بدأت رواية دايدالوس اليوم وأنهيتها في جلسة واحدة. كنت قاعد حزين مهموم بكذا حاجة مليش طاقة من قلة حركتي والتفكير. كنت قاع سرحان في العدم, بعدين قلت أجرب أقوم أقرا يمكن أسلي الوقت وأقتله. فتختها, في البداية مفهمتش قرود حمر أيه وغيره, بعدين شدني انسيابية النص, وأندمحت أكتر مع التوغل في التفاصيل ووضوح الشخصيات وطبيعة العمل. فكرتني بالتلصص لصنع الله لما حط عالم الكبار في مواجهة عالم الصغار, أنت وضعتهم قدام بعض, وتفتح العالم لعمر بشكل عظيم, وشخصية والده بل كل الشخصوص. فكرة وضع النص بجانب الأسطورة كانت حلوة, وكمان سرد لهمومه ومتاهات الكتابة وبراءة العالم له, وعالم والده وجده, وكمان الشخصيات من حوله وطبيعتهم وطبيعة المجتمع في توضيح له بارع. لغة مكثفة مدهشة الصراحة وقوية في تكثيف المشاعر والمشاهد ونقلها بشكل قوي. كل سطر في مكانه. أقل ما يقال عمل مبهر. نساني طول القراية كل حاجة ومقمتش غير لما خلصتها. أحيك على مجهودك وحسك العظيم والله "D وقدرتك عليها. رواية حلوة جدًا وممتعة جدًا. هموم الحب والجمال والشهوة والكتابة ومتاهات الكتابة والذات . كل شيء حلو. اتمنى عملك الجاي يكون أعظم
لما قررت أكتب عن رواية ديدالوس عجزت و مابين عجزي و رغبتي المُلحة في الكتابة عن الرواية لم سوي حل وسط وهو الإقتباس من الرواية نفسها إلي جانب إضافة إحساسي و وقع قرأتها عليّ . في رواية دايدالوس سوف تعيش مع بطل الرواية ( عمر ) مراحل طفولتة و شبابه و أصتدامة بالواقع علاقته مع أباه وكيف حببه في الكتابة و كيف شاهد أباه و هو يبيع حلمه و نبضه وكلماته أسبوعياً لرجب عويس مقابل ظرف من المال وليس من حقه أن يذيل أسمه مقالاته أكتشف بعدها أن أباه كابد اللاجدوي و الأرق وإنصهار الشرايين بكتابات لا تطرب غير السارقين، ستتعرف علي عاطف القرش المُحب الهائم صاحب الواجب الجدع المتهم بالجنون صريع الهوي الي حب ولا طالشي . صباح أنثي الرواية التي صب فيها الكاتب كل الميوعة و الدلال في تفاصيل جسدها المتأجج بألف شهوة حتي انه لم يغفل عن وصف ساقها في تأرجحها علي الأريكة أنها ترسم قوس قزح الذي يطغي فيه لون كعبها الوردي علي كل الألوان و ثغر النجمة الساكن في مفرق نهديها . حين تظن أنك أندمجت مع أبطال الرواية تتجلي رؤية الكاتب الخاصة و تشبيهاته الغريبة الممتعة المختلفة التي من الصعب أن تخطر علي بال بشري، مثلاً حين وصف الكاتب الملل بالطعم المعدني كطعم مربي التين الصناعي بعلب ( قها ) ،و تشبيهه للون الشارات الحمراء علي أزناد الطلبة أنه لون له طغيان الأختام الحكومية المقبضة وحين سأل البطل نفسه كيف أستطيع أن أندمج مع زملائي في المدرسة ؟ ( هل يتوجب علي أن أعمد في بركة الماء الأسن التي كونتها سيول مرحاض المدرسة المتسربة كقشعريرة أوائل يناير ؟! ) من فظاظة و عمق التشبيه و كيف تسرب إلي كقارئه شعرت بقرف حين هممت ان أبلل أصبعي من فمي حتي أقلب الصفحة هل طال إصبعي هذا الماء القذر ؟ أي جنون هذا ! وصف الكاتب لإحساس البطل و هو يهضم أول درس حين هجرته حبيبة المراهقة ليلي إن كل من يعبر من خلال هذا القلب سوف يرتحل بعد أن يقضم جزءاً منه مخلفاً ورائه فتات وغربان وهوام وحشرات وخيوط عنكبوت وبوم وحداءات وأبراج محترقة وألم رمادي وصميم متفحم وبوابه للنفس قشر عنها خشبها . لا نغفل عن أمنيات الكاتب علي لسان البطل بأن يحرق هيجل في محرقة وقودها كتب أفلاطون وورد ثورث والمنفلوطي وأشعار محمد درويش وشعراء الحب العذري . أيضاً وصف الكاتب للعالم علي لسان البطل بأنه بسيط حد التعقيد و معقد حد البساطة المُخله قاسي، سادي، طاغية، خذلان متراكم متوارث فينا، وجهه نظر لكن إلي ذواتنا الأنانية التي تعمي عن رؤية أرّحب و إنه ليس لنا من العالم سوي جلطة القلب تهبط علينا كأي خبر لا تتحمله الشرايين لنعود من برزخ الصمت المُريح إلي عالم نشهد فيه موتنا يتكرر كل يوم محتضناً بقايا رماد نتجرعه حسرات . ووصفه للبشر أنهم أشرار بطبعهم طالما يصارعون الفناء وتجرهم خيول الغرض يعبدون اللامعيارية في كل شئ وصفه للتطور البشري بالإنحدار . وصفه لإحساس البطل بعد صدمته في أبيه أنه سقط من من نظره كبطل من