تأتي أفكار "الدين والاغتراب الميتافيزيقي" في سياق ما جاء في كتابي السابق:"الدين والظمأ الأنطولوجي" من ضرورة دراسة الدين في مجاله الأنطولوجي الخاص،إذ تحيل موضوعات هذا الكتاب إلى رؤية تتبنى فهما للدين لا يكرر الكثير مما هو متداول في الكتابات المختلفة عن الدين،فهي لا تقول بأن:الدين وهمٌ،أو الدين مخدرٌ،أو الدين تراثٌ،أو الدين مرحلةٌ من مراحل تطور الوعي البشري،بل تُعلن بوضوح:أن الدين حاجةٌ وجوديةٌ لكينونة الإنسان بوصفه إنسانًا،وإن الإنسان لا يصنع حاجته للدين،وإنما يصنع أنماط تدينه وتعبيراته وتمثلاته المتنوعة والمختلفة للدين،على وفق اختلاف أحوال البشر وبيئاتهم وثقافاتهم. ويجد القارئ في موضوعات الكتاب كيف يخرج الدينُ من حقله،بوصفه حاجة وجودية،ليهيمن على حقول الحياة الأخرى التي هي من اختصاص العقل والعلوم والمعارف،فيتحول الدين من كونه حلا للحاجة الوجودية إلى مشكلة تهدد العقل وتحول دون تراكم الخبرة البشرية.وهكذا يرى القارئ أن أكثر مشكلاتنا تكمن في تمدد وتضخم هذه الحاجة وإهدارها لغيرها من الحاجات الأخرى،وابتلاعها لكل شيء في حياة الناس في مجتمعاتنا،فكثير من مشاكل عالم الإسلام تعود إلى الإخفاق في التعرف على الحقل الحقيقي للدين وحدود مهمته في حياة الكائن البشري،وما نتج عن ذلك من هيمنة الدين على حقول الحياة الأخرى،والإخلال بوظيفة العقل والعلم والمعرفة وإهمال قيمة تراكم الخبرة البشرية وأثرها في البناء والتنمية. يصدر هذا الكتاب في مسعى لإرساء لبنات فهم الدين،وبوصلة ترشد لمنطق فهم آيات القرآن الكريم،من أجل بناء رؤية "إنسانية إيمانية"،عساها تطلُّ بنا على أفق مضيء،نرى فيه الدين من منظور مختلف،يصير فيه الدين دواء لا داء،والإيمان محررا لا مستعبداً،والتدين حالة روحانية أخلاقية جمالية تتجلى فيها أجمل صورة لله والإنسان والعالم.
الدكتور عبد الجبار الرفاعي، مفكر عراقي وأستاذ فلسفة إسلامية، مواليد ذي قار – العراق، سنة 1954.حاصل على عدة شهادات أكاديمية منها دكتوراه فلسفة إسلامية، بتقدير إمتياز، 2005، وماجستير علم کلام، 1990،وبكالوريوس دراسات إسلامية، 1988، ودبلوم فني زراعي، 1975. وله رؤية فلسفية حول الإصلاح ومناهج التفكير الديني.
