Zygmunt Bauman was a world-renowned Polish sociologist and philosopher, and Emeritus Professor of Sociology at the University of Leeds. He was one of the world's most eminent social theorists, writing on issues as diverse as modernity and the Holocaust, postmodern consumerism and liquid modernity and one of the creators of the concept of “postmodernism”.
إننا نعيش في عالم بلا بدائل، إنه عالم يفترض واقعاً وحيداً للجميع، إنه عالم يطلق كلمة «مجذوب»، وفي أفضل الأحوال كلمة «غريب الأطوار» على كل من يعتقدون بأن كل شيء له بديل، بما في ذلك أفضل نماذج الحكم وأعمق الأفكار، بل ليس هناك من تفاؤل بالاعتقاد بأن الشر أمر عابر لا يهزم الرأفة الإنسانية، إننا نعيش في عصر الخوف والسلبية والأخبار السيئة، فلا سوق للأخبار السارة، إن مجتمع الإنترنت هو مجتمع يستحوذ عليه الخوف، وصار مكاناً مثالياً لكل ما يتعلّق بصناعة الخوف والإثارة الممنهجة للذعر والهلع، إنه يبرز ويكشف صعود التكنوقراطية المرتدية قناع الديموقراطية، في واقع الأمر ثقافة الخوف هي ثقافة الضحالة، ولكنها تسمى هنا خطأ باسم «القدرة على التكيف»، وإلى ألعاب استراتيجية لا نهائية خالية من المعنى، وإلى بلاغة فارغة. —ليونيداس دونسكيس.
إننا نعيش في ثقافة النسيان لا الحفظ، فالقضية هي الخيانة التي طاردت إخلاصنا، ذلك الحبل المتين الذي كانت تعتصم به الهويات البشرية لتتوافق مع بقية الثقافة الحديثة السائلة، وتتناغم جداً مع عادة الإنسان الغارق في التعلق بقشة، فهذا هو الشيء الوحيد الذي يمكن أن نتوقعه من حياة نعيشها في ظل ما يسميه توماس إريكسن «طغيان اللحظة»، إذا ما المتشائم هو متفائل عليم هكذا يقول الظرفاء أو إنه متفائل ذكي كما يعتقد كثيرون، واليوم يعتقد أن المتفائلين سطحيون وتافهون بل حمقى ومغفلون..! —زيجمونت باومان
هذا العمل المشترك ؛ حوار ونقاش مطول ما بين عالم الاجتماع زيجمونت باومان و الفيلسوف ليونيداس دونسكيس ، في محاولة أسر الالتباسات والتشوشات العصرية. حيث يتم نقاش فكرة الشر في عصر الحداثة السائلة، وعرض أهم تجلياته وظواهره الكثيرة من سمات وخصائص متعارضة، عبر مقاربات دينية، وسياسية، تاريخية، اجتماعية، فلسفية ، أدبية، سينمائية، وسيسيولوجية، وأخرى...برؤى تحليلية تقدم صور و مرايا عن مفهوم الشر التاريخي والمعاصر. وكذا العنف الهوياتي في ضوء التحولات الاجتماعية ، والثقافية والاقتصادية، بما فيها موازين القوى المهيمنة في مجتمعنا الاستهلاكي الحديث السائل، ليصبح الكتاب بذلك أحد حلقات سلسلة السوائل التي كتبها باومان، مع التنويه بأنه سبق له الحديث عن موضوعة الشر في معرض مؤلفاته السابقة؛ كما في كتابي ( الحياة السائلة (2005)، والأضرار التابعة (2011).)
الكتاب بصورة وأخرى يسلط الضوء على إشكالية الأخلاق، أو العمى الأخلاقي، في عصر تتجاذبه قوى متصارعة تدور رحاها بين : قوى الفردية، وقوى الاجتماع البشري بكل تناقضاتهم المتضادة، وتحولاتها، في السعي إلى السيطرة أو الهيمنة على مفاصل ومناهل الحياة، وملذّاتها الرّاهبة في الوجدان .
هذا الكتاب عبارة عن مقالات تشكل حوارية ثنائية متبادلة بين الكاتبين زيجومنت باومان ولينيوداس دونسكيس يتناولون فيها موضوع الشر، ومظاهره المتحولة التي أصبحت تشكل جزء من واقعنا المعاصر وعالمنا، بحيث يبدو أن الناس يقبلونها إما متجاهلين كونها شرا، أو تحت تبرير غياب البديل.
إنه يتحدث عن عالم اليوم الذي لم تعد الأمور تنقسم فيه إلى التصنيفات القديمة الصلبة للشر والخير، العالم الذي يستمر عبر تدمير البيئة وتهميش الفقراء والضعفاء، وتتبدل فيه القيم لتصبح القوة الشرائية هي القيمة المؤثرة عوضا عن القيم الأخلاقية والإنسانية التي تنتمي إلى عالم قديم.
التطبيع مع الشيطان هو الإسم الذي تختاره المترجمة لتصف تحولات الشر في عالم متغير بتسارع ولا تملك فيه معظم القيم والمفاهيم صلابة ثابتة، متغيرة كسائل يأخذ شكل إناءه.
حقيقة لم أنبهر بكتاب " الشر السائل : العيش مع اللابديل" لزيجمونت باومان و ليونيداس دونسكيس ، ليس لأن الكتاب سيء ، بل لأنه ليس على مستوى الضجة الثقافية المثارة حول كتب السيولة لزيجمونت باومان .
لعل اهم ما يميز باومان هو محاولته كبح غرور العلمانية وكبرها ، ويتركز جهده النقدي في محاولته لتأسيس سوسيولوجيا نقدية ، حتى يمكن القول أن كتاب الشر السائل كتاب في سوسيولوجيا العمى الأخلاقي ، وهي تسمية متأثرة برواية العمى لجوزيه ساراماجو .
حالة السيولة هي الصورة المجازية التي قدمها باومان في رسمه التحول الذي مرت به الحداثة الغربية ، فالحالة السائلة لا يمكن أن تحتفظ بأشكالها بسهولة ، فالكتاب يدور حول أشكال الشر القديمة والجديدة عن طريق استعمال فكرة " السيولة" كإطار نظري متجاوزًا فكرة لاهوت الشر وشياطينه ، محاولًا رصد دور الشر السائل في التخلي عن الحس الأخلاقي .
إذن ليس الشر السائل عند باومان وليونيداس هو الشر اللاهوتي ، أو معضلة الشر عند الملاحدة ، إنما يرصد الشر كطبيعة وليس طارئًا ، وتجلياته في صورته السائلة التي قد تخفي طبيعته ، فقد يظهر صديقًا لا شيطانًا مريدًا .
ومن هنا فإن حوارات باومان وليونيداس ترصد الشر في الممارسات الحداثية الغربية ، ولعل في هذا الإطار كانت التجربة الروسية والشيوعية حاضرة بقوة عند ليونيداس ، مع تأكيده على أن أكثر الظواهر مزعجة في الشر السائل = هي ظاهرة الإنتهازيين السياسيين اللأخلاقيين ،فحين أوضح كارل شيمت أن السياسة الحديثة هي لاهوت في جوهرها ، أي أن فكرة السيادة هي علمنة لفكرة الإله ، أصبحت الدولة تمارس السيادة والقمع بلا أخلاق ، فأصبحت تحدد من أعداءها ، وتعطي نفسها حق التشريع القانوني والأخلاقي ، فكما أن الإله لا يُسال ، أصبحت الدولة لا تُسأل ، ومن هنا يظهر الشر السائل ، حيث تصبح كل صور القمع وسائل مشروعة للحفاظ على سيادة الدولة ، فيظهر الشر في صورة خير ، فيصبح الطريق للحفاظ على الأخلاق كما تقول " حنة أرندت " هو العصيان .
