دراسة فلسفية لطبيعة المعرفة، وأنواعها، وشروطها؛ وهي الاعتقاد، والصدق والتسويغ. ويناقش أبرز النظريات التي قدَّمها الفلاسفة المعاصرون في تحليل هذه الشروط. ويجيب عن الأسئلة المتعلقة بالفهم والتفسير والمعرفة العلمية. ويتعمق أهم فروع الإبستمولوجيا المعاصرة مثل الإبستمولوجيا الطبيعية والإبستمولوجيا الاجتماعية. زد على ذلك أن المؤلف يعالج مفاهيم المعرفة من خلال التحليل اللغوي والمنطقي. ويدافع عن رؤية للفلسفة بوصفها توضيحًا مفهوميًا بالإضافة إلى نزعة طبيعية. ويقدم مذهبًا إبستمولوجيًا سماه المذهب الطبيعي المعتدل، يأتي في إطار صورة معتدلة من النزعة العلمية.
في هذا الكتاب متعة معرفية حقيقية؛ فما يقدمه الدكتور صلاح إسماعيل يتجاوز ما شاع في هذه الكتابات بكثير.
ينتقل الدكتور صلاح من المعرفة ومعناها والمشكلات المرتبطة بها، ليصل إلى الاعتقاد (على سبيل المثال: أسئلة الاعتقاد ومعناه والجدل حوله ونظرياته)، ثم الحديث عن الصدق (أسئلته وحوامله، ومواضيع أخرى ترتبط به)، ثم التسويغ (وهو واحد من أهم فصول الكتاب)، مع إيراد شروح وتعريفات لأهم المذاهب في نظرية المعرفة التقليدية والمعاصرة، ليصل إلى تحليل مضامينها، وتقديم النقد الملائم على أسس معرفية.
مطالعة هذا الكتاب تُنْتِج فوائدَ جمَّة، ومفيد للقارئ المهتم على الأقل، ويحتاج القارئ المبتدئ إلى كثير من الصبر وهو يقرأ عبارات الكتاب وأفكاره.
وبدون أدنى شك، هذا الكتاب يتقدم على جميع الكتب الأخرى في هذا المجال.
ومن أهم ما ينجزه الدكتور صلاح إسماعيل رغبته الدائمة في تحديث معرفته، وبَثّ الجديد دومًا في كتبه وأبحاثه، وكأن أمانته تدفعه دومًا لتزويد قرائه والمهتمين بأحدث ما تتوصل إليه المعرفة في هذه الاختصاصات التي ينشغل بدراستها.
تجربتي الثانية معك يا دكتور صلاح – بعد "فلسفة اللغة" - وبلا شك لن تكون الأخيرة!
عرض شافي ووافي للإبستمولوچيا المعاصرة، لكنني - وإذا سمحتَ لي طبعًا - لي مأخذ عليك في اعتبارك أن الدين والوحي نوع من المعرفة، التجربة الدينية لا علاقةَ لها بالمعرفة يا دكتور، هي تجربة "وجودية" لا معرفيَّة، أو إن شئتَ قُل "عِرفانيَّة" كما يقول المتصوّفة، فالمعتقدات الدينية خاصة وذاتية بعارفها، لا موضوعية خاضعة لمحكمة الصدق والتسويغ، فالاعتقادات الدينية لا يمكن تسويغها، إلَّا إذا اعتبرنا اليقين الوجداني تسويغًا.. وحينها لن يكون هناك معنىً موضوعيّ لما نقصده بالتسويع! وإذا اعتبرنا الاعتقاد الديني معرفة فكيف نُفسِّر تضارب هذه المعارف [الأديان] المختلفة؟ وإذا كان ثمَّة أي عنصر عقلاني في الدين، فهو لا يعدو قضية الاعتقاد بسبب فاعل أو غائي للكون. أما ما بعد ذلك فيدخل في باب الحدس والإيمان المحض.
وسأكون شاكرًا لو أطلَعتني على فروع المكتبات التي أستطيع أن أجد فيها كتبك..