Jump to ratings and reviews
Rate this book

على خط الإنتاج

Rate this book

104 pages, Paperback

Published March 1, 2019

10 people are currently reading
485 people want to read

About the author

جميل الرويلي

5 books124 followers

Ratings & Reviews

What do you think?
Rate this book

Friends & Following

Create a free account to discover what your friends think of this book!

Community Reviews

5 stars
81 (45%)
4 stars
67 (37%)
3 stars
24 (13%)
2 stars
3 (1%)
1 star
3 (1%)
Displaying 1 - 30 of 39 reviews
Profile Image for عزام الشثري.
616 reviews751 followers
November 30, 2024
في اندفاعة محمومة وحارّة يتدفق هذا الكتاب بسرعة
محطّمًا السدود الذهنيّة والتقاليد المهنية والمسلمات البديهية
سخرية نقديّة لتصميم مسارات الحياة، التي تسجن آفاق الإنسان
مزيج حيّ من الآيات والأحاديث والفلسفة والقصص والأرقام
.
أمام الإنسان الحديث مسارين اثنين لا ثالث لهما
مسار إنسان الحق المتصل بالإله والمرتوي بالمعنى
ومسار إنسان الإنتاج الاستهلاكي الرأسمالي الليبرالي
في الكتاب تشخيص فكري/أدبي/تاريخي لطبيعة المسارين
.
الكاتب ليس مهزومًا خارج خطّ الإنتاج ليسخط عليه
بل مهندس، خرّيج البترول، وماجستير إدارة الأعمال
لكنّه قرّر كما فهمتُ أن يعيش مع أهله في الجوف معلمًا
حيث الريف والمزرعة والغنم بدل الكرفتة والرطانة والدولار
يكتب ما يستحقّ التداول والنقاش وحتى المسابقات الاجتماعية
وأقتبس هنا كتلةً واسعة من روح الكتاب وفكرته الرئيسية
"
ليس الوجود إلا الماهية وليست الماهية إلا المعنى، فالمعنى هو أصل الأشياء. تصور الكون منشؤه المعنى، فأصل تصور الكون هو الله عز وجل حين كان الله ولا شيء غير الله، فهو سبحانه معنى في عقولنا وقلوبنا لا نراه ولا نسمعه ولا نتكلم معه. لهذا نجد المعنى يمتلك فوقيةً عجيبة على المتجسدات في كل شيء تقريباً، فالحب أرقى من الجنس، والعقيدة أرقى من العبادة، والروح أرقى من الجسد، والفكرة أرقى من الفعل كل شيء مقدس وعظيم ستجده في الجانب المعنوي من الكون بينما الجسد ليس إلا أداة لتصديق المعنى أو تكذيبه
.
البشرية برمتها على خط إنتاج، إن خرج عنه إنسان صار ناقصاً معطوباً عديم الفائدة، وإن بقي انتهى به الأمرالى منتج جهنمي، الكل يعلم كيف سيتم استهلاكه إلا هو، منذ أن يولد الطفل، يتم ترقيمه برقم وطني على طريقة مزارع تسمين الأغنام لتسهل مراقبته وتتبعه على خط الإنتاج وحتى اللحظة التي يحصل فيها على رقم جديد لشهادة وفاته، سيكون قد مر بدورة كاملة من التصنيع والاستهلاك بشكل ممنهج. التعليم سيلعب دوره، والاعلام سيلعب دوره، والدولار سيلعب دوره، والقوانين الليبرالية ستلعب دورها وكل هذه الأدوار تعمل لصناعة الإنسان الممارس التطبيقي المفرغ من ثورة المبدأ وحصانة المقدس وتاريخية الانتماء، وتحوّلت الأخلاق إلى مجرد ذوق عام
.
ولهذا تجد القناعة لدى المؤمن تعني «الزهد» في الاستكثار لأن هذه ليست هي نهاية القصة (قصة الانسان)، وليس هذا هو أجمل ما يمكن الحصول عليه بينما القناعة في فهم الكافر هي «القبول» لأن هذا ما تمليه حتمية الواقع وقد يكون هذا هو أجمل ما يمكن الحصول عليه. وهؤلاء تحديداً هم من وصفهم الله عز وجل بأنهم (الذين خسروا أنفسهم فهم لا يؤمنون)، خسروا أنفسهم لأنها لم تعد لهم. حين تهلك نصف عمرك بخدمة أعمار الآخرين ممن تحكموا بمسار حياتك منذ مولدك ثم تمضي النصف الآخر في الاستمتاع بخياراتهم البخيلة من لذة الوجود وتصوره والشعور به فلا شك أنك خاسر ولكنك لا تعلم. هو شيء يشبه معاقرة الخمر لمن فشل مشروعه الصغير فهو سعيد في سكرته خارج سياق قصته الحقيقية، وحين وصف الله حياة الكافرين: لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون
.
حاول الفلاسفة قدر ما يستطيعون منذ سقراط وأفلاطون وأرسطو وكونفوشيوس وحتى كانت وهيجل وروسو وتولستوي انتشال التردي الروحي بمجتمعاتهم والنهوض بالإنسان إلى مستويات تليق به ككائن فوقي. أن يقنعوا الانسان بالتأمل بدلاً من الركض في الجحيم الذي لن ينتهي وقد أصاب من أصاب وأخطأ من أخطأ منهم ثم تحطمت عظامهم تحت الآلة الرأسمالية التي أعلنت موت المعنى وانتصار المادي حيث يولد البشر أحراراً كما تنص معاهدات هيئة الأمم المتحدة ولكنهم قد يبقون رهائن في المستشفى لأن آباءهم لم يدفعوا تكاليف عملية الولادة أو لأن الأب والأم هربا من «طفلهم البيولوجي وتركاه رهينة في ملجأ لأطفال الرأسمالية حيث يولد البشر على هيئة خطأ مصنعي في الواقيات الجنسية
.
متى ستحتاج فكرة الإله في مثل هذه الحضارة القائمة اليوم؟
أغلب المشاكل الواقعية التي قد تواجهها في حياتك ستجد لها حلولاً علمية سواء في الصحة أو التجارة أو حتى في أساليب العيش والسكن والتنقل والخدمات. وكل أوقات فراغك مشغولة بشتى أنواع الترفيه والمتعة التي لن يكفي عمرك لتجربتها كلها، وكل أوقاتك الجادة العملية مشغولة بضخ روح الإنجاز وحبه وتقديسه وجعله معيار نجاحك الحقيقي الوحيد. لذا نجد الديانة المسيحية تنكمش وتتحول إلى مجرد كائن وديع يدعو للسلام والتسامح مفرغ من المعتقدات والأحكام المسبقة على المجتمع ومكوناته لأن هذا ما سيفعله أي عضو زائد لا قيمة له حين يحضر اجتماعاً مهماً لشركة ما فلن يملك إلا توزيع الابتسامات على الحاضرين فهو بلا دور حقيقي وعليه أن يبتسم كثيراً لكيلا يبدو أبلهاً ثقيل الحضور أو ربما مطروداً غير مأسوف عليه
.
جاء في صحيح البخاري قَالَ ﷺ :«كَانَ اللهُ وَلَيْسَ شَيْءٌ غَيْرَهُ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ، ثُمَّ كَتَبَ فِي الذِّكْرِكُلَّ شَيْءٍ، ثُمَّ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ». هذه هي النقطة الأولى في لوحة التصور الشمولي للكون وكل من يبدأ من غير هذا المكان لن يصل إلى التصور الحقيقي وعليها سيبنى كل تصور الأشياء، وحولها ستدور كل المعاني. يشبه هذا الحديث في العقيدة نقطة فيثاغورس في الرياضيات حين وضع نقطة ثم عرفها ثم وضع بجوارها عدة نقاط فأصبحت مستقيما وهكذا بدأ منها تعريف المستقيم والمربع والمستطيل وصنع منها معايير الأطوال ومعادلات المساحات والأحجام ولو حذفت نقطة فيثاغورس من تاريخ البشرية لسقطت حضارة العلوم التجريبية برمتها
.
من يتصور بأن الله خلق الانسان ليتم عمارة الأرض لتصبح كوكباً أفضل مما هي عليه فيطورها ويبني ما نقص منها لأجل الوصول إلى حالة كمال حضاري لم تكن موجودة سابقاً فهو لا يعرف قصة الإنسان وربما لا يعرف الله حق معرفته، ليست البشرية بحاجة لكل هذا الهراء المسمى الحضارة كغاية أصلية
.
خلق الله آدم عليه السلام، تلك اللحظة العظيمة الفارهة كثيفة النعيم والرحمة وإذا به ينظر مندهشاً بين يدي ربه بهذا الوعي والوجود فقال له ربه كما في صحيح مسلم وهو يخطو أولى خطواته في ملكوت الله: «اذهب فسلم على أولئك النفر - من الملائكة - فاستمع ما يجيبونك فإنها تحيتك وتحية ذريتك. فذهب فقال: السلام عليكم فقالوا : السلام عليك ورحمة الله». بكل هذه الرحمة وهذا الهدوء والذوق والجمال بدأت قصة الإنسان الأول الذي ما لبث أن علمه ربه الأسماء كلها وقربه وأكرمه وأسجد له ملائكته ثم خلق له من ضلعه حبيبته حواء، لتؤنسه في وحشة تفرده فلا شيء يشبهه في الجنة إلا هي، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً). ما نشعر به اليوم من حب وقلق وخوف وجوع وفقد وغيرها من خصال البشر كان يشعر بها آدم عليه السلام حين خرج من الجنة. نحن نفس الكائن ونفس التجربة لكننا صرنا شعوباً وقبائل وتوزعنا في مخيمات كبيرة للاجئين يسمونها الأمم والدول
.
الحياة أبسط مما تراه فكل ما هو مطلوب منك لتحقق غاية وجودك في الحياة هو ما كان مطلوباً من «آدم الأول» ببساطته ونقائه وسهولة أفكاره، أما ما تراه حولك من الآفاق المظلمة الصاخبة السوداء فهي ليست إلا غبار الهاربين من «قصة الإنسان» الهائمين في أودية الكدح الرخيص حيث لا شيء يفعل الله ولا شيء سيبقى لهم
.
إنسان الله الذي جاء ليمارس جدله الكثير واندهاشاته اللذيذة ومغامراته الاستكشافية تحت يقين التوكل على الله والعبودية لأمره. لا شيء يستحق أن يرهن الإنسان عمره وخياله لأجله بما في ذلك الشعارات المنادية بإعمار الكوكب وصناعة الحضارة، هذه سنوات عمري ولن أعيش فيها لشيء سوى قصة الإنسان
"
Profile Image for هَنَـــاءْ.
342 reviews2,698 followers
January 10, 2021
الكتاب رائع بما تحويه الكلمة من معنى، ولم أتوقع أن كتابا بهذا الحجم سيصل لأعماقي بهذا العمق والتأثير .. ربما من الأسباب أني لا أتابع قناته ولا أسمع الصوتيات، ومحتوى الكتاب مأخوذ منها، فصادفتني بحداثتها علي مع قوة نضوجها ..
أن تتكلم عن الإنسان بلغة تدرك جيدا حقيقته وماهيته وكيف عمل النظام الرأس المالي على عزله عن سياقاته التاريخية بتدرج بشع وبسرعة تطويرية ابتعلت كينونته البشرية وجعلته كالآلة الصماء في سوق العمل.
أن تتكلم عن الغياب الحضوري في وجود فرض نفسه، فيصبح هو الحاضر الغائب معا.
أن تتكلم عن غياب الفحوى والغاية والبحث عن الجذور التكوينية، وسرعة النسيان للماضي والقصص التي جاء الإنسان في سلسلته تكميلا لها.
أن تكون فردا بلا ظلال ولا قالب، مجرد هامش جاء ليختفي بعد أن كان الكون كله له.
أن تكون تكرارا في عالم جمعي، يؤطر حياتك لمصالح أفراد، تحركك بالموضات والنزعات وتأكيد الحاجة للكماليات وتكثيرها فيك لأجلها.
أعجبتني المقالات بتسلسلها والتشبيهات المقربة فيها والمحاور الرئيسية التي تتعمد التركيز عليها أو تكرارها في بعضها، فخرجت الفكرة الكلية قوية وصلبة بصلابة المضمون.
الإنسان الحالي يئن وطأة الواقع الذي يُطلب منه التعايش معه وهو يعزله عن ذاته ويمزجه بالجماعات بشكل ينسى فيه نفسه قبل نسيان الله.
أسرني المحتوى بعد الفكرة، وكان العنوان ضرورة ملحة وواجب ينبغي الوعي فيه.
تعودنا أنا نحتاج ما لا نحتاج للتأثيرات العولمية، وتم فرض الكثير من الأفكار بضغط اقتصادي يخدم أصحاب المال، ويكثر من عدد العاملين المسمنين خصيصا لخدمتهم، بل ويتم التغيير في بنية سياسات الدول المسيطر عليها وإعادة تشكيلها من جديد حتى يتم تمرير أفكار الشركات المهيمنة.
طغيان الحضارة طال قلب ابن آدم وشوه صورته الأولى، وعزله عزل شبه كلي عن حقيقته السامية والمبدأ الجوهري لدنياه، ليركض ليل نهار لخدمة المادة غافلا كل الغفلة عن معاني الأشياء وأولها الروح.
أعجبني في كتابه أنه لم يطل ولم يقصر القصر المخل، يقذف في عقلك الزبدة ويعطيك اللب بشكل جذاب.
Profile Image for قـمَـر.
174 reviews136 followers
January 14, 2022
عظيم مبهر!
أشعر أني وقعت على كنز بقراءتي لهذا الكتاب!
سأعيد قراءته بعد مدة بتأنٍ وصفاء ذهن.
Profile Image for محمد حمزة.
351 reviews133 followers
June 3, 2022
على خط الإنتاج
هو مجموعة مقالات، تعتلج معانيها في داخل الكثيرين منا، لكننا لا نحسن التعبير عنها.
هو صرخة في وجه المنظومة ومحاولة في الانعتاق منها.
كتبها مؤلفها جميل الرويلي، والذي قرأت عنه هنا أنه مهندس وحاصل على ماجستير في إدارة الأعمال، لكنه اختار الهروب من السيستم والعيش مع أهله في مدينة الجوف معلمًا ومفضّلًا الريف والمزرعة على اللهاث خلف الدولار..
مواطن التحسين: يليق بهذا الفكر أن يُعتنى بإخراجه وتنسيق نصوصه وتدقيق لغته وتصحيح أخطائه الإملائية.
ونشكر الكاتب على إتاحة كتابه بصيغة pdf
فجزاه الله خيرا


