شاعر وباحث من العراق ولد في مدينة الحرية الثانية في بغداد في ( ٣٠ / ٤ / ١٩٦٦ ) في عام ( ١٩٦٩ ) هاجرت عائلته للسكنى في قرية الزهيرات في محافظة ديالى ، القرية التي تبعد قرابة ( ٩٦ كم ) عن العاصمة بغداد ، بقي فيها إلى عام ( ١٩٩٢ ) حيث عاد مهاجرا إلى بغداد ليسكن في قطاع ( رقم ١٠ ) في مدينة الثورة إلى لحظة خروجه من العراق بجواز سفر تحت اسم مستعار ( جاسم لطيف جواد ). أقام للفترة ما بين ( ٢٠٠١ - ٢٠٠٥ ) في جبل القصور في عمان عاصمة المملكة الأردنية . يقيم في باراماتا في سدني عاصمة ولاية نيو ساوث ويلز منذ عام ٢٠٠٥
(عليك ان تنصب ثكنات عسكرية داخل العقل وظيفتها قمع الافكار البرية التي تنبت بعيداً عن حديقة الافكار العامة المقلّمة الاظافر) من اصدق الاوصاف لحال المختلف ضمن جماعة او اهل او اي كان كلش سعيده انو عندي نسخة ورقية من هذا الكتاب
يكتب جمال علي الحلاق في هذا الكتاب بطريقة إعادة الكتابة من خلال إعادة القراءة، فهو يضع أربع نصوص تُراثية أمام اعادة القراءة والتشكيل، وتأتي إعادة القراءة لا لفهم النص فقط، وإنما لتجريده وتفصيله وتقسيمه ليتم الوصول لمعناه وتخليصه من التشكّلات التي التصقت بالنص أثناء توارثه عبر الأجيال.
يقع الكتاب في عنوانين، ليكون "بوح السرد" عنوانًا رئيسيًا، و"تمارين في الإصغاء" عنوانًا ثانويًا. فالرئيسيّ يُعبّر عن الكلام، واختيار كلمة "بوح" في حدّ ذاتها يوضّح توجّه النصّ، فالبوحُ هو اظهارُ الشيء وكشفه، والكلمة مصدرها "إباحة" وهذا يعني تخليصها من المحظور، والسرد هُنا هو المُقيَّد والمُكبَّل، بمعنى أن النصوص (السردية/ الخبرية) الواردة في الكتاب جيء بها أسيرةً للإيجاز والتكثيف اللذان منعا إعادة تأويلها. والبوح لا تكتملُ وظيفته إلا بوجود الإصغاء والإستماع، فالعنوان الثانوي هُنا يبيّن كيفية الإباحة، عن طريق الإصغاء. يعيد الحلاق قراءة وتأويل أربعة نصوص، وينوّه في بداية كتابه بإنه "كتبها في أربع أزمنة مختلفة ولدوافع مختلفة، لكنها تشتركُ جميعًا في الإشارة لغموض المفاهيم التي تحرّك حياتنا اليومية".
النص الأول أتى بعنوان "درسٌ في القراءة" يستند الحلاق في نصّه هذا على خبر بعث بطارقة الأرمن الى ناصر الدولة بن حمدان رجلين ملتصقين عمرهما خمس وعشرون سنة، ناقش الحلاق فيها الاضداد والتشابه واجتماع كل واحدٍ منهما مع بعض، وقد حاول أن يعرّف عن الطريقة التي سيتعامل بها مع باقي النصوص، فجاءت كلمة "درس" في عنوانه، والدرس هُنا يُعلّم القارئ، ويُعلِمهُ بكيفية القراءة او اعادة القراءة لكشف التساؤلات والحقائق المخفية بين غموض الخبر المُقتضب.