عجوه، كقصدير أنكمش حتي أصبح إعادته لصورته الأولي درب من الخرف انه مثل مُثلنا العليا الكاذبه أقنعة ودروع من صفيح بالونات ننفخها حتي تنقطع أنفاسنا فتنفجر فينا . اخر عشر صفحات من الرواية أعتبرهم أنا رواية منفصلة رغم أنهم مجرد تمهيد للجزئين التاليين من الرواية يخطفك الكاتب في نقله تربك عقلك و تفتح باب لألف سؤال لقد كنت حالاً تقرأ عن ( عمر شاهين ) الطفل ثم الشاب المتخبط في حياته المكتشف للعالم من حوله المصدوم الفقير قليل الحيلة المستسلم لروتينه اليومي فجأه تجد نفسك أمام نفس البطل و لكن في زمن أخر يستعد للتكريم و إستلام جائزة واضح أنها ليست الأولي جبروت وحكمة غير متوقعين محاط بنسائه هذه تمسك يده لتطمئنه و الأخري يُمسك هو فخذها ليهدئ هذا الإنتصاب و الهياج الذي أصابه جراء تفخيمه الجاري أمامه علي المسرح، يصعد عمر شاهين للمسرح يلقي بكلمته المفاجأة أعتقدت أنه سيقول كم هو يعشق الكتابة ويدين لها و كم هو فخور بالتكريم وبما وصل إليه فإذا به يصدمني بكلماته الغير متوقعه حين قال بكل حقيقية وصراحة يعجز الكثير من الروائيين بمواجهة نفسهم أو القرأ بها ( الكتابة أكبر عمل أناني إنعزالي في التاريخ، لعنه، مسارات من الغواية، نوع من الأستمرار في مواجهه الموت و التخثر، يشاركة فيها البشر أمراضه النفسية، ممارسة للأنانية المفرطة، إمتصاص للعالم حتي يموت ويزوي، إعتصار للشخوص وإقتطاع من أرواحهم وإنفعالاتهم و الكاتب كأي مصاص دماء، شبه نفسه ككاتب بالسلعة وأنه سعيد بذلك أعترف أنه كان يكتب من أجل أن يصير مشهوراً وعظيم ويستمتع بالتحقق والتضخم ويصل للمجد وينتصر لفكرته ضد فكرته أنه لا جدوي من الكتابة أو الشهرة أو الفن أو القتال . وبعد كل هذا وبكل الجبروت و بعد أن يخطفك الكاتب بروعة إستعاراته يتهم الإستعارات نفسها بإنها جوفاء عجفاء جفت من كثرة الحلب و الحلب أنه حتماً يستهزئ بنا كقرأ ألم يقرأ عمرو جنيد لعمرو جنيد !؟
"دايدالوس، تعلم التحليق" رواية بيوغرافية يحكي فيها الكاتب بأسلوب مفكك فوضوي عن طفولته وبدايات تعلم التحليق اتجاه البلوغ الجسدي والعقلي في محيط معيشي لم يكن بالسهل. حكايات واحتكاكات مع شخصيات الدرب البسيطة والمعقدة والإجرامية والقاتلة والمقتولة والمتشددة دينيا والمكبوتة جنسيا... يقدم صورة عن محيط طفولته ليست بالغريبة في الدول أو المجتمعات "الإسلامية" والعربية والمعربة حيث يكتشف كل قارئ كبر في مثل تلك المجتمعات لحظات الديجافو ويرى في تلك الشخصيات شخصيات عرفها أيضا في طفولته ودربه حيث الفوضى والضرب والجرح والتعصب الديني وغياب الأمن ... يحكي د. جنيد في روايتة قصة والده الكاتب الذي لم يكتب له النجاح الذي طمح إليه سنين رغم كفاحه و كفائته والسبب أيضا هنا هو النظام الفاسد الإستغلالي في مجال الكتابة في البلد ...لتنتهي سيناريوهات والده في الرواية بمشاهد درامية ...وقصة جده الصحفي من أبيه ايضا لا تقل فوضى عن قصة أبيه، حكاية غريبة مضحكة ودرامية عن زواجه وعلاقته بإبنه وانحداره وانحرافه وعلاقاتها ليكون للجد والأب نفس التاريخ تقريبا! بعض صفحات الرواية ذكرتني بالرواية الأولى يناير مؤقت حيث يحكي الكاتب شغفه بالموسيقى والفن والأدب والكتابة والأسلوب الساخط على العالم وما فيه : ..." الإلهام هو أكبر كذبة اخترعها أفلاطون الوغد مع مجمل أكاذيبه المثالية التي أفسدت الطبع البشري من الأصل، بل أعطته مبررات أن يفعل كل شيء داخل الكهف بنفس راضية" من رواية دايدالوس. تنتهي الرواية بمشهد مستقبلي وكلمة للكاتب الناجح ليهدي نجاحه في الرواية لأبيه وزوجته كما أهدى الكاتب الرواية أيضا لهما في بدايتها. "سأكتب لأخرج من التيه" دايدالوس. رواية تستحق القراءة.
الرواية مكتوبة بلغة رائعة تتالت السطور بنعومة لأنهي الرواية في جلستين مستمتعا بكل حرف صراع الأب كان كالمآسي الأغريقية تستطيع رؤية مصيره الذي يتجه له بثبات لكن ذلك لا يقلل من انغماسك في الحكاية التي تروى من وجهة نظر الأبن عمر الرواية تنتمي لنوعية coming of age
جزء واحد لم أفضله وهو النهاية الجزء القادم سيحوي حرقا للأحداث
رواية رائعة وكاتب رائع يصعب علي تصديق أن تلك ثاني أعماله