المقالة الأولى: المعنى هو الأصل
حول قدسية المعرفة.
"المعرفة هي المعركة الوحيدة التي تستطيع الموت فيها وأنت مطمئن تماماً لأنك قاتلت من أجل الهدف الصحيح والغاية الأنبل فأنت كل المعركة وكل الجيش وكل الأحداث وكل القتلى، ولن أقول كل المنتصرين لأنك لن تنتصر في النهاية ولكنك ستفهم لماذا كان عليك أن تقاتل ولماذا عليك أن تموت!.. لو بحثت في أغلب أو ربما كل أحزان الإنسان لوجدتها تنبع من شعور خوف خفي بأنه ينفق أثمن وأغلى ما لديه وهو عمره في الشيء الذي لا يستحق ذلك، فلا شيء يخص الإنسان لوحده سوى سنوات عمره، وما عدا ذلك فكله مشترك بما في ذلك أفكاره ومشاعره ولحمه ودمه وهذا هو منبع هاجس فكرة الحرية، الخوف من أن تكون مستَغفلا في عملية سطو جماعية على الأعمار حيث يوكل إليك السُرّاق مهمة العيش بدلا منهم في مهام مجيرة لصالح أعمارهم بينما هم يتفرغون لأعمارهم الحقيقية، فخياراتك الحياتية هي أفعالك وأفعالك هي عمرك الحقيقي"
"ليس الوجود إلا الماهية، وليست الماهية إلا المعنى، فالمعنى هو أصل الأشياء.."
"حتى قبل بداية القرن الخامس العشر الميلادي كانت حياة الإنسان الغربي مرتبطة بالمعنى أكثر من المادة.."

المقالة الثانية: شعوب وقبائل
حول عيش القصة الحقيقية.
"لن يستطيع الإنسان العيش خارج (قصته الحقيقية) إلا مستغفَلا ومستغَلا ومنفقا لعمره في خدمة أعمار الآخرين.."
"لم يكن الإنسان حتى عهد قريب ينظر للحياة على أنها صراع مغالبة مستمرة من أجل البقاء فقط، وكان لديه الكثير من الأشياء التي يعيش عليها ولأجلها وكان المال مجرد شيء منها لا أكثر، وقد تجد الرجل الفقير شيخا مهيبا في مجتمعه وله قيمته وكلمته المسموعة لأنه يعيش في مجتمع يستمد قيم الأشياء من مصادر روحية واجتماعية ومعنوية كثيرة وليس المال فقط. حينها كانوا ينظرون لمن يكنز المال ولا يساعد به الآخرين على أنه (شخص رديء).."

