من مواليد 1940، في قرية قرشة في مدينة أسوان، وفي عام 1969 نشر أول قصة في مجلة "صباح الخير"، كما صدرت له عدة أعمال من بينها: "انفجار جمجمة" و"اللعب فوق جبال النوبة".
تمكن إدريس علي أن يمزج بين إيجاز الحكي وعمقه، وتلك مزيج قل من يتمكن منه. وقفت تلك القصة طويلا على قائمة قراءاتي المؤجلة، انتظار لا يليق بعمل بديع كُتب بتلقائية وصدق وخفة تخطف اي قارئ له.
تعتيم وتجاهل لحدث تاريخي "ترحيل أهالي النوبة لبناء السد العالي" مفهوم أسبابه. فالتعلق بالأرض والمكان ليس أهم من مصلحة الوطن، لا نختلف على ذلك، فإن ترويض الطبيعة لصالح المنفعة العامة لن يحدث دون تقديم تضحيات. ولكن كما تساءل البطل "لكن لماذا لا يُضحي الوطن من أجلنا أم هو عطاء من طرف واحد؟".
حتى اليوم نعرف أنه لم يتم تعويض كل المُهجّرين من النوبة، أو على الأقل نسبة كبرى منهم لم تنل سوى مجرد وعود في الهواء لم تُنفذ، ولكن ما الجديد في ذلك؟ تلك هى حكاية كل المغلوبين على أمرهم، يُأمرون من أصحاب الحسابات البنكية المتضخمة بأن "يبطلوا دلع" ويرضخوا لمصلحة الوطن الذي لا يضحي من أجله سوى الفقراء والمنسيين.
أنهيت منذ ايام قليلة رواية رائعة سأبقى هنا تحكي تقريبا نفس الحكاية، ولكنها حكاية حدثت في إيطاليا وليس مصر. حكاية قرية صغيرة أُمر أهلها أن يرحلوا عنها من أجل مصلحة الوطن لبناء سد أيضاً. وأيضاً، وجدوا أنفسهم في النهاية بلا ثمن.
يُزين هذا العمل الصدق الشديد مع النفس، فنجد الكاتب يتساءل مع بطله عن حقيقة أصله. من هو؟ مصري أم عربي أم نوبي أم إفريقي أم ماذا؟ ما هى حقيقة هويته؟ ببساطة يحكي لنا عن "التأقلم" الذي أصبح سُنة حياة أهل النوبة، الذين هُجّروا مراتٍ عدة خلال تاريخهم من أجل نهر عظيم يحاول ساكني ضفتيه السيطرة على جنونه المدمر. في كل مرة يبكون بيوتهم ونخيلهم، يحاولون بناء حياة جديدة تتهدم بعد سنوات أخرى ليعاودون نفس الحلقة المُضنية من الرحيل والتشتت.
حكاية حزينة كانت لتُغرق أي كاتبٍ لها في مرثيات وبكائيات تُثير دموع الشفقة. لكنه عمل كُتب بكرامة وأمانة مع النفس ومع قارئ كلمات هذه الحكاية. وهذه الحكاية هى جوهرة رقيقة منسية تستحق أن يُكشف عنها.
جذبتني من أول سطر، رواية حلوة وخفيفة وحزينة جدًا مع رتوش من التاريخ والسياسة.. بتتكلم عن تهجير أهل النوبة من قراهم بسبب بناء السد العالي، موضوع شغل تفكيري لما سمعت جوابات الأسطى حراجي.. حابة أقرأ زيادة عن الموضوع دا وعن أهلنا في النوبة اللي يكادوا يكونوا منسيين.. طول ما أنا بقرأ مسيطر عليَّ مشاهد التهجير اليومي في فلسطين.. ترك الديار ألم صعب يضاف لآلامهم من الجوع والعطش والمرض والموت.. ليس لها من دون الله كاشفة.