أدرك باومان عواقب الحداثة ، فانتقد مشروع اليوتوبيا الحديثة ، أو ما أسماه ب " وعد الحداثة " الذي يتمحور حول : رؤية للحياة خالية من الشقاء ، ووعد بحياة أفضل ، وكان ذلك مسؤولية الدولة ، ولذلك فإن الشر القديم المتمثل في احتكار الدولة لوسائل القهر ، تحول إلى شر سائل عندما سحبت الدولة مهماتها ، وألقت بالناس إلى التنافس الحر بين قوى السوق ، ومن هنا فإن رأس المال يقوم بدور الإله عند باومان تمامًا كدور الدولة ، حيث يصبح الاقتصاد دينًا جديدًا يستعبد البشر في طاحونة الشقاء الرأسمالية . ومن هنا يتم السؤال عن البديل ، فالاشتراكية مثلّت يوتوبيا بديلة للنظام الرأسمالي ، فلما سقط الاتحاد السوفيتي ، تم تصدير الرأسمالية السياسية كنموذج أوحد للبشرية ، وبالتالي تم القضاء على الأحلام الطوباوية وتصدير اعتقاد أنه لا بديل عن الراسمالية وطغيان الاقتصاد في ظل سيطرة منظومة استهلاكية .
ولا يعنى هذا أن مؤلف السيولة يرى أن الاشتراكية الشيوعية هى الحلم البديل ، بالعكس ، فقد وضع النظام الشيوعي والرأسمالي في سلة واحدة ؛ حيث يعمل النظامان على تأكيد آفاق الحداثة ووعودها .
واعود وأكرر رغم الجانب الإيجابي في نقد الكتاب للحداثة وما ينتج عنها من شرور سائلة ، إلا إني لم أشعر بأن ثمة جديد ، وربما لا يكون هذا أصلًا عيبًا في الكتاب ، وتظل أطروحات المسيري في هذا المجال - أعنى نقد الحداثة - أقرب إلى نفسي من اطروحات باومان ، حتى لو كان المسيري كما يقول " حجاج أبو حجر " تأثر بباومان ، إلا أنه بالنسبة لي فإن ما استوعبه المسيري من أفكار انصهرت في رؤيته الإسلامية الإنسانية حتى وإن شابتها بعض بل كثير من التحفظات .
الكتاب هو أحد إصدارات سلسلة السيولة التي بدأت بكتاب "الحداثة السائلة" وتتابعت بعدها الكتب التي تتوسع في دراسة مفاهيم ومعان مختلفة وتحليلها بواسطة نفس النموذج التفسيري الذي أسسه "باومان" وهو نموذج السيولة. لو أردنا أن نوجز معنى السيولة _ولاشك أنه إيجاز مخل_ فيمكننا القول أنه غياب المرجعيات الصلبة والمعايير الأخلاقية والسقوط في فخ النسبية بكل ما يحمله من غياب لليقين والأمان والسكينة وبكل ما يعنيه من تغييب للبدائل والاختيارات وترسيخ لمعاني الحتمية القدرية والعجز حيال قهر السلطة وانعدام الحيلة. كتابنا هذا عبارة عن حوار بين "زيجمونت باومان" و "ليونيداس دونسكيس" وهو حوار ثري للغاية وغير تقليدي يزخر بالأفكار الذكية والملاحظات الثاقبة والتحليل الدقيق لكثير من جوانب حياتنا اليوم، المشكلة الوحيدة ربما كانت هذا التدفق غير المنظم للأفكار دون ترتيب فيما يشبه العصف الذهني والذي تسبب لي أحيانا في تشوش وعدم قدرة على استخلاص الأفكار الرئيسية للكتاب. الكتاب عبارة عن مقدمة وأربعة فصول والحقيقة أن هذا التقسيم ربما يكون خادعا لذا سأكتفي ببعض الاقتباسات المباشرة التي تنبيء عن الفكرة الرئيسية لكل فصل دون الخوض في أفكاره الفرعية والتي هي ثرية جدا بالمناسبة :)، ومع ذلك فقد ألحقت بعض الاقتباسات المهمة في صور كمحاولة لجمع أكبر عدد من الأفكار المهمة في نظري. _المقدمة عن فكرة الشر السائل واللا بديل فكما يقول ليونيداس نحن نعيش في عالم بلا بدائل يوصف فيه أي شخص يفكر في البديل بأنه غريب الأطوار، فلا بدائل لأنظمة الحكم ولا للأفكار ولا المشروعات فثمة طوفان من المعتقدات الحتمية القدرية التي تتنبأ بكوارث وشيكة وسقوط تدريجي ونهاية للعالم وهذا الخوف ينمو وسط مناخ لا بديل فيه للأنظمة السياسية المعاصرة ولا لاستبداد الاقتصاد ولا للمواقف تجاه العلم والتكنولوجيا ولا العلاقة المفترضة بين الطبيعة والإنسان فنحن لسنا في مأمن والشر ليس مجرد أمر عابر يمكن هزيمته بل هو شيء أساسي لا يمكن تخطيه وإنما فقط الخضوع لسيطرته وقهر سلطته . _الفصل الأول بعنوان "الاحتفاء بالنزعة غير الشخصية" وفيه يقول زيجمونت باومان أن الدولة لم تعد تطلب مشاركة جماهيرية في الشرور التي ترتكبها فلا تعبئة شاملة ولا تجنيد فهي تستعين بجنود محترفين وهؤلاء عبارة عن أدوات مبرمجة لا يدخلون غالبا في لقاء مباشر مع ضحاياهم ولا شعور بالذنب تجاههم إنما هي مجرد أوامر يستجيبون لها دون أي حسابات أخلاقية، كذلك في عالم اليوم ثمة احتفاء بالمصلحة الشخصية التي يمكن أن تحصل عليها بسبب فعل ما دون اعتبار للمعايير التي تزن هذا الفعل وتقيمه في إطار أخلاقي، فمصلحتك فوق الجميع ومنفعتك الشخصية هي الأولى وليس ثمة مرجعية لأحد سوى نفسه وسلامته ومنفعته بعدما يتحرر من الروابط الإنسانية المضمحلة والمتلاشية والتي صار التملص منها في عالم اليوم أمرا هينا. _الفصل الثاني بعنوان "من عالم فرانز كافكا إلى عالم جورج أورويل: الحرب هي السلام والسلام هو الحرب" وفيه يرى باومان أن الانتقال من عالم فرانز كافكا إلى عالم جورج أورويل يمثل الخط الفاصل بين الشر الصلب والشر السائل، ففي عالم كافكا قبل الحرب العالمية الثانية لم يستطع أحد تفسير ما حدث ولا معرفة أسبابه ولا منطقه ولا نتائجه بوضوح كاف لكن كان هناك أمل في بديل وكانوا يؤمنون بأن هذا البديل سيظهر عاجلا أو آجلا، أما في عالم جورج أورويل فلا أسباب ولا منطق ولا بديل أبدا، وهذا هو منطق الشر السائل أنه لا بديل وأنه أنت من يجب أن تفعل الشر بنفسك وليس هم، كما صرخ ونستون في رواية 1984: "لا تفعلوا بي ذلك وإنما بجوليا" وفي النهاية تحب الأخ الكبير. _الفصل الثالث بعنوان "أين وفاء الحداثة بالوعود الكبرى التي قطعتها على نفسها؟" وفيه يرى باومان أن نجاح السلطة في عالم اليوم ليس مرهونا بأي شيء سوى قوتها وقدرتها على إنفاذ مشيئتها وقهرها لمن تتحكم بهم سواء كان ذلك عبر عنف حقيقي أو أداء اقتصادي مستبد، فالفضيلة والرذيلة لم يعودا مرتبطين بمعايير قبلية وإنما بنتائج بعدية، أي أن ما تقوم به يتحدد وصفه بنجاحه أو فشله فإذا نجح أمر ما _أيا كان الحكم الأخلاقي عليه_ فهو عظيم ورائع وإذا فشل فهو وضيع وحقير، فالحركات الثورية تغدو نبيلة وملهمة إذا نجحت في إزالة أنظمة الحكم القديمة أما إذا فشلت فهي مجرد تمردات حمقاء لزعزعة الأمن واستقرار الأمة، فالقوة _وليس الحق_ هو ما يمنح الأمور معانيها أما العجز والضعف فلا يلقى سوى الاحتقار واللامبالاة، ولذلك فإن أنظمة الحكم اليوم ديكتاتورية أو ديمقراطية لا هم لها سوى حيازة القوة عسكرية كانت أو اقتصادية، ونشر الخوف بين رعاياها عبر طرق مختلفة، وغسل الدماغ سواء تم ذلك بقوى خشنة أو ناعمة ودون أن يترتب على ذلك حشوها بأي شيء آخر فنحن نعيش عصر غسل الدماغ المستمر لتظل عقولنا خاوية فوضوية دون أي معتقدات أو أفكار مهمة . _الفصل الرابع بعنوان "أشباح الأسلاف المنسيين؟ مراجعة للنزعة المانوية" وهو من أصعب الفصول بالنسبة لي لكن الفكرة الرئيسية التي حاولت استخلاصها منه هي أن الشر في عالمنا اليوم ينظر إليه بوصفه قوة مستقلة حقيقية منفصلة عن قوة الخير ومواجهة لها ويمكن منحها الاحترام والتقدير وتبرير أفعالها وليس مجرد أمر عابر يمكننا هزيمته وتخطيه ومنعه من تدمير إنسانيتنا وأخلاقنا، وهذا ما يسميه باومان حتمية التشاؤم التي يفرضها البعض في عالم اللابديل، فهناك ترسيخ لمعتقدات الحتمية القدرية لنماذج الحكم الحالية بنسختيها الديكتاتورية والديمقراطية وكأن البدائل منعدمة وكأن أي أمل بإمكانية البحث عن بديل أكثر أخلاقية وإنسانية هو مجرد تفاؤل ساذج أبله لا يجب الالتفات إليه. وبعد، فهذا كتاب مهم للغاية لفهم عالمنا الذي نعيشه ليس هنا في بلادنا المغلوبة على أمرها فقط، وإنما كذلك في العالم القوي الذي يحاول فرض سيطرته علينا وتصدير نفسه باعتباره النموذج الملهم الذي يجب أن يحلم به كل أحد ويسعى إليه وكأنه غاية الغايات بينما هو في الحقيقة نموذج ساقط اجتماعيا وأخلاقيا لا جذور له ولا أساسات يخلق كل يوم أوضاعا قابلة للانفجار وينميها بقهره ولا مبالاته، وهو كتاب مهم كذلك لفهم طبيعة الشر الذي يتسرب عبر كل جوانب حياتنا _مهما بدت ضئيلة_ بطرق غاية في الخفاء والدقة فيحيط بنا كأنه قدر لا مفر منه ويفقدنا تركيزنا وقدرتنا على مقاومته بل ويسلبنا حتى الأمل بهزيمته ذات يوم . "والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون"
“Akışkan Kötülük”, sosyolog Z. Bauman ve Litvanyalı felsefeci ve siyaset kuramcısı Leonidas Donskis’in günümüzde kötülüğün kılıkları üzerine 2016 tarihli diyalogu. Büyük ölçüde, Berlin Duvarı’nın yıkılması, Sovyetleri Birliği ve Doğu Bloğu’nun dağılması sonrası neo-liberal siyasetin önünde hiçbir engelin kalmadığı bir dünyayı, Thatcher’ın “Başka bir alternatif yok”la ifade ettiği ideolojinin mutlak hakimiyetini anlatılıyor. Diyaloğun kimi yerlerinde, kapitalizme iyi bir alternatif oluşturmadığı halde Soyvetlerin yıkılmasının trajedi olarak görüldüğü ifade ediliyor. Çünkü böylece eleştirel bir konum alma olanağı ortadan kalktı. Geçmişte dünya komünist ve totaliter devletler ile eşitsizlik üzerine kurulu kapitalist ideoloji arasında bölünmüştü. Doğu Blogu hiç değilse hala mekansal bir alternatifti. Oysa Berlin Duvarı yıkıldıktan sonra kapitalizm mutlak zaferini ilan etti. Herhangi bir alternatifin tasavvur bile edilemediği, tüketime, performansa dayalı, büyümenin ve beraberinde getirdiği sömürü düzeninin azgınlaştığı, savaş baronlarının yönettiği ve kitlelerin basın yoluyla kolayca manipüle edildiği, kısacası her türlü sömürünün içselleştirildiği tek kutuplu bir dünyada yaşıyoruz artık. Donskis’in dağılan Sovyetler sonrası Litvanya ve Orta Avrupa üzerine düşünceleri ve içeriden gözlemleri kitaba çok şey katıyor. Kimi yerlerde uzun uzun sanat üzerine mütalaa etmesi, söz gelimi Parajanov ve Kiri Muratova sineması ve Batı’dakilerden ayrıldıkları noktalar üzerine düşünceleri de ilgi çekici. Kitapta Orwell, Huxley, Zamyatin ve Bulgakov gibi yazarlar da sıklıkla yer buluyor, kehanetvari romanları günün tarihsel gelişmeleri ışığında yeniden irdeleniyor. Kötülük üzerine yazmış Agustinos ile dünyayı iyinin ve kötünün savaşı olarak gören Maniheizm üzeri düşünceler de ilgi çekici – ki son bölümün başlığı “Maniheizme Geri Dönüş”. Burada bir not: bu büyük geri dönüşün günümüzde en iyi şekilde temsil eden, milyonların okuduğu -ve izlediği- son dönemde popüler kültürün vazgeçmediği epik “Yüzüklerin Efendisi” bu bölümde yer bulabilirdi bence. Keza “Yüzük”te simgesini bulan söz konusu güç, yahut iktidar istencini manici, yani ikici bir bakış açısıyla ele almayan, bu yolla da farklı bir alternatif sunan Wagner’in “yüzük dörtlemesi” de incelenebilirdi. Biri mücadeleyi özünde karanlık ve ışık arasındaki savaş olarak resmederken diğeri yasaların, örf ve adetlerin artık yetersiz kaldığı, dinin, kahramanlığın, liderlerin işlevini yitirdiği, güç peşinde doğanın katledildiği ve halkların hem belirsiz gelecekle hem de kendi iradeleriyle kala kaldığı fazlasıyla karmaşık bir dünyayı anlatıyor. Yine de, sözgelimi Etik’te Badiou’nün kötülük meselesini daha yaratıcı ve ufuk açıcı şekilde ele aldığını düşünüyorum: en basit şekilde İyiye yahut kolektife ihanet olarak kötülük düşüncesi gibi. Yahut temel hakların, yeme içme barınma, yani özünde hayatta kalma olarak değil de insandaki ölümsüz olan üzerinden düşünülmesi... Ezcümle siyaset ve tarih konusunda bilgilerim kısıtlı olsa da bu kitapta beni düşündüren, komünizmin toptan mahkum edilmesi. Geçmişin komünist ülkelerinin entelektüellerinde görülen ve bir ölçüde oldukça haklı bir tavır bu -kitapta da sık sık anılan Kundera ve Milosz örneğinde olduğu gibi. Dışarıdan bakıp yargılama kolaycılığına kaçmamalı. Yine de söz konusu tavır bir açmazı da beraberinde getiriyor gibi geliyor: bu durumda tahakkümün olmadığı yani sınıfsız bir toplum tahayyül etmek ne kadar mümkün? Her komünist deneyim Stalingiller yönetimiyle mi sonuçlanmak zorunda? Yoksa, Badiou’nun dediği gibi, burada bir ihanet mi söz konusu? Sözgelimi aynı tavır Amitav Ghosh’un “Büyük Kaos” adlı incelemesinde de yer buluyor. Komünist tahayyül, geçmişteki suçlarından ötürü, kesinlikle bu vahşi kapitalizme alternatif olarak konamıyor. Bu durumda geriye kitleleri mobilize edebilecek tek bir seçenek kalıyor ki iki kitapta da yer buluyor: Papa Francis’in “Evangelii Gaudium”u.
