ظهرت الشيوعية بوصفها حركة سياسية تهدف إلى المساواة بين الافراد في المجتمع الواحد؛ بحيث لا يكون أي فرد أفضل من الآخر، فالمجتمع يجمع بين أفراده تحت مظلة واحدة. وتعرف الشيوعية أيضا بأنها مذهب فكري يسعى إلى تقديم المادة على كل شئ في الحياة، فهو يرفض التقيد بالقواعد التي تنظم المجتمع، بل يعتمد على الاهتمام بدور المادة في إنتاج المجتمع.
وضع الفيلسوف الألماني ماركس الأسس الخاصة بالشيوعية من خلال العديد من المؤلفات التي كتبها في حياته حتى توفى عام ١٨٨٣، وعلى رأسها كتابه الضخم «رأس المال»، وكان تصور ماركس أن المجتمع الصناعي الالماني هو أول من سيتبنى أفكاره وهو ما لم يحدث. يؤرخ كثيرون للظهور الواقعي الأول لمصطلح وفكرة الشيوعية في عام ١٩١٧م أثناء اندلاع الثورة البلشفية في الأراضي الروسية.
بحسب هذا الكتاب، واجه الشيوعية فشل كبير في التطبيق، وتعالت حول العالم أصوات مفكرين تنتقد مطبقي النظرية وأساليبهم الديكتاتورية القمعية، وأصوات أخرى تنتقد النظرية ذاتها.
عباس حافظ كاتب مصري، وناقد مسرحي، ومناضلٌ سياسي سخر قلمه لخدمة مبادئه السياسية، وهو المترجم الذي تلألأت ببديع ترجماته ميادين الفكر الأدبي.
ولد عباس حافظ علي حافظ في القاهرة بشارع الخليج المرخم بالموسكي، وقد سلك أول سبل المعرفة بحصوله على الشهادة الابتدائية عام ١٩٠٨م، ثم الشهادة الثانوية عام ١٩١٣م. وقد تقلَّد عباس حافظ العديد من المناصب؛ فعمل سكرتيرًا ماليًا بوزارة الحربية. وفي عهد وزارة إسماعيل صدقي باشا تم نقله — انتقامًا منه على مواقفه السياسية — إلى أسوان وهو في أشد الحاجة لوجوده في القاهرة لمعالجة والدته مريضة القلب، وقد أذاقته وزارة صدقي أشد صنوف العذاب وأنهكته بالتحقيقات والغرامات، وفي أواخر عام ١٩٣٤م ابتسم له القدر عندما تولت وزارة محمد توفيق الحكم؛ ليعود إلى العمل مرةً أخرى في إدارة المطبوعات بوزارة الداخلية، ثم ينتُدِبَ عام ١٩٣٦م للعمل في سكرتارية الهيئة الرسمية للمفاوضات التابعة لرئاسة مجلس الوزراء. وكان يعمل رقيبًا على النصوص المسرحية في قلم المطبوعات بوزارة الداخلية عام ١٩٣٥م، وانتهى عمله الوظيفي مع قدوم وزارة ماهر باشا إلى الحكم؛ حيث قرر أن يُحيلَ نفسه إلى المعاش عام ١٩٥٠م.
وقد أثرى حافظ الحياة الأدبية، والنقدية، والمسرحية بالعديد من الأعمال التي خلّدت ذِكْراهُ منها: نهضة مصر، ومصطفى النحاس أو الزعامة والزعيم، وعلم النفس الاجتماعي، والشيوعية في الإسلام. وله العديد من الكتب المترجمة منها: كنوز الملك سليمان للسير ريدر هجارد، وألوانُ من الحب. وقد قدَّم لساحة الإبداع المسرحي العديد من المسرحيات المترجمة المنشورة: كمسرحية العبرة بالخواتيم، وضجة فارغة، وشقاء الشاعر. وله العديد من المقالات النقدية في صحف البلاغ والمنبر وكوكب الشرق. وقد وافته المنية عام ١٩٥٩م.
مجموعة من المقالات كتبها ستة مفكرين وكتّاب بارزين، تحدثوا فيها عن تجاربهم الشخصية مع الشيوعية، وكيف تحولوا من مؤمنين متحمسين للفكرة إلى ناقدين ومعارضين لها، وهو ما يعكس إحباطهم من القمع، الفساد، واللا إنسانية التي وجدوا أنها تمثل الجانب العملي للتطبيق الشيوعي، خاصة في الاتحاد السوفييتي. كل كاتب يسرد تجربته الشخصية وانفصاله الفكري عن هذا "الإله الذي خذلهم".
الكتاب مفيد في النقد الفكري للشيوعية، ويلقي الضوء على الصراع الفكري في القرن العشرين بين الأيديولوجيات الكبرى.