حزم الأدلة و المبرهنات العقلية المنطقية من حيث التأكيد على حاجتها و كفايتها لأثبات وجود الله تعالى ..
تقع في دور لازم من نحو محاولة تأكيد تلك المسلمات بمسلمات أخرى و دواليك .. كأنك تحفر في ذاتيتك و أنويتك العقلية المغلقة الى ما لا نهاية كجزء من أثر دروست(مرفق في الصورة)... و هذا أن لم ندركه فنحن نقع في مبرهنة عدم الأكتمال لغودويل ..
من حيث حاجة ذلك النظام الداخلي الى قواعد خارجية توقف منع أكتماله و فقره الذاتي .. او حاجة تلك القواعد الخارجية من حيث أستطاعتها على منع الضياع في متاهات الدروستية ..
تتمثل تلك القواعد الخارجية في الوحي و السند ..
و اي نظام عقلي يدعي الكفاية في نهاية طريق عدم الأكتمال الدروستي ..سيجد الله عز و جل ينتظره ....
و في البداية ايضا، لكنهم لا يعلمون!!
فأي نظام معرفي عقلي بلا سند هو نظام غير مكتمل منذ الأبتداء ..
اي أمة بلا سند خارجي هي أمة غير مكتملة .. او ليست أمة بالأساس ..
----
من آفات علم الكلام و الأفراط الفلسفي و الذاتيات العقلية المغلقة و المقدمات المنطقية
او معارك الردود بين معسكري الأشاعرة و السلفية
هو ذلك الشرخ الذي أحدثته في الدرس العقدي بين العلم و السلوك و القلب
و يطول المقام في شرح ذلك ( تاريخيا و معرفيا )
لكن من الكتب اللطيفة التي تحاول ردم تلك الفجوة
هو كتاب د. الصادق الغرياني (العقيدة و ربطها في شعب الأيمان)
و لو سبق او ألحق في سلسلة الدكتور عمر الأشقر رحمه الله
و حاولنا أن نجمع ما أختلف فيه العلماء في قول واحد ..
فهي تكون أقرب للتهيئة بقبول الأنسان للحق و الإسلام بسبب أثار شهود ذلك اللقاء من خلال الذاكرة الدينية المتوارثة و المسندة (الوحي) التي تقوم على أحياء الذاكرة لباقي أثار ذلك اللقاء في العالم السابق ...
و هي أقرب للأستسلام الأولي لما سيأتي به الرسل و الأنبياء بوصفهم أطباء اعادة تلك الذاكرة المنسية ..
(فالفطرة واصلة بين توحيدين) , جسر عبور بين توحيد الربوبية و توحيد الألوهية من خلال الوحي المسند من قبل الرسل و بفعل العلماء ورثة الأنبياء من حيث ايصالهم لتلك الذكرى الدينية الخالية من شوائب الذاكرة المصطنعة و علم الكلام و آثارها الميتفازيقية ..
و الفطرة ليست موجبة وحدها للتوحيد بل هي نزوع نحوه و الا كان كل أهل الأرض موحديين اجبارا و هذا عكس صريح القرآن من عدم الأجبار بل تأكيد الأختبار و الأختيار= مما يعني أنها شرط إجرائي لا الزامي و لسيت قوة موجبة بمفردها ..
فالفطرة تحتاج لسياق و حياة معاشة للتذكير, و هذا مناط فعل الأنبياء كرسل مبشرين و منذرين ...
فهذه الآية حكاية عن ذاكرة لحدث منسي تأتي الذاكرة الدينية المتوراثة المسندة للتذكير به, بما أنه عهد بين الله و الناس ..
و يكون دور الأنبياء , كدواء لأستعادة الذاكرة لدى بني البشر فاقدين الذاكرة ,من خلال استعداد فطرتهم لأستكمال اثار ذلك اللقاء من خلال الوحي..
فالفطرة ليست أنوية أجبارية بل هي شهودية أستعدادية !
-----
من أهم أبواب نقد الإلحاد المعاصر...
أنه لا يمتلك قصة ليرويها و لا ذاكرة مستمرة مسندة و أن ادعى ذلك ..
و أن قال أحدهم أن الإلحاد يمتلك قصة العلم او قصة التطور كقصة و ذاكرة مسندة..
فالسؤال يكون : هل من الممكن من العلم أن يغطي بقصته المدعاة جميع مساحات الوجود و هو لا يستطيع تقديم قصة تغطي مساحات وجوده الخاصة ؟!
الجواب ببساطة : لا !!
فالدين يحاول أن يستعيد ذاكرة البشرية من لقاء الشهود المنسي و الإلحاد يصمم على نسيانها ..
العلم و الألحاد ليسا صغيرين فقط ليفهما المعضلة السابقة !!
بل هم صغار لدرجة أنهم لا يستطيعون أن يروون الحكاية !!
---
ارى ان إله الكلاميين و إله الفلاسفة اسهل للنقد من قبل الحالة الإلحادية ،لأنه آله معتمد على الألعاب اللغوية و الفذلكات الاستدلالية الممارسة من قبل البشر لأثبات وجوده..
فهو إله عاجر محتاج للأثباتات الأنوية الكلامية ،لأستحضار وجوده..
اما الله عز وجل متحدثا عن نفسه في الوحيين، هو الغني عنا و نحن الفقراء اليه، الله الذي لا يدخل الشك في وجوده، فهو الأول و الأخر كما وصف ذاته سبحانه ...
سبحانه في البدء كانت كلماته التي لا تنفد و التي لا تنتهي ...
لذلك لم أقتنع أبدا ،في السجالات الحاصلة بين الأشاعرة و السلفية في ايامنا هذه....
الا أنها كانت سابقا ضرورة في زمان أسلافنا لأثر الأمتداد الأرسطي..
لكنها للأسف انتقلت الى زماننا على أنها من أعظم أبواب العلم و هي ليست الا مماحكات و فذلكات و ألعاب لغوية ..
فأنا لله و انا اليه راجعون على أوراق و أعمار و معارك بذلت للمحاربة على إله ميتافيزقي متوهم ، لا عن الله عز و جل سبحانه ...
من أعقد الكتب التي مرت علي. حقق الكاتب مفهوم الميتافيزيقيا وأظهر الفصل بينه وبين الدين من وجهة نظر فلسفية كما استعان بكتابة اللغويين المعاصرين (لا سيما فينغنشتاين). الإله لا يحتاج إلى استدلال كما هو دأب الفلاسفة والمتكلمين ومن سلك سبيلهم من المتأثرين بالميتافيزيقيا والذين خلطوا بين الميتافيزيقيا والدين. مفهوم الإله موروث جماعيا بين الناس والذي به يستدل على كل شيء. هكذا يرى الباحث في بحثه الجاد. وقد فصل الكاتب في مفهوم الفطرة حيث ذكر الآراء كلها ثم نقضها واحدة واحدة حتى رجح رأيا واحدا. الكتاب مهم لطلاب العلم المتمكنين وكذلك طلاب الفلسفة الذين لهم اهتمام بالأمور الشرعية.
حقيقةً كتاب صغير في الحجم، ضخم في المحتوى، غزير في الأفكار .. لم استطع انهاءه لما يحتويه من أفكار معقّدة .. وأنا الذي حسبت أنه سيكون لقمة سائغة ! سأعود إليه بلا شك .. إن كان في العمر بقية !