”أبدًا لم أفكر في الرحيل شمالًا ولا جنوبًا، جلبت الطمي من أسفل على مدار سنوات وبنيت مزرعة في حضن الجبل. «كشي» يا ابني عندي أجمل وأحسن مكان في الدنيا. هنا كانت جدتك تغزل وهنا ولدوك. هنا أقمنا الأعراس وتقبلنا العزاء. وفوق هذه المصطبة كنا نتسامر ونحلم.. لا.. لا... لن أغادر. هذا مستحيل.“
ملحمة إنسانية كتبت بحرفية شديدة و صدق يصل إلى القلب مباشرة دون وسيط لدرجة بكائي بحرقة و هو أمر شديد الحدوث مع جملة "سرقوا منا النيل" التي قالها الجد بمنتهى السهولة عندما أكتشف أقتلاعه من جذوره و زرعه في أخرى حاول التعايش فيها و لم يفلح فهي لم تكن يوما له. تناقض النفس البشرية وضح بشدة مع الحفيد المتمسك بأصوله النوبية و الطامع في نفوذ الاتحاد الاشتراكي وقتها رواية تجذبك لقرائتها أكثر من مرة من شدة صدقها ربما يعود السبب لانها قضية الكاتب الاصلية فهو من تم تهجيره من داره الفسيحة لأخرى اضغر من ان يعتادها هو من استبدل النيل بحياته بالصحراء و عقاربها " منذ اليوم الأول لوصولنا وضعنا صورة جمال عبد الناصر على أبواب البيوت، و كلما مات طفل من لدغ العقارب، نزع أهله صورة الرئيس، حتى أختفت معظم الصور بعدد الأطفال الذين ماتوا" أروع ما كتب على غلاف رواية على الأطلاق لم تكن المرة الاولى التي اقرا فيها النوبي و لن تكون الاخيرة
سلسة و جميلة انسانية و معاصرة و تدخل قلبك بسرعة و مافيهاش كلمة زيادة و لا ناقصة..الافكار توصلك بالكامل من غير رغي و شروح و استطرادات مالهاش عازة..رغم اني باكره البي دي اف..الا اني لقيتها في فولدر قديم قلت افتح اشوف..و ما قدرتش اقوم من عالكومبيوتر غير لما خلصتها..هكذا يجب ان تكون الروايات و الا فلا
النوبي رواية لي إدريس علي تاني تجربة مع أدب إدريس علي أكثر من رائعة يحكي الرواي وهو طفل يدرس في اسوان عن فترة التهجير من منظور أخر فيحكي عن خوضة في جمعيات توعية المهجرين ومساعدة السلطات في تحبيب الهجرة واقناعهم بالجنة الموعودة في الاماكن التي سوف يهجرون لها ومحاولة اقناع جدة النوبي لترك ارضه الكاتب يصف طريقة التهجير والسلطوية والتحكم في مصائر البشرالذي كان بمثابة أقتلاعهم من جذورهم النوبية لزرعهم في الجبال المليئة بالعقارب السوداء والذئاب والامراض . لكن ما كان يصعب على النوبيين هو هجرتهم للنيل وليس للارض فهم شعب مرتبط بالنيل جدا رواية قوية وجرئية ايضا كسابقتها رواية دنقلا لنفس الكاتس يمكن وصفها بالكتابة الغاضبة الثائرة على التهجير وطريقته ونهبالناس حقوقهم. في الرواية يأتي ذكر قصة بمثابة نكتة تقول :كان هناك نكتة قديمة أيام الأستفتاء على إستقلال السودان عن مصر , فقد تحمس أحد السودانيين للوحدة وقاد مظاهرة في القاهرة فحملوه وأخذ يهتف " مصر والسودان هته واحد" ولما أنزلوه وأكتشف أن أحد المتظاهرين قد نشله فأخذ يصرخ " مصر والسودان ستين هته " بعد سماع هذه القصة ورؤية المهجرين للاماكن المزعوم تهجيرهم فيها يقول أحدهم ضاحكا لقد نشلونا.