قراءة في كتاب "الدين والاغتراب الميتافيزيقي" لعبد الجبار الرفاعي
حسين أكرم غويلي / كاتب عراقي قراءة كتابات الدكتور عبد الجبار الرفاعي تجعلك تتذوق الكلمات كما تتذوق طعامًا لذيذًا، تجد الرفاعي كأنه يذيب السكر بالعسل في الحليب، فيغذي الروح الظامئة لعطشها الأنطولوجي، ويرويها بعذب الإنسانية الروحية الأخلاقية. أقرأ في كتاباته لمسات أدبية خاصة، لغته مضيئة، تستقي من لغة العرفاء، وتلتقي واللغة الرومانسية في الفكر الغربي. عباراته شغوفة بالمعاني الروحية الأخلاقية. ترى في لغته ضوءًا يهتدي به من هو بعيد عن الله والدين. يكشف لنا الرفاعي عن صورة بهيجة للدين، ويدلل على ضرورته في الحياة. تشعر معه انك ترتوي من منبع إلهام روحي يكرس التدين الذي يجعلك ترى أجمل صورة لله. يكشف الرفاعي عن جوهر الدين الروحي الأخلاقي الإنساني بمهارة خبير متمرس. كلماته مكتوبة بلغة ايمانية شفافة، تقربك لله، حتى تشعر كأنك تراه. كتاب عبدالجبار الرفاعي "الدين والاغتراب الميتافيزيقي" يدرس ضرورة تحقّق الدين في مجاله الأنطولوجي الخاص، محيلًا موضوعات الكتاب لرؤية تتبنى فهمًا للدين لا يكرر كثيرًا ما هو متداول في الكتابات المختلفة عن الدين، محاولًا أن يعيد تصنيف حاجات الإنسان، ويرسم خارطةً لمراتبها، ويتعرّف على طرائق استيفائها، بالشكل الذي يكشف عن أن الحاجة الوجودية للدين تقع في مرتبة خاصة لا يمكن الاستغناء عنها، يفرضها وجود الإنسان. يذهب الرفاعي إلى أن كل إنسان يولد في الأرض تولد معه سلسلة حاجات: مادية أولًا، وبموازاتها يولد معه صنف ثانٍ من حاجات ليست مادية (معنوية)، وبموازاتها يولد مع الإنسان صنف ثالث من الحاجة، هي حاجته للدين، التي تفرضها كينونته وهويته الوجودية، تشكّل هذه الحاجات مثلثًا ذا ثلاثة أضلاع ليست متطابقة، ولا متساوية… تصنيف الرفاعي للحاجات البشرية الأساسية لا يتطابق مع التصنيف المشهور لهرم ماسلو، الذي قدّمه ابراهام ماسلو في ورقته البحثيّة "نظريّة الدافع البشري" عام 1943، المنشورة في مجلة "المراجعة النفسية". يرى الرفاعي ان عدم الوعي بهذه الحاجات، أو عدم تأمين أي ضلع منها، بالشكل المناسب لكيفية تلك الحاجات، يؤدي إلى اختلال في حضور الإنسان في العالم، ومتاعب وآلام في عيشه، وقلق وجودي. يجد القارئ في موضوعات هذا الكتاب كيف يخرج الدين من حقله، بوصفه حاجةً وجوديةً، ليهيمن على حقول الحياة الأخرى التي هي من اختصاص العقل والعلوم والمعارف، فيتحول الدين من كونه حلًا للحاجة الوجودية إلى مشكلة تهدد العقل، وتحول دون تراكم الخبرة البشرية. وهكذا يرى القارئ أن أكثر مشكلاتنا تكمن في تمدد وتضخم هذه الحاجة، وإهدارها لغيرها من الحاجات الأخرى الأساسية، وابتلاعها لكل شيء في حياة الناس داخل مجتمعاتنا، فكثير من مشاكل عالَم الإسلام تعود إلى الإخفاق في التعرف على الحقل الحقيقي للدين، وحدود مهمته في حياة الكائن البشري، وما نتج عن ذلك من زحف وتمدد الدين وهيمنته على حقول الحياة الأخرى، والإخلال بوظيفة العقل والعلم والمعرفة، وإهمال قيمة تراكم التجربة والخبرة البشرية، وأثرها الأساسي في البناء والتنمية. يحاول هذا الكتاب إرساء لَبَنات فهم الدين، ويرسم بوصلة ترشد لمنطق فهم آيات القرآن الكريم، من أجل بناء رؤية "إنسانية إيمانية" حسب مصطلح الرفاعي الخاص، وكما يقول: عساها تطل بنا على أفق مضيء، نرى فيه الدين من منظور مختلف، يصير فيه الدين دواءً لا داءً، والإيمان محررًا لا مستعبدًا، والتدين حالةً روحانيةً أخلاقية جمالية، تتجلى فيها أجمل صورة لله والإنسان والعالَم. تتجلى روعة هذا الكتاب للقارئ، تحديدًا عند الباب الحادي عشر منه، تحت عنوان: "التصوف الفلسفي وعلم الكلام: رؤيتان للتوحيد"، وتتجلى روعة هذا الباب عند جزئية "الاغتراب الميتافيزيقي"، إذ تعتلي الروعة معالجة التشوه ببناء صلة الخالق بخلقه، وصلة الخلق بخالقهم، من اذ صاغ علم الكلام ذلك التشوه المتبادل بين الله والإنسان، عبر تشكيل صورة لخالق عنيف جزار سادي مازوخي، متعطش لتعذيب مخلوقاته، بل والتفنن في عذابهم. يحاول الرفاعي هنا صياغة مختلفة موفقة لإزالة ذلك التشوه، وتشخيصه، ومعالجته روحيًا إيمانيًا إنسانيًا دينيًا نفسانيًا، يُزيل إغتراب الروح عن الله، واحتجاب صورة الله الرحيم الودود الرؤوف، الذي يتجسد بحب متبادل بين الخالق والمخلوق، حبًّا صادقًا يسمو لعلياء السماء لا لقعر الجحيم. حبًّا يسمو به الخلق لخالقه، ويتصل الخالق بمخلوقاته، ليتسامى ذلك الحب ويتصل وجوديًا بالحق؛ وعندئذ تتلاشى المسافات بين الإنسان ومقام الربوبية، لتتكون علاقة تتكلم لغة المحبة النابضة بالرحمة بين الخالق وخلقه، وعلاقة تراحم بين الخلق، وبناء صلة عضوية ميتافيزيقية بين الله والإنسان، تعلو لعلياء الروح المتعطشة لظمئها الأنطولوجي، الذي لا يرتوي إلا بالصلة الحية بالله، التي هي صلة محبة ووداد، وليست علاقة عدائية عقابية.
قراءة في كتاب "الدين والاغتراب الميتافيزيقي" لعبد الجبار الرفاعي
حسين أكرم غويلي / كاتب عراقي قراءة كتابات الدكتور عبد الجبار الرفاعي تجعلك تتذوق الكلمات كما تتذوق طعامًا لذيذًا، تجد الرفاعي كأنه يذيب السكر بالعسل في الحليب، فيغذي الروح الظامئة لعطشها الأنطولوجي، ويرويها بعذب الإنسانية الروحية الأخلاقية. أقرأ في كتاباته لمسات أدبية خاصة، لغته مضيئة، تستقي من لغة العرفاء، وتلتقي واللغة الرومانسية في الفكر الغربي. عباراته شغوفة بالمعاني الروحية الأخلاقية. ترى في لغته ضوءًا يهتدي به من هو بعيد عن الله والدين. يكشف لنا الرفاعي عن صورة بهيجة للدين، ويدلل على ضرورته في الحياة. تشعر معه انك ترتوي من منبع إلهام روحي يكرس التدين الذي يجعلك ترى أجمل صورة لله. يكشف الرفاعي عن جوهر الدين الروحي الأخلاقي الإنساني بمهارة خبير متمرس. كلماته مكتوبة بلغة ايمانية شفافة، تقربك لله، حتى تشعر كأنك تراه. كتاب عبدالجبار الرفاعي "الدين والاغتراب الميتافيزيقي" يدرس ضرورة تحقّق الدين في مجاله الأنطولوجي الخاص، محيلًا موضوعات الكتاب لرؤية تتبنى فهمًا للدين لا يكرر كثيرًا ما هو متداول في الكتابات المختلفة عن الدين، محاولًا أن يعيد تصنيف حاجات الإنسان، ويرسم خارطةً لمراتبها، ويتعرّف على طرائق استيفائها، بالشكل الذي يكشف عن أن الحاجة الوجودية للدين تقع في مرتبة خاصة لا يمكن الاستغناء عنها، يفرضها وجود الإنسان. يذهب الرفاعي إلى أن كل إنسان يولد في الأرض تولد معه سلسلة حاجات: مادية أولًا، وبموازاتها يولد معه صنف ثانٍ من حاجات ليست مادية (معنوية)، وبموازاتها