"لا يزال عالقًا في الأحد، بينما انتقل العالم كله إلى يوم الاثنين. يخشى أكثر أن تختلط عليه الآحاد فلا يعود قادرًا على تمييز الأحد الذي يعقبه الاثنين، فتدوم الآحاد الملعونة أسبوعًا آخر.
كلما اقتربت الساعة من الثانية عشرة ليلًا، فكر في القفز من نافذة الأحد، وليحدث ما يحدث، غير أنه في الحقيقة يخاف أن يرتطم بالجمعة. إذا كانت الجمعة الوحيدة في الأسبوع لا تطاق، فما بالك بسبع جُمعٍ غليظة؟"
العالق في يوم أحد..مجموعة قصصية قصيرة للكاتب السعودي عبدالله ناصر...وهذا هو الكتاب الثاني للكاتب بعد مجموعته القصصية المميزة فن التخلي...
أفكار الكتاب متنوعة ومختلفة...معظم القصص عبارة عن صفحتين بالكتير.. يترواح مستواها بين الجيد والجيد جداً...يغلب علي معظمهم الرمزية،في حاجات كانت واضحة وحاجات تانية معرفتش هو كان يقصد ايه بالضبط..
الصراحة أنا مش بحب القصص القصيرة جداً في حجمها ..مش دايماً بفهمها ولكن دة لا يمنع إن عبد الله ناصر كاتب ذو خيال خصب..لغته ممتازة وذكي جداً في إختياراته ولا أظن إني قرأت لأي كاتب عربي مجموعة قصصية بمثل هذا الأسلوب المميز قبل كدة... يعني نقدر نقول إن عبدالله ناصر موجود في حتة لوحده ومعتقدش إن حد بينافسه فيها أوي...
منذ أن وقع كتابه الأول "فن التخلي" في يدي، عرفتُ أن "المايسترو" عبد الله ناصر سيصير من أقرب أصدقائي. كان فن اختيار العنوان وحده كفيلا بأن أنجذب منذ اللحظة الأولى، ولم يكن "العالق في يوم أحد" بحاجة كبيرة إلى عنوان بهذا الجمال ليجذبني. ولو صدر كتاب عبد الله الثالث بلا عنوان ولا صفحة غلاف حتى لكان اسم مؤلِّفه وحده كافيا تماما لي كأبلغ دعاية ممكنة.
عبد الله ناصر قارئ لا يمزح، وهو في كتابته مخيف رغم كل تواضعه وخفة ظله. هناك تجربة علمية مثيرة طلب فيها الباحثون من المشاركين أن يحدقوا في عيون بعضهم من مسافات قريبة وتحت إضاءة خافتة لعشر دقائق فقط، ثم التحدث عما رأوه. كانت النتائج مرعبة! أغلب الناس قالوا إنهم رأوا في ملامح الآخرين تشوهات مفزعة، بل أكد البعض أنه كان يحدق طوال الوقت في وجه مسخ أو شيطان!
قراءة عبد الله ناصر تشبه تلك التجربة، وإطالة الوقوف على حواف قصصه والتحديق في هاوياتها تذكرك بوعيد نيتشه. يدفعني عبد الله على مدار القصص إلى استحضار السؤالين المخيفين: ما الذات؟ وما الزمن؟
عن الذات وغموض مفهومها المرعب تدور قصص مثل "غيب" و"الآخر" و"التوائم" و"عبد الله ناصر" و"كيف تلعب ظلالنا الشطرنج" و"ما تفعله أجسادنا أثناء النوم". أما الزمن والرعب الذي يفعله بنا فتتأمله قصص مثل "العالق في يوم أحد" -قصة العنوان- و"ساعات مفقودة" و"حتى ساعات دالي" و"المعجم" وقصة حب" و"الصوت العجوز" و"السجينة"، والمتتالية القصصية الثلاثية: الأبوان / الجدتان / ألبوم العائلة.
وعلى ذكر المتتاليات -هناك متتالية أخرى تظهر من العناوين: الذي لا يستطيع الدخول / اللذان لا يستطيعان الخروج- فإن عبد الله يخلق أبطاله باستعداد كامل لتجاوُز حدود القصة الواحدة إلى رحابة "الكون القصصي"، بتعبير مستعار من "كون مارفل السينمائي". أحب هذه الفكرة إلى درجة أن استحضرتُ أرواح بعض أبطال قصص كتابي حكايات بعد النوم إلى قصص أخرى نُشر بعضها في نفس الكتاب وبعضها بعده، وما زال البعض حتى الآن ينتظر الكتابة.
أما عن ترتيب القصص هنا فهذا وحده ضرب من الفن. لاحظوا إن شئتم العلاقات بين قصة "فأر منزلي" وما قبلها وبعدها! أي ساحر أنت يا ناصر!
أخيرًا، فقد حاولتُ منع نفسي من تسجيل نصف قصص الكتاب بصوتي مثلما حدث مع الكتاب السابق
وسجلت عددًا أقل من القصص، وحين أرسلتُ واحدةً منها لعبد الله -وهي قصته "حتى ساعات دالي"- ردَّ عليَّ بأنه كان يستمع إليها كأنما يسمعها للمرة الأولى، فأوحى إليَّ بفكرة قصة "ڤالس رقم 2" التي كتبتها وأهديتها له. وإن أنصفتُ لأهديته نصف ما أكتب!