المقالة الثالثة: الإنسان الممارس
"استطاعت الحضارة الرأسمالية بآلتها المالية والإعلامية ونُظمها الاقتصادية وإشرافها على تشكيل عقائد الحكومات والمناهج الحياتية، أن تضع البشرية برمتها (على خط الإنتاج) فإن خرج الإنسان عن الخط خرج ناقصا معطوبا عديم الفائدة.. منذ أن يولد الطفل فيتم ترقيمه برقم وطني على طريقة مزارع تسمين الأغنام لتسهل مراقبته وتتبعه على خط الإنتاج وحتى اللحظة التي يحصل فيها على رقم جديد لشهادة وفاته، سيكون قد مرّ بدورة كاملة من التصنيع والاستهلاك بشكل ممنهج! التعليم سيلعب دوره، والإعلام سيلعب دوره، والدولار سيلعب دوره، والقوانين الليبرالية ستلعب دورها وكل هذه الأدوار تعمل لصناعة الإنسان الممارس التطبيقي المفرغ من ثورة المبدأ وحصانة المقدس وتاريخية الانتماء. وهذا هو الحال في الغرب عموماً"

المقالة الرابعة: لا شيء غير الله
"الإلحاد ليس مشكلة مع الله وحده كما يُشاع ذلك بل هي مشكلة للإنسان مع نفسه، فالله ليس بحاجة لمن يؤمن به.. ولكن الإنسان لن يعلم من هو الإنسان حتى يؤمن بالله فالإيمان حق للإنسان ليكتمل بناؤه ككائن فوقي جدير بتجربة الحياة التي جاء لأجلها لهذه الأرض. كمال الإنسان في الدنيا كمخلوق هو بكونه مؤمنا بالله حتى وإن كان فاسقا عاصياً.."
"لقد قررنا مواجهة الحياة على مسؤوليتنا الخاصة بعيدا عن الله وقد طال علينا الأمد فقست قلوبنا.."
حديث وفد بني تميم الذي جاء في صحيح البخاري.. "يا رسول الله جئناك لنتفقه في الدين ونسألك عن أول هذا الأمر، ما كان؟ قال صلى الله عليه وسلم: (كان الله وليس شيء غيرَه، وكان عرشه على الماء، ثم كتب في الذكر كل شيء، ثم خلق السماوات والأرض).
هذه هي النقطة الأولى في لوحة التصور الشموليّ للكون. وكل من يبدأ من غير هذا المكان لن يصل إلى التصور الحقيقي وعليها سيُبنى كل تصور الأشياء، وحولها ستدور كل المعاني! يشبه هذا الحديث في العقيدة نقطة فيثاغورث في الرياضيات حين وضع نقطة ثم عرفها ثم وضع بجوارها عدة نقاط فأصبحت مستقيماوهكذا بدأ منها تعريف المستقيم والمربع والمستطيل وصنع منها معايير الأطوال ومعادلات المساحات والأحجام، ولو حذفت نقطة فيثاغورث من تاريخ البشرية لسقطت حضارة العلوم التجريبية برمتها!.

المقالة الخامسة: أسماك الزينة
"كلنا قد نكون مجرد أسماك زينة اختُطفت من السياق الصحيح لسيرتها الأولى وحُبست في إطار معين لأجل أهداف معينة! قد نمارس ما تمارسه سلالتنا الأصليةفي كثير من مظاهر حياتنا، ولكننا بلا شك سنواجه مشكلات كثيرة تتعلق بخصائصنا التي قرر من وضعنا في ذلك الإطار أن لا يهتم لها! لا شك أن الأسماك معذورة في استسلامها لما هي عليه من حال، ولكن الإنسان بقدراته الفريدة في التأمل والاستبصار والبحث ومقارنة الأشياء وتميزه بكونه (كائن متعلم) يتصور المستقبل ويؤرخ للماضي فهو غير معذور فيما يمارسه من بلاهة الاستسلام للاختطاف الحضاري والأدلجة المادية لحياته وللكون من حوله!"

المقالة السادسة: الكمال الكوني السابق
قصة الزوجين الذين ذهبا إلى جزيرة يبحثان عن كنز، ثم قدوم زوجين آخرين، ثم تتابع الأجيال وتعاقبها.. وبقي الجيل الأخير لا يعلم عن الكنز ولا يعلم عن اليابسة..
"بمثل هذه الطريقة تتكون المجتمعات والأمم وتندثر الغايات الأصلية وينقطع السياق الوجودي وتفنى المعرفة الأصلية، وقد يضيع جزء كبير من الواقع الحقيقي والكون الحقيقي من تصور البشر كما فنت حقيقة اليابسة الأم من عقول الجيل الأخير على الجزيرة.. القرآن يصف حالة (فناء المعرفة الأصلية) نتيجة التعاقب الزمني بقوله ((فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم)) فخرجوا من (قصة الإنسان) إلى قصة الكدح الحياتي والمحاكاة البلهاء والدهشة المذهلة"
"هذا التطور الأعمى لا حدود له.. حين كان الناقد -قبل عشر سنوات فقط- يتحدث عن الشذوذ لدى الغرب، كان المنهزمون من عشاق النموذج الغربي يقولون ولماذا لا ترون إلا هذه الآفة الصغيرة؟!! .. المشكلة.. عن المنهجية الدائمة في توليدها ورعايتها للفوضى المدمّرة الجاحدة لما سبق من إرث بشري والتبشير بها وخطر ذلك على البشرية كلها. وها هي الآفة الصغيرة اليوم تتحول إلى بند من بنود الأمم المتحدة ويتحدث عنها رؤساء الدول العظمى في زياراتهم الخارجية.."

المقالة السابعة: الإنسان الواحد
"الحياة ليست صعبة وعبورها ليس صعبا، ومن ستذهب إليه بعد رحيلك منها أرحم بك ممن تركتهم فيها.. أما حضارة المادة فهي حضارة الأدوات والوسائل التي محورها المغالبة والمحاكاة والأنانية الفردية، محاور يلعن بعضها بعضاً وقودها معاناتك وعمرك وماهيتك الوجودية"
"لم تتوقف عصور الظلام في أوروبا بدخولها العصر الصناعي، فمنذ إعلانها موت الإله، والكون من حولها يزداد استنارة بالاكتشاف العلمي، بينما يزداد الإنسان ظلمة وحيرة وتفاهة من الداخل.."
"لم يسبق للبشرية منذ أن خلقها الله أن قتل منها أكثر من مائة مليون قتيل في ثلاثين عاما متتالية إلا في ذروة عهد الاستنارة وموت الإله ما بين 1914 – 1945 م كل الذين أهلكهم الله من الأمم السابقة والذين قتلهم الأنبياء وأتباعهم أو حتى الذين قتلوا بدوافع دينية مهما كانت لا يصلون لنصف هذا العدد الذي مات لأجل لا شيء سوى أن الإنسان المادي قرّر أن يكون الإله المحرك لهذا العالم.."

المقالة الثامنة: الجيل الأول باستمرار
بعد الحرب العالمية الثانية بُعثت في هذه اللحظة الحرجة فلسفة الوجودية على يدي سارتر.. وصرخ صرخته الهستيرية تعالوا وعيشوا كأن لم يعش أحد قبلكم ولن يعيش أحد بعدكم، في لذة لا ينغصها ذكريات مصير المائة مليون قتيل الذين فقدناهم لأجل لا شيء..
"وفي منتصف الخمسينات ومطلع الستينات كان مذهب الوجودية قد سيطر على عقول جيل ما بعد الحرب فانهارت أوروبا وأمريكا انهيارا أخلاقيا واجتماعيا ليس له مثيل حتى في العصور المظلمة! انتشر الجنس والمخدرات وشواطئ العراة، وخرجت جماعة تسمى جماعة الهيبيين تؤمن بأن كل النظم الاجتماعية والحضارية لا قيمة لها.."
"استطاع الغرب أن يحاصر الوجودية المتطرفة المارقة عن المجتمع.. "
"فكل جيل يولد سيجد أنه تلقائيا يعيش أفكارا ومذاهب لا تنتمي للجيل السابق.. ليس بمقدور المجتمعات التي تتغير بهذه الطريقة غير الواعية أن تنتقد نفسها وتصحح مسارها فالحياة كلها ستتحول إلى مجرد (موجة موضة) عابرة تتكرر في كل جيل ثم تنتهي تلقائيا لتبدأ أخرى غيرها تلتهم ضحاياها الجدد ثم تختفي، وهكذا.."
"فالرأسمالية هي القطار، والليبرالية التي تفتت الوعي العام هي عامل بيت النار، وكميات الفحم هم الأجيال المتتابعة. ما الذي يجعل فتاة في القرن الواحد والعشرين ترتدي سروالا ممزقا على الفخذين وتراه شيئا عظيما؟! مع أن ذلك السروال ارتداه الفقراء المعدمون من عمال المناجم في العهد الفيكتوري حين كان كل سكان إنجلترا -كما يقول المؤرخون- يرون بأن المرأة الشريفة لا تكشف أعضائها! ..حتى الاعتبارات المنطقية التي ظن الناس أنه يصعب التلاعب بها، استطاعت الرأسمالية اللعب بها فتجاوزت مرحلة صناعة الأخلاق إلى صناعة البديهيات، وهي الآن تلعب على أعمق من ذلك؛ وهو صناعة الفطرة والجنوسة أو ما يسمى بالجندر! في مثل هذا المجتمع المسَيطَر عليه تماماً في صندوق أسماك "الرأسمالية الليبرالية"، حيث لا عقل جمعي ولا منظومات أخلاقية ولا تسلسل تاريخي بين الأجيال ولا ثوابت من أي نوع، هل تعتقد بأنك ستجد من ينتقده؟؟.."
"شخصياً، لا أرى هذه المحاولات النقدية مجدية، فالأمر بات محسوماً في المجتمع الغربي لصالح الرأسمالية، وإن كان هناك ثمة أمل لإنقاذ الإنسان فسيكون ذلك في محيط العالم الإسلامي والعربي تحديداً. لقد تورط المجتمع الغربي فيما أسميه (افتقار الكل إلى الكل). فكل فرد في المجتمع يجد نفسه يفتقر بحتمية صارمة للكل العام ال��ي يعيش فيه وهذا ما يحدث الآن في ظل الرأسمالية!"
"فإن كان الحكم الوراثي يخدم ورثة العرش والحكم البابوي يخدم الكنيسة والحكم العسكري يخدم العسكر، فالرأسمالية مدار قوانينها وتشريعاتها خدمة أصحاب رؤوس الأموال"
"ومنذ أن اخترع ستيف جوبز هاتفه الذكي ورسم عليه تفاحة مقضومة ترمز لتفاحة آدم التي أكلها والرأسمالية تنظر للعالم الثالث بعين الانقضاض الجشع. يقول الله عز وجل عن آدم وحواء حين أكلا من الشجرة “فبدت لهما سوءاتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة”. وكذلك تفاحة ستيف جوبز المقضومة كان يفترض بكل من يأكل منها أن يصبح عارياً من كل ما علق به من أسلافه السابقين، فهذه هي الخطوة ما قبل الأخيرة "على خط الإنتاج"، خطوة نضج العولمة الثقافية الصانعة لفكرة (الجيل الأول باستمرار)، والتي ستتبعها آخر الخطوات بتنصيب الدولار حاكماً على الجميع !"

