"الحضارة هي شعلة ضوء يتزايد نورها من عصر إلى عصر، ولقد مرت بذلك الشعوب الأكثر تنوعاً تباعاً" -غوستاف لوبون
غوستاف لوبون أحد العقول اللامعة والعلماء المتسعين في العلم، ولئن برز عندنا نحن العرب بكتابه عن الحضارة العربية، وبرز عند الأوروبيين بتأسيسه علم نفس الجماهير-فإن في سيرة الرجل من الثراء العلمي والتنوع المعرفي ما يذهل القارئ، ويخبر عن همة هذا الرجل الخارق، فهو بدايةً طبيبٌ وله كتب ومساهمات طبية مذكورة، كاهتمامه بالنظافة العملية للجنود، وأبحاثه في التشريح، ثم هو أنثروبولجي ممتاز ورحالة دقيق الملاحظة، واجتماعي مولع بتطور الشعوب والجماعات ودرسها وكشف طرائق تفكيرها، وقد نقول بشيء من التجوز أن العلامة لوبون من خلال هذين العلمين(علم النفس الجماعي-الأنثروبولوجيا) دخل إلى دراسة الحضارات وكتب كتابه الفذّ عن العرب والآخر عن الهند، وذكروا له من اهتماماته العلمية أنه كتب في الفيزياء والمادة أبحاثاً سابق بها أينشتاين!
وكان جريئاً شجاعاً منصفاً لا يهاب أن يجهر بمخالفته، لا يبالي أن يخالف الجمهور إذا ارتأى غير آرائه ولو سار وحيداً في طريقه، من ذلك أنه-وهو الأنثروبولوجي الكبير-خرج من الجمعية الأنثروبولوجية الفرنسية لشعوره بتميز أطروحاته في علم النفس الجماعي عما يقال ويتدارس في تلك الجمعية. ولزام أن ننوه بأن إنصاف لوبون للحضارة العربية كان إنصافاً على طريقة الدارس العلماني في العصر الحديث، لهذا لم يتورع-وهذا حاله-عن لمز الوحي القرآني والنبي صلى الله عليه وسلم وغير ذلك مما لا يقول به المسلمون، ومرده إلى نظرته العلمية البحتة.
الكتيّب جميل ولا يعيبه إلا كثرة تكرار الاقتباسات، وربما كان في قليل من الترتيب والتنسيق ما يغني عن ذلك التكرار. وهو ضمن سلسلة من الكتيّبات تتناول مئة شخصية (ستين عربية وأربعين فرنسية) من الشخصيات التي أثرت إحدى الثقافتين العربية أو الفرانكفونية، وساهمت ببناء جسور التواصل الثقافي بينهما. وتصدر هذه السلسلة عن مؤسسة جائزة الملك فيصل بالرياض ومعهد العالم العربي بباريس.
كتاب جميل، يعرف لك ايها القارئ من هو غوستاف لوبون، وماهي اعماله، يذكر اعماله من كتب وابحاث واكتشافات. انصح بمن يريد ان يعرف غوستاف لوبون ولو بشكل بسيط ان يقرأه.