منحتني قراءة عبد الله ناصر وقتًا رائعًا، ولا أقول سعادةً لأن الخوف كان يجالسني طوال القراءة كثور منزلي له قرنان رائعان. لكنني أفكر الآن وقد أنهيت كتابه مساء يوم أحد: ليتني كنت أنا العالق في هذا الأحد.
لو كان لدي قبعة لرفعتها لعبدالله ناصر أو لأي من توائمه السبعة فكلهم يستحق ذلك. خواطر عميقة و مجنونة و مركزة جدا و مكتوبة بحس ساخر و بخفة ظل رصينة و بلغة سلسة و سليمة ليست غريبة على القلم الخليجي الحديث. ربما لو كتب ناصر روايته الأولى لكنت أول من يتلهف لقرائتها و لكنني أشك في ذلك فسيسبقني الكثير من عشاق هذا القلم المميز.
العالق في يوم أحد" مجموعة من القصص القصيرة ل(عبدالله ناصر،) الغارقة في الرمزية
والتي تذكرني بمعنيين متضادين اشتهرت بهما الفلسفة والدين، هما (الظاهر والباطن ) الظاهر شديد الوضوح الجلي الفهم، الذي لا يحتاج لعناء التفكير، لكنه في أغلب الأحيان كاذب وسطحي
والباطن المراوغ، العصي على الفهم، لكنه ممتع..صادق.. يطرح أسئلة، تنقب عما بداخلنا أو بالأحرى رؤية أنفسنا بشكل أعمق، يخلق لنا نافذة جديدة تمكننا من القاء الملفات التالفة بداخل عقولنا، تخرجنا من سجن الواقع وسياجه، وتسمح بتسرب شيئًا من المستحيل إلى دمائنا
الزمن.. الوقت أجمل الأوقات هي التي تفر من الزمن، ونتمنى أن نعلق بها، ولكن هيهات فالوقت مع الفرح لا يثمر، هو كالطيف الذي يرقص ثم يتلاشى، يحلق كطائر بجناحين من مرمر، ثم يرتفع، ويتوارى خلف السحب، وأما عن تلك الأوقات التي لاتمر، والتي تضيق العالم من حولنا، فتأخذنا بين ذراعيها بقسوة، فلا نستطيع الإفلات منها، تستحوذ على الوقت، فتزرع ألغامها في كل الساعات الا الساعة التي تسمرك بها، فيشيخ العالم من حولك وأنت مازلت عالقًا، لا تستطيع الفكاك ولا الفرار .
كل القصص أبهرتيني ماعدا القليل، ربما ظهر كومضة، فاستعصى عليٌ الفهم
- متواليات، حياة مستعملة بينهما ترابط وتشابه، عن الرتابة، وفقدان الشغف، عن تلك الحالة التي تصيبنا فتسطو على ملامحنا من الداخل، فتجعلها نسخًا كالمسخ كما فعلت هيروشيما يومًا ما هي حالة تبدو عادية، لكنها مع الوقت تستنزف مشاعرنا، وعاطفتنا، تبقينا في انتظار ممتد بلا نهاية، تؤجلنا إلى مواعيد لا تأتي، فتسنفذ الروح باحساس، أو مع الوقت بدون احساس، كمن اعتاد الألم
قصة((٢))..الخوف من أن أقتسمني مع آخر فأقف هكذا فارغًا حتى مني.
كان لقائي هذا هو الأول مع "عبدالله ناصر" ولن يكون الأخير، استطاع بقوة ناعمة أن يستدرجنا لنختار اللافتات التي تحيط بذاتنا، وتركنا نلتهم الحكايات بشجن، لنقرر في النهاية ان ادراك الوقت وهم زائف.
انتهي من القراءة فتكبر معي علامات الإستفهام منذ زمن لم أقرأ رائعة مثل هذه المجموعة القصصية فتحية للكاتب "عبدالله ناصر" ولقلمه المربك . 1/6/2021
يكتب عبدالله ناصر نهايات مباغتة، ذكريات وجيزة، لطخات على أوجه الحكايا الطويلة ، حكايات مستنزفة فقدت طريقها نحو الاكتمال، تختصر طول المسافة، قصص ومشاهد مبتورة وكأنها قد سلخت من المعنى والضمير، اللغز ينتشر في كل قصة، الحكايات هنا تنبهك على تحريك المخيلة وأتساع الأفق ومرونة التخلي عن المعنى لو استطعت ذلك، جزء منك يرغب في اكمال القصة وجزء منك يتوقف، جزء ينبهر، والآخر يحاول معالجة الزوايا المقصوصة، هنا تدرك أن لا ضجيج يحتوي المكان، فقط تسرب حكائي بين شقوق الممكن والمستحيل والمتخيل، كل حكاية تقف خلف جدار الصمت، الوقت والزمن هي المخيلة التي يتمادى فيها ناصر هنا، المرايا المتحركة، الضباب اللزج والخيالات السخية، الأيام وقفص الوقت، الساعة التي تحترق على الحائط والدهشة التي تصيب جلد الفرد، الكراسي المتحركة، والموتى الذين فقدوا بوصلتهم في عالم مكتظ بالجثث، قصص مليئة بالنهايات والبدايات وأنصاف الأشياء، قصص مكشوفة، وعارية تماماً مثل أحلام منتصف الليل..
