هو رجل عاديّ، يعيش حياة عاديّة، في بناية لم تعد عاديّة مُذ احتلّها العسكر وحوّلوها موقعًا أمنيًّا، كما حوّلوا حياته مشاهدَ متتابعةً من مسرحيّة تنتمي إلى الكوميديا السوداء. في مواجهة التدمير المنهجيّ الذي أثاره وجود هؤلاء في حياته، يستدعي البطل مخزونه من حكايات الجدّات، ينسج تفاصيلها مع الواقع القاسي لعلّها تلطّفه حين يتداخل العالمان. حياة متشظيّة مسكونة بالعسكر والقذائف والهواجس الأمنيّة والحروب، وبالموروث الشعبيّ المنقسم على نفسه عشائريًّا وطائفيًّا. كالعادة، يحملنا عرفة بأسلوبه الشائق إلى عوالمه السحريّة المتفلّتة. بقدرة مذهلة في بساطتها، يخلق الغرائبيّ في الصورة والحدث، يمزج التراجيديّ بالهزليّ، ويلوّن الواقع القمعيّ بعنفه ودمويّته بمسحة ساخرة وخارقة تتحدّى عبثيّته.
كاتب وباحث سوريّ (مواليد العام 1955) مقيم في ألمانيا. حائز إجازة في الآداب، قسم اللغة الفرنسيّة من جامعة دمشق، ودكتوراه في العلوم الإنسانيّة، قسم المكتبات، من جامعة ماري كوري (لوبلين، بولندا). بالإضافة إلى روايته «وصايا الغبار» (2011)، صدرت له «الغرانيق» (2017) عن دار نوفل، كما له مجموعة من المؤلَّفات من ضمنها: «سحر الكتاب وفتنة الصورة» و«تراجيديا الثقافة العربيّة».
مازن عرفة في «سرير على الجبهة» اللحظات الحرجة بسردية ساخرة ضحى عبدالرؤوف المل
يمزج الروائي «مازن عرفة» في روايته بين الصور التعبيرية الساخرة والحركة الهزلية، لنفي اللامبالاة والتقاط فروقات الأزمنة في سوريا، وتطوير لحظات الإنكسار بخلق المزيد من التوترات والتعقيدات ضمن التاريخ الالماسي المغمّس بالاحتلالات والأوجاع، وحتى أسلوب العيش المكتسب من الفترة العثمانية أو الفترة الفرنسية «وكنا نسيناها منذ زمن، وفق ما أظن منذ الاحتلال الفرنسي بلادنا أو ربما الاجتياح العثماني» وبتآزر مع القضايا التي تسحق الحياة اليومية في بناية صغيرة يختفي منها الأطفال وضحكاتهم وضمن القضايا التي تتطلب المزيد من تسليط الضوء الهزلي عليها، وبسخرية تحث الخيال على الاثارة غير المجدية في التوقف أو الحسم بين السخرية والهزلية، وبتوازن يخدم العنوان الذي وضعه على الجبهة مباشراً، وهو سرير روائي ذو أحلام تثير اليقظة عند القارئ في غلو سردي يساعد على التركيز المثير للتفاهة في عدة أمكنة أخرى، وبجدلية تساعد على اكتشاف تاريخ سوريا «منذ أيام الجوع في «سفر برلك» عندما كان العسكر الإنكشاريون يجتاحون القرى ذات البيوت الطينية، وابتسامات العجائز، من دون أن ينسوا سكب المازوت والكاز في خوابي البرغل والكشك، بعد أن تتناول خيولهم التين المجفف، المعلق بخيوط على الجدران وبتوليف يبرز من خلاله طابع الأحداث في سوريا الذي يتخذ منه ببساطة رؤية سريالية تتخطى الفنتازيا، إذ ما من مصطلح محدد يمكن منحه لرواية «سرير على الجبهة» لأنها تطمس الحدود بين عدة أشكال أدبية منها التعسفي الفضفاض أو المبالغ فيه سرديا. فهل من هجاء سردي في رواية «سرير على الجبهة» أم أن «مازن عرفة» رسم الهموم والهزائم الوطنية عبر تسلسلات رمزية تهدف الى الاثراء الكوميدي الساخر لسرير على جبهة؟
يضع الروائي «مازن عرفة» القارئ أمام شخصية هزلية تروي كوميديا ما حدث في حرب سوريا أو تحاول تصوير المواقف بسخرية تجبر القارئ على التقاط شفراتها المتعددة، لفهم أقوى اللحظات الحرجة التي يتعرّض لها الإنسان في الحروب أو إبراز نقاط الضعف البشري في الحقيقة عبر المتخيّل أو عبر أحلام اليقظة، وبتقاطع سياسي ذي وجوه متعددة ومراحل «ترميمية وترقيعية وتصحيحية» وهي بلا شك أحد المعايير الاستثنائية التي تميّز الجنون الروائي عند مازن عرفة وخاصة المبالغة الهزلية وتضخيم الحدث، وتخدير القارئ بتصوير تعبيري معقد لمجتمع ينهار ويخسر ماضيه وعاداته الاجتماعية وأمكنته متجاوزا بذلك القاعدة السردية، ليتوافق مع ما يتعارض معه كروائي في مكان ثابت ينتمي إليه وينطوي على طابع سلبي ساخر لا تتكافئ معه أحلام اليقظة والانتقادات الساخرة للأحداث العسكرية التي تعرّضت لها البناية أو شقته الخاصة.
1.5 الفكرة جيدة لكن جاء تنفيذها غير موفق. تكرار وثرثرة وابتذال في مقاربة يوميات الحرب. وكأنّ الكاتب أراد أن يسخر لمجرّد السخرية من واقع أرهقه. لكنّ سخريته لم تكن ممنهجة لتكون أساسًا متينًا لهيكل رواية.
إنك – أيّها القارئ – ستفقد حواسك، وأنت تقرأ هذه الملحمة المجنونة؛ للدراما التي تسكن مونولوجاتها، فتفقدك السيطرة على أحداثها، لتخرجك من أجواء القراءة إلى تأمّل أحداث واقعية عشتها ورأيتها، وتمثّلك في هذه الرواية. رهيب هذا الألم القابع في سجونها ومعتقلاتها، رهيب هذا الوصف المطلق، رهيب هذا الأسلوب الشائك الشائق، رهيب هذه الكوميديا الساخرة والسريالية الطاغية، اللتان تصرخ بهما «سرير على الجبهة... تمثّلني».
This entire review has been hidden because of spoilers.
الوجع الذي يصيبنا جعلنا نضحك منه . واللغة التي كتب بها مازن عرفه تاريخه بعد أن احتل العسكر البناية هي لغة يسخر فيها من قدر السوريين الذين يموتون حبا وفرقة وفراقا ولجوء وضياعا . يا لك من بلد ويا لك من شعب ويا لك من مازن