم وندعمهم في حربهم الضروس ضد المرض وفي كل مراحله... لهذا كان رسائل البحر.
ان حياة لا توضع موضع التأمل لا تستحق ان تستمر واصبحت الاسرار فى زجاجة مغلقة ويلقيها الى العالم الذى لا يستطيع ساكنوه فك رموزها باختلاف اجناسهم والسنتهم لان الرسالة هى تلك الهبة التى لا يجب ان نتقاتل او نتحالف لتفسيرها لأن ذواتنا هى الأولى بالتفسير . الكتاب لا يطرح افكاره بمعزل عن الشخصيات التى تفردت كل واحدة منها بملامح مستقلة وبعيدة كل البعد عن نمطية النماذج اللا انسانية التى تواجهنا بها السينما الحالية ليقدمها داوود فى تناغم شديد كأننا امام كونشيرتو للقلوب الحائرة فى مشهد النهاية الى البحر الذى يحتضنهما على سطح قارب صغير تحيط بهما الاسماك الميته بفعل الديناميت ليتحول خوفهما الى التصاق يجعلهما ككائن حى متوحد وسط المئات من الارواح الميته ليعبر عن استمرارية الحصار الذى يعيشه الانسان فى مجتمع لم يعد يؤمن بالتعدد واحترام الاخر .
لقد انهيت لتوي المجموعة القصصية "رسائل البحر" للصديقة والكاتبة المبدعة دانة الخياط بدمعة وابتسامة. القصص مكتوبة بلغة أنيقة ورقيقة عن أشخاص عاديين زارهم ضيف ثقيل "السرطان" وكيف تعاملوا معه. كل صفحة هي رسالة حب الى محاربين ومحاربات السرطان ، تمدهم بالأمل والتفاؤل والقوة. "الاصدقاء الحقيقيون لا يتركون أصدقائهم يحاربون السرطان بمفردهم.." من فينا لم يعرف أشخاص أصابهم هذا المرض، ورآهم يذبلون أمامه يوما بعد يوم. "تمسكوا بأحبتكم جيدا... فالوقت يمضي بسرعة " المجموعة القصصية تتحدث ايضا عن العمل التطوعي ونثر الفرح والمحبة في قلوب مرضى السرطان، وخاصة الأطفال الأبرياء. "لو كان بالإمكان وضع التطوع في حبة دواء لكانت الأكثر مبيعا وتأثيرا في العالم، لقد جربت ذلك.. جربته بنفسي."
مجموعة قصصية ممتعة، تحمل رسالة جميلة لقلوب تحتاج منا إلى النظر بعين الرأفة والحب.
قصصها ذات سرد هادئ ويداعب الحس، لغتها بسيطة ومنظمة، وغلافها جذبني من اللحظة الأولى. أمتعتني كل قصصها بلا استثناء، منها ما أبكاني ومنها ما أثلج صدري بالفرحة، مشاعر جمة اعترتني وأنا بين دفتيها.
اقتباس 🔖 «ما أروع رائحة المطر في هذا الصباح، وما أجمل نسمة الهواء التي تُنعش الروح والقلب، وما أرقَّ انبثاق الصباح وأشعة الشمس الخجلى من الظهور، عزف العصافير، رائحة القهوة... كل ما في الكون يُبشِّر بالخير وبيومٍ جميل».