لم ترق لي مثل مجموعته الأولى (فن التخلي) ولكنها ممتعة أيضاً تنبض بالحياة والغموض والدهشة، عبدالله ناصر من أجمل الكتاب الشباب..
في العادة أحب أن أقرأ المُراجعات بعد انتهائي من قراءة كتاب، أبحث كثيرًا عن معانٍ مُختلفة لم أدركها أو أو أُنقّب عن مضامينٍ خَفيّة في ثنايا السرد، أو كي يمتد النص معي إلى مساحة بحجم المُراجعات!
لكن هذه المرة -ولأول مرة- لم أقرأ مُراجعات القُرّاء على "العالق في يوم أحد" لاكتشاف معنى جديد لنصوصه، بل كي أبحث عن إجابة لسؤال واحد وُلِدَ مع أول قصة في الكتاب ولم يمُت بانتهاء آخر قصة فيه!
سؤالي كان "هل هناك من وجد نفسه بين الحروف؟"
كنت أرغب في البحث عمّن سكنته الدهشة مثلي، وبعد قراءة المُراجعات بأكملها، وجد�� أن الكثير جدًا إن لم يكن الأغلب قد سكنتهم نفس الدهشة بالفعل، حتى من لم يفهم المغزى في بعض القصص من قراءته الأولى.
الغريب أيضًا أن تأثير النصّ على نفسي مُختلف عمّا كُتِب في جميع المُراجعات، فمعظم من شارك كان إما قارئًا لمجموعة الكاتب الأولى " فنّ التخلّي" وإمّا مُتابعًا لحساب الكاتب على منصّة تويتر أو على مدوّنته.
أما أنا فكان شعوري مُختلفًا، فأنا لا أعرف الكاتب عبد الله ناصر على الإطلاق، ولم أقرأ له نصّا من قبل؛ سواء مجموعته الأولى أو أي مقالة أو قصة له على مدونته أو غيرها.
قد يكون هذا ما عمّق أثر الدهشة داخلي، وعزّز لذة استكشافي للنص، أو بالأحرى لذّة خربشة النص على صفحة روحي!
خربشات تركت خطوطًا مُتعرّجة عميقة في النفس، لتبعث في ما كان مدفونًا داخلي لسنوات!
حاولت الهرب كثيرًا -من براثن ما كتب عبد الله- مع تقدّمي في القراءة، كنت أنتقل من قصة لأخرى وكأنني أهرب منها، فتطاردني حتى أنتهي من أخرى فتطارداني، وبدأت أدرك أنني أهرب من نفسي في كل قصة، وأن مروري بكل واحدة منها كان بمثابة تجميعًا لشتاتي المُبعثر بين حروف شخص آخر لم أعد أعرفه!
وهكذا حتى اصطدمت بالغلاف الأخير، فرأيت في مرآة تخيّلية مسخًا بحُطامٍ مُجمّعٍ كان قد صار رمادًا منذ زمن بعيد. وفطنت فزعًا أنه قد عاد إلى الحياة، وبأنني مُطالب بأن أعيد القراءة من أجل أن أتصالح معه فأفسح له مجالًا ما في جسدي، أو أن أظل عالقًا معه في هذا الكتاب فأقتله!
ليس هُناك مبالغة... كل ما في الأمر أنني بالفعل وجدت نفسي في هذه القصص، فأنا كنت أكتب هذا النوع الأدبي المُبهر - قبل خمسة عشر عامًا - والذي ابتلعني في عالمه حينها... فن القصة القصيرة جدًا.
وأنا لست في براعة الكاتب بكل تأكيد، لكنني أزعم بأن لدي خبرة مُذهلة في كيفية الحياة داخل النصوص، وبأن أتلبّس النصّ أو يتلبّسني، وأن في استطاعتي أن أنفصل عن العالم وأنكمش على نفسي لأسكن صحفة، وبقدرتي أن أكون نقطة أتنقّل على كل الحروف فأعيد معانيها دون أن أغيّر من شكلها شيئًا. وإني لمُتأكد من أنه يملك نفس المقدرة.
أثار الكتاب شجوني بكل حدّة بنصوصه التجريدية السيريالية، وتركني أمام لوحاته أضع ألف احتمال وأهرب من ألف ممكن.
أعرف تلك اللعبة جيّدًا وكنت أظن غرورًا أنني - كوني صانعًا لها منذ زمن- سأكون مُحصّنًا كي لا أقع في شراكها كقارئ، وها أنذا قد وقعت!
كتاب "العالق في يوم أحد" مجموعة قصصية مُبهرة، لكنها شائكة ومُخادعة إلى أقصى حد. يظن قارئها أنه قد فهم النص؛ فينتهي به الحال كما ينتهي بالمُشاهِد في فقرة الساحر فاغرًا فمه مُتسائلاً "كيف حدث ذلك؟" ، ومن ثَمّ يغضب فيعاود المحاولة ويظن أنه بالتأكيد قد أمسك بتلابيب المعنى دون أن ينتبه أنه قد تورّط فيه أكثر، ويُعاند فيُعيد الكرَّة ليجد نفسه وسط بحرٍ من الرمال المُتحرّكة، يبتلعه دون أن يترك له المجال لاستيعاب حيرته " أنا لم أفهم بعد؟".
