فستق عبيد

by سميحة خريس

تعود الكاتبة الأردنية سميحة خريس في روايتها الجديدة "فستق عبيد" إلى السودان في حفرية روائية في التاريخ، غير أن فضاءها يترامى هذه المرة من السودان إلى الجزائر وإسبانيا بخاصة، ولتكون العبودية والزنوجة عنوانًا لهذا الفضاء، منذ نهاية القرن التاسع عشر حتى نهاية الحرب العالمية الثانية


بعد روايتها "بابنوس" تعود الكاتبة الأردنية سميحة خريس إلى السودان في حفرية روائية في التاريخ، وذلك في روايتها الجديدة "فستق عبيد". غير أن فضاء الحفرية يترامى هذه المرة من السودان إلى الجزائر وإسبانيا بخاصة، ولتكون العبودية والزنوجة عنوانًا لهذا الفضاء، منذ نهاية القرن التاسع عشر حتى نهاية الحرب العالمية الثانية. أما اللعبة الروائية الكبرى فهي لعبة الأصوات، حيث تقدم كل شخصية سرديتها (بضمير الأنا)، ولا يكون للساردة بضمير الغائب إلا نصيب يسير.



حكايات الجد

يفتتح الجد "كامونقة" الرواية وهو الـ "زول حكاي" الذي يتلقف رجال القبيلة ونساؤها وأطفالها حكاياته حول جمر الحفرة. وللجد فلسفته التي تلتبس فيها الحياة بالحكاية. فالحياة التي نعرفها بحسبانه هي ثوان في الظل، وليست كل شيء، لأن كلًا منا مسكون بكائنات خفية ترتب حياته الوهمية، وليس هذا سوى سانحة مبكرة للأسطوري في عالم رواية "فستق عبيد".

تبدأ حكاية كامونقة باختطافه وسوقه إلى زريبة العبيد حيث يبيعه النخاس للتيجاني تاجر السمسم الكردفاني الذي لا أغلال لديه للعبد ولا سوط. وقد غدا العبد كامونقة خادم سيده وحارسه وأمين أسراره. ويقتحم الملخص السردي الحكاية، كما سيلي مرارًا في الرواية، لتقدم الوقائع التاريخية، ومنها ثورة المهدي الذي خرج من عباءة الصوفية إلى قتال "الكفار" الإنجليز، وقطع رأس مبعوث بريطانيا العظمى غوردون وكتب للملكة: "أسلمي تسلمي"، ووعدها، إن حَسُنَ إسلامها: "ربما زوجناك من أحد أمرائنا". وكان المهدي قد منع بيع العبيد في أم درمان، وضم الرجال منهم إلى جيشه أحرارًا.

يعبر التيجاني وعبده في سوق الإماء، حيث ينادي النخاس على بضاعته: هذه زَرْقة "شديدة السواد" وهذه مفصّدة "مكوية" وهذه صفرا مولّدة "دمها أبيض أسود" وهذه دينكاوية وهذه في سنونها فلجة.. وتقدح شرارة كامونقة إذ يرى العبدة التي سيسميها اللمون، وستكون الجدة كما هو الجد، إذ يلبي التيجاني رغبة عبده بشرائها وتزويجها له. وحين يزور التيجاني خليفة المهدي يركب على كامونقة عفريتٌ اسمه "الجهاد" مضمرًا طلب الحرية، فيترك وامرأته التيجاني، وينخرط في جيش الخليفة الذي يخوض الحرب ضد المصريين والإنجليز، وهنا ينتأ الملخص السردي / التاريخي، مثله في هزيمة حاكم دارفور على دينار أمام المصريين والإنجليز أيضًا.

يفر كامونقة وزوجته من الحرب إلى قبيلته الموسومة بالمجانين. ثم يرحل الجد وأسرته إلى "نيالا" حيث يزرعون سهل الرمل الأصفر بالفول السوداني أي ما يعرف بفستق العبيد، لأنه يمكن أن يوقع المرء في العبودية. فقد كان الواحد من قطاع الطرق و"الجلّابة" يكمن خلف شجرة، ويمد كفه لطفل جائع هامسًا (مجاوه مجاوه) أي: حبات الفول السوداني، وبذا يخطفون الأطفال ويبيعونهم. لكن كامونقة صار يزرع الفستق ليشبع الأطفال، ولا يمضون إلى العبودية بأقدامهم.

