إن الإنسان الذي يستطيع أن يعذبك هذا العذاب كله ,أن يشقيك هذا الشقاء كله عبر رواية , مجرد رواية , لابد أن يكون روائياً موهوباً , تحبه لموهبته وتكرهه لأنه يذكرك بالمأساة الإنسانية
غازي القصيبي لتحميل كتاب الموت يمر من هنا لكاتبه عبده خال من هذا الرابط http://goo.gl/QsT3Kj
اشتغل بالصحافة منذ عام 1982 وهو حاليا يشغل مدير تحرير جريدة عكاظ السعودية. درس المرحلة الأبتدائية في مدرسة "ابن رشد" في مدينة الرياض حيث قضى فيها فترة من طفولته وبها درس المرحلة المتوسطة في مدرسة "ابن قدامة" عاد بعد أربعة أعوام الى مدينة جدة واكمل المرحلة المتوسطة في مدرسة "البحر الأحمر" أتم المرحلة الثانوية في مدرسة "قريش" ثم حصل على بكالوريوس في العلوم السياسية جامعة الملك عبد العزيز متزوج وله ثلاثة أبناء وابنة واحدة يشارك في تحرير دورية الراوي الصادرة عن نادي جدة الأدبي والمعنية بالسرد في الجزيرة العربية.
يشارك في تحرير مجلة النص الجديد وتعنى بالأدب الحديث لكتاب المملكة العربية السعودية كان له زاوية أسبوعية بالصفحة الأخيرة بجريدة عكاظ (حقول) والأن يكتب مقال اجتماعي يومي بنفس الجريدة (أشواك) يثير به جدلا واسعا بين القراء كل يوم. كتب في العديد من المجلات العربية والمحلية وعلى سبيل المثال: مجلة العربي الكويتية, أخبار الأدب المصرية، جريدة الحياة، مجلة الحدث الكويتية، مجلة نزوى العمانية مجلة الحداثة البيروتية، مجلة كلمات البحرينية، مجلة ابداع المصرية والبحرين الثقافية. فاز بالجائزة العالمية للرواية العربية - البوكر سنة 2010 عن رواية ترمي بشرر الصادرة عن منشورات الجمل.
إربطوا على قلوبكم حجراً علّ الحزن يهرب حين يضيق عليه المكان .
تلك القرى البعيده التي يقدمها لنا عبده خال في كتبه هي أقدام كبيره تدوس أطرافنا عنوة فــ نظل نحاول الفكاك وتأتي تصرفاتنا من وقع الألم سريعة كهارب طفق يركض
بدون تفكير ليجد قبلته دائماً شطر التعب ! , في الموت يمر من هنا كان طيف الموت كبيراً قريباً ماثلاً امام العيان منذ أن تحط نظراتنا على أول سطر يقع الفَجَع
كنت كلما هَمَمت بها أتأمل العنوان كثيراً وأعيدها إلى مكانها لأنني عرفت عبده خال جيداً لا فسحة للأمل فيما يكتب النهايات موجعة حتى لو أتت مثلما تخيلنا أو أردنا لابد
من غصه نتداركها بالتفكير الكثير , الموت يمر من هنا العنوان لوحده حكاية قد تلهينا لأيام طويله ونحن نحاول الإمساك بخطوط الموت التي تمر ( من هنا او هناك )
أحسست بتلك العين التي قلعت وركضت يدي تتفقد عدد أصابعها كنت أغطي أجزائي خوفاً من السوط الذي ينهال على الأجساد بين سطور الموت هناك و تاره أجد أن
يدي تتوقف لتغلق منافذ السمع مع تعالي صرخات الخوف والترجي والإستجداء هناك وفي راحة قدمي أحست بذلك الجذع الذي إخترق قدم أحدهم أيحدث معكم أن يتلبسكم
الكتاب بهذه القسوة كما يحدث معي ؟ نمت جبال من القهر حتى وجدتني أنحدر بقوه حينما أقفلت الكتاب عند نقطة النهاية ظللت لمدة طويله أنحدر من هذا الجبل الذي ما إن إنتهى حتى تركني عبده خال بعد
روايته أتجرع بعض التفكير على مضض فقدت الإحساس بعد الموت يمر من هنا وأصبح كل ما أشعر به هو لاشيء , أعتقد أنني يجب أن أخذ قسطاً من الراحه من
عبده خال بعد فسوق \الطين\ نباح\ مدن تأكل العشب\ الموت يمر من هنا أعتقد أنني تشبعت لحد كبير يكفيني عدداً لا بأس به من الأعمار , يجب أن أتوقف
عنه هنا لألتقط أنفاسي قليلاً , وأستأنفه بدعامات و حواجز تقيني شر الإنزلاق لسطوره فيما بعد.
ملاحظات : 1- الرواية مليئة بالأخطاء الإملائية الغريبة كأن يقدم حرف في كلمة أو يلغى من الأساس ! 2- أحببت تعريف أو بيان معنى بعض الكلمات الجنوبية التي يضعها الكاتب في أسفل بعض الصفحات . 3- الجنوب مرتع خصب لكل الأساطير والغريب أن الكثير منهم يسلم ويصدق بتلك الأساطير . 4- ليس هناك بطل محدد في الموت يمر من هنا \بإستثناء الموت فكل شخصية أخذت وقتها من الحديث و سرط الحكايات, وكان لكل شخصيه أسلوب محدد أستطيع من
خلاله تخيلها . 5- القفزات الزمينة مبهره هنا لم تكن مثلها في الطين حينما كانت تلك القفزات تبعثر فكري كثيراً .