حسنًا... سأخبرك بالسر؛ لا تحاول أن تفهم، لأن كل محاولاتك للفهم لن تفلح هُنا، وكيف تفلح مع نص تتغيّر معانيه مع كل قراءة؟
هذا هو السر... فلا تُخبر أحدًا من فضلك!
هذا النوع من الكُتب من الصعب أن تقف منه على حافة الحياد، إما أن تنفر منه هاربًا وإما أن تغرق فيه بكل عُمق.
وأنا قد غرقت... حتى النُخاع
تقييمي... 5 من 5
أحمد فؤاد الثامن والعشرون من كانون الثاني يناير 2020
لم تعد تروقني هذه الكتب المليئة بالرموز والنصوص المجتزأه بشكل مبالغ يقول كنفاني : غسان كنفاني “ليس بالضرورة أن تكون الأشياء العميقة معقّدة. وليس بالضرورة أن تكون الأشياء البسيطة ساذجة.. إن الانحياز الفنّي الحقيقي هو: كيف يستطيع الإنسان أن يقول الشيء العميق ببساطة”
في نوع من القراءة بالنسبة لي،هو قراءة حرة، كاتبها يسمح بالمسافات، تقدر تتجاوز المكتوب وتنظر له بمباشرة، وتقدر تقف عند كل سطر منها علشان تشوف ما وراء المكتوب، وفي كلتا الحالتين، انت حاسس بعين الكاتب تراقب، وفي النهاية بتسمع كلام رولان بارت، وإن النص اللي بين ايدك هو ملكك بمفردك، تراه برمزية أو بواقعية، تحس دلالاته أو إشاراته، أو يكون بالنسبة لك مجرد كلمات مرصوصة لتكون جمل مفيدة تقرأها وتغلق الكتاب بعدها وخلاص.
دي مجموعة قصصية مختلفة، ومختلفة هو التوصيف الأمثل لها، لأنك هتحس أثناء القراءة يتدفق سردي غريب وقصير، جمل محكمة مترابطة بتفاصيل بسيطة موحية، مجموعة مخلصة للفن القصصي، سواء قصة عبر سطور قليلة، أو عبر صفحتين أو ثلاثة بالكتير.
أنا حبيت المجموعة دي جدا، فيها عدد من القصص هتقف قصادها وتعيد قراءتها أكثر من مرة، وفيها قصص أثرها قوي تحاول تهرب منه، وفيها قصص هتمر مر السحاب، وفي النهاية هتلاقي نفسك وقعت في غرامها.
البارحة قرأت كتاب " العالق في يوم أحد " وأنهيته في جلسة واحدة كتاب جداااااااااا 🥰
كتاب رائع بالمختصر ، ضم مجموعة من قصص القصيرة جدًا جدًا والمؤثرة جداً ، أحببت قصة " تكامُل " " سُعال " والجدتان في الحقيقة العمل كله رائع ويستحق القراءة .
أنصح به .
ماذا بعد القراءة ؟
تجد فيما يكتبه الآخرين شيئاً يُشبهك يُعيد تذكيرك بأنك جزء من عالم كل ما فيه يكرر نفسه من حين لآخر .
هذا كتاب "عبد الله ناصر" الثاني. نصوصه هذه المرّة أكثر تنوّعًا وأشدّ كثافةً. لم تكن قصصية كلّها، بعضها كان نصوصًا تأمّلية في المعاني والأشياء. وكالعادة في أية مجموعة؛ فإنّ نصوصها تراوحت بين الضعيف وهو الأقلّ، والعادي وهو القليل والجميل البديع وهو اللون الغالب. مسكونٌ عبد الله في مجموعته هذه -كما يبدو- بالزمن وأسئلته. ويُظهر مهارةً وبراعة في وصف الحالات النفسية، حتى خطر لي أنّه يستطيع بأسلوبه الأدبيّ الخاص تحويل الكثير من الأمراض النفسية إلى قصصٍ بديعة ومثيرة. وقد تكون مثل هذه المحاولة جسرًا نعبره لفهم هؤلاء المرضى، ويعبرونه هم لغويًا للتعبير عن أنفسهم وقد أعيتهم اللغة. الحقّ أنّ غالب القصص تستحقّ قراءةً بصوتٍ مرتفع، ونقاشًا أدبيًا بين أصدقاء في مقهىً. فالتأمّل يثير التأمّل الموالي والمضادّ، وكثافة النصّ تثير في العقل شهوة التفكيك والتأويل. وفي انتظار إصداره الثالث بشوقٍ، وآمل أن لا يطول بنا الانتظار.
ذهب فتغنشتاين إلى اعتبار أن العالم ليس المجموع الكلي للأشياء بل للحقائق (الوقائع). وفي الجو الفكري الراهن فإن المرء ليشعر أن العالم ليس سوى المجموع الكلي للمعاني. كل شيء هو معنى والمعنى هو كل شيء. وأي شيء يكون إنما يكون عبر المعنى الذي يعطى له. " فتجنشتين، لودفيج: بحوث فلسفية، ت: د. عزمي إسلام، (الكويت)، 1990 ، ص 42.