حكايات رحمة

بعد جدّها، تتولى رحمة السرد، وهي التي كانت حكاياته تضجرها، بخلاف السامعين. وكجدها، تبدأ حكايتها باختطاف النهاضين لها، وسوقها مع الفتية الطرائد بسلاسل الأقدام والدوائر الخشبية الثقيلة التي تغلّ الأعناق. ويبيع النخاس الجزائري اليهودي رحمة إلى التاجر البرتغالي ساراماغو الذي يناديها رفمة، فيكون لها اسم ثان، كما كان لجدها اسم أول هو سيد قبل أن يُسمى كامونقة، ثم صار له اسم معتوق كما ستتعدد أسماؤها.

كان اليهود الجزائريون من أصل فرنسي، كما تخبر الساردة، سادة تجارة العبيد على البحر المتوسط. وكان النخاسون يهرّبون العبيد تفاديًا للدوريات التي تبحث عنهم، وبخاصة بعد اتفاقية جنيف لإلغاء الرق. لكن العبيد ظلوا يتدفقون على أوروبا وأميركا الموقعتين على الاتفاقية. وهكذا يمضي ساراماغو بالعبدة الزنجية الشابة التي تشبه المهرة، على ظهر السفينة كابرال إلى مرفأ الجزائر، حيث ينزلان عند صديق مسلم، ويدعي ساراماغو أنهما زوجان. وإذ يضاجع رفمة المسلمة تراه ودودًا ودافئًا، وتحب أن يكونا رجلًا وامرأة، ولم تعد تتذكر عبوديتها. وعندما صعدت ثانية إلى السفينة، أشاحت عن سلسلة العبيد الذين باتوا في نظرها أشياء لها لون قاتم. وتتألق الرواية في هذا التصوير لدخيلة رحمة، كذلك عندما تعود أمةً وساراماغو سيدًا على السفينة المبحرة في بداية الحرب العالمية الثانية إلى جبل طارق. ولئن كان البحر قد عقد هدنة غريبة بينها وبين البيض على السفينة، فباتت بوعي منها وتخطيط فردًا في جماعة، فقد أنجزت القطيعة مع ساراماغو الذي أصابته بالذعر جرأة نظراتها الاحتقارية له. وفي تلك اللحظة قررت رحمة أن تصير بيضاء، وجمدت مشاعرها، وكبرت زمانًا لا يعد ولا يحصى وهي ترى سيدها مرتبكًا ومتصاغرًا في طريقه إلى قريته.

منذ هذا الموضع في الرواية، تبدأ الشخصيات بالتكاثر، حتى لتشبه نثارًا. وسيحكي كل منها حكايته، فتتشظى الرواية حكايات، منها ما يواصل الحفر في تاريخ العبودية، ومنها ما يواصل حكاية رحمة، فحكاية ابنتها. وبداية ذلك تكون مع وصول ساراماغو وعبدته إلى قريته ومزرعته "ديدو": الشهيرة بعنبها ونبيذها، وحيث يطأطئ أمام استبداد زوجته كارولينا ابنة الكونت.

من قصة الكونت إلى قصة عشق ساراماغو وكارولينا فزواجهما فإقامة المزرعة، إلى قصة سانشو المحامي الشاب، شقيق كارولينا الذي يتفاخر بشاعر البرتغال العظيم بيسوا ويردد من أشعاره، حرفيًا وبتصرف، ما سيكون متناصات غزيرة في الرواية، تنضاف إلى المتناصات الصوفية فيما ينشد أتباع المهدي في حضرة الخليفة من "راتب – أنشودة" المهدي.

كما يتحدث سانشو عن الشخصيات التي اخترعها بيسوا، ويعدها مرايا لنفسه هو. يتوالى التشكل الجديد لرحمة، فتتعلم البرتغالية، وتتساءل عمن تكون بينما تتعدد أسماؤها. فبعد رحمة التي لفظها ساراماغو رفمة، تصير فاتيما الت...