شيءٌ من الموت يمر من هنا : * الحياة سؤال كبير جداً , ونحن نتف ضئيلة من هذا السؤال الضخم, نعبر أنفسنا دون أن نتمكن من إجابته كلما ألح علينا . * هناك من يربطك بعينيه وعندما تغادره يوكلك لظلك. * إننا حقول لهذا الزمن الذي يزرع فينا ويحصد . * ومادام الموت هو الوجهة الوحيدة فمن الأفضل أن يكون موتك عرساً يفتح نوافذ الفرح للآخرين , كي يمدوا قاماتهم قليلاً وهم يسيرون بك صوب قبرك ويشتاقون
لإجترار سيرتك حينما تظلم الطرقات إن الموت هو الموت لاتموتوا كما تموت البهائم . * كنت أنقش الحياة وحينما فرغت وجدت أن الجدار أعمى ! * لقد نفذ الموت هذه المره ! * ظللت الليل بأجمعه أنصب إبتسامة بيضاء لعينيها حتى إذا قطفتني كنت يانعاً بها ولهاً ,ما أتعس هذا الليل خبئني من الموت هذه المره أيضاً. * لماذا إذا غربت النساء من حياتنا أصبحنا وحوش كاسرة ؟ * نحن نخلق أحزاننا بغباء ونمعن في تضخيمها لتحيل حياتنا إلى كابوس مريع . * عندما تضحك تمنح الحزن متسعاً أرحب لأن يداهمك ببطئ . * هذه الحياة تظل تدور فيها باحثاً عن الجهات الأربع وتدور وتدور , وعندما تموت تمنح الأخرين حق توجيهك , عندها لا تعرف إلى أين يسيرون بك ! . * الحياة أقصر من لحظة إنتظار ! * كم أنا وحيد أطلقتني الحياة نطفة واحدة ,وأخذت تلهو بي تمدني حتى تبلغَ بي حدود َ الموت , وتعاود جمعي في حفنة تراب و أنا - في الحالتين - أبحث عن
التوحد , أبحث عن من ؟ ومع من ؟ ليتني كنت قادراً على قهر هذا الظلام ! يخيل إلي أنني لو أستطعت عبور هذا الظلام سأكون سعيداً بتلك الأحداث التي عايشتها ,
وسأكون فخوراً بهذه الجروح التي يحملها جسدي وقلبي ! .
بدأت في قراءة هذه الرواية عدة مرات، وفي كل مرة أتوقف ولا أكملها، ولم أكن أعرف السبب، ولكن هذه المرة ومع الوصول لنهايتها، أدركت أني كنت أهرب منها، أهرب من تلك المرارة التي تزرعها داخلي بمجرد قراءة عدة أسطر فيها. هل قرأت مرة لكاتب وشعرت أن كل كلمة يكتبها تمسك قلبك بين يديها وتعصره بكل قسوة، تشعر بتلك الغصة تحتاجك ولو ضغط عليك أكثر ستبكي بكل سهولة؟ في كل سطر، وكل فقرة، ومع كل راوي لن يتركك هذا الاحساس، وربما أغلقت الكتاب فقط لتتنفس .. لقد صدق "غازي القصيبي" فيما قاله عنها وعن الكاتب: " إن الإنسان الذي يستطيع أن يعذبك هذا العذاب كله, أن يشقيك هذا الشقاء كله عبر رواية , مجرد رواية , لابد أن يكون روائيًا موهوبًا, تحبه لموهبته وتكرهه لأنه يذكرك بالمأساة الإنسانية "
في تلك القرية البعيدة جدًا في الحكاية، القريبة جدًا من واقع الكثير من البلاد التي يسودها الظلم والقهر، تلك القرية لا يمر الموت فيها، ولكنه ساكن في كل جزء فيها، بل لا شئ هناك سوى الموت. رواية سوداوية لا مجال فيها لأي أمل مهما حاولت، شخصياتها وحكاياتهم التي تتعجب من قدرتها على وصف حالها بدقة مؤلمة، كيف لهم أن يعيشوا مستسلمين لهذا الموت المستشري في أوصال كل شئ حتى داخلهم؟! حتى الطبيعة قررت المشاركة في تعذيب هؤلاء ولا سبيل لديهم سوى الإستسلام. رواية لا تُقرأ دفعة واحدة، فهنا ستقابل الموت بكل أشكاله وأنواعه المتوقعة وغير المتوقعة.. فيجب أن تسأل نفسك: هل لديك القدرة لاحتمال كل ذلك ؟
هذه الرواية لم أستطع إلا انهائها في جلسة واحدة. وظلت تسكنُ أحلامي لفترة طويلة جداً. الصراع فيها على البقاء، والأمل الذي يحركُ الناس في ظل الخوف والرهبة. مؤلمة للحد الالهام. من الروايات التي لا تنسى بالنسبة لي. ومن أكثر الروايات التي أثرت فيني وفي كتاباتي.
