ركبت سفينة الحياة، فكانت القبطان المبدع في قيادة العمر، أوصلت سفينة عمرها إلى نهاية الشاطئ بأمن وأمان، وحمولتها رابحة لأنها تجارة مع الله فهي لن تبور.. رحلت وعلى صدرها وسام: "أنت لنا". فتبقى الحاضرة التي لم يندثر ذكرها، ولم تذبل حدائق زهورها، بل بقيت فواحة العبير يتضوع عطرها في محافل الأنس.. تنتقل سيرتها من جيل إلى جيل، حباً وامتناناً.. فسلام عليها من فوق الأرض إلى تحت الثرى.. سلام عليك يا كوكباً يشع في سماء العطاء..
أعطتنا الكاتبة نموذجا عن المرأة الجنوبية في سنوات الإجتياح الإسرائيلي على لبنان (1982-1986). فكان الإنتصار على الجيش الصهيوني نتيجة جهد من الرجال والنساء. ومن تلك النساء المجاهدة هيام زيدان التي قدمت خدمات ميدانية للمقاومة في الوقت الذي كانت تعاني به من السرطان. كان عملها: -نقل أسلحة وذخائر للمجاهدين - نقل الرسائل العسكرية - إيواء المجاهدين والجرحى في منزلها - مشاركة في عملية عسكرية - تأمين مبالغ مالية للمقاومة ومؤنة للمقاومين. - رصد حركة العملاء - تحريك أهالي بلدة جويا والقيام بمظاهرة إثر إعتقال شابين من البلدة، ما أجبر الإسرائيلين على إخلاء سراحهم.
أما عن عملها الثقافي الإجتماعي قبل الإجتياح: - إنشاء مكتبة - القيام بدورات تجويدية ومجالس عزاء للفتيات - عقد جلسات ثقافية للفتيات -مساهمتها في إحياء المناسبات الإسلامية - تحريك الجيل الشاب وإنماء القيم الإسلامية في قلوبهم.
وأعجبني فعل لها: أنها لبست العباءة في زمن كانت تعرف فيه العباءة رداء للنساء وبنات العلماء، فهذه خطوة جريئة تكسر بها العادات الإجتماعية البالية في سبيل ما يرضى الله.
النقد: لقد وقعت الكاتبة في الكثير من اللغو في أول خمسة فصول. (الأحداث الشيقة بدأت من الفصل السادس.)
- غلب على الرواية الحوار باللغة العامية،فهذا يعيق الفهم لغير اللبناني، وإن جمالية الروايات الأدبية في كلامها البليغ الفصيح، فالكلام يضفى على المضمون التأثير القوي على قلب القارئ، والكاتبة بلا شك تهدف لجعل الشخصية قدوة لدى الفتيات، فهي قضت بنسبة كبيرة على هذا الهدف بعدم إستخدام اللغة بالشكل الصحيح.
( نعم يستخدم الكاتبون اللغة العامية أحيانا لتضفى رونقا جديدا على الرواية وتقريب القارئ من أجواء حياة البطل، ولكن ليس بجعل مجمل الحوار بالعامية.)
-يتناول الكتاب سيرة المجاهدة هِيام، بسردٍ بسيط ممزوج بالفُصحى والعاميَّة -اللبنانية- هِيام.. أخذت من اسمها نصيب، فهامت في حُبِّ الله ورضاه، وقضت حياتها كلها له وإليه وفي سبيله.. كانت راضية بقضاء الله، مولعة بذكره، صابرة على نزول بلاؤه، ومشغولة عن الدُّنيا بحمدهِ ورضاه، فرحلت عن الدُّنيا سريعًا، وهي صابرة مُحتسبة. رحلت ومعها سِرُ عِبارة "أنتِ لنا.."
-عندما توفت كان السيَّد عباس الموسوي أحد المُعزين، وقد قال حينها: "يجب أنْ تُكتَب قصة المُجَاهِدة هِيام زيدان.."