Genres: Literature

279 pages, Unknown Binding

About the author

درست المرحلة الابتدائية في قطر، ثم انتقلت إلى السودان وهناك أتمّت دراستها الثانوية. تخرجت في جامعة القاهرة ومنها حصلت على درجة الليسانس في الآداب 1978.
عملت في مجال الصحافة والإعلام منذ العام 1978 حتى العام 2012. إذ عملت في صحيفة "الاتحاد" الظبيانيّة، ثم انتقلت إلى صحيفة "الدستور" الأردنية، ثم استقر بها المقام في صحيفة "الرأي"، فعملت في القسم الثقافي، ثم مديرة للدائرة الثقافية، ثم رئيسة تحرير مجلة "حاتم" الموجهة للأطفال.
نالت: جائزة الدّولة التشجيعيّة في الآداب عن روايتها "شجرة الفهود/ تقاسيم الحياة" في العام 1997؛  الجائزة الذهبية في مهرجان القاهرة للدراما عن السيناريو المعد عن رواية "شجرة الفهود"، 2002؛  جائزة أبو القاسم الشابي من تونس عن رواية "دفاتر الطوفان"، 2005؛ جائزة منتدى الفكر العربي عن الإبداع الأدبي لمجمل الإنتاج، 2008؛  الجائزة الفضية لمهرجان القاهرة للدراما للمسلسل الإذاعي "الليل والبيداء" المعد عن رواية "القرمية"، 2009.
اختيرت قصة قصيرة لها بعنوان "سميرة" في منهج المدارس السويسرية الثانوية.
عضو في رابطة الكتاب الأردنيين، ورابطة كتاب وأدباء الإمارات، ونقابة الصحفيين الأردنيين.
كتبت سيناريو النص والسيناريو الإذاعي، والقصص، والرواية، كما ترجمت مختارات قصصية أردنية إلى الإنجليزية.
حُوِّلت رواياتها "شجرة الفهود" و"خشخاش" و"دفاتر الطوفان" و"القرمية" إلى أعمال درامية قُدِّمت من خلال الإذاعة الأردنية، بعد أن كتبت هي السيناريو لهذه الأعمال.
كتبت السيناريو المسرحي لروايتها "خشخاش".
كتبت السيناريو التلفزيوني لكل من روايتيها "دفاتر الطوفان" و"شجرة الفهود".
شغلت عضوية مجلس إدارة وكالة الأنباء الأردنية (بترا)، ومجلس إدارة مؤسسة الإذاعة والتلفزيون، واللجنة العليا لإربد مدينة الثقافة الأردنية 2007، واللجنة الاستشارية لمجلة "عمان"، وهيئة تحرير لمجلة "أفكار" الصادرة عن وزارة الثقافة، وهيئة تحرير مجلة "الشباب" الصادرة عن المجلس الأعلى للرياضة والشباب، واللجنة العليا لمشروع مكتبة الأسرة (وزارة الثقافة)، ونادي القلم العالمي.

Reviews

[BookHunter M ُH َM َD · Rating 3 out of 5]

العبد كامونقة و قصة أسره و حبه لزوجته اللمون كان صوته آسرا في الربع الأول من الرواية و الذي كان يبشر بأنها رواية واعدة شيقة و مختلفة. ثم تعددت الأصوات و الاسترسالات و الاستدراكات بعد ذلك فتهنا في غابة من الرواة و الأسماء و الا أحداث. رحمة. ساراماغو. آوا. لوشيا. كارولينا. نيتا. فريدي. سانشو. كل واحد أو واحدة من هؤلاء حكى لنا طرفا من حكاية يتقاسمها السادة و العبيد و في المنتصف منهم الطامعون إلى أن يكونوا سادة أو الهاربين من ربقة العبودية.

رواية ثقيلة و جيدة لولا الملل الذي فرض نفسه على أجزاء كثيرة منها و تعدد الحكايات التي لا يوجد بينها تسلسل واضح أو رابط قوي

❞ احتبست صرختي في صدري. وكتمت ضحكة ساخرة. تفتت عالم الكونت كارمو وعائلته المجيدة أمامي تماماً. يمكن لهذا السانشو حتى في خطاياه أن يرفع معنوياتي عالياً. ها أنا ذا أحفظ سره كما حفظ سري. فلتتمرغ الأرستقراطية الماجدة أرضاً. لتتتلطخ البرجوازية بالوحل أو تتكرسح على كرسي هزاز. العالم الخاوي يتهاوى. إلى الجحيم. ❝

⭐️⭐️⭐️

❞ يتحدثون بأسلوب غريب. يسمونه الفخر. وأنا لا أدري ما هو الفخر على وجه التحديد. فلدى العائلة البيضاء في فاتيما ما يسمى بالزهو. ولدى عائلة فريدي ما يظنونه الكبرياء. كبرياء جريحة ❝

[Tahani Shihab · Rating 5 out of 5]

على مدى أربعة أجيال من العبودية، تنقلنا الكاتبة في سرد ممتع ومشوق وحزين عبر السودان، الجزائر، ليبيا وصولاً حتى البرتغال،

بقدر ما كانت الرواية مؤلمة بقدر ما كانت جميلة وممتعة.