يالله ماهذه المرارة التي أنتابتني كلاً منا لديه السوداوي الخاص به، وإن انتصر عليه وغرس سكينته وهرب منه ًفما هو الا انتصار مؤقت لاننا في هذه الحياة كلما تخلصنا من سوداوي ظهر لنا أخر أشد جبروتا
يا الله لا أعرف من أي ذاكرة يأتي هذا النص , مليء بغرائب القول و عجائب الأحداث , حيث الشخصيات فيه ملونه بالأسود و الأبيض و لا شيء فيما بينهما . "درويش" ذاك المجنون/العاقل كيف أضحى لعبة يلوكها أهل القرية كيفما شاؤوا . أما "السوادي" فجبروته و قسوته فاقت كل صفات الطغيان و الجبروت . و الحكايا تلك الحكايا التي تتناقلها الألسنة كم هي رهيبة و غريبة و مفزعة . دائماً هي هكذا كتابات "خال" معجونة بكل غريب و مثير .. يستسقيها من ذاكرة بعيدة و مجهولة , و يمطرها بألوان و أشكال من صنوف العذاب و القبح . مما يثير مخيلتك و يستفز بدنك و جمودك الداخلي , و يحرك فيك كل عاطفة ساكنه . هذة الرواية مغلفة بالحكايا الملتهبة بغريب القول و الفعل .. حيث قصة أصل "درويش" , ثم قصة "رعنا" و زواجها من ذلك الغريب .. التي جلست تحكيها لأبنائها في تلك الليلة الماطرة/المُهلكة , و القصص التي تدور حول "قبة راعي القبضة" , و قصص الجدة "نوار" .. إلخ , كل تلك القصص مُطعمه بخرافات غريبة و محفزة لشهية القارئ . هذة القرية يلفها الموت و يسكن خلف كل باب بيت من بيوتها , يحدق بعينين مفتوحتين و يتربص بالغائب و الحاضر ليوقعه في الهلاك الكبير و يخنق أنفاسه ببهجة كبرى . أما الوجوة و الشخصيات التي تعشعش في هذة الرواية بغرائبيتها و أصولها ففيها من كل ضد و نقيض .. و فيها تجتمع متعة الرواية و تتسرب بين صفحاتها . هذة القرية تصحو و تنام على الأقاويل تلوكها و تعجنها مع خبز الصبح و لُقمة المساء , فليس هناك ما يثير و يؤنس في تلك القرية سوى تبادل الأقاويل و السهر على تأليف الشائعات . حكاية "موتان" هي الشقاء الكبير بالفعل .. فكل الظروف المحيطة به صعبة و مُهلكه . تبدو القلعة ليّ كمغارة ضخمة الداخل إليها لا يخرج منها أبداً .. أنها عبارة عن تجسيد حقيقي للمرارة و العذاب و السلطة التي يبررها كذب و جبروت الحاكم . حكاية "موتان" حكاية مُتعبة جداً , قاسية , و موجعة في كل الظروف , يبدو أن موعده مع العذاب سيطول للأبد . فبدايةٍ بقصة أبيه و فقده لعينيه و تغربه , و إنتهاءً بقصة "زينة" و موتها و العذاب الذي لحقها من "ولي" المتسلط الجبار معاون "السوادي" الوحش ذو الروح الخبيثة , و أخيراً سجنه ظلماً و بهتاناً . "السوادي" هو الموت الذي يحيط بهذة القرية , و يلهمها العذاب المستمر . فأفعاله المتكررة و جبروته و سلطته تتعدى واقعية القدرة البشرية .. لتصل إلى حد الجنون و الطغيان بالسلطة . فيتصور للجميع كشيطان أمرد يريد أن يعبث بكل شيء يقع تحت عينيه . أحببتُ الفصل الذي تحدث عن أصله و مولده , و الحكايا و الأقاويل التي تدور حول ذلك . أنهُ فاجعة تقتلك سيرتها و تصيبك بالعمى الدائم . مشهد تشييع جثة "عبدالله" من المشاهد المؤثرة جداً , و التي إسترسل "موتان" في رسمها بدقة و بشهية مفتوحة للحزن و الموت و العزاء . أما الطريقة التي مات بها "موتان" فقد كانت دراماتيكية بإمتياز !! . أما حكاية "درويش" مع الحُب .. فهي حكاية ذات حظ بائس و مؤلم . بعدما تنتهي من هذة الرواية .. ستردد مع نفسك : ربما هذة الحياة ليست إلا تجربة صعبة لتقبلك لحقيقة نهايتك/( الموت ) !! هذا النص يجعلك تؤمن بأن الموت ليس حقيقة قدرية فقط , بل نقطة النهاية التي تقرر مصير حياتك كلها . لا أنكر أن قراءة هذا العمل .. شيء متعب , فأنت تحتاج لمضاعفة جهدك في التركيز و ترتيب الأحداث في ذهنك , رغم ذلك فإن المتعة التي توفرها لك قرائته تستحق هذا التعب .
لا أصدق أني استغرقت هذا الوقت كله في قراءة رواية ولا أني أقدمت علی قراءة رواية بهذا الحجم ولم أمل ولم أكل ولم أبيت أی نية لتركها وعدم إكمالها.. وكان لدی تصميم في كل جلسة أن أستمتع بقرائتها وأندمج معها.. وقد فعلت في كل مرة رغم تباعد تلك الجلسات وقصر زمنها لتزاحم يومي وضيق وقتي صحيح أن التيمة ليست بغريبة أو حتی معالجتها بجديدة .. لكن لاننسی أنها كتبت عام 1995.. وليس هذا السبب الوحيد لكونها رواية خالدة في رأيي.. وصحيح أيضا أن عبده خال أطنب وأسهب مرارا وأدمج الحكايات والرواة مع بعضهم البعض أحيانا في الصفحة الواحدة.. لكنني لم أسأم منه ولم أنشغل عنه وهذا لو تعلمون شیء عظيم نادر الحدوث بالنسبة لي يجعلني أتخذ موقفا من الكتاب وربما أتركه لغير رجعة.. وصحيح كذلك أن عبده خال صاحب اللغة الناضجة السامقة الغير معقدة في نفس الوقت استخدم مصطلحات كثيرة جدا من بيئته لم أفهمها وأعرف أنه قادر علی أن يأتي بمثيلاتها من الفصحی.. كل ذلك صحيح ولا أری داعي للتبرير.. هذا الكاتب الجليل.. ليفعل ما يشاء.. أسامحه تماما.. ولا أنسی أنه أبكاني بغزارة علی درويش ابن السابعة اليتيم وهو يحاول ان يتدفأ بين الأغنام ويرقد علی ضرع كلبة بين جرائها لكن حتی الحيوانات تلفظه ليموت في النهاية ميتة نجسة بشعة وبلا أی جدوی
كيف لي كقارئ عادي أن أفي هذه الرواية الرائعة حقها الأدبي في كل مرة يتفوق هذا الكاتب على نفسه لا أدري من أين له ذلك الكم الهائل من الحزن هذه الرواية رائعة بكل ما تعنيه الكلمة
العميقة جدا.. التي تجعلك تتوغل كثيرا في داخلك.. و تبحث عن الإنسان فيك.. حكاية الظلم الأبدية التي نسجت منذ بدء الخليقة، حين ينصب الإنسان من نفسه إلها على البشر.. لأنه قوي و هم الضعفاء، لأنه غني و هم الفقراء، لأنه كريم و هم الأذلاء.. و لأنه غارق في السواد.. الأبشع من حكاية الظلم.. هو خنوع البشر و رضاهم به، و تعايشهم معه حتى يغدو جزءا من حياتهم اليومية.. يتنفسونه مع الهواء العفن، و يشربونه مع الماء النتن، و يتجرعونه بكل رضا و سعادة.. متنازلين عن حقهم في عيشة كريمة هانئة..