المقالة التاسعة: مستعمرة الأيدي العاملة
"الاستسلام للحتمية أمر مخيف! إنه مخالف للفطرة وللإيمان وللحرية، إنه العبودية ذاتها!"
"وطالما أن جذر الرأسمالية هو رؤوس الأموال وطالما أن الأموال يملكها أصحاب رؤوس الأموال فهذا النظام بأكمله يعمل لخدمة أشخاص معينين أو طبقة معينة ويخضع لتأثيرهم، ولكي لا أطيل الكلام بهذه النقطة تستطيع البحث والقراءة عن ثلاث عوائل فقط ومدى تأثيرها على اقتصاد العالم وهي عائلة روتشيلد ومورغان وروكفيلر".
"العولمة ليست مشكلة أخلاقية وقومية فقط، ولا تهدد الهوية دون سواها من خيارات الحياة. العولمة تكمن خطورتها في أنها حين تتحول لعولمة استهلاكية ستجعل ضروريات الحياة لأي مجتمع في أيدي مراكز القوى الرأسمالية"
"كيف ستستطيع الدول النامية أن ترقى في علاقاتها مع الدول الصناعية من مرتبة الاحتلال الاقتصادي إلى مرتبة التبادل الاقتصادي إن كانت كل منتجاتها متوفرة لدى الدول العظمى التي سيحتاجونها في كل شيء؟! كل ما تفعله تلك الدول المُستعمَرة اقتصادياً هو أنها ستقترض من البنك الدولي لتشتري منتجات الدول التي تسيطر على البنك الدولي، وستبقى تدفع لتلك الدول العظمى مرتين، مرة حين تسدد قروضها ومرة أخرى حين تسدد احتياجاتها من المنتجات الضرورية في مجال السلاح والصناعة والبنية التحتية والخدمات والاستثمار! كيف ستستقل هذه الدول في قرارها السياسي وهي لا تستطيع البقاء في الوجود بمفردها؟ أما شعوب تلك الدول فسيجدون الشركات عابرة القارات تدير البلاد بأكملها بعد أن خضعت حكوماتها لشروط الإقراض والاستثمار المطلوبة. سيكون أصحاب رؤوس الأموال في أقاصي الأرض هم الحكام الفعليين لشعوب تلك الدول!"

المقالة العاشرة: دورة حياة العبد السعيد
"لم يسبق للإنسان في قصته الطويلة على الأرض أن كان محكوماً بالمال في كل نواحي حياته خارجياً، ونواحي روحه وعقله داخليا كما هو عليه اليوم!
فعلى مرِّ التاريخ عاشت أجيال كثيرة من البشر لأجل الدِين والعرق والقبيلة والإنسان والفن والأخلاق والمجتمع، فأنتجت لنا كل ما تزخر به ذاكرتنا من الأسماء الخالدة والقصص الإنسانية والمنظومات الاجتماعية والقومية.. كل الشرائع وكل المذاهب وكل الفن وكل الجمال وكل الأدب وكل القصائد".
"يدخل الطفل إلى المدرسة وكل من حوله يخبره أنه منتج تتم صناعته الآن ليتم استهلاكه لاحقاً"
"كيف تقبل بأن تمضي زهرة شبابك لا هم لك إلا لحظة استلام ورقة الاختبار ثم تمضي بقية ما بقي من طموحك في البحث عن وظيفة ثم تدخل في دورة التكاثر الطبيعية ليستمر امداد العالم بمزيد من الأيدي العاملة!. ستجد نفسك تضمحل شيئاً فشيئاً في حالة فناء اجتماعي بين هموم العائلة والمجتمع، فمتى ستكون أنت أنت؟!! لابد من صناعة (اهتمامات موازية) بداخلك ترافقك طوال رحلة حياتك لكي تشعر بطعم الحياة وأنك لست مجرد دودة في مستعمرة من الديدان المتشابهة. حين تعمل لدى صاحب رأس المال فأنت تلعب دور “الأجير” الذي مهما أبدع سيبقى أجيراً، ثم ستخرج من عملك لتمضي بقية اليوم تتبضع منتجات شركات أخرى يعمل فيها أجراء آخرون مثلك".

المقالة الحادية عشرة: آمناً في سربه
"لم تعد فكرة السرب موجودة الآن إلا شكلياً، فحين قال عليه الصلاة والسلام (من أصبح منكم آمناً في سربه معافى في جسده، وعنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا) صححه الألباني، لم يكن يتحدث عن السرب كمكان فيه مجموعة من الناس ولكنه يشير إلى الانتماء والمشاكلة والتشابه لأن سرب الطيور غالباً لا يتحرك إلا باتفاق وتناغم. قد تجلس العائلة الواحدة الآن في غرفة واحدة وكل فرد منها يحلق في سرب يخصه لا يعلم به أحد!".
"يعتقد الناس بأن التقنية ووسائل التواصل هي السبب في ابتعاد الناس عن بعضهم البعض وانهيار العلاقات الاجتماعية. هي سبب ضئيل جداً فالسبب الأهم من ذلك هو طغيان شخصية الإنسان الممارس على شخصية الإنسان الحقيقي..".
"فإن كان الدخول في عالم الإنسان الممارس بات أمراً حتمياً فلا سبيل لإنقاذ نفسك من الغربة الوجودية سوى بتوسيع دائرة المعرفة والمعنى الشمولي في شخصيتك وسلوكك وحياتك، وأن يعيش العالم فيك قبل أن تعيش أنت فيه. هذا الشيء سيمدك بشعور (السرب) حين ترى أغلب الأشياء حولك تنتمي إليك بشكل تلقائي بما في ذلك الذين كانوا على ظهر السفينة مع نوح عليه السلام!".

ذو القعدة - 1443
حزيران - 2022
Profile Image for نورة  العجمي .
77 reviews21 followers
November 20, 2019
كتاب خفيف يقرأ بجلسة واحدة
وهو اقرب لتفريغ مجموعة من الدروس الصوتية التي سبق أن عرضها الشيخ جميل في قناته الخاصة .
Profile Image for Malik.
156 reviews54 followers
September 28, 2023
يَخطَفُكَ، فَيَهوي بكَ أمام هذا العالَم الذي يئنُّ تحت سياط المادية والليبرالية الرأسمالية؛ فتمرُّ أمامكَ صور كل أولئك الكادحين الذين يفترشون كراسي المواصلات العامة وهم عائدون إلى بيوتهم، أو الذين يأكلُ أعمارَهم وقوفُهم الذي لا يكاد ينتهي مساءً حتى يبدأ صباحاً في اكتظاظ سيارات «الأُجَراء» الذين أحالتهم الآلة -التي لا تتوقف- تروساً يخافونَ «الفقرَ المُنسي»، فباعوا أعمارَهم لشياطين الإنس الذين يسعونَ -ويَلهَثُ غيرهم- نحو «الغِنَى المُطْغي».