اقتباسات



“كل واحد منا مسكون بكائنات خفية تديره. وترتب له حياته الوهمية، تمامًا كما يحدث لعابر. تحت ضوء الشمس؛ مرّ خلسة ولثوان استراح فيها تحت ظل شجرة، جلس فوق ظله، فظن هذه هي الدنيا، ثم عاد. ماشيًا مكشوفًا للضياء الباهية الساطعة، الحياة التي نعرفها مجرد ثوان في الظل، ليست كل شيء”.

“أردت تحصين أولادي من غواية الفول، الذي يسمونه في أماكن كثيرة فستق عبيد، إنه الفستق الذي يمكن أن يوقعك في العبودية”.

“لم أعرف حينها أن قلبي الجسور سيتعرض لنكسات وهزائم كثيرة، سينتفض، يتحمل، ينكسر، يعيش ثم تقضمه الحياة على مهل”.

“إذا كنت لا تستطيع أن تحبني حبًا حيقيقيًا، تظاهر بالحب، لكن أحسن التظاهر كي لا أكتشفه”. ـ بيسوا.

“لقد علمني جسدي أن الروح تشاركه حريته إذا ما باح برغباته وانفجاراته، فإذا غابت. فإن كل ما يقع على الجسد ما هو إلا تنكيل لئيم”.

“أظن أني العاقلة الوحيدة في هذه الأرجاء، وكل من حولي جمع من المجانين الذين سقطت عاصفة على رؤوسهم ذات يوم فتركتهم ذاهليين مساطيل”.

“للكبار حالات لا يمكن فهمها، لا يتشابهون، كأنهم مخلوقات سقطت من السماء، كل واحد منهم جاء من نجمة مغايرة، فلا الحنان ذات الحنان، ولا القسوة ذاتها، لا يتشابهون كما الأشجار والأسماك والطيور”.

[Mohamed Shawara · Rating 5 out of 5]

لن أتحدث عن اللغة السلسة والأسلوب المميز ولن أتحدث عن تمكن الكاتبة المذهل من القفز بين الشخصيات وكيف استطاعت الربط بين روايات الأبطال المختلفة لبناء الأحداث! ولكنني فقط سأقول إنها رواية رائعة بكل ما تحمله الكلمة من معاني!

وبرغم ما كانت مؤلمة في تفاصيلها وبقدر ما أثرت في وأغرقتني في التأمل والتفكير بقدر ما تمتعت وتآنست بقراءتها!

رواية تمتد عبر أربعة أجيال زماناً - ومن دارفور/السودان جنوباً إلى البرتغال شمالاً مروراً بليبيا والجزائر مكاناً!

سعدت وحزنت وبكيت وتألمت مع أبطالها - وتعرفت على أحداث جرت في غفلة من التاريخ الذي درسناه - والذي أخفيناه بحنكة عن أنفسنا حتى لا تؤنبنا ضمائرنا على ما اقترفناه في حق أنفسنا وحق غيرنا!

[Labeba Salameh · Rating 3 out of 5]

فسنق عبيد الرواية الفائزة بجائزة كتارا
لا علم لي بمن كتب ملخص الرواية على الجودريدز
انصحك بعدم قراته لانه أحرق الأحداث كلها واسترسل في سرد تفاصيلها
تاخذنا سميحة خريس بلغتة محكمة في رحلة مؤلمة لأخر زمن العبودية
كنا قرأنا قصص عن الاستعباد من قبل لكن هذه القصة تحكي قصة استعباد لأناس من دارفور عبر اجيال مختلفة أسياد متنوعين من عرب و أسبان واظن انها المرة الأولى التي أقرأ فيها رواية عن العبودية في أوروبا
وإن كان الموضوع هو العبودية فإن الجد كامونقه قد يستشف منها الحكم لكن رحلة الحفيدة رحمة في نير العبودية لن تكون بتلك السلاسة
في الرواية يحتل الراوي صيغة الانا يسرد لنا الجد تاريخه في حكايا مروية أمام نار القبيلة و تنتقل دفة الروي إلى رحمة لتتآزر معها من تقابلها من شخصيات وتساندها في السرد
+18
والثلاث نجوم لأنها بمجملها ليست على ذائقتي كنت افضل ان ابقى برفقة كمونقه"معتوق" والجدة المون
حبابكم عشرة