عبده خال يهدينا نتفا من حكايات ممزقة، يوقظ الموتى من قبورهم و يجلس ليسطر ما يحكونه عن آلامهم، عذاباتهم، و بؤسهم.. حتى حقيقة موتهم التي شوهها البشر بألف رواية و رواية.. تسمع فحيح الموت بين السطور، و ترى ظلمة القبور و أنت تقلب الصفحات، لأن الموت يمر من هنا.. يجب أن تراقب خطاك جيدا كي لا تتعثر به، و تسقط فيه على حين غفلة..! لأنك لو تعثرت فلن تستيقظ أبدا، سيبتلعك الموت و يغرقك في هاوية (السوادي) المظلمة.. و التي لا يخرج منها من يدخلها..
درويش، موتان، و عبدالله.. هذه الدماء الغضة التي رفضت الانصياع للظلم، و صرخت عاليا لتوقظ أهل القرية النيام بسكر تحت مظلة السوادي.. لم يسمع لهم أحد.. و نعتوهم بالجنون، أرادوا أن يذيقوهم طعم الحرية، و السعادة، و النور.. لكنهم رفضوا..! و تمادوا في تعذيبهم، و الانقياد بطاعة عمياء لأوامر السوادي، الذي نسجوا حوله أساطير كثيرة من وهم خيالهم.. كي يعظموه أكثر، و يجدوا لأنفسهم أسبابا تبرر ضعفهم و خنوعهم.!
لا يهديك عبده خال نهاية توقظ فيك فرحة غرقت في وحول البؤس و الشقاء، بل يتمادى في تعذيبك.. و النبش عن ذاتك الإنسانية.. يقتل فيك لهفتك للوصول إلى النهاية بفاجعة تتلوها فاجعة، تتسارع في نبض تستغرب فيه استعجاله.. لكنه يخبئ لك ما لا تتوقعه.. حين تموت كل القلوب المناصرة للحق، و يهرب ما تبقى منها من بطش السوادي المخلد بظلمه في قلوب البشر، تدرك حينها أن الموت لا يمر من هنا فقط،.. بل هو يولد ليعيش و يستوطن و يتوغل بجذوره عميقا في أرض تعبق برائحة الدم، و لكي تبحث عن السعادة لا بد أن تهرب من عينيه.. التي تهديك موتا في كل مرة تنسكب فيها على جسدك.. فهذه قرية موبوءة بالشقاء، لا ينبت فيها الفرح.. و لا تعرف العدالة طريقا إليها..
في حكايته هذه، يوثق عبده خال حياة قرى الجنوب، الغارقة في بؤسها/فقرها/ و جهلها.. يجسد بتفاصيله الصغيرة التي يحيك منها ثوب روايته.. أساليب الحياة في تلك البقاع المنسية من الأرض، حيث يأكلها الجوع و يلتهمها الظلم.. قرى تستند على عصا متآكلة لتنهض في وجه الأرض، ترتجي السماء قطرة ماء.. و تطلب الرحمة من سيول دفاقة تبيد كل شيء في طريقها..
في الحقيقة كانت رواية جيدة جدا واستمتعت بها كثيرا لولا انها في النهايات استطرد عبده خال كثيرا وكتب الكثير من الصفحات عبثا كما أرى وكان هناك استطراد غير مبرر في بعض القصص حين يروي مثلاقصة درويش ثم شبرين ثم يدخل في قصة البحار ثم في قصة بحار آخر كل هذا في ثلاث صفحات فكانت مجهدة بالفعل وايضا بالغ في المصطلحات الجازانية التي وضعها بين قوسين حيث كان يستطيع استبدالها بمفردات فصحى تسهل على القارئ الغير ملم باللهجة .. عموما كانت القصة رائعة ومليئة باليؤس والشقاء وان كان هناك بها بعض المبالغات لكن لا تنفي احترافية وروعة عبده خال في القصة ككل .. شكرا .. ملاحظة : طبعة دار الجمل مملوءة بالاخطاء المطبعية التي تفوت عليك المتعة
الجفاف والسيل و"السوادي".. ثلاثة أسماء للطغيان، للظلم الذي يطأ القرية حتى لا يعود بمقدور أهلها سوى التسليم بها جميعا كقوى طبيعية طاغية لا مناص من الرضوخ إليها. كان بمستطاع خال نيل البوكر بهذه الرواية وحدها. بيد أنني لو كنت محرر الكتاب لحذفت بعض الفصول والحكايا المتشابهة وبعض الاستطرادات المغرقة في الفنتازيا والقصص التي تؤكد فكرة واحدة بشكل ممل.. لكنت حذفت أقل من ثلث الكتاب بقليل. وبالرغم من ذلك، فإني أضع خمسة أنجم كاملة دون نقص.
