Jump to ratings and reviews
Rate this book

بر الخيتعور

Rate this book
النيل والفرات:
"فرّ طلباً للأهوية الندية التي تجود بها الأرض، وتنفس بها الحقول المروية في الأمسيات. في الخارج أزاح اللثام عن أنفه وشفتيه، وابتلع الهواء بشهقة إنسان يحتضر. شهق مرة، مرتين، ثلاثاً، ولكن الصدر لم يستعر من الهواء أنفاساً، فاشتد الخناق. اشتد الاختناق، وشلّه وهن، فكيف يستعين على موت الهواء في الهواء؟ سرت في الأطراف رجفة، ونزّ من البدن عرق، وأصاب الرأس دوار. انهار أرضاً، واستلقى على تراث بثّ فيه الليل برداً لذيذاّ. ودس اليدين والقدمين في جوف التراب، ولاحق في الفراغ أنواء. امتصّ التراب الحمّى، ووهبته الأنواء عزاءً خفيفاً، ففكر في العدالة. استعاد "ايمري" الآخر، "ايمري" الغاض، فحاوره عن العدالة. قال أنه أراد أن ينصف عزيز القوم، ويرحم شيخوخة صاحب ملك ذلّ، فاختار ألين قصاص، ولكن الخفاء جعله قصاصاً أسواً من كل قصاص، فوجد نفسه يقترف جرماً اشمأزت منه الأرض قبل أن تتبرأ منه السماء: إنكار الإحسان! لم ينكر إحساناً فحسب، ولكنه وهب لنفسه حقاً تنصل من وزره الحكماء، فنصب نفسه حكماً قضى بإخراج تائه من "واو" فاستعار حق الإله عندما أمات، فهل يشفع حسن النوايا في إنزال عقوبة الموت بمخلوق حتى ولو لم يكن من أهل البراءة؟ أيحق لإنسان أن يدين الإنسان؟ أيحق لأكابر الواحدة أن يدينوا وليّ أمرهم، وهم يعلمون أنهم يتشدقون بعدالة لا وجود لها في وطن العطب والفساد؟ لماذا ينقلب كل أمر سماوي إلى ضدّه، ما إن يهبط الأسافل ويقع بين يدي الأنام؟ ما نفع الحياة بلا عدالة، وما نفع عدالة تتحول مسخاً ما إن يتداولها الناس؟ أيقنع بما يقال ويبرئ نفسه من الإثم بالإيمان الذي ينفي وجود العدالة تحت قبة السماء؟"... همّ بأن يتساءل، ولكنه قفز من الأرجوحة.. خرج إلى الدغل، وعبر الأحراش، واجتاز حقول الزرع، وترجل حتى بل البرّ، اكتأبت الأرض، وعبس العراء، وفرشت له الصحراء السبيل حجارة وسراباً. قطع مسافة، التفت إلى الوراء، فرأى نسيجاً لامعاً، كثيفاً أبدعه الخيتعور، يتعلق بفراغ يخيم فوق واحدة بلا اسم".
نمطية روائية توحي بتمرد على المألوف، وتشي بأن الإنسان ابن بيئته حتى لو أراد إبداع الغريب. إنه إبراهيم الكوني المقتحم وبكل ثقة وجرأة مناخي الرواية والصحراء، يشكلها معاً بشكل لا يدع للقارئ فرصة للالتفات خارج حدود الرواية وسطورها، يأخذه في رحلة عبر صحراء أبدعها الخيال بخيوط الواقع، يسترسل القارئ مع الكوني ويضحي ضمن مناخ كوني يشبع الخيال بسرديات الجن والكائنات الصحراوية، ويلطف الذاكرة بالأساطير المسنوجة من وحي الصحراء المسكونة بهواجس وأطياف أشبعت خيال إبراهيم الكوني وأترعته بجمالات وبصور تتراءى حية أمام ناظر القارئ. إلا أن الكوني لم يكن ذاك الروائي المسطح، إذ أنه، ومن وحي الواقع، استلهم أفكاراً تعبر عن معاناة الإنسان في وجوده "العدالة، الموت، الحياة، المسميات...". أفكار تداخلت في عمق الفلسفة الإنسانية طرحها الكوني ضمن مناخات صحراوية رائعة، لا يسع القارئ إلا أن يتماهى معها ويسكن فيها وإليها.