[Khawla Hattab · Rating 4 out of 5]

موضوع الرواية جديد ومختلف، تنتقل بك الكاتبة في رحلة من دارفور إلى الجزائر ثم البرتغال، وتعود بك إلى دارفور مروراً بإحدى الجزر الإفريقية، في حديث يتبادله أبطال القصة الواحد منهم تلو الآخر، يتحدثون بصوت الصمت عن أشياء كثيرة ويبحون بتناقضاتهم وكم هائل من الصراعات التي تدور في دواهلهم، تتحدث عن حالة كتمان الشعور واللامبالاة التي يتقمصها المرء في سبيل البقاء على قيد الحياة، لتدرك ورغم فداحة معاناة العبيد أنهم ليسوا فقط هم العبيد إنما ثمة من تستعبدهم أمراضهم وألوانهم وأجناسهم ايضاً، رحلة فيها الكثير من المرار والأسى والمعاناة، لكنها رواية جديرة بالقراءة. تتمكن فيها الكاتبة من الموضوع ومن ثقافة البلدان التي تنقلت بها، ومن اللغة الدارجة هناك وتتعدى ذلك لعرضها لبعض الأغاني والأشعار، في عمل وكما قلت يستحق أن يقرأ.

[علا]

طوال الوقت وأنا أقرأ الرواية كنت مذهولة بالتفاصيل، سواء تفاصيل المكان والأشياء والرحلة أو حديث الشخصيات مع نفسها ومشاعرها وأفكارها. كيف يمكن لسميحة خريس أن تصور رحلة العبودية بهذا العمق وهي التي لم تعشها يومًا، وكيف استطاعت أن تنسج شخصيات حقيقية إلى هذه الدرجة في أزمنة وأماكن لم تطأها قدمها. رواية ساحرة في ألمها والقهر الذي تصوره تجعلك تدرك قيمة الأدب ولماذا تُكتب الروايات. من رحلة رحمة القسرية نحو العبودية حتى رحلتها عائدة إلى الحرية من خلال ابنتها التي تكمل مشواؤها في بابنوس

[رامي رأفت · Rating 5 out of 5]

رواية مكتملة.
نص ماتع، رواة حكائين، شخصيات مرسومة بعناية، بيئة جغرافية وسياسية اجتهدت الكاتبة في الإحاطة بها.

[بدرية البدري · Rating 5 out of 5]