استطراد: أفرد فصلا صغيرا للسوادي يبرر فيه أفعاله، لو لم يفعل ذلك! ولم يفرد فصلا صغيرا عن النمامة خميس التي يتعاون معها السوادي لنشر الشائعات في القرية. تنكشف شخصيات الكتاب الرجالية إلى فكره مفادها أن مصائبهم كلها من النساء، فالسوادي والقحط والسيل كلها هينة دونهن. والفاجع ان الرواية لا نهاية لها، لن يتغيذ شيء لو أقفلتها في آخر صفحه أو قبلها بمئة صفحه، فحكايا السوادي تتناسل إلى ما لا نهاية مثل الطغاة على الأرض.
رواية جيدة من حيث الأجواء متميزة من حيث اللغة. أحيي في الكاتب أسلوبه اللغوي المتماسك كونه جزل وفي الوقت ذاته غير معقد أو عتيق. أحببت الأجواء القروية المفعمة بأبجديات قرى جنوب المملكة واليمن بعاداتها وألفاظها ومأكولاتها... إلا أنني لم أجد في فكرة الرواية شيئا مستحدثا، فهي تتحدث عن الفرد المستبد الطاغية الذي يتعامل مع الناس بالاستعلاء والقمع، ينهب محاصيلهم ويعتدي على نسائهم. نفس فكرة العمدة المستبد في ريف مصر أو الشيخ القبلي الظالم في اليمن. لقد نوقشت هذه التيمة مرارا وتكرارا. أعتب على الكاتب أيضا احتواءه الرواية في مايربو على الخمسمائة صفحة وأعتقد أن الحبكة لاتستحق هذه الإطالة كما أن التطور في الأحداث والشخصيات بطيء عموما. توقعت من عبده خال أفضل من ذلك وربما ألتقي بماهو أفضل في رواياته الأخرى.
كقطع أحجية يتلقط القاريء قصة أهل القرية ويظل السوادي كالمارد الكبير حاضرا في كل سطر ومع ذلك لا نراه إلا من خلال عيون الآخرين. ويظل كالخرافة لا تعرف حتى إن كان بالفعل موجو�� أم أنه مارد خرج من قبر الولي وعقول أهل القرية. يمزج عبده خال بين الأساطير الشعبية ذات التأثير الديني الواضح وتصورات شخصياته عن بدايات ولادة قريتهم ووليهم وسيدهم وتنتهي القصة بلا نهاية. تظل كل الخيوط مفككة لتتضارب مشاعر القاريء حول سلطة السوادي وجبن أهل القرية، بمن فيهم من وقف في وجهه، والكاتب نفسه على الخذلان الذي أحس به بعد القراءة كم نحن جبناء لاستشراء الظلم فينا
كعادته عبده خال، يغرقك بالحرن و "يذكرك بالمأساة الإنسانية." انزعجت من كمية السوداوية بالبداية بعدين اعتدت عليها بس رجعت حسيت بالملل قريب النهاية وما قدرت أكمّل. بشكل عام الرواية رائعة بس يمكن ما كنت بالمزاج المناسب لقراءة شي كهذا.
هنا نكأ عبده خال جرحًا نائمًا في جسد الأرض، فاستفاقت اللغة على صرخة من زمنها الأول.. رواية "الموت يمرّ من هنا" ليست نصًّا يُقرأ، بل حفرة تهوي فيها طبقة إثر طبقة، حتى تصل إلى أعماقٍ مظلمة من الإنسان، من الوطن، من الفقد.
اللغة هنا ليست وسيلة للزينة، بل أداة للحفر في الصخر: جمل تتلوّى كالعرّافات، وعبارات كأنّها ضوء خافت في زقاقٍ مهجور. لا زخرف زائد، لا رحمة في الوصف، بل كتابة تقطر صدقًا ووجعًا، كأنها مكتوبة بمداد الجروح… الرواية تفتح فمها على قريـة غارقة في البؤس، حيث الموت ليس حدثًا طارئًا بل “مارٌّ يومي” عابر سبيلٍ صار من أهل البيت. لا أسماء كثيرة، لأن الأسماء تُستهلك بسرعة في مدن الموت، لكن الشخصيات تنطبع في الذاكرة ككدمات لا تزول. وإن شئت، قل إن الرواية تتّخذ من الطفل بطلاً، لا لتخبرك حكاية نموِّه، بل لتريك كيف تنمو الوحشية في قلب البراءة، حين يُجبر الإنسان أن ينضج داخل فرنٍ من قهر.
المرأة في هذا النص ليست كائنًا روائيًا نمطيًا، بل طقس من الألم، حضور يعجّ بالتشظي. الجسد مؤذٍ، الرغبة مجروحة، وكل علاقة مشوبة بالخوف، والخذلان، والعجز… عبده خال في هذه الرواية لا يهادن. لا يسعى لإرضاء قارئ، ولا لتجميل واقع. إنه كاتب خرج من جلده ليصير مرآة صدئة، تعكس قبحًا حقيقيًا لا يُحتمل، لكنه صادق كالفقر والدم.