Me gusta la noción de la dificultad de detectar y eliminar el mal. Al contrario que el mal sólido, que se identifica en una figura simbólica y concreta del "diablo", y se puede extirpar como un tumor, el mal líquido se incrusta en el tejido de las dinámicas sociales, y de evolución y crecimiento mucho más insidioso y tórpido. También las menciones al maniqueísmo son discutidas aquí.
También me ha gustado el concepto de la doctrina TINA (There Is No Alternative) y de la adiaforización (el pasar por alto el peso moral implícito en los actos de una persona)
Sin embargo, la estructura se pierde cuando se mete en las temáticas políticas de la Europa del Este, y entonce sí que mi atención se dispersó.
-لعل القارئ يكتفي بكتب زيجمونت باومان الثلاث الأولى عن باقي السلسلة كلها تدور حول بعضها وإن كان هناك إضافات أخرى في كل كتاب فيها. -انتهيت الكتاب في الصباح الذي أعقب الشر السائل"تفجيرات لبنان" كان شرًا سائل لحق بالجميع في بيروت الأطفال،النساء،الرجال كل من هو هناك لحقه هذا الوجع وهذه المأساة،كان الله في عون بيروت،والعرب،والإنسانية التي مازلت تحتضر على فراشها منذ سنين.
أنهيت للتو، كتاب الشر السائل، وهو ٱخر كتاب ضمن سلسلة السيولة للكاتب البولندي الكبير زيغموند باومان. في مجلدين كبيرين.
سلسلة تتضمن مشروع باومان الفكري (الاجتماعي) في نقده للمجتمع الغربي، خصوصا فترة ما بعد الحداثة.
عنوان النقد كان "المجتمع الحديث السائل" ، وقد تفرعت عنه كتب أخرى فرعية، تفسر النظرية في مختلف تفرعاتها وتشعباتها.
هذه أبرز الافكار التي عالجها الكاتب بالتفصيل الممل عبر مؤلفاته :
الفرد أصبح أكثر حرية، لكنه أيضًا أكثر عزلة وهشاشة، وبهذا طرح باومان المعضلة الكبرى في التوفيق بين الحرية والأمن، حرية أكثر تعني خوفا أكبر.
الروابط الاجتماعية والسياسية أصبحت مؤقتة وسطحية، من خلال عجز السياسة المحلية عن حل مشكلات ذات طابع عولمي. ثم الهشاشة التي باتت تتسم بها الروابط الانسانية، والعلاقات العامة، المجتمع السائل لا وجود فيه للزواج، ولا وجود للاعباء والمسؤولية في العلاقة. كل ما هنالك هو المتعة واللذة.
الدولة القومية تفقد قوتها أمام السوق العالمية، السوق أصبح هو المتحكم الرئيس في كل الحركات والسكنات، امكانية تحويل كل شيء الى سلعة، والتخلص السريع من السلع، كلها مقاييس جديدة في عالم السرعة والمال. والفقدان الاجباري لسلطان الدولة.
الهوية أصبحت مشروعًا فرديًا متغيرًا باستمرار، من خلال طغيان الفردانية كمذهب ( انا ومن بعدي الطوفان)، ثم تهرب الدولة من حل المشاكل المجتمعية، وانتظارات لحل مشاكل اجتماعية بمجهودات فردية، (رؤى فردية).
هناك عيبان كبيران في كتابات باومان السائلة :
- الاول قفزه غير المبرر من فكرة الى فكرة، احيانا تخبط واسترسال عشوائي ، وكأنه يريد فقط ملء الاوراق. حشو زائد في مواضع كثيرة.
-ثانيا تكرار لكثير من الافكار التي وردت، تكرار بشكل حرفي، بدون سياق.
بغض النظر عن هذه العيوب المنهجية، يعتبر باومان في نظري كاتبا يستحق الدراسة، وشكرا عبد الوهاب المسيري الذي أثار انتباه القراء العرب لهذا العالم العظيم.
هل سأقرأ مجدد لباومان ؟ بالتأكيد، هناك الكثير من مؤلفاته التي تنتظر الاطلاع.
“En este ambiente generalizado de miedo y fatalismo, surge el convencimiento de que no hay alternativas a la lógica política contemporánea,ni a la tiranía de la economía,ni a las actitudes hacia la ciencia y la tecnología,ni hacía la relación entre la naturaleza y la humanidad (…) el mal se mueve entre nosotros disfrazado de una presunta ausencia de alternativas”
الكتاب:الشر السائل المؤلف:زيجمونت باومان وليونيداس دونسكيس . ترجمة:حجاج أبو جبر،مراجعة:هبة رءوف عزت. عدد الصفحات:193. #الشر السائل:ينتشر،يتحرر من القيود ويتخصخص √على مدار السنوات الأخيرة،التزم الشر،ومازال يلتزم بهذه العادات والنزعات المائعة،إنه كغيره من السوائل التي: تجري،وتنساب،وتتناثر،وتنهمر،وتتسرب،وتفيض،وترذ،وتتقطر،وتنز،وتسيل،فلا يسهل إيقافها كما هي الحال مع المواد الصلبة.إنها تدور حول بعض العوائق،وتذيب أخرى،وتحفر أو تنقع عوائق أخرى حتى تخترقها،إنها تخرج سالمة عندما تلتقي المواد الصلبة،وأما المواد الصلبة التي تلقاها،فإن ظلت صلبة،فإنها تتعرض للتغير،وتصير رطبة أو منتقعة. الكتاب بدأ بفكرة المانوية وانتهى بها،وهي امتزاج الصراع الخير الالاهي والشر الشيطاني في الكون وعدم استقلالية أحدهما عن الٱخر وطبعا ليس مهمة الإنسان تغليب أحدهما على الٱخر،أو اختيار أحدهما وعزل الٱخر،فهذا شيء مستحيل؛لأن الشر طغى واستقل وكسب مرونة وملايين الأوجه التي لا يمكنك تمييزه من خلالها.بل كل المطلوب من الإنسان هو الاستمرار في محاولة فك هذا الترابط . إننا نعيش في زمن اللابديل وذلك لانعدام فرص الاختيار أو قبول غيرية الٱخر،فمن ليس معي فهو حتما ضدي،ومن هو ضدي فهو بالضرورة عدوي؛حتى وإن عشت معه بفكرة التعددية الأنيقة التي تقبل الٱخر لكن ترفض تجاوزاته الإنسانية. لم يعد الشر يأتي على هيئة شخص أو كيان أو فكرة،إنه متجذر في أوصال الأمة التي حلت محل الدين، و القوة الإقتصادية مكان القوة العسكرية.لقد فتحت الرأسمالية التوحش على مصرعيه الذي أثبت مقولة سبنسر ونظرية داروين؛حيث قال الأول بإقصاء الضعيف لصعود الأقوى ويقول الثاني بضرورة تأقلم الثاني مع التغيرات الكونية التي أقر باومان بصعوبتها في ظل الامبريالية التي تنتفح على الكل وتتحكم في الكل ولكنها لا تمنح الفرصة لمن ضعف أو سقط. الشر السائل في نظر باومان بالعروق التي تسير في الجسم فلا يمكن حبسه ولا استئصاله،وقد ساعده في هذا التأصل زعزعة الذاكرة وإلغاء الماضي والعمل على غرس خيم فكرية في ذهنيات الشعوب،تظهر وتختفي دون ترتيب وبلا معنى؛فيصبح التركيز على ماض انتقائي تقوم على اثره خلافات وحروب داخلية تؤدي إلى التمزق والتشتت.