(لا يُفيد الاختباء من القدر، فهو نسر مفترس يراقبنا بصبر كيفما أراد، ويحط مختطفاً مصائرنا وقتما أراد)
هذه الجملة التي وردت على لسان (أغواش)، هو مختصر رواية (فستق عبيد)، والذي لم يتسنَ لعائلة (كامونقة) الإيمان به، كما آمنت به عائلة (أغواش)
فالجد (كامونقة) لم يكن يعلم وهو يستمتع بصهيل ضحكات حفيديه (رحمة) أو (رفمة) أو (رهمة) كما تغير اسمها بتغير الأشخاص الذين ينادونها به، أن ماضيه الذي ظنَّ أنه تخلص منه، سيلحق حفيدته الأثيرة لديه.
وأن حقول الفول السوداني، أو (فستق العبيد) كما كانوا يسمونه لن تنجح في حمايتها، كما خطط عندما قرر زراعة الفول السوداني، لأن خاطفي الأطفال يغرونهم بقبضة فول سوداني في كفوفهم ليختطفوهم، ويبيعونهم بعد ذلك، لذلك أُطلق على الفول السوداني اسم (فستق عبيد).
و(رحمة) ذاتها لم تكن تعلم وهي تُرسل ابنتها مع (ديقو) الرجل الغريب، لمجرد أنه أخبرها أنه من قريتها التي اختُطِفت منها، أنها تُرسلها لمصيرها ذاته الذي أرادت حمايتها منه.
وذلك نفسه ما يُفجَعُ به القارئ في نهاية الرواية، راكضاً خلف الكائنات الخفية التي تحدّث عنها (كامونقة) وساندته ليتمكن من العودة إلى قريته بعد سنين من العبودية، كما ساندت (رحمة) لتبقى قوية، وتواجه الذل والعذاب من أجل ابنتها (اللمون) كما أرادت تسميتها نسبة إلى جدتها زوجها جدها (كامونقة) أو (لوشيا) كما منحتها الراهبة (لوشيا) اسمها أثناء تعميدها بعد أن رفضوا تعميدها لأنها بدون أب، أو (تركية) كما أسمتها عائلة (أغواش) بعد أن رأوا في اسم تركية ما يتناسب وشكلها، ودينها، وأن اسم لوشيا لا يليق بها، أو (كريولو) كما أُطلق عليها لحظة ولادتها لأن شكلها يوحي بأنها نبتت من أم سوداء وأبٍ أبيض، فاستحقت هذا اللقب.
رواية (فستق عبيد) رواية صيغت بتسلسل مستمر، لتقرأ الحكاية من بدايتها إلى نهايتها، وربما هذا ما يجعل القارئ يستمر في القراءة دون توقف، لأن كل حدث يأخذه إلى الحدث الذي يليه، هو لا يحتاج إلى الركض بين الفصول ليفهم سير الأحداث، يكفيه أن يواصل القراءة ليفهم ويتألم، ويشعر بحقارة أولئك الناس الذين يقايضون ثلاث نسوة بقبضة شاي.
تُختطف (رحمة) من قريتها في دارفور، وتؤخذ في رحلة طويلة إلى ليبيا والجزائر، وتنتهي بها في البرتغال.
لم تكن وحدها، فهناك الكثير من العبيد الذي زُج بهم في قبو السفينة، وتم التخلص من كل من يمرض برميه ميتاً أو حياً في عرض البحر، ليواجه الغرق أو الأسماك التي تمزق جسده المنهك والنتن أمام نظر الجميع.
ولكنها وحدها كانت على ظهر السفينة، كأي سيدة حرة، وذلك ما جعلها تثق بسيدها أو مالكها الذي اشتراها لتخدم زوجته، وما لبث أن رأى فيها الأنثى التي يتمنى، ربما ليشعر بكرامته معها، بعد أن سلبته إياها زوجته (الدوقة كارولينا) التي تحدّت أهلها وتزوجته وهو ابن آمر المزرعة الذي يخدمهم، وما لبثت أن شعرت بالندم، وظلت تنظر له بفوقية، ولكن تلك العاطفة لم تُنجها من زريبة الخنازير بعد أن وضعت ابنتها التي أنبأ لونها بأصلها الأبيض، رغم عدم اعتراف (رحمة) أو (سارماغو) بأبوّته للطفلة.
صمدت (رحمة) مستحضرة الكائنات الخفية التي كان يتحدث عنها جدها، وهو يخبرها حكايته مع زريبة العبيد، مؤازره إياه في حربه التي شارك فيها طوعاً بعد انضمامه لثورة المهدي وخليفته (عبدالله بن محمد التعايشي)، متحولاً هناك من عبد إلى جندي، ومن (كامونقة) إلى (معتوق)، متذكراً أن أول اسم أطلقه عليه والده كان (سيد) نسبة إلى عسكري مصري تعرف عليه يوماً ما، ولكن سيد العسكري المصري رحل، تاركاً لسيد الدارفوري اسمه، وللإنجليز الحلبة.
تعددت الأصوات في الرواية، ليحتل أغلب أبطالها صدر صفحاتها، واضعين النقاط على الحروف، مالئين من الأسطر ما فرغ، ومُذيبين من القلوب ما تحجر.
في مقطعٍ ما من الرواية تقول رحمة – متحدثةُ عن جدّيها: (لو كنت أعرف أني سأفارقهما يوما، وأقطع البحر إلى بلادٍ أهلها بيض الجلود، لكنت أحببتهما كما يجب).
هذا بالضبط ما نشعر به جميعنا عند كل فقد، ولكن أحداً منا لا يفعله في الوقت الذي يجب عليه فعله، ونكتفي أن نردد بعد فوات الأوان: لو كنا نعلم!

أخيراً أنوّه إلى أن رواية (فستق عبيد) صدرت عام 2017م عن دار الآن الأردنية.

[Habib Al-Hasni · Rating 5 out of 5]

في روايتها "فستق عبيد" تنسج سميحة خريس الأحداث تاريخيا بين السودان (من عمق دارفور) الى الجزائر والبرتغال ومحاولة العودة في الصفحات الأخيرة إلى العمق السوداني (دارفور).
تعيد سميحة حكاية الرق بسرد روائي متقن، تتجاوب شخصياتها وتنغمس في العبودية والإذلال في زمن قديم (الفترة ما قبل الحرب العالمية الثانية وما بعدها.
ليس الجد كامونقه هو وحده "زول حكّاي" بل كل الشخصيات سوف تستعذب صفة (الحكّاي).