اللغة ذاكرة صوتية/عقلية والكتابة ذاكرة صورية/رمزية كما قال أحدهم . ان للعب بحجر اللغة، وبحجر المعنى، دور في خلق الذاكرة، و في تكوين الهوية. وهي تعبر بشكل أو بآخر عن صراعات اللاوعي البشري. يقول فرويد في كتابه " خللٌ في الثقافة" ما خلاصته أنّ " الأنا" في الأصل، يتضمن كل شيء. غير أنه انفصل، لاحقاً، عن العالم الخارجي. وليس شعورنا الراهن، اليوم، بالأنا إلا بقية فقيرةً لشعورٍ أكثر اتساعاً يتضمن " الكل". بحثاً عما يتيح للإنسان بوصفه كلا، كينونة شاملة أرضية-سماوية، أن يؤسس لعالمٍ أفضل، أي لإنسان أكثر انعتاقاً.
في مجموعته الثانية يتحدث عبدالله ناصر عن علائق القيود الذهنية والقيود والعوائق النفسية وخباياها المليئة بالثغرات والتناقضات والتحولات التي نبتت كأسنانٍ في رأسه! في مزيج من عدة انفعالات يتعذر تمييزها. مستغرقاً في إمكانات اللاشعور. كما يرى فرويد. اللاشعور بساط لا سمك له، وسطح لا عمق له، وتوليف لا إحالة تسكنه، إنه ترحال دائم؛ لأنه لا يريد التأجيل. …ومن الملاحظ بأنه وفي أغلب نصوصه "يتكئ على الهدم كأساس لتشييد بنية ��لخيال وانفتاحه ." كما تغص النصوص بالمعاني الهاربة وظلالها. وبدت بعض القصص كنسيج واحد لأوجه مختلفة.
هنا قرائتي المقتضبة ل بعض من قصص المجموعة التي تحتمل قراءات عدة لإشكال اللغة/ المعنى، وعلاقتها بالبعد النفسي:
العالق في يوم أحد: عن هجس التكرار ومأزق المصير . التوازن بين الصورة والإطار لم يكن واضحاً كوضوحه هنا.
الذي يبصر من الخلف: خلق عبدالله ناصر شخصانية علائقية عبر الشبكات الاجتماعية التي تشكل الجسد. وبصورة أخرى، بدى الجسد ك خط سردي عكسي للزمن .
متواليات :عن التشويش الحسي، ووهم التناسخ والتقمص حتى يكاد يتلاشى المعنى من الصورة .
المسيح: من العنوان ؛ يتكئ النص على فكرة المسيح الرمز الذي يجسد في رمزيته آلام الإنسان المعاصر أو الإنسان الذي أنهكته العذابات .
حياة مستعملة : عن التباسات الأنا وتشوشاتها من خلال علاقاتنا ومبادلاتنا مع الغ��ر.
الذي لا يستطيع الدخول : عن فلسفة الأبواب في الداخل الجواني من النفس وأثرها على التصور الذهني لمدركاتنا عن الذات. وفي قراءة أخرى، نص عن العزلة وهواجسها وارتباكاتها.
التوائم : تساؤل؟…ماهو الادراك ؟ ماهو الشعور ؟ …"الادراك والشعور شكلين مختلطين للتفكير. " … تقول حنة آرندت:الإنسان يوجد فقط في بعده المتعدد!
ضع الرأس أولاً: النص تمثيل لعقل فرداني تمزقه الاتجاهات المتصارعة وطرق الفهم المتباينة. وبمعنى أو صورة آخرى "يصعب تحرير العقل من عاداته."
كوابيس أليفة: لولا الهواجس واختراع الأوهام لما صمدنا في مواجهة هذا الجحيم . ويقول وودي ألن : "يجب أن يكون لدينا أوهام لنستطيع مواصلة الحياة."
ليست ساقي : يجسد هذا النص مفهوم الاغتراب في الجسد أو هو نظرة فلسفية بقالب قصصي حول علامات اضطراب التشوه الجسدي .
حوادث الأيام: يقول الفيلسوف اليوناني سقراط : الحياة من دون ابتلاء لا تستحق العيش."
ساعات مفقودة: عن فلسفة الزمن السائل في عصر السوائل أو الحياة السائلة !
عبدالله ناصر: السؤال: "كيف تعرف في زحامك من تكون؟” كتب هانس كاروسّا في أسرار النضج" إن الإنسان هو المخلوق الوحيد على الأرض الذي يمتلك إرادة النظر داخل مخلوق آخر." وهي الإرادة التي امتلكها عبدالله ناصر هنا في النظر إلى الآخر الموارب من الداخل !
حادثة اختطاف: نيجاتيف سينمائي!
ما تفعله أجسادنا أثناء النوم: عن استعمال المتع / العلاقة بالجسد أو اعترافات الجسد أو طرق فهم الجسد . من منطلق أن الجسد" نظام علاقات."
غيب: سيكولوجياً الشخصية الباطنية يمكن أن تتحول، والمظهر الخارجي لا يعكس هذا التحول.
الرقم 2 : هوس الاضطهاد أو اضطهاد الوهم.
