في هذا الكتاب ينبهنا الدكتور محمد عمارة إلى أننا قد أصبحنا أمام درجة الاستقطاب الغربى التى وصل إليها العرب فى حياتهم الفكرية والثقافية التى تتوقف وقفة مع الذات الوطنية والقومية الإسلامية لكل فرد مع كل التيارات الفكرية المنتسبة لها بهدف تحقيق الاستقلال التام للأفكار والعقول العربية.
محمد عمارة مصطفى عمارة مفكر إسلامي، مؤلف ومحقق وعضو مجمع البحوث اﻹسلامية باﻷزهر حفظ القرآن وجوده وهو في كتاب القرية. بدأت تتفتح وتنمو اهتماماته الوطنية والعربية وهو صغير. وكان أول مقال نشرته له صحيفة (مصر الفتاة) بعنوان (جهاد عن فلسطين). وقد درس الدكتوراه في العلوم الإسلامية تخصص فلسفة إسلامية - كلية دار العلوم - جامعة القاهرة 1975. والماجستير في العلوم الإسلامية تخصص فلسفة إسلامية- كلية دار العلوم - جامعة القاهرة 1970م والليسانس في اللغة العربية والعلوم الإسلامية - كلية دار العلوم - جامعة القاهرة 1965م.
حقق لأبرز أعلام اليقظة الفكرية الإسلامية الحديثة، جمال الدين الأفغاني، ومحمد عبده ،وعبد الرحمن الكواكبي، وألف الكتب والدراسات عن أعلام التجديد الإسلامي مثل: الدكتور عبد الرزاق السنهوري باشا، والشيخ محمد الغزالي، ورشيد رضا، وخير الدين التونسي، وأبو الأعلى المودودي، وسيد قطب، وحسن البنا، ومن أعلام الصحابة علي بن أبي طالب، كما كتب عن تيارات الفكر الإسلامي القديمة والحديثة وعن أعلام التراث من مثل غيلان الدمشقي، والحسن البصري.
ومن أواخر مؤلفاته في الفكر الحديث: الخطاب الديني بين التجديد الإسلامي والتبديل الأمريكاني، والغرب والإسلام أين الخطأ .. وأين الصواب؟ ومقالات الغلو الديني واللاديني، والشريعة الإسلامية والعلمانية الغربية، وكتاب مستقبلنا بين التجديد الإسلامي والحداثة الغربية، أزمة الفكر الإسلامي الحديث، والإبداع الفكري والخصوصية الحضارية، وغيرها كثير. وقد أسهم في العديد من الدوريات الفكرية المتخصصة، وشارك في العديد من الندوات والمؤتمرات العلمية، ونال عضوية عدد من المؤسسات الفكرية والبحثية منها المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، والمعهد العالي للفكر الإسلامي. وقد اتسمت كتابات الدكتور عمارة وأبحاثه التي أثرى بها المكتبة العربية والتي وصلت إلى (200) مؤلفاً بوجهات نظر تجديدية وإحيائية، والإسهام في المشكلات الفكرية، ومحاولة تقديم مشروع حضاري نهضوي للأمة العربية والإسلامية في المرحلة التي تعيش فيها.
حصل على العديد من الجوائز والأوسمة والشهادات التقديرية والدروع، منها جائزة جمعية أصدقاء الكتاب، بلبنان سنة 1972م، وجائزة الدولة التشجيعية بمصر سنة 1976، ووسام التيار الفكري الإسلامي القائد المؤسس سنة 1998م .
الكتاب يطرح أفكار كثيرة حول مشاريع عدد من المثقفين أمثال سلامة موسى وطه حسين والشيخ علي عبدالرزاق وعبدالله خورشيد البري وحسين أحمد أمين، يطرحها الدكتور عمارة بالنقد والتحرير لمفهوم التنوير-الغربي -العلماني (كما يصفه) الذي تبنته وعلاقته بالموروث والمقدس الديني من أوجه عدة مستعرضا نصوصهم الصريحة والداعية للتقليد الغربي .. ثم يستعرض في نهاية الكتاب مشاريع من وجهة نظره كانت أقرب للتجديد الإسلامي من كل أولئك المنبهرين بالغرب وداعين للقطيعة مع التراث، من أولئك المجددين بنهج ونسق إسلامي استعرض مشروع رفاعه الطهطهاوي وجمال الدين الأفغاني ومحمد عبده واستعرض الفروقات الجوهرية ما بين كلا المشاريع ..
مآخذي على الكتاب ترجع دائما للغة عمارة العاطفية والمتشجنة أحيانا وآراءه القاطعة المنتهية بأحكام مع من لا يتفق معه .. وأيضا وهو الأهم هو عدم فهمي الجيد لدعوة الكتاب فهو حينا يدعو للوطنية ويورد نصوص لديانات أخرى في أهمية الحفاظ عليها بالدرجة الأولى ومن ثم يعود لينقد التحزبات والطائفيات الثقافية التي تتوغل حتى وكأنها تكاد تفقدنا الإسلام لشدة هيمنتها .. لم أفهم الأولوية لديه كما يجب .. في الكتاب اقتباسات كثيرة لأهم مقولات كل من ذكرت أسمائهم بالأعلى مع ذكر مراجعها بدقة مما يحيل لعدد من الكتب الجيدة للإطلاع .. حالة الفوضى والمنطقة العائمة ما بين التنوير بتعريفه كمصطلح وما بين تطبيقاته على أرض الواقع فكرا وسلوكا مشترك ما بيننا وبين مصر في تلك الفترات ربما .. هل تجاوزته مصر ؟ وهل سنتجاوزه ؟ هذا مما لا أستطيع أن أقرّر فيه حكما نهائيا .. مع التنبيه لسوء وضعنا الراهن وضعفنا التنظيري والتطبيقي معا في ذلك ..