استطاعت الراوية ان تصور معاناة الانسان زمن الرق وعذاباته، ذلك الإنسان الذي يُستعبد من مجتمعه أولًا.
في "فستق عبيد" يستعبد كامونقه من قبل عبدالله التيجاني حتى تنتفض ثورة المهدي الذي سيمنع الرق في أم درمان.
اذا فإن الرق يمتهنها الرجل الأفريقي والرجل الأوربي على حد سواء.
يبيع النخاس الجزائري اليهودي رفمة (أو رحمة) إلى التاجر البرتغالي ساراماغو لتبدأ حياة العبودية الجنسية ثم السخرة ثم الإذلال والتعذيب لتفقد حواسها وتصبح على شفا الموت فتقرر إرسال ابنتها الغير شرعية كريولي او (تركية) إلى مسقط رأسها، حيث تبدأ رحلة جديدة من العبودية

ايتها الساردة المتميزة .. شكرا لك

[Tamara Mousa · Rating 5 out of 5]

Slave’s Peanuts for Samiha Khrais – a Jordanian journalist and writer – فستق عبيد لسميحة خريس narrates the life of the 20-year-old Sudanese Rahmeh during the 1st half of the 19th century. The novel describes Rahmeh’s adulthood in Darfur, her grandfather’s stories esp. about Al-Mahdi Revolution against the British, capture, being sold to a Portuguese merchant, as well as her abuse, slave life in Fatima (Portugal) during the Estado Novo government, and tragic end in Santo Antão. This novel depicted the inhuman savage way the captured Africans were treated during enslavement, were many of them perished during shipment to Europe due to lack of food, torture, and rape. Nonetheless, this dark book portrayed the nature and beauty of Darfur, its peanuts’ fields, and the kindness of the Sudanese, as well as the poor and rich neighborhoods of Lisbon and Fatima.
A complete summary in my blog: www.tamarayousefmousa.com

[Hiba · Rating 2 out of 5]

لعل اكثر ما اثار غيظي وجعلني امقت الرواية من موقف شخصي لا يتضمن اي من عناصر تكوين العمل الادبي ونجاح وتوفق الكاتبة في وضع عمل متميز بتوثيق حقبة تاريخية في مكان ما وزمان ما بكل ما يتضمنه من تفاصيل مشبعة بالحزن، الالم
الا ان الحظ العاثر بقراءة هذه الرواية والتي بين يدي ((الاصدار الثاني من سلسلة الابداع العربي للعام 2016))هي عبارة عن نكبة بحق ..حيث على القاريء ان يتابع لغز التسلسل الرقمي للصفحات والتي ولخطأ لا يغتفر خلط بين الصفحات بحيث عليك بعد ان تنهي قراءة صفحة ما عليك القفز اماما وخلفا لتجد ما يتبعها ..محافظا على ترتيب الافكار وتسلسل الاحداث..وانت وحظك
ان نجحت بالتتبع ولم ترهق روحك سيكون لديك الفرصة مؤكدا بان تجد تقييم لما تتضمنه من محتوى ومدى جودته من عمل يستحق القراءة ام التغاضي عنه ..

[Mervat Ali · Rating 3 out of 5]

رواية عن الحياة من العبودية للحرية المتمثلة في شخصية "معتوق" الجد
والحياة من الحرية للعبودية في شخصية "رحمة".
علاقات معقدة بين العبد وسيده في الشخصيتين .

احب الروايات التي تكشف التاريخ المسكوت عنه و عن نهب افريقيا لثرواتها و سكانها .
العنوان نفسه "فستق عبيد"له رمز للمقاومة حيث الجد زرع الفول السوداني ليشبع أحفاده حيث كان الصيادون يستخدمونه كطعم لصيد الأطفال و يخطون للعبودية من اجل تذوقه..
ذكر المقاومة الفلسطينية اعجبني..
و ذكر المصريين على الجانب الاخر من الحرب وكونهم كانوا مع الانجليز ضد اهل السودان يصحح مفهوم اتحاد مصر والسودان الي غزو و تحرير في الثورة المهدية.