#من عهد كافكا الصلب إلى زمن أورويل السائل: (إننا نغرق في الوحل) عبارة ذكرها جورج أورويل في روايته 1984 لخص واستشرف فيها واقعنا؛إننا بالفعل نغرق في وحل الأسواق العالمية المتغولة،التي جعلت منا مجرد مستهلكين لا يفكرون ولا يتكلمون ولا يدافعون إلا بصفة فردية،الفردية ثم الفردية فلا مكان للجماعة؛لأنما في زمن حرب (الجميع ضد الجميع).هذا الجميع الذي جاء لينقسم إلى جمع يقدس ماض دولته ويتحمل تبعات ماضيها دون أي حاجة للإعتذار (روسيا مثال وهي دولة تمثل مرحلة اللاإيديولوجيا حاليا)،وجمع جاء ليقدم اعتذارا ليسقط النظرية الهوبزية (ألمانيا مثالا).ومن هذا المنطلق ركز باومان في جزئية كبيرة من كتابه هذا على القوميات التي كانت سببا في إقصاء شعوب أوروبا الشرقية وإهمالهم والإنتقاص من قيمتهم باعتبارهم شعوبا لم ترق إلى الكائنات المقيمة في أوروبا الغربية التي تملي حاجاتها،وتفرض قوانينها وتجعل من النازحين إليها مجرد أفراد يرددون شعاراتهم ويحفظونها، ويدينون بالولاء المطلق لتلك الحكومات،وقد عارضه في جزئية وأتم فكرته دونكسيس الذي يرى أن سقوط الامبراطويات كانت السبب في خلق هذا الصراع وامتداد هذه الثغرة التي ما كانت لتظهر لو أن الشعوب تكاملت فيما بينها انسانيا. ذكر باومان مجموعة من الأدباء والشعراء: ( غوغول،كافكا،ميخائل بولجاكوف،شولوم ألايكم) الذين كان لهم الفضل في كشف الوقائع والتنبؤ بالأحداث ورغم كل ما قدموه ،هناك منهم من اعتزل الكتابة؛ لأنه لم يتمكن من ايقاف حرب.هنا نتأكد أن قوة الكلمة تعادل قوة السلاح بل قد تفوقها. ذكر موريس غولدشتاين في عصر التنوير اليهود كفئة حاولت الاسهام في انعاش الحياة الثقافية في ألمانيا،و ردا عليه رأى باومان أنها محاولات لن تدوم واسهامات ستبقى حبيسة الفكرة؛بسبب سياسة الاقصاء من جهة(عودوا إلى خيامكم).ثم إن التفاؤل مجرد سذاجة لن تنجح في مقاومة الشر السائل الذي نراه ونسمع عنه كل يوم في الأخبار البشعة _التي يركزون على تعميمها وتكثيفها_، والتي رغم بشاعتها لم تعد تحرك في كياننا الانساني شيئا؛لأن الكائنات البشرية بصفة عامة و أخبار تدميرها والقضاء عليها أضحت بالنسبة لنا مجرد كيانات احصائية فقط.
"لقد مضى العهد الذي كانت فيه أجهزة الاستخبارات والشرطة السياسية تعمل بجد لانتزاع الأسرار وإرغام الناس على كشف تفاصيل حياتهم الخاصة، بل وأدق تفاصيل حياتهم الشخصية. وعلى أجهزة الاستخبارات في هذه الأيام أن تشعر بالابتهاج وانعدام الحاجة إليها في آن معا؛ فما هي وظيفتها في عالم يفصح فيه كل فرد عن كل أحواله بنفسه؟ حتى وإن لم يكشف الناس عما يفعلون، وعما يكرهون، وكيف أصبحوا أثرياء، فإنهم ما زالوا على استعداد بأن يكشفوا عن الأصدقاء والمعارف. ومن المحال ألا يشاركون في هذه البنية، فإذا ما تركوها فإنهم يفقدون إحساسهم بالماضي والحاضر، ويقطعون الاتصال بالزملاء، ولا يؤدون واجباتهم، وينفصلون عن جماعتهم. ففي الواقع الافتراضي، وفي الفيسبوك، يختفي جانب جوهري من جوانب الحرية الحقيقية، ألا وهو تقرير المصير والاختيار الحر للاجتماع بالناس لا الإغراق في صداقة لمجرد أن التكنولوجيا لا تسمح للفرد بأن يحيا حياة متحضرة بغير هذه الطريقة."
قراءة ثقيلة لكنها ذات أهمية. الشر السائل يبرز كيف أصبح الشر جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، مختبئًا في عاداتنا وتجاهلنا المستمر للمشكلات. يطرح باومان فكرة أن هذا الشر قد تطبّع في عالمنا إلى درجة أننا لم نعد نلاحظه. ورغم سوداوية الطرح، فإن الكتاب أثار في نفسي العديد من التساؤلات حول مسؤولياتنا هل نحن فعلاً جزء من هذا الشر؟ وعما إذا كان التغيير ممكنًا في عالم أصبح فيه الشر سائلًا، يتسرب إلى كل زاوية دون أن نشعر.