النص الثاني كان "موت حبّابة وانتحار العالم" كعنوان رئيسي، و"الانتباهة التي تلد خروجًا" عنوانًا ثانويًا. حيث تمّت الإستعارة عن الموت بالانتباهة، وتأثير الموت على الأحياء الغافلين جاء بهذا العنوان. في هذا النصّ يستند الحلاق أيضاً على خبرٍ تأريخي عن موت "حبّابة" وقيام يزيد بن عبد الملك بعدم دفنها ومُعاتبته، ودفنهُ لها ثم نبشها من شدّة وجده بها. يضع الحلاق مفتاحًا أول للقراءة وهو كلام كلكامش عن أنكيدو بعد مماته وعدم دفنه له. ويحاول الحلاق إعادة تأويل النص بعيدًا عن الإنحياز الطائفي أو الجاذبية التي تسحقُ القدرةَ على التحليق، ويناقش الحبّ والحاجةَ له، دوافعهُ والجدل بين العاطفةِ والوعي، ومن ثم يتناول موضوع نبش القبر ويقدّم أخيرًا قراءة رمزية للنص.
النص الثالث كان بعنوانٍ رئيسيّ وثانوي أيضاً، فكان الرئيسيّ "التأرجح بين شهوة الحياة وعقمها" وفيه يكشف عن عدم الاستقرار والثبات، وفي عنوانه الثانوي "قراءة في خبر سلّامة القسّ" يكشف عن الطريقة التي يقضي فيها على عدم الاستقرار وهي إعادة قراءة الخبر الذي جاء عن تعلّق العابد عبد الرحمن بن أبي عمار الجُشَمي بسلّامة، وكان عبد الرحمن معروفًا بتعبّده لدرجة شهرته بإسم -القسّ- وسلّامة كانت جاريةً تُغني عند سهيل بن عبد الرحمن بن عوف، وهُنا كان اجتماع الضدّين (القسّ والمُغنية/ العبادة والضلالة/ الصواب والخطأ) وبهذا حملَ النصّ الثالث اجتماع الأضداد من النصّ الأول، وأفعال الحُب من النصّ الثاني. وهنا قدّم الحلاق من خلال التأويل ربطًا بين حدثين يتشابهان في الجوهر مع إلغاء الزمان والمكان، والإلغاء هُنا أتى لكشف الدوافع البشرية للفعل: الشهوة والخصب والإيمان والعقب. وحاول الحلاق ايجاد التناص بين خبر القس وسلّامة وخبر يوسف وزليخة، وكيف كانت المُبادرة للمرأة في الخبرين عند جانب الشهوة، والاختلاف في الأدوار مع بقاء الجوهر نفسه.
النص الرابع جاء مُختلفًا عمّا قبله كما أشار الحلاق في بداية الكتاب، لكنه كان مُترابطًا في موضوع اعادة القراءة، فجاء النص بعنوان "فسحة الحزن داخل المعمار الهندسي للذّة" دون وجود عنوان ثانوي. وفيه حاول الحلاق اعادة ايجاد الدلالات او الوصول لتجريدها من كل القوالب المُجتمعية والدينية والسياسية للوصول لمعناها الخالص وقراءتها بطريقة مُغايرة، وفيه قدّم محاولة لإيجاد دلالة الشهوة ككلمة ومفهوم والعبور للذّة وربطها بالذات ووجودها.
لم يحمل الكتاب خاتمة، واعتقد ان النصّ الرابع قد أخذ مكان الخاتمة بما يحمل، وكانت رسالة الكاتب فيه هي الغاية من النصوص كلها. وغياب الخاتمة هو أيضاً فسح المساحة لإعادة القراءة والتأويل، وهذا ما كتب من أجله علي الحلاق، فهو يعطينا تمارينًا للإصغاء ويحاول إشراك القارئ فيها.
إننا مسيجون بقراءات قديمة فَرَضَتْ على اللغة دلالاتها.
نحن لا نقيم داخل اللغة، بل نقيم داخل قراءات قديمة فارضة، يُعاد إنتاجها وتكرارها بشكل يومي. بل، وهذا ما يجعل الأمر أكثر ضيقاً، أن ترى أفراداً ومجتمعات في هذه اللحظة - وأنا أتحدث عن العرب تحديداً - يتفننون في زيادة تضييق الدلالات الضيقة أصلاً، وهو تناقض سافر جداً خصوصاً مع أولئك الذين يقدسون القرون الأولى للإسلام مثلاً ، ثم تراهم يتصببون عرقاً حياء من اللغة التي كان يستخدمها الصحابة الأوائل.