السياق الإنساني أو إنسان الله أو قصة الإنسان (أو الإنسان الرباني بتعبير المسيري)، هذا الأصل العظيم العبقري الذي يبني عليه الرويلي دعوتَه؛ نحن لسنا «مقطوعين من شجرة»، بل أصولنا متصلةُ السند، امتداداً لموكب المؤمنين الحافل؛ نشترك معهم في تصورنا عن الكون والحياة الأولى والآخرة.
أمَّا الأشقياء المُنبتُّون عن أصولهم، المُنْعَتِقون من موكب المؤمنين، ونَزَعتهم الجاهلية/الحداثة/الرأسمالية/العلم التجريبي -سمِّها ما شئتَ من أسماء هذه الطواغيت- من «قصة الإنسان»، وزرعتهم في سياقٍ مبتورٍ، في سياقٍ لا ينتمون له، وما ينبغي لهم ذلك: خطُّ الإنتاج.. سياقٌ بشريٌّ وضعيٌّ منقطعٌ عمَّن سبقه، فلا شكَّ سيختلُّ توازنهم وتنحطُّ قيمةُ المعنى عندهم.
في هذا السياق، الذي لا معنًى للمعنى فيه، والمُثُل لا قيمةَ لها؛ تتجلى إنسانية المؤمن وحيوانية «الإنسان الممارس» {وكذلكَ نُفصِّلُ الآياتِ ولِتَستَبينَ سبيلُ المجرمينَ}.
هذه الفكرة -السياق الإنساني- التي يبني عليها الرويلي تنظيرَه، تُنبِّهنا من غَفْلَتِنَا أنه "لن يستطيعَ الإنسان العَيْشَ خارج «قصته الحقيقية» إلا مُستَغفَلاً ومُستَغَلاً ومُنفِقاً لعُمره في خدمة أعمار الآخَرين [...] فحين يخرج الإنسان من سياق القصة الأصلية الأولى التي بُنِيَ عليها الوجود سيدخل في سياقاتٍ بشرية كوَّنتها المَنفعَة المَحضة المَبنيةُ على الاستغلال والإخضاع لسطوة القوة والحتمية المادية وهي نفسُها القوانين التي يعمل تحتها أيُّ حيوانٍ ينحصرُ وجوده في قانون الغاب المسمى: صراع البقاء، حين يأكل القويُّ الضعيفَ، ولكن بنسختها الناعمة: الغنيُّ يشتري الفقير" (ص ١٩-٢٠).
أو: يشتري عُمُرَه، على وجه الدقة، ثم يقنعه أنه الطالب المتفوق أو الموظف الحاذق أو الجندي الباسل.
فهم ينزعون القداسةَ (disenchantment) عن العالَم، أو كما يسميها رورتي على ما نقلَ عنه المسيري: نزع الألوهية (dedivinization)، حتى لا يجدَ الإنسان ما يُقدِّسه ولا يؤلِّهه، ويصبحُ فهم الكون الذي كان متَّسقاً مع أصل الخلق والنظرة التوحيدية فهماً طبيعياً/مادياً، فينقطعُ الامتداد التاريخي وتُنزَع من الإنسان «ذاكرته التاريخية» (dehistoricize)، وبذلك تُرخَى الأستار الفاصلة على عالَم الشهادة فلا غَيب ولا ماوراء {نموتُ ونحيا ومَا نحنُ بمَبعوثين}؛ وبذا «يتحوسَل» الإنسان، ويُدمَج في الآلة الكبيرة، أو «الورشة الضخمة» التي اسمها العالَم الجديد على حدِّ تعبير سيِّد قطب، ويُنمَّط، ويخضعُ لترشيدٍ صارم ليصبحَ رقماً لا يميزه شيءٌ عن غيره، لا جوَّانيةً صلبةَ له، مشوَّشَ المعالِم، لكنه ترسٌ كُفؤ (مواطنٌ صالح)، يُطيعُ السوقَ فيُدمنُ على الكماليات التي يُقدِّمها له بصورة ضروريات، أي أنه يصبح كما يسميه ماركيوز: إنساناً ذا بُعدٍ [جانبٍ/وجهٍ] واحد؛ مستهلِكاً يحقق ذاته بمراكمة السلع، وملاحقةِ الحلم الذي عرضته المنظومة الكبيرة ظاناً أنه حلمه وحدَه، وإنما هو حلم بقية الأرقام التي صارت تستبطنُ تصوُّراً واحداً وإن اختلفت الهيئات البَرَّانية.
دُجِّنَ الإنسان كما دُجِّنَت الحيوانات من قبله، ولئن كانت الحيوانات مُسخرةً له نعمةً وفضلاً من ربٍّ كريم، فقد دُجِّن هو في خط الإنتاج، عبداً لعبدٍ مثله، ليستمرَّ «الواقع العَلَفيُّ».
"أما ما تراه حولكَ من الآفاق المظلمة الصاخبة السوداء، فليست إلا غبارَ الهاربين من «قصة الإنسان»، الهائمينَ في أودية الكَدح الرخيص، حيث لا شيء يُفعل لله، ولا شيء سيبقى لهم." (ص ٦٥).
ولكن حينَ يكون الإنسان مرتبطاً بسلفه، ومركزيتُه التي ينطلق منها هي «القصة الأولى» التي بدأت بتلك اللباقة واللطف والحب: لَمَّا خلقَ الله آدمَ، ونفخ فيه الروح، عطس فقال: الحمد لله، فحمِد الله بإذنه، فقال له ربه: رحمكَ الله يا آدم، اذهب إلى أولئك الملائكة، إلى ملأ منهم جلوس، فقُل: السلام عليكم، قالوا: وعليك السلام ورحمة الله، ثم رجع إلى ربه، فقال: إنَّ هذه تحيتك وتحية بنيكَ، بينهم. (الترمذي ٣٣٦٨، وقد أحسن الكاتب في الاستشهاد بهذا الحديث عظيم الشأن).
فيمشي على خُطَى مَن بعثهم الله ليُعيدوا البشرَ إلى السياق الحقيقي بعد كل حَيْدَةٍ عن هذا السياق، هذا الإنسان هو وحدَه الذي ليس رقماً، ولم تسِمْهُ الآلة الرأسمالية برمزها الشريطي (barcode)، وهو وحدَه القادر على منازعتها واستبدالها بالأمانة التي حَمَلَهَ��.
وانقطاعُ سياق الإنسان الحديث، أعني غيرَ المؤمن، عن سياق ما قبلَه، هو انقطاعٌ عن سياق «إنسان الله»، ونزعٌ من قصة الإنسان الحقيقية.
أمَّا أنَّ له سلفاً في طاغوتيته وإيمانه بأنه إله هذا الكون؛ يُشرِّع ويقتل ويُغني ويُفقِر فهذا سياقٌ ليبرالي تمركزَ حول الإنسان، كما سياق قوم شُعَيْبٍ عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام لمَّا عارضوا حكم الله تبارك وتعالى في أموالهم {قالوا يا شُعيبُ أصلاتُكَ تأمُرُكَ أن نترُكَ ما يعبدُ آباؤنا أو أن نفعلَ في أموالِنا ما نشاءُ}، كذا سياق قوم لوطٍ عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام؛ فالمُخنَّثون حينئذٍ همُ المُخنَّثون اليوم، مُتسَلِّحين بما تقرره المجالس الطاغوتية، فيصبحُ المُتَطَهِّر رجعياً وَجَبَ نفيُهُ، بحكم الدستور والمواثيق التي أصدرها «الملأ».
هذه السياقات التي تحيدُ عن السياق، وأحسنَ منه تعبيراً اللفظَةُ القُرآنية: الصراط. هذه السياقات التي تَحيدُ عن الصراط غير مُنقطعَةٍ عن ضلال سابقيها ممن تجافوا عن السياق/الصراط المستقيم الذي لأجله بُعِثَ الرسُل وقُتِلَ الشهداء.
والفَرقُ أنها تزداد ضلالاً؛ فترى أنَّ إخفاقَ سَلَفها بنشر ضلالهم وإشاعته أنهم لم ينغمسوا أكثر في الكفر.
وهذه مفرداتٌ من كل سياق، وإلا -كما قال الكاتب- فإنَّ سياقات الحائدين عن الصراط المستقيم تتفرَّد كلٌّ بما يميزها. ولئن كان لكل «ملأ» سياق، فإنَّها جميعها تستبطنُ نموذجاً واحداً قائمٌ على الحتمية المادية، التي تُشوِّه الإنسان برانياً (مثاله عندما يصبح الإنسان وسيلةً للدعاية) وجوانياً.
وهذه الحرب على صَرف الإنسان عن سياقِهِ، ليس لها إلا الثابتُ على الصراط؛ المسلم الذي ما زال يضبطُ يومِه على أوقات الصلوات لا على وقت السوق، والذي ما زالَ جسدُه يتداعى لإخوانه شرقاً وغرباً لا ينتظرُ منهم جزاءً ولا شكوراً، الذي ما زالت أصوله عَصِيَّةً على التحديث والتحريف.
وكل محاولتهم لإدراج المسلمين في مَنظومة «الملأ» تواجه توفيقاً ربانياً وعصمةً من الله لهذه الأمة وحفظاً لدينها، يقول الشيخ عطية الله: "لقد مارسوا على أمتنا الإسلامية ما لو صُبَّ على الجبال لاندكَّت من أساليب المَكر والفتنة، ومن مشاريع التفسيق والإفساد، وذلك بوسيلتي الشهوات والشبهات." (شريط السحاب: الغرب والنفق المظلم ١، ١٥:٤١-١٦:٤٨). {ويأبى الله إلا أن يُتِمَّ نورَه ولو كَرِهَ الكافرون}، وهذا فَخرٌ تنقطعُ دونَه الأماني!