كم كنت نافذ البصيرة ولك رؤية شديدة التركيب يا زيجمونت!!! أولاً أُثني علي هذه الترجمة الشاعرية الرائعة والتي تشعر وكأنك تقرأ كتاب قد كتب بالعربية ولم ينقل إليها من لغة أُخري، وهذا يرجع لسببين أولهما أن حجاج أحد تلامذة المسيري رحمه الله وثانيهما تخصصه في هذا النوع من الكتابات الإجتماعية، والتي تبدوا واضحة في كتابه الذي الفه في مقارنة بين رؤية باومان وعبد الوهاب المسيري ونقطة التماس بين فكريهما. الكتاب إسمه نقد العلمانية أو (mapping the secular mind ). ** ففي عالم تسوده الروابط الإنسانية المحطمة والوعود والكلمات المبالغ فيها، لم تعد الخيانة مسألة صادمة؛ فعندما يغيب الإخلاص عن مركز شخصيتنا، ويختفي كقوة جامعة لهوية الإنسان، فإن الخيانة تصبح فضيلة اللحظة. فماذا يحدث للسياسة إدا ؟ إنها تصبح ملاذاً لأناس يؤمنون بما أسماه إريك فروم من قبل «الحقيقة المتقلبة» الظرفية؛ إنها تناسب المغامرين والمجرمين والمحتالين. والفائز يأخذ كل شيء، كما في أمور عالمنا الذي يزداد فيه التنافس والنزعة الأداتية . سأسوق هذه الحال على لسان شخصية في مسر حة مار إيفاسكيفيتشيوس الطرد (2011) كما أخرجها أوسكاراس كورشونوئاس. والشخصية الرئيسة تقول إن عبور الحدود سيكون سهلاً، ولكنَّ هناك شيئاً واحدا سيضطر المرء إلى تركه وراءه، شيئاً واحداً لن يستطيع المرء أن يأخذه قيمة حياته، فمتى وقع هذا التغير ، قبل الطرد أم بعده؟ وأي طرد نتحدث عنه هنا؟ هل هو طرد الذات الراغبة في الرحيل والابتعاد من المكان؟ أم الطرد الراغب في التخلص من شيء، التخلص العمد من شيء يبرهن بصورة قاسية على عيوب المرء أو عيوب النظام؟ وهل ستتمكن من أن تكون على طبيعتك؟ أم أن عليك أن تحول نفسك إلى قرد. أو ببغاء صغير بذنب طويل ردد بلا فهم ما للطبقة العليا من طريقة كلام ومفردات وآداب وحركات جسد؟ إن الفاعل الجمعي في دراما الطرد هو الحشد الضخم المجهول. ومحظوظون من يستطيعون الهروب من مخيمات اللأجئين أو طالبي اللجوء، فتلك اللاأماكن تتمتع بمداخل مفتوحة للجميع، لكن مخارجها مغلقة بإحكام. لكن هؤلاء المحظوظين لا يبقي لهم شئ يستثمرون فيه آمالهم سوي أطواق نجاة رديئة يصنعونها بأنفسهم في بيوتهم بغير إتقان.
الفصل الأخير في الكتاب والذي يستعرض فيه المفكرين أرائهم بخصوص الديانة المانوية والتعددية الأنيقة والتعددية القوية هو في رأي أحد أهم الفصول لأنه بيلقي الضوء علي الخريطة المعرفية الغربية والأوربية وكيف أنه فكرة عالم الشر الموازي وعالم النور أي إنه يوجد نوع من التجاذب والإنقسام المتفق عليه مسبقاً بين الإله والشيطان وإن لكل منهما حدود متفق عليها لا يطغي أي منهما علي عالم الأخر وإلا فمصير الطاغي علي الأخر هو الموت. هذا يلقي ضوء أكثر أهمية علي الرؤية الحتمية القدرية أن الإنسان مقدر له أن يكون دمية تتجاذبها قوتان، وهو لا حول له ولا قوة. وأخيراً التحدث عن اللابديل والبديل! هو كتاب يبعث علي التأمل والتفكر بعيداً عن الصورة البراقة التي تم حفرها في عقول الملايين بخصوص الحداثة وأنها علاج لكل الآفات، شبح اللابديل هنا هو عدم قدرة كل من الفريقين من رؤية أي مخرج أو منظومة سياسية وفكرية للخروج من هذا المأزق والمتمثل في فصل القيم الإنسانية عن الحياة بل وتحييدها، ولا يخفي عن الجميع إزدياد أتباع الحركات اليمينية المتطرفة والخوف من الآخر وطرد الآخر، بل وقتله!!!
The book has some interesting musings on political philosophy and is a continuation of Bauman's ideas on liquid modernity. It showcases author's erudition and his broad cultural and political knowledge, but the writing is poor and disconnected. First two chapters are the best, introducing the concept of liquid evil and rooting it in specific examples. This should have been published as an article, in my opinion, not a book. Because part from those 2 chapters, the book has nothing to offer if you're into social sciences. Like, discussing nationalism with references to Hobsbaum? How original! Drawing parallels between Putin's Russia and Orwell's 1984? How deep! The remaining two chapter read like a conversation between academics that is fun to be a part of and dreadfully boring to read. The book ends with a message of hope and optimism without giving a slightest hint of what can be done about the evil. The whole book is about how utterly desperate the whole world situation is and then it says "well folks we've no idea what to do but let's hope for the best". What a lazy way to end you political analysis.
وبأكمال هذا الكتاب اختتمت سلسلة السيولة وكان زيجمونت باومان لا يضيف سوى لمساته الاخيرة على فكرته الجوهرية عن عصر السيولة الحالي ولكن الاضافة هنا كانت تعرفي على ثقافة أوروبا الشرقية من خلال المساهم في كتابة هذا النص (ليونيداس دونسكيس) مع باومان والذي اخذنا في جولة لعالم من اقتراحاته تنوعت بين مسرح وسينما وروايات وكُتاب ساهموا في صناعة الوعي لدى الموطن في دول البلطيق وبقية دول (أوروبا الشرقية) فهو رسم لنا ذلك العالم ماقبل السوفيت ومابعد انهيار.
في المجتمع الذي يخضع تماما للفردنة تصبح إعادة إنتاج (الشر السائل )مهمة نؤديها معا كأفراد على طريقة '"افعلها بنفسك ''
حاجاتنا الوجودية إلى الجذور و الوطن إذا ما تجاهلناها أو احتقرناها قد تؤدي الى نكوص حاد في شكل تعويض رمزي مثل الارتباط المتشدد بمذهب أو ايديولوجيا بحيث يصبح وطنا رمزيا
إن مقولة الحرب هي السلام و رسالتها المتواصلة إنما يخفيان الحقيقة التي مفادها أنه لم يبق شي منهما في هذا العالم ولاوجود للحرب و لا للسلام في أشكالهما الماضية بل يمكن استبدال أحدهما بالآخر و دمجهما معا
لقد كتب على البشر و المجتمعات. العيش في مناطق زمنية مختلفة، فهل يمكن وصف مثل تلك المناطق الزمنية علاوة على آلية انسحابنا و عودتنا بأنها. ظواهر معرفية؟ و هل تتعلق بذاكرتنا الانتقالية التابعة لأهوائنا؟
لقد حاول الاتحاد السوفيتي على مدار سبعين عاما أن يؤسس لحضارة جديدة و ذلك بوضع نسخة علمانية من الدين الذي يعلو فوق الثقافة في مركز تلك الحضارة و كانت النتيجة نموذجا مشابها للعالم الاسلامي ما عدا ما يلي ١- جرى وضع دين علماني في موضع الحكم الاعلى للثقافة بأسرها. ٢- هذا الدين على العكس من الاسلام لم يكن اصيلا في وجدان الجماهير و لا النخب المثقفة و لهذا فقد بقي كيانا مفتعلا ، لا حضارة حقيقية قادرة على جذب الالتزام بغير اكراه.
الامريكي او البريطاني او الألماني ليس بحاجة لأن يقول كلمة عن هويته ، لأنها تتحدث عن نفسها بصوت السلطة الاقتصادية و السياسية التي تمتلكها بلاده ، اما الاوروبي الشرقي عندما يقدم نفسه او يقدمه احد فلا بد ان ينتقل الى سردية تاريخية ثقافية او غالبا سردية ما بعد الحرب الباردة ليحكي قصة انتماء بلاده الى الغرب و ان كان انتماء مشوشا و معطلا.