مات جدى ولكنه كان موجودا برسوخه وشموخه بسمرته وطيبته لقد ابعدوه عن الجغرافيا ربما لكنه لكننا نقف عند حافةة التاريخ حاملين النوبة فى وجداننا لا نتعب ولا نكل لا نمل وحين يشتد بنا الحنين نغنى " اسمر اللونا" ونرقص الاراجيد
نوفيلا أخرى يكتبها ادريس على محاولة منه لتوثيق مأساة تهجير أهل النوبة، بطل الرواية الشاب الذي يدرس في التعليم الفني وينضم الى منظمة الشباب ويتحمس لما أقنعوهم به من المصلحة العامة وأحلام التطوير والنهضة مصحوبا بوعد بضمه لكلية الهندسة حتى لو لم تنطبق عليه الشروط مقابل أن يعمل جاهدا على اقناع اهل بلدته بالتهجير. يحاول ان يقوم بما أقنعوه به يرى الآمال كلها في الانتقال الى الحضر الكهرباء والماء والصرف الصحي ومعه أخته فرحة بالرحيل، اما جيل الإباء والاجداد يرفض ويتمسك بالأرض. الصغار لديهم أحلامهم فيما وعدوهم به، ولكن أحلامهم تتبعثر على ارض الواقع عندما اكتشفوا انهم نقلوا من ديارهم الى جبال مقفرة وتركوهم فريسة للعقارب. شخصية كنود شخصية مميزة، معمر من أهل النوبة الأصليين، لا يعرف قيمته أهل البلدة ولكن يعرفها جيدا الأستاذ الجامعي الإنجليزي الجنسية النوبي الأصل ويأتي القادم من على بعد الاف الكيلومترات ليراه ويسمع منه وينقل عنه التاريخ الأصلي للنوبة والذي تم طمسه وربطه بتاريخ مصر والعرب قسرا متجاهلا ممالك النوبة العتيقة والتي في وقت من الأوقات حكمت بلاد النيل. والذي عندما تحدث بحديثه ذلك قتل على يد أحد المتعصبين الجهلاء. شخصية الجد رسمها الكاتب بحرفية عالية ورأيي انه بطل الرواية الأول فهو الانسان الذي ارتبط بالأرض والنيل، الانسان الذي لم يضعه النظام في حساباته، يقول الكاتب على لسان الجد (حمل جدي غياره وعصاه وخرج باحثا عن النهر. عاد في المساء مرهقا حزينا، النهر هنا، ليس كما عندنا. هنا ضيق عميق وعكر و��لوث، هؤلاء القوم يجهلون قيمة النهر، يلوثونه بالحيوانات النافقة والمجارير وروث البهائم وحتى بالقمامة. النهر هنا مهان. یا ربي.. كيف يفعلون هذا بنعمتك؟) مشاريع التنمية التي تقوم بها الأنظمة المستبدة ليست الا اسمنت وزلط لمجرد اللقطة اما الانسان فهو المهدور حقه على مر الازمان لكن الطغاة يرحلون ويبقى الانسان، يصف الكاتب ذلك في جملته (ومنذ اليوم الأول لوصولنا وضعنا صورة «جمال عبد الناصر» على أبواب البيوت وكلما مات طفل من لدغ العقارب نزع أهله صور الرئيس حتى اختفت معظم الصور بعدد الأطفال الذين ماتوا
لا تُسعفني الكلمات في هذه اللحظة، فقد أنهيت الرواية لتوي، فاعذروني... لازال التأثُر يغمرني ومشاعر مُختلطة تجيش بصدري وتعصف بخاطري. أنا من الأجيال المُتأخرة... الجيل الثالث بعد التهجير، فلَم أُعاصره ولا والديّ أيضًا، سمعت نتفًا من أحاديث مُختصرة عابرة عن التهجير، لكنها كانت كنشرات الأخبار لا تحوي شعور ولا أحاسيس مَن عايش اللحظة وذاق طعم حلاوتها أو مرارتها في قلبه ونقش ذكراها في روحه. الآن أشعر أني قد عايشت طقسًا من طقوس تناول الحَدث والذكرى، لأحمل "نوبتي" في وجداني. أسـمــاء ابـنـــة مـالـكــ
رغم إني محبتهاش قد ماحبيت (اللعب فوق جبال النوبة )، بس كالعادة سلاسة لغة إدريس علي وبساطتها وإنسانية الموضوع خلوها ممتعة .. حبيت شخصية الجد وزعلت ع اللي حصله واللي حصل للنوبة القديمة.. يعيب الرواية بس الخط بتاع شخصيتي "كنود" و"كتبة"، كان ممكن استغلاله أحسن من كدة خصوصًا إنه كان ممكن يدخل في سكة الأساطير.