المعجم : "…عن الكلام الذي ينمو بداخلنا ولا نقوله ."
كيف تلعب ظلالنا الشطرنج؟: هذا النص كتب بعقلية لاعب شطرنج.
ثور منزلي: للإكتئاب عدة ظواهر وأطوار وصور، وهو من أشد عذابات النفس الثملة. هذا النص يصف أحدها. يقول ميشيل دي مونتين "تتضح أمراضُ الجسد بحسب اشتدادها، أما أمراض النفس، فإنها تغمض وتتبهّم حينما تشتد، فالنفس الأكثر أمراضاً، تصبح الأقل شعوراً بأمراضها."
سعال : يقول فرويد : "المشاعر المكتومة لا تموت أبدًا، إنها مدفونة وهي على قيد الحياة ، وستظهر لاحقًا بطرق بشعة. "
أشباه قصص وكلام فارغ لكن اللغة جيدة لم يرق لي أحياناً عند قراءتي لهذا النوع من الكتب يخطر لي قول غسان كنفاني : " ليس بالضرورة أن تكون الأشياء العميقة معقّدة. وليس بالضرورة أن تكون الأشياء البسيطة ساذجة.. إن الانحياز الفنّي الحقيقي هو: كيف يستطيع الإنسان أن يقول الشيء العميق ببساطة"
"وعاشوا حياتهم بلا أمل، فبدت أطيب مع الألفة والوقت، وعندما يوسوس الأمل في صدورهم، يلعنونه كما نلعن الشيطان."
هذا الكتاب يضم العديد من القصص القصيرة للغاية، ورغم أن القصص جودة لُغتها مُرتفعة.. لكن للآسف رمزياتها بالغة التعقيد، إن كانت كُل القصص تحتوي على رمزيات.. لا أنكر أن هُناك قصص أعجبني مرادها، ولكنها قليلة جداً. لا تفهمني خطأ يا صديقي، أنا أحب القصص الرمزية وأحب أن أفسرها.. ولكن أن تاتي في صفحة ترسم شذرة من حياة ما وتقنعني أن بها رمزية؟ ذلك ما لا أفهم رمزيته صراحة! وأوكد أن اللغة جيدة جداً، ولن تمنعني هذه التجربة من القراءة لـ"عبدالله ناصر" مرة أخرى إن شاء الله.
التأثير الذي دفعني لكتابة هذه المراجعة في يوم السبت، هي المصالحة التوفيقية بيني وبين يوم غد، فقد أكد لي على جلسة شاي متواضعه، أنني ليس ضمن قائمة العالقون، ولأنني غير متأكد من فرص الجلوس معه مرة أخرى، لا آمن على نفسي بعد اليوم من أن يجيئ يوم أحد في لحظة يستقبلني بعربة يجرها عالقون، بينما أشاهد الجميع انتقل ليوم الاثنين، ولأن الهاجس الذي لا يفتح طريقه، يفتح قبره، تسلوا معي بقراءة هذه المراجعة ! كنت من الناس المحظوظين الذين حظوا بلقاء الأستاذ عبدالله ناصر، كان ذلك في السنة الماضية، رجل معجون بطينة الكلمات والقص، حتى خارج الكتابة، أذكر ذلك حينما استفسرت عن غيابه الطويل، حيث المكان الذي عرفني إليه، قال لي بعدما بقي على هدوءه دون أن يعدل من جلسته: تويتر صار بالنسبة لي مثل مكان لا تسمع فيه إلا أصوات الرصاص، تقترب إليك وتبتعد قليلا، وأنا مثل طفل صغير لا أدخله إلا لأجل أن أذهب لاشتري خبزا لعائلتي ثم أرجع ! لكن يا أصدقاء وأنا متأكد من أنكم تعلمون ذلك جيدا، أنه قالها بطريقة أبلغ من الذي ذكرته. والآن دعوني لا أذهب بعيدا عن المجموعة القصصية. إنها الومضة إياها، في "فن التخلي"، تحدث في "العالق في يوم أحد"، طريقة تشع باحتمالات كثيرة، واستطرادا لواقع التوهم، أو توهم الواقع، كقصة متواليات وقصة وضع الرأس أولا. يلتصق عبدالله ناصر إلى موقع القص في كتابه "العالق في يوم أحد" مقترحا نصوصا وأفكارا ترمي إلى إيقاظ البعد الإنساني فينا ويخبرنا بوضوح أن شرط تلك اليقظة لا يتم إلى إذا كنا نرغب في حياة أخرى ممكنة ولدينا المحفزات الكافية لتغيير المسار وسط إحساس بالتطويق أو بتعبير عبد الله "عالق" سواء في بيوتنا أو مدننا أو أجسادنا أيضاً. فعبدالله يكتب قصص بطريقة الومضة كأن تصغي دائما إلى أبعد نقطة في العالم: نفسك !