[هالة جانم · Rating 3 out of 5]

في زمن تجارة العبيد كان يتم استخدام الفستق لجذب الأطفال وجعلهم يسيرون خلف حامله وبالتالي يتم إيقاعهم في العبودية ، ونظرًا لأن أصحاب البشرة البيضاء كانوا يستخدمون الفستق للغيقاع بالأطفال ؛ فقد قام بطل الرواية وهو الجد ” كامونجة ” بزراعة الفستق وإعطائه للأطفال حتى لا يأخذونه من أحد كلنا أتينا من مكان مضيء وسنمضي إلى كون رحب أكثر إضاءة حيث تستطيل ظلالنا وتتمدد، أما الحياة القصيرة العابرة المختلفة، تلك التي تهرب منها الظلال، فهي التي تستحق أن تُحكى.

[noha hamdallah · Rating 5 out of 5]

النهاية صادمة وعميقة.
لم أكن أعرف عن العبودية في السودان لولا أن دخلت جواء هذه الرواية...
طريقة الحوار... أسلوب التنقل بين أنواع السرد... التشويق... الكابوس... القصة بأكملها تستحق أن تمثل بفيلم سينيمائي
وحينما تسير بعد إرهاق شديد
لتجد نفسك عند نقطة البداية ... هذا الموقف لا يمكن وصفه...
أبدعت

[Maram · Rating 5 out of 5]

"الحياة التي نعرفها مجرد ثوان في الظل، ليست كل شيء"

تتنقل الكاتبة بسلاسة بين الشخوص والبلدان والأزمان والأحداث. تدفعك للبحث عن المهدي وثورته، غوردن القتيل، الخليفة التعايشي، الرزيقات ودارفور، يهود ليفورن، ملكية البرتغال ونبلائها وديكتاتورها سالازار..والعبيد !!

رحلة السود من قلب افريقيا إلى مجاهل الأبيض و حشيته، ما أبشع الانسان !!

[Yara · Rating 4 out of 5]

رواية حزينة و مؤلمة جدا عن صيد الأفارقة الأحرار و تحويلهم لعبيد يُشتروا و ييُاعوا في الاسواق كأنهم حيوانات او حتى اقل شأن
و رحلة العذاب بالبحر من افريقيا بسفن و ظروف معيشية لا تليق حتى للنفايات للعيش و العمل بظروف لا انسانية في أوروبا خلال الحرب العالمية

[Fadi · Rating 3 out of 5]

شعرت ببعض الملل وانا أقرأ هذا الكتاب لكنه يشعرك ببعض الاثاره في بداياته وانت تقرأ عن ثقافات بعض البلدان مثل السودان والجزائر والبرتغال

[Majd · Rating 5 out of 5]

مرّة أخرى تأخذنا الكاتبة إلى عوالم العبودية. نعيش أقسى المشاهد عبر أربعة أجيال، و العبودية لم تتغير!
رواية قاسية جدا بالمحتوى، لكنها عظيمة و جذابة.

[حسام · Rating 3 out of 5]

تحدثة الكاتبة عن عذابات ومعانات وعبودية وما امرها من عبودية ...تكلمة عن مئساة عرق كتب لها الاستعباد كتب له الشقاء والذل ....وصفت رحلة الشقاء كانها هي من عاشتها لا شخوص روايتها ...رواية رائعة مؤلمة ..

[Yasir Gaffer · Rating 3 out of 5]

الرواية في فصلها الاول ذكرتني بشوق الدرويش لحمور زيادة ربما لان أحداثها أيضا في فترة دولة المهدي وخليفته التعايشي .
الفصل الاول من الرواية ان صح التعبير عن كامونقه أو معتوق لاحقا "وهو الامتع وتمنيت لو بقيت الكاتبة مع معتوق فقط " يحكي عن كامونقه وقصه عبوديته وانتقاله من عبودية الافراد " التجاني تاجر المواشي" إلى عبودية الفكرة " جيش المهدي والجهاد" .
الفصل الثاني عن رحمة ورحلتها من أفريقيا مخزن العبيد إلى الأسياد في أوروبا وصراعها مع هويتها
الربع الاول والربع الاخير من الرواية هما الأكثر متعة ، في منتصف الرواية شعرت ببعض الملل.

[Safi · Rating 5 out of 5]

رواية ممتعة ومشوقة.. مليئة بالأحداث والمعلومات التاريخية.. كما أنها مليئة بالحزن والقهر للظلم الذي تعرض له العبيد لا لجرم فعلوه.. انما هي العنصرية البغيضة والجشع والطمع لجمع المال حتى لو كان على حساب حياة
بشر آخرين.