298 pages, 21×14غلاف عادي

First published January 1, 1997

2 people are currently reading
110 people want to read

About the author

Ibrahim al-Koni

92 books364 followers
Ibrahim al-Koni (Arabic: إبراهيم الكوني) is a Libyan writer and one of the most prolific Arabic novelists.
Born in 1948 in Fezzan Region, Ibrahim al-Koni was brought up on the tradition of the Tuareg, popularly known as "the veiled men" or "the blue men." Mythological elements, spiritual quest and existential questions mingle in the writings of al-Koni who has been hailed as magical realist, Sufi fabulist and poetic novelist.
He spent his childhood in the desert and learned to read and write Arabic when he was twelve. Al-Koni studied comparative literature at the Maxim Gorky Literature Institute in Moscow and then worked as a journalist in Moscow and Warsaw.
By 2007, al-Koni had published more than 80 books and received numerous awards. All written in Arabic, his books have been translated into 35 languages. His novel Gold Dust appeared in English in 2008.

Ratings & Reviews

What do you think?
Rate this book

Friends & Following

Create a free account to discover what your friends think of this book!

Community Reviews

5 stars
8 (26%)
4 stars
10 (33%)
3 stars
9 (30%)
2 stars
2 (6%)
1 star
1 (3%)
Displaying 1 - 4 of 4 reviews
Profile Image for Nojood Alsudairi.
766 reviews500 followers
October 7, 2008
من كتب أروى
كالعادة ينقلنا الكوني إلى عمق الصجراء وسط الرمال والريح وهمسات الجن. لكنه هذه المرة ينقلنا إلى قبيلة بلا أسماء تعيش في واحة وتحاول بناء سور حول الواحة نهارا ويهدمه الملك ليلا لنبوءة تقول بأن الملك سيموت حال انتهاء بناء السور. هنا توقفت ولم أعرف بعد سر الكنز وسر الابن الضائع. الكتاب كله يبدو خيتعورا (سراب)

كان الرجل الأبله يتوثب طول الوقت للانطلاق، يجذب حنينا، ولا يكف" عن التغني بالوطن المفقود، وكانت الأنثى تشده إلى الأرض شدا، وتذكره بأن كل شيء خرج من تراب وإلى التراب يوما سوف يعود، وعليه أن يلزم التراب إذا اراد أن يدخل أرضا لها وجود على التراب"
ص 204

حتى بعد الكتاب الخامس، لا يزال يدهشني هذا الكوني
Profile Image for Amjad Badr.
11 reviews2 followers
November 30, 2013
في بداية الأمر واجهتني صعوبة في اللغة العربي ! تلك الرهيبة التي نسج بها ابن الصحراء حكايته , لكن مع مرور الورقات جذبت وتعلقت بها وبالحكاية أكثر . أكثر ما ادهشني أنها كتبت وسط الإخضرار على ضفاف بحيرة تون بجبال الألب السويسرية وتحدث عن خيتعور الصحارى وناموس أهلها . جميله كانت .
Profile Image for Alaa Salameh.
33 reviews1 follower
September 2, 2016
ان من يقرأ للكوني سيواجهة بلغة جديدة كليا لم يعهدها من قبل تجربة اولى كانت جيده لي مع الكوني لكنها لن تكون الاخيرة
الغريب في هذه الرواية ان من اسرف في وصف الصحراء كتب هذا الوصف من جبال الالب السويسرية
فصدق عندما قال ان الصحراء هي من تسكن الصحراوي وليس الصحراوي هو من يسكن الصحراء .
Profile Image for أشرف فقيه.
Author 11 books1,746 followers
November 1, 2010
لم أحب أسلوب الكوني أبداً ولم أتصالح يوماً مع لغته.. مع أنه يصنف كأحد أهم الروائيين العرب قاطبة! خسارة كبيرة بالنسبة لي!
Displaying 1 - 4 of 4 reviews

Can't find what you're looking for?

Get help and learn more about the design.