سأعتبر هذا الكتاب شبة مجموعة قصصية وكان ليكون أفضل إذا كانت القصة في صفحات أكثر فصفحة واحدة للقصة لم تشعرني بالاكتمال أبدا وطوال القراءة أشعر أن هناك ما ينقص أعجبني أسلوب الكاتب جذاب وسلسل لذلك لن تكون قراءتي الأخيرة له بالتأكيد
أنا عالق في جمال هذا الكتاب منذ أنهيته. ما العقار الذي تتعاطاه يا رجل ليخلق عقلك شيئا بمثل هذه الروعة؟ أم أن الأمر يتعلق بتعاطيك المستمر للأدب؟ لا أفكر الآن سوى في تفتيش أدراج منزلك لأتأكد من عدم وجود عقار سري ينشط مخيلتك بمثل هذه الصورة.
الكل عالق هنا. الإنسان في إنسانيته كما في "الرجل الذي لا يستطيع الدخول"، إنها تلك الإنسانية التي لا مانع من حيونتها كما في قصة "فأر منزلي"، وذلك الزمن الذي يتقدم فيتجمد أو يقف فيطير كما في قصة "حتى ساعات دالي".
قد يعلق الرجل في المرأة وتعلق المرأة في الرجل كما في قصة "اللذان لا يستطيعان الخروج"، وربما يتلبس كل منهما الآخر كما في قصة "تحول". قد يعلق الإنسان في دائرة مفرغة، فيخطف عمره دون أن يدري كما في "اختطاف"
قد نعلق في كتابات عبد الله ناصر، لكنها أيضًا ستعلق فينا.
أحبّ ذكاء عبدالله، يذكرني بقاص سعودي تعرفت عليه قبل مدة في تويتر، وللصدفة أن اسمه أيضاً عبدالله، كان قد أصدر مجموعة قصصية بعنوان ( فن التخلي ) وكان يسرق أسلوب عبدالله بالحرف، لدرجة أني وقعت على نصٍّ منحول أخذه عبدالله من عبدالله كلمةً كلمة! حين أخبرتُ عبدالله بهذا ضحك، وقال لي: لا بأس يا صديقي، انتظر مني مجموع قصصية جديدة لن يستطيع عبدالله، ولا أي أحد أن يستلهم أسلوبها يبدو أنّ عبدالله فعلها أخيراً.
«تصلبت أعضاؤها من اليأس، واحدا تلو الآخر، حتى بات من الممكن التبرع بها إلى التماثيل المقطوعة.»
الكتاب عبارة عن مجموعة قصصية ولكن محيرة، تحتاج أن تقرأها بنفسك للحكم عليها، فأنا وجدتها رائعة وبعض الجمل لمست قلبي، هي قصص ليست بغرض أن تقرأ أحداث وشخصيات، فهي لا تتجاوز الصفحتين، وفي بعض الأحيان تكون سطرين مثلما قرأت في أول المراجعة، نعم كانت هذه قصة في الكتاب :') لون مميز ومختلف، طريق سلكه الكاتب ليعبر عن مشاعره سواء كانت حزينة أو سعيدة، واقع في الحب أم نادم عليه، أحببت طريقة وصفه لكل هذه المشاعر و وصلني إحساسه.
القصص هنا غارقة في بحور الرمزية وتحتاج إلى بعض الوقت لتعرف الغرض الذي يرنوا إليه الكاتب في كل قصة. الكاتب يتمتع بأسلوب قوى وخيال جامح ومشاعر مرهفة لينسج قصص مميزة تدعك تبتسم ابتسامة المنتصر حين تفهم المعنى الحقيقي، لكن النجمة الناقصة للقصص التي آثارت استفزازي :D أتمنى أن أجد رواية قريبة لعبدالله ناصر :")
نصيحة أخيرة، لا تحكم على الكتاب من الرفيوهات، عليك أن تستكشف هذا العالم بعينيك وتحكم بنفسك.
«حسنًا، لا��د أولاً أن تكتسب الهاوية سمعة حسنة. ليس من الحكمة أبدا أن تقبع طوال قرون في الأسفل. يمكننا أن نجعلها تصعد إلى الطابق العاشر مثلا. ما المانع في أن تطل على بحر أو على حديقة عامة؟ ولماذا يجب أن تزل قدم أحدهم حتى يذهب إليها؟»
وصلت لأكثر من المنتصف، لم أستطع إكمالها، لا لقلة جودة اللغة، فالكاتب له لغة جيدة لكن لفقر عناصر القصة، قصص قصيرة للغاية، لا أرى فيها التكثيف أو العقدة، أو حلها ! بعضها، أو أغلبه وجدتها فلسفي بشكل غريب، الغموض جيد لكن لو زاد عن الحد، انقلب وصار عبث ! الكاتب يملك أفكار ولغة جيدة ولكن يفتقر التعبير، و ينقصه.
عبد الله ناصر كاتب عبقري أن تكتب قصص قصيرة لا تتجاوز صفحتين ، بلغة بسيطة ولكنها عميقة جداً ، لتقرأ بتمهل و انبهار عند بعضها . الكثير منها صدمني ، يطغي اليأس على بعضها و غرابة الحياة تشملها كلها. أفكار مبدعة وخلاقة ، يحتاج القراءة بتمعن. ومن جديد هو عبقري القصص القصيرة العربية .
يتقدم عبد الله ناصر بعمل بديع آخر إلى مدونة القصة القصيرة في الوطن العربي. كل قصة يمكن أن تكون لوحدها درسًا في الكتابة، ولـ"بابل" بالذات في البال معزّة وتقديرًا خاصًا.