من جمال هذا الكتاب، أنك ما أنْ تنتهي ستذهب روحكَ إلى القرآن، حامداً الله على إنزاله الكتاب: {ما أنزلنا عليكَ القرآنَ لتَشقى}، فلا تذهب نفسك حسرات على المائلين عن الهدى، الراغبين عن ملة إبراهيم، المتساقطين على طرفي الصراط. ولا تشقى نفسُك بما تراه من استضعاف، فهو تمحيصٌ وتمييزُ صفوف، حتى يستقيمَ الإنسان على الهدى.
فما نزلَ هذه القرآن لتشقى بالدعوة إليه، وإقامة أوامره ونواهيه، بل متى ما خالطَت بشاشةُ الإيمان القلبَ، قلت كما قال كابن مظعون ذات أذى: والله إنَّ عيني الصحيحة لفقيرةٌ إلى ما أصاب أختها في الله!
{أَوَلَم يَكفِهم أنَّا أنزلنا عليكَ الكتابَ يُتْلَى عليهم إنَّ في ذلك لَرحمةً وذكرى لقومٍ يؤمنون}؛ ومن تجليات هذه «الرحمة» أنَّ هناكَ بديلاً -وقعَ حقيقةً مُدداً متطاولة- نُقيمُهُ في عالَم الكَبَد والكَدح، لا مثالاً قائماً في التجريد فقط، يبسطُ العدلَ ويُعيد الإنسان إلى إنسانيته؛ مثالاً حياً نستأنسُ به في مسيرة نقض الواقع الجاهلي الذي له الدولة اليوم، نظامٌ يضمَنُ حتى للحيوان حيوانيته التي لَم تسلَم من طغيان الحداثة الليبرالية الرأسمالية.
«وذكْرَى» أنَّ الغايةَ ليسَت هنا، بل هناك في عالَم الغيب الذي يعمل شياطين الإنس على طَمس ما يُذكِّرُ به؛ فأي تذكيرٍ به هو إضعافٌ لاستعبادها البَشَرَ، ورفعٌ للبشر من حمأة الطين، وإعادة مسيرِهم على سمت الإنسان الأول مستكملاً قصة الإنسان، يشُدُّها إلى أصلها بأمراس كِتَّانٍ.

أفكار الكتاب متتابعةٌ بتماسكٍ بديعٍ. وللكاتب توصيفاتٌ وألفاظٌ يَطْرَبُ لها القارئ، وسخريةٌ ذكيّةٌ من العدو.
وسردُهُ لقصة الانحطاط الغربيّ مُكثّفةٌ دونَ إخلال، وهذا -أحسبه- من التوفيق.

أعودُ إلى صوّر العاملينَ، في كل المِهَن، أنظرُ إليهم مُنهكينَ. كيف ستُقنع مَن يقول: «كيف أعيشُ إذاً في هذا العالَم»، بجدوى كل ما سبَق وكل ما كُتِبَ في هذا الباب؟
أثبتَ ساكنو الكهوف -مرةً أخرى- أنهم الأَسَدُّ نظراً والأجلَى بصيرةً؛ فالواقع/العدو لا ينفعُ معه إلا خلعٌ وقَلْعٌ ومَسحٌ وإزالةٌ!
لا أشدَّ حماقةً من الذي يريد إصلاح بيتٍ أُتيَ على قواعده فَخَرَّ على ساكنيه السّقف.
هذا عالَمٌ يجب أنْ يُبدَّل تبديلاً؛ فاللهم استعملنا في ذلك!

الكتاب باختصار: أنا مؤمنٌ؛ إذاً أنا إنسان.
إنها قصةُ المعركةِ القائمة إلى يوم الوقت المعلوم، التي يتَّخذُ فيها {لأقعُدنَّ لهم صراطكَ المستقيم} صوراً شتَّى، لكنَّ مدافعتها بطريقٍ واحدٍ لم يتبدَّل، ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً.

أمَّا الكاتب (وله كتابات أخرى، ليست بنفس الجودة، بل أقل في الجملة)، فهو -ويا لخيبة الرجال- كغالب المتشرِّعين والمثقفين؛ يُنادي نهاراً بضلال الواقع، وليلاً يتدثَّرُ ببشت الطاغوت، ولا يدعُ فرصةً إلا ويهتبلها ليُثبتَ ولاءَه طوعاً، ويعرضَ محاسن ما تُقدِم عليه «دولته الحديثة» التي يحذر منها.
وجُلُّ هؤلاء يرون القذى في الدول الأخرى ولا يرون الجذع المعترضَ بلدَهم طولاً وعرضاً!
وجنسُ المتشرِّعين والمثقفين هذا، الذي ينقضُ غزلَه أنكاثاً دون أيِّ حياء، بل لا يرى نفسَه إلا حكيماً، لا يُعوَّلُ عليهم في الصراع، فالجُبن والخسَّة وسفول الهمم التي تُكسَى جُبَّةَ حكمةٍ تشِفُّ حقيقة لابسِها، ستُقدُّ بيد الطاغوت حتى لا يرضى إلا أن تكون في الجُند المُحضَرين. ومتى ما وقعَ ذلك فالقائم في صفِّ المؤمنين، هو أول ما يسعى لإغوائه وفتنته وإيذائه، فلا طاقةَ له بتركه على الصراط وقد حادَ هو عنه، وإنَّ بقيةَ الفطرة فيه تُنادي عليه فيُسكتُها بزيادة إيذاء الثابتين، الذين مضوا وبقيَ هو يتخبَّطَ وراءهم في الظلمات.
Profile Image for هبة.
75 reviews36 followers
September 10, 2023
مُراجعة كتاب علي خطّ الإنتاج .
للكاتب :- جميل الُّرويلي
الكتاب يتكلم عن الرّأسماليّة بطريقة بسيطة سلِسة فيها نوع من السُّخرية من العدُوّ بإيجاز مجموعة في مائة صفحة فقط
وهذا ما أفادني به 👇
__
ضرورةٌ تُلِحُّ علي كُلّ مُسلمٍ ، أن ينهض ويحاول أن يُغيّر من هذا الواقع ، فالمؤشّرات تقول أن الإسلام قادم بقوّة وأنّه لا مُخلّص للوحل الذي سيسقط فيه العالم إلّا الإسلامٌ حقاً ، لن تستطيع أن تُغيّر هذا الواقع إلاّ إذا كنت مسلماّ مستسلماً لله عاملاً له باذلاً من أجله ، هنا يتغيّر الواقع .، هنا تُحني جباه الكفرة للحقّ ، وتخسف من تحت اقدام الجبابرة الأرض ، هنا فقط .
ضرورةٌ؛ لأن الإنسان تُسلب منه إنسانيّته ، قبل بشريّته ، يُحاولون كلّ آنٍ إثارة فىك كلّ ما يمكن إثارته ، لتظلّ لا هثاً في هذا الخط .
ضرورةٌ ؛لأنّهم ينجحون في تنكيس الفطر، في استجلاب المزيد من المعاصي ؛وقطّعوا كل الرّوابط لتبقي بلا سربٍ تأمن فيه ، أن تندثر شعيرة الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر " فلا مُنكَر حتّي يُنكَر "،
-تشبيه جميل للأستاذ جميل " منذ أن يولد الطّفل يتمّ ترقيمه برقم وطني علي طريقة مزارع تسمين الأغنام "
أليس لهذا آخر ؟ بلي ؛ آخره علي أيدي المُخلصين الوَلِهين العاشقين لله .
فما عليك الآن إلّا المحافظة علي ما لم تسلبه منك الرّأسماليّة ، وما عليكَ إلا أن تُحيي فيك ما وُئد من إنسانيّتك بينما كنت تلهث في خطّهم ،وأن تعدل مسارك بأن تسير علي صراط الله
إن خرجت عن الخطّ ستكون عديم الفائدة لأنّه لن يتمّ استهلاكك بشكلٍ جيّد ، ولكن لن تخسر نفسك ، وكفي بها! أن تتفلّت من الدّوران حول نفسك إلي مركزيّة ربّك وعبوديّتك له .
أنت لست معذور علي أيّ حال من بلاهة الاستسلام لهذا .
Profile Image for Walied.
16 reviews1 follower
March 10, 2020
راح اقرأ الكتاب مره ثانية ان شاء الله، اسلوب الكتابة بالنسبة لي كان سهل ممتنع إلى صعب، فيه أشياء مافهمتها وقلت في نفسي “امرها كما جاءت” ممكن هذا السبب يرجع لكوني لازلت مبتدئ في القراءة
Profile Image for محمد الشثري.
266 reviews356 followers
December 14, 2022
القراءة الثانية لجميل الرويلي

كما توقعت، أحببت منطق جميل في الكتابة،
وأحببت قربه الشديد للواقع ومعرفته لآثار الحداثة
رغم بعده الجغرافي تقريباً عن تشكلات المدن
الكبرى والسريعة في وتيرة حياتها في السعودية.

هنا مقالات متفرقة يربط بينها خط رفيع هو (نقد الرأسمالية)
ومحاولة تحليلها، وأين (قصة الإنسان) و (قصة الخلافة)
في حياته المدنية اليومية اليوم.
Profile Image for فطيم العتيبي.
24 reviews2 followers
March 4, 2023
"الحياة أبسط مما تراه فكل ما هو مطلوب منك لتحقق غايةوجودك في الحياةهو ماكان مطلوبًامن«آدم الأول» ببساطته ونقائه وسهولة أفكاره، أما ما تراه حولك من الآفاق المظلمة الصاخبة السوداء فهي ليست إلا غبار الهاربين من «قصة الإنسان» الهائمين في أودية الكدح الرخيص حيث لا شيء يفعل لله ولا شيء سيبقى لهم!"
Profile Image for RA.
43 reviews5 followers
September 6, 2021
استطيع القول الآن بأن جميل الرويلي دخل قائمة افضل الكتاب العرب "بالنسبة لي" 💙
افكار رائعة والطرح اروع، وان كانت لي بعض الملاحظات في بعض النقاط التي تطرق لها ولكن يضل ما كتبه جميل، جميلًا جدًا 💙💙
Profile Image for رغد معلواني.
34 reviews18 followers
July 21, 2021
على خط الإنتاج - جميل الرويلي.

