يتضمن الكتاب: مقدمة بحثية حول نقد ابن تيمية للمنطق، ثم تحقيقًا لكتاب: جهد القريحة، مختصر الرد على المنطقيين لابن تيمية، اختصار السيوطي، وعليه هوامش وتعليقات حلاق. ومجمل عمل المترجم في الكتاب: ترجمة مقدمة حلاق في نحو 65 صفحة، وترجمة هوامشه وتعليقاته على نص جهد القريحة، وخدمة نص جهد القريحة والاعتناء التام به، ووضع مقدمة له، وبعض التعليقات عليه.
Wael B. Hallaq is a scholar of Islamic law and Islamic intellectual history. His teaching and research deal with the problematic epistemic ruptures generated by the onset of modernity and the socio-politico-historical forces subsumed by it; with the intellectual history of Orientalism and the repercussions of Orientalist paradigms in later scholarship and in Islamic legal studies as a whole; and with the synchronic and diachronic development of Islamic traditions of logic, legal theory, and substantive law and the interdependent systems within these traditions.
Hallaq’s writings have explored the structural dynamics of legal change in pre-modern law, and have recently been examining the centrality of moral theory to understanding the history of Islamic law. His books include Ibn Taymiyya Against the Greek Logicians (1993); A History of Islamic Legal Theories An Introduction to Sunni Usul al-fiqh (1997); Authority Continuity and Change in Islamic Law (2001); and An Introduction to Islamic Law (2009). Shari‘a: Theory, Practice, Transformations (2009) examines the doctrines and practices of Islamic law within the context of its history, from its beginnings in seventh-century Arabia, through its development and transformation under the Ottomans, and across lands as diverse as India, Africa and South-East Asia, to the present. Hallaq’s work has been widely read, and translated into Arabic, Persian, Turkish, Japanese, Indonesian and Hebrew.
اجتهدت قريحة السيوطي (ت 911 هـ) فجادت بملخص عبر بصدق عن جوهر النصيحة التي وجهها ابن تيمية بلسان أهل الإيمان لأتباع منطق اليونان. وكانت غاية المختصِر إثبات خطأ جماعة العلماء الذين اعتبروا المعرفة بالمنطق شرطا ضروريا للاجتهاد، فقد تعصب فقهاء عصره لرأي أبي حامد الغزالي: "من لم يدرس المنطق، لا يوثق بعلمه".
أما غاية ابن تيمية (ت 728هـ) فكانت هدم التصورات الدينية التي لازمت اعتقادات الفلاسفة والمتصوفة والمتكلمين، إذ يمثل المنطق حجر الزاوية في بناء عقائدهم التي انسابت بين تفاصيل العلوم الإسلامية محدثة صدعا يتجاوز خطره _في نظر شيخ الإسلام_ سيل المغول الذي أغرق بلاد المسلمين.
رأى ابن تيمية أن منطق أرسطو هو نتاج ما بعد الطبيعة، وقد طالعت رأيا في تاريخ علم المنطق لألكسندر ماكوفلسكي يؤكد على تعذر فهم المنطق عند فصله عن الميتافيزيقا، ورأي آخر بعده يشير إلى أن ما فعله اللاحقون من نبذ للأساس الميتافيزيقي الأرسطي هو استخدام لبناء جاهز وليس بناء لمنطق خاص.
يقوم المنطق الأرسطي على قواعد بديهية أو مبادئ أولوية ضرورية ينطلق منها الفكر بواسطة التعريفات نحو التصورات، ومن خلال إسناد تصور إلى آخر إيجابا أو سلبا يمكن التعبير عن أحكام أو تصديقات، يستطيع المرء التأليف بينها للحصول على دليل عن طريق القياس أو الاستقراء أو التمثيل. بيد أن المعرفة اليقينية لا تتحقق في نظر أرسطو إلا بالقياس المنطقي وتابعه في ذلك فلاسفة الإسلام.
ركز ابن تيمية هجومه على التعريف (أو الحد) والقياس المنطقي؛ لأن سقوطهما يعني سقوط نظرية المعرفة المستهدفة، وتوصل إلى نتائج مذهلة قوضت أركان المنطق وأضعفته. لقد صوب سهامه في قلب الغاية التي يحاجج المنطقيون عليها؛ اليقين. ولما تعذر اليقين المنطقي وكانت العقول أعجز من أن تثبت الحقيقة فإن اليقين الوحيد المتبقي عنده هو المستمد من الوحي الإلهي، لذلك اعتبره وائل حلاق في مقدمته الرائعة للكتاب؛ ريبي أنقذه الدين.
إنجاز ابن تيمية لم يجد من يبني عليه أو يوجهه نحو الطبيعيات، فقد كان شغل المسلمين الشاغل؛ الإلهيات. كما أن المنطق الأرسطي نفسه لم يفقد جاذبيته بين الدارسين في الحوزات والمعاهد الدينية، ويوجد إلى اليوم من يدافع عنه بضراوة ويذود عن حماه ببراعة.
جميل جدا تحقيق الكتاب والاعتناء به. بدأ المترجم (عمرو بسيوني) بمقدمة بحثية حول نقد ابن تيمية للمنطق، وهو من أروع ما قرأت في ابن تيمية وآراؤه في الجملة. ثم ترجم مقدمة وائل حلاق إلى العربية مع تعليقات مفيدة. وبعد ذلك أثبت نص "جهد القريحة في تجريد النصيحة" للإمام السيوطي الذي هو مختصر من كتاب "نصيحة أهل الإيمان في الرد على منطق اليونان" (الرد على المنطقيين). وقد بذل جهدا كبيرا في تحقيق النص فجاء التحقيق متقنا ليس فوقه إتقان. استعان المترجم بمخطوطة ليدن للكتاب ونص الكتاب من مجموع الفتاوى وتحقيق الكتاب الأصلي "الرد على المنطقيين" لعبد الصمد الكتبي. ومن خلال هذه النصوص الأصلية، حاول أن يستخرج النص الصحيح. وفي أثناء التحقيق، علق تعليقات نفيسة تدل على طول باع المترجم في المنطق. كتاب مهم لمن يريد معرفة نقد شيخ الإسلام للمنطق. واختصار الإمام السيوطي ليس مخلا بالكتاب بل حذف استطرادات الشيخ من الموضوع الأصلي. وقد يصعب الكتاب على المبتدئ الذي لم يدرس المنطق. رحم الله الشيخين ابن تيمية والسيوطي وحفظ الله المترجم عمرو بسيوني وهدى الله وائل حلاق إلى الإسلام.