رواية تستعرض أزمة تهجير النوبيين أيام جمال عبد الناصر بسبب مشروع السد، توغلنا من خلال ما ساقه لنا المؤلف في سحر النوبة وعوايد وتقاليد الأهل والصراع الدائم في كل مكان وزمان بين القديم والجديد بين شباب النوبة الذين طالموا حلموا بعيشة افضل من صعوبة الحياة في النوبة وبين المسنين المقاومين لكل تغيير ...
لغة الرواية سلسة سهلة وبراعة المؤلف تتجلى في صفحاتها القليلة والتشبيهات الرائعة
خرجت منها بانطباع.. إنها (رواية توثيقية).. بمعنى: كإنها اهتمت أولًا بتوثيق لـ (الجذور العرقية للنوبة/ التهجير/ تأثيراته الاجتماعية والإنسانية)، وبعد كدا قامت بتركيب ثوب روائي فوقه ف الآخر. حبيت (اللعب فوق جبال النوبة) أكتر.
النوبي هي صرخة بلاد النوبة،الواقع المؤلم الذي تم تجاهله، هي نداء استغاثة لقوم سُلب منهم أرضهم، معني الوفاة للموطن، هي شلالات من الدموع سكبت حزناً وألماً علي فراق الأرض.
كعادته الاثيره يرسم الاستاذ ادريس علي بريشة فنان بلاده البعيده بلاد النوبه الجميله بلاد ما وراء السد ببيوتها السماويه الزرقاء الواسعه ذات القبب العاليه والجلابيب البيضاء والطبيعة الجافه وسط الجبال يخترقها النهر ويسري فيها بألق ونغم مكونا حضاره استمرت الاف السنين .... باسلوبه الادبي الجميل يأسرك الاستاذ في جمال حكايته باسلوبه القصصي البديع وسلاسة الفاظه وسهولة معانيه محاولا اعادة احياء تراث بلاد النوبه البعيد ويأبي بعند واصرار ان يندثر بفعل الزمن وكل محاولاته للنسيان كعند محارب قديم رفض ان يلقي سيفه العتيد وأبي الا ان يموت وقوفا كما الاشجار وكما مات جد البطل في قصتنا هذه ..تأتي محاولة الاستاذ ضمن اطار ما دأب الادباء علي تسميته اعادة احياء التراث تراث النوبه وبلادهم الغابره التي ابتلعتها مياه السد العالي الذي لا ينكر فضله الا جاحد او ناكر لكن ما ضاع من تراث النوبه عصي علي النسيان ولا يمكن استدراكه كان من الممكن بسهوله ويسر عمل محاكاه في بلاد المهجر والمنفي للنوبيين تحاكي طبيعتهم وسيرتهم الاولي بمساعدة جهات دوليه كاليونسكو والامم المتحده الا ان البيروقراطيه الحكوميه والحنجوريه الزائفه للبكباشي جمال عبدالناصر حالت دون ذلك وتم تهجير العباد وتدمير البلاد وطمس حضاره باكملها لا للسد وانما بعند واصرار بغض النظر عن العواقب ... الروايه كانت محاوله جاده لشرح موقف النوبيين من التهجير بعد حملات التشويه التي طالتهم بقلة الوطنيه وانعدام الحضاره وتلويث مياه النيل وكل هذه المحاولات الفجه التي قامت عليهم بلا دليل الا لارضاء آمر البلاد ... الاستاذ ادريس اديب لا يشق له غبار اسلوبه سهل وبسيط طاله بعض النقد لتشابه اسلوب شخصياته رغم اختلاف طبيعتهم ومستواهم الثقافي والتعليمي ...شكر واجب لكل المحاولات الهادفه لاعادة رسم صور الحضاره واعادة محاكاة واقع بلاد النوبه والتعريف بها اتمني ان اقرأ مرات اخري عن بلاد جميله ذهبت في غيابات التاريخ واضحت مجرد سطور في دفاتر التاريخ عصيه علي النسيان ...