*رغم ما تتميّز به الرواية من لغة مدهشة ومناخ شعوري كثيف، إلا أن مسألة الحشو السردي تبرز في مواضع عدّة، وتستحق وقفة نقدية؛ من تضخّم الوصف على حساب التقدّم السردي، إلى تكرار المعنى بمفردات متقاربة، وشخصيات هامشية بلا وظيفة حقيقية، إلى الحشو كقناع للغياب البنائي وهلَّم جرًا… كان يمكن للنص أن يكون أكثر قسوة، وأكثر إقناعًا، لو احتكم إلى مزيد من الاقتصاد الفني والانضباط البنائي. فالقوة لا تأتي دائمًا من الإطالة، بل من التركيز والاختزال الذكي. والمفارقة أنّ الرواية التي تتحدث عن قرية “جائعة” كان يمكن أن تستفيد هي الأخرى من شيء من الجوع — جوع فني يضبط الإشباع اللغوي ويمنح الصمت موضعه العادل.
عبده خال : هو الشخص الذي يصف الأشياء و الأحداث السيئة بشكل جميل , ويجعل منها خالدة , وليست مجرده. الموت يمر من هنا = الموت هاهنا كل انواع الموت :((من ظلم واستبداد و قحط وجهل و خرافه و سجن وزد على ذلك الظروف القاهره ))في الموت يمر من هنا لا فرق بين أن تكون فوق التراب أو تحت التراب.. في هذه التراجيديا مررت مع شُخوصها بكل مامروا به من ألم , واضطهاد وهدر للكرامة الإنسانية والوصول إلى الحضيض,(درويش ومحروس ونوار وصابره وموتان وعبدالله وعبده راجح والشاقي والسوادي وخديخة نثروا خواطرهم وكشفوا عن خلجات صدورهم. تدور أحداث هذه المأساة في منطقة السودا ,حاكمها ظالم , وظالمٌ أهلها. مليئة بمفردات متعلقه بلهجة قاطني تلك المنطقة .
درويش :((أن تظل تسامر عظامك , وعندما تمل منك تتركك على قارعة الجنون تمضغ ماتبقى من الأسئله, تغزلها وتلبسها , وتفاجأ بأنها فضفاضه , فتردم ماتبقى منك في أحد شقوقها وتمضي . هذه الحياة سؤال كبير جداً, ونحن نتفٌ ضئيله من هذا السؤال الضخم , نعبر أنفسنا دون أن نتمكن من إجابته كلما ألح علينا . ((الغناء تاج المتعبين )),كنت مشتاقاً للبكاء.. لماذا يجف بكاؤنا كلما أدمنا الحزن؟ هل نظل هكذا نفترش أعمارنا , ونتوهم أن فرحتنا ستأتي عبر تلك الوجوه الغائبة بينما الزمن يلف أعمارنا ويقذفها خلفه , ويمضي تاركاً لنا حسرة أن نحيا.. سامحك الله أيها العجوز الطيبة أخبرتنا أن الطيبين والشرفاء هم العظماء, وهم يجابهون الظلم, لذلك فهم يعيشون غرباء , ومنبوذين ممن حولهم , وكلما سار الزمن تعاظمت قيمتهم , واستدل الناس على عظمتهم.. ألا ترين أن هذا القول ضرب من أحلام تسكن أوجاعنا, ولتساعدنا على عبور هذه الحياة القاسية ونحن نتوهم تلك العظمة الزائفة, فأي فائدة تلك التي نرجوها من أناس لانعرفهم حين يرفعون أسماءنا في حين أننا نكون في أحشاء الدود, وقد أصبحنا تراباً يدوسه الماره بلا اكتراث , وماذا يعني أن نعيش والحريق يشتعل في افئدتنا , واولئك اللذين يطأطئون رؤسهم ينعمون بم لذ وطاب...
هى زيارتي الأولى للأدب السعودي المعاصر.... وأعتقد أنها لن تكون الأخيرة بكل تأكيد. استمتعت بالأجواء العامة للرواية والثقافة الخاصة بذلك المكان... أعتقد أنه يقع في جنوب المملكة على التماس مع الحدود اليمنية.... فجاءت الرواية مصطبغة بالجو اليماني والثقافة اليمنية.
ذكرتنى الفكرة العامة للرواية برائعة ثروت أباظة "شئ من الخوف" ... وذلك مع إختلاف المعالجة بكل تأكيد.
أعجبتنى طريقة السرد متعدد الرواة... وعلى الرغم من تكرار بعض المواقف بوجهات نظر مختلفة.... إلا أننى أعتقد أن ذلك القالب أثرى العمل بشكل عام، أما اللغة المستخدمة، فعلى الرغم من صعوبة بعض المفردات "المحلية" والتى لم أفهمها كلها ... إلا أننى إستمتعت برؤية وأسلوب وبلاغة الكاتب "عبده خال" ولولا الإطناب الزائد وبخاصة فى الثلث الأخير من الرواية، لعددتها واحدة من أفضل ما قرأت فى هذا العام... وبمناسبة الثلث الأخير... فقد أحبطتنى النهاية جداً ... لأنها تخطت مستوى الواقعية للتحليق فى سماوات السوداوية.
بعد تردد ما بين الأربعة والثلاثة .... أمنحها ثلاثة نجوم والكثير من الشكر.
لا أدري كيف تمخض ذلك الخيال النابض بجنين الألم والبؤس عن كل ذلك الوجع !!! تلك رواية لا يكفيك قراءتها بل أن تعيشها بكل تفاصيلها الصغيرة .. ما كل هذا الإبداع الذي أدمع القلوب وأثار نيران الجروح المدفونة بدواخلنا والتي استكانت منذ أزمنة !! كيف جعلتنا جميعا وكأنها قريتنا وكأننا هؤلاء السكان ..وكأنني درويش ونوار وعبد الله ..وكل المقهورين معا !!