يولد مع الإنسان صنف ثالث من الحاجة، هي حاجته للدين، التي تفرضها كينونته وهويته الوجودية، تشكّل هذه الحاجات مثلثًا ذا ثلاثة أضلاع ليست متطابقة، ولا متساوية… تصنيف الرفاعي للحاجات البشرية الأساسية لا يتطابق مع التصنيف المشهور لهرم ماسلو، الذي قدّمه ابراهام ماسلو في ورقته البحثيّة "نظريّة الدافع البشري" عام 1943، المنشورة في مجلة "المراجعة النفسية". يرى الرفاعي ان عدم الوعي بهذه الحاجات، أو عدم تأمين أي ضلع منها، بالشكل المناسب لكيفية تلك الحاجات، يؤدي إلى اختلال في حضور الإنسان في العالم، ومتاعب وآلام في عيشه، وقلق وجودي. يجد القارئ في موضوعات هذا الكتاب كيف يخرج الدين من حقله، بوصفه حاجةً وجوديةً، ليهيمن على حقول الحياة الأخرى التي هي من اختصاص العقل والعلوم والمعارف، فيتحول الدين من كونه حلًا للحاجة الوجودية إلى مشكلة تهدد العقل، وتحول دون تراكم الخبرة البشرية. وهكذا يرى القارئ أن أكثر مشكلاتنا تكمن في تمدد وتضخم هذه الحاجة، وإهدارها لغيرها من الحاجات الأخرى الأساسية، وابتلاعها لكل شيء في حياة الناس داخل مجتمعاتنا، فكثير من مشاكل عالَم الإسلام تعود إلى الإخفاق في التعرف على الحقل الحقيقي للدين، وحدود مهمته في حياة الكائن البشري، وما نتج عن ذلك من زحف وتمدد الدين وهيمنته على حقول الحياة الأخرى، والإخلال بوظيفة العقل والعلم والمعرفة، وإهمال قيمة تراكم التجربة والخبرة البشرية، وأثرها الأساسي في البناء والتنمية. يحاول هذا الكتاب إرساء لَبَنات فهم الدين، ويرسم بوصلة ترشد لمنطق فهم آيات القرآن الكريم، من أجل بناء رؤية "إنسانية إيمانية" حسب مصطلح الرفاعي الخاص، وكما يقول: عساها تطل بنا على أفق مضيء، نرى فيه الدين من منظور مختلف، يصير فيه الدين دواءً لا داءً، والإيمان محررًا لا مستعبدًا، والتدين حالةً روحانيةً أخلاقية جمالية، تتجلى فيها أجمل صورة لله والإنسان والعالَم. تتجلى روعة هذا الكتاب للقارئ، تحديدًا عند الباب الحادي عشر منه، تحت عنوان: "التصوف الفلسفي وعلم الكلام: رؤيتان للتوحيد"، وتتجلى روعة هذا الباب عند جزئية "الاغتراب الميتافيزيقي"، إذ تعتلي الروعة معالجة التشوه ببناء صلة الخالق بخلقه، وصلة الخلق بخالقهم، من اذ صاغ علم الكلام ذلك التشوه المتبادل بين الله والإنسان، عبر تشكيل صورة لخالق عنيف جزار سادي مازوخي، متعطش لتعذيب مخلوقاته، بل والتفنن في عذابهم. يحاول الرفاعي هنا صياغة مختلفة موفقة لإزالة ذلك التشوه، وتشخيصه، ومعالجته روحيًا إيمانيًا إنسانيًا دينيًا نفسانيًا، يُزيل إغتراب الروح عن الله، واحتجاب صورة الله الرحيم الودود الرؤوف، الذي يتجسد بحب متبادل بين الخالق والمخلوق، حبًّا صادقًا يسمو لعلياء السماء لا لقعر الجحيم. حبًّا يسمو به الخلق لخالقه، ويتصل الخالق بمخلوقاته، ليتسامى ذلك الحب ويتصل وجوديًا بالحق؛ وعندئذ تتلاشى المسافات بين الإنسان ومقام الربوبية، لتتكون علاقة تتكلم لغة المحبة النابضة بالرحمة بين الخالق وخلقه، وعلاقة تراحم بين الخلق، وبناء صلة عضوية ميتافيزيقية بين الله والإنسان، تعلو لعلياء الروح المتعطشة لظمئها الأنطولوجي، الذي لا يرتوي إلا بالصلة الحية بالله، التي هي صلة محبة ووداد، وليست علاقة عدائية عقابية.