يخطو الرجل وحيداً لا يرافقه سوى ظله، و فيما يحمل صنارته و بعض الديدان التي تمكن من الحصول عليها بعد أن حفر لبعض الوقت في حديقة منزله، يلاحظ أن ظله لا يحمل شيئا في يديه، غير أنه اعتاد ذلك التصرف الغريب من ظله فلم يستغربه منه، و فيما استقل قاربه الذي كان مربوطا عند الشاطيء و جذف به قليلا قبل أن يرمي خيط صنارته الذي ينتهي بدودة سمينة، وجد أن ظله الذي يشاطره القارب لا يشاركه عملية الصيد، و فيما هو ينتظر أن تصطاد له دودته السمينة سمكة كبيرة توجه إلى ظله بالسؤال فقط من أن أجل أن يقضي وقت الإنتظار بالحديث حتى و لو كان مع ظله. - مالك انفصلت عني اليوم، لماذا لا تماثل حركاتي؟
- لا فائدة، لا توجد ديدان في حديقة منزلك، ما فائدة أن أرمي خيط صنارة فيما لا أملك الطعم الذي يمكن أن يجتذب السمكة؟
- عن ماذا تتحدث؟ كيف أن حديقة منزلي تخلو من الديدان بينما أنا أحمل علبة مليئة بها؟ و ها هي صنارتي تحمل إحداها ألقيها طمعا في سمكة سمينة.
- أنا بحثت في نفس المكان الذي بحثت أنت فيه، لم أجد شيئا، و لا أعلم من أين أحضرت أنت الديدان.
- هل بحثت يا سيدي الظل في الحديقة أو في ظلها؟
- سؤال غريب، بما أني ظل، فلا بد أنني بحثت في الظل، لكنني لم أجد فيها إلا ظلال الدود، لا يوجد دود في هذه الحديقة.
- عزيزي الظل، فيما اصطدت أنا الدود ، وجب عليك أن تصطاد ظلال الدود، و هكذا عندما أصطاد أنا بدودتي السمكة، تصطاد أنت بظلالها ظل السمكة نفسها.
- و هل نعود الان لاصطياد ظل الدود الذي تحمله؟؟
أجابه الصياد العجوز بينما هو يسحب خيط صنارته ببراعة حيث أن القوة التي انطلق فيها خيط صنارته قبل أن يسيطر عليه يعد بسمكة هائلة الحجم. - لا داعي لذلك، لم يعد هناك وقت، من حسن حظي أنني لا أحتاج لظل السمكة و أنا ءأكلها، و لسوء حظك لا عشاء لك الليلة لأننا لن نتمكن من اصطياد ظلال هذه السمكة.
كتاب جميل، بأفكار جميلة، قد لا تكون قصصا في حد ذاتها إلا أنها نواة واعدة لأي مخيلة ممكن أن تقرأ هذه القصص.
أنا عالقة في حب كتابة عبد الله منذ أول مرة وقع كتابه الأول بين يدي.. والآن، أنا عالقة في هذه المجموعة الفاتنة. بدءًا من غلافها الذي يحمل إحدى لوحات توني ديمورو المحببة لي، وحتى آخر كلمة لفنان المجموعة الحقيقي، عبد الله. هو أحد المفضلين لقلبي بلا شك. وأحد فناني القصة لهذا العصر في ظني.
أحببت بشدة تلك المجموعة علقت لوقت أطول في: "التوائم" / "كوابيس أليفة" / "ما تفعله أجسادنا أثناء النوم" و"كيف تلعب ظلالنا الشطرنج" / "ليست ساقي" / "ألبوم العائلة" / "بابل" ويبدو أنني سأذكرهم جميعًا إن لم أتوقف :') "قال أحدهم أنه رأى الأمل في المنام، وأنه سيعود مثل المسيح. وهناك بعض المجانين الذين ادعوا الأمل، كما يدعي البعض النبوة"
نادرًا ما صرت أكتب مراجعات ولو قصيرة حول القراءة.. لكن عبد الله يدفعني للانبهار والسعادة لا للمراجعة. وكم هذا جميل
العالق في يوم أحد، كتاب القاص عبدالله ناصر الثاني. كما هو العنوان، ستعلَق وتتورط في هذا الكتاب حتمًا. يبدو الكاتب ذكيًا الآن في اختياره لمثل هذا العنوان.. فستتورط في كل قصة من قصص الكتاب، وستجد نفسك عالقًا -لا في الوسط- ولكن في أواخر وأوائل السطور. هذه القصص غير تقليدية أبدًا، والكاتب لم يأتِ لإلقاء حكاية مهروسة لك أيها القارئ. هذا تحديدًا ما أحببت! هذه الحكايات الأشبه بوجبةٍ متكاملة تملأ حواسك بالمشاعر وخيالك بالصور. إنها اللذة واللذاعة، والدفء والصقيع، الحرارة والرعشة كلها معًا لتجعلك تهرول في غابات من التيه.. أنت عالق، وتعي ذلك ولكنك تكمل رغبةً بالمزيد من انتشاءة الدهشة! للمرة الثانية، لم يخيب عبدالله ناصر ظني، أتطلع للمزيد من هذا الكاتب بكل تأكيد.