ليس هناك مايدعو اليوم الى وصف اوروبا الشرقية بانها ارض الغموض و الابهام فاوروبا فقدت ايمانها بالاسس الصلبة الدائمة لنظامها الاجتماعي و الأخلاقي. و اما الاسلام و الدولة المسلمة فيجري تصويرهما على انهما الارض الوحيدة التي تبعث على التهديدات الصريحة و الضمنية و انا الاوروبي الشرقي اذا تصادف انه مفكر فيصبح ابن عم فقير بدلا من منافس او عدو فانه مكتوب عليه ان يختار بين ترديد الدعاية الغربية لليمين و ما تتسم به من خوف مرضي من الاسلام و الخطب النارية لليسار ضد الولايات المتحدة الامريكية او مراجعة حياته و اتخاذ موقف اخلاقي يتسم بالانفتاح و التعاطف مع من خلفوا مواطنيهم باعتبارهم عجا ئب. ثقافية حضارية او قوى شريرة جديدة
صار البشر أنفسهم بضائع استهلاكية يجري استخدامها و التخلص منها في سلة المهملات. لقد خلقنا حضارة التخلص من الفوارغ و هي حضارة آخذة في الانتشار.
في عصر الفيسبوك تتحول الامم الى وحدات متجاورة للاقطار بلغة و ثقافة مشتركتين. حيث تبدو اللمة تجمعا لافراد متنقلين يندرج منطق حياتهم في نموذج الانسحاب و العودة و صار الأمر يتعلق بمعرفة الكترونية افتراضية بمشكلات البلد او عدم الدراية بهذه المشكلات الدائرة على الانترنت فإما ان يكون المرء متصلا او يكون غير متصل بالانترنت و هذا هو الاستفتاء الشعبي العام اليومي الذي يتسم به المجتمع الحديث السائل.
دافع المال احرى ان يكون له الرأي في انفاقه
المنطق واحد. إنه منطق السرب الذي يخضع لسيطرة خفية في إعادة تتجسد. لدير ( تيليم) ، سرب من المستهلكين
الخوف يأتي في المرتبة الثانية بعد التعري في قا ئمة اثمن السلع في السياسة و الاعلام
المشكلة الحقيقة اننا نعيش في عالم بلا بدائل و هو يعلن بغطرسة انه الواقع الوحيد و ان كل من يعتقدون بان لكل شيء بديلا انما اناس مجانين او غريبو الاطوار.
"إن الثقافة الحديثة منقطعة الصلة بالأخلاق، بمعنى أنها تتجه إلى استئصال فكرة المسؤولية الأخلاقية الفردية من دون أن تأخذ المسؤولية الجمعية على محمل الجد .. والبؤر الرئيسة الأربع لهذه الثقافة هي: النظرية القائلة بأن البيولوجيا أو الوراثة العرقية هي قدر، والاعتقاد بأن الإنسان هو آلة تحسب النفع وتعظم المتعة ولا ينبغي له أن يكون غير ذلك، والإيمان بأن الفرد هو في المجتمعات القائمة مجرد ضحية لظروف وجوده القمعية والمعدمة والتعجيزية والمقيدة (من دون القدرة على أن يكون سيد قدره ولا أن يتحمل المسؤولية عن أفعاله)، والفكرة القائلة بأنه لا يمكن إنقاذه من "السياسات الاجتماعية الرشيدة"، وهي سياسات يشارك في تحديدها من سيجري مساعدتهم باعتبارهم مجرد أدوات للخبراء".
الشر السائل: العيش مع اللابديل – زيجمونت باومان وليونيداس دونسكيس
كتاب نافع ومهم ويلقي الضوء على أكثر القضايا أهمية في مجتمعاتنا الراهنة، وهي "حتمية الشرور" التي رافقت أوجه الحداثة الأوروبية وعمت البلاد جميعاً من بعدها، فالكتاب يناقش الأزمة الأخلاقية التي خلقتها الحداثة والتي اقتلعت الإنسان من جذوره فأصبح ريشة في مهب الأيديولوجيات تتقاذفه فيما بينها بمفاهيمها النسبية والتناسبية، أهمها أيديولوجيا تبرير الشرور وإقرار حتميتها وانعدام البديل الموفق لها.
تناول الكتاب الشرور السائلة في ثقافة السوق اليوم والقائمة على الربح وتعظيم المتعة واللذات مقابل انحطاط في الجانب الخلقي والروحي، حتى غدا الشر مجزأ في كل وجه حضاري وأصبح كل منا ينتجه ويعيد خلقه بنفسه بعد قرار مفاهيم الأيديولوجيا الحداثية في عقله، وانتشار "الخوف السائل" الذي بات يهدد حياة الفرد اليوم فأصبح الإنسان يعيش في دوامة من القلق والارتياب التي تدفعه للشر دفعاً قد لا يشعر به على الإطلاق.
وتحدث الكتاب عن صورة الشر الصلب لدى كافكا والشر السائل لدى جورج أورويل، متناولاً روسيا اليوم كمثال على سيولة الشر وتجزئته وخلق النماذج البشرية المتواطئة معه، ومن هنا انتقل للحديث عن الحرمان السلعي الذي تمارسه ثقافة السوق كنوع من الشرور الذي يقابل الحرمان الكنسي سابقاً، فعندما مثل السوق اليوم ديناً لرائديه كان من الواجب خلق نوع من الحرمان يصمون به من يخالف مبادئهم، حتى أضحى عالم اليوم مانوي الثقافة يعيد إنتاج الشر كأداة ضرورية له لتحقيق غاياته الربحية.
ويشدد الكتاب نهاية على توسيع الرؤى واليقين من وجود العديد من البدائل وليس بديل واحد عن هذه الثقافة الأليمة التي تقصي الإنسانية من البشر وتبقيهم فارغي العقول والقلوب سعياً لتحقيق غايات ربحية سلطوية لا تفيد جهة غيرها.
الكتاب جيد ونافع لقرائه، وفي الحقيقة فإن سلسلة السيولة بجميع كتبها مهمة وضرورية لفهم الوضع الراهن.
عمل مشترك آخر، يُخرج لنا "باومان" والفيلسوف الليتواني "ليونيداس دونسكيس" كتابهما الخاتم لسلسة السيولة حول مفهوم "الشر السائل" الذي تديره الدولة الحداثية، والذي أفرد له الكتاب فصوله الأربعة التاليات: الاحتفاء بالنزعة غير الشخصية، من عالم كافكا إلى عالم أوريل: الحرب هي السلام والسلام هو الحرب، أين وفاء الحداثة بالعهود الكبرى التي قطعتها على نفسها؟ وأخيرا: أشباح الأسلاف المنسيين: مراجعة للنزعة المانوية. ويقوم الكتاب بالأساس على فكرة مفادها أن الشر قد أصبح، في الرؤية السياسية للدولة، شيئا طبيعيا يمكن تبريره وتسويغه، وليس مضادا للخير على الدوام؛ لذا يرى الكاتبان أنه من السهل تبرير الخيانة في نموذج نفعي كهذا، فإذا انتهت أعمال الخيانة والقتل إلى الاحتفاظ بالسلطة أو توسيع نفوذها، فمن السهل تصنيفها على أنها تضحية مؤلمة في سبيل غاية وطنية. فإذا نجحت المؤامرة أو الانقلاب فإن المتآمرين يصبحون أبطالا ورموزا للدولة، وإذا حدث العكس فإن الخيانة ستكون التوصيف الأمثل لفعلهم، بل وسينساهم التاريخ بأي ذكر حسن حتى لو كانوا في الأصل ينقلبون على سلطة غاشمة، كما هو الحال مع محاولات التآمر على "هتلر" إبان الحرب العالمية الثانية، إذ أضحى المتآمرون خونة؛ لأن "هتلر" كان هو من ينتصر. ذلك الشر لا يسيل على يد الدولة فقط، وإنما يرى الكتاب، والسلسلة بأكملها، أن المواطنين يساهمون في ذلك بصورة ما، حيث أصبح الشر، حسب "هبة رؤوف" كامنا في التفاصيل اليومية، بما يبلغ حد الاعتياد، عند هؤلاء الذي يفرحون بالشر -تحت مسمى خدمة الدولة- بسبب ما أنتجته السيولة من تمييع للقيم الأخلاقية وتغييب الحقائق الصلبة في نفوس الكثيرين، ليصدقوا الأكذوبة التي سردها "جورج أورويل" في روايته الشهيرة "1984" بأن الحرب هي السلام، وأن الإكراه هو الرعاية الحنون بهذا الكتاب كان "باومان" يختتم رحلته مع ظاهرة السيولة التي قامت "الشبكة العربية للأبحاث والنشر"، ونظرا لأهمية هذا الطرح، بترجمة سبعة كتب منها، وأضافتها لسلسة "الفقه الاستراتيجي"، التي يتقارب هدفها مع أعمال "باومان" حسب تعليق الدكتورة "هبة رؤوف" في عرضها لكتابه الأول "الحداثة السائلة"؛ إذ رأت في ما أصدره الرجل عمقا في الطرح، ونظرة لم تكن تشاؤمية على الرغم من صعوبة الواقع الذي تحلله، إلا أنها أثارت العديد من الأسئلة المحورية والهامة في كل قضية فتحها على حدا، وتلك هي الأهمية الحقيقية لسلسلة "باومان".