• تعريف بالكتاب: يُحيل المؤلف الإغتراب الميتافيزيقي اليوم إلى بعد الانسان عن كينونته التي هي الإيمان وليس أي ايمان بل الإيمان الانساني، الإيمان الحر كما يصفها، فهي متخبطة بين الشدة والضياع لذا يدعو إلى دراسة "فلسفة الدين (دراسة عقلاني�� لأسس الدين)" و "الهرمنيوطيقا (علم التأويل)" كوسيلة تثبيت الإيمان. كما طرح بعض من إشكاليات الهوية مع الدين.
• انتقاد: - أرحب بالأفكار التي تدعو إلى إعادة النظر إلى الدين من منظور أكثر تماشيًا مع العصر إلا وأن هذا لا يمنعني من انتقاد بعضها، لا أدري من أين أتت فكرة 'الصوفية مضادة للتشدد وأن الضد سوف يأتي بالحل؟ ان الفئات المسالمة بإمكانها ان تصبح مثل الفئات السائدة في استبدادها لكن ينقصها السلطة والغلبة. - فكرة الإيمان الإنساني سليمة في غايتها ولكنها جعلت من الانسان محور الايمان كوسيلة الى الله، ولكن لِم التعقيد؟ الايمان من الأشياء التي لا يشترك فيه أحد ولا يعينك عليها أحد، بينك وبين ما تؤمن به فقط.
ينطلق الكاتب من كون الدين حاجة وجودية للإنسان وأن الإنسان لايصنع حاجته للدين بل يصنع أنماط تدينه وذلك وفق إختلاف الأحوال والبيئات والثقافات. ويشير إلى خطورة نسبة كل شي إلى الدين ،من إسقاط الاكتشافات العلمية التي أنجزها غيرنا على النص الديني في عملية تعويض نفسي عن العجز عن الإسهام في ابداعات الفلسفة والعلوم إلى تبني الموضات الفكرية الايدولوجية الجديدة فيصبح النبي (ص) وبعض الصحابة كأبي ذر اشتراكيين، إلى وصف الإسلام بالديموقراطية . يريد الكاتب الوصول إلى أن تجاوز الدين لحدوده ينتج نسخه المضادة وأن الحل للخروج بالمجتمعات الإسلامية من مأزقها التاريخي هو رسم الحدود ، حدود الدين، وحدود الفلسفة وحدود الفن وحدود الدولة. فلو ابتلع الديني الدنيوي يحتجب العقل ولو حدث العكس يحتجب الله. ومع تحديد الحدود يجب تجديد أدوات فهم الدين وقراءة نصوصه . ولا تجديد من دون تفكير فلسفي على أن الفلسفة معرفة كونية خارج الأطر وهي لاتتحيز لدين او معتقد. ٢- من يبني الدولة الحديثة ؟ الدين أم القانون الدولة ظاهرة بشرية و اجتماعية مركبة وقد لبث مفهوم الدولة يتطور من خلال نمو معارف البشر. في العلم ليس هناك نظرية أخيرة وفي الفلسفة ليس هناك مفهوم أخير وفي الدين ليس هناك اجتهاد أخير وفي الدولة ليس هناك نمط دولة أخير . الدولة الحديثة تقوم على القوانين والحقوق والحريات والمساواة بين المواطنين بغض النظر عن دين الشخص ومعتقده وأن البشر لم يتعرفوا على الدولة من خلال الأنبياء كما هو الحال مع التوحيد مثلا بل ظهر الأنبياء في مجتمعات بلا دولة او في مجتمعات تحكمها دولة. ٣- سعة الرحمة الإلهية ومضايق اللاهوت الصراطي القراءات الاختزالية لنصوص الكتب المقدسة أنتجت لاهوتاً صراطيا يخصص الرحمة ويحصر النجاة بمن يعتقد بها. إلا أن للرحمة حضورا مهيمنا في القران الكريم وهذا ما أهمله معظم المفسرين والفقهاء. إن