الدكتور المهندس إبراهيم ماجد الشاهين معماري ومخطط عمراني كويتي تقلد عدة مناصب ومسؤوليات رسمية. له اهتمامات ومساهمات بالعمل الخيري. باحث في التاريخ والسياسة. كتب في الصحافة الكويتية. له عدة إصدارات منها: الصفوة من صفة الصفوة وكتاب التطور العمراني في الكويت وكتاب الأندلس قراءة سياسية في التاريخ
"الربيع الأوروبي"، مسمى أُطلِق على الثورات الأوروبية التي عصفت بالأنظمة المتسلطة عام ١٨٤٨. وهذا الكتاب هو بحث يختص بتلك الثورات في ذلك العام، رحلة مختصرة ومركزة حول التحول التاريخي في أوروبا؛ ففي ذلك العام، قامت ثورات شعبية في أغلب دول أوروبا، وإن لم تستمر لفترات زمنية طويلة، إلا أنها هزت عروش أوروبا، ومهدت الطريق للتغييرات التي جاءت فيما بعد، ووضعت أوروبا على طريق الحداثة والاستعداد للتحول الكبير الذي حدث في القرن العشرين.
يعود بنا الكاتب إلى فترة الثورة الفرنسية التي اندلعت عام ١٧٨٩، والتي صاغت الأفكار والمبادئ والشعارات التي ألهمت الشعوب الأوروبية. الثورة التي زلزلت الطبقة الأرستقراطية الحاكمة في أوروبا، وجعلتهم يضعون خلافاتهم التاريخية العميقة جانباً من أجل عدم سماح تكرار تجربة ثورة فرنسا في بلدان أوروبا الأخرى. إلا أن غزو نابليون بونابرت لبلدان أوروبية، حملت معها تلك الأفكار، العدالة الإجتماعية والحد من تدخل الكنيسة ورفع الظلم والمطالبة بدستور عصري وإطلاق الحريات وإدخال نظام المحلفين في القضاء، والمساواة في الضرائب وإنهاء كل أشكال الإقطاع. أفكار وصلت إلى شعوب النمسا وبروسيا وممالك إيطاليا وبولندا وغيرها؛ وأصبحت وقود للثورات وعنصر لزيادة الوعي عند الشعوب، فقابلتها الأنظمة بشراسة وخبث في تعاملها.
والتاريخ يكرر نفسه، ولكل ثورة هناك ثورة مضادة. والثورة المضادة هي نتاج عالمي من التاريخ الإنساني وليست ظاهرة محلية مرتبط بمجتمع واحد أو دولة واحدة. وهكذا حصل بعد ثورات ١٨٤٨، إذ تجمعت القوى الرجعية لتفريغ ثورات الشعوب من مكاسبها، إما عبر تمزيق وحدة الشعب، أو عبر الإنتخابات وانتهاز فرصة تقسيم الشارع إلى راديكاليين ووسطيين، أو استخدام عامل التخويف من الحركة الإشتراكية، وأخطاء ارتكبها الثوار فور نجاحهم بترك الكثير من مؤسسات الدولة من النظام القديم قائمة، حيث أن أغلب الثورات كانت ملتزمة بالحفاظ على النظام الملكي ودون الإطاحة بالعائلة الحاكمة. كان للجيش القول الفصل في نجاح الحركة المضادة في إجهاض الثورات الشعبية في أوروبا.
يختصر الكاتب في بحثه تاريخ التحول الأوروبي، بدءاً بالإصلاح الديني الذي أطلقه القسيس والراهب الألماني مارتن لوثر عام ١٥١٧، ثم عصر التنوير ومواجهة الكنيسة للمفكرين عبر محاكم التفتيش، فمرحلة الإصلاح السياسي وتبعه الإصلاح الإقتصادي والإجتماعي، وأخيراً فصل الدين عن الدولة الذي شكك فيه الكاتب. تطلبت أوروبا قرون عديدة لأخذ شكلها الحالي، وأعطت دروس للشعوب أن بناء النُظم والعدالة الإجتماعية لا يُمكن تحقيقها بسنوات، بل هو تاريخ مليء بالدم والتضحية والتجارب وخلق الأفكار والإبداع.
تعليق: لا يُمكن إعتبار عامل فصل الدين عن الدولة هو معيار نجاح التجربة الأوروبية، خاصة إذا نظرنا إلى الطبيعة الجيوسياسية للقارة الأوروبية. عنصر الدين واضح وموجود من خلال النظر إلى جغرافية التوزع الطائفي من جهة وجغرافية التفاعل السياسي من جهة أخرى. الإبتعاد الروسي عن أوروبا يعكس اختلافاً دينياً بين الأرثوذكسية والكاثوليكية. والقدرة السوفياتية السابقة والروسية حالياً محصور في الشرق الأوروبي الأرثوذكسي. القضية القبرصية والنزعة الإنفصالية الإيرلندية الشمالية وعدم قبول تركيا في الإتحاد الأوروبي وخروج بريطانيا من الإتحاد الأوروبي، كلها قضايا تتعلق باختلاف ديني واضح.
نجاح أوروبا مرتبط بعوامل التراكم التاريخي وحقل التجارب الغني والحروب التي دارت على أرضها والإبداع الثقافي والصناعي والإصلاح الديني وليس الفصل أو ما سموه "العلمانية".
كتاب جميل لمن يهتم بالتاريخ الاوربي وتحوله من القمعيه الى الديمقراطية يتطلب تضحيات كبيره لاجل تحقيق العدل والمساواة. اتفق مع المؤلف في ان علمانية الدول لا يعني ابعادها للدين كمؤسسة وانما خاضع للقانون وهذا اهم سمات التطور في اوربا.
في باب الثورات المضادة تمنيت لو ان المؤلف فصل في هذا الباب اكثر. ماعدا ذلك كتاب يستحق القراءه.
كتاب جيد عن تاريخ الثورات الأوربية لكن مكتوب بإسلوب سلس ومبسط بعيد عن التعقيد جاوب عن كثير من تساؤلاتي عن شكل دول أوربا قبل تشكلها النهائي بعد الحربين العالميتين
يعيبه تكرار ما يكتبه وما يخلص الية الكاتب في أكثر من فصل
كان بإمكانه اختصار كثير من الصفحات بلا اي تأثير على الكتاب
خمس نجوم رغم بعض المشاهد المكررة إلا انها لم تقلل من التاريخ... ربما لو حذفنا الكتابات المكررة و بعض الأحداث التاريخية لأصبح لدي الأجيال القادمة دليل إرشادي للحفظ علي الثورة من الثورة المضادة و تلافي أخطاء السابقين