سلسة كتب تدرس الاوضاع التي باتت عليها المجتمعات والفرد ما بعد الحداثة والتغيرات التي حصلت ل (الحداثة ، الشر ، الخوف ) التي تغيرت من الصلبة الى السائلة ، يتناول تذويب الشر ، و انتفاء الحس الاخلاقي بالتعامي ، و دور الاعلام في تشريب الافراد الشر والخوف ، و غسيل الدماغ قديما وحاضرا ، و التفاوت الطبقي الذي ينجم عنه الظلم الاجتماعي ، و تسليع الافراد ، و الامور التي تثير خوفنا .
يوضح باومان ان المشكلة بالشر السائل بأنه يرتدي ثوب الخير ، اما الشر الصلب يقوم على رؤية الشر شرا لا لبس فيه، في الواقع الاجتماعي والسياسي ، و في ظل ارتدائه ثوب الخير يصعب ايقاظ الحس الاخلاقي في الجرائم التي ترتكب بحق شعب ما . و يتم تذويب الشر وجعله سائلا بتحريره من القيود ونشره ، سيولة الشر كما يذكر الكاتب اننا نعيش في مجتمع تستحوذ عليه نزعة الحتمية والقدرية والتشاؤميه والخوف والهلع ، وغياب الاحلام والبدائل واليوتوبيات الذي يعد جانبا مهما في سيولة الشر . ويرى ان الشر الصلب يتجه نحو الحملات العسكرية اما السائل يكون في نهب الاراضي وضرب الاقتصاد وزرع الخوف واثارة الفوضى ، ويستطرد برؤية مهمة ، وهي إغراق الفرد في العالم الافتراضي وجعله يعري خصوصيته بنفسه ، حيث كان عمل المخابرات من قبل . وينتج عن سيولة الشر فقدان الفرد الايمان بتغيير العالم للافضل وباتت حريته تنحصر في الاستهلاك في شتى انواعه و وسائله .
تحدث باومان عن الانتقائية في عرض مآسي الدول او المجتمعات والحوادث في الاخبار العاجله بحيث ان هناك مآسي دموية وخسائر فادحة وضحايا ارهاب تغيب عن الاخبار وذلك يرجع الى مصالح معينة . ويتم حجب عن من يقومون بفعل الشر بشاعة افعالهم .
ويناقش العمى الاخلاقي او التعامي الذي يتم عن طريق اختزال الانسان الى شيء خالي من الروح ليسهل غض نظره عن القضايا الاخلاقية و التبرير في افعال الشر ، والتهوين في المعايير الاخلاقية و ازدواجيتها ، فيتم فتح حِسٌنا الاخلاقي وغلقه بما يتلائم مع المنافع الخاصة . و يتمثل الشر السائل في وسائل الاعلام التي بضاعتها الرائجة صور العنف والأخبار المقلقة حتى تتشربه النفوس ، التي تثير الذعر والخوف والحيرة ، فيجعل الافراد يعتادون على رؤية الشر ، فيعد ذلك تمهيدا في إزاحة البواعث الاخلاقية .
يتطرق الى ان الشر السائل لم يعد يستلزم الطريقة القديمة في غسل الدماغ بإفراغه من المعاني القديمة لتهيأته بوضع معاني جديدة ، في الحاضر يتم جعل الدماغ فارغا وقاحلا من اي معنى ، واستمراية غسل الدماغ فلا يثبت الفرد على افكار معينة ، فالعشوائية والفراغ هو الشر السائل .
يتم في ما بعد الحداثة في صيرورة البشر الى بضائع استهلاكية يتم استخدامها والتخلص منها ، ينتج عنها التفاوت الهائل الطبقي ، ومن ثم الظلم الاجتماعي الذي يؤذن بالخراب .
الشر باعتبار شكله والذي يتخذه بوضوح هذا ليس موضع للنقاش هنا، ما يتمثل لنا في أشكال عدة من نواحي عديدة كالذنب والتوبة أو حتى في تصوير ديني وأسطوري، بروميثيوس والشيطان، كلها دلالات على الشرور التي بدأت تتغلغل في نواحي العالم والحياة الشتّى. الخواء الأخلاقي والاختلاف لمجرد الاختلاف كتعاونٌ مع الشيطان وتشكّلٌ للشر في النفوس اللاأخلاقية مجبرة غيرها على ردود أفعال غير مدروسة أو ليكن ردة فعل توازي هذا الشر بنفس مقدار فراغه. عجيب! الذاكرة تحمل في نفسها حدّين وكلٌ يكمل وجه الآخر وكل الضدين لا يمكن أن يكون ذاته بدون أن يحمل ضده معه، أمل وقنوط، استعباد وحرية، تخيّل كل الأضداد التي توجد على أي قاموس ستجد أنها تعني لا شيء بدون ضدها، فما ستكون الحرية لو لم يكن هناك استعباد؟ كون العالم أصبح يتغذى على أداء الأفراد وكل واحد منهم يدلي بدلوه مهما كان يحوي ويطالب بما تشتهيه نفسه حتى لو كان أكثر من ثلاث أرباع المجرة لا تتفق معه فيه يجعل صنع نظامًا للدولة وقانون يقع على عاتق الفرد والمجتمع بعد أن كان على مسؤولية الدولة نفسها؛ نظرًا لأن الاستجابة تأتي حتمًا مع المطالبة، يبدو أن هذا من أكبر الشرور الاجتماعية السائلة. لطالما كان التلاعب السياسي والخداع بمسميات لا يفقه الشخص العادي ما وراها شرٌ محض؛ فهم بذلك يصنعون إيديولوجيات مخصصة لعوام الشعب وهم النخبة الأعلم بكل شاردة وواردة، عالمين أن حقيقة الأمر لا تعجب ولا تروق أحد وهم يعلمون أيضًا أن تلك الحقائق لو كانت متاحة لكل العالم لأصبح الدمار أسهل من قذف قنبلة نووية بل هذا سيتكفل بذلك. حمّلت الكتاب توقعات كبيرة وإيجابية ولسوء الحظ توقعاتي كانت أكبر مما أظن. خلاصة الكتاب هو أن السياسة التي تجعل الشعوب مغيّبة عن الحقيقة ولا تعلم الكم الهائل من المعلومات المتوافرة لفئة مختارة من البشر جعلت الشر سائل بعد أن كان له شكله المميز ويتغلغل في أدق الدقائق والزوايا للعقل البشري.