لم يؤثر في عمل أدبي كمثل هذه الرائعة منذ فترة طويلة ...أحببت الأسلوب والوصف والتفاصيل المملة والقادرة على النفاذ بداخلي ..أحببتها جدا ..
مغرق في سوداويته، قراءته تمتص الأوكسجين وحتى الحياة من حولك. وكأني به يدعو لانتحار جماعي ودعك من الحلم بحياة وغد أفضل فذلك لن يكون.. كذا هو مشتت جدا في كتابته. لا أظنني سأبحث عن كتبه مجددا.
الموت يمر هنا أول تجربة لي مع عبده خال! تقول لك هذه الرواية إذا أردت أن تحزن فلتتقن الحزن ! تقول أيظًا أنه لا أمل هنا لا أمل في هذه الإنسانيه المفقودة فينا ! و أن الشقاء دائما يكون من اختيارنا لا من اختيار من يُشقينا ! نحن من نرضى بالعذاب و الخنوع و الذل بل نرحب به أشد الترحيب و كأنه قدر لا يمكن تغييره و أن من يفكر بالتغيير هو مجنون خارج عن الطبيعة ! مجنون كدرويش مثلاً! كم عتبت ف البداية على النهاية التي اختارها درويش لنفسه و لكن بعد التأمل في مغزى الرواية لم أجد نهاية أفضل من هذه النهايه له، بل أنه لو كان قتل السوادي أو السوادي قتله لفقدت الرواية جمالها، درويش يُمثل الُمصلح الذي يعتقد نفسه مُصلح! نعم فداخل كل منا طاغيه حتى درويش عندما أراد الوصول لشئ اختار أن يصل إليه بأبشع الطرق قتل شخصا و قطع أذنيه ! أيعتب على السوادي تعذيبه له؟! كم أحببت شخصية درويش فهي تبين التناقضات الإنسانية ، فدرويش لم يُحاول أبدًا أن يقضي على السوادي بالرغم من تمكنه من ذلك و لكنه كان يطلب من أهل القريه ذلك! و حجته في اعتقادي واهيه!
و من جمال الرواية أيظًا أنه حتى السوادي تمنى الموت فالموت كان هاجس الجميع ، هناك من مات و من يموت و من سيموت و من يتمنى الموت و لا يموت! شبرين و محروس ابدع الكاتب في حبك حكايتهما في السجن فبقدر ما كان لشبرين بعد نظر و أسلوب مختلف مع محروس و الجميع مما آتى ذلك بنتائج، كان لدرويش الظاهر فقط و اعتقاده بأنه المُصلح الوحيد! لكل شخصيه أثر تركته في نفسي فالكاتب استطاع أن يوغل في النفس الإنسانيه ببراعه و أسلوب بسيط فلن أنسى الجدة نوار و ابن الشاقي و موتان و شبرين و درويش و رعنا و صالحه و لا حتى السوادي نفسه! اعجبني أن الكاتب لم يوضح إذ ما كان درويش هو ابن المرأة التي كانت في القلعة أم لا، فالنهايه المفتوحه تعني الكثير هنا!
في النهاية بقدر ماضخم اهل القرية السوادي و بقدر حبك الخرافات حوله بقدر ما كان السوادي شخص ضعيف يتمنى امرأة يقول لها أمي! نحن من نصنع الطغاة، و نصنع الحزن، والشقاء، و نتلذذ به! فلينتصر الموت إذًا.
اقتباسات من الرواية أعجبتني :
فليس أمامهم إلا إحراق أيامهم بالصبر ذاك الصبر الذي يطلبون من الله أن ينزله مدراراً لكي يروي أيامهم القادمة . __________ اللعنة على كل سؤال له أكثر من وجه ، فكلما أمسكت بوجه سخرت منك بقية الأوجه الطليقة. أين أقبر هذه الأسئلة المتراكمة؟! فرأسي أصبح مقبرة تضج بالأسئلة المحمومة ... ________ و عبثًا تذهب صراختي فيهم : -لن تعود الحياة مرة أخرى ، فبماذا تداوون هذه النفس المتعبة ، و بماذا تعللوها ، اخرجوا من أنفسكم لأنفسكم!! فيبادلون صرخاتي بسخرياتهم البليدة ، و يمعنون في الغناء الذابل عله يحمل تعبهم الذي لا ينتهي . كتب علي أن أسير في رحلة معكوسة ، فيها الصم والبكم ، والعميان ، هل هذه هي الحقيقة أم أنني الشاذ في هذا القطيع المسالم .... أه .. أه لو حدثتهم عن تبادل الأدوار لاستلقوا على ظهورهم ظاحكين و امطروني بأقذع الأوصاف .. و هل يجدي لو أخبرتهم بأننا غرس يحصدنا الأخرون ، حتما سيرجمونني بألسنتهم- كالعادة : -ليس وقتك الآن أيها المجنون !! _________ أعلم أن الغناء هنا تاج المتعبين ، فكلما ضاقت بهم الدنيا تقطروا غناء ورفعوا مواويلهم الشجية التي تسفح التأوهات بترنيمة حارقه ، حتى الحمير هنا تغني بانتظام ، و عندما تيأس من الإنعتاق من حمولتها ، أو تعبها اليومي لا تجد مناصا من الوقوف في مواجهة السيل الذي لا يتوانى من إلقائها -في طريقه- أغنية مهدمه. ________ غرست عيني في وجهه للحظات و أشحت عنه .. كنت مشتاقا للبكاء .. لماذا يجف بكاؤنا كلما أدمنا الحزن ، كنت أريد أن أعاتبه .. اشتمه .. اقبله .. أن أفعل أي شئ يزيح هذه الغمة من داخلي!! لكني ام أفعل شيئا سوى جر أقدامي و السير كما تسير الأحصنة الهرمة .. _______ جميل أن تمارس جنونك و أنت تعلم علم اليقين أنك تسير على حد شفرة قاطع ، و تعلم أنهم قادرون على ردمك حيًا ، و دهسك بإقدامهم ، و هم يلعنون سيرتك . _______ في الخلاء، و في المقابر تدرك سر عظمتك ... كانت العظام البالية ترحب بي ، و قد برزت من فجوات القبور الممفجورة بفعل السيل ، أو مخالب الكلاب التي لا تمل من نبش هذه القبور الرثة .. حتى الكلاب تجرؤ على مضغك ، و أنت ممد هكذا !! كانت بقايا سيقان و أذرع و جماجم متناثرة بفناء المقبرة .. آه تلك القامات التي كانت في يوم ما شامخة ها هي اليوم نهب للأقدام ، و حوافر البغال!! هنا تأمر فلا يطيعونك ، و يأمرونك فلا تجيب ، هم يبكون من التراب الذي ران عليهم ، و أنت تبكي من أسواط السادة التي سكن جلدك في كل لحظة . حاولت بقدر الإمكان تجنب دعس تلك العظام المبعثرة في كل مكان ، و كانت محاولتي تحتاج إلى الكثير من الحرص و الإنتباه .. _______ ربنا يسقي بلاد الكفر و لا يسقي بلاد الحسد . ________ نحن أنانيون ... نرغب أن نرى يقوط الظلم و أن نرى ثمرة أعمالنا و نحن أحياء .. إنها أنانية محضة .. لماذا لا نجعل الخير يعبر فوق أجسادنا .. كل الخير أن تسقط أجسادنا لينهض العدل.. ________ هؤلاء الناس لا يعلمون أنهم حمام الأرض منحهم الله أجنحة لتحلق بهم في أجواء الفضاء .. إنهم يألفون الأقفاص و يصبح خارجها سجنا لا يطاق .. إنهم حمام غبي يألف سجانه الذي يمدهم بقليل من الماء والسكر و يتركون ذلك الفضاء الفسيح ليناموا بداخل قفص ضيق. ________ كنت أحمق من نملة عندما استعجلت ذلك، فبدلاً من أن أتوجه مباشرة للسوادي شغلت نفسي بأمور جانبية قادتني للفخ كطائر ترك السنابل و انقاد بغباء صوب حبيبات نثرها له قناص محترف. لم أشعر بالخجل من نفسي إلا حينما قدت إلى هنا، كثير من الحماقات نرتكبها في لحظة تهور غير محسوبة العواقب . كان من الأجدر أن أعي أن المنحدرات السحيقة تحتاج لصبر و جلد و أن تكبح اندفاعك قدر المستطاع . و مادام الموت هو الوجهة الوحيدة فمن الأفضل أن يكون موتك عرسا يفتح نوافذ الفرح للأخرين كي يمدوا قامتهم قليلًا وهم يسيرون بك صوب قبرك، و يشتاقون لاجترار سيرتك حينما تظلم الطرقات. إن الموت هو الموت فلا تموتوا كما تموت البهائم !! __________ قد يقول أحدكم إني أنثر المواعظ خلف العتمة .. فلا بأس فحينما يتقدم بنا العمر نرى مساوئنا ناصعة، ساعتها لا نملك إلا ذرف الحكايات المملة. قبل خمسة و عشرين عامًا اخترت الموت وعزَّ اللقاء ، فكلما تهيأت لملاقاته يعبرني غاض الطرف ، و يمضي الإنتظار عبثًا و بقى يرمقني طوال هذا الزمن المديد و أنا مكبل في أغلالي دون أن يقبض هذه النفس .. أليس من الظلم أن تعيش ميتًا!! __________ أحاديث الجدة نوار تداخلني في كل حين ، فهي تؤمن أن الذين يعمرون الأرض يرحلون منها مبكرين ، و أنا هل حاولت فعلاً أن أمد أعمار من احببت أم اختصرتها و خلقت مناحة على رحيلهم ، و هل ما قمت به هو محاولة لتعمير الأرض بوقود كان يمكن أن يؤدي دورًا أفضل من الدور الذي ساهمت به .. هل كنت أود بمقتلهم أن تمتد بقية الأعمار ؟! ___________
بؤس عذاب معاناة سوداوية وظلامات والمزيد من الظلامات كأني بعبده خال تحدي كل ما يعرف بالسعادة او الامل او حتي النهايات السعيدة وقرر ان يكتب عكسه بالكامل ....رواية تشعر بالضياع في اول 50 صفحة تم شىء فشىء تتضح امامك الحكايات لتوصلك الي ما تريد معرفته ...ولكن اعيب علي الرواية طولها المبالغ فيه والحشو الزائد ...وايضا من الجميل ان نعرف بعضا من اساطير الجنوب ولكن ليس كلها وعرضها بالتفصيل ..كان ممكن انهائها ب 300 صفحة وتكون بذلك من التحف الخالدة ...ولاتجعلك تشعر بأي ملل كما هي الان في الكتير من فصولها ....وايضا هل يريد الكاتب ان يلمح بطريقة مبهمة لدولته السعودية وحكامها الذين يشبهون كتيرا في تصرفاتهم السوادي ....المهم رواية ممتعة جميلة تغلب عليها الظلامية ..لكنها رواية جميلة ..