اللاهوت والفقه الصراطي على الضد من منطق الرحمة وإن احتكار النجاة يرسم صورة إله قومي او طائفي ويقوض مرتكزات التعايش ولذا ينبغي ان نكون اكثر صراحة في الكشف عن المقولات الكلامية التي تمثل مرجعية للفقه المتشدد حيال الاخر فقهيا وكلاميا ودينيا في ظل مانكتوي به من ممارسات الجماعات المتطرفة ٤- الهرمنيوطيقيا : إن النص المقدس كائن حي يتجدد كلما تجددت قراءته وإذا أردنا أن يسجل الدين حضورا فاعلا في بناء الحياة الروحية والأخلاقية فلابد من قراءة للنص الديني ترفعه للافق التاريخي لعصرنا . أن تحيين النصوص المقدسة هو ما يمنح النص إمكانات تخطي المسافات والأزمنة وذلك هو سر أبدية النصوص المقدسة. إن لغة الدين عبارة عن حكاية عن عوالم الغيب وضرب من ترجمة رموزه لرسم صورة له في قوالب لغتنا البشرية ، والترجمة لاتكشف كل ملامحه. ذلك أن اللغة البشرية من شؤون العالم المادي ولا تتسع لمعاني عالم الغيب وحين تتجسد كلمة الله في لغة البشر تلتبس بما هو بشري وتقصر عن استيعاب الإلهي وكأننا أمام استاذ فيزياء يشرح نظرية أينشتاين لطفل في الصف الأول الإبتدائي ٥- من يعرف دينا واحدا لم يعرف أي دين: لم تتوحد البشرية على مر التاريخ في دين واحد والرؤية التاريخية العلمية تذهب إلى أن الأديان تتأثر بطبيعة المجتمعات المتنوعة وأن هناك تأثيرا متبادلا بين الدين والمجتمع وانه ليس هناك ديانة تحتكر المحبة والحريات والحقوق كما انه ليس هناك تاريخ ديانه منزه عن التعصب والعنف وانتهاك كرامة الإنسان ٦- رؤيتان للتوحيد : يتبنى التصوف الفلسفي رؤية توحيدية مغايرة لرؤية المتكلمين إذ تجعل الإنسان المحور في العالم وتراه المرآة المفصلة لأسماء الله التي تظهر فيها صفاته وتقدم تفسيرا للدين يحقق للإنسان مقام الإنسان الكامل عبر سفر روحي لله ويعتبر أن أسمى ألوان العبادة والصلة بالله ماكان منبعه الحب ويتسع فيه فضاء النجاة في الآخرة ويستوعب من كان صادقا في اعتقاده من أتباع الأديان فالله يتجلى لكل عابد في صورة تحكي مايعتقده. إن الرحمة في رؤية التصوف الفلسفي تصير منبعا للتعايش بين الناس على الرغم من إختلاف المعتقدات وتكرس هذه الرؤية النزعة الإنسانية في الدين فتتغلب المقاصد الإنسانية على الفهم الحرفي للدين. أما في لاهوت المتكلمين فإن الإنسان يغترب وجوديا عن الله ، فالصورة التي صاغها المتكلمون عن الله تظهر قاسية شديدة لاتقبل التنوع والاختلاف فتق ود الانسان للهروب من الله والسقوط في الاغتراب الوجودي
أصف تجربتي مع هذا الكتاب الرائع بإقتباس من الكاتب نفسه … " لقدْ كنتُ مع هذا الكتاب كأني و مؤلفَه نعزفُ معاً لحناً على قيثارة واحدة ، لحناً جميلاً لا نسمعُ فيه إلّا نداءَ الأرواح . "
من المؤكد ان الدكتور عبدالجبار الرفاعي من الباحثين الكبار في مجال الدين و الفلسفة و الاجتماع ... لكن للأسف .. من وجهة نظري البسيطة .. افتقر الكتاب الى الانصاف في الطرح ...