أنت العزيز الكريم، ولد ءادم عليه السلام، الذي أسجد الله له الملائكة إعلانًا لرفعه وتشريفه، تغدو منتجًا أبله ضمن سلسلة كبيرة من إخوتك المنتجات، تغدو قطعة يلهو بها حوت من حيتان الثراء، يديرها ويقلبها ليجني ربحًا، رجل سليط سلطة حقيقية ضخمة لا شكلية تمثيلية، لا يقيده قانون ولا دين ولا عرف اجتماعي أو أخلاقي بل ولا إنساني بدهي، يعبد إلهًا عبادة مخلصة فوق إخلاص الزهاد، هذا رجل يعبد الدولار.
إن جئت تقول له اتق الله يقل لك: ما المعيب في التجارة والملكية والمنافسة لتحصيل الأرباح وإنعاش السوق؟ وهو لا يقول لك ذلك إلا تضليلًا.
فالتجارة والتحصيل كانت حقلًا من الحقول، لا كل الحقول، وحين يغدو المال كل شيء وأصل الأصول ومحور كل حركة في الكون ستطل على البشر لتراهم في أفحش وأقذر حال، ثم لن تجد الفرد منهم إلا بائسًا باكيًا على كماليات يظنها حاجات ضروريات أو تراه تافهًا إن كان مقتدرًا وحاز هاته الكماليات.
هؤلاء الناس في نظر هذا الرجل الجشع مخلوقات خلقت لتدفع وتستهلك منتجاته، فهذا الرجل من عظيم جشعه لن يحجم عن صناعةٍ لأن موادها الخام موجودة في أقصى الشرق ولن يقنع ببيعها في قطره بل لو قدر على تسويقها في المريخ فعل.
ولن يزال يصرخ :هل من مزيد؟
فلتحصيل هذا المزيد نثوّر احتياجات الناس ونصنع لهم احتاجات جديدة ما كانت لتخطر على بال إنسان سوي لا ينتمي لعصرنا، حتى يصير الناس محتاجين فعلًا، نطلق إلى العالم سوق الإباحية والشذوذ، وأدوات لا يراها الإنسان السوي إلا "دلالًا" كالآلات التي تكفيك جهدًا ضئيلًا وتخدمك خدمة غير معتبرة، ولكنك في انبهار وإعجاب أحمقين تستمر وتتسوق، حتى تظن نفسك محتاجًا احتياجًا حقيقيًا لها.

خلال عمرك كله ستكون كالمعلب ، مفرغًا من صفات الإنسان الحر الإبداعية ، وإلا فإن إبداعك لن يكون إلا تحت مظلة ما يرغبون به وما يطلبونه، فسنوات دراسية طويلة لتأهيلك للسوق وللعمل أجيرًا في إحدى شركاتهم الضخمة، ولا تتحدث عن إبداع علمي أو تحصيل جاد ، فما لا يُثمن يداس بالأقدام.

لا قيمة لأي شيء، كل المعاني والأعيان ذات قيمة نسبية متغيرة، في هذا العالم لا ثابت إلا الدولار.

وها هنا تأتي الليبرالية تنظر كالشيخ الأفاك الذي يشرعن للظلمة، فتصاغ المجتمعات من الثبات والصلابة إلى السيولة والنسبية، يصير الدين تافهًا هامشيًا كالذوق في الطعام أو اللباس يتباين بين شخص و ءاخر ، ثم يصبح الدين كالفضيحة يخبئها صاحبها ويواريها كيف استطاع.

الناس في حركة ولهاث لا يتوقفان في التهام السلع وتجربتها ، فلن يتوقف الواحد منهم من أجل بحث أو تأمل في أسئلة الأديان الكبرى، التي شغلت الناس منذ أوجدهم الله ، فهو في حركة ميكانيكية لا يتوقف للتنفس، ويقول ما دمت أربح وألتذ أو أستهلك وألتذ بلا حاجة للدين فما المشكلة في الإلحاد؟

شعار هذي المرحلة التدجين وقولبة البشر وحرمانهم من التنوع الإنساني الجميل، من المجتمع الصغير إلى العالم كله (العولمة) .

لن تخرج من الكتاب إلا قلقًا مذعورًا وربما مشفقًا على المجتمع الغربي للإسفاف الذي برع الكاتب في تصويره، وسط هذا الظالم الحالك ترى منارة تومض من بعيد ، تلك منارة الإسلام، فيورد الكاتب في سياقات متنوعة ءايات وأحاديث إيرادًا لذيذًا، رأفة منه بك يبل لك ظمأك من سواد عيشة القوم.

هذا تلخيص سريع لهذا الكتاب الرائع العميق، والذي لا يقرأ إلا في صفاء وهدوء لا لصعوبته بل هو سهل واضح اللغة ، ولكن لسمو معانيه وعمق فكرته، فتجد الكاتب يصف الإنسان منذ أن "بدأ الأمر" ليريك قبح الرأسمالية وتنكيلها بالإنسان ومضادتها لخلقته .
(والتلخيص لا يغني).

رغد معلواني
2 ذو الحجة 1442هـ
22 يوليو 2021م
Profile Image for Yara Abdulaali.
14 reviews5 followers
May 31, 2021
قبل ان اقرأ الكتاب روادتني افكار عجيبة و تساءلت ! هل من الطبيعي ان تراودني هذه الأفكار في اول وظيفة لي؟ هل طبيعي ان يتغير تفكيري بشكل جذري واني لا ارى ولا اعدّ الوظيفة سوى مصدر دخل بعد ما كنت اجد نفسي القيادية في اعلى المناصب؟ واني بت أشكك في مقاصدي للمراتب العلى، واني ابحث عن المعنى والروحانية اكثر مما ابحث عن مهاراتي وصقلها؟ واني استمتع الغرق في بحر من الكلمات عن الغرق في بحر من الاوراق المتراكمة؟ ايهما طبيعي؟ ايهما شاذ؟ انحرافي عن خط الانتاج يجعلني سلعة زائفة سيتم اتلافها ام سيحاولون اعادة تدويري؟ أم هذه اعذار متمتمة ينتجها عقل الإنسان كي يزاول فيها هوايته المفضلة " الكسل" ؟ حين تقل قيمة المعنى، يصبح المال هو الطريقة الوحيدة لاثبات وجود الانسان، يصبح تكنيز الكنوز هي الحل الامثل وهي القيمة الأسمى في الوجود، حين تهوي من اعلى السلم الرأسمالي، سيلتقطك السيّارة، ليجهزو عرضاً كاملاً تفصيلياً موضحين فيه اسباب فشلك، وعجزك وكسلك عدم فائدتك ، لأنك نسيت ان تضع الاستفهام على سؤال سيرتك الذاتية، ان تضيف الشهادات المزورة، لأنك نسيت ان تستقيم على ميلهم، لأنك استقمت على استقامتك، ظنو استقامتك ميلا

جاوبني جميل الرويلي بطريقة سلسلة ان افكاري طبيعية، وانها نتاج الضغط الاجتماعي الحاصل في هذا الزمن، وان شعوري بالنقص هو الطبيعي في عالم بات الكمال فيه وهما، والسعي فيه لهثاً.

سيكون واحد من اهم الكتب التي انصح بقراءتها وبشدة
Profile Image for Turkiy.
11 reviews1 follower
August 16, 2020
أنت ليس أنت بعد قراءة هذا الكنز الابجدي.
شكرا جميل
Profile Image for Eng.Asma.
261 reviews5 followers
October 30, 2020
الكتاب فلسفي ومفهوم ومبسط تركز نوعاً ما حول الإنسان ونشأته والرأسمالية. أعجبتني ثقافة الكاتب وأسلوبه السهل. أول كتاب أقرأه له ولن يكون الأخير إن شاء الله.
Profile Image for Ahmad.
102 reviews2 followers
March 24, 2021
لم أتوقع أن يكون الكتاب بهذا الجمال والعمق !
162 reviews49 followers
September 5, 2021
مقالات جيدة في نقد الرأسمالية والليبرالية
Profile Image for محمد جمال.
27 reviews6 followers
September 28, 2021
كلام قليل ولكنه غزير المعنى قرأته مرتين ولا أستطيع أن أقول إنني فهمته كله سيقرأ مرة ثالثة بإذن الله
Profile Image for Dalila chelghoum.
87 reviews7 followers
June 15, 2021
الكتاب يتحدث عن الإنسان الذي يجد نفسه في مواجهة ما يقيده ، ما يحاول السيطرة عليه ، في مواجهة فهم النظام الذي فرض عليه و اقحم في آلاته التي لا ترحم ، البحث عن معرفة الذات و الآخر و الكون مواجهة ستظل ممتدة طيلة حياة الإنسان ، باحثا عن الأجوبة و عن خلاصه و نجاته
و لطالما كان للكاتب أفكارا يزواج فيها بين علم النفس التحليلي و علم الإجتماع و اٌلإقتصاد و يضعها في قالب ديني مستعينا بآيات قرآنية يخاطب فيها الله روح الإنسان الذي يجتمع العالم كله على تفكيك الرابط بينه و بين و روحه و وجدانه ، فيأتي الخطاب الإلهي ليلم شتاته و يجمع بعثرته و يربط على قلبه ليزيد من ثباته و صموده و يحرره من قيود المال ، و المجتمع و الغرائز و يجعل منه صاحب عقيدة و معنى
يقول الكاتب : فكرة أن تعيش و أن تكون مستهلكا مستهلا سلسلة من المقالات القصيرة التي تمنحك خيارا بين أن تجد لنفسك وجودا منفردا أو أن تكون صورة مستنسخة لملايين من البشر تعمد الرأسمالية إلى إنتاجهم وفقا لنماذج أخلاقية و سلوكية محكمة الصنع و في بعض من المقالات يفتح أمامك الكثير من السبل لتبدأ مسيرة البحث عن وجودك الخاص الذي خلقك الله لأجله ، بدلا من أن تنظم إلى خط الإنتاج و تخضع لمقاييس التسليع الموحدة و التي تروج لها التشريعات و الأنظمة السياسية والإقتصادية ووسائل الإعلام
يبدو تأثر الكاتب بالفكر الإشتراكي واضحا من خلال هذه المقالات القصيرة و خاصة بفكر كارل ماكس فيما يخص الصراع الإنساني ، التطور التاريخي للحضارة الإنسانية و المنفعة الإقتصادية، كما انه يبدو متشبعا بأفكار جان جاك روسو و نظرية العقد الإجتماعي ففي أكثر من موضع إستخدم فكرة العقل الجمعي
الكاتب جميل الرويلي أيها السادة يقول لكم بإختصار : إصنعوا قصتكم بأنفسكم ، و أمسكوا بزمام حياتكم و تحروروا من العالم و لا تنصهروا فيه ، تمسكوا بحياة فيها الله وحده ربكم
Profile Image for وفاء علي.
50 reviews2 followers
July 3, 2021
كتاب قاتم بعض الشيئ ولكنها القتامة التي يجب ألا نغفل حقيقة وجودها رغم بهارج المدنية وزخرفها، ولا يخلو الكتاب من بقع الضوء التي تقبع دائمًا في نهايات الأنابيب..

وذكر كثيرًا بمعاني الإنسان الحقيقية المستمدة من صلته بخالقه لا من حراكه الدنيوي المحض الزائد عن حاجته والمنصرف عن سبب وجوده، وتكلم بمعانٍ تشعرك بأنه يصف خلقًا آخر قد باد وبعد ذكره..

أحب في هذا الكتاب أنه من النوع الذي يعرض لك زاوية خاصة ترى منها العالم بعيدًا عن كونك جزءًا من صورته، فلك أن تتصور أن الأرض كرة بين يديك ويمكنك أن تكبر معالمها فترى ما تفعل النظم الحديثة بحياة الإنسان حين تنبتُّ عن المرجعية العظمى التي كرَّمت ��ذا الكيان حتى جعلت حرمة نفس واحدة كحرمة كل الأنفس، فبسطت له من الدلائل الحية والساكنة والمحسوسة و المستشفَّة ما يُعمل فيها حواسه ويشعل بها فكره، وكفته هم رزقه وعيلته فلم تحوجه إلى غير بارئه..

الكتاب ذو وقفات ونظرات قيمة وأنصح بقرائته.
Profile Image for Asma Reads.
81 reviews24 followers
September 13, 2020
كتاب يحتوي مقالات طويلة للمؤلف جميل الرويلي، تختلف مواضيعها مابين الرأسمالية والإنسان والعولمة، وقد ذكر شخصيات مؤثرة في العالم مثل كارل ماركس وافكاره وتنبؤاته للمستقبل!
كتاب قصير 104صفحة يستحق القراءة، متاح للتنزيل والقراءة في رابط في قناة جميل الرويلي في التلجرام.
*بعض الاقتباسات*
لا شي يستحق أن يرهن الإنسان عمره وخياله لأجله بما ذلك الشعارات المنادية لإعمار الكوكب وصناعة الحضارة، هذه سنوات عمري ولن أعيش فيها لشيء سوى (قصة الانسان) .ا
##
العمولة تكمن خطورتها في أنها حين تتحول لعولمة استهلاكية، ستجعل ضروريات الحياة لأي مجتمع في ايدي مراكز القوى الرأسمالية.ص88
##
نذكر الله حين ينسانا الجميع، ونفكر في الله حين لا يفكر فينا أحد ونسأل الله فقط حين لا نجد الأجوبة. ص42
##
Profile Image for AboRiyadh.
355 reviews12 followers
July 11, 2023
كنت أعرف تقريباً أهم أفكار الكتاب، لتكرارها من الكاتب في مقاطعه الصوتية في وسائل التواصل الإجتماعي، فهو مبغض للرأسمالية وشكل العالم الجديد، داعي للتأمل في معنى الحياة والوجود وادوار البشر فيها، محذر من تحول البشر لأدوات انتاج ونقل الأموال من التجار الى التجار بمبالغ زهيدة وبدون عقل تقريباً.
الكتاب مكتوب بحجم متوسط وفصول مرتبة، ومواضيع مترابطة، دون مراجع وهوامش، عكس مايوحي وصف (كتاب عن الرأسمالية)، واستمتعت بقراءته.
Profile Image for عبد الحكيم .
87 reviews27 followers
January 13, 2021
ممتع مكثف وعميق!!
مقالات في مواضيع منوعة تمس حياة الإنسان المعاصر الذي يعيش الحداثة ومابعدها بأقبح تجلياتها، الإنسان المنهمك باللحظي المنزوع من سياقه، فيها نقد للحضارة الغربية التي أنتجت جشع الرأسمالية وليبرالية تفتيت الإنسان وغير ذلك...

هنا تجد روح بيجوفيتش والمسيري وباومان في ثنايا هذه المقالات الرائعة.
أنصح بهِ وبشدة...
Profile Image for خالد.
29 reviews2 followers
March 30, 2021
كتاب جميل يأخذك لرحلة إلى هموم تجمع القارئ والكاتب معًا فهي هموم الإنسان الرباني التي طغت عليه مظاهر الرأسمالية المتوحشة. جمع جميل الرويلي بين تأجيج العاطفة والإثراء المعرفي فكنت مندمجًا معه في معظم جلستي مع الكتاب. مأخذي الوحيد هو ضعف مطلع الكتاب مقارنةً بمنتصفه ونهايته الرائعة.
جزاه الله خيرًا ووفقه في دنياه وآخرته
Profile Image for Durrah.
375 reviews48 followers
Read
August 28, 2023


هذا الإنسان تعجبني أفكاره، يحلِّل ويفصل ويفنّد ويقيّد بأسلوب علمي وبسيط مفهوم، لا يكلف على القارئ (والسامع) مشقة الفهم لإدراك مآلات ما يشار إليه.
أما الكتاب، فهو زاوية مقالات أخرى لأستاذ جميل، ماتعة.
Profile Image for خالد.
133 reviews6 followers
September 9, 2024
هذا الكتاب لا يُفوّت، بل لا يُقرأ مرة، لا أستطيع شرحه والتعليق عليه لأول قراءة، صغير الحجم غزير المعنى، سهل القراءة صعب الفهم، قوي جدًا ويلامس كل ما يشعر به الإنسان الحديث إنسان المادة والتقنية والنفعية، أنه الضرب على الجرح، ورؤية الظلام في قاع الظلمات، في عالم الجميع فيه يعانون من الويلات والرق والعبودية بشتى الصور والألوان منها الناعم ومنها الخشن، بالقوة والفرض والقهر وحتى الرضا!
Profile Image for تيسير.
17 reviews1 follower
March 24, 2020
كتاب عميق، سيجعلك تفكر بكل ما حولك، أو ببساطة سيخبرك أنك مجرد سمكة تافهة صغيرة في حوض زينة في أحد منازل البرجوازيين!

تم في هذه الليلة من ليالي حظر التجول بسبب كورونا ٢٤ مارس ٢٠٢٠.
Profile Image for Al_Shimaa Mahmoud.
12 reviews1 follower
September 15, 2021
كتاب رائع جدًا أبدع جميل في هذى الصفحات وشخصيا لامسني آخر مقالين
دورة حياة العبد السعيد وآمنا في سربهِ
كتاب مناسب لإنهاء عامي العشرين!😄
Profile Image for Abdullah Mohammed.
7 reviews
November 13, 2021
كتاب جميل ، لا ينقصه في ظني الا الاستفاضة في شرح الافكار لكي يكون الطرح أكثر نعومة
Displaying 1 - 30 of 39 reviews

Can't find what you're